كاتب الموضوع :
ام حمدة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة
- تلائها بتتلحلح هنا وهنا مع صحباتها، وبتتكلم على التليفون، وتجي وتؤلك أنها أعدة مع أخوها المريض.
خبطت الأم على صدرها بفاجعة وصرخت:
- بتكدبي علي يا بت يا عنود!!.. وبتؤوليلي إنك بداوي أخوكي؟؟
وقفت بمكانها تستمع لاتهاماتها المجحفة بحقها، وناظرتها بصمت، لا تعلم لما تكن لها كل هذا الكره وهي لم تؤذها أبدا، لما تحاول أن تسيئ إليها؟؟...
كانت تفكر وتدور بعقلها أسئلة كثيرة دون أن تطالعها إجابات، ولم تلحظ تحرك زوجة والدها باتجاهها سوى بعد أن ارتد جسدها ساقطا على الأرض من شدة الكف الذي حط على وجنتها الرقيقة، ولم تكتفي بهذا بل اندفعت ناحيتها تزعق وتصرخ وهي تركلها بكل قوتها، وبكل مكان تصل إليها قدمها وهي تسبها وتلعنها ووقفت ابتسام تنظر إليها بتشفي واستهزاء!!
حاولت أن تبتعد عن ضرباتها العنيفة، واستطاعت بعد جهد جهيد من أن تتخلص من براثنها، ووقفت تلهث بصعوبة وناظرتها بشرارات أخذت تشع من عينيها العشبيتين.
ابتعدت عنها أزهار بعد أن انهكها التعب وأخذت تحاول التقاط أنفاسها المنسله من الجهد الذي قامت به، وتحدثت:
- يخرب بيتك!!.. أطعتيلي نفسي يا أليلة الرباية!!.
اقتربت ابتسام من والدتها بخوف وهي ترى نظرات عنود المرعبة الشاخصة إليهم وقالت :
- سيبك منها يا ماما، وتعالي نزوغ من هنا، عمو محمد عوزك
قاطعتهما زمجرتها الراعدة، ورفعت اصبعها تشير إليها بوعيد:
- كيف تتجرأين وتمدين ايدج علي؟؟... مين انت علشان ترفعين يدج علي وتضربيني؟؟..
فهمست الأم بمكر لابنتها مستفسرة:
- عمك هنا؟؟... امتى رجع؟؟
فهمست لها الأخرى بصوت خفيض وعيونها تترصد تلك الفرس الهائجة:
- ما أنا كنت جيالك علشان أؤلك إنه هنا وعوزك ضروري، لكن شفتك مشغولة فمحبتش أعطلك.
- أيوه.... ؤلتيلي...
- ناوية على إيه يا ماما؟؟.. ما أنا عرفة دي النظرة لما تطلع أفكارك النيرة.
- بصي وهتعرفي.
لحظات هي.. بل ثواني وارتفع صوت وولولة وعويل من زوجة أبيها جعل والدها يأتي فزعا من هذا الصراخ
- شو صاير؟؟.. شو استوى؟؟...
- الحأني يا بو مايد، بنتك...
تطلع الأب لابنته الواقفة بجمود وملامحها تنطق بالغضب ثم عاد يسأل:
- بنتي شو فيها؟؟... شو سوت؟؟..
- بنتك ضربتني يا بو مايد، وهددتني من انها تؤلك تطلأني وترجعني على بلدي، لو ما اشتغلتش في البيت وطبخت وأمنت على راحتها هي وأخوها.
وبدأت دموعها تنسكب كالوديان على خديها المنتفخين، وعادت تتحدث بنشيجها:
- يرضيك كدا يا بو مايد إن مراتك تتهدد وتصير خدامة لبنتك؟؟.. وأنا عداها زي بناتي وأكتر من كدا والله!!.
جحضت عيناها للخارج، ورأس حالها يرفض ما يقال!!.. وفتحت فمها تحاول الانكار، لكن يد الباطل تطال الحق وتطمسه كما الكف الذي هطل عليها كما السكين الحادة التي اخترقت قلبها الفتي بوالد لم يستمع لدفاعها بل صدق وحكم وصار هو القاضي والجلاد.
ضمت عنود جسدها بوضعية الجنين تحمي نفسها من ضرباته القاسية والمؤلمة، وشعرت بظهرها يكاد يتفتت تحت وطأة ركلاته العنيفة.
تركها بعد فترة من الوقت، وبعد أن شعر أنه أخذ بحق زوجته، وابتعد خارجا مناديا على زوجته:
- أزهار تعالي وراي أبيج بموضوع.
- إن شاء الله يا حبيبي، يا تاج راسي.
رمى ابنته المتكومة على الأرض قبل خروجه بنظرة ومن ثم خرج.
انزوت ابتسامة متهكمة لابتسام على طرف شفتيها الحمراوتين وهي تتطلع لعنود المتوسدة الأرض، لطالما أرادت أن تكسر غرورها الزائف هذا لكنها لم تستطع، فهي تعود دائما وتشمخ بأنفها للأعلى كأنها تخبرها بأنها مهما حاولت وفعلت لن تقدر على دفن أنفها بالتراب .
- تعالي معاي يا بنتي نروح ونعرف هو عايز مني إيه؟؟
تركتاها ملقاه على الأرض دون أن تأخذهم أي شفقة لحالها، ثوان هي حتى أطلت فتاة صغيرة الحجم والجسد تسرع ناحية طريحة الرخام البارد تساعدها بالنهوض، اتكأت عليها عنود غير قادرة على صلب جسدها الواهن، وسارت معها دون حيلة إلى أن وصلا للمكان المحدد...
غرفة صغيرة كانت بالسابق مخزن للأثاث القديم، كانت تحتوي فقط على سريرين، ودولاب صغير للملابس، وكرسي تمزق غطاءه وبلمسة بسيطة من شرشف طرز برسوم جميلة حوله لكرسي فخم، وطاولة قديمة فرش فوقها غطاء طرز هو الآخر بخيوط جميلة ورائعة أعطى مظهرا لائقا للطاولة .
ما أن وضعت جسدها على السرير حتى أنت من الألم، جعلت الأخرى تسارع للاعتذار:
- أنا أسفة يا عنود ماكنتش أقصد!!
- ولا يهمج يا أمون أنت ما لج يد بيلي صار.
عادت تتوجع ألما، وعضت شفتيها تكتم صرخة كادت أن تفلت منها وتوجهت أنظارها للسرير الآخر الذي يتوسده شاب عليل الجسد، فقد تملكه المرض منذ الصغر إلى أن شاب وصار ب16 وظل طريح الفراش دون أن يقدر على مغادرته وإن فعل كان لدقائق فقط، "فقلبه عليل منذ الصغر"
وزوجة والدها رفضت أخذه للسفر للخارج للعلاج، وتعللت لضعف امكانياتهم ليرضخ والدها لأوامرها واكتفى برميها بنظرات قلة الحيلة.
أعادت مقلتيها البائستان تنظر لسقف الغرفة، بل كانت تنظر للأعلى تناجي العلي القدير بأن ينجدها ويساعدها، فما بقي سواه لتدعوه وتطلبه، فكل من حولها تخلى عنها لكن هو من ظل بجانبها ولم يتركها لوحدها.
- أمون حبيبتي روحي من هنا قبل لا تعرف أمج وتسويلج سالفة.
ركعت الفتاة بجانب السرير الصغير وأمسكت بكف يد عنود وقالت بعجز:
- عنود سامحيني يا أختي!!.. مش عارفة ازاي أساعدك؟؟..
أغمضت عينيها بهم اكتنف مقلتيها، وشردت شفتيها بابتسامة واهية، وهمست بدموع أبية رفضت الهطول تعلن عن انكسارها.
- وتعتقدين أن أبوي راح يقدر يوقف أمج عند حدها؟؟.. ويصدقني أنا ويكذبها هي؟؟
تنهدت بحسرة وقالت تتابع حديثها لشقيقتها الصغيرة:
- أمون حبيبتي لا تاخذين بخاطرج مني، غصبن عني والله، عارفة أن يلي أتكلم عنها هي أمج، بس والله غصب عني!!
طبعت آمنة قبلة أخوية على جبهتها وقالت تجيبها بحنان:
- ما تتأسفيش!!... أنا عارفة ماما كويس، وأنا مش صغيرة علشان معرفش أفرء بين الصح والخطأ.
تطلعت عنود لشقيقتها آمنة... كانت رقيقة وحنونة بعكس شقيقتها الأخرى، فهي من قامت برعايتها منذ أن كانت باللفة، وكم كانت سعيدة بهذا.
فهمست لنفسها "سبحان الله ابنتين من رحم واحد لكن تختلفان بالطباع"
ابتسمت لها بحنو وقالت وهي تمسح بظاهر كفها على وجنتها الممتلئة:
- تسلمي يا قلبي، يكفي إني أعرف إنج واقفة معاي، بس حبيبتي بطلب منج طلب؟؟
تلهفت للقيام بأي خدمة تقوم بها من أجل شقيقتها وأجابتها على الفور:
- أنا حاضرة بأي حاجة تعوزيها
- ودي بمسكن ألم، جسمي تكسر، حسبي الله ونعم الوكيل!!.
أشاحت آمنة بوجهها عن تلك الدعوة التي خرجت من أعماق قلب شقيقتها ألا تعلم والدتها بكيف تكون دعوة المظلوم والمقهور؟؟.. ألا تعلم بأن الله يمهل ولا يهمل؟؟... وأن كل ظالم سيأتي له يوم ويعاقب على أفعاله!!.
تحركت خارجة من الغرفة بعد أن شيعت السريرين الذي توسدهما جسدين أنهكهما شقاء الحياة... ذلك منذ ولادته، وتلك لأنها ولدت بهذا المنزل، وخرجت تبحث عن دواء يسكن آلامها ولم تعلم بأن أوجاعها لا دواء لها، ولا طبيب يستطيع مداواتها، فقد اعتمل ذلك الجسد ندوب وجروح عميقة غير قادرة على إلتآمها، فهي لا تنفك تنفتح وتعود تتقيح بصديد مؤلم وموجع للروح والجسد على حد سواء.
- نعم يا خوي؟؟.. عريس لبنتك عنود؟؟... ومالها بنتي؟؟.. ما هي أدامك أهي زي الأمر، بتؤول أوم وأنا أعد بدالك.
- وأنا شو ذنبي!!.. الريال جا وطلبها بالإسم، يعني أقوله لا؟؟
- آه تؤوله لا معندناش بنات للجواز، كمان تئدر تؤول إنا مابنجوزش البنت الصغيرة أبل الكبيرة، يعني ما تعرفش تتصرف؟؟
حركت فمها بحركة سريعة يمنه ويسره، وتطلعت إليه بنظرات شيطانية تكاد تقتله بسبب هذا الخبر الغير سار الذي ألقاه إليها .
- يا بنت الحلال خلينا نزوجها ونرتاح من مشاكلها، مب أنت تبين ترتاحين من دوشتها؟؟... خلاص خليني أزوجها لهذا الريال.
- بس يا بو مايد.......
قاطعها بنفاذ صبر:
- لا تبسبسين... أنا عطيته الموافقة وخلاص، وباجر بي بيملج عليها وبتروح على طول لبيته، بدون عرس ولا طقطقة.
- وليه إن شاء الله؟؟
- يقول عنده حد متوفي من أهله وما يقدر يسوي عرس، وألحين سكروا على الموضوع راسي عورني وبروح أنام.
|