كاتب الموضوع :
ام حمدة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة
الفصل الرابع والثلاثون ( الأخير )
هبت نسائم الربيع تداعب أوجاعي.
وابتهجت الزهور
وتزينت وانتشت بأحلى العطور.
دفئ لون أيامي .
وحب اعتنق طريقي .
وعشق هاج به صدري .
غدت أيام الأحزان وطوت بصفحاتها الآلام.
نثرت الورود بطريقي فقد غدى ينير بسعادتي .
ابتهجت ليلعلع صوت العندليب مغردا أجمل الألحان.
فأطربت أتغنى لتصدح أوتاري بأعذب النغمات.
دروبي اختلفت، وآمالي نضحت، ومستقبلي أشرق بأنواره.
فاض قلبي انشراحا....
وأمان شعرت به يحتل خافقي.
وملاذي رأيته يجتاح كياني.
فيا رب العباد أدم علي نعمك .
ولا تحرمني من لذة هِدايتك .
أجدت إلي بعطاياك
فلا تجتثها مني بعد أن صارت جزء من حياتي .
فلك الحمد كثيرا ولك الشكر كثيرا .
ومالي دعاء سوى الحمدالله على نعمك.
***********************************
تقوده اللهفة، والشوق يكاد يطير به لتعانق روحه السماء، بيده باقة من الورود اختارها بعين عاشق شاهد صورتها بكل زهرة، لتغدوا غاية بالروعة.
متأنق كما اعتاد دوما والعيون مصوبه ناحيته أينما حل، وقف أمام غرفتها وضربات قلبه تعلن عن وصوله قبل أن تتحرك قبضته لتعلن عن وجوده.
تهادى إليه صوتها ليفتح الباب وتتحرك عيناه باحثة عنها فتتعانق العيون، وتتهافت الأرواح بلقيا الاشتياق، وابتسمت الشفاه تخبر الجميع بسعادة لقياهم.
تأملها بعشق من شعرها الأسود المتساقط بكل عنفوان مثل صاحبته على كتف واحدة، وملامحها البهية خالية من مستحضرات التجميل، متعب لكنه منعش للنظر، وتابع تأمله حتى قوطعت متعته بنحنحه أخرجته من مدار انجذابه ثم سمعها تقول:
- نحن هنا، ليكون تبانا نطلع من الغرفة علشان نفضي لكم الجو؟؟.
دلف للداخل وأغلق الباب وهو يجيبها وعيناه ماتزالان على من تملكت قلبه وروحه:
- والله انت أصيلة وتعرفين بالأصول يا بنت الأجاويد.
اقترب ليهديها باقة الورد.
- الورد للورد، وصباحي ما يكمل إلا بجوفة وردتي.
توردت وجنتيها لغزله الصريح أمام الجميع وأمسكت بالباقة لتخفي خجلها خلفها ليتابع هو وعسليتيه مسلطتان عليها:
- شخبارج اليوم؟؟.. عساج بخير؟؟.
وأجابته بابتسامة خلابة أسرت ناظريه وخافقه على حد سواء، وطالعته بكل ما يحتويه قلبها من عشق لهذا الرجل.
- وردتك بخير دام جافتك بخير.
وتشدقت شفتيه بابتسامة واسعة أظهرت أسنانه البيضاء، وعندما هم بإكمال وصلة غزله قاطعه صوت طفولي:
- بابا...
والتفت إليه ليراه قادما باتجاهه ببطئ فتحرك ناحيته وتلقفه حاملا اياه ويرفعه للأعلى ثم يمسك به لتنتشر ضحكات الصغير بأرجاء الغرفة مرسلا ابتسامات على وجوه من حوله لمدى سعادته، ثم أمسكه بالقرب من صدره وطبع قبله على رأسه وحادثه:
- شخبار حبيب أبوه؟؟.. عساه ما تعب الماما؟؟.
لتجيبه وعيناها تطالع الصورة التي أمامها بحنان ورقة:
- لا... حبيب الماما ما يتعبها، وثاني شي آمون ماقصرت معاه هي يلي شالته وتحملت منه.
فناظر تلك الصغيرة التي بلغت من عمرها السنون لتغدوا شابة بريعان صباها، فالعالم لم يرحم حالها هي أيضا وكال لها من صفعاته الكثير لتفوق عمرها بسنين.
- مشكورة يا آمنة ما قصرتي، تعبتي معانا والله يجازيج كل الخير.
خجلت لما قاله وأجابته باحترام وتقدير لهذا الرجل الذي وقف معها وساعدها بتخطي الكثير من الصعاب وساعدها باكمال مشوار حياتها:
- أنا ما سويت شي، ومايد بعيوني الثنتين، هو ولد الغالية .
ليقاطعهم صوتها الغاضب:
- نعم.. نعم.. نعم كل هذا الكلام لآمون واحنا نطلع بمولد بلا حمص؟؟.
والتفت إليها قائلا:
- وانت ديما مستعيلة؟؟.. ما تعرفين تصبرين شوي علشان تسمعين باقي الكلام؟؟.. توي بتكلم.
- ها... يعني كنت بتقول شي؟؟.. تراه عادي قول ألحين.
لتجيبها ميثة بعيون حانقة:
- شوالفايدة؟؟.. تراج حرقتي الكلام.
وأكمل حمدان وعيناه تعود لآسرته:
- الله يعين ريلج عليج يا شهد.
تخصرت وهتفت:
- نعم.... قول الله يعيني عليه......
وطرق الباب ليقاطع حديثها ودخل بهدوئه ورزانته وسلم:
- السلام عليكم.
وأجابه الجميع بالتحية:
- وعليكم السلام .
- هلا سعود شخبارك؟؟.
- الحمدالله بخير، انتوا شخباركم؟؟.
والتفت للعنود بعد أن كان يحادث ابن عمه سائلا إياها:
- شخبارج ألحين؟؟.. إن شاء الله أحسن؟؟.
- الحمدالله بخير .
- متى بتدخلين غرفة العملية؟؟.
- بعد ساعتين إن شاء الله .
- الله يقومج بالسلامة .
وردد الجميع خلفه:
- آمين يارب العالمين .
وبلحظة التفاته شاهدها هناك تجلس بأدب وعيونها تعانق الأرض فقال ومازال يحدق بها:
- شخبارج شهد؟؟... غريبة... أجوفج ساكتة ويالسة؟؟.. ليكون تعبانة أو مريضة؟؟
رفعت رأسها بحدة من استهزائه بها وعندما ناظرته شعرت بأحاسيسها تفور وتغلي من عيونه الشاخصة لها، فتراجعت عن رغبتها بتمزيقه وهمست له بصوت خفيض وبخجل يعتريها بوجوده معها دائما:
- بخير .
رفع حمدان حاجبيه بعجب وقال بمكر :
- ماشاء الله، توه الصوت وين واصل وألحين......
تجهم وجهها من استفزاز زوج صديقتها وفتحت فمها ترد عليه إلا أنها عادت لإغلاقه عندما شاهدت سعود يتأملها أيضا، كأنه ينتظر صريخها فضحك حمدان وقال:
- حريم ما تيون إلا بالعين الحمره .
وهنا فزت من مقعدها دون أن تبالي بمن معها:
- أقول... جنك مصختها!!.. عيون حمره وما أدري شو و.....
بهتت وهي تراه ينظر إليها بغموض حتى اشتعلت وجنتيها احمرارا وهي تتذكر عقابه لها كلما هتفت وصرخت باستعجال وابتلعت لعابها بصعوبة وسمعته يسألها بهدوء يحسد عليه:
- و شو يا شهد؟؟.. قولي وأطربينا بكلامج .
- ها... لا ولا شي بس هو... يعني...
وابتسم سعود على هيأتها المضطربة واقترب منها وهو يستأذن الجميع:
- عادي لو أخذت حرمتي معاي شوي، ودي أكلمها بموضوع مهم.
لتجيبه العنود بسعادة من رؤية صديقتها وقد ارتبطت بمن يستحقها:
- ليش تستأذن يا خوي؟؟.. حرمتك وانت حر فيها.
لتصرخ شهد بصديقتها دون إرادة :
- شو حر هو فيني؟؟.. يعني يذبحني عادي؟؟.
وهمس بالقرب منها وهو يمسك بذراعها:
- مال داعي أذبحج، وأظن إنج حرمتي على سنة الله ورسوله من لما ملجت عليج، بس باقي الاشهار وهذا قريب، يعني ألحين لما أوقول تعالي يعني تعالي.
لم تعرف ما تقول سوى أن حدجت الجميع بغضب وهي تغادر برفقة سعود زوجها المستقبلي والذي سيكون زواجهما بعد شفاء العنود، وقبل خروجها أوقفتها عنود قائلة:
- تذكرين لما قلتي لي أبي........
أسكتتها شهد بسرعة قبل أن تكشف فضائحها أمامه وهي تعلم بأنه سيحقق لها مطلبها بلا شك عندما قالت بهيام أنها تريد زوجا يضربها ويحملها على كتفه لتسقط بهواه.
- اسكتي يا عنود، وش يلي ذكرج بالسالفة ألحين؟؟..
قهقهت العنود بصعوبة لوضعها وأجابتها:
- السالفة جت في بالي ألحين فقلت يمكن بعد تبين تحققين يلي تبيه.
- أم حق حلم!!.. روحي يا الخبلة كان كله كلام مسلسلات.
ليسأل سعود:
- وش هو الحلم يلي تبيه؟؟... تراني حاضر ومستعد.
لتعود عنود منخرطة بالضحك بصعوبة وشاركتها ميثة لتذكرها ما كانت تريده صديقتها وأجابته بوسط ضحكها:
- اسألها وهي تقولك.
التفت يناظر التي بجانبه ليراها ترمي بسهام نارية على صديقاتها ثم قال وهو يسحبها خلفه:
- اسمحولي يا جماعة.
وخرج وبعدها بثوان استأذنت ميثة وآمنة الخروج أيضا ليتركوهم لوحدهم وأخذت معها الصغير لتعود الغرفة لهدوئها وسكينتها.
تطلع إليها بحب ثم اقترب منها وجلس بجانبها على السرير يتأملها بشوق وعشق حتى انحنى مقتنصا قبلة تعينه على الصبر ثم ابتعد عنها معطيا إياها المجال للتنفس وهمس وهو على بعد انشات من شفتيها:
- اشتقتلج وايد يا أغلى الناس.
لتعيد همسه وهي تمسك بوجهه:
- وأنا اشتقتلك أكثر.
طبع قبلة أخرى رقيقة على ثغرها ثم ابتعد عنها وحرك كفه ووضعه على بطنها المنتفخ وأخذ يمسح عليه بنعومة وخفة خوفا من أن يؤذي حبيبته، وقالت له تريحه من أفكاره وهواجسه التي تعلم بأنها تتلاعب به:
- كل شي راح يكون بخير، وكثير حريم يسون عملية قيصرية، وأصلا صار عادي وموضة بعد، ولا تنسى إني سويتها من قبل.
وأجابها بشرود وعيناه ما تزالان على بطنها الكبير:
- بس انت حالتج غير، كان ما يسمح لج بالحمل إلا بعد ما تخفين من يلي فيج.
أمسكت بوجهه وأدارته باتجاهها ليناظرها بهيام وحب شع من مقلتيه.
- حبيبي... الله كاتب إني أحمل، صحيح إنه ما كان المفروض يصير بسبب يلي صار من قبل.....
وسحبتها دائرة الذكريات للأعماق مخرجة أحداث مرعبة ومؤلمة قد دفنتها سحيقا، لكنها تخرج بين الحينة والفينة كلما وقعت مقلتيها على صغيرها "مايد" فقد كادت أن تفقده وتخسر حياتها بسبب حقد لم تتوقع أن يكنه شخص ما لها بهذا القدر.
فتحت الباب لاعتقادها بأن زوجها قد عاد ليكون معها ولكن كانت يد الشر هي من يترصدها، دفعها بغفلة صدمتها وأغلق الباب لتنهره وقد عادت حواسها للادراك من وجود رجل غريب ببيتها:
- مين انت؟؟.. واطلع من البيت!!.
ليتكتك بلسانه قائلا وعيناه تجري على مفاتنها الظاهرة:
- لأ... لأ... ميصحش كده، دحنا ضيوف ولزمن اكرام الضيف، ولا ده مش من الأصول يا مدام؟؟.
وصرخت به والرعب قد تملكها مما يريد فعله بها:
- قلتلك اطلع من البيت ولا بالتصل بالشرطة!!.
وبالفعل اتجهت ناحية الهاتف لكن يده كانت الأسرع حيث أنه قد أمسكها وأحاطها من الخلف بجسده لتزعق به وقد شعرت بالاشمئزاز والقرف فقط من تلامسهما، ودفعته بكل ما تملكه من قوة.
- يا الحيوان!!.. كيف تتجرأ وتلمسني؟؟.
وأشارت ناحية الباب وهدرت به وجسدها ينتفض من انفعالها الشديد:
- اطلع من البيت ولا بلم الناس عليك، اطلع يا حيوان!!.
طالع جمالها الفتان وجسدها المنتفخ بشكل مغري لتزجره على تطلعه لمحرمات لا يجوز له الكشف عليها:
- اقطع بصرك يا الحيوان واطلع من البيت.
وأجابها هذه المرة بهمس أحست معه بالرغبة بالتقيؤ:
- حطلع من هنا بس أبلها لازم أعطيك الأمانه يلي معاي.
ارتجف جسدها بهلع وهي تراه يقترب ومقلتيه التي أجاشت ما بداخله من فجور جعلت أوصالها تنصهر من الرعب، وأحاطت بطنها بحماية فطرية ولدت عليه الأنثى.
خطوة للأمام وخطوة للخلف، وفزع شل لسانها، خطوة أخرى من قبله وخطوة للخلف من قبلها ومع اصطدامها بالأريكة حتى حلت عقدة لسانها ومع أول صرخة حتى حط كفه على وجنتها لتسقوط على الأرض هامسه باسمه:
- حمدان.....
دافعت عن شرفها بشدة عندما حاول أن يغتصبها وعندما لم يستطع النيل منها بسبب شراستها ومنعه مما يريد فعله توال عليها بالصفعات واللكمات حتى باتت لا تشعر بجسدها من شدة ما يكيل لها، وأحست أن روحها تكاد تهفوا لبارئها وسلمت نفسها للذي خلقها، وما بين ظلمة الليل التي توشحت بها خضرتيها التي بدأت تسحبها لعالم آخر شاهدته يعارك من أجلها ويصرخ بأعلى صوته، لكنها لم تفقه ما يقوله، أرادت مناداته فخذلها لسانها، أرادت التحرك فعاندها جسدها، لكن عينيها أبتا الانغلاق قبل أن تودعه الوداع الآخر وقد حصلت على أمنيتها بأن تموت على ذراعيه ويكون آخر وجه تراه يكون هو.
عادت لحاضرها وتأملت قسمات وجهه الحبيبة وأدنته منها وطبعت قبلة رقيقة على أرنبة أنفه وهمست مكملة:
- هذي حكمة رب العالمين واحنا ما نعترض عليها.
وهمس هو أيضا بتشتت وخوف من خسارتها من جديد:
- بس....
مسحت على وجنته بظاهر كفها وحادثته بحنان تطمئن قلبه الملتاع:
- حبيبي.. تكلمنا وايد عن هذا الموضوع، والدكتورة طمنتنا إن ما في خطر علي أو على الأولاد، توكل على ربك وكل شي بإذن الله يصير بخير، وثاني شي.. هذي نعمة من رب العالمين ولازم ما نرفض الرزق يلي يجينا.
تنهد بحرارة وهمس:
- ونعم بالله .
وطوق جسدها بذراعيه لتتكئ برأسها بالقرب من موضع نبضاته، واسترخت بهدوء مسدلة رموشها وأسند فكه على رأسها واستنشق عبير خصلاتها العبقة برائحة الورد، ويداه تجولان على بطنها وقلبه يدعوا بتضرع بأن يحفظها له ويعيدها إليه بصحة وعافية.
فخوفه من التعقيدات التي ستحدث أثناء عملية التوليد هي ما تفزعه، فأخذته لعالم جعلته يعيش فيها أياما عصيبة وعويصة، أيام لم يستطع فيها أن يتذوق فيها طعم الراحة، فبعد أن أغلقت عينيها مودعة إياه شعر بالعالم يغلق عليه أيضا، وأنفاسه تكتم، وروحه تجتث من جسده بقوة حتى أحس به يتفتت إلى أجزاء صغيرة، وعسليتيه انطفأتا ولم تناظر سواها وهي تتوسد ذراعيه دون أن تبدي أي حركة تدل على وجودها معه بهذه الحياة.
- حمدان بسرعة خذها للمستشفى.
كان سعيد يعارك المعتدي ويحاول الإحكام عليه ريثما تأتي المساعدة. تطلع لصديقه وقد غيب ادراكه على ما حوله وهمس بضياع:
- ها.....
احتار صديقه عما يفعل ليخرجه من براثن تيهه!!.. بيده المجرم وصديقه يراه ضائعا فما كان منه سوى أن تلقف مزهرية كانت بالقرب منه ورفعها وأسقطها على رأس المجرم ليخر فاقدا الوعي، وهنا سارع ناحيته وصرخ به وهو يلتفت بعينيه بعيدا عندما انتبه للعنود وهي مكشوفة الجسد بسبب تمزق ملابسها:
- حمدان مب وقته قوم وخذ حرمتك للمستشفى.
طالعها بضياع وهمس:
- راحت عني، راحت....
فزجره صديقه لعله يستيقظ:
- حمدان... إن مالحقت ألحين راح يكون موتها بذمتك ليوم الدين.
طالعها للحظات ثم وكأن طاقة قد هبت به لينهض حاملا إياها ويركض بأقصى ما يستطيع للمشفى وهناك سلمهم كنزه الغالي ليعلم بأنها لم تغادر عالمه بعد، فمازالت تحارب من أجل البقاء.
مر الوقت عليه بطيئا قاتلا والهواء صار ثقيلا غير قادر على اجتراح أنفاسه، ففتح أول زرين من دشداشته، ولكن مازال تنفسه متحشرجا مكتوما كأن لا هواء بمحيطه.
كفيه يعانقان رأسه والأصوات اختفت من حوله فقط همسها وهي تودعه بكلمة أخيرة هي من ظلت تتكرر مرارا.... أحبك.
- أخ حمدان.....
لم يسمع فأعادت نداءها والبقية من حوله أيضا نادوه ليخرجوه من عالمه الأسود الذي أظلم بغيابها، ليرفع رأسه وقد ماجت به كل شتى المشاعر. فرق حال الطبيبة لحاله وقالت:
- الأهم... إن حرمتك العنود حية.
أغمض عينيه وانحنى راكعا على الأرض ساجدا شاكرا لله وجودها معه وظل بمكانه لفترة من الوقت حتى عاد يناظرها لتتم حديثها.
- لازم عملية قيصرية علشان نطلع الجنين وبصراحة لازم تعرف إن احتمال يكون الجنين.....
وأكمل بدل عنها:
- ميت...
هزت رأسها موافقة واستطردت:
- وزوجتك نزفت وايد فمحتاجة نقل دم وفي كسور بالحوض مانعرف بعد شو عمقها.
وأتاها السؤال من العمة هذه المرة:
- وهذا كيف يتجبر؟؟.
- يا الوالده هذا ماله تجبير بس راحة بالسرير بدون حركة ومع الراحة راح يلتئم الكسر، وهناك بعد كسر باليد وظلع مكسور، وحاليا نبي توقيعك على الأوراق علشان نباشر بالعلاج.
وغادرت بعد أن أخذت الموافقة وباشرت عملها ونهض هو وغادر متجها لمن هو القادر والشافي وظل بالمسجد يصلي حتى وصلته الأخبار السارة... زوجته بخير وطفله أيضا نجى بقدرة قادر وبما أنه ولد بغير وقته وضع تحت الملاحظة " أطفال الخدج"
بعد مرور المحنة القوية واستبداد الأمور ظلت عنود طريحة الفراش حتى أخبرتهم الطبيبة بأن عليها عدم الحمل إلا بعد مرور ثلاث سنوات أو أكثر بسبب اصابتها، لكن... قدر الله وماشاء فعل.
*********************************
تجلس على أحد الكراسي المنتشرة على طول الممر بالمشفى وعيناها تراقب الصغير وهو يلعب بالكرة وابتسامة مشرقة تعتمل ملامحها الناعمة، يراقبها من بعيد والشوق يسرقه إليها.... فهتف قلبه بلوعة الفراق....
لما تبخلين علي بحبك؟؟.
لما تهربين من عشقك؟؟.
تملكتني وغدوت نبض شرياني.
فلما الجفا يا من سرقت الفؤاد؟؟.
عيشتني بعالم الأحلام.
لتوقضيني منه بأقسى الطرق.
أتبتعدين؟؟... أتهجرين؟؟
لما الصدود؟؟.
أحاطني الهم وغدوت كما الصحراء القاحلة .
فرشتي طريقنا بالأشواك .
وأقفلتي تديرين ظهرك .
مالي بأخطاء الآخرين؟؟.
أتسمعين صدى صوته يناديك؟؟.
أتسمعين صوت صراخي يرتجيك العودة؟؟.
فترفقي بقلب سقط بمحراب عشقك.
( منصور )
- تدرين إنج راح تكوني أحلى أم!! .
تجمدت بمكانها وتابع هو بحب طفق يعلنه دون خجل:
- عيالج راح يحبونج ويموتون فيج، حتى أبوهم راح يموت بهواج.
نكست رأسها وهمست بألم اتسبد بخافقها:
- بس أنا ماراح أتزوج.
وجلس بقربها لتبتعد عنه ناهرة إياه:
- منصور...
- عيون منصور، وروح منصور، ليش انت قاسية جذا؟؟.. انت ما تحبيني؟؟.
تطلعت إليه وإلى ملامحه المعذبة، فأشاحت بوجهها بعيدا وهي تحرك رأسها يمنه ويسره وتجيبه:
- ما ينفع ننربط يا منصور، صدقني أنا وانت ما ينفع إنا نتزوج.
والتفتت إليه تتحدث بلوعة قلب وغصة تقف ببلعومة غير قادرة على زحزحتها:
- انساني يا منصور وتابع حياتك والله ير.....
ازدرد لعابها والوجع يعتصرها بشدة، تعشقه لحد النخاع لكن....
- الله يرزقق ببنت الحلال يلي تناسبك.
ونهضت تداري دموعها المتساقطة لحب علمت بأنه لن يكتب له الاستمرار، فما حصل كان القاسم لردئهما عن الاستمرار بمشاعرهما. أوقفها عن الرحيل بعد أن كادت تتحرك حاملة الصغير بعيدا عنه.
- هذا آخر قرار يا آمنة؟؟.
احتضنت الصغير بقوة وكتمت نوبة بكائها بصدره وهزت رأسها تجيبه بصعوبة بالموافقة لتسمع صوت حذائه وهو يبتعد حتى انهارت على الأرض تندب حبها الضائع بسبب عائلة قد دمرتها تماما حتى بعد رحيلهم.
- ليش قلتي له هذا الكلام؟؟.. منصور يحبج يا أمون.
رفعت رأسها وهمست لها بعذاب ينكئ جروحها الغائرة:
- لأنه ما ينفع يا ميثة، راح يعايرونه بأهلي، ويلي صار مب شوي، وبالأخير راح يرميني برع حياته ويقول ما بيج بعد ما يمل من الكلام يلي يجلده.
لتقترب منها ميثة وتحتضنها وتهدهدها.
- ليش تحكمين على شي انت مب عارفه شو هي نهايته؟؟.
لتجيبها ببكاء مكتوم، لكن دمعاتها أبت إلا الخروج:
- نهايتنا معروفة يا ميثة... معروفة، ويلي صار مب شوي.
- وشذنبكم تاخذين بذنب غيركم؟؟.
ابتعدت عنها وأمطارها تهطل بغزارة دون أن تكون لها القدرة لايقافها.
- لأن يلي سوته اختي مب شوي وهذاك أبوه صار معوق بسببها وكان راح يموت لولا رحمة الله فيه.
سكتت تجترح دمعاتها وأنفاسها وتابعت بقهر وعجز:
- تعرفين... كل ما أجوفه جدامي أحسه إنه وده يذبحني وينتقم فيني باختي.
لتسارع ميثة رافضة ما تهذر به :
- لا يا آمنة.. أبو سالم ما يفكر جذا!!.
لتقاطعها :
- بلى يا ميثة، صدقيني...
سحبت نفسا طويلا ثم استطردت:
- اختي يا ميثة دمرت حياته وبيته وأهله، يعني كل شي حلو بحياته أخذته اختي، وهو أكيد ألحين يتوقع إني مثلها وراح أدمر ولده لو تزوجني.
- يمكن انت خايفة تكونين مثلها علشان جذا رافضة منصور.
أتاها الصوت من خلفها لترى شهد، وأشاحت بوجهها ولم تعقب، فاقتربت منها وجلست بجانبها بعد أن سحبتها وأقعدتها وحادثتها برقة:
- يا حبيبتي يا آمنة، كم مرة أقولج انج انت غير واختج ابتسام غير؟؟.
مسحت دموعها بقوة ونفضت غبار البؤس وقالت بقوة وبكلمة أخيرة لا رجوع فيها:
- لا يا شهد، دمنا واحد وهي اختي والظفر ما يطلع من اللحم، ومنصور أكيد راح ييجي له يوم ويعايرني بهلي، فليش أفتح المجال له؟؟.. احنا ما نصير لبعض وانتهينا.
تحركت وحملت الصغير وداعبته قائلة:
- نروح للماما والبابا...
ورحلت تاركة خلفها صديقات بل شقيقات عاجزات عن فعل شيء من أجل شقيقتهم الصغرى التي أبت إلا أن تجترح مرارة عائلتها لوحدها.
وساقتها أحزانها وهي تسير بالممرلأيام الشقاء التي جعلتها تكبر بين ليلة وضحاها.
فاجعة هزت أركان المنزل بخبر وجود العنود وحمدان بالمستشفى اثر اعتداء من رجل غريب بعقر دارها.
انطلق الجميع إلى هناك لكنها بقيت بالمنزل مع عبدالله وحنان وظلت تترقب اتصالهم ليطمئنوها، لكن لم يصلها شيء، فما كان منها سوى الاتصال بشهد لتخبرها بما حصل لتنطلق تلك الأخرى للمشفى مع ميثة وظلت هي لوحدها تصارع الخوف حتى استجمعت قوتها وارتدت عباءتها وانطلقت بسيارة أجرى للمستشفى التي ترقد بها الأم التي احتوتها.
اقتربت منهم وهي تشاهد الحزن مخيم على الكل وينتظرون خروجها من غرفة العمليات بصبر، وما هي إلا لحظات حتى جاء أحد ما يحمل أخبارا غير سارة .
- مرحبا... انتوا عايلة حسن الكتبي؟؟.
نهض سالم وأجابه بفزع:
- نعم احنا أهله وأنا ولده العود.
تردد الرجل باخباره لكن لا مفر.
- اسمحلي أقولك إن أبوك هنا بالمستشفى.
صاح به:
- انت شو تقول؟؟... وشـ يلي صار؟؟.. وأصلا أبوي مسافر!!.
- للأسف أبوك موجود هنا بالمشفى وأنا جيت أبلغكم لما عرفت إنكم موجودين هنا.
اقترب منه الجميع وسأله سعود بذهول:
- شو يلي صار فيه؟؟.
- بصراحة ما عرف، ممكن تسأل الشرطة وهي تجاوب.
وبتلك اللحظة جاء الشرطي ليحيطه الجميع متسائلين عما حدث حتى أجاب متأسفا ومجبورا:
- بعدنا ما نعرف التفاصيل، بس كل يلي صار إن الجيران اتصلوا فينا وقالوا إن في واحد طايح بشقته، ولما سألنا إن كان حد معاه قالوا إنهم جافوا حرمته تطلع وهي تركض و......
- الله يلعنها!!.. وشسوت فيه؟؟.. والله لأذبحها الحيوانه!!.
وتحرك منصور والشرر يتقاطر من عينيه حتى أمسكه شقيقه سالم.
- هدي يا منصور وخلينا نعرف شو صار بالأول، الدنيا ما هي بفوضة علشان.....
قاطعه وهو يحاول الفكاك من قبضته المحكمة:
- لا... هي السبب!!.
وقام بدفعهم ينوي التحرر وهي من بعيد تشاهدهم والرعب قد تملكها تماما، ولكن ما نطقه بعدها الشرطي كان الفيصل ليحل السكون بعدها.
- الحرمة يلي تتكلم عنها كانت تركض بالشارع وما انتبهت ودعمتها سيارة وهي ألحين بالعناية المركزة، تعرفون أهلها علشان نتصل فيها؟؟.
وصرختها كانت دليل على صلتها بها.
- لا.....
عادت لواقعها ووصلت لغرفة العنود وطرقت الباب بعد أن استجمعت قوتها ودخلت بابتسامة اغتصبتها، فتلك هي حياتها، مجرد أقنعة ترتديها لتخفي ما بداخلها من أوجاع تقتات منها رويدا رويدا.
- هذيك ماما.
وضعت الصغير على الأرض ليركض ناحية والده ويرفعه ليكون بمستوى والدته لتحادثه بأمومة طفقت على ملامحها وداعبت كفه الصغير:
- ميودي حبيبي، لا تعصب بخالوا آمون فاهم، وخلك ولد مؤدب.
اتكأ الصغير برأسه على كتف والده وهمست آمنة:
- لا ميود حبيبي ولد مؤدب.
طرق الباب ليدخل الجميع... الجدة وأم سالم وميثة وشهد وانخرطوا بحديث عن حالة العنود لتنزوي آمنة بأحد الأركان جالسة على كرسي وتطالع بشرود للخارج من نافذة الغرفة وتتفكر بحياتها، لقد أنهت تعليمها الثانوي وتخرجت بنسبة كبيرة لتلتحق كما والدتها العنود بكلية الطب، وهي تعيش مرتاحة مع عنود ولا ينقصها شيء، ليأتيها همس من بعيد متسائلا:
- ألا ينقصك شيء؟؟..
لتجيب:
- لا.. لينقصني شيء.
- وماذا عن قلبك؟؟.
- ومابه قلبي؟؟.
- أوتسألين مابه؟؟.. أين نصفه الآخر؟؟.. لما غلغلته بسلاسل العبودية؟؟.. لما رميته بأقاصي الأعماق؟؟..
لتصرخ به:
- لأنه اختار الشخص الخطأ، لأنني لا أريد أن أؤذيه، وحبنا مستحيل!!.
- لما مستحيل؟؟.. لما؟؟.
سكتت قليلا ثم أجابته:
- لأني خائفة من الصد والهجران، خائفة من رؤية نظرة اللوم والعتاب ليكون مصيري الوحدة وحطام قلب.
وانتهى النقاش عند هذا الحد بحب لم يكتب له الاستمرار.
**********************
حان الوقت المنتظر وجاءت الممرضة لأخذ العنود لغرفة العمليات. عانقها حمدان بقوة وهمس لها:
- ارجعي لي، فاهمة!!.
ابتسمت وأجابته بخفوت:
- بحاول.
وضحكت تريد ازاحة خوفه لكنه لم يستجب لها، فاحتضنت خده بكفها وهمست له:
- قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، خلي بالك من نفسك، وعيالي أمانه فارقبتك، وأمون آمانة الله يخليك حافظ عليها.
استنشق هواء عميقا ثم زفره وأجابها وهو يعتدل وملامحه لا تشي بشيء:
- أمانتج انت راح تصونيها بنفسج، وإن شاء الله بترجعيلنا بالسلامة.
سلم عليها الجميع ودعوا لها بالخروج سالمة ثم دفعوا سريرها خارجا باتجاه غرفة العمليات وحمدان يسير بجانبها وكفيهما متشابكين، وقبل انفصالهما طبع قبلة على أصابعها وجبهتها وهمس بطلب ورجاء وتوسل:
- راح ترجعين!!.
- قول... يا رب!!.
واختفت خلف الباب المغلق ليشعر بجدته تمسك بعضده وتقوده للجلوس.
- اقعد يا ولدي، راح تطول داخل، وادعي ربك إنه يقومها بالسلامة وإن شاء الله ماعليها شر.
وجلس الجميع بانتظار خروجها وقلوبهم تخشع بالذكر، وهناك من بين ثنايا دعواها وصورة أخرى ومكان آخر احتلت صفحة ذكرياتها...... هي تجلس لوحدها بانتظار خروج أحدهم ليخبرها بما حل بمن في الداخل وقد طال انتظارها، ودموعها تتساقط تحكي واقعها الأليم بعائلة قد تفككت وتدمرت... والدتها توفيت اثر صراعها مع المرض الخبيث، ووالدها أصيب بجلطة دماغية وهو الآن طريح الفراش فاقد الأهلية بسبب خسارته لكل شيء أو بالأحرى بسبب قيام زوجته بسرقة كل الأموال التي يملكها ورحلت عنه بعد أن أخذت الأطفال وسافرت لمكان لا يعلمه أحد، وهاهو دور شقيقتها قد أتى، هذا هو عقاب الله في الدنيا، فما بالهم بالآخرة!!... ألا يتفكرون؟؟... ألا يفهمون أن الشر مصيره الفناء آجلا أم عاجلا؟؟.. وأن الله يمهل ولا يهمل.
خرج الطبيب بعد ساعات قضتها هي بالتحرك من مكان إلى آخر، هناك والدتها التي ربتها تعاصر الموت وهنا شقيقتها أيضا تنازع الروح.
- مين انت؟؟.
وأجابته بصوت قد غادرته أوتاره من شدة بكائها:
- أنا... أنا... أختها.. هي... كويسة؟؟
لم يعرف ما يقول!!.. فهي طفلة بالكاد ستتحمل ما ستعرفه.
- وين أمج وأبوج ؟؟.
- ماما ماتت، وبابا.....
سكتت ولم تستطع الاكمال.
- لا حول ولا قوة إلا بالله، طيب ما في حد ثاني من العيلة؟؟.. يعني واحد كبير؟؟.
هزت رأسها بالنفي ليتطلع الطبيب من حوله وشاهد الشرطي قادم باتجاهه ليستعلم أخبار المصابة.
- ها يا دكتور، شو الأخبار؟؟.
تطلع للصغيرة لثوان حتى بدأ يتكلم كطبيب أشرف على علاج مريضة.
- بصراحة ما أقدر أقولك إنها بخير، لازم تمر 48 ساعة وبعدين بقرر، لكن حاليا احنا سوينا يلي علينا والباقي لرب العالمين.
لتتدخل متسائلة:
- طيب هي ملها؟؟.
ماذا يقول لها؟؟.. تنهد وقال بعد أن حثه الشرطي للحديث لكي يكتب بتقريره عن حالة المصابة:
- المريضة اصابتها كانت خطيرة، وحاولنا إنا نساعدها بس ما قدرنا، فكان لا بد من إننا نحد من الخطر.
ازدرت لعابها وعيونها احمرت ومازالت دمعاتها تتساقط واستطرد الطبيب:
- الشاحنة لما دعمتها كانت مسرعة فطارت اختج وطاحت بين السيارات، ولأنهم ما انتبهوا فكان مصيرها إنهم يسيروا فوقها، وسبب هذا بترت ريولها الثنتين.
وشهقت ووضعت كفها على فمها تمنع الصرخة التي كادت أن تخرج ورأسها يرفض الصورة وتابع الطبيب بقلة حيلة:
- وصابها نزيف داخلي اضطرينا إنا نوقف النزف وكانت حامل بس الجنين طلع ميت بسبب الضربة يلي تلقاها جسمها، والكلية تفتت فاضطرينا إنا نتخلص من وحده منهم، وجزء من يدها اليمنى كمان بترناها، وجروح عميقة بويهها طبعا تحتاج لعمليات تجميلية إذا الله كتب لها إنها تكون حية، ومن غير العلاج النفسي والطبيعي وأشياء ثانية راح نقررها بعدين لما نجوف حالتها لوين بتوصل.
وتركوها وحيده تعاني الأمرين، دون كتف يعينها، ودون صدر يحتويها، وظلت بمكانها تبكي وتبكي حتى جفت غدرانها وتحركت تمشي بضياع ناحية من عانقت طفولتها وصباها، فتلك هي الأهم، وعندما وصلت وتعانقت عينيها مع من تملك كيانها وشاهدت تلك النظرة التي لم تنساها أبدا وظلت محفورة بذاكرتها ليكون قرارها النفي.
تابعت استرجاع شريط ذكرياتها وهي تنتظر خروج الأم التي احتضنتها ومازالت تكمل مسيرة الاعتناء بها.
تتذكر دخولها لأول مرة لغرفة شقيقتها بعد زوال الخطر عنها بعد أربعة أيام، كم كانت صدمتها كبيرة برؤيتها بهذا الشكل... الضمادات تحيط بجسدها كاملا ولا يظهر منه سوى عينيها، وعندما استيقظت قابلتها بهجوم ضاري لم تتوقعه أبدا:
- بتعملي ايه هنا؟؟... أكيد جاية عوزة فلوس!!.
بهتت ولم تعرف ما تجيبها وتابعت الأخرى:
- ؤولي لأمك إن معنديش فلوس، وؤليلها تروح تشحت أو تبيع نفسها أي حاقة المهم تبعد عني.
وأجابتها بعد صمتها الطويل:
- ماما ماتت.
سكتت تنتظر بكائها أو صراخها أو دمعاتها لكن أن....
- أحسن.. ارتحنا من غتاتتها، وليه أرشانة شرانية...
ثم التفتت إليها قائلة:
- وانت بتعملي إيه هنا؟؟... أكيد عاوزة تسكني معاي لأن معدش معاك بيت، طيب ماتروحي تسكني مع حبيبة الألب عنود
فسألتها آمنة بسؤال لطالما أرادت معرفته:
- انت ليه بتكرهي العنود؟؟.
حل الصمت حتى مر الوقت اعتقدت بأنها لن تجيبها حتى قالت:
- بكرها لأنها شيفة نفسها، يعني حتى وهي يتيمة وأبوها يلي هو عمها بيكسرها بيضل رفعة خشمها، بكرها لأنها نظيفة وحتى أمها مش معاها وأنا أمي....
شخرت ثم أكملت:
- أنا أمي ضيعتني، أمي بتشتمها وبتضربها وعمها كمان لكن مانكسرتش علشان كده أنا بكرهها وحبيت أكسرها وأدوس خشمها ده يلي رفعته بالسما، وأهوه أكيد هي ماتت مع ابنها وأنا دلوأتي حرتاح منها.
فأجابتها آمنة بدموع صامتة وهي تسمع الحقيقة المرة:
- بس عنود ماممتش.
والتفتت صارخة:
- بتؤلي ايه؟؟.. يعني ايه ماممتش؟؟.. أمال الغبي "زينهم" كان رايح يتنيل يعمل ايه معاها؟؟.. أنا موصياه إنه يعزبها أبل ما يموتها.
سكتت قليلا وأخذت تهمهم بحنق ولم تستشفي آمنة ما تقوله حتى تابعت ابتسام حديثها :
- المرة الجاية حتكون النهاية أكيد، ؤمال هو فين دلوأتي؟؟
- البوليس مسكه هو وراجل تاني معرفش اسمه إيه وحكموا عليهم 8 سنين.
ضحكت ابتسام بخفوت واستطردت بعد أن عادت بأنظارها للواقفة:
- أهم حاجة ميجوبوش بسيرتي، واسمعيني يا بنت انت، أنا معنديش مكان ليك، وحسن حـ....
وهنا استدركت ما غاب عن بالها، فقد كشفت حقيقتها.. وماهي إلا لحظات حتى حاولت النهوض وعندها فقط صرخت بأعلى صوتها وهي ترى ما حل بها، وجن جنونها وحاولت اقتلاع الابر وانتزاع الشاش من على وجهها، وثارت أكثر عندما علمت بأنها قد خسرت قدميها الاثنتين وكف يدها فما كان من الطبيب سوى حقنها بمهدئ، ومرت الأيام وحالة شقيقتها تزداد سوء وجنونا، ليضطر الطبيب بحقنها بمهدئ حتى جاء ذلك اليوم الذي فوجئت بأن شقيقتها قد انتحرت وتوفيت إثر جرحها الغائر، فلم يكن بوسعها العيش هكذا ناقصة الجسد ومشوة الوجه، فهذا ما كانت فقط تملكه ليجعلها تعيش وبدونه لا فائدة منها.
كانت نهايتها بشعة، ماتت وهي قد أجرمت بحق نفسها قبل أن تجرم بحق الآخرين، لم تفكر بالتوبة أو العودة لطريق الصواب واختارت الطريق السهل وهو الموت ولم تفكر بأن هناك عقاب وحساب على ما جنته يداها.
وهنا انتهى فصل عائلتها بنهاية آخر فرد من عائلتها وبقيت هي تبحث عن نفسها.
مرت ساعتان وبعدها خرجت الطبيبة ليفز حمدان بسرعة.
- ها.. بشري يا دكتورة؟؟
- عطني البشارة!!.
- لج يلي تبيه، بس قولي حرمتي شخبارها؟؟.
- الحمدالله المدام بخير ومرت العملية بدون تعقيدات.
- الحمدالله
وركع ساجدا لله، شاكرا نعمة عودتها إليه، لتنتشر الفرحة بين الجميع لتقاطعهم الطبيبة هاتفة ببهجة قد انتقلت إليها:
- ماتبي تعرف شو ولدت حرمتك؟؟.
وأجابها بابتسامة مشرقة:
- كله من الله زين، والولد مثل البنت مافي فرق عندي.
- عيل جوك أحلى بنتين توأم مثل القمر.
- الحمدالله.. الحمدالله
************************
بعد 6 أشهر.....
تسير بسرعة وبرشاقة وصوت نقرات حذائها المدبب يرن صداه بالأرجاء، فتحت باب الغرفة ودلفت تتساءل باستعجال وهي تكمل ارتداء حلق أذنيها:
- يله يا ماما حنان بسرعة تأخرنا على العرس .
وقفت حنان بدلال ودارت حول نفسها وهي تتساءل:
- شو رايج يا ماما؟؟... لايق علي الفستان؟؟.
وقف عنود تتأمل صغيرتها وابتسامة حنان تتوسد ثغرها المخضب بحمرة تشابه لون الدم... كان فستانها المنفوش بلونه الوردي، وشعرها المسدل بحرية خلف ظهرها تنام على سواده على جنب وردة بنفس لون الفستان، وألوان هادئة زينت ملامحها الطفولية لتغدوا كما اللعبة الصغيرة، وأجابتها وهي تقترب منها:
- ما شاء الله تبارك الرحمن عروس، الله يطول بعمري وجوفج عروس بفستانج الأبيض.
استحت حنان وهمست :
- ماما... تراني أستحي .
أهدتها قبلة على رأسها وقرأت بعض الأدعية لترقيتها من العين ثم هتفت:
- يا... تأخرنا!!... بتذبحني شهودة، قالتلي لازم أكون هناك بسرعة.
وتحركت خارجة وهي تنادي بصوتها العذب:
- عبادي حبيبي خلصت؟؟.
وخرج يلبي نداءها ووقف بهيبته وهدوئه ووقفت هي تتأمله وهمست:
- صدق من قال من شابه أباه فما ظلم.
فعبدالله يشبه أباه بغموض عينيه وهدوئه ورجاحة عقله، حسنا مرت على زوجها أيام عصيبه جعلته يتخلى عن وقاره، وضحكت بخفوت ليتساءل عبدالله وهو يقترب:
- إن شاء الله دوم هذي الضحكة.
احتضنته وهي تقول:
- يا حبيب قلبي إنت، والله لو نلف العالم كله ما نحصل واحد مثلك، فالحمدالله على نعمة وجودك معانا.
خجل من مديحها ولم يعقب عليه وبالمقابل تهرب قائلا :
- عيل أبوي وين؟؟
مسحت على خده وأجابته بأمومة وحب:
- أبوك قاعد يساعدني ويلبس أخوك مايد.
- والتوأم!!.
- يا قلبي على عهد ووعد نايمين.
وتذكرت سبب تسميته لابنتيها بهذه الأسماء فهو كما قال:
- كل ما أجوف بناتي راح أتذكر كل وعودي وعهودي ومستحيل أنساهم دام عيوني تجوف عيالي.
عضت على شفتيها وتنهدت بحب وقالت بهمس عاشق:
- خليني أروح وأجوفه شو سوى مع أخوك، انت انزل مع اختك حنان وانتظرونا تحت عند يدوه.
هز رأسه موافقا وانطلقت هي لجناحها ترى زوجها وحبيبها يعارك طفلها الصغير لالباسه لحمدانيته، ظلت بمكانها تراقبه بحب وعشق شع من خضرتيها... كم هي عاشقة لهذا الرجل، لقد مرت عليهم أيام عصيبة من قبل، لكن مع انتهاء العقبات عاشوا بسعادة وهناء مع صغيرهم مايد الذي سماه زوجها تيمنا بشقيقها.
لقد أمطرها بوابل من كلمات الغزل والغرام كما عاهدها، ولم يجعل دمعاتها تتساقط أبدا، لقد أغرقها بحبه العميق وهي قابلته بالمثل.
ولم تنتبه لعيونه المحدقة بها تلتهم جمالها الخلاب وفتنتها التي أسرت عسليتيه ... كان شعرها يرفل بعنفوان عنادها يتحدى الرياح أن تبعثره ليقف شامخا مثل صاحبته، أما ملامح وجهها فتلك حكاية أخرى فقد غدت غاية بالجمال، وفستان ذهبي اللون ذا قماش حريري التصق بجسدها ليكون جلد آخر لها حمالاته رصت عليه لآلئ براقة وأحاطت بصدر فستانها من الأطراف، كان فستانها بسيط لكنه جعلها كالملكة التي تنازع ملكات الجمال بالعرش.
- عجبتك؟؟.
اقترب منها وماتزال عيناه تأكلها بشهية من جمالها الفتان جعله يزدري لعابه وأنظاره لا تستطيع أن تحيد عن هذه الحورية التي ظهرت له من حيث لا يعلم.
- سبحان الله من صورج .
ابتسمت ليبتسم واقترب منها محيطا جسدها بذراعيه وهمس بأنفاس مستعرة:
- هو لازم نروح العرس؟؟.
قهقهت بخفوت وأجابته وهي تفرد بكفيها المخضبين بحناء حمراء نقشت على يد أمهر الحنايات .
- إذا تبيهم يذبحونا تراه عادي عندي، دام إني راح أموت بين ايدك....
ليقاطعها بسرعة:
- لا تطرين الموت، والله يطول بعمرج ويعل يومي قبل يومج .
طالعته بهيام وعواطف مشحونة وهمست له:
- ويلوموني بحبك.
اشتعلت أنفاسه إثر تصريحها وانحني يبغي اقتناص قبلة يودي بها عشقه لهذه الأنثى التي غيرت حياته للأبد لكن.....
رنين الهاتف وبكاء الصغار قاطع ما كان ينويه ليبتعد ويهمس بحنق:
- هذي المرة العاشرة يلي يتصل فيها، حشى مب معرس هذا ؟؟.
ضحكت وابتعدت عنه وجسدها يرتعش بلذة الحياة وأجابته:
- ما عليه اعذره حبيبي .
- وهو ليش ما يعذرني؟؟.. تراني أنا بعد معرس اليوم ولا في اعتراض؟؟.
ناظرته بخضرتيها بهيام ثم أجابته:
- لا أبد ما في أي اعتراض، لكن إذا مارحنا ألحين ما راح يكون فيه عرس أو شهر عسل.
وغمزت بعينيها تهديه وعودها.
انطلق الجميع للفندق الذي يقام فيه حفل الزفاف .
- وين راحت هذي بعد؟؟.. يعني أنا قلت لها تكون موجوده قبل الكل وحضرتها ما يت لين ألحين؟؟.
همهمت آمنة بيأس لأسئلة شهد التي لا تنتهي ثم هتفت لها:
- شهد هدي شوي وخلي الكوافيرة تسوي المكياج، ولا بتطلعين مب حلوة.
ففزت من جلستها وصرخت للمزينة:
- والله لو طلعت مب حلوة ما راح تلومين إلا نفسج.
طالعتها المزينة أيضا بغيض وهتفت:
- طيب ماتعدي كويس علشان أحطلك الميكآب منيح.
وأكملت الباقي بهمس:
- ياي.. كيف راح يستحملها هدا الرجال؟؟.. الله يعينه عليها.
وعادت شهد تصرخ:
- تراني سمعتج، ومالج شغل... يتحملني ما يتحمل نصطفل أنا وهو.
وانتشرت ضحكتها تعلن عن وجودها بالمحيط.
- شهد حرام هدي كلتي الحرمة المسكينة، خليها تجوف شغلها علشان سعود ينبهر بهذا الجمال.
وبنطقها بالكلمة السحرية استرخت بمقعدها وابتسمت بحالمية جعل الكل يقف بذهول لتحولها التام.
فهمست المزينة اللبنانية للعنود:
- وينك يا مدام من زمان؟؟.. بصراحة هيدي أول مرة بشوف عروس متلها.
وأعادت عنود الهمس:
- الله يخليج اسكتي لاتسمعج وتسويلج سالفة .
ونادت شهد باستعجال:
- يا الله وينج؟؟.. خلصيني بسرعة بينزف المعرس وأنا بعدني ما خلصت.
رفعت المزينة يدها ودعت:
- الله يعينا على هيدي الليلة .
وعادت تكمل وضع الزينة للعروس المجنونة وبالطرف الآخر وقفت عنود تراقب شهد وماهي إلا لحظات حتى دخلت العروس الأخرى بجمالها الهادئ ونعومة ولدت عليها لتهتف آمنة بانبهار :
- وااااااااااو.. ميثة ماشاءالله عليج، صايرة حلوة .
والتفتت عنود وشهد أيضا يتطلعون باعجاب لصديقتهم التي تقدمت منهم بخجل تريهم ماصنعته المزينة .
- شو رايكم؟؟.. عجبكم المكياج؟؟.
لتهتف عنود:
وبتطلعين أحلى لما تلبسين الفستان، ماشاء الله تبارك الرحمن قمر والله قمر.
لتعترض شهد:
- أقول هيه... وفري كلامج الحلو، تراني أنا بعد عروس ولا نسيتيني؟؟
ضحك الجميع على جنونها ودخلت خديجة تستعجلهم لتقف بابتسامة حانية:
- ماشاءالله عليكم يا بنات، ربي يحفظكم من العين، لا تنسون حبايبي، اقرأوا المعوذات وآية الكرسي.
سكتت تتطلع للجميع ثم قالت:
- عنود حبيبتي إذا مخلصة إنزلي تحت، الضيوف قربوا يحضرون نبي نستقبلهم وخلي المربية تتحمل من الصغارية.
وافقت العنود وحملت صغارها وخرجت وهي تنادي:
- يا الله يا آمنة تعالي لما تخلصين.
- إن شاء الله بس خليني ألبس باقيلي الاكسسوارات وأخلص .
خرجت عنود والتفتت آمنة ترتدي حليها وظلت خديجة تراقبها باعجاب لجمالها، كانت ترتدي فستان أسود اللون ذا حمالات رقيقة أظهرت بياض بشرتها، يحيطه من الصدر بسلاسل بيضاء تدلت براحة على صدرها، وحزام أبيض اللون توسد خصرها ليظهر قدها الممشوق، وأكملته بحذاء بكعب عالي، ورفعت شعرها بتسريحة جميلة وزينته بحلية بيضاء على شكل وردة، وتركت قذلتها تنام براحة على جبهتها، ولونت وجهها بألوان هادئة ما عدى عينيها التي صبغتهما بالسواد لتظهر وسعهما وجمالهما.
اقتربت منها وأخذت تساعدها لتعترض قائلة :
- ماعليه يا خاله لا تتعبين نفسج.
سكتت خديجة ثم همست لها:
- لين متى يا بنتي راح ترفضين؟؟.
تجمدت يدها بالهواء مع سلسالها وجحضت عيناها وتحركت خديجة لتقف خلفها وتمسك بالسلسال وتلبسها واستطردت:
- محد راح يلومج على يلي صار.
وأكملت حديثها:
- وولدي منصور أبدا ما راح يعيرج بأهلج، وصدقيني أنا أول وحدة بوقف بويهه.
تحركت خديجة من مكانها ووقفت أمام آمنة وتابعت الحديث وهي تمسح دموع الصغيرة المتساقطة.
- وأبوه.....
أغمضت آمنة عينيها بألم وحسرة، واستمعت:
- أبوسالم يمكن في البداية كان معترض على ارتباطكم لكن بالنهاية أقر إنج مب مثل......
وتركت الجمله دون أن تكملها لتتنهد أم سالم .
- يا بنتي يا آمنة ماحد يعترض لقضاء الله، وكل واحد ياخذ جزاته لكن هذا مب يعني نوقف حياتنا على شي صار وانتهى، لازم نكمل ونعيش، أنا عارفة إنج تحبين ولدي وهو لين ألحين متمسك فيج وحالف إنه مايتزوج غيرج.
وفتحت عيناها بصدمة لتكمل والدته:
- نعم.. حلف إنه ما يتزوج غيرج لأنج انت يلي في القلب مب وحدة ثانية
وهمست آمنة بشق الأنفس:
- لكن... لكن...
وقاطعتها خديجة وهي تمسك بكفيها:
- ما في لكن يا بنتي، انت بنت خلوقة ومأدبة وماراح ألاقي وحدة تحب ولدي مثلج، فكري يا بنتي وصلي استخارة وتوكلي على الله وانسي يلي راح ولا تخليه يتحكم بمصيرج، عيشي يا بنتي ولاتقتلين نفسج بالحيا.
وتركتها مغادرة تاركة فتاة تعيش بين نارين.. هل تنسى الماضي مع آلامه وجراحه وتطوي صفحته من أجل حب حياتها؟؟.. أم أنها تتركه يقتات منها رويدا رويدا ليتركها شبح بين الأحياء وترى العالم يتقدم للأمام وهي تقف بمكانها؟؟.
مسحت دمعاتها وأكملت ارتداء حليها وخرجت وقد اعتزمت على فعل ما قالته الخالة ألا وهو ترك أمرها لله ليقودها لما فيه خير وصلاح لها.
وصدحت صوت الموسيقى تزف العروستين اللتان ارتدتا أحلى حلة لتغدوان كما البدر المنير، فتلك هي ليلتهما المنتظرة، ليلة طاق فيها كل حبيبين الالتقاء تحت جناح العشق.
ومضى الوقت سريعا حتى حل وقت الرحيل وحمل كل عريس عروسه ومضى بها مشوار حياتهما التي ستتخللها الأفراح والمسرات وأحيانا الأحزان والآلام فهكذا هي الحياة.
أما أبطالنا فقد انطلقا هما وعائلتهما السعيدة يبحثان من بين أركانها عن السعادة التي ينشدونها واختاروا أن يعيشوا اليوم بيومه فمن يعلم الغيب سواه.
دلفوا لغرفتهم بعد أن وضعوا أطفالهم بالسرير متمسكين يدا بيد ووعد بعدم تركها أبدا وكانت المفاجأة تنتظرها بغرفة النوم....
فقد زينها وفرشها باللون الأحمر، وشموع انتشرت بكل مكان، وبالونات حمراء حولت سقف غرفتهما للأحمر، وطاولة صغيرة بمقعدين، التفتت إليه متفاجئة :
- شو السالفة؟؟.. بعده عيد زواجنا أوعيد ميلادي!!.
سحبها خلفه وأدار المسجل من بعيد بالريموت وهمس لها وهو يدنيها منه.
- اليوم يوم عرسنا، وكل يوم راح يكون عرسنا، وانت أحلى عروس جفتها بحياتي، وأشكر ربي على النعمة يلي أعطاني إياها .
وعاد لتقبيلها ثم ابتعد بعد مرور الوقت وحادثها بعواطف مشبوبة:
- تعرفين يا عنود شو هو أحلى يوم عندي؟؟
وهزت رأسها نافية معرفتها وأحاسيسها الملتهبة تمنعها من الحديث فقال بالقرب من شفتيها:
- أحلى يوم كان.... يوم التقينا تاهت فيه عناويني.
وعانقت الأرواح والقلوب باتحاد أبدي لن يزحزحه أي زلزال أو مخلوق، ودعاء وأمنية بأن تطول احتضاناتهما وتطول مسراتهما وأن تكون كل حياتهم هانئة وأن يبعد الله عنهم شر النفوس الضعيفة، وأن يحاوطهما العشق والغرام دائما وأبدا.
تم بحمد الله .
|