لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-12-16, 01:48 PM   المشاركة رقم: 131
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة المرح


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 106580
المشاركات: 1,343
الجنس أنثى
معدل التقييم: NoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جداNoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جداNoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جداNoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جداNoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جداNoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 528

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
NoOoFy غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح مشاهدة المشاركة
   مساء النور والسرور
الغاليه ام حمده تسلم عليكن واجد
و تعتذر عن بارت اليوم
لابها انكسر
معوضه السبت ان شاء الله

أم حمدة بنصلحه عل حسابنا بس البارت البارت
مش معقول من السبت اللي طاف إلى الآن حمدان واقف عند باب العنود فيس يداعبتس أم حمدة

 
 

 

عرض البوم صور NoOoFy   رد مع اقتباس
قديم 31-12-16, 02:01 PM   المشاركة رقم: 132
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ملكة المرح


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 106580
المشاركات: 1,343
الجنس أنثى
معدل التقييم: NoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جداNoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جداNoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جداNoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جداNoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جداNoOoFy عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 528

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
NoOoFy غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

بالنسبة للي صار للعمود ماراح أتكلم عنه يا شيبة عرعر لين أشوف وش بتسوي معها بالخايس
أبد مهوب مبرر طلاقها منك وانت تحبها عشان كلام الحيه بسيم
اللي يحب مهما صار من حبيبه يدمح الزله له وخاصه إذا سخيفة مثل زلة العنود
طيب انت ليش متزوجها مهوب عشان تهينها ولا نيتك كانت تعيشها بسبات ونبات وتخلف صبيان وبنات
أقول انثبر بس انت ماتفرق عن ابتسام وأمها وأبوها

وخير ياطير متزوجتك عشان فلوسك ليه هي كانت تعرفك قبل ولا تعرف آهلك
خلنا نقول غايتها كانت فلوس
البنت عاشت عندك شفت غايتها فلوس ورغبتها ماديه
شالتك وشالت عيالك وأهلك على كفوفو الراحه
العبره مهوب في قالو وقالت العبره في اللي تشوفه منها والفعل اللي تسويه هي لك وعيالك

عندي إحساس العنود ماراح ترجع لك بالساهل
لكن راح تكتشف أنها حامل والحمل يبكون سبب ردتها

وبعدين أم حمدة بلغي عن حية بليس بسيم وقولي مجرمه وسخه وخايسه
غايتها خراب دمار افه دخيلة على البلد وععععععع الوسخة تخون زوجها ومع واحد من جنسها الخايسه

 
 

 

عرض البوم صور NoOoFy   رد مع اقتباس
قديم 01-01-17, 05:51 PM   المشاركة رقم: 133
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

الفصل الثالث والعشرون .......

قالوا إن كيدهن عظيم!!.. فوقعت وما لي بالنهوض كَرَه.
داهيات ماكرات أنتن، وصار الرجل عندكن لعبة.
يا صغيرة السن!!.. أتعبتني وما لي بالجري طاقة.
ضيعتني!!.. وما عاد لعقلي طاعة.
إن ظننتي بفوزك... فأنت مخطئة!!.
الغدر من شيمك، والطمع فيك، والمال منالك.
فلا تحلمي بالفوز، فأنا لك قائما.
(حمدان)
آه يا قاتلي.. أتحكم بما لا تعرفه!!
أجرمت وأعترف، ومن أجل الحب سأفعل.
حكمت، ونفذت، وصرت جلادي، فما عاد لحديثي فائدة.
نفيتني وما سمعت توسلاتي، فما عدت أبالي، وبنفسي أكتفي.
واسمع قراري.......
فالنفي من نصيبك، ومن حياتي أخفيتك.
اخترت المضي، وبأمنياتي أسعى .
فما عاد لك مكان بحياتي فابتعد يا من اخترت البعد راحة.
فما عدت لك ولو أقسمت بعشقي!!.
(عنود)

*******************************
لو قالوا له بأنه سيكون هو من يجدها ويراها سيقول بأنهم مخطئون!!.. ولو قالوا له بأن جهوده ذهبت هباءا وأنها ستظهر آجلا أم عاجلا أيضا سيقول بأنهم مخطئون!!.. لكن اتضح بأنه هو من كان المغفل والغبي، وقد استغبته للمرة الثانية.
تأمل تفاصيلها رغما عن ارادته بلهفة وشوق، فيروزها المشع وأنفها وفمها وبشرتها، جرت عيناه عليها تلتهم ملامحها.
وهي الأخرى ظلت جامدة غائبة عن واقعها بتفاصيله ورجولته الطاغية التي أشعلت حواسها وزعزعت كيانها وجعلتها كما البلهاء واقفة تتشرب ملامحه بتوق واشتياق، وطغت على ذلك الصوت الذي ينبهها من مغبة ما تفعله.
توقف الزمن بهما، وظلا يناظران بعضهما البعض كأنه لم يتواجد أحد بالعلم غيرهما، لكن ما دام الشيطان قرينهما فلا مكان للخير بينهما، خطوة للأمام واستئذان ساخر:
- ممكن أدخل!!.
وهو بالفعل قد دخل وتمركز جسده بمحيطها ليزعزع قوتها التي تلبستها في الأيام الماضية.
تراجعت للخلف بحماية من جسد قد خذلها بالفعل، وحواس قد تخلوا عنها، وعقل اختفى ليحل محله ذلك الخائن الذي يضرب بشدة بين جنباتها .
سار للداخل وتوقف أمام امرأتين وثق بهما ثقة عمياء، امرأتان كانتا له عونا بحياته ولم تخذلاه أبدا، لكن بسببها هي ومن أجلها هي ساروا بدرب الخداع.
لم يتوقع بيوم من الأيام بأنه سيشك بجدته وعمته، لكن سكوتهم الغريب لفت انتباهه، ومنصور أيضا قد لفت انتباهه بأنهما يعانيان من مشكلة ما فهما لم تكونا هكذا منذ اختفائها، كانتا دائمتا السؤال وفجأة حل الهدوء ليجعله يدرك بأن خطبا ما قد حدث!!.. فما كان منه سوى أن يتحقق من الأمر، ولم يدرك بأن ما سيعرفه سيكون صادما!!.
علم بأنهن يخرجن كل صباح بعد مغادرة الجميع إلى أعمالهم وبعدها غيروا توقيتهم ليخرجوا كل عصر من كل يوم، فذهب يستفسر لدى السائق ليجيبه بأنهم يذهبون كل يوم للتسوق لكنهم يعودون خالي الوفاض، وهنا لعب الشك برأسه، فما كان منه سوى أن تبعهم.
استقلوا سيارتهم بعد صلاة العصر إلى أن أنزلهم السائق بالسوق كما قال له، وبعد مغادرته أصابه الجمود وهو يراهم يوقفون سيارة أجرة منطلقين لمكان يجهله، وسار خلفهم وخافقه يضرب بين أضلاعه إلى أن بلغت الصدمة مداها وهو يتعرف على الطريق الذي يسيرون ناحيته وتوقفوا أمام بنايته، وهنا قد علم، والضائع لم يكن ضائعا، بل كان متواجدا وبالقرب منه أيضا.
***********************
ناظرهما بعتاب ولوم لما فعلاه به فأدارت احادهما عيناها بعيدا والأخرى ناظرته بكل قوتها وبصلابة تحسد عليها.
- ما هقيتها تطلع منج يا الغالية؟؟
- وعليكم السلام والرحمة، الناس تسلم بالأول مب تدفش الدنيا، وثاني شي وشو هو يلي ما هقيتها منا؟؟.. ما أظن سوينا شي غلط ؟؟.
ابتسم باستهزاء ثم أجابها:
- لا أبد ما سويتوا أي شي غلط، بس أنا متعب نفسي أدور عليها بكل مكان وانتوا ما تنزلتوا تخبروني بانها موجودة وتعرفون مكانها.
وهي هناك تقف بعيدا وتتأمل قامته العملاقة وقلبها يصرخ طربا لسماعه كلماته، هو كان يبحث عنها، يالي سعادتها الغامرة، لينهرها عقلها بكل ما أوتي من قوة:
- انت نسيتي بهذي السرعة شو يلي سواه فيج؟؟.. نسيتي انه ذلج وأهانج؟؟.. وين وعودج؟؟.. وين كلامج بانج ما راح تتركين أي ريال يكسرج؟؟
تكسرت فرحتها، وانقشعت الغمامة الوردية، والصور تتهافت لتذكرها بالذي مضى، وهنا فردت هامتها هي الأخرى، وبرقت مقلتيها بشعاعها الأخضر معلنا أن الحرب على وشك البدأ، ومن كان يتراقص فرحا خبى واندثر وذكريات جروحه تعود لتنتكئ والسبب هذا الرجل، فهو أيضا قد أقسم بأن لا يرن أبدا فما به من آلام تكفيه للدهور، فأبا إلا أن يشارك صاحبته بمعركتها، فلا مكان الآن له .
- وأنا شو عرفني بانك كنت تدور عليها!!.. كنت أجوفك تطلع وترجع لا كلمة ولا خبر، يعني قالولك إني متبصرة؟؟.
- لا يا الغالية، بس كان المفروض تقولين إنج جفتيها، مب تسكتين وتخليني أنا مثل الأطرش بالزفة.
سكتت الجدة وناظرته لثوان حتى سألته:
- وانت شو يهمك؟؟.. جفتها ولا لاء، مو انت طلقتها وخلاص؟؟.
ارتجف جسدها للحظات وهي تتذكر كمية الألم عندما استعادت ادراكها أنه بالفعل قد تخلى عنها، وهنا زاد اشتعال مقلتيها، وجسدها قد سرت به برودة كما الصقيع، فلا مجال الآن لأي مشاعر الحب.
سكت ولم يعرف ما يقول، وتلك الكلمة تضربه بالصميم، وكل شيء عاد لذاكرته، لقد خدعته!!.. وهاهو الآن يقف أمامها كالمغفل!!.
فالتفت إليها والغضب قد تملكه تماما من شيء لا يعرف ما هو، وإن كان يعتقد بأنها ستخر راجية اياه التفهم كما السابق فهو مخطئ!!.
- وانت حضرة البرنسيسة، أظن كان عاجبنج إنج تكونين محور الكون؟؟.. وأن الكل قاعد يدور عليج؟؟.. بصراحة لعبتي لعبتج صح وخليتي الكل مثل الخاتم باصبعج.
وأخذ يصفق وهو يتابع:
- برافوا عليج، بصراحة قللنا من قيمتج.
ظلت واقفة تراقبه إلا أن قالت تهديه أول نبذه من تغيرها وهي تتحرك ناحية الأريكة وجلست بأنوثة بجلابيتها الملتصقة بجسدها المثير جعل جسده يستجيب إليه بسرعة، لكن حديثها ألجمه عن الغرق أكثر بين مفاتنها.
- والله شو أقول يا بو عبدالله!!.. كان هذا طلبي إنهم ما يقولون لأي حد انهم يعرفون وين مكاني، وثاني شي هم كبار وما أظن وحدة صغيرة مثلي تقدر تتحكم فيهم، والشي الأخير انت ما يخصك طلعت ما طلعت هذا شي راجع لي أنا وبس.
وسكتت ودارت معركة العيون.. غابة استوائية تعلن عن العواصف القائمة بداخلها عن ظلم قد أوقع عليها بغير وجه حق، وعسل قد انصهر ليغدوا كما الصحراء المشتعلة بغدر كان من نصيبه.
بوادر العواصف تتشكل فوق رؤوسهم، والرياح كأنها هبت تصفعهم بكل اتجاه، لكنهم لم يتحركوا ولم يخفضوا عيونهم، وكل واحد منهم يعلن عن التحدي، إلى أن قال بعد فترة من الصمت:
- نعم.. اظهري على حقيقتج وخلي الكل يعرف مين انت؟؟.
- والله كلن يرى الناس بعين طبعه، وبصراحة ما يهمني رايهم فيني.
اعتدلت بجلستها وحركت ساقها بأناقه لتضعها فوق الأخرى وتابعت التحدث ليتابع هو حركة شفتيها كما تعود دائما:
- وإن كان على حقيقتي؟؟.. فما عندي شي أدسه، هم عارفين وأنا عرفة وانتهى الموضوع.
استشاط غضبا على اسلوبها البارد والجاف بحديثها معه، وجلوسها هكذا جامدة وهو من يشتعل حريقا بسببها، فما كان منه سوى أن يؤلمها بقدر ما هي تؤلمه.
- يعني تبين تقولين انهم عارفين إنج حرامية وطمعانة بالفلوس؟؟.
- حمدان.. ماله داعي لهذا الكلام!!.
قاطعته الجدة بعدما استشعرت بأنه سيخطأ بحديثه أكثر ما هو غائص به لحد عنقه.
- وبعدين أظن انك مالك شغل فيها بعد ما طلقتها، ويلي صار بينكم انتهى وخلاص، وكلن راح بطريجة.
ازدرد لعابه بصعوبة وجملة "كلن راح بطريجة" لم يستطع هضمها، أجل.. هم قد انتهوا ولم يعد له حقوق عليها، لقد صارت حرة، وهو كالأحمق يقف أمامها ويعلن عن اهتمامه بها، إذا لما يشعر بالغضب؟؟.. لما ذلك الاحساس بداخله يشويه ويجعله غير قادر على اطفاء ناره؟؟.. هو لا يريد أن يؤذيها، لكن رؤيتها بهذا الشكل يجبره على رميها بسهامه، ما به؟؟.. أولم يرد أن يطلب السماح منها؟؟.. لكن ما الذي يحدث له؟؟... فهمس بعدها بجمود بعكس ما بجوفه من عواطف:
- صح.. كلامج صحيح، احنا انتهينا.
فتراجع للخلف خطوة ثم عاد وبزق جملة جعلت جوفها يتلوى وجعا:
- بس خلوني أنبهكم على شي وأبري ذمتي، انتبهوا زين لنفسكم، الحرامية كثروا هذي الأيام، وانتبهوا لا يغافلونكم من ورى ظهركم.
وغادر مغلقا الباب خلفه بكل هدوء بعكس ما بداخله من أمواج عاتية، وترك خلفه امرأة تتلضى بسهام حروفه.
- لا تاخذين على كلامه يا بنتي، هو معصب شوي ولما يهدي...
قاطعتها عنود مشيحة بيدها قائلة:
- ما عاد يهمني يا يدوه، معصب مب معصب ما عاد يفرق عندي، هو خلاص انتهى من حياتي وما عاد له وجود.
- لكن يا عنود!!.. انت عارفة واحنا عارفين...
وكان الحديث هذه المرة من العمة لتجيبها عنود بكل ثبات:
- لا يا عموه، هذا الشي ما راح يفرق بشي، ويلي بينا انتهى وما راح أتراجع عن كلامي شو ما صار.
- بس.....
أوقفت الجدة العمة عن الاسترسال بحديث لا طائل منه، فالجرح مازال يتقيح ولم يشفى بعد، فقالت بحكمتها المعهودة:
- ولا يهمج يا بنتي يا العنود، ما عليج من حد، لج بنفسج ودراستج وبس، وغير جذا لا تفكرين فيهم، وألحين لما عرف حمدان انج ساكنة هنا مب خلاص خلي الكل يعرف انج بخير؟؟.
لتكمل العمة:
- صح كلامج يا الغالية، اختج آمنة بين فترة وفترة تتصل وتسأل عليج، المسكينة دموعها ما وقفت، وقلبي متقطع عليها، حرام ارحمي حالها!!.
واستطردت الجدة مكملة:
- وبعدين لازم تروحين وتطالبين بحقوقج وما تتركين لهم شي.
امتقع وجهها عندما تحدثت عمن كان والدها لتهمس بوجع ظهر على ملامحها:
- ما بي شي منه يا يدوه، ويلي كان يهمني راح وخلاص، والباقي أشياء أبدا ما كانت همي.
- لا يا بنتي انت غلطانة!!.. هذا شقى أبوج وورثه لكم، وما يصير تتنازلين عنه لناس ما كانوا كفوا يحافظون على أهل بيته.
تنهدت بقلة حيلة وما قالته الجدة صحيح، لترفع رأسها إليهم سائلة:
- طيب.. وش المطلوب مني؟؟.
لتقول العمة:
- محامي شاطر وهو يتكفل بكل شي ويرد حقوقج.
فهزت رأسها موافقة، فكما وعدت نفسها لن تسمح لأي شخص بسلبها ما يخصها.
************************************
رنين الهاتف طغى بنغمته بغرفة الجلوس، وما أن سمعه حتى هب راكضا فوق السلالم يجتازها بخطوتين كبيرتين، وعندما شاهد شقيقه قادم لرفع السماعة صرخ به:
- أنا يلي برد على التليفون.
استغرب سعود لهفة شقيقه منصور للاجابة، ليسارع الآخر قائلا وهو يصل عنده:
- أنا أتريا حد يتصل فيني!!.
ليستغرب شقيقه الأمر، وتساءل:
- يتصلون على تليفون البيت!!... وليش؟؟.. تليفونك وينه؟؟.
فرك ذقنه بحيرة ثم قال:
- ها... تليفوني موجود، بس...
ضيق سعود جفنيه وهو يناظر شقيقه المرتبك، والآخر توترت أعصابه من تحديق شقيقه به ومن رنين الهاتف الذي طالت نغماته وبالتأكيد صاحبه سيمل الانتظار، ولكن ما حدث بعدها جعل قلبه يسقط تحت قدميه، فشقيقه رفع السماعة وأجاب، وعيناه ما تزال تلتقط خلجات شقيقه المتوترة.
- ألو....
سكت وبعدها أجاب، وجعل قلب الآخر يهفوا لبارئه:
- أهلا يا ولد الخال، شخبارك؟؟.. وشعلومك؟؟.. احنا الحمدالله كلنا بخير.
أنصت سعود للطرف الآخر وأدار رأسه للناحية الأخرى بعيدا عن عنه ليتنهد شقيقه براحة ومن ثم جلس باسترخاء.
- ها... منصور!!.. هيه موجود، بس ليش ما اتصلت على تليفونه؟؟.
سكت ومن ثم أجاب وعيناه تسترخي براحة:
- تليفونك ضاع وقلت لمنصور انك راح تتصل فيه من تليفون البيت إذا بغيت شي، لا هو موجود، هذا هو يالس عندي، يلا حياك مع السلامة .
ودفع السماعة لشقيقه الذي ناظره بحاجب مرفوع كأنه يقول:
- ها... إطمنت ألحين؟؟
وتركه وانطلق لغرفته وظل منصور يتحدث مع ولد خالته لفترة وعقله مشغول بمن أخلفت بالاتصال، فقد طالت الفترة ولم تعد لمهاتفتهم وتساءل... هل هي بخير؟؟.. هل والدتها منعتها من استخدام الهاتف؟؟.. أم أنها لم تعد تبالي بالاطمئنان على شقيقتها؟؟.
أسئلة دارت بذهنه ومن ثم عاد من شروده وأغلق الهاتف بعد أن تواعد هو وابن خالته على الالتقاء بأحد الكافيهات ليلا.
جلس لبعض الوقت وانشغل بهاتفه الخليوي إلى أن رن الهاتف مرة أخرى ليجيب بسأم وعيناه تجري على شاشة الهاتف:
- ألو...
- السلام عليكم.
اعتدل بجلسته ما أن سمع ذلك الصوت الرقيق والطفولي وأجابها وقلبه يدق بشكل غريب لم يوليه أي اهتمام، وابتسامة تشدقت به شفتيه ولم يشعر بها، وأجاب:
- أهلا آمنة شخبارج؟؟.. وينج؟؟.. قلتي بتتصلي وما اتصلتي؟؟
وفي الجهة الأخرى ابتسمت بخجل وأجابته بهمس:
- أصل ماما ما كنتش بتخرج من البيت فمأدرتش أتصل، انت ازيك؟؟.. عامل إيه؟؟.. والعيلة كلها كويسة؟؟.
ارتاحت أساريره عندما اتطئن عليها، ثم أجابها:
- كلنا بخير وما فينا إلا العافية.
سكت الاثنان ولم يعرفا ما يقولانه إلا أن همست:
- ما عرفتوش حاجة عن عنود؟؟
- لا ما عرفنا شي، بس إن شاء الله ما عليها شر.
- إن شاء الله.
وعادا للسكوت ولم يدريا بأن قلوبهما قد نبضت وتغيرت وتيرتها، وأن الأرواح تهامست وتناجت بلغة لم يعرفوا بوجودها بعد، فقالت بعد فترة بصوت خفيض:
- طيب.. كدا أنا حقفل السكة.
فسارع رافضا:
- لا.. لا تسكرين!!.
- ليه.. في حاجة؟؟
- ها... لا ما في شي بس انت شخبارج؟؟.. وشلون الدراسة معاج؟؟.. وانت بأي صف؟؟.
طال الصمت من الجهة الثانية، فاعتقد بأنها لا تريد الاجابة، وأنه قد تعدى حدوده.
- أنا بأولى ثانوي والدراسة كويسة .
أراد أن يطيل سماع صوتها الذي تغلغل بداخله وأنعش فؤاده، لكنها بخلت عليه إذ قالت:
- أنا لازم أروح دلوأتي، شكلها ماما جت.
فهمس بغيض:
- وهي شو يلي جابها ألحين؟؟.. ما عرفت تتأخر شوي!!.
- بتؤول حاجة؟؟
- لا.. لا.. ما في شي، قاعد أكلم حد عندي.
- طيب مع السلامة.
- عاد لا تقطعي، واتصلي يمكن يكون في خبر وأنا ما عرف أي رقم علشان أتصل لج فيه.
- أنا معنديش تليفون، ولكن ححاول اتصل، مع السلامة .
- مع السلامة .
وسمع صوت طنين إغلاق الهاتف من الطرف الآخر ليتنهد بضيق ويضع السماعة بمكانها، وبعدها نهض ملتفتا ومغادرا وشيء ما قد حدث!!.. شيء لا يعرف ما هو قد أصابه، ولكنه ولى هاربا منه، فالمجهول دائما مخيف، ولو كنت تعلم المستقبل يا منصور لقلت له أن تمضي أيامه بسرعة كي يحل عليك ما هو أنت موعود فيه.
*********************************
عادت الجدة وأم سالم للمنزل بعد أن اطمأنوا على عنود، وأيضا قد شارفت الشمس على المغيب.
دلفت خديجة إلى غرفة الجدة وساعدتها بالجلوس على سريرها وخلع عباءتها، ومن ثم خلعت الجدة برقعها ووضعته بكل حرص على الطاولة القريبة من السرير والتفتت لزوجة ابنها عندما همت بالحديث:
- تتوقعين إن حمدان راح يمرر يلي صار على خير؟؟
ضربت الجدة بعصاها الأرض ثم اتكأت بذقنها عليها وأجابتها بابتسامة مشرقة وعيون براقة:
- لو سواها راح يطيح من عيني وبتكون العنود ما تسواه وتستاهل يلي أحسن منه، ولو كان مثل يلي في بالي ويلي جفته بعينه راح يعرف قيمة الجوهرة يلي عنده، بس راح يتعب شوي علشان ينولها.
جلست خديجة بجانبها وسألتها باهتمام وأمنية تتمناها:
- يعني تعتقدين إنه بعده يحبها؟؟
شخرت الجدة بصوت عالي وأجابتها:
- لو كان ما يحبها كان ما قعد لين ألحين يدورها، خلينا نقول إنه حَسب نفسه إنه غلط بحقها لما طردها من البيت بالليل وبعدين أبوها طردها علشان كذا كان يدورها، ولو كان ما يحبها، طيب لما عرف هي وين ليش يعصب؟؟.. كان يقدر يعرف إنها بخير وخلاص يبري ذمته منها وكل واحد يروح فطريجة.
وأكملت الباقي بشرود:
- هو بس ما يعرف إنه يبيها، هو ينكر لأنه مب عارف وراح يعرف، لكن متى ما أدري!!... بس إن شاء الله ما يكون متأخر.
- ليش تتوقعين عنود تتزوج حد ثاني؟؟
- البنت حلوه وما عليها عتب فأي واحد يبيها .
- بس يا الغالية انت نسيتي ولا شو؟؟
- لا يا بنتي ما نسيت وإن شاء الله هذا السبب يكون برجعتهم!!.
هزت العمة رأسها موافقة وهمست:
- إن شاء الله الأمور تنصلح بينهم .
ربتت الجدة على قدم زوجة ولدها وقالت بإيمان:
- خلي كل شي لربج يا بنتي، ويلي كاتبنه راح يصير، وما بئيدنا شي نسويه غير إنا نحاول نصلح بينهم، وإن جفناهم ميبسين راسهم خلاص نرفع ايدنا ونكون سوينا يلي علينا والباقي على رب العالمين.
لتهمس العمة بدعاء:
- الله يهديهم ويصلح حالهم ويهدي سرهم ويبعد عنهم الشر.
لتردد الجدة خلفها:
- آمين يا رب العالمين.
- طيب يا الغالية بتركج ألحين وبروح أصلي وبعدين بجوف الشغالات وشـ سوا عشى.
- وأنا بعد بروح أصلي وبريح شوي لين وقت الأكل.
وغادرت العمة تاركة الجدة تصلي وتدعوا لله أن يأخذ بيد اثنين من أطفالها قد فرق بينهم الشيطان، واتجهت العمة لغرفتها وهي تتفكر بعدة أشياء، ودخلت لجناحها بهدوء ومن ثم سارت لغرفتها وهناك تهادى إليها صوته يتحدث، وعندما اقتربت أكثر اتضح فحوى الحديث لتستند بالجدار بصدمة والحقيقة تصفعها بشدة توقظها من الغيبوبة التي وضعت نفسها بها كي تحمي روحها من الألم، وأيضا تحمي الباقين من سقوطها الذي سيكون قاسيا على الجميع، لكن إلى متى الهرب؟؟.. وإلى متى ستحجب نفسها عن الحقيقة المجردة التي كانت تمر أمامها كأنها لا تراها؟؟.. وهاهي الآن تخبرها بأنها قد اكتفت وآن لها أن تعترف بوجود أنثى أخرى تشاركها بزوجها .
- ابتسام.. أنا موقلتلج لا تتعبين نفسج؟؟
زفر بضيق وهز رأسه برفض لحديثها:
- يا ابتسام، الدوارة بالمحلات ماهو بزين لصحتج، والدكتورة قالت لازم ترتاحين بشهور الحمل الأولى.
وضع كفه على خاصرته وملامحه توشك على الانفجار من عدم مبالاة زوجته الصغيرة على طفله المنتظر، والتفت متحركا وهو يحادثها:
- اسمعيني زين يا ابتسام، إن صار شي لولدي......
وألجمت باقي جملته من الخروج، وعيناه تلتقط معشوقته وهي تنحني بانكسار تاركة الرياح تهزمها هذه المرة، لتناظره بعيون قد غشيتها دموع القهر والانهزام.
يا ألم.. أحببت أن أسلك سؤالا.. لما تؤلمنا؟؟.. لما توجعنا وتعتصرنا لحد لفظ أنفاسنا الأخيرة؟؟.. أتحب رؤيتنا نتلوى بحرقة قلب؟؟.. أتبغي التلاعب بنا فقط لمجرد اللهو والمرح؟؟.. لما؟؟.. لما؟؟.. أجبني أرجوك!!.
لتصلها قهقهات ساخرة، عالية، مستهزئة، لتناظر للأمام وتراه يجلس على كرسي كبير وضخم ورجله فوق الأخرى وأجابها:
أنتم البشر مخادعون بالفعل!!.. وتحبون التخلص من غباءكم برميها على غيركم، أتتهموننا نحن بما يصيبكم من عذاب وأنتم سبب وجودنا؟؟... اتتهموننا بأننا نفتتكم وننثر رماد محرقتكم؟؟.. وأنتم من تتسببون بهذا لأنفسكم!!.. لا ياصاحبي، لا تتهمني اجحافا وأنتم من تصنعوننا، تذيقون أنفسكم الويلات وتتفرجون عليه وهو يقاسي وتأتون وتتساءلون لما نتألم؟؟.. أنتم السبب وبيدكم الحلول، فلا تلتفت وتبحث عمن ترمي عليه بأخطاءك.
حرك فمه دون أي قدرة لإخراج حرف واحد يبث من تقف أمامه القوة وهو يراها تخنع وليس بقادر على منع انحناء ظهرها.
جفاف قاتل قد أصاب حنجرته، وأحبال صوتيه قد أخرست كما الأبكم، وكم تمنى بتلك اللحظة بالفعل بأن يصاب بالعمى كي لا يرى هذا المشهد أمامه.
فهمست وخرج صوتها كمن اعتكف الحديث منذ دهور:
- مبروك...
ولم تزد حرفا واحدا وتحركت مغادرة بعد أن حدجته بنظرة أخيرة وخرجت تعلن الحداد على حب قد حان أوان تقاعده .
ولم يستطع منعها وكأنما صار تمثالا لا قدرة لديه على الحركة، وعندما رحلت حتى سقط جسده للخلف بوضعية الجلوس على السرير وعيناه ما تزالان تعانقان مكانها الخالي كما حياته التي ستصبح خاوية من حب عشعش وتمكن من كل مكامنه.
فكيف لمن واضب على الشرب من ينبوعه العذب أن يعيش بعد أن نضب نبعه؟؟.
*******************************
يدور ويدور وكأن العالم لا يكفيه دوران الأرض حول نفسها، ولا حول الشمس، فبداخله نار تحرقه وتكويه وتصهره، فيزمجر غاضبا لشيء لا يعرفه!!.. بداخله أعاصير من الرغبات تفتك به، لهذا يتساءل.. لما الغضب؟؟.. لما هذا الجنون الكاسح برغبته بالامساك بها من رقبتها وازهاق روحها حتى تلفظ أنفاسها بين يديه؟؟.. والرغبة الأخرى تقتله!!.. فهو يريد قتلها، لكن بطريقة مختلفة كليا عن الرغبة الأولى، فكل ما يتمناه أن يقبلها ويقبلها إلى أن يكتفي من شهد عسلها، ويحتظنها بين ذراعيه وأن لا يتركها أبدا.
- صدق إنك غبي وما تتوب، يعني بعد كل يلي سوته فيك، بعدك تبيها؟؟.
عاد يزمجر وينفخ كما التنين الهائج وهو يتحرك بغرفته جيئة وايابا إلى أن توقف أمام المرآة وناظر نفسه ليجيبها:
- أنا أبدا ما أبيها، أنا معصب بس علشان إنها قدرت تغش أمي وعمتي.
لتشخر صورته مستهزئة:
- تكذب على مين انت؟؟.. انت بعدك تبيها وخاطرك فيها.
- لا.. أنا ما بيها، ليش قلة البنات؟؟.. في غيرها أحلى.
- نعم في غيرها أحلى منها بوايد، لكن خلني أسألك.. في حد عنده مثل شعرها؟؟
أغمض عيناه وهمس وهو يتخيل شعرها الأسود الطويل يغطي وجهه ورائحته العطرة تتغلغل لرئتيه:
- لا.. ما في.
- طيب في حد عنده عيون مثل عيونها الخضرة؟؟.
تذكر عقيقها المخضر وهو يشع باثارة عندما يقترب منها ينوي شن هجومه عليها، ليجيبه وقد ثارت أنفاسه:
- لا..
- وشفتها.. جفت أي وحدة من البنات عندها نفس شفاتها؟؟
اجترح أنفاسه بصعوبة وصدره بدأ يرتفع وينخفض وهو يتخيل شفتيها تتحركان بحركتها المثيرة تلك، ليهمس بصوت حمل الأنين:
- لا..
وعندما هم باكمال مدحه لها حتى انتفض من زوبعة خيالاته الجامحة وهو يصرخ لنفسه:
- لا.. لا هي خاينة وما بيها!!.. هذي هي عايشة حياتها بالعرض والطول وما اهتمت تطمن حد عليها، وحقيقتها طلعت من لما جافتني، ولا حست فيني، بالعكس طردتني من بيتها وحياتها لأن خلاص حصلت الممول من مكان ثاني.
- ليش تظلمها؟؟.. والدليل بين ايدك.
أشاح بوجهه بعيدا عن روحه العاتبة وحادث نفسه بصوت عالي:
- هي خلاص ما لها مكان بحياتي، ولازم أبعدها عن أهلي قبل لا تجرحهم!!.. هم ما راح يقدرون يتحملون الوجع، وأنا أقدر أتحمل.
وقرار قد أتخذ، واصرار بالتنفيذ، وحكم قد وقع وبقي التنفيذ، وغدا موعدهما، فالليل قد أشفق لحالها، فالبرغم من قناع القوة الذي تلبسته وهي تحث نفسها على النسيان والتجلد بالصبر وأن الزمن كفيل بمداواة جروحها إلا أن بداخلها ما تزال تئن وتبكي، ولكنها تتأمل خيرا، ولكن لو تعلم بما ينتظرها لكانت بالفعل قد اختارت الفرار من قيد أبدا لن تستطيع الفكاك منه حتى لو أرادت هي ذلك.
***********************
الحياة تدب هنا وهناك، وشمس الصباح تبزغ معلنة عن يوم جديد وقرارات جديدة وأهداف وضعت نصب الأعين .
تقف مع صديقاتها وتتباحث معهن بشأن البحث المطلوب منهن..
شهد تتأفف من كمية الواجبات والدروس المطلوبة، وميثة تبتسم لها بهدوء كما المعتاد، وما هي لحظات حتى التقطت شهد صورته تتجه ناحيتهم بهيبته ووسامته فحركت حاجبها للأعلى والأسفل وقالت بمكر:
- أقول.. جوفوا مين ياي صوبنا.
وماكادت عنود تسأل من هو حتى جاء صوته الوقور:
- السلام عليكم، شخباركم يا بنات؟؟
لتجيبه شهد بمرحها المعهود:
- بعدنا بخير ما متنا، ولكن شكلنا بنموت على جدام لو بقيتوا تعطونا كثر هذي الواجبات والامتحانات، حاشا.. يايين ندرس علشان نعالج المرضى ولا يايين علشان نموت قبل لا نعالج حد؟؟.
وضحك الجميع من حولها على مزحها حتى عنود لم تقدر سوى أن تقهقه لما قالته صديقتها حتى التفت إليها خليفة منجذبا لضحكتها الرنانة التي سلبت لبه ليضحى قتيلا تحت قدميها، وكم تمنى لو ترضى به ليغرق بين خيراتها، ودون شعور منه همس باسمها:
- عنود...
واستطرد بعشق نطقت به مقلتيه وترجمتها شفتيه وهو يقول بوله:
- عنود.. ودي أتكلم معاج بموضوع شخصي إذا ممكن؟؟
ولم تكن قد خرجت من مود استمتاعها حتى التفتت إليه وناظرته بفرح وأجابته بابتسامة مشعة وبحركة شفتيها المثيرة:
- ليش؟؟.. بغيت شي؟؟.
ولم يكد يجيب حتى هدر فوقه طوفان هائج قد تكون منذ أن استيقظ، وكبر وهو يسير بالطريق من منزله لشقتها ليعلم بأنها تذهب للجامعة، فانطلق واللون الأحمر يموج أمامه دلالة الاستعداد للمعركة، وازداد هيجانا وجنونا ليغدوا كما يوم عاصف غدى شديد الحلكة والعنف وهو يراها تقف مع رجل يكاد يلتهمها وهي تقف باستمتاع لنظراته الولهانه.
- وش بغيت من حرمتي؟؟.



 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 01-01-17, 05:55 PM   المشاركة رقم: 134
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

الفصل الرابع والعشرون............

أتعبتني وما صرت أعرف ما تريد!!.
أتريد البعد أم القرب؟؟.. أم هي حالة دكتاتورية؟؟.
أنتم صنف مفرطون بالغرور، والتملك تعتقدون أنه من نصيبكم.
اتهمتني وانتهينا، وبحكمك قد مشينا، فليما تعود وتطالب؟؟
وجودك حولي يغضبني!!.. وتسلطك هذا لا أفهمه؟؟.
لكنك أخطأت!!.. وبتجبرك تعلن الحرب، فإليك ما لدي....
ابتعد ولا تعد، در وارحل، فلم يعد لديك مكان بجانبي.
( عنود)

بالفعل إننا لا نعلم بغيب الأمور، وأن بكل يوم لنا حياة جديدة، وبكل نهار حكاية، وعنود لم تعلم بأنها ستخضوض اليوم معركة دامية، فيومها بدأ كالمعتاد... استيقظت، صلت ورتبت غرفتها وأغراضها البسيطة، وتناولت فطورها السريع، واستقلت سيارتها.
روتين اعتيادي بكل يوم، لكن الآن.. وهي تقف وترى ذلك العملاق يقف كما المارد فوق رؤوسهم وبداخل عيناه تنطلق شرارات قاتلة وبالتأكيد كانت تنطق بالموت!!
- وش بغيت من حرمتي؟؟
جملة صدمتها ولم تستطع هضم حروفها، وعقل تشتت بفعل كلمة واحدة، ورددها ليستوعبها:
- حرمتي.. حرمتي...
وما كادت تعترض حتى شعرت بأنها تختفي خلف جسده الضخم، وتساءل خليفة بغضب وهو يرى هذا الرجل العملاق يتدخل فيما لا يخصه:
- منو انت علشان تدخل بينا؟؟.
تأمل حمدان الرجل الواقف أمامه بتفحص كامل ليشتعل فتيل باروده، واحمرت عيناه نتيجة الجنون الذي تلبسه من أفكاره السوداوية بمن يمكن أن يكون، ثم أعلن عن حضوره بصوته الجهوري ملفتا الأنظار إليه:
- ما يهم أنا منو؟؟.. المهم انت وش تبي منها؟؟.. وش هو الكلام السري يلي بغيت تقوله؟؟.
تحركت عينا خليفة باحثا عمن اختفت خلف هذا المارد حتى عادت مقلتيه وقد شع سواد بؤبؤية بلمعة القتال.
- اسمحلي يا خوي، أظن هذا شي ما يخصك علشان تدخل فيه، وعنود هي صاحبة الراي وهي يلي لها السلطة تتكلم معاي أو لا.
استشاط غضبا على رده الوقحة وبنطقه لاسمها مجردا، فجز على أسنانه محاولا تمالك نفسه من الانقضاض عليه وتحطيم أنفه الذي يشمخ به، وقال متهكما:
- اسمحلي يا خوي، أظن ما في شي ينقال هنا، و....
- انت يلي شو تبي؟؟
قاطعه صوت محمل بشحنات سالبة ليس صادرا من أمامه بل من خلفه، وعندما استدار شاهد حجرين من الزمرد الأخضر يبرق بعاصفة هوجاء توشك على فك زمام ما تحمله بداخلها، ووجه محمر من شدة ما تكبته من أعاصير.
كانت فاتنة ومبهرة للنظر، وكل هذا الجمال ناظره الجميع، فما كان منه سوى أن عاد الشرر يتقاطر معلنا هو الآخر عن بداية الحرب، وهسهس لها:
- أظن إن المكان ما يناسب علشان نتكلم فيه.
وقفت تناظره بشموخ وعدم خوف، وقالت بصلابة وثبات دون أن ترمش فما عاهدت فيها نفسها ستفيها حتى لو كان على حساب قلبها:
- ما في كلام بينا علشان ينقال، ولو سمحت ارجع في طريقك!!.
ارتجف جسده بانفعال شديد لردها عليه باسلوب قاسي لم يعهده عليها هكذا من قبل، لطالما كانت تجيبه باستفزاز، لكن هذا كان مختلفا جدا.
- أظن سمعت عنود وشقالت، ممكن تروح ألحين هذا مكان محترم.
لم يسمع جملته فكل ما التقطته أذنيه همسه لاسمها مجددا، وفكرة أن رجل آخر تلذذ بنغمة اسمها، ثارت شياطينه وانفجر البركان مخرجا ما بداخله من حمم حارقة ستحرق شخص واحد.
التفت حمدان ممسكا خليفة من دشداشته وهمس بفحيح مرعب:
- لا تقول اسمها على لسانك!!.
وبدأ يكيل عليه اللكمات الواحدة تلو الأخرى، وانتشر الصراخ بين الجميع، والهتاف من بين الجمهور، ولم يكن خصمه بالسهل فما أن انفكت صدمته حتى استجمع قوته وانقض على الرجل الغريب بوابل من قبضاته السريعة، والتحمت جبهتان متقاتلتان لهدف واحد ألا وهو نيل شرف الأميرة!!.. وهي وقفت بعيون جاحظة تنظر للاشتباك الجسدي بين رجلين، لم ترى بحياتها أشخاص يتعاركون، فما بالك أن يكون هذا من أجلها!!.
سحبتها صديقتيها للخلف خوفا من لطشاتهم، وظلت تراقبهم إلى أن فضت المعركة بسبب رجال الأمن، راقبته باندهاش... ملامح وجهه مكدومة، والدماء تخرج منه، ملابسه لم تعد ناصعة البياض كما يحب، وحمدانيته في مكان ما على الأرض، لم يكن هذا الرجل من أحبته هذا شخص آخر لا تعرفه!!.
فسارت بخطى ثابتة ناحيته وعيناها لم تحيدا عنه، فحاولت صديقتيها اثناءها، لكن لا مجال لردعها الآن، ووقفت أمامه وتأملت قسمات وجهه وهمست وعيناها تلتقط عيناه:
- ليش تسوي جذا؟؟
سكتت تنتظر ولم يجبها سوى لهاثه، فأعادت سؤالها بصيغة أخرى:
- وش تبي مني وانت يلي طلعتني من حياتك؟؟.
أشاحت بيدها باستفسار لا تعلم جوابه، وحيرة طفقت تنهش عقلها:
- أنا مب عارفة انت شو تبي؟؟.. مو انت طلقتني وخلاص، وقلت ما تبي تجوف ويهي وأنا سويت يلي طلبته، لكن انت ما التزمت بيلي تبيه.
صمتت تلتقط أنفاسها ثم تابعت بسخط وحنق أكبر:
- أنا يلي ألحين أطلب منك تبعد ولا تراويني ويهك، أنا يلي ما بي أجوفك، أصلا ما بينا أي كلام علشان ينقال.
واقتربت منه أكثر دون أن تشعر واستطردت بعيون مستشاطة بخضرة قاتمة:
- وإن قربت مني راح أتصل بالشرطة وهي يلي تتصرف معاك.
والتفتت مغادرة بعد أن التقطت حقيبتها وكتبها واستقلت سيارتها باتجاه شقتها وبقي هو بمكانه دون حراك والجميع قد انفض من حوله وعادوا لروتينهم .
ناظر الأرض ثم ناظر ملابسه المغبرة وأخذ ينفضها ويتساءل بصدمة:
- وش صار فيني؟؟.. أنا ليش سويت جذا؟؟.. أنا بعمري ما تضاربت مع أي أحد، وألحين على هذا العمر أسويها، ولا.. علشان منو!!.
سكت ولم يدري ما هو التفسير لما يحصل معه، فبداخله نار تكويه وتحرقه ولا يعرف لها سبب، ولا يعلم كيف يطفئ لهيبها المستعر!!.
رفع رأسه للأعلى وشاهد غريمه يقف أمامه ويناظره وحاله لم تكن بأحسن منه.
- لما انت تبيها وتغار عليها ليش طلقتها؟؟..
وتحركت عيناه للجهة الأخرى ليطالع محدثه وكانت صغيرة الحجم، لم يعرف من هي، ولكن يبدوا أنها تعرف عما تتحدث.
شخرت باستهزاء وتابعت دون أن تبالي بصديقتها ميثه وهي تسحبها من ذراعها وتمنعها من اكمال ما تريد قوله:
- يعني مطلقنها وياي تطالب بشي ما يخصك؟؟.. عنود ما عادت تخصك!!.. ما هي بملكك!!.. ومالك حقوق عليها علشان تعاتبها، كلمت هذا ولا كلمت غيره انت ما يخصك، ما في شي يربطكم مع بعض.
كلماتها طعنته بالصميم، وشعر بروحه تتمزق دون أن يعرف لها سبب ما بها، وما به صدره يؤلمه ويعتصره؟؟.. هل هو مريض؟؟.. هل هذه بوادر الأزمة القلبية؟؟.. وتلك الصغيرة لم ترحم حاله، فقد زادت من وجع خافقه لترديه قتيلا:
- دام انكم مطلقين وَعَدت شهور العدة فمالك حقوق وهي تقدر تتزوج وتعيش حياتها مع ريال يقدر قيمتها، وانت روح في طريقك يا ولد الناس والله يسهل عليك.
وبالفعل سار وغادر ليس من أجل ما طلبته منه بل هربا من سهامها المسممة بكلامها الذي لم يستطع ابتلاعه وتجمد ببلعومه مانعا اياه من التنفس، واحساس فضيع بأنه يغرق ويغرق ورئتيه توقفتا عن العمل عندما لم تحصل على حاجتها من تلك الذرات الصغيرة التي تجعلها من كائنات هذا العالم.
***************************
الاختبارات تأتي على عدة أشكال.. منها ابتلاء بالصحة، وإما بالمال، وإما بالأنفس، وإما البنون، وهنا يرى الله سبحانه وتعلى عباده هل يشكرونه ويحمدونه على نعمه مهما تكالبت عليهم الهموم، أم أنهم ينسونه وينسون أنه هو فارج الهم، والقادر، والكريم، والمعطي، وبيده كل شي؟؟.
علينا أن لا ننسى بأن ما ضاقت إلا وقد فرجت، وأن لكل مشكلة لها نهاية، علينا فقط أن نتمسك بايماننا بأن الله معنا وأنه لن يتخلى عن عباده، علينا فقط بالتوكل إليه فمن يعلم الغيب سواه.
هذا ما كانت تلهج به الجدة من شكر وثناء لله بالرغم من أنها ترى حال عائلتها المتردية، لكنها تدعوا وتناجي ربها أن يحل الغمامة التي حطت برحالها على آل الكتبي.
تحرك مسبحتها وتناظر حجراتها وهي تتساقط واحدة تلو الأخرى حتى سألت من تجلس أمامها بجسدها، لكن عقلها وفكرها بدنيا غير دنياهم.
- عسى ما شر يا بنتي؟؟.. حالج ما هي عاجبتني هذا اليوم!!.
لا رد ولا اجابه، فعادت تناديها:
- يا خديجة يا بنتي...
فالتفتت الأخرى إليها تناظرها بعيون قد غشيها الألم، فتابعت الجدة:
- وكلي ربج يا بنتي، هو القادر على كل شي، واعرفي انه شو ما يصير فينا له حكمة هو الوحيد يلي يعرف شو هي.
وهمست العمة بعد أن طفق لؤلؤها النفيس يتساقط على وجنتيها:
- ونعم بالله يا الغالية، الحمدالله على كل حال، وعسى أن تحبوا شيء هو خير لكم وعسى أن تكرهوا شيء هو شر لكم.
- علميني يا بنتي وشصار فيج؟؟.. تركتج البارحة ما فيج شي وما غير سواد الليل وانت انقلب حالج ونمتي بغرفة ثانية.
أيضا لم تتلقى منها أي رد يشفي رغبتها بالمعرفة، فعادت تستفسر لعلها تصل للب المشكلة.
- ولدي حسن هو السبب، صح؟؟
فأشاحت العمة بوجهها بعيدا ودموعها هذه المرة هطلت بغزارة دون أن تقدر أن توقفها، وعلا نشيجها ببكاء حار موجع للروح والقلب التائهة في حب قد صار الآن يضيق الخناق على أنفاسها ولم تعد لديها القدرة على احتماله.
ضربت الجدة على صدرها بفزع وهتفت:
- واويلي على ابنيتي!!.. وشفيج يا الغالية؟؟
ونهضت بصعوبة بسبب كبر سنها، ولكن من أجل أحبابها تنسى ما بها، وجلست بقربها وسحبتها لأحضانها وتلك الأخرى كأنها كانت تنتظر هذا الحضن ليتلقفها ويحتويها لعله يخفف من مرارة طعم الغدر.
أحاطتها بذراعيها وهدهدتها بحنان وحب لهذه المرأة التي كانت كالابنة التي لم تلدها، واعتصرتها لصدرها تخبرها بأنها موجودة بجانبها ولن تتخلى عنها، وتركتها تفضي ما بداخلها إلى أن همست من بين بكائها:
- حامل... حرمته حامل يا يومه.
أغمضت الجدة عينها وعلمت أن ابنتها قد استيقظت الآن من شرنقتها، فهذا ما كانت تتوقعه أنه سيأتي هذا اليوم وتعترف بما أرادت عدم الاعتراف به.
- تعبانة يا يومه، حاسة اني بموت.
لتسارع الجدة قائلة:
- الله يطول بعمرج ويخليج لنا يا بنتي، لا تقولين مثل هذا الكلام.
وتنهدت غير عالمة ما تقوله لها سوى أن تصبرها على مصابها:
- " إن الله مع الصابرين" ما عليج غير الصبر يا بنتي، ووكلي أمرج لربج.
ابتعدت عنها خديجة وهمست بصوت مبحوح:
- اسمحيلي!!.. قاعدة أشكيلج على ولدج، بس أنا....
أخرستها الجدة ونهرتها:
- اتحملي تقوليها يا خديجة!!.. انتي بنتي وأبديج انت عليه وانت عارفة هذا الشي.
هزت رأسها موافقة وعادت تهمس:
- علشان كذا كان المفروض ما أشكيلج.
- انت حرمة أصيلة يا بنتي ومثلج ما في حد، وولدي غلط غلطة عمره لما جابلج عديلة.
أخذت أنفاسا عميقة وسؤال يحتم عليها نطقه:
- قوليلي قرارج يا بنتي وأنا معاج بيلي تبيه، وحسن شرط أخليه ما ينطق بحرف واحد ويسوي يلي تبيه وهو ساكت.
مسحت دمعاتها وأشاحت بوجهها بعيدا وهناك شاهدت أولادها يقفون بجمود وهم يرون حال جنتهم مدمر، فسارعت بمسح البقية من أنهارها وعدلت من هندامها، لكن إلا متى ستظلين يا خديجة ترتدين قناع القوة؟؟.. فأولادك لم يعود أطفالا كي تداري عنهم، ومن حق كل انسان أن يبدي ضعفه أمام من يحب، ويتكئ عليه بعز حاجته، فما فائدة الأولاد إن لم يعينونا بكبرنا.
وبصوت مشحون بالتعب والارهاق قالت تحاول استدعاء مرحها:
- ما شاءالله ،يايين من وقت اليوم؟؟
فسارع أولادها وأولهم منصور للركوع عند قدميها يقبلهما ويقبل يديها وهو يقول:
- لا تبجين يا الغالية، دموعج تعور قلبي.
وسارع الآخر سعود يركع وهو يقبل رأسها وكفيها.
- ما عليج من حد يا الغالية، وكلهم ما يسونج.
وجلس سالم بالقرب منها وطبع قبلة على رأسها ومن ثم احتضنها وهو يقول:
- اطلبي يا الغالية وطلباتج أوامر وتتنفذ على طول.
سكنت على صدر بكرها وأغمضت عيناها براحة وهي ترى أولادها حولها، هي ليس لوحدها، ويكفيها هم، لكن عليها أن لا تتعجل بأي قرار ستطلبه.
ابتعدت وربتت على وجنة ابنها بأمومة ومن ثم ربتت على رؤوس منصور وسعود وقالت بطلب:
- أبي أروح العمرة.
- تم
صرخ بها أولادها ونهض سالم ليتصل بأحدهم ويجهز كل شيء للسفر وأخذ اجازة من عمله العسكري، وعندما أراد سعود ومنصور التغيب من الجامعة كي يذهبوا معها اعترضت:
- لا حبايبي دراستكم أولى.
- انت الأهم يا يومه وغير ما يهم .
- لا يا منصور، دراستك حبيبي لازم تتابعها، وبعد عليك امتحانات.
وعاد سالم وجلس بجانبها وحادثها:
- حصلت حجز باجر يا الغالية.
هزت رأسها بالايجاب:
- أحسن... علشان أروح وأزور العنود اليوم وأطمن عليها قبل لا أروح.
فهمس الجميع بصدمة:
- عنود...
ليتساءل سالم بدهشة:
- انتوا لقيتوا العنود؟؟.. متى حصلتوها؟؟.. وين كانت؟؟.. وحمدان يعرف؟؟.
لتسارع والدته بالقول:
- هدي يا يومه وبقولكم كل شي.
وسردت عليهم ما حدث وهناك من بينهم قلب يتراقص طربا وفرحا لم يسمعه سوى صاحبه، وبلهفة سينتظر إتصالها على أحر من الجمر.
******************************
- صدق يا يدوه!!.. بنروح لماما عنود؟؟
- نعم يا بنيتي يا حنان، بنروح بعد آذان العصر، يكون انتو خلصتوا واجبات ودراسة.
صرخت حنان بفرح وأخذت تقفز هنا وهناك ثم احتضنت الجدة بقوة وهي تقبلها وتارة أخرى تصرخ:
- هيه... بروح عند ماما عنود.
وتحركت عينا الجدة ناحية الصامت وهذه المرة كانت هناك ابتسامة كبيرة تتوسد شفتيه، وملامحه تنطق بالبهجة والسرور واللهفة لهذا اللقاء الذي يشعر به كأنه مر عليه دهورا طويلة .
- تعال يا يومه يا عبدالله.
وأقبل إليها واندس بأحضانها يلتمس رائحتها بمن كان معها قبلهم.
حلت فترة المساء واستعد الجميع للذهاب.. الجدة والعمة والأولاد وهذه المرة لا يحتاجون للتستر أو التخفي كما اللصوص للذهاب، فقد ظهرت وأعلنت عن وجودها، فليس هناك داعي لأن تظل خلف الظلال.
ركبوا سيارة سالم وانطلق بهم ناحية منزل من كانت غائبة وعادت للظهور، لكن صاحبه من اختفى، فاليوم لم يره أبدا، والعمل لم يذهب إليه، وتساءل أين هو؟؟... وما هي خطوته التالية لاسترجاع زوجته؟؟.. أسئلة كثيرة دارت بخلده وهو يوقف السيارة تحت البناية التي تقطنها ليكتشف بأنه نفس المبنى الذي سكنته في بداية زواجهم، وتساءل لما لم يخطر في بالهم بأن يفتشوا عنها هنا؟؟... فقد كان اعتقادهم بأنها ستبتعد عنهم قدر استطاعتها وليس أن تكون قريبة منهم.
ساعد جدته بالترجل، والأطفال قد أصابهم الجنون وخصوصا حنان التي ظلت تستعجلهم بالسير والتقدم والسرعة، فشوقها كبير للقياها، ولهفة لا تصدق يعتمل صدرها الصغير لرؤية من كانت لهم الأم التي افتقدوها، والآخر ارتدى قناع البرودة واللامبالاة، لكن عيناه فضحتا أشواقه لمن احتوته وعانقت آلمه.
***********************
- يا شهد يا حبيبتي صدقيني أنا بخير وما فيني غير العافية.
أنصتت للطرف الآخر ثم أجابت بسخرية لاذعة:
- شو تبيني أسوي يعني؟؟.. أروح احضنه وأقول أنا راضية تسوي فيني يلي تبيه علشانك حلو.
تبرمت ثم تابعت :
- يا شهد، خلاص احنا انتهينا، هو طلقني وأنا كرامتي ما تسمحلي إني أرجع وأترجاه إنه يرجعني، ترجيته مرة لكن هو ما سمعني.
وشردت بذكرياتها لتتوالى عليها والألم يجتاحها وهمست:
- كسرني يا شهد وما سمعني!!.. سمعها هي وأنا لا.
هزت رأسها برفض وتابعت:
- ما راح أرجع له يا شهد حتى لو يا هو واترجاني.
استمعت حتى قهقهت دون إرادة بسبب مزاح صديقتها:
- والله إنج رايقة!!.. بس كلامج صحيح.. حمدان ما هو من النوع يلي يترجى، هو يطلب ولازم احنا ننفذ.
أشاحت بيدها كأنها تمسح صورته من أمامها واستطردت:
- المهم ما علينا، طرشيلي يلي درستوه اليوم على الايميل.
قوطعت وأنصتت وسألت باستفهام:
- استاذ خليفة!!.. وشفيه؟؟
تنفست بعمق ثم أجابت :
- لا يا شهد، أنا ما أنفع للاستاذ خليفة، وهو الله يوفقه مع وحدة ثانية تناسبة، والله يخليج انتهينا من هذا الموضوع وما عاد نفتحه مرة ثانية، وألحين أخليج، أسمع جرس الباب، هذيلا أكيد يدوه وعموه، مع السلامة .
وأغلقت الهاتف وانطلقت ناحية الباب تطلعت من العين السحرية ثم فتحته على وسعه ووقفت تطالع الصغيرين بعيون حانية ودموع منسكبة، وشوق كبير لطفلين كانا هبة من السماء لها ليسكنوا جراحها.
تأملت ملامحهما الغائبة عن ناظريها بعاطفة وأمومة مشتاقة ومحتاجة، فكل ما تحتاجه الآن من هذا العالم هو البراءة والحب دون أي مقابل.
ولم يكن حالهما بأحسن منها، فالمعاناه بادية على صفحة وجههما، ودموعهما تنزل أنهارا على وجنتين قد شاقت أيضا من بؤس الحياة،
فتحت ذراعيها على وسعهما فالانتظار صعب، والطوق للشعور بجسديهما يقتلها، ونادتهما بكل ما تكنه لهما من حب:
- تعالوا... اشتقتلكم وايد.
وانخفضت تحتضن جسدين ارتجفا بكاء، فبكت لبكائهما، وبكت على ما طالهما من أحزان، عانقتهما بقوة ليبادلاها العناق بأشد منه، قبلتهما تنعش قلبها بلقياهما، وما أحلاه من يوم عندما تعلم بأن أحدهم ينتظرك بصبر، ويذكرك بغيابك، ويكن لك كل الود والمحبة.
أبعدتهما بعد فترة ومسحت دمعاتهما ومسحوا هم أيضا دموعها.
- يلا ألحين ما في دموع بعد اليوم.
لتهمس حنان:
- إذا كنت بتروحين عنا ترانا بنبجي، فلا تروحين عنا.
ربتت على وجنتيها وهمست لها:
- لا حبيبتي أنا ما بروح أي مكان، وتعالوا زوروني متى ما تحبون.
لتعود حنان وتتساءل:
- يعني انت ما بتروحين معانا البيت؟؟
هزت رأسها بالنفي وأجابتها:
- لا حبيبتي، هنا صار بيتي.
ليقاطع عبدالله شقيقته من المتابعة بأسئلة يعرف أجوبتها ولا داعي لشقيقته معرفتها:
- خلاص يا حنان، متى ما بغينا نزور ماما عنود بييبنا عمي سالم ويدوه.
هزت كتفيها دون أن تبالي فما يهم هو أن ترى من صارت كالأم لها.
دخل الجميع للداخل وجلسوا يتحدثون عن كل شي، والطفلين التصقا بها باحثين عن أمان قد عاد إليهم، وحب عاد يتغلغل لروحهم معيدا لها الحياة، فما أجمله من شعور أن يكون هناك من يحبك ويتمنى لك كل الخير والهناء، ويدعوا لك من أعماق قلبه أن تنال كل ما تتمناه.

**************************************

طرقات الباب تعالت بالأرجاء لتفصل الجسدين المتلاحمين، وفزا من مكانهما والخوف قد تلبسهما.
- انت مش ؤولتيلي إن محدش حيجي اليوم؟؟.
- أيوه.. ما أنا تأكدت أبل ما أؤولك تيجي.
عادت الطرقات ترتفع فنهض بسرعة يرتدي ملابسه وهي الأخرى فعلت بالمثل، وحاولت ترتيب نفسها قدر استطاعتها، وخرجت تستطلع الأمر وسألت:
- مين على الباب؟؟
- ابتسام هذا أنا افتحي الباب، أحاول أفتح بس شكلج ناسية مفتاحج بقفل الباب.
خبطت خدودها وولولت بصمت وناظرت حبيبها بخوف وعندما عاد صوت زوجها إليها انتفضت بهلع:
- ابتسام... وين رحتي؟؟.
- ها.. أنا.. أنا هنا، بس استنى علي ثواني، أصلي... أصلي...
أخذت تبحث عن منفذ ليشير إلى ملابسها ووضع كفيه على خده لتصرخ:
- أصلي لبسة خالع، أغير وأرجع، ثواني بس.
وهمس صديقها بتساؤل:
- هو ليه بيندهلك بابتسام؟؟
تجمدت بمكانها ثم ما لبثت أن سارعت بالقول بهمس:
- هو حرام جوزي يدلعني؟؟
وظلا يتحدثان بالاشارة إلى أن أشار ناحية المطبخ للاختباء واندفع إلى هناك دون الانتظار، وعندما اختفى عن أنظارها اتجهت للباب وهي ترتب شعرها:
- أنا جية أهو.
وفتحته ليذلف حسن وقد ظهر الضيق على قسمات وجهه:
- كل هذا تلبسين يا ابتسام؟؟.. وثاني شي أي نوم هذا المغرب؟؟
ارتبكت وتلعثمت وعيناها تدور بكل اتجاه :
- أصلي... أصلي...
- وشفيج؟؟.. مالج مب على بعضج؟؟.. صار شي بغيابي؟؟.
- ها... لا.. لا يعني حيحصل إيه؟؟.. وأنا صيرة بنام بأي وقت أصلي بتوحم، وماما ألتلي شكل ابنك حيطلع مدلع.
ترك الأمر على ما هو عليه وجلس على الأريكة بتعب بدى عليه، وتوترت هي أكثر عندما شاهدت صديقها يشير إليها بأن تفعل شيء ليستطيع الخروج قبل أن تخرج روحه اجبارا على يد زوجها.
فسارعت تقول:
- شكلك تعبان يا حبيبي، ما تروح تريح شوي بالأوضة.
أغمض عيناه باعياء وتنهد بحرقة قلب لحبيبة قد ابتعدت عنه ولم تعد تطيق حتى رؤيته، والخوف من الفراق ينهش صدره، فلا قدرة لديه على بعدها، فكيف لحسن أن يعيش بلا خديجته؟؟.
فتح عيناه ليتطلع للمرأة الواقفة أمامه بكل جمالها وفتنتها، لكنها ليست بجمال زوجته الحبيبة، كيف استطاع الانصياع إليها؟؟.. كيف ترك شيطانه يقوده لهذا الطريق وهو من زهد من الدنيا واكتفى بما لديه؟؟.. صار الآن يقاسي نتيجة اختياره.
زفر أنفاسا حارة وساخنة ومرهقة، ونهض بتعب متجها ناحية غرفته، وما أن اختفى من أمام عينيها حتى أشارت بسرعة لخروج صاحبها، لكن ما هي إلا ثواني حتى تجمد الوقت والزمن، والقلوب قد سقطت من محلها عندما أطل حسن متسائلا عن شيء ما.

*******************************
يدور ويلف بسيارته دون أي هدف، فمنذ خروجه من جامعتها لم يعد لمنزله وهو بهذه الحالة المتردية والمتسائلة عما يحدث له، فالجهل كما يقولون نعمه، لكن بحالته الجهل بما لا يعلمه متعب جدا، وعقله يدور دون أن يخرج بأي نتيجة مرجوه لتريحه.
قاد سيارته ببطئ كما شريط حياته الذي يعاد إليه بحلوه ومره وكم كانت حياته بائسة إلى أن دخلت وغيرتها تماما، لقد أنعشتها وزلزلتها ولم تعد كما كانت من قبل باردة مفترشة بالأشواك، ليعود وينفي... لا.. هي مجرد أمور تحدث بين أي زوجين، لكنك كنت متزوجا من قبل يا حمدان؟؟.
ليعود الاحباط يصيبه بمقتل، نعم.. كان متزوجا ولم تكن حياته أبدا بتصاعد مستمر ومفاجآت لا تعرف من أين تأتيك، فتلك الصغيرة كانت كتلة من الفاجآت السارة بالطبع هذا مختلف، لكن ما هو المختلف؟؟.. ما يميزها عن الباقيات؟؟.
صداع فتك برأسه، وضيق اعتمل صدره، فأوقف سيارته بجانب الطريق وفتح النافذ لعل الهواء العليل ينعشه ويخرجه من دوامة مشاعره المتضاربة.
فسافر عقله بكلمة قد قيلت له... " غيور"
شخر باستهزاء، هو رجل غيور؟؟.. لا.. مستحيل هو لا يشعر بالغيرة من أجلها، هو فقط فعل ما فعله ليسترجع كرامته التي أهدرتها بوقوفها مع رجل آخر غيره... تخاذلت ملامحه، وتهدل كتفيه، فالمبرر لا يقنعه!!.
تطع للخارج ليرى الظلام قد حل، لم يشعر بالوقت وهو يمضي دون هوادة، فأفكاره كانت مشتتة لينظر لما حوله.
تلفت يبحث عن غايته ليرى هاتفه على الكرسي المجاور، رفعه ليرى كم من المكالمات من ابن عمه سالم، فسارع بالاتصال دون أي رغبة لديه بمحادثة أحدهم، لكن لربما يكون هناك طارئ ما.
- هلا سالم شو الأخبار؟؟.
أرجع رأسه للخلف وأجابه بعد فترة:
- أنا بخير، الأولاد بخير فيهم شي؟؟
وانتفض جالسا وهو يصرخ:
- شو تقول؟؟.. هم ألحين عند عنود!!.
ولم ينتظر أي اجابه بل أطلق العنان لسيارته لتحلق كما الصاروخ النفاث والهدف ينوي شن غارته لعدو يوشك على الفتك بأطفاله الصغار، فألا يكفيها ما تفعله به؟؟.. أتريد أن تؤلم صغاره أيضا؟؟
- والله والله ما أخليها حية!!.. كل شي ولا عيالي يا عنود!!.
وتناسى ونسي ما حث نفسه عليها أن يبتعد عنها قدر استطاعته، وشيطانه يتراقص أمامه معميا إياه عن الحقيقة من أنها من المستحيل أن تؤذيهم!!.. وحمدان العاقل يعلم ويعرف هذا، لكن هذا الرجل لم تعرف له هوية!!.. فكل ما يراه الآن.. هي تضحك بصوتها الرنان والرجال من حولها يتأملون جمالها ويكادون يلتهمونها وهي لا تمانع هذا.
ووصل بسرعة قياسة وانتبه سالم إليه متأخرا لركضه الجنوني إلى داخل البناية، فقد طلبت منه والدته أن يشتري لهم طعام العشاء ليتناولونه بالشقة مع العنود.
طرق الباب بقوة فسارع عبدالله لفتح الباب باعتقاد أنه عمه قد جاء بالعشاء، وما هي إلا لحظات حتى دخل كما القذيفة ناحيتها وأمسكها من عضدها وهدر بها كما الصاعقة بليلة ظلماء عاصفة:
- انت زودتيها وتعديتي الخط الأحمر يا عنود!!.. قلتلج من قبل إلا عيالي إلا عيالي!!.
وأخذ يهزها دون أي رحمة بحالها المصدومة من رؤيته بهذه الحال الغريبة، واتهامه البشع على أذنيها، وتحرك رأسها جيئة وايابا مع كل دفعه معه، حتى أصابها الدوار فصرخت الجدة ناهرة إياه ما يفعله:
- حمدان... انت جنيت؟؟.. اترك البنت، بتموتها!!.
وزعقت العمه أيضا وهي تنهض متجه ناحيته لردعه عما يقوم به:
- يا المجنون!!.. اترك البنت بتذبحها!!.
وصرخت العمة والجدة به، لكن الأوان قد فات وهم يرونه يدفعها من يده باتجاه الكرسي بدفعة قوية:
- حاسب.... الجنين.

 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 01-01-17, 06:00 PM   المشاركة رقم: 135
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

الفصل الخامس والعشرون.......
من أنا ومن أكون؟؟.. تهت وما عدت أعرف نفسي!!.
روحي شريدة، وأحاسيسي غريبة، وعاوطفي جديدة.
أتعبتني يا صغيرة وما عادت بي طاقة .
سحرتني بسهولك الخضراء، وأبحرت بين ثلوجك البيضاء.
أدمنتك.. وصرت دونك بلا حياة، وما عاد لي دواء سواك.
بشر أنا وأخطئ، ومعك أصير مختلف .
جننتني وما عدت أدور بفلكي، أرقتني وصرت هاجسي .
أيا كحيلة العين، يا زينة العود، يا الشهد المعسول.
صرتِ طيفا بخيالي، وأصبحت لا أنشد غير أنفاسك.
تهت بك.. ولم يعد لي طريق للعودة.
فاستعدي يا من سحرتني بشيء صار يتملك صدري.
فأنت لي، وملك يميني، وما عدت أريد التنحي.
( حمدان )
**************************
هل زارك ذلك الاحساس عندما تعلم أن بيديك تقتل روحك وحياتك؟؟..
لا.. أنتم لا تعرفون ذلك العجز الذي يغلغلكم باديا من الأعماق ثم ينتقل للخارج مقيدا إياكم وأنتم ترون أغلى الناس يفلت من بين أصابعك والسبب..."أنت".
قلبه توقفت نبضاته وهو يراها مسجاة دون حراك، واختفت أنفاسه باختفاء أنفاسها، فألا يقال أن الأرواح تتشارك!!.
العمة جزعة، والجدة مرعوبة، والأطفال انزوا بأحد الأركان وقد أخذت بهم الصدمة من رؤية والدهم بهذه الوحشية مع والدتهم، وهو وقف بجمود والجملة قد شلته تماما.
- عنود حامل... حامل بابني أنا.
هل يفرح أم يصرخ؟؟.. أم ماذا يفعل!!.. هو لا يعرف ما الذي يجب عليه أن يكون؟؟..
- عنود حبيبتي، عنود قومي الله يخليج!!.
وهتفت الجدة بلوعة:
- يا بنيتي يا العنود قومي، حسبي الله ونعم الوكيل!!.. الولد انجن وما عاد بعقله.
سكتت قليلا وتطلعت للفتاة الساكنة ومن ثم عادت تولول بصوت عالي باتجاه زوجة ولدها:
- يا خديجة.. سوي شي، البنت بتروح من ادينا!!.
- هدي يا يومه وخليني أجوف شو أسوي.
والتفتت حولها لترى من كان السبب يقف دون أن يبدي أي ردة فعل وعلمت من أنه لن يفيدها بشيء، وشاهدت والدها لتصرخ به:
- سالم.. تعال وجوف العنود وجفيها!!.
تقدم ناحيتهم لكنه توقف فجأة، فلا يستطيع أن يتقدم خطوة أخرى ناحية امرأة ليست بحلاله.
فتحرك ناحيته وأمسك بذراعه هادرا به:
- حمدان تحرك وجوف حرمتك وشفيها، أنا ما أقدر ألمسها.
وبالفعل شعر بالحياة تدب بأوصاله، وعيناه تلتقط هيئتها المصفرة.
تحرك ناحيتها فشعرت العمة بجسدها ينزاح وجسد آخر يحتل مكانها. جس نبضها أولا ليتنهد بارتياح، هي حية، ومن ثم أمر:
- أعطوني غرشة عطر .
والتفت يتطلع لما حوله وشاهدهم يقفون عند الزاوية وعيونهم جاحظة للخارج، فعدم التصديق بأن والدهم الحنون يفعل هذا فهو شيء لا يصدقه عقلهم الصغير!!.
أغمض عينيه بحسرة والندم يعتصر صدره على الحال المتردية التي أصبح عليها، لكن ليس هذا بوقته.
- عبدالله ... سير غرفة النوم بسرعة وجيب لي غرشة عطر.
ولا رد لطلبه فعاد يصرخ به هذه المرة ليوقظه:
- عبدالله بسرعة جيب لي عطر.
وترك شقيقته وانطلق سريعا كما الصاروخ للغرفة وبحثت عيناه بكل أرجائها باحثة عن الدواء الذي سيعيد له والدته الحبيبة، وهناك وجده، وجرى ناحيته متلقفا الزجاجة وساحبا معه باقي الأشياء وموقعا إياها دون قصد منه ولم يتوقف لينظرما فعله فحياتها بين يديه!!.
أسرع للخارج كما قلبه النابض بسرعة ألف واط، أهدى والده الزجاجة ليأخذها من يده ورش بعض منها على كفه ومن ثم حركه ناحية أنفها ودعاء بأن تستيقظ، لكن كل ما طالعهم هو سكونها الذي أرسل الرعب لقلوبهم المتعلقة بها، فما كان منه سوى أن طالب بعباءة وهذه المرة تحركت العمة وأحضرتها ليلفها حول جسدها ويغطي شعرها أين كان، وسارع بحملها واضعا إياها بالقرب من صدره ومحتويا بجسدها بين ذراعيه القويتين وانطلق بها للخارج، وبلحظة ضربه ادراك من أنه وللمرة الثالثة يحملها ويهرع بها للمشفى، وبكل الحالات كان هو سببها.
وضعها برفق بالمقعد الخلفي لسيارته وعيناه تعانق ملامحها الذابلة والشاحبة وهمس بالقرب من وجهها وظاهر كفه يلامس وجنتها المصفرة برقة:
- آسف يا العنود والله ما كان قصدي!!.. والله مب عارف شو صاير فيني!!.
وابتعد عنها ومقلتيه ما تزالان تشيعانها ثم أغلق الباب قاطعا التواصل ودار حول سيارته واتخذ مقعده وما كاد أن يدوس على عصى البنزين حتى فتح الباب المجاور له وصعدت عمته وأمرت بنبرة جادة:
- يلا بسرعة يا حمدان للمستشفى، وحسابك عسير بعد ما نطمن عليها وعلى الولد يلي في بطنها.
وقذفته بنظرات نارية ليشيح بوجهه للأمام وانطلق دون أن يضيع ثانية واحدة.
أما سالم فقد أشرف على الجدة والطفلين وسار معهم بخطى بطيئة بالرغم من أن الجدة حاولت قدر استطاعتها الاسراع إلا أن للسن أحكامه ولا تستطيع اختراق قوانينه، والطفلين كانا متشبثين ببعضهما وقد شحبت ملامحهما، لينطق سالم مزيحا الرعب من عليهما:
- لا تخافون!!.. العنود راح تكون بخير.
ولم يجيباه بل رفعا عيون قد تحجرت دمعاتها فعاد يقول بسرعة وهو يناظرهما من فوق رأس جدته:
- تذكرون لما طاحت من الخيل وخفنا عليها وايد؟؟
هزت حنان رأسها موافقة وهمست بخفوت:
- هيه... أنا أذكر.. لما حسبناها ماتت.
- نعم حبيبتي بس طلعت بخير، كسر بسيط بايدها وألحين هي بعد بخير بس أغمي عليها.
اقتناع بسيط لاح بالأفق، لكن الاقتناع الأصعب سيكون مع والدهم.
وصلا لسيارته وساعد جدته التي لم تتوقف عن الدعاء بحفظ ابنتها وحفيدها المنتظر باحتلال مقعدها، ومن ثم ساعد الطفلين بالصعود والتفت هو أيضا متخذا مكانه وانطلق ناحية المشفى وكان الصمت رفيق الجميع إلى أن همست حنان ببكاء مكتوم يوشك على اعلان نفسه:
- ليش بابا ضرب ماما عنود؟؟
وتطلعت الجدة وسالم لبعضهم وقبل أن تنطق الجدة لتدرئ الصدع الذي أنشأه والدهم بغفلة منه، هتف عبدالله ببرود أخاف الجدة وعمه:
- لأنه ما يحب حد يكون فرحان، يبي الكل يكون مثله زعلانين.
جزعت الجدة من رده وهتف سالم بصدمة وهو يناظره من المرآة الأمامية للسيارة:
- عبدالله .. انت شوتقول؟؟
سكت ولم يعقب على سؤال عمه وحرك عيناه يناظر المناظر الخارجية، لكن عيناه تتطلع لسيناريوا واحد حتى لو اختلف الزمان.....
اعتقاد رسخ بصغر سنه ولا يفقه من أمور الحياة شيء، ولكنهم غفلوا بأن الصغار قادرون على تخزين صور ومواقف حتى لو مرت عليهم السنون.
هو يتذكر والده ووالدته يتشاجران، ومن ثم قام والدها بطردها من المنزل واختفت من عالمهم منذ ذاك الوقت، والمشهد الآخر ولم يختلف الموقف سوى باختلاف المرأتين.... هو يطرد العنود من المنزل واختفت أيضا، وهذا وقد رسخ بداخله بأن والده قاسي القلب.

********************************
ينسون ويتناسون بأن الله يمهل ولا يهمل وأنه رحيم بعباده، فبالرغم من أخطائهم إلا أنه يعطيهم الفرص لتصحيح مسار حياتهم الخاطئ، فمن هو أرحم بعباده سواه، وهو الأحن من الأم بطفلها، فلما يا بشر لا تعتبرون؟؟.. لما لاتقتنصون الفرص بالتوبة إلا الله؟؟.. فكل شيء زائل، ونحن زائلون ويبقى هو الواحد القهار.
ألا يعلمون بأن هناك حساب وعقاب؟؟... فهيهات لو يعلمون ما ينتظرهم لكانوا قد ظلوا لله ساجدين غير راغبين باضاعة الوقت بشيء تافه، لكن ماذا نقول لمن طمست عيونهم وقلوبهم عن ذكره وتركوا للشيطان سبيلى؟؟..
تسلل سريعا راغبا بانقاذ روحه من الهلاك، وتلك الأخرى تحثه أيضا خوفا من وقوع مالا يحمد عقباه، وغفلوا بأن عيونه ساهرة لا تنام،
وبين غفلة ورمشة وسؤال وسقوط هاتفه على الأرض وهو يسأل:
- ابتسام.. شوصاير هنا بالغرفة؟؟... ووين الشغالة علشان ترتبها؟؟
وكانت ثانية بين الموت أو الحرية، رمى صديقها بجسده خلف الأريكة وبتلك اللحظة رفع حسن رأسه.
- ابتسام......
وتوقف بمكانه وعيونه تتابع ما حل بها من شحوب وعيون زائغة تخبره بأنها على وشك الانغلاق فانطلق ناحيتها قبل أن يسقط جسدها، ولكنه تأخر، فقد توسد جسدها الرخام فجثى بجانبها محاولا ايقاظها والهلع قد تلبسه تماما:
- ابتسام.. ابتسام انت بخير؟؟.. أتصل بالاسعاف؟؟.. ابتسام..
لتئن بألم وحركت رأسها يمنه ويسرة وهمست:
- أنا.. أنا كويسة بس عاوزة أريح بالأوضة.
فساعدها بالجلوس وهو يتابع:
- لا.. أنا لازم أوديج المستشفى علشان أطمن عليج وعلى يلي في بطنج.
- ملوش لزمة، هي شوية دوخة وحتعدي على خير زي كل مرة.
اتكأت عليه وأمسكها من خصرها باحكام وسار بها ناحية غرفتهما وساعدها على اضجاع جسدها على السرير وعندما هم بالخروج من الغرفة صرخت به:
- رايح فين؟؟
- بروح أجيب لج عصير.
فهتفت بسرعة :
- لا.. ملوش لزمة، أنا بس حنام شوية وحرتاح، وانت تعال جنبي ومتسبنيش.
وفعل كما طلبت وارتاح بجانبها وسألها بعدم اقتناع:
- انت متأكدة انج بخير وما يحتاي أوديج للطبيب؟؟
نامت على جنبها معطية اياه ظهرها وأجابتها بأسنان مصكوكة:
- لا يا حبيبي أنا كويسة، بس عوزة أنام.
وأغمضت عيناها وادعت النوم أما هو فقد اتكأ على وسادته، لكن هيهات أن يريح عيناه وعقله يدور بدوامة الخسران، وقلبه يعاتبه ويلومه على خسارة فادحة يمني بها لرفيقة دربه، ولكن هل يفيد الندم؟؟
والتفت يتأمل ظهرها وعاد السؤال، وهل تفيد كلمة لو؟؟.
وتحرك للجهة الأخرى معطيا اياها أيضا ظهره فقد خسر الغالي وما بقي إلا الفتات.
دقائق حتى صدر هاتفها نغمة وصول رسالة، فتحتها لتقرأها ومن ثم مسحتها ونامت قريرة العين فقد فلتت من الموت المحقق ولم تعلم بأن الله يمهلها التوبة والاستغفار.

**********************************

الانتظار قاتل، والوقت لا يمضي وكأنه يعانده ويجبره على الشعور بما اقترفته يداه.
الذنب يتآكله، وعواطفه تسحقه من الأعماق، لقد أخطأ، وأخطأ كثيرا، ولم يعد ذلك الرجل الرزين الواعي لما يحدث معه، هل شخت بسرعة ياحمدان وصرت لا تستوعب المنطق؟؟...
هذا ما كان يخبره به هاجسه وهو يجلس على كرسي الانتظار وعيناه تناظر الباب، والعمة تجلس بجنبه دون أي حرف واحد تهديه الطمأنينة التي ينشدها قلبه، ومن بعيد رفلت عباءة الجدة السوداء وعكازها يضرب الأرض ضربا مصدرا صوتا عاليا غاضبا، وبجانبها سالم يمسكها كي لا تقع من شدة سرعتها، والطفلين يسيران بجانبه بهدوء.
وصلت وهي تلهث ولم تنتظر إلتقاط أنفاسها وسألت:
- ها بشري؟؟.. إن شاالله بنتي العنود بخير هي وولدها؟؟
نهضت العمة وأمسكت بها من ذراعها وسحبتها للجلوس على الكرسي وهي تحادثها:
- هدي يا الغالية وخذي نفس، مب زين لج العصبية، خايفة الضغط يرتفع.
ورفضت الجدة الراحة وهتفت:
- خليج مني وقوليلي شو أخبارها؟؟.. قلبي محروق على بنتي، هاي البنت مو مترقعة بحياتها، قاعدة تلطمها يمين ويسار وما هي مرتاحة.
تنهدت العمة وهزت رأسها بشفقة توافقها الرأي وثم أجابتها:
- الدكتورة داخل وياها وبعدها ما طلعت.
واستدارت الجدة ناحية ذلك الرجل الجالس بظهر مستقيم وملامحه جامدة لا تنطق بدواخله فاقتربت منه ولكزته بعصاها على ذراعه وسألته بغضب جامح:
- مين انت؟؟... وشسويت بوليدي الراكز الواعي؟؟.. يلي جدامي واحد مب عارف راسه من اريوله!!... وين حمدان وليدي الفهيم يلي الكل يدور شورة؟؟... وشصار؟؟.. ليش ما تتكلم وتنطق؟؟.. بنات الناس ماهم بلعبة علشان تاخذهم متى ما بغيت وتعقهم متى ما دقت براسك.
زفر أنفاسا حارة متعبة وهمس بداخله بصوت مشحون بالارهاق:
- ما عدت أعرف مين أنا يا الغالية!!... ما عدت أعرف!!.
وعندما لم تحصل على أي ردة فعل منه ليدافع عن نفسه، عادت تحثه:
- تكلم... قول... انطق... والله ما عاد فيني حيل أتحمل يلي تسويه في نفسك، اتقي الله ياوليدي بروحك وبهذي المخلوقة المسكينة، يلي تسويه بحالك ما هو بزين، والله حرام!!.
نهض من مكانه واتجه إليها واحتضنها وطبع قبلة على رأسها وهمس لها:
- كل شي راح يتصلح يا الغالية .
وهدأت الجدة وسكنت بين ذراعية .
- ما راح تقدر يا وليدي، وما هقيتك تصير مثل اليهال وماتوزن الأمور.
ابتعدت عنه وهزت رأسها وهي تتحرك متجهة ناحية الكرسي وجلست بتعب وقالت له وهي تناظره:
- ما ظنتي تقدر تصلح يلي صار يا وليدي!!.. يلي سويته كبير وما هو بشوي.
جلس بجانبها وأحاطها من أكتافها:
- كل شي يتصلح، وكل مشكلة ولها حل.
ابتسمت باستهزاء وقالت وهي تلتقط عيناه بتحدي:
- بنجوف يا حمدان تقدر ولا لاء.
وما هي إلا لحظات حتى خرجت الطبيبة ليفز الجميع ناحيتها يستعلمون أحوال غاليتهم.
- دكتورة.. بشريني، شخبار العنود؟؟
- انت زوجها؟؟
فتح فمه ليجيبها بالايجاب ليضربه الادراك من أنها ما تزال زوجته ولم ينفصلا، هي زوجته، وما تزال على ذمته، وعندها شع الأمل بداخله والعزم نطقت به عيناه وأجابها بكل قوة:
- نعم أنا زوجها طمنيني؟؟.
- الحمدالله هي بخير والجنين بخير بس هو هبوط بالدم ويلزمها راحة، وثاني شي، ليش تاركها جذا مهملة بصحتها؟؟.
قطب حاجبيه وسألها باهتمام:
- كيف يعني مهملة؟؟.
- يعني تغذيتها سيئة، وشكلها ما ترتاح وتاخذ عدد الساعات المناسبة للراحة.
لتسارع العمة قائلة:
- هي تدرس بالجامعة يا دكتورة.
- أها...علشان جذا، بس لازم ترتاح، ما يصير ترهق نفسها، الجنين ما راح يتضرر، لكن هي يلي بتتعب .
لتقترب منها الجدة وأمسكت بيد الطبيبة وسألتها برجاء:
- يعني بنيتي بخير وماعليها شر هي ووليدها؟؟
ربتت الطبيبة على يد الجدة وابتسمت لها لتطمئنها:
- بنتج ما عليها شر يا الوالدة، بس شوية راحة وأكل صحي وتكون بخير.
ليسألها حمدان:
- يعني تقدر تطلع ألحين؟؟.
- نعم تقدر تطلع، وكتبتلها على فيتامينات علشان تاخذها، ولازم تراقبوا تغذيتها وراحتها وهذا كل شي .
- مشكورة يا دكتورة.
ورحلت الطبيبة ودخلت العمة والجدة لغرفة العنود وشاهدوها تقف وترتدي عباءتها وملامحها لا تشي بشيء.
- سلامتج يا بنتي يا العنود، ما تجوفين شر!!.
قالتها الجدة وهي تحتضنها وتمسح دمعة فرت من مقلتيها لتحتويها العنود وتهمس لها:
- الشر ما ييج يا الغالية.
- سلامتج يا بنتي يا عنود، أجر وعافية .
- الله يسلمج يا عموه، خلونا نروح تعبانه وودي أرتاح .
وخرجوا من الغرفة ولم تتطلع ناحيته بل سارت بعيدا كأنه ليس بموجود.
كان يترقب خروجها بلهفة، وقلبه يطرق طربا لرؤيتها بخير، ولكن كل ما طالعه هو اللاشيء وآه من ألم يعتصرك عندما تعلم بأنك لست بموجود.
ازدرد ريقه بصعوبة بالغة، وأصابه رمح بصدره أرداه قتيلا لعدم مبالاتها لوجوده أو حتى بكلمة تخبره بأنها تحمل طفله بأحشائها، وتساءل.. لما لم تخبره؟؟.. لما لم تقل له من البداية بأنها تنتظر طفل منه؟؟.. لما الصمت؟؟.. وجدته وعمته لما لم تخبراه منذ أن علمتا بحملها؟؟.
لتصفعه الحقيقة المجردة.. وانت كيف جازيتها؟؟.. أوتريدها أن ترد لك الاحسان بالاحسان وهي لم تحصل منك سوى الذل والهجر!!.
توقفت وقد شاهدت الصغيرين ينظران إليها ودموعهما ترقرقت بمقلتيهما، لتقترب منهما وتحتضنهما وفعلا بالمثل إذ التف حول جذعها أذرع صارت كما الطوق الذي لا يريد افلات خشبة انقاذهم.
- هشششش... أنا بخير وما فيني شي.
ربتت على رؤوسهما وطبعت قبلة عليها ثم أبعدت قائلة لهما بحنان بالغ وتأكد:
- أنا بخير وما فيني شي.
لتهمس حنان من بين دموعها المنسكبة:
- عيل ليش طحتي لما انت بخير؟؟.
ابتسمت لها بارهاق وألم استبد بخافقها بسبب من كان موجعها، ولكن أجابتها:
- أممممم.. علشان هذا!!.
أمسكت بكف كل واحد منهما ووضعتها على معدتها المسطحة:
- علشان هنا في نونو هو يلي متعبني شوي.
ليخرج عبدالله من شرنقته ويسألها باستفسار وفضول:
- كيف يعني؟؟.. ما فهمت؟؟
سحبتهما وجلست على الكرسي دون أن تأبه بوجود الآخر الذي ينتظر منها كلمة أوحرفا واحدا ليعينه على شقائه.
- يعني يا حبيبي بيكون لكم أخ أو أخت ولا ما تبون يكون لكم اخوان؟؟.
سكون وترقب، وبعدها انفجر المكان بالصراخ من حنان:
- يس.. يس يعني بيكون عندي اخت صغيرة، يا سلام.
ثم هدأت قليلا وهتفت بفرح عارم:
- ماما عنود أنا أبي بنت، جيبي بنت علشان ألعب معاها وتنام معاي بالغرفة.
ثم تحدث عبدالله وما زال غير مستوعب ما قالته:
- يعني انت حامل وبيكون لنا أخ؟؟
شعت عيناها بابتسامة حقيقية ورفعت كفها ناحيته ماسحة هموم هذا الصغير وهمست:
- هيه حبيبي، ولا ما تبي يكون لك أخ؟؟
ليسارع بابتسامة كبيرة مجيبا إياها:
- بلى أنا ابي أخو صغير علشان ألعب معاه .
احتضنتهما بحب وقبلتهما على وجنتيهما وهي تحادثهما:
- حلو.. بس ها.. ما بي كلام وبس نبي أخ أو اخت وآخر شي ما حد يساعدني واحد منكم عليه!!.
وصرخ الاثنان:
- بلى بنساعدج.
ومن ثم انهالت عليها الأسئلة كما حل كل الأطفال، متى سيأتي؟؟.. وكيف هو شكله؟؟.. وأين هو بالضبط؟؟.. وهل تتألم؟؟.. وإلخ......
وسارت باتجاه السيارة مع الجدة والعمة وصعدت إليها لتعرف بأنها قد أخطأت بالسيارة، فقد اعتقدت بأنها لسالم، ولكن اتضح العكس.
ركبت عمتها والجدة معها، والأطفال غادروا مع عمهم سالم لرغبته بأخذهما لشراء المثلجات وأيضا كانت رغبته الحقيقية هي بابعادهما عما يخمن أنه سيحصل بين والدهم وزوجة والدهم، فيكفي ما رسخ بداخلهما ولا يريدهما أن يشاهدا والدهما وهو يزيد من الطين بله.
انسابت سيارته بحركة ناعمة خوفا من خدش الأم وجنينها،وهو يعلم علم اليقين بأنه قد جرحها بعمق وعليه الآن فعل المستحيل لاصلاح ما فعله بتهوره الطائش، لكن كيف لايعرف!!.
السكون طغى بالسيارة وكأن على رؤوسهم الطير إلى أن وصلوا للمنزل، أوقف السيارة وترجل منها بسرعة فاتحا الباب لجدته وساعدها بالنزول ثم عمته وانتظر الأخرى لتنزل، لكن لم تبدر منها أي حركة دليل رغبتها بالخروج، فدار حول السيارة وفتح الباب الآخر.
- شو حاسة؟؟.. تعبانه؟؟.. مدوخة؟؟.. تعالي بساعدج علشان تنزلين وعلى طول على الفراش ما في حركة.
ومد يده يبغي المساعدة إلى أن لعلع صوتها قويا صلبا قاسيا :
- والله لو لمستني ما تلوم غير نفسك!!.
تجمدت يداه بمكانها واستنكر قولها ورد عليها يحاول افهامها وضعهما الآن:
- عنود.. تراه عادي، أنا ريلج، يعني طلاقنا باطل لأنج حامل.
دماء تغلي كغلي الحمم البركانية، وشيطانها يوسوس لها بقتله والراحة، ولكن كل ما فعلته هو أن تحركت من مقعدها وهذه المرة لا مشاعر ولا أحاسيس تصعقها من قربه منها، فما فعله بها شيء لن تغفر له أبدا!!.
دفعته ووقفت كالجبل الشامخ ورفعت أنفها للأعلى وقالت له بصوت زلزل أعماقه:
- وباقي من الحمل 6 أشهر وطلاقنا بعدين يكون صحيح.
بهت للحظات حتى تدارك نفسه، ماذا كان يأمل؟؟.. أن تشفع له ما أن تراه؟؟... فيبدوا أن الطريق ناحيتها قد ملئ بالأشواك والأسوار العالية، وعليه تخطيها ليصل بهما لبر الأمان .
- أممممممممم.. طيب والولد يطلع على الدنيا أبوه وامه منفصليين؟؟.
ابتسمت باستهزاء وناظرته باستحقار ووجهت الضربة تحت الحزم:
- أظن المفروض متعود انت على هذا الشي!!.. بحكم انك منفصل وهذيلا عيالك عايشين والحمدالله أحسن عيشة.
وتحركت تعكس اتجاهها بعد أن طعنته لتؤلمه كما آلمها، وعندها سأل:
- على وين؟؟.. البيت من هذا الصوب!!.
وتوقفت وفيروزها يلمع ببريق الغضب، وقالت بصوت مجلجل:
- البيت يلي طلعت منه مذلولة ما أرجع له أبدا.
وحثت الخطى ووقف هو بمكانه وجملتها بالفعل انغرست بداخله وهو يتذكر خروجها من هذا المنزل مهانة تحت يديه.
ماذا فعلت يا حمدان؟؟.. فيبدوا أن جرائمك قد طالت الأعماق.
وحرك رأسه باتجاه الجدة يبغي المساعدة فوجد ابتسامة مستهزئة وعلم بأنه سيكون لوحده، وتحركت الجدة لداخل المنزل وقبلها نادت سائقها الخاص وأمرته بأخذ ابنتها وزوجة ولدها لشقة العنود.
- يومه أنا موجود وانت تقولين للسايق ياخذها؟؟
- ما هو بوقتك يا حمدان، البنت تعبانه ومحتاجة ترتاح، وانت قاعد تشعللها أكثر.
وكانت محقة، فهو يعلم بمدى عند زوجته وصلابة رأيها، فهو لن يستطيع أن يقنعها بالركوب معه فتركها ترحل، ولكن ليس لوقت طويل. ناظر السيارة وهي تخرج من منزله ووعد نفسه بأنه سيعيدها إلى هنا مهما طال الوقت، عليه فقط أن يعود لسابق عهده فالمعركة القادمة هي القاسمة بحياته .
***************************************
حل ستار الليل جالبا معه نجومه البراقة وقمره المضيئ وسكونه، وغنت سنفونية الأحلام ساحبة الجميع لعالم آخر هربين به من واقعهم، فالأحلام تتلون وتزدهر بطموحاتهم وتمنياتهم ورغباتهم، فهنا تتحقق، وهنا يرون أنفسهم ذات قيمة، فما أجملها من راحة تسعد الانسان وتزيح همومه وأحزانه وآلامه، لكن أحيانا هناك من يصاب بالحرمان من لذة النوم، فما فيه من أوجاع أقوى بكثير من أن يسحبه سلطانه، فمنهم من يفكر بلقمة العيش الصعبة، ومنهم من يئن ألما وليس بقادر على علاجه، ومنه من تسقط دماعته على فراق الأحبة، ومنهم من تتآكله الحيرة والذنب، ومنهم من يطرب فرحا لبشرى سارة أبدا لم يتوقع حدوثها .
الفراش بارد وقد خلا من الأحبة وأربع رؤوس قد توسدت الوسائد، لكن جافاها نومها، الفراغ يحيط بهم، والألم يعتصرهم، وكلن اختلفت أوجاعه وأفكاره، لكن هناك بين جدران مآسيهم تواجد التصميم والعزم، وقرارات اتخذت وبعدها نادوه لعله يرحم حالهم الكسيرة، وأمنية بأن يكون الغد مختلفا.
خرج من غرفته في الصباح الباكر وقد استعد لخوض أول معاركه ولم يعلم بأن هناك من سيقف بوجهه ندا بند، شخص لم يتوقع أن يكن له كل ذلك الحقد بداخله.
- صباح الخير عبدالله .
ناظره الصغير لثوان ثم اقترب منه وطبع قبلة على كفه باردة كما برودة عيناه الجامدة.
صعق لما فعله طفله لم يكن هكذا قط، وقبل أن يستدير ويرحل أمسك بأكتافه وأداره باتجاهه قائلا له:
- عبدالله... انت مب فاهم الموضوع!!.. يلي صار بيني وبين العنود كان غصب عني.
فأجابه بعد أن أزاح ذراعيه عن أكتافه:
- لا أنا فاهم كل شي، انت تبانا نكون مثلك ما حد يحبنا ولا نحب حد، بس تبانا نكون بروحنا علشان خايف حد يئذينا، بس أنا ما بي أكون بروحي، ما بي أمرض وأموت وما حد يعرف عني شي، انت تبي هذي العيشة كيفك بس أنا ما بي أعيش لحالي وأموت لحالي.
ضحك وتراجع للخلف وهو يهز رأسه برفض ودموعه أخذت تقطر كمدا وأكمل:
- أدري بتقول انت بعدك صغير علشان تفكر بهذي الأشياء، بس أنا أفكر، وأجوف، وما بي أكون مثلك وحيد، وتبعد يلي يحبونك.
صدم ولم يعرف بأن ابنه يفكر بأشياء أكبر من سنه، لقد ظن بأنه يعيش ويفكر مثل باقي أقرانه، لكن اتضح العكس تماما.
أخذ أنفاسا عميقة ومن ثم انخفض ليصل لمتسوى ابنه وأمسكه من أكتافه وحادثه بهدوء وروية:
- أنا آسف يا عبدالله، أنا غلطت بحقك انت واختك وما فكرت فيكم.
تنهد بعمق ثم استطرد:
- صارت أشياء غصب عني وعن الكل انت ما تفهمها لأنك بعدك صغير، وثاني شي مين قال اني أحب أكون بروحي؟؟
سكت يتنفس ثم تابع:
- ما في حد يا عبدالله يبي يكون بروحه، بس تصير أشياء تجبرك انك تكون بروحك وما تبي حد معاك، وبعدين مين قال إني بروحي انت معاي وحنان بعد ويدتك وعمتك وعمك وأولادهم يعني أنا مب لحالي.
اقتناع ولكن مايزال هناك جهل للأمور، وتساءل:
- انزين وماما عنود؟؟... هي كانت تبيك بس انت يلي ما بغيتها وطردتها من البيت.
زفير وشهيق وعذاب الضمير يصعقه فقال يجيبه وقد عزم على حل مشاكله الواحدة تلو الأخرى ولا يبيغي ترك أي شيء خلفه.
- أنا غلطت بحقها ولازم أصلح الخطأ.
فهتف بفرح لم يستطع مداراته:
- يعني انت تبيها ترجع؟؟.
- طبعا يا عبادي أبيها ترجع، بس لازم تساعدني انت وحنان لأن بروحي أنا ما أقدر
هز عبدالله رأسه موافقا.
- أكيد ما تقدر لأن ماما عنود زعلانه منك وايد لأنك ما سمعتها وطلعتها من البيت وهي تصيح.
وهل يحتاج لتذكيره بكيف غادرت منزله فتلك الصورة أرقت لياليه وصارت كابوس يطارده دائما، لكنه يأمل بأنها ستصفح عنه.
غادروا باتجاه أعمالهم ومدارسهم، وقاد هو سيارته باتجاه شقتها وأثناء قيادته أخذ يفكر بعدة أشياء عليه القيام بها وأولهم أن يكون هادئا حتى لو أثارت أعصابه إلى أن وصل لوجهته وهناك نسي ما عاهد نفسه واستشاط غضبا لمعرفته بأنها غادرت للجامعة ولم تراعي وضعها الصحي، وأيضا هناك تلك الصورة المقيتة لذلك الرجل وهو يتأمل زوجته جعلت دمه يفور غليانا بأوردته كما الماء المغلي.
أخرج هاتفه ليلعن ويسب بصوت عالي دون أن يهتم بمن يسمعه فهو لا يملك لها رقما ليتواصل معها، وما هي إلا لحظات حتى طلب رقما.
- السلام عليكم هلا عمتي شخبارج؟؟.
أنصت إليها ثم طلب:
- عمتي... ممكن تعطيني رقم تليفون العنود إذ ما عليج أمارة؟؟
اصبعه يتحرك مع كل رقم يتهادى إليه وبعدها:
- مشكورة يا الغالية
وأغلق الهاتف ثم عاد يضرب عدة أرقام وانتظر صوتها ليأتيه عبر الأثير شجيا طربا ناعما:
- ألو... مين معاي؟؟.
أغمض عينيه يتلذذ بصوتها المنعش وقد دغدغ حواسه وأطرب صدره وهمس لها أيضا يرد إليها وقد نسي كل ما حل بهم:
- ألو....
ليحل الصمت بينهما ولم تسمع سوى أنفاسهما الرافضة والثائرة لجرم لم ترتكبه بحق الحب، فقط غباءهم هو ما يقودهم للعيش بالبؤس.
استجمع قوته واستدرك نفسه وحادثها بشيء من العصبية دون أن يشعر:
- أظن الدكتورة قالت إن لازم ترتاحين!!.. انت ما تهمج صحتج وصحة الجنين؟؟
شعر بها وهي تأخذ أنفاسا طويلة ثم جاءه ردها قاسيا جافا:
- أنا أدرى بصحتي، وثاني شي كنت حامل من ثلاث أشهر ولا انت بداري، فعادي كملها ولكأنك تعرف، وألحين أنا مشغولة ولا عاد تتصل.
وأغلقت الهاتف ليتطلع إليه بذهول، فهذه هي المرة الأولى التي يغلق أحدهم الهاتف بوجه ويبدوا أن معها لكل شيء أول مرة.
- طيب يا العنود انت يلي اخترتي.
ورحل وقد عزم على الامساك بزمام الأمور من الآن فهو حمدان الكتبي ولم يخسر بحياته قط وبالطبع ليس أمامها.

*********************************

أغلقت زر الهاتف بقوة وتجهمت ملامحها، فهذا ما توقعته منذ أن كشف سر حملها.
وضعت كفها على معدتها ومسحت عليه برفق وهي تشحذ همتها للاستعداد لكل محاولاته بعودتها إليه من أجل الطفل، هي لن تعود إليه أبدا.. أبدا.
خرجت من شرودها اثر لمسات صديقتها.
- عنود هدي ولا تعصبين تراه يضر بالجنين، هذا يلي سمعته.
همست ميثة برقة لها تحاول تهدئتها، لتقول شهد باندفاعها المعهود:
- هيه.. كلامها صحيح، حاسبي لا يطلع الولد عصبي وديما مبوز.
ارتخت ملامحها وابتسمت لمزاح صديقتها، لقد توقعت غضبهم لاخفائها لحملها عنهم، لكنها تفاجأت بفرحتهم وبانتظارهم لخروجه للعالم ورؤيته.
- لا.. إن شاءالله ما يطلع عصبي، وراح يطلع حبوب.
لتقفز شهد أمامها سائلة اياها:
- انت عرفتي انه ولد؟؟
- لا بعدني ما أعرف، الدكتورة قالت بنعرف لما أفحص بالسونار، وهذا بيكون بموعدي بعد يومين.
صفقت بفرح وصرخت:
- يا سلام... بصير خالة.
لتستنكر ميثة قولها:
- وإن شاء الله كيف بتصيرين خالة؟؟
لتستند شهد بذراعها على كتفها وعنود تتابع مشاغبة صديقاتها التي لا تنتهي أبدا.
- لأن يا فهيمة عنود تصير اختي صح ولا أنا غلطانه؟؟.. علشان جذا بصير خالة ويا ويله إن ما احترمني وسمع كلامي.
فاستدارت ميثة ناحيتها وهتفت:
- يا سلام.. انت بس اختها؟؟.. حتى أنا بعد، يعني أنا بصير خالة.
أصابتها الغبطة والانشراح لهذا الاهتمام والحب من انسانتين غاليتين على قلبها، وتذكرت كيف التقت بهما هنا بالجامعة بأول يوم دراسي لها كانت متوترة ومتألمة ووحيدة واصطدمت بشهد أثناء بحثها عن صفوفها واعتذرت لتبادرها الأخرى بخفة دمها بالحديث والثرثرة وعرفتها بميثة ومن يومها لم يصيرا صديقات فقط بل شقيقات.
اقتربت منهما بغفلة منهما أثناء انشغالهما بالحديث بما سيفعلانه بالصغير واحتضنتهما بحب وامتنان للمولى عز وجل للهدية الرائعة التي حاباها إياها بعز قتامة عالمها.
- والحمدالله يلي أعطاني أحلى أخوات بالدنيا كلها.
ليتبادل الجميع العناق والضحك، فجاء صوت يقاطع سعادتهم:
- السلام عليكم
ابتعدوا عن بعضهم وأجابوه:
- وعليكم السلام
تنحنح ثم وجه حديثه إلى من ملكت عقله وفكرة:
- عنود.. ممكن أتكلم معاج بموضوع خاص؟؟.
عضت على شفتيها وناظرت صديقتيها ومن ثم عادت إليه وأجابته:
- اسمحلي يا أستاذ أي شي تبي تقوله قوله وهم موجودات لأني ما أقدر أكون معاك لوحدنا.
استجمع طاقته وسألها مباشرة فكل ما يريده هو معرفة الحقيقة، فقد أصابه الدوار من كثرة التفكير بالأحداث التي حدثت بذاك الصباح، وسؤال أطاح بعقله.. هل ما قاله ذلك الرجل صحيح أم خاطئ؟؟... وكان ينتظر أن يحل اليوم التالي ليعرف ويريح باله، ولم يعلم بأنه سينال صدمة قوية.
- صح يلي قاله الريال من انه ريلج؟؟.
سكتت ثم قالتها بعد فترة من الوقت استصعب عليها قولها لكنها الحقيقة التي تحاول أن تغافلها:
- نعم... هو ريلي.
ألم شعر به ينهش خافقه وهو يرى حبه يفلت من بين يديه، لكن ما قالته تلك المشاغبة أعاد الروح لجسده قبل أن تهفوا خارجة منه:
- بس هم بيطلقون!!.
وسأل بسرعة دون أن يشعر بنفسه:
- ومتى بيطلقون؟؟.
ليتلعلع صوتها رنانا قويا رافضا:
- استاذ خليفة.. أنت تدخل بخصوصيات ما تخصك!!.
ليجيبها بقوة:
- بلى... هي تخصني
لترفض:
- لا يا استاذ ما تخصك ولا تخص أي واحد.
نفس عميق ثم استطردت :
- اسمحلي يا استاذ تطلقت ولا لاء ما راح تفرق عندي، لأني اكتفيت، أنا ألحين أبي أعيش لنفسي ولولدي باذن الله غير جذا ما راح أي حد يدخل حياتي، وأظن هذا كلامي ينهي الموضوع.
وغادرت تاركة رجل قد تجمد لسماعه لخبر جعله غير قادر على التفكير بأي شيء آخر، ترى.. هل انتهى حبه عند هذه النقطة؟؟.
مر الوقت سريعا ما بين محاضرات ومحادثات وتسامر إلى أن حل وقت الرحيل، وعادت للبيت منهكة ومتعبة وتبحث عن الراحة على فراشها تنشد النوم الذي فارقها بالأمس، وقبل أن تدلف لغرفتها رن جرس الباب لتتطلع لساعة معصمها لترى الوقت ليس بوقت الزيارة.
نظرت عبر العين السحرية لترى شخص تعرفه فتحت الباب حتى تراجع جسدها للخلف والدهشة تعتمل ملامحها....
حقائب كثيرة توسطت صالة جلوسها، وخادمة تعرفها جيدا فهي تعمل بالمنزل الكبير، والطفلين ينظرون إليها بابتسامة مشرقة، ورجل وقف يبتسم بسخرية وتهكم قائلا:
- ما في مرحبا اتفضلوا؟؟.. ولا أقول.. احنا أهل البيت فما يحتاي حد يقرب فينا.
التفت للخادمة ورماها بعدة أوامر واختفت وهي تجر الحقائب واحدة تلو الأخرى لتسأله والهلع قد أدركها:
- شو السالفة؟؟
وقف يتأمل ملامحها المرهقة والشاحبة ليشعر بالرغبة بحملها وربطها على السرير ويمنعها من مغادرته، لكن لكل شي وقته، وأجابها بلا مبالاة وكفيه على خصريه وهو يتطلع إلى عقيقها الذي اشتاق للغرق به:
- والله مثل ما تجوفين!!.. يوم انج ما تبين تقعدين معانا بالبيت قلنا احنا نجي ونقعد معاج، فكرة حلوة صح؟؟.

 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
)...., اللقا, اماراتية, تاهت, بقلمي, جلدة, عناويني
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:40 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية