لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-12-16, 08:39 AM   المشاركة رقم: 126
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

ودعتها والدتها عندما حل المساء على أمل اللقاء لمعرفة ما فعلته وعندما همت بالدخول لغرفتها لترتاح قبل أن تنفذ ما قيل لها حتى رن هاتفها بنغمة خاصة تعرفها جيدا لتجيب بسرعة وبشوق كبير وقد تبدل حالها للنقيض تماما:
- وحشتني يا مجنون.
وابتسمت بدلال وهي تستمع لكلمات الغزل من الطرف الآخر لتقول بعدها:
- هو أنا موحشتكش ولا ئيه؟؟
قضمت شفتيها وهي تسمع كلمات أطربت غرورها لتهمس بعدها:
- طب تعال أنا مستنياك.
وأغلقت الهاتف وما هي إلا لحظات حتى سمعت طرقات خفيفة على الباب فسارعت لفتحه ودخل مغلقا الباب خلفه بسرعة قبل أن يراه أحدهم.
تأملته بشبق لم تخفيه، وعيونها تجري على عضلاته البارزة الظاهرة من خلف قميصه، فارتفع صدرها بإثارة وتقدمت ناحيته لتحط بكفها على ساعده تتلمس عضده وهي تهمس بعاطفة مشبوبة:
- وحشتني أوي.
التفت ذراعيه حول جسدها لتشهق بنشوة الاحساس بجسد رجولي وهمس هو عند أذنيها بمكر رجل يعرف كيف يحصل على غايته:
- هو جوزك ميعرفش يشبعك؟؟.
لتجيبه بإغواء:
- أبدا.. دا حتى مابيحسسنيش بأنثتي.
انخفض حاملا إياها وهو يقول:
- وأنا أنفع؟؟
هزت رأسها بالموافقة واقتربت من شفتيه تزيد من اثارته لتصله لحد الجنون من الرغبة بها:
- انت راجل وسيد الرجال.
وساقته قدماه كمن تعرف طريقها دائما ناحية غرفة كانت قد اختيرت لتجمع جسدين بالحلال، لكن ماذا نقول لمن أغلق عينيه عن نور الاسلام، وظنهم أن ستار الليل سيخفي فجورهم، وأن لا أحد يراهم، ولكنهم كانوا غافلون بأن الله يرى كل شيء، وأن معاصيهم تكتب وتسجل بكتاب كبير، وأن الجزاء من جنس العمل.
*********************************

وفي الجناح الخاص لحمدان تربعت عنود الأرض مع الأطفال وانتشرت حولهم الكتب والكراسات.
أحيانا تنظر لحنان لتتابع معها واجباتها وأحيانا أخرى تراقب عبدالله ثم تعود لقراءة الكتاب الذي استعارته من مكتبة زوجها .
- ماما عنود أنا خلصت الواجب.
- عفية على الحلوة، بس خليني أجوف حليتي المسائل صح ولا في أخطاء؟؟.
أعطتها كراسها وتطلعت عنود للواجب بسرعة إلى أن هتفت لها وهي تسحبها لحضنها:
- عفية على بنوتي الحلوة الشطورة، حليتي كل المسائل صح.
اعتصرتها بقوة لتبادلها حنان العناق بالمثل مستنشقة عبير الأمومة التي دائما ما طاقت لها منذ أن فقهت من أنها لا تملك أي أم، والآن هي سعيدة بل تكاد تطير بالسماء من فرط فرحتها بوجود من تحتضنها وتخبرها بأن كل شيء على ما يرام.
أبعدت عنود حنان عنها بعد أن طبعت على رأسها قبلة ثم حادثتها:
- يلا حبيبتي لمي كتبج وأقلامج ورجعيهم للشنطة.
والتفتت لعبدالله محدثة إياه وهي تمسح على شعره:
- وانت حبيبي عبادي خلصت ولا بعدك؟؟
- لا ماما عنود، أنا خلصت الواجب خلاص.
سحبته أيضا لحضنها ولفت ذراعيها حول جسده الصغير هامسة له أيضا:
- عفية على البطل.
طبعت قبلة على رأسه ثم تناولت الكراس طالعته للحظات ثم أغلقته قائلة:
- ما شاء الله عليكم يا أولاد شطار، الله يوفقكم دوم، وينجحكم، وإن شاء الله تاخذوا أعلى المراتب.
كانوا يستمعون لدعواها لهم بابتسامة جميلة مشعة فرحة لسماعهم من يدعوا لهم ويهتم لهم، إلى أن قال عبدالله بشيء من الخجل:
- ماما عنود أنا لما أكبر أبا أصير طيار.
أحاطت كتفيه بذراعها السليمة فمازالت الجبيرة تتملك ذراعها اليسرى فطريق شفائها مازال طويلا.
فتابع يقول وهو يناظرها بعزيمة لا تخطئها عين:
- بصير طيار مثل ما كان أخوج مايد يبي صح؟؟.. انت قلتي قبل أنه كان يحلم أنه يصير طيار لما يكبر؟؟.
غامت عيناها بمشاعر مضطربة وسحبت عبدالله ليتوسد رأسه صدرها وذكراه تعود لتطفوا حولها....
- اختي عنود تعرفين لما أكبر شو أبا أصير!!.
تركت كوي الملابس والتفتت لشقيقها النائم بسريره ووجهه شاحب، وعيناه جاحضتان للخارج، ووجنتيه غائرتان، وجسده هزيل حتى أن عظامه قد صارت بارزة وهذا بسبب صحته العليلة، لكنها ابتسمت له ولم تعر ما شاهدته أي اهتمام، فالأمل بشفائه كان بحجم الجبل بداخلها، وايمانها بالله بأن كل شيء مكتوب ومقدر وما حكم به الله سيحدث، وهي تدعوا لله بأن يشفي شقيقها.
- لا حبيبي ما عرف شو تبي تصير لما تكبر، يلا قولي؟؟
تحركت ناحيته وجلست بجانبه ليطالعها بابتسامة لم ترى لها مثيل وهمس بأنفاس مقطوعة، لكن كانت تحمل الحلم والتمني والرغبة فاليأس أبدا لم يكن يتملكه مهما انتكست صحته:
- لما أكبر بصير طيار.
- وااااو روووعة، وأنا أكون اخت الطيار مايد، يا سلام!!.
ناظرته مضيقة عينيها وقالت وهي تشير بإصبعها بتحذير:
- عاد لا تنساني وما تاخذني معاك بالطيارة !!.
قهقهة بسعادة وأجابها بابتسامة واسعة، والحلم يكبر بداخله:
- أكيد باخذج معاي، ولا انت تشكين بالموضوع ؟؟
رقت ملامحها بحنان وأمومة وأجابته بنعومة:
- لا حبيبي، أنا أعرفك زين، فمستحيل ما تاخذني معاك.
هز رأسه موافقا ثم عاد للهمس فقوته لا تسمح له برفع صوته:
- بس ادعيلي يا عنود وقولي إن شاالله!!
لتردد خلفه بقلب ينبض بكل الأمنيات بأن يشفى شقيقها:
- إن شاالله.
كانت أحلامهم في ذلك الوقت بسيطة، وأمنياتهم غير متكلفة، ولكنهم استيقظوا على واقعهم الأليم، ووقفوا على جنب وهم يشاهدون أحلامهم وأمنياتهم وهي تتكسر أمامهم دون أن تكون لديهم الحيلة لإيقاف تحطمها.
لمسات رقيقة حطت على وجنتيها لتكتشف بأنها كانت تبكي دموع الاشتياق ودموع الحزن على ما فات.
- لا تبجين ماما عنود.
أخفضت عيناها للأسفل لتتطلع للوجه المتألم لألمها، لتجيبه بألم يعتصر فؤادها:
- أنا ما أبجي حبيبي، هي بس طاحت غصب عني .
لتهتف حنان :
- إن بجيتي راح أبجي أنا بعد.
لفت عنود ذراعها اليمنى حول جسد حنان بحرص خوفا من أن تؤذيها بجبيرتها وهمست لها:
- لا حبيبتي لا تبجيني، حتى جوفي ما في دموع .
أخذت أنفاسا عميقة ثم تركتها ثم أعادت الحركة لتعود بعدها لعبدالله محدثة إياه بحب وامتنان وكفها حطت بها على وجنته:
- الله يخليك لي يا رب ويحفظك من كل شر!!.. الله يفرحك دوم مثل ما فرحتني، بس يا عبدالله ما بيك تصير طيار بس علشاني أنا....
قاطعها:
- لكن.....
لتسارع بالقول:
- اسمعني زين يا عبادي، شي حلو إنك تحاول تفرح الناس من حولك، وانك تسوي كل شي يعجبهم، لكن هذا الشي بضيعك انت!!.. راح يجي يوم وتسأل نفسك أنا شو سويت لنفسي؟؟... وبدور حولك لكن ما بتحصل شي، أخوي مايد مات الله يرحمه، ومات كل شي معاه، وهذا ما يعني إنك تروح تبي تصير مثله بس علشان ترضيني.
- بس أنا يا ماما عنود من الأول أبي أصير طيار، ولما قلتي لي عن حلم أخوج، صار بداخلي شي يقولي إني لازم أحقق حلمي وحلمه وحلمج، يعني هذا الحلم علشاني، وعلشان أرفع راس أبوي بعد، ويكون فخور فيني.
احتضنته من جديد بامتنان وشكر وتقدير لهذا الطفل الصغير الذي سيحقق الحلم وسترى به شقيقها.
قبلته بكل الحب الذي تكنه له، ليبتسم باستحياء وهو يستمع لشكرها وامتنانها:
- حبيبي يا عبود، ربي يحميك ويحرسك من كل شر، وإن شاء الله تنال يلي تتمناه!!.
فرك شعره وقال بهمس:
- انزين خلاص.
فضحك الجميع على خجله ولم يشعروا بالعيون المتأملة لهم، ولا بقلبه النابض من قوة مشاعره وعواطفه لرؤيته لأطفاله يتحدثون عن أمانيهم وأحلامهم ويمرحون بعفوية، لم يرهم قط هكذا، لطالما كانوا هادئين وساكنين، لكن الآن.....
تحركت عيناه على من كانت السبب بتغيير أطفاله، بل هذا التغيير قد شمله هو أيضا والكل قد لاحظ هذا التحول وهنأه عليه، لقد صارت عنود مصدر بهجة للعائلة، وصارت عمود لا غنى عنه لعائلته.
ظل لبعض الوقت يتأمل جمالها الذي سلب عقله وجعله تائها في بحور فيروزها العشبي، كانت ترتدي قميص أبيض ذا أكمام قصيرة، ذا قبة مثلثة وله شق طولي من الأزرار فك أول زرين ليظهر غور صدرها البارز، وفوقه جاكيت بني من خامة القماش مخرم بنقوش جميلة، وحزام عريض ذهبي اللون توسد خصرها النحيل، وبعدها تنورة ذا طراز فرنسي تهدلت فوق ساقيها، وشعرها الأسود الطويل رفعته بمقبض على شكل وردة فوق رأسها بشكل عفوي لتتهدل حول وجهها بعض الخصلات المتمردة من قبضتها المستحكمة، وقذلتها تساقطت خصلاتها مغطية جبهتها، وعينيها الوحيدة فقط من أبرزت جمالها الوحشي بكحل أسود، كانت لوحة غاية بالجمال جعلت أنفاسه تنحبس، وصدره يصدر صوتا كحوافر جري الحصان، ولم يستطع البقاء بعيدا عنها ففتح الباب ودخل يعلن عن حضوره :
- السلام عليكم.
وانتفضت لسماعها لصوته الجهوري، وتراقص ما بداخل صدرها كما العادة كلما تناها لأذنيها أوتاره الشجية لتتغلغل لخافقها وتزلزله بكل قوتها، فتشعر بنفسها تتغير وتتحول وجسدها ينقاد له دون ارادة منها، ومازالت تتساءل إلى الآن لما يحدث لها هذا؟؟.. وهل هذا شيء طبيعي يحدث لكل امرأة تكون مع زوجها؟؟.. تريد أن تعرف!!.. تريد أن تعلم لما كل تلك الأعاصير تجول بداخلها فقط من نظرة واحده منه؟؟... ولما تشعر بروحها تطفوا بسلام فوق الورود والزهور وبين الغدران والأنهار تنتشي بلذة الراحة وأمان يتوسد كيانها؟؟.. نعم هي يجب أن تعلم!!.. لكن كيف لا تعرف!! .
لتجيب عليه بهمس خفيض:
- وعليكم السلام
- وأنا مالي نصيب من هذي الأحضان والبوسات؟؟
شهقت بصدمة من قوله وتلون وجهها عندما قهقه الصغيرين وصرخت به:
- حمدان....
لتنهض حنان من جلستها وركضت رامية بجسدها عليه ليتلقفها رافعا إياها لأحضانه، قبلته على وجنتيه وفعل هو بالمثل لتقول له بعدها:
- بابا عيب، ما يصير ماما عنود تبوسك!!.
- ليش يا ماما؟؟.. يعني هي تبوسكم عادي وأنا لا؟؟
- لأن يا بابا البنات ما يصير يبوسوا الأولاد تراه عيب، انت قلتلي صح ولا لاء؟؟
جلس على الأريكة وتقدم عبدالله منه مقبلا إياه على ظاهر كفه ليطبع والده قبلة على رأس ولده ثم عاد يجيب ابنته:
- نعم حبيبتي أنا قلت جذا بس تراه عادي المتزوجين بس يبوسوا بعض،
وأنا وعنود متزوجين مب هي ألحين الماما؟؟
هزت رأسها توافقه:
- هيه هي ماما انت قلتلي عادي أناديها ماما.
- أوكي تمام، يعني ألحين الماما لازم بعد تبوس البابا .
كانت تسمعه وهو يحادث ابنته وتكاد رغبتها أن تطوق كفيها حول رقبته لتزهق آخر نفس منه تجول بخاطرها، وما زاد من رغبتها تلك بتحقيقها هي ما طلبته ابنته منها:
- ماما عنود انت لازم تبوسين البابا ألحين مثلنا، يعني كل ما يدخل البيت لازم تبوسيه.
نهضت عنود بارتباك وتحركت والحنق لمع بمقلتيها مما يريدها أن تقوم به أماما أطفاله، فهي معه لوحدهما ومازالت تستحي منه، فما باله أمام صغيريه!!.
- على وين؟؟
توقفت على سؤاله وأجابته وهي تعود للتحرك:
- للمطبخ بجوف شو بسوي عشا.
كانت تقف عند طاولة المطبخ وهي تهمهم ببعض العبارات التي لم يفهم ما هي، لكنه يخمن ما هي، وبعدها تحركت بأرجاء المطبخ ولم تشعر بوجوده يقف عند الباب ويراقبها.
توقفت تغسل بعض الكاسات لتشعر بعدها بذراعين تحيطانها من الأمام وبقبلة تحط على رقبتها لتصرخ به بعتاب:
- حمدان... الأولاد
قاطعها وأدارها لتواجهه، فأسندت كفيها على صدره العريض ورفعت رأسها ناحيته تنظر إليه وهو يحادثها:
- الأولاد راحوا غرفهم... واحنا صرنا لحالنا.
تاه بها وتاهت به وكل منهما يدوي قصف مدوي بداخلهما، فاشتاق وانخفض، وطاقت وتقبلت، وتلامسا ليغرقا بنشوة أحاسيس لا يعلمون معانيها، فقط أرادوا الضياع، فما أجملها من عواطف تسرقك لدنيا غير دنياك، وعالم لا ترى فيه سوى ينبوع من السعادة لا ينضب .
سطح صلب لامس جسدها وبرودة لفحت بشرتها القشدية وقبل نهمة متعطشة للارتواء انتشرت على كامل جيدها وصدرها فهمست باسمه بمناغاة أطارت البقية الباقية من صبره بالتريث:
- حمدان...
ليجيبها بالقرب من شفتيها المتورمتين إثر قبله بعواطف مشبوبة ودماء قد غلت تعلن عن تخطيها الخط الأحمر:
- لبيه...
لتجيبه بهمس مماثل:
- احنا بالمطبخ
- وإذا......
وقاطع اعتراضها بقبلة أخرست الكون بمحيطهم، ودار الفلك حولهما، وعالم لا يتحدث سوى عن جسدي اتحدا ليكونا كقلب واحد.
***********************************
خرج حمدان مع زوجته وولديه لتناول العشاء بالخارج والفرحة لا تسعهم.
وانطلق بهم لأحد المطاعم الفخمة وهناك تناولوا أشهى الأطعمة وسط ضحكهم ومسامرتهم، كانت ليلة خيالية ورائعة بالنسبة لهم، ومن يراهم يرى عائلة سعيدة ومتحابة .
استأذنت عنود لدقائق للذهاب لغسل يديها وعندما دلفت للداخل غسلت يديها وأخذت تعدل هندامها وتضع قليلا من القلوس على شفتيها النديتين وهناك استمعت لامرأتين تتحدثان واكتشفت سر تلك الاضطرابات التي تشعر بها.
- لموي والله أحبه وأموت فيه.
- تحبين مين يا الخبلة؟؟
فأجابتها الأخرى بهيام وهي تناظر نفسها بالمرآة:
- أحب ولد عمي صلوح، آه يا لموي بس لو تعرفين شو يصير فيني لما يكون عندنا بالبيت!!.
- طاع البنت، طلعت عشقانه!!.
- آه يا لمى أحبه أموت فيه، لو يبي روحي أعطيه له فدوة.
سكتت قليلا ثم همست بضياع:
- آه لو تعرفين قلبي شو يصير فيه جنه بيطلع من مكانه من كثر ما هو يدق، وجسمي يرتجف جني بردانه أو فيني سخونه، وعقلي يطير يا لمى يطير فيني بخيالات وصور لي أنا وصلوح، واي يا لمى حاسة إني بموت لما يكلمني، ولما يروح أحس بداخلي بوجع وخاطري أصرخ فيه وأترجاه لا يتركني ويبعد.
لتجيبها صديقتها وهي تضرب كفوفها ببعضهم:
- لا انت مروحة فيها نهائيا، وخلاص منتهية وطبيتي وبقوة بعد.
ولم تستمع للبقية فما سمعته يكفيها...
هي تحب... هي تعشق زوجها، وتوقفت عند باب الحمام ساهمة وشاردها وقلبها يقصف بشدة، فوضعت كفها عليه تستمع وتسأله:
- علشان كذا انت تدق بسرعة لما يكون عندي؟؟... أتاريك تحب!!.. يعني الحب موجود مثل الأفلام والقصص؟؟
لحظات هي أو ثوان حتى اتسعت ابتسامة مشرقة على ثغرها وكادت أن تصرخ بعدها بفرح من أنها تعشق زوجها وقد اكتشفت هذا للتو.
وانطلقت مسرعة ناحيته ناحية من ملك قلبها دون أن تعلم، وساقتها قدماها ناحية من سرق خافقها بخلسة منها دون استئذان.
آه يا قلبي، لما لم تخبرني؟؟
لما لم تهمس لي بما تشعر به؟؟
آه يا خافقي، أححببت دون أن أعلم؟؟
أوقعت بهوى من كان جلادي؟؟
ألهذا تلونت الحياة بألوان الطيف؟؟
ألهذا أشعر بروحي تطفوا وتحلق بين الغيوم؟؟
أنا أحب، أنا أعشق، آه يا عالم أتسمعون دقات قلبي العاشقة؟؟
جلست على مقعدها بعيون تعانق الأرض خوفا من أن يكشف عشقها بداخلهما، وارتجف جسدها لصوته وهو يحادثها، هي الآن تعلم، هي تعرف، ورغبتها تخبرها بالصراخ بصوت عالي مخبرة الجميع وأولهم هو بما تكنه بداخلها من مشاعر ناحيته .
وسارت باقي الأمسية دون احساس بها فعواطفها قد انشغلت باستكشافها الوليد، ولم تعلم متى خرجوا من المطعم، ومتى عادوا للمنزل، فما علمته للتو كان أكبر بكثير من أن يستوعبه عقلها وقلبها بآن واحد.
ساهمة تناظر نفسها بالمرآة وتفكر بأشياء كثيرا وخصوصا باكتشافها ذلك السر العظيم إلى أن فزت من جلستها كأن عقربا قد لدغها، وشوقها لإخباره قد غلبها.
ارتدت ملابسها ولفت شيلتها حول رأسها أيا كان وأطلقت العنان لساقيها لتسابق الريح ناحية رجل قد تملك عقلها وفكرها وكيانها وقلبها دون احساس منها ووجب عليها أن تخبره قبل أن تنفجر من فرط سرورها.
نزلت السلالم بسرعة والتفتت جهة اليمين تقصد المكتب فقد استأذنها للحظات لإنهاء بعض الأعمال.
توقفت فجأة وتجمدت بمكانها، وأبدا.. أبدا لم تعتقد بأنها ستسمع هذا الصوت وخصوصا الآن.
- إزيك يا عنود؟؟.. وحشتيني وؤلت آجي وأزورك طالما انت معدتيش تزورينا، طبعا ما انت شوفتي نفسك فوق أوي وما عدتيش تبصي لتحت.
التفتت ببطء ناحية الصوت وهمست باسمها وقلبها قد انقبض وانكتم بإحساس فضيع بأن القادم سيكون القاسم بحياتها:
- ابتسام.....
انطلق خارجا من المكتب بسرعة وشوقه لها يقوده ليتعبد بمحراب حنانها ودفئها، صار يطوق لها، وأصبح لا يستطيع النوم سوى وهي بحضنه، لقد غدت جزء لا يتجزأ من حياته.
توقف بمكانه وهو يتفكر متى صارت جزء منه؟؟... لم يهتم ولم يبالي فكل ما يريده هو الغرق معها وما كاد يتحرك حتى تبادر لأذنيه حديث شل حركته وجمد ملامح وجهه وجعل قلبه يلفظ أنفاسه الأخيرة.
استمع وأنصت، وملامح غدت كما البركان المتفجر، وجسد ارتجف من الغضب الجارف الذي سينزل بصواعقه على شخص واحد قد طعنه بخنجره بغدر.
خرج وأعلن عن نفسه والجمود قد تلبسه:
- عنود.....
أدارت رأسها للخلف وشاهدته يقف بعيدا وتراء لها وكأنها ترى ملك الموت يقف أمامها.
- لا.....
صرخت بها بعلو صوتها، هدرت بها من أعماق قلبها، فتوسلته عيناها الاصغاء، لكن هيهات أن يستمع من أصم أذنيه عن سماع الأكاذيب، فقد تجرع من هذا الكأس قديما وما عاد يستسيغ طعمه المر كالعلقم الذي يبقى طعمه الغير مستساغ بمؤخرة بلعومك دون القدرة على ازالته، وما سمعه للتو كان كالإبرة التي قسمت ظهر البعير.
هزت رأسها برفض، وعيناها ترجته، وجسدها تصلب وهي ترى نظراته القاتلة ناحيتها، شعرت بنفسها تموت وروحها تهفوا لبارئها من شرار مقلتيه.
سرت برودة طاغية على كامل جسدها كأن الشتاء قد حل عليهم، وهمست بعد فترة باسمه، لكن هذه المرة خلى من الدلال:
- حمدان...
ليصلها همسه باردا جليديا شعرت به يخترق صدرها ويعتصره بقبضة من حديد كادت أن تزهق روحها:
- الكلام يلي قالته صحيح؟؟
لم تستطع النطق فكأنما حروفها قد هجرتها، وكأنها عادت طفل رضيع يبحث عن لغة للتعبير عما يجيش بداخله، لكن الأعاصير الخارجية منعتها من الإفصاح وهي تشاهدها تتحول وتتشكل لتتخذ منحنا آخر وحاجزا أوسع.
ليهدر بصوت لعلع بطعون الغدر وصرخ بوجع خرج على شكل سيل عارم سيفتك بمن أمامه وخصوصا من أطلق عليه سهام الخيانة.
- ردي علي!!... يلي قالته ألحين صح ولا خطأ؟؟
فخرجت حروفها كخرخرة خروج الروح من جسدها، وكيف لمن هفت روحه للسماء أن يجيب من جاء يبغي اعتصار أنفاسه الأخيرة.
وبعدها لا تعرف ما حل بها سوى احساسها بطوفان هادر قد اجتاحها مقتلعا ما بداخلها قبل أن يجتث خارجها، وسمع دويها بالخلاء فكأنما العالم رحم انكسار يوشك أن يقصم ظهرا كانت قد شدته بقوة كي تحمي نفسها من أجواء التعرية، لكن جاء ذلك اليوم الذي ستسقط به مخفضة عينيها بقهر ناحية الأرض.
سقطت ليتوسد جسدها الأرض من شدة اللطمة التي لامست وجنتها ووقف عند رأسها كالمارد العملاق وأخذ ينفث حممه من أنفه وفمه وعيناه تقدح شرارا وبعدها أطلق رصاصاته التي أودت بها للهاوية
- انت طالق.

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 25-12-16, 08:41 AM   المشاركة رقم: 127
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

الفصل العشرين ......

ما باله العالم من حولي؟؟... هل خلا الكون ما عداي؟؟.. لينفك ويرسل لي طعونه الواحدة تلوا الأخرى كأن ما بي لا يكفيني!!.. كأن ما يصيبني ما هو إلا جرعتي اليومية .
لما؟؟... أعود وأسأل لما أنا؟؟.. هل كتب على جبيني بأنني أستقبل مصائب العالم؟؟.
مللت ولم يعد لي طاقة للقتال، تعبت وطاقت نفسي للراحة، فلما تبخل علي براحة تنشدها روحي؟؟.. أعجزتي يا دنيا أن تتركيني لأتنفس الهواء بيسر أم أحببت رؤيتي وأنا أجترح ذرات الأكسجين بألم وغصة؟؟ .
آلمتني يا عالم وصرت مجرد حطام، أوجعتني وما بقي بي من بقايا مجرد أشلاء تنتظر فقط النهاية.
أسير بين الناس كشبح اجتث جسدها بكل قوة ودون رحمة ليبقى فقط طيفه مذكرا إياه بأنه كان في يوم من الأيام يعيش بهذا العالم.
أتسخرين مني يا دنيا؟؟.. أجل.. اضحكِ فقد فزت وتغلبت علي فها أنا أرفع راية استسلامي فلم يعد لي قوة للاستمرار، فجسدي استبده الانهاك، وعروقي قد جفت غدرانها، ودموعي صارت عصية وقد ملت جراحها ونضب ينبوعها فقد زادت آهاتها وكثرت أوجاعها.
آه يا عالم لما لا ترحم قلة حيلتي، وترحم يتما قد عانق طفولتي (( فأما اليتيم فلا تقهر)) لقد قهرتني وكسرتني ولم يعد بأي مكان من جسدي لم تصبه سهام صفعاتك.
أعرف وأعلم بأنك بريء مما يصيبني كبراءة الذئب من دم يوسف، لكن لمن سأوجه اتهامي؟؟.. ولمن أشير إليه رامية بكل ما يصيبني سوى عليك؟؟.. فالبشر قد تعبوا من أحمالي، ونفوسهم قد طاقت لرحيلي، يخبرونني بأنني حمل عليهم ويقذفونني بأحكامهم الجائرة، وأنا تعبت من الدفاع، وأجهدت من الكلام، لهذا صرت أتهمك لعلك تسمعني، لعلك تنصت إلي فتترفق بحالي.
أتريدني أن أتوسل؟؟.. إذا فأنا أتوسلك أن تتركني!!.. أنا أترجاك أن تتصدق علي ولو بالشيء اليسير من رحمتك!!.
أقسم بأنني تعبت!!... أقسم بأغلظ الأيمان بأنني قد أنهكت لحد الهلاك!!.. فما بقي لي سوى أن أطلب الموت رحمة بحالي الكسيرة.
أنا أعتزل عن دنياكم القذرة فابتعدوا عني كما نئيت بنفسي عنكم، دعوني أعيش البقية الباقية من روحي التائهة في عالم الوحدة كما اعتدتها دوما .

"طيف امرأة اختار الرحيل"
**************************
- ها يا بو سالم قدرتوا اطلعوه من غرفته وتعرفوا وشصار؟؟
- لا يا الغالية، ما طاع يفتح لنا الباب، جنه مب موجود داخل الغرفة.
ضربت الجدة كفيها على فخذيها بحسرة وقالت بألم:
- يا ويلي على وليدي من يومين ما طلع من الغرفة، والعنود ما عرفنا وين راحت.
عادت تضرب كفوفها وتندب فرحة لم تتم وسعادة لم تكتمل، وعادت تهمهم:
- يا ويلي على أولادي بيروحون عني وأنا مب قادرة أسوي شي.
اقتربت منها أم سالم تحاول أن تهدئ من حزنها فصحتها لن تتحمل كل هذه الضغوط:
- هدي يا الغالية وإن شاالله تنحل كل الأمور.
لتجيبها بصوت متشحرج ببكاء مكتوم:
- وين تنحل؟؟.. هذاك حابس نفسه بالغرفة ومب راضي يقول لنا شو صار، والثانية طلعت من البيت ولا عرفنا أراضيها .
ورفعت رأسها باتجاهها وهمست بحرقة قلب تشعر بها تصهر صدرها:
- وتبيني أهدى؟؟.
ثم التفتت لابنها سائلة إياه ودموعها تكاد تظفر من معقلها:
- يا بو سالم وش سويت مع العنود؟؟.. ما عرفت وين راحت وين غدت؟؟.
تنهد بتعب وبقلة حيلة وجلس على الأريكة وأجابها:
- لا يا الغالية ما عرفنا وين راحت!!.. رحنا لبيت أبوها قال لنا إنه ما يعرف وين مكانها، وهي أصلا ما زارتهم من يوم جت هي وحمدان علشان تعزمهم للعرس، ولما كنا بنطلع لحقتنا بنتهم الصغيرة أظن اسمها آمنة وقالت إن عنود يتهم البيت وصارت بينها وبين أبوها مشكلة كبيرة فقام وطردها من البيت.
وهز رأسه رافضا ما يحدث أمامه وتساءل بصوت عالي بذهول:
- كيف قدر إنه يطرد بنته من البيت؟؟.. هذي بنت مب ولد علشان يدبر نفسه.
- حسبي الله ونعم الوكيل بيلي كان السبب!!.. حسبي الله ونعم الوكيل!!.. وكلت أولادي لرب العباد وهو رؤوف بحالهم.
ورفعت كفيها المرتعشين بسبب أعصابها المنفلتة وأخذت تدعوا بصلاح الحال وحفظ زوجة ولدها من كل شر وعادت تهمهم:
- كانوا بخير بذاك اليوم ومحلاهم وهم راجعين من برع، شو يلي صار وقلب الحال؟؟
ليهمس سالم بعد فترة من الصمت وهو يستمع لحديث الكبار وفجر قنبلته التي لم يعرفوا بأمرها بعد، فهو كان الشاهد الوحيد عندما نطق بتلك الكلمة وبعدها اجتمع الجميع على صرختها تعلن رفض ما أوقعه بحقها من ظلم، وكان أوان قدومهم قد فات فقد رحلت ولم تخلف خلفها أي أثر.
- أبوي... يدوه.. في شي انتوا ما عرفتوه بعدكم.
التفت الجميع ناحيته وسارعت الجدة بسؤاله بلهفة:
- ها يا سالم انت تعرف شو سبب الضرابة يلي صارت بين عنود وحمدان؟؟.
- لا يا يدوه بس ......
- يا سالم قول الله يخليك أعصابنا ما عادت تتحمل شي.
حل الصمت بالمكان والعيون شاخصة لما سيقال لهم ولم يعلموا بالرصاصة المدوية التي سيطلقها:
أخذ أنفاسا عميقة ثم قالها:
- حمدان طلق العنود.
شهقات رجت أركان المنزل، واستنكار علت وجوههم الرافضة لما قيل للتو، لكن ما يفيد احتجاجهم الآن إذا السيف سبق العزل.
نهضت الجدة تتكئ على عصاها وقالت بعزم وثبات:
- خذوني لغرفته.
***********************************
عيون احتقنت باحمرار شديد شاخصة للأعلى ترى دون أن ترى، ووجه جامد خلا من مظاهر الحياة، وجسد أضجع على فراش يشعر به كما أشواك الصبار تخترق جلده وتؤلمه بشدة كما سهام الغدر عندما تطعنك الطعنة تلو الأخرى فتدميك ثم تتركك إلى أن تنزف لآخر قطرة دماء بعروقك.
يشعر... لا هو لا يشعر بشيء أبدا، لا احساس ولا عواطف، يشعر بأنه متبلد المشاعر، لكن هناك بعقله توافدت له عدة صور، صور من الماضي السحيق الذي تناساه، ولكن ها هو يعود من جديد مخبرا إياه بأن كل جنس حواء ماكرات، ويجري بشرايينهن الخيانة والغدر، وكلهن سواء وكلهن متشابهات.
وعاد لذلك اليوم الذي وجهت له أول طعنه من خناجرهن المسمومة.......

كان أن التقيا في الجامعة، "الجوري" فتاة جميلة ليست بذاك الجمال المبهر، لكنها أعجبته لأدبها وذوقها وكياستها بالتعامل مع الجميع، فأحبها وأرادها زوجه له فما كان منه سوى أن طلبها للزواج فوافقت على الفور وتزوجا بعد أن أنهى تعليمه الجامعي والتحق بالسلك العسكري كما حلم وتمنى، وبعد سنة من زواجهما أنجب ابنه عبدالله وبعد ثلاث سنوات أخرى أنجب ابنته حنان، كانت حياته هانئة وتمشي بروتينية إلى أن جاء ذلك اليوم الذي شطره لنصفين وجعله على ما هو عليه من جمود وكره لهذا الصنف المقيت .
كان أن عاد بأحد الأيام من عمله بعد أن شعر بالصداع وعندما هم بالدخول لغرفته تناها إلى سمعه ضحكتها الرنانة التي أنعشت قلبه وما كاد يضع قدمه ليعلن عن وصوله حتى أخرس تماما وتجمد بمكانه كتمثال شمعي.
- حبيبي حميد اشتقتلك وايد، متى بنلتقي؟؟
سكتت قليلا تنصت لحديثه ثم تابعت:
- شو أسوي حياتي، تراني ما أقدر أطلع، وهو محرص إني ما أطلع إلا معاه.
وضحكت بغنج جعلته يرغب بالتقيؤ واستطردت دون أن تشعر بالمرجل الذي خلفها:
- واي لو تعرف شو كثر يحبني ويسوي يلي أبيه، بس أأشر بصبعي وهو يقول شبيك لبيك.
عادت تقهقه بخلاعة وقالت بدلال:
- علشان تجوف إني مب هينة، وإني أطيح بالطير من السما.
أنصتت لمحدثها عبر الأثير لثوان ثم أجابته:
- ليش تزوجته؟؟.. علشان الفلوس حبيبي، الريال غني وعنده الخير وأنا بصراحة كنت أبي أعيش، هو صحيح أهلي ما قصروا معاي لكن هنا غير، كل شي أبيه أحصله، وهو مغرقني بالذهب والألماس وكل شي، أحلى من هذي العيشة ما في.
عادت تستمع لتقول بعدها:
- مين قال إني أحبه!!.. أنا ما تزوجته إلا عشان فلوسه وبس، ويلي يصير بينا مجرد تمثيل لا حب ولا خرابيط ، ويحمد ربه إني أتحمل كلامه الغثيث.
لتصمت لدقائق وهتفت بجزع:
- لا.. انت مب مثله، انت غير، أنا أحبك وانت تعرف هذا الشي:
لتهتف بعدها:
- هي صح والله إنك نسيتني، خلنا من هذي السوالف وتعال أقولك على شي يهمك، جبت لك الفلوس يلي طلبتها، بس ها شو راح تعطيني بالمقابل؟؟
سكتت وبدأت تئن وتهمس له بكلمات الحب وهناك بالركن القصي قد بدأ يتحرك وقد فك زمام معقله والجنون قد تلبسه تماما وكل ما شاهدته عيناه هو الرغبة بسفك الدماء.
وقف أمامها وهو يلهث بشدة كأنه قطع أميال طويلة وشاقة ليصل حاله بهذا الشكل المخيف، لتشهق بجزع وتسقط سماعة الهاتف من يدها وفغرت فاهها بصدمة من وجوده بهذا الوقت بالمنزل، ولا بد بأنه سمع حديثها ليغدوا كما الشيطان المارد، وما كادت تهمس باسمه حتى بادرها
بشده لشعرها بقوة كاد أن يقتلعه من جزوره، لتصرخ بوجع، لكنه لم يبالي وهمس بفحيح جليدي شعرت به ينخر عظامها:
- تروحين وتلمين زبالتج وتطلعين من بيتي.
فتحت فمها تنوي الاعتراض فقاطعها:
- هشششش ولا نفس، وتنسين إن عندج أولاد، وأقسم بالله لو جفت بس طيفج حولي أو حول أولادي لأدفنج بالأرض بالحيا، ولأوديج إنت وأهلج ورى الشمس وانت عارفة هذا الشي.
ليهدر بها بصوت غليظ:
- فاهمة!!
وانتهى الشريط عند تلك النقطة ليعود لواقعه فما حدث بالماضي ها هو يعود ويتجدد من جديد، لكن بهيأة أخرى .
طرقات على الباب وصلت لمسامعه ولم يبالي بالرد فليس لديه المقدرة على الاجابة على تساؤولاتهم... فماذا يقول لهم؟؟... بأنه رجل غبي والنساء تستطيع خداعه بسهولة ويسر، وأن شخصيته الفذة ما هي إلا قناع يغطي بها غباءه .
عاد الطرق من جديد وهذه المرة تغير الصوت وكان يحمل من الأوامر والصرامة .
- افتح الباب يا حمدان ولد عبدالله.
أغمض عينيه بإعياء ثم نهض بقوة يجتث جسده الميت من السرير وسار بخطى ثقيلة ناحية الباب فتحه ثم تحرك عائدا لمكانه راميا بجسده على السرير.
دخلت الجدة خلفه يساعدها سالم وخلفه والده ووالدته وعندما وصلوا لعتبات غرفة النوم صدموا لما رأوه... فالغرفة لم تعد تلك الغرفة الجميلة والمرتبة والعابقة بتلك الروائح الشذية والعطرة، وأن تلك الأصوات التي سمعوها صادرة من جناحه كان صوت تكسير الأثاث الذي أخذ يحطمه مخرجا ما بداخله من ألم، ليتحول المكان لبقايا أشلاء كما يشعر الآن بنفسه هكذا.
وقعت عيناها عليه وحز بخاطرها رؤيته بهذا الشكل، ولدها القوي سقط وبقوة وهذه المرة تختلف عن المرة الماضية، فعندما طلق زوجته عاد للحياة بقوة وبشموخ دون أن يلتفت للخلف بعكس الآن، وهزت رأسها بحزن لحال صغيرها فيبدوا أن هذه المرة صغيرها قد وقع بغرام زوجته الصغيرة.
- قوم يا وليدي ولا تخلي شي يهز الجبل، قوم ولا تخلي الشيطان يلعب فيك، قوم وتوضا وتوجه لربك هو حلال المشاكل.
ليخرج صوته مهزوزا مريرا جافا كأن جفافا قد عاصره للتو:
- الجبل انكسر يا الغالية.
لتهدر به صارخة:
- ما عاش يلي يكسر جبلي!!.. قوم بالأول واتسبح وتوضا وصلي وبعدين تعال نتكلم.
والتفتت مغادرة ولكنها عادت تقول لا بل تأمر:
- أنا أترياك تحت لا تتأخر علي.
وخرجت بعد أن أمرت زوجة ولدها بأن تهتم بالغرفة.
ظل لبعض الوقت على فراشه ثم نهض يجر جسده الذي صار غريبا عليه كأنه تمرد وما عاد يطيق أوامره بعد مغادرتها.
حمل نفسه وأدخلها تحت رذاذ الماء البارد لعله ينعش روحه الكسيرة، وظل تحت الماء لفترة طويلة وكان أن عادت له بوادر النباهة والتفكير. خرج من الحمام يلتحف بمنشفة حول خصره وسار فوق الأنقاض دون أن يأبه لها واتجه ناحية الدولاب ففتحه لتفوح رائحة عطرية فواحة من داخله كما اعتادت هي دوما فعله بتبخير ملابسه بالبخور والعطور، وكم كان عاشقا لهذه الروائح.
سحب دشداشته بسرعة وأغلق الباب بقوة يمنع ذكرياتها وصورتها من العودة، فلا مجال لها، فما أن يغلق بابه لا يعود لفتحه أبدا، وكانت تجربه فاشلة خاضها عندما أفرج عن فسحة صغيرة من سوره وها هو الآن يجني ثمار تلك الفتحة.
ارتدى ملابسه وخرج من جناحه قاصدا غرفة الجلوس، واتخذ مقعده وشابك أصابعه وانتظر سؤالهم ولم ينتظر طويلا فقد بادرته الجدة سائلة إياه:
- شو صار يا حمدان بينك وبين العنود؟؟
واجابته جاهزة:
- ما صار إلا كل الخير، حنا ما نناسب بعض واتفقنا إن كل واحد يروح بطريجة وهذا كل شي.
لتهتف أم سالم بغضب اكتسحها وهي تسمع حديثه:
- شو هي الدنيا فوضة؟؟.. ما صار لكم متزوجين غير شهر وشوي وتقول ما نناسب بعض!!.
ثم ضحكت بمرارة وأكملت:
- ولا الحريم عندكم لعبة؟؟.. متى بغيتوها خذتوها ومتى ما مليتوا رميتوها.
اعتصره الألم وهو يسمع زوجته تتحدث عما بداخلها، هي تكلمت عن أحاسيسها ومرارتها، هي لم تنسى ولن تنسى ،هي فقط تناست عن قصد فعلته الطائشة كأنها لم تكن، وتتغاضى عن كل ما يصدر منه من خروج ورنين هواتفه هي فقط أغلقت عيناها عما يجري حولها، لكن في باطنها هي ما تزال تنزف وتتقرح.
فأجابها بجمود دون أن يبالي بحرقتها فما به الآن يجعله لا يهتم بحال الآخرين:
- لا يا عمتي أنا ما كنت ألعب وكان هذا اتفاقنا أنا وياها قبل لا نتزوج.
فتحدث عمه بعد فترة من الصمت:
- بس يا وليدي حمدان شهر ونص ما يمديك إنك تحكم على زواجكم، وثاني شي انتوا أصلا كنت زينين وما فيكم شي حتى كنتوا جايين من برع مستانسين، وبعدين تغير الحال، شو يلي صار وخلاكم توصلوا لهذي المواصيل؟؟.
اختلاجة عضلة خدة فقط من استقبلت احساسه لتلك الذكرى ليمحيها بسرعة وينهض من مقعده مصرحا بكل جمود:
- أنا خلاص طلقتها وانتهينا، سكروا على الموضوع كأن شي ما صار، وأظن مب هذي المرة الأولى يلي أطلق!!... فعادي الأمور طيبة.
سكت قليلا ثم تابع:
- وألحين اسمحولي.
وغادر دون أن يزيد حرفا واحدا والجدة ظلت صامتة طول فترة حديثه إلى أن غادر وبعدها أمرت:
- حسن... تطلعلي مكان العنود ولو كانت بتحت الأرض.
- بس يا الغالية سمعتي حمدان وش قال....
رفعت كفها مسكتة إياه واستطردت:
- هذا الولد مب عارف الجوهرة الغالية يلي كانت بين ايده، وصدقني راح يندم على يلي سواه، وراح يبكي دم على فرقاها، لكن ألحين يلي يهمني هذي البنت اليتيمة وين راحت؟؟.. وش تسوي ألحين؟؟... دام إن أبوها خلا قلبه من الرحمة وعق بنته بالشارع فأنا أبيها، هذي بنتي أنا وأنا يلي بتحمل منها.
حل الصمت بين الجميع بعد كلام الجدة والشفقة لحال تلك الفتاة تغشى وجوههم، وتساؤل.. أين ذهبت؟؟
لحظات حتى رن هاتف أبو سالم والتفت الجميع ناحيته بلهفة لعله يحمل الخبر الذي ينتظرونه.
أخرج هاتفه من جيب دشداشته وتطلع للرقم وإذا به يرتبك ويتوتر ورفع عيناه ناحية زوجته دون إرادة لتشيح هي برأسها بعيدا عنه لإحساسها بمن يكون المتصل.
نهض من مكانه معتذرا واتجه ناحية المكتب، ليخلف خلفه قلبا قد سمع دوي تحطمه على الأرض الجرداء فمهما حاولت ودارت هذا الأمر فالدلائل تلاحقها وتحاصرها بركن قصي مخبرة إياها بأن من احتل قلبها وكيانها تشاركها فيه امرأة أخرى.
- ألو...
- ألو... هلا ابتسام شخبارج؟؟
- اخص عليك أنا مخصماك!!.. كدا ما تسألش علي ولا تؤول إن لي زوجة بحبها وهسأل عليها.
تنهد بضيق ثم قال بتعب:
- ما عليه يا ابتسام سامحيني، انشغلت شوي بموضوع خاص وما قدرت أجي أو أتصل.
نهضت من كرسيها بدلال وابتسامة مشعة صرخ بها ثغرها الممتلئ ووقفت تناظر الناس من النافذة كأنها تبحث عن أحدهم بين الجموع الغفيرة، فقالت بعد فترة من الصمت وقد غيرت من ملامحها للحزن:
- انت أكيد بتتكلم عن عنود صح؟؟.. يا حرام أنا زعلت عليها أوي لما عرفت إن جوزها طلأها وطردها من البيت.
قطب حاجبيه بتساؤل وحادثها بذهول:
- وانت مين قالج إن عنود اطلقت؟؟
ارتبكت وتلعثمت وما هي إلا ثوان حتى بادرته بهجوم:
- إيه يا حسن، انت نسيت ولا ايه؟؟
- نسيت شو؟؟
- إن عنود تبأ من عيلتي، وإن ماما تبأ مرات أبوها.
زفر وأضجع جسده على أحد الكراسي ثم قال:
- آسف يا ابتسام ما كان قصدي، بس يلي صار مب شوي، ومستغربين شو يلي صار بينهم.
فسألته بتأني، ورغبة بالمعرفة فالقلق كان أن استبد بها خوفا من كشف أمرها:
- هو انتوا معرفتوش إلي جرى؟؟
- لا ما عرفنا، لا هو قال لنا والعنود مختفية ولا نعرف وين راحت علشان نسألها شو يلي صار.
تنهدت براحة وتراقص قلبها طربا لتقول بعدها:
- معليش يا حبيبي مدايئش نفسك، مسيرها حتطلع، يعني حتروح فين!!.. هي معندهاش أي حد علشان تروحله.
هز رأسه موافقا كأنها تراه فسارعت بالقول:
- معليش يا حبيبي حسيبك دلوأتي أكيد مشغول بحجات تانية مهمة.. باي.
وأغلقت الهاتف بسرعة قبل أن تطلق صرخة اثارة إثر تلاعب صديقها بجسدها، فالتفتت إليه هامسه بالقرب من شفتيه وذراعيهما تلتف حول جسد الآخر، ليلتصق جسديهما ويغديان كجسد واحد.
- يا مجنون!!.
- مجنون فيك.
اتسعت ابتسامتها وعادت تهمس وعيناها تحطان على شفتيه بنهم:
- يا بكاش!!.
تلاعبت أصابعه الماهرة بجسدها ليغدوا كما اللعبة بين يديه يحركه كيفما شاء، وهمس هو الآخر ولا يهمه سوى نيل ما يريد:
- بأول الحقيقة.
- تحلف؟؟
- والله!!.
ثم غرقا بقبلة تحتفل بها بانتصارها على غريمتها التي طالما كرهتها دائما ومنذ لقائها الأول بها، ولطالما أرادت سحقها وكسرها وها هي تفعلها الآن بعد أن رأتها وهي تسقط من غرورها وعليائها إثر كف زوجها الذي جعلها تنتشي بلذة الانتصار لرؤية ذلك الكف يحط على وجنتها، ومن ثم سماعها لتلك الكلمات التي أثلجت صدرها وغادرت بعدها كما اللصة بعد أن نالت مبتغاها من هذه الزيارة، صحيح أنها لم تسر حسب خطة والدتها، لكن ما فعلته تعتبره الأهم بطريق سبيل الحصول على ما تريد وشكرت الله بأن الأمور جرت على هواها ووقفت بجانبها.
*******************************
وفي الجهة الأخرى تحرك ناحية جناحه كأنه ربوت آلي برمج على معرفة طريقه دون أن يتوه ووقف عند بابه ليصله صوت قوي غلبه الغضب والاتهام:
- ما راح أسامحك على يلي تسويه فينا!!.
التفت ناحية الصوت مصدوما لما وجه إليه من اتهام وشاهد ابنه عبدالله يقف وينظر إليه ببرود وجمود.
تأمل طفله الصغير وأخذ يبحث عن ابتسامته المتراقصة بداخل عينيه التي انتشرت مؤخرا ليجد مكانهما جبل جليدي غير قابل هذه المرة للتحطم.
اقترب منه هامسا وراغبا باحتضانه:
- عبدالله....
فتراجع خطوة للخلف رافضا حضنه، فتوقف حمدان والألم يغزوا خافقه من هذا الرفض الواضح من طفله، فهمس برجاء :
- عبدالله يلي صار بيني وبين ......
سكت غير قادر على نطق اسمها ليتابع:
- يلي صار بينا خليه ما يأثر عليك، وخلينا نرجع مثل قبل، بس أنا وانت واختك.
ظلوا يناظرون بعضهم البعض لفترة إلى أن سأله عبدالله:
- ليش ما عطيتها فرصة تدافع فيه عن نفسها؟؟... مو انت تقول لازم ما نحكم على الشخص غير لما نسمع وش عنده؟؟.. ليش تنصحنا بشي وانت ما تقوم فيه؟؟.
لم يعرف ما يقول أو كيف يفهم صغيره بأنها قد وجهت له طعنة خنجر جعلته يسقط من علو شاهق إلى قاع سحيق، ولأول مرة يشعر بالألم يغزوه بالكامل دون أن يكون له القدرة على معرفة من أين ينبض هذا الوجع، ولما بالأصل يتألم؟؟... فبالسابق لم يشعر هكذا فما الذي اختلف؟؟.
- انت لازم ما تتدخل بيلي يصير بين الكبار، وفي أشياء انت بعدك صغير علشان تفهمها.
ليهتف برفض:
- ما ني صغير، وأنا أفهم وأجوف وأسمع وهي كانت تناديك وتترجاك إنك تعطيها فرصة علشان تفهمك الموضوع بس انت ما سمعتها وطردتها من البيت.
تحدث بلوعة الفراق، تحدث بصدر ينبض جراحا على فراقها، ولهث يبحث عن أمان قد فارقه ولم يستطع سوى أن يقول بالآخر قبل أن يعود لغرفته وحيدا دون أن يرى بالداخل من تبتسم له ومن تربت على رأسه وتحتضنه لتخبره بأن القادم سيكون أفضل وأفضل.
- راح يجي لك يوم وتندم على يلي سويته فيها.
- عبدالله.....
لم يأبه لاعتراض والده واستطرد بقلب ينبض ألما:
- ما فكرت إن يلي قالته الحرمة هذيك يمكن كذب؟؟.. تعرف شي... الله راح يبين لك مين يلي يكذب، ولما تعرف شو السالفة ماما عنود أبدا ما راح تسامحك .
والتفت يدير ظهره لوالده ومشى بخطى بعيدا عمن كان السبب بشعوره بالهجر والحرمان.
وقف ينظر لولده وهو يغادر وكلماته تصعق رأسه ولم يستطع التحمل أكثر من هذا فقد شعر بالمكان يخنقه ويضيق عليه، دخل غرفته وسحب مفاتيح سيارته بسرعة وانطلق للخارج دون أن يأبه للنداءات من ولد عمه التي لم يفقه لما يقوله، فما بداخله نار تشتعل، تحرقه وتكويه لحد خروج تقيحات تدميه وتؤلمه.
استقل سيارته وضغط على دواسة البنزين ليدوي صريخ اطاراتها بأرجاء المنزل لينطلق أصحاب المنزل خلفه لعلهم يثنونه عن جنونه، لكنهم متأخرين!!.. فقد أطلق العنان لسيارته وقادها يكاد يحلق بها وانطلق بها للمجهول وكأن الشياطين تلاحقه.
*************************
وفي منزل آخر بعيد عن ضوضاء هذا المنزل الذي بدأت أركانه تهتز وتتزعزع جلست امرأة والخوف اعتلى وجهها، ورجل جلس يقابلها وعيناه تنظر للبعيد وسألته بهلع:
- حتعمل إيه؟؟... مكنش إله لزمه إنك تطردها وتؤلها كل الحجات المستخبية، وخصوصا إن الكل آعد بيدور عليها، خيفة إن كل حاجة تطلع ونطلع إحنا بمولد بلاحمص.
وعندما لم يجبها هزت يده ليصرخ بها وقد نفض يدها ووقف يعلوها:
- شوتبيني أسوي يعني؟؟.. قهرتني وقالت كلام ما قدرت ما أرد عليها، كان لازم أقهرها مثل ما هي قهرتني.
وقفت هي الأخرى والغضب قد تملكها من صراخه عليها:
- يعني معرفتش تديها كفين من بتوعهم وتسكتها؟؟.
- انت ألحين ليش خايفة؟؟.
ضربت كفيها وقالت باندهاش:
- شوف الراجل بيؤولي ليه خيفة؟؟.. لا أنا مش خيفة ولا حاجة بس احنا حنام بالشارع لما ترجع وتطالب بحجتها.
رفع كتفيه بلا مبالاة وهو يعود ويجلس بمكانه ويخرج علبة السجائر من جيبه وبدأ بتدخينها وأخذ يراقب دخانها وهو يعلوا ثم يختفي وبعدها همس:
- بس هي مختفية والكل يدور عليها وما حصلوها، ولو بغت هي حقها كان وقفت وطالبت.
ارتخت أعصابها وناظرته من طرف جفنها وعادت تسأله:
- يعني انت متضنش إنها حترجع لهنا؟؟
تكتك بلسانه وعاد يقول:
- ما أظن انها ترجع بعد يلي صار فيها، عنود أهم ما عندها غير كرامتها وبس، وبعد لا تنسين بعد لما أنا قلت لها من إني مب أبوها.

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 25-12-16, 08:43 AM   المشاركة رقم: 128
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

الفصل الواحد والعشرون........
تسري بي الأيام في دهاليزها وعمرا ينقضي دون معرفة.
تأخذني بدوامتها فإما أن أخرج منها منتصرا وإما أن أقبع بداخلها منهزما.
فأدور وأدور وأعود لنقطة البداية فأقف وأنظر وأتساءل...
لما لا أستطيع التحرك؟؟.. لما أرى عمري يضيع دون أن أقدر على ايقافه؟؟
توقف بي الوقت ولم أستطع تحريك عقاربها، كأن طاقتي قد نفذت مني.
أغرق وروحي تهدر بي لأبحث عمن ينقذها، فلا أرى سوى سراب يخنقني.
فألوذ بنفسي بعيدا عن غدر الزمن.
من قال أن النساء فقط من تبكي؟؟...
ألسنا بشر من لحم ودم؟؟..
أليس لدينا أحاسيس؟؟
أجل أعرف... نشأنا رجال أقوياء.
والباقي ما هي إلا ترهات قد وجدت للنساء فقط.
أعود وأسأل بالرغم من أنني سرت بطريقي مغلقا عيناي عن كل ما هو حولي ماذا يحدث لي؟؟..
لما ألتفت خلفي كأنني نسيت أحد ما؟؟..
ما به خافقي؟؟.. أكاد لا أشعر بضرباته كما السابق؟؟...
تهت وما عدت أعرف طريقي، ضعت وقد غدا العالم موحشا علي، وما عدت أرى نفسي سوى ظل رجل.
( حمدان )

تمر بنا الأيام وتمضي بنا الأزمان والعمر يضيع وما بيدنا شيء سوى النظر إليه وهو يرحل يوما بعد يوم، وشهر تلوا الشهر، والسنة تتبعها سنة أخرى.
وتساؤل.. هل يرحل الانسان أيضا ويختفي بغير موته؟؟..
هي اختفت كأنها فص ملح وذاب في بحر شاسع كأنها لم تتواجد بهذا العالم أبدا، فقط ذكرى امرأة كانت هنا بالسابق.
أين ذهبت؟؟... الكل يتساءل ويبحث، لكن لا أثر لوجودها أبدا، فقط بقايا أوراق تثبت بأنها ما تزال على قيد الحياة ولم تفارق دنياهم بعد.
مر على تلك الأحداث اسبوع وعادت الأمور لتنتظم بمنزل آل الكتبي، الأولاد في المدرسة، حمدان يخرج ويدخل وكل ما يرون منه هو شبح يسير بين البشر، وأبو سالم يقضي جل وقته بالمنزل وأحيانا قليلة يذهب لمنزله الآخر، والجدة تجلس بصمت كأنها تنتظر شيء ما، والبحث ما زال جاريا عن العنود.
في وقت الظهيرة جلست الجدة وأم سالم بغرفة الجلوس يتحدثون بانتظار قدوم الجميع من أعمالهم أو من مدارسهم وكان أول الوافدين حمدان دخل وسلم عليهم بجمود اعتادوه منه بالآونة الأخيرة وجلس دون حديث أو أي حرف واحد.
لم تهتم الجدة ولا العمة بسكونه وعادوا يتسامرون وبعدها بقليل حضر سعود ومنصور.. سعود بعمر 25 شاب مطيع وهادئ ووسيم، يدرس الهندسة، ومنصور آخر العنقود وسكر معقود كما يقال، شاب وسيم ومرح، يبلغ من العمر 20 ، محب لممارسة الرياضة لينمي عضلاته، ويدرس بالكلية العسكرية، ويعشق والدته كثيرا.
انضموا للجميع وبعد السلام والتحية بدأ منصور بمشاكسته المعهودة واطلاق النكت ليضحك الجميع واخبارهم بالأحداث التي جرت له بالكلية إلى أن دخل الأطفال وخلفهم عمهم سالم، ألقوا التحية بهدوء كان أن اجتاحهم منذ مغادرة من كانت لهم كالحضن الدافئ وعادوا الآن ليلتحفوا جليد الشتاء.
طبعوا قبلة على كف والدهم بصمت والكل يناظرهم بقلة حيلة والشفقة تعانق مآقيتهم على حال هذين الصغيرين وأيضا كبيرهم لم يكن حاله بأحسن منهم، هو فقط أجاد ارتداء قناعه، والتفتوا مغادرين إلى أن أوقفتهم الجدة:
- يا عيال.. بدلوا وتعالوا علشان تتغدون.
التفت عبدالله وأجابها:
- أنا ما بي غدى، كليت فالمدرسة.
لتهمس حنان أيضا:
- وأنا بعد كليت فالمدرسة وشبعانة.
والتفتوا مغادرين لغرفهم والكل يشيعهم بنظراتهم إلى أن اختفوا.
أخفض عينيه وناظر الأرض والضيق عانق صدره مما يحدث مع أفراد أسرته، واتهام نسبه لنفسه، وحقد قذفه لصنف كان السبب بما آل إليه حال أطفاله.
لحظات هي حتى تحدثت الجدة موجهة سؤالها لسالم:
- ها يا سالم شو الأخبار؟؟.. وشصار على موضوعنا؟؟
فرك لحيته ثم أجابها:
- ما في شي يديد يا يدوه، والجماعة يلي وصيتهم يدورون عليها اتصلوا فيني وقالوا انهم ما حصلوها.
تعانق حاجبيه باستفهام، وفضول سرى بداخله لمعرفة عمن يتحدثون، فأنصت يبحث عن اجابات وأكمل الآخر وعيناه التقطت اختلاجات صديقه وابن عمه، فأراد المزيد من هذه التعبيرات ليعود ويتنفس الحياة، ولعله يتحرك.
- ويلي يراقبون بيت أبوها بعد قالوا نفس الشي، هي ما جت عندهم.
انقبض صدره وتراقصت نبضاته بتسارع غريب كأن شيء ما قد صعقها، وتوسعت عيناه بادراك عمن يتحدثون.
رفع رأسه للأعلى والصدمة واضحة كل الوضوح على ملامحه والكل يراقب ويشارك لعل ذلك الغافل يستيقظ من غيبوبته التي أودى بنفسه بها بقوقعة بعيدة عن عالمهم، فجسده موجود بينهم، لكن روحه لم تعد بمكانها وكأنها حلقت لدنيا أخرى غير دنياهم.
لتعقب أم سالم بحزن وأسى لحال لتلك الفتاة التي أحبتها من أعماق قلبها:
- يا ربي وين راحت البنت؟؟.. والله خايفة عليها من أولاد الحرام يس...
فقاطعتها الجدة هاتفة:
- بسم الله على بنيتي!!.. الله يحميها ويحرسها ويرجعها لنا بخير وسلامة.
قلبه صار الآن يطرق بشدة كأن مطرقة عملاقة تضرب به وبكل قوتها على قلبه ليشعر به ينشطر لنصفين، فالحقيقة تنجلي.. عنود قد اختفت!!.
يناظر الجميع ويبحث عن اجابات ولا يرى منهم سوى الصدود وعدم المبالاة بتساؤلاته التي نطقتها مقلتيه.
أراد الصراخ بهم لما لا تتكلمون؟؟.. لما لا تقولون؟؟.. لما الصمت؟؟.
السكون حل بين الجميع، وبركان هائج يموج بداخله ويكاد يطفح من شدة ثورانه، ليصله همس محدثا اياه بعتاب:
- ليش تبي تعرف عنها؟؟.. مب هي يلي خانتك وغدرت فيك؟؟.. خليها تولي، وتستاهل يلي صار فيها، ولو تموت بعد يكون أحسن ونفتك منها.
لترتفع أنفاسه ويلهث صدره يجترح هواءه بصعوبة من تلك الكلمة، وهدر به صوت آخر بكل علو يملكه:
- لا... لا... انت جنيت؟؟.. شو تموت!!.
ليقاطعه صارخا :
- مب هي يلي خانتك؟؟.
- حتى ولو، بس ما تموت، ما تختفي من عالمي.
- انت مجنون؟؟.. وش تبي فيها؟؟.. هذي وحدة "أرخصتك علشان الفلوس، انت كنت عندها ولا شي.
سكت ولم يستطع الرد على محدثه، وأعاد السؤال بعقله عدة مرات " ماذا يريد من امرأة قد غدرت به واتخذته وسيلة لبلوغ هدفها؟؟"
نفض الأصوات بداخله، ورفض شع بمقلتيه، وعندما التفت يبغي السؤال كانت جدته وعمته قد غادرتا دون أن يشعر بهما، فتحرك رأسه تلقائيا ناحية من شاطره أحزانه وأفراحه وفتح فمه يبغي سؤاله فأبت حروفه الخروج كأنها ترفض ما يريد القيام به.
فعاد من جديد ليسأل، هو فقط سيطمئن عن حالها ولا شيء آخر، شيء ما بداخله يرفض غيابها عن محيطه، لكن لسانه عجز عن اخراج ذلك السؤال كأنه يخشى القائه ويسمع مالا يعجبه، فرحم صديقه حاله وهو يطالع ما يعتمله من صراع داخلي، وعلم وفهم هو يريدها لكنه يناقض نفسه، وعليه هو أن يقوده للطريق الصحيح لعله يستطيع ردأ الشق الذي حصل بينهم.
- شكلك ما تعرف شو يلي صار؟؟..
وأكمل دون أن ينتظر إجابة:
- عنود مختفية من يوم ما طلعت من البيت، ولما طلعنا ندور عليها ما جفنها فتوقعنا إنها راحت لبيت أبوها، فلما رحنا نسأل عنها عندهم قال إنها مايت عندهم من يوم ما جت تعزمهم للحفلة، ولما طلعنا لحقتنا اختها الصغيرة وقالت لنا إن عنود كانت هنا وإن أبوها اضارب معاها وبعدين طردها من البيت بنصاص الليالي.
فز من جلسته وقد غلت دماءه بعروقه، وهدر كما الصواعق بليلة ظلماء توشك على كشف ما بجعبتها:
- كيف قدر يطردها بالليل؟؟.. ما يعرف إنها بنت وما هي بولد علشان تدبر نفسها!!.
طالعه سالم بنظرات لائمه ومتهمة وهمست مقلتيه بما لم يبح به لسانه:
- انت بعد طردتها من بيتك بالليل، فليش حلال عليك وحرام عليه.
أشاح حمدان بوجهه بعيد من رؤية الاتهام بعيون الجميع، وقبل أن يتحرك سأله:
- ما سألتوا صديقاتها؟؟.
هز سالم رأسه وأجابه:
- هي ما عندها صديقات غير بنت وحده، وهذي مسافرة وبعدها ما رجعت.
وتحرك حمدان مغادرا باتجاه جناحه بخطوات واسعة وحانقة على تلك الفتاة الغبية والحمقاء التي اختفت دون أي أثر لها، هل تتقصد هذا؟؟.. هل تريد جذب الأنظار إليها؟؟.
رفض تلك الأفكار التي تعبث بعقله فهي ليست من هذا النوع المحب للظهور، ليعود ويستنكر هو بالأصل لا يعرف من أي نوع هي، هو حتى لا يعرفها، بلى هو يعلم من هي، هي امرأة غادرة وخائنة.
دخل لجناحه وتحرك بغرفة نومه جيئة وذهابا كأنه نمر حبيس قفصه ويريد التحرر منه والأفكار تتلاطم بداخله كما الأمواج الهائجة ليتلقف زجاجة عطر من على الطاولة وقذفها على المرآة وهو يصرخ:
- غبية... غبية، وين راحت؟؟.
شد شعره بقوة وناظر نفسه بالمرآة وهمست صورته المشوه اثر تكسر الزجاج:
- انت انسان متناقض يا حمدان، وودي أعرف انت وشتبي ألحين؟؟.
ليجيبها بضياع:
- مب عارف وشأبي، مب عارف.
سكت قليلا واجترح أنفاسا عميقة لتتسلل إليه رائحة فواحة رائحة يعرفها جيدا ولطالما تمرغ بعبقها.
عاد الهدوء إليه واستكان جسده بخدر وعقله قد غاب بذكرى هذا العطر الذي طالما عشقه على جسدها، ليقول بعدها وقد عادت قواه إليه كأن طاقة قد نفذت إليه معطية إياه العزيمة.
- أنا مب عارف يلي أبيه بس كل يلي أعرفه ألحين إني لازم ألاقيها.
وتحرك ناحية الدولاب مغيرا ملابسه العسكرية وبعدها بدأ بإجراء اتصالاته ليجدها أينما كانت حتى ولو كانت بسابع أرض.
*****************************
وبالأسفل حيث بقي الأشقاء سالم ومنصور وسعود يتحدثون.
- طيب لما هو يبيها وخايف عليها كذا ليش طردها وطلقها؟؟.
تساءل سعود بتعجب ليجيبه شقيقه سالم بعيون شابها التفكير والتعمق:
- في شي قوي صار بينهم لدرجة إن حمدان يطلقها ويطردها من البيت، وودي أعرف شو هو؟؟.
ليسأل منصور:
- انزين ولما هو طلقها وما يبيها ليش عصب كذا كان المفروض يسكت ولا يهتم بيلي يصير فيها، يعني حتى إن شاء الله تموت المفروض ما يهتم.
طالعه سالم بحاجب مرفوع وسأله:
- أكيد تمزح؟؟.. جنك ما تعرف ليش هو معصب جذا؟؟.. ما عرف هل هذا غباء منك أو إنك تتغابى؟؟.
فرك منصور شعره الغزير وقال باستغراب:
- لا .. صدق أنا ما عرف!!.
ليجيبه سعود بعد أن صفقه على رأسه بلطمة:
- يا الغبي.. لأنه يحبها .
فرك مكان الضربه وأجاب:
- أها..علشان كذا هو صاير مثل الخبلة
لينهض الشقيقان ناحية منصور والرغبة بدق عنقه على غبائه تظهر على محياهم، ففر هاربا منهما محتميا بالأريكة وهو يحادثهم:
- خلاص يا جماعة هدوا وصلوا على النبي، أنا ما قلت شي.
توقف الشقيقان وناظراه لثوان حتى قال سالم وهو يتحرك مبتعدا عنهما:
- أحسنلي أروح وأيلس مع أولادي أبرك من مجابلة ويوهكم الخسفة.
وانطلق مغادرا ناحية جناحه وفعل سعود بالمثل واستأذن لمغادرة غرفته لطلب الراحة وبقي منصور يناظر خلاء المكان حتى همس لنفسه:
- ويعني أقعد لحالي أكلم الجن؟؟.. خلني أروح أنام شوي والعصر أروح عند الشباب.
وقبل رحيله رن الهاتف ليتأفف من هذا المتصل الذي يتصل بهذا الوقت المتأخر من الساعة فهي تناهز الثانية والنصف ظهرا وبهذا الوقت يأخذ الجميع قيلولة للراحة.
رفع السماعة متوعدا المتصل بالويل ليجيبه صوت طفولي خجول وهامس:
- ألو...
- ألو... مين معاي؟؟
صمت من الطرف الآخر ليعود منصور ويسأل:
- مين معاي؟؟.. وإن ما جاوبتني بسكر التليفون.
لتسارع قائلة:
- لا متسكرش التليفون، أنا.. أنا عوزة طنط خديجة، ممكن تديهالي؟؟.
ليردد منصور خلفها ببلاه:
- طنط خديجة!!.
قطب حاجبيه وعاد يسألها بصوت عالي أخافها قليلا:
- انت مين؟؟.. وشتبين فيها؟؟.
- معليش عوزة أكلمها ضروري....
قطعت جملتها وتناه لأسماعه صوت شهقتها الخائفة وبعدها صوت امرأة تزعق بصوت عالي أصم أذنيه تسألها عمن تكلم لتجيبها بأنها تكلم صديقتها فاطمة، فقطب حاجبيه وأعصابه بدأت تغلي وتساءل ما الذي يجري هنا؟؟.. ولما كذبت الفتاة على المرأة الأخرى؟؟.. وما هي إلى دقائق حتى وصله صوتها النشاز الذي آلم أذنيه:
- مين معاي؟؟.
وتردد ماذا يفعل.. هل يكشف كذب الفتاة وتعاقب تحت يدي هذه المرأة التي لا يعرف من هي أم يساعدها؟؟... أيقظه من تساؤلاته سؤالها الذي أعادته بشي من الصريخ، ليجيبها بصوت أنثى رقيق أتقن تقليده:
- هلا خالتي أنا فطامي صديقتها بالمدرسة.
حل الصمت ولم يعرف ما حدث سوى أن بعد فترة جاءه الصوت الطفولي قائلة ببعض الخشية:
- ازيك يا فطمة؟؟.
حتى تعدل صوتها بسرعة قياسية هامسة بخفوت خوفا من سماعها:
- والنبي تديني طنط خديجة عوزة أسألها عن حاجة مهمة أوي.
- طيب قوليلي أنت وشتبين فيها وأنا أقول لها، لأن أمي مب هنا هي ألحين نايمة.
لا يعلم لما كذب فهو يعلم أن والدته لا تحب النوم في الظهيرة، هو فقط الفضول ليعلم حكاية هذه الصغيرة.
وصلته زفراتها عبر الأثير ليشعر بثقلها عليها كأن هذه الصغيرة تحمل أطنانا من الحمولة على أكتافها، ليعود ويسألها:
- طيب قوليلي وأنا يمكن أساعدج؟؟.
فسألته بخشية:
- انت مين؟؟
- أنا ولدها منصور.
لتسارع قائلة:
- أيوة انت تئدر، يمكن تعرف أي حاجة عن أختي عنود.
وهنا علم من هي وسألها بدراية:
- انت اخت العنود.
- أيوه أنا آمنة أختها، والنبي تؤولي وتريحني، لئيتوها ولا سمعتوا أي حاجة عنها؟؟.
- انت ليش تتكلمين بصوت خفيف؟؟.. خايفة أمج تسمعج؟؟.
لم يصله جوابها سوى أنفاسها المتسارعة دليل صحة سؤاله، ليجيب بعدها:
- لا والله ما سمعنا أي شي عنها، بس صدقيني الكل يدور وما خلينا مكان إلا ودورنا عليها .
عادت أنفاسها تصل إليه وصوت أنين موجع صدر منها كأنها تكتم بكاءها، ليحادثها برقة لعله يدخل الطمأنينة لقلبها:
- لا تاكلين هم، عنود إن شاء الله بنحصلها، وإن شاء الله بتقرين عينج بشوفتها.
لتجيبه بصوت باكي ومكتوم بصعوبة خوفا من خروجه وفضحها:
- طيب متى بجوفها؟؟.. والله اشتقت لها!!.. ولما أبوي طردها من البيت بغيت أروح معاها بس هي ما طاعت.
رفع حاجبه بصدمه من تغير لهجتها، وتذكر لقاءه بها بذلك اليوم عندما قاموا بزيارتهم لأول مرة، لا يتذكر ملامحها جيدا، لكن ما يتذكره هو فتاة خجولة للغاية، وعيناها كانت تعانق الأرض، وعندما هموا بالرحيل تحدثت ويتذكر تغير لهجتها مع العنود ومزاح الأخرى بأن تثبت على لهجة واحدة، فابتسم دون ارادة ليقول لها:
- وانت ما تثبتين على لهجة وحدة؟؟.. اختاري يا إما مصري أو اماراتي.
لتقهقه آمنة بصوت عالي حتى تحول لنشيج باكي آلم قلبه على حال هذه الأخت التي تتوجع لفراق شقيقتها وغيابها المفاجئ عنها، وهمس لنفسه وصورة شقيقتها الأخرى تظهر على صفحة عقله.. شتان ما بين الأختين.
فعاد يحادثها:
- لا تبجين.. إن شاءالله ما يكون إلا كل الخير، وعنود قوية وراح تتحمل من روحها، هي بس تبي وقت علشان تفكر زين وتجمع نفسها.
هدأ البكاء من الطرف الآخر وهمست بحشرجة جعلته بشكل عجيب يرغب بضمها والتربيت عليها إلى أن تهدأ:
- تتوقع جذا؟؟.. هي بس تبي تفكر وبعدين راح ترجع مرة ثانية، صح؟؟.
أرادت التأكيد، أرادت الاطمئنان والتمسك ولو بقبس ضئيل من أن شقيقتها غائبة فقط لأنها تحتاج فسحة ولبعض الراحة وستعود بعدها لساحة القتال كما اعتادت منها دوما.
- هيه عنود قوية وراح ترجع، بس قولي إن شاالله!!.
- والله إني أدعيلها بكل صلاتي إن الله يحميها ويرجعها لي بخير.
- تحبين العنود وايد؟؟.
- أكثر من نفسي. هذي أمي يلي ربتني.
زعيق من بعيد قد جاءه عبر الأثير لتهمس بسرعة:
- طيب أسيبك دلوءتي يا فطمة، ومتنسيش تبلغيني بيلي وصيتك عليه أول بأول.
وعادت تهمس بباقي جملتها:
- بتصل فيكم متى ما قدرت علشان أسأل عليها.
ابتسم لسرعة تغيرها من لهجة لأخرى وأجابها بسرعة قبل أن تغلق الهاتف خوفا من بطش والدتها:
- إن شاء الله ،وراح أنتظر اتصالج بهذا الوقت.
وأغلق الهاتف من جهتها وظل هو يناظر السماعة بغرابة، وكأن بإغلاقها للهاتف قد فقد شيء ما.
نفض رأسه عن هذه التراهات وأوعز الأمر بأنه مشفق على حالها، وأيضا هي طفلة صغيرة فكيف يفكر بها بهذه الطريقة الغريبة عليه!!.. فأبدا لم يدخل بدائرة حياته امرأة حتى ولو مجرد العبث، فوالدتهم قد حرصت على تربيتهم جيدا، وكما أن خوفهم من الله منعهم من الاقدام على القيام بأي شيء يخرج عن التعاليم الاسلامية.
أغلق السماعة وتحرك إلى غرفته ينشد الراحة، ولكن كيف يرتاح وقد زاره طيفها الخجول وقد رسخ نفسه بقاع مركز عقله ولا ينوي الرحيل.
********************************
وفي مكان آخر.....
جلس أبو سالم على الأريكة ينظر لساعته كل حين ومن ثم اعتدل ما أن جاءه صوتها الناعم:
- البيت نور يا حبيبي.
- النور نورج.
وضعت صينية القهوة على الطاولة وحملت فنجان قهوته التركية واتجهت مضجعة جسدها ملاصقا لجسده وأهدته فنجانه ليتلقفه بعد أن شكرها، ولفت ذراعيها حول جسده وأرخت رأسها على كتفه وحادثته:
- كدا يا حبيبي تآطعني ومعدتش تيجي؟؟.. هو انت معدتش تحبيني ولا إيه؟؟.
ارتشف قليلا من فنجانه ثم وضعه على الطاولة وأجابها:
- انت عارفة الموضوع يا ابتسام، وما أقدر أترك البيت بهذي الحالة وأجي عندج.
- ليه هو انتوا لسه معرفتوش عنود هي فين؟؟
- للأسف ما نعرف إلين ألحين هي وين؟؟.. أو وين راحت أو هي مع مين؟؟.
- وجوزها عامل إيه؟؟.. أكيد بيدور عليها هو كمان؟؟.
- حمدان...
ضحك بسخرية ثم استطرد:
- بالعكس ولا هو سائل عنها، وصاير ما يقعد معانا مثل أول، كل شي تغير بالبيت وما عاد مثل حاله.
تراقص قلبها طربا للحال المتردية التي تعيشها الآن عدوتها، وخيالاتها تشطح بها بكيف صارت الآن ذليلة مكسورة، لا سند ولا قوة، ومشردة تطوف الشوارع.
كم تتمنى أن تراها الآن بثياب مهملة وقذرة، وجائعة لتتوسلها وتقبل قدمها فقط لترحم عجزها!!.
توسعت ابتسامتها وارتفع صدرها بغبطة إلى أن قاطعها زوجها قائلا:
- أنا لازم أروح ألحين البيت، أكيد يتريوني على الغدى.
انتفضت صارخة:
- ليه... هو أنا مش مراتك ومن حقي انك تؤعد معاي؟؟.. وكمان تبات زي زيها؟؟.
أصابه الضيق وابتعد عنها ناهضا من مكانه والتفت إليها مجيبا اياها بحزم:
- ابتسام.. لما تزوجنا قلتلج كل شروطي ومن بينها إني متى ما حبيت بي عندج، وقلتلج أم سالم عندي بالدنيا كلها، وهي الأهم وانت وافقتي على كل شي، وقلتي إنج راضية، بس شكل كل يلي قلته صار ما يعجبج، وصرتي تبين أكثر وأنا مب مستعد إني أعطي.....
قاطعته وهي تهتف وتتحرك ناحيته بسرعة:
- لا متؤلش كدا، وأنا أسفة مكنش أصدي.
احتضنته وتابعت وهي تلوم نفسها على انفجارها:
- أنا بس اشتأتلك.
تنهد واحتضنها وتابعت هي بمكر أنثى ترغب وتريد ولن تذود عن تحقيق أمنياتها، واستطردت:
- أنا طلبتك علشان محتاجاك بالفترة دي إنك تكون معاي.
تأفف حسن وأبعدها عنه وهتف:
- بس أنا ريال مشغول وعندي مسؤوليات كثيرة وانت عارفة هذا الشي.
تراجعت للخلف وبتمثيل متقن بدأت لعبتها..
دموع هطلت بمهارة على وجنتيها، ونشيج بدأ يخرج من ثغرها، والتفتت تغادر ناحية غرفتها بخطى بطيئة وهي تهمهم:
- أنا أسفة!!.. خلاص روح وأنا ليا ربي مش محتاجة حاجة منك.
رقت ملامحه، فهو عند دموع الأنثى يتوقف ويتراجع.
لحق بها وأمسكها قائلا بهدوء وحنان:
- أنا آسف يا ابتسام!!.. بس أنا صدق مشغول ووراي أشغال.
أمسكت به وبكت على صدره وهمست:
- بس أنا محتاجاك أكتر بالفترة دي.
أبعدها عنه قليلا وأخذ يمسح دموعها وسألها:
- شو تبين يا ابتسام وأنا حاضر.
توقفت دموعها وقالت بابتسامة ماكرة لم يلحظها:
- مش أنا يلي محتاجة، ده هو يلي محتاجك.
وسحبت كفه ووضعتها على معدتها المسطحة ليسأل حسن دون فهم:
- ما فهمت عليج؟؟.
رفعت رأسها ناحيته وقالت بكل قوة:
- مبروك يبو ..... أممممم انت عايز تسمي ابنك إيه؟؟
بهت قليلا من كلامها ولم يفهم، وظل واقفا يتطلع لوجهها وتارة أخرى لكف يدها وهو يتحرك على بطنها إلى أن زعق بها ودفعها عنه:
- انت جنيتي يا ابتسام؟؟.. أنا مو قلت مابي عيال وكنا متفقين على هذا الشي، شكلج صرتي تلعبي من وراي وأنا ما عرف؟؟.
جزعت وتوترت إلى أن بدأ جسدها يفرز حبات من العرق، والرعب نهش قلبها من أنه قد كشف خيانتها.
ظهرت أمامها بوادر الاغماء أو كما ظنت أن ملك الموت قد جاء ليأخذ روحها، وتحرك من أمامها وأخذ يسير بكل اتجاه إلى أن توقف وعاد يصرخ:
- أجوفج لغيتي كل شي اتفقنا عليه؟؟.
تنبهت حواسها على ما قاله، ثم ارتخت أساريرها وتنهدت براحة من أنه لا يعلم أي شيء، فعادت تحرك رؤوس عقلها إلى أن قالت بألم:
- يعني أنا لوحدي يلي عملته؟؟.. مش انت جوزي ولك يد بيلي حصل؟؟.
- بس كان اتفاقنا انج تاخذين منع.
- وربنا قادر على كل حاجة، يعني أرفض رزق ربنا؟؟.
حل الصمت بينهما ثم أخذت تتراجع والدموع تعود وتظفر من مقليها وهمست:
- اتوقعت انك تفرح، بس متهتمش أنا حعمل يلي انت عاوزه ومش حتسمع عنه أي حاجة، وربنا يسامحني على يلي حعمله.
وجلست على الأريكة وأخذت تبكي بصوت عالي.
أغمض عينيه والهم قد أثقل كتفيه، وصورة حبيبته تتجسد أمامه وتساءل.. هل ستسامحه هذه المرة؟؟.. هل ستسير الأمور بينهم كأن شيء لم يحدث؟؟..
ما بيده حيلة وهو انسان مؤمن بالله ويستحيل أن يقتل قطعة منه ليقول:
- لا تسوين شي يا ابتسام، هذا ولدي ومستحيل أرميه، وإذا ربي أراد أنه يصير فله حكمه منه.
هتفت بفرح وقفزت بسعادة وجرت ناحيته تقبله وتشكره على تفهمه ما حدث، وعيناها تبرقان بانتصار.
*****************************

تكتكت عقارب الساعة وتحركت من رقم لآخر، فتعود وتدور وتكتكت معلنة عن قدوم يوم آخر وهكذا تدور رحاها سارقة من عمرنا الكثير فننهض وننظر لأنفسنا بالمرآة فتطالعنا الحقيقة المرة، فقد غزى الشيب الرأس، واكتسح الهرم أجسادنا وصرنا لا نعرف من نحن؟؟ .
يتحرك هنا وهنا دون هوادة، وبحث لم ييأس منه بعد، وأيام مضت دون أثر ليفز خافقه بهلع بما حل بها، يا ترى هل غادرت دنياه؟؟
ليعود وينفض هذا التساؤل فلا مكان له برأسه، هي موجودة بمكان ما وسيجدها عاجلا أم آجلا .
رفع سماعة الهاتف بسرعة عندما طالعه رقم معين وهتف:
- بشر يا بو غيث!!.
لحظات هي حتى أغلق عينيه والضيق قد اجتاح صدره وهمس لمحدثه بعد فترة:
- مشكور وما قصرت، فيك الخير يا بوغيث، ولو وصلك أي خبر على طول اتصل فيني حتى لو كان بالليل.
وأغلق الهاتف ورماه فوق السرير وبدأ يفك أزرار قميصه العسكري فقد وصل للمنزل للتو وكما صارت العادة الآن لا أحضان ولا قبلات ولا استقبال فقط البرودة هي من تحاوطه بكل اتجاه، وأطفاله صاروا منعزلين عن الباقين ولم يعودوا كما السابق، هذا ما كان يخشاه، ولو لم يستمع لذلك الصوت لكانوا الآن هم بأفضل حال من دونها.
استغفر الله وعاد يكمل خلع ملابسه حتى توقف فجأة عن اكمال خلعه لبنطاله وصوت صريخ هز بدنه وشتائم انهالت عليه ليرفع رأسه وحطت عيناه على السرير بسرعة وذكرى أخرى عنها تطفح بالأفق...
هي تعاتبه لأنه خلع ملابسه أمامها دون خجل أو حياء، وتتوعده باخبار جدته.
رمش عدة مرات ليختفي خيالها لقد صارت أرق يزور لياليه، وهاجس يؤرق منامه، وأحلامه صارت لا تخلى منها.
نفض رأسه بقوة وخلع بنطاله ورماه على السرير بعصبية ومن ثم اتجه للحمام ليستحم وخرج بعدها يلف منشفة حول خصره.
ارتدى دشداشة وبعدها اتجه ناحية طاولة الزينة وأمسك بالمشط وأخذ يسرح شعره لتعود ذكرى أخرى تتجسد من خلال المرآة....
هي تسير ناحيته بقميص نوم مغري والخجل يعتمل ملامحها وابتسامة تسرق أنفاسه، وتقف خلفه ممسكة بالمشط وأخذت تسرح شعره بعبث. أغلق عينيه ينتشي بلمساتها السحرية على جسده المنادي والمطالب بما كان له، وما هي إلا لحظات حتى تداخلت صورة أخرى وهي تهديه طعنتها، وتحول شريط ذكرياته لشريط سنيمائي .....
كان أن انطلق للذهاب إليها ليستمع إلى حديث جعله على ما هو عليه الآن.
- جوزك عارف انت ليه وافقتي على الجواز وانت عرفه انه كبير أوي عليك بالسن؟؟.
كتفت عنود ذراعيها وقالت بسأم:
- ابتسام.. انت شو تبين بالضبط؟؟.
- ولا حاجة، بس حرام جوزك المسكين نايم على ودانه ومش عارف مراته هي تجوزته علشان.... فلوسه.
- هذا الموضوع انتهينا منه من زمان.
- يعني عاوزة تؤليلي إنك ما تجوزتهوش علشان فلوسه ؟؟.
تنهدت عنود بتعب وقالت:
- انت على وين تبين توصلين؟؟.
- طيب جاوبيني بالأول وبعدين حؤولك.
- أيوه أنا تزوجته علشان فلوسه بس ....
وما كادت تكمل جملتها حتى قوطعت من قبله، والشريط أيضا قطع عند هذه النقطة وانتفض بشدة ورمى المشط من يده كأنه أفعى سامة حتى وقع على الأرض.
تجمد بمكانه وجسده ينتفض بقوة وأعصابه تكاد تنفلت والرغبة بالقتل تلوح له بالأفق.
لحظات هي حتى استغفر الله عدة مرات وأخذ أنفاسا عميقة ومن ثم انحنى ليلتقط ما سقط منه حتى لفت انتباهه شيء ما محجوز ما بين الجدار وطاولة الزينة.
سحب الطاولة قليلا حتى اكتشف ما هو هذا الشيء، كان ظرف رسالة!!..
أخذ يقلبه بين يديه باستغراب ثم فتحه وفضه لتسقط ورقة بكفه وعندما فتحها حتى شعر بأنفاسه تنحبس ونبضات قلبه تتسارع، وحرك رأسه بكل اتجاه معتقدا من أنها ستخرج له الآن وتعنفه لقراءته رسالتها الخاصة، فهو يتذكر ذلك اليوم عندما سألها:
- شو كان فيها الرسالة يلي عطتج اياها اختج؟؟.
نهضت من الفراش وطالعته بنظرات مستنكرة وقذفته بعقيقها الأخضر:
- أظن هذا شي ما يخصك، وكل واحد له شؤونه الخاصة، خصوصا إن نحن موجودين مع بعض لفترة بس.
رفعت كتفيها بلا مبالاة وسارت ناحية الحمام مغلقة الباب خلفها وأغلقت تلك الذكرى وعاد يتطلع للرسالة بفضول كبير لم يكن يعلم بوجوده بداخله أبدا، لكن مع العنود الفضول دائما ما يكون معك لتستكشف ما لديها من خبايا.
تحركت قدماه دون أن يشعر وجلس على طرف السرير وبدأت عيناه تجري على الخطوط وبدأت كالآتي...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عنود أو خليني أقول ماما عنود لأنج انت الأم الوحيدة يلي احتوتني، علشان كذا انت تستحقي هذا اللقب لأن الأم مب يلي ولدت الأم هي يلي ربت وانت ربيتيني وعلمتيني وتحملتيني، فأنا لي الشرف إنج تكونين أمي وأشكر ربي لأنه سخرج لي...
شخبارج؟؟.. إن شاء الله تكوني بخير مع ريلج؟؟.. اشتقتلج وايد، وصار البيت من دونج ماله طعم، حتى اسألي أمون وهي راح تقولج إن البيت صار كئيب من بعد ما رحتي.
أنا آسف مب قصدي إني أضايق عليج بس حبيت تعرفي اشكثر غلاوتج عندي لدرجة ما صرت أطيق الدنيا دونج.
ماما عنود أنا حبيت أقولج شي!!.. تعرفي إن هذا اليوم أحس نفسي فرحان وايد، على شو ما عرف!!.. بس أحس إن في شي بيصير وبيكون شي حلو، وبكون مستانس منه، بس كان في شي بخاطري حبيت أقوله لج.. خليج دوم قوية شو ما صار، وإن الله يختبر عبده ويجوفه يشكر ولا لاء، عيشي حياتج مع زوجج ولا تلتفتين لورا، وإن كان على علاجي فما له داعي، ما بي ريلج ياخذ بخاطره منج بسببي، أنا عارف إن زواجج منه كان علشاني أنا.
جوفي.. إذا كان انسان طيب وحنون خليج مني وعيشي دنيتج ويكفي يلي فنيتيه علشاني، يكفي الحمل يلي طاح عليج وأنا مسامحج يا ماما عنود دنيا وآخرة، انت ما قصرتي معاي، وسويتي يلي تقدري عليه وأكثر بعد، انت دفنتي نفسج معاي، واتحملتي مرضي وتعبي، واتحملتي أبوي وحرمته واهاناتهم وضربهم علشاني، وأنا ألحين أقولج يكفي.. يكفي انج تضيعين نفسج على حد ثاني، خلاص عيشي لنفسج مب لغيرج، عمرج راح وانت تضيعيه على غيرج، دوري على راحتج ووناستج وعيشي الدنيا ولا تلتفتي لورا ما حد راح يسأل عنج، فما في غير نفسج وبس.
راح أدعيلج إن ربي يسخرلج ناس يحبونج ويعرفون قيمتج، انت ذهب أصلي ومافي منج، وإن شاء الله ريلج يعرف هذا الشي ويتحمل منج ويهتم فيج، وإن شاء الله تكوني مستانسة معاه.
عيشي يا عنود عيشي وماعليج من حد، وإذا صادفتج مشاكل اوقفي وواجهيها ولا تنكسري أبدا، لا تنكسري!!.. انت الجبل، انت الشموخ، وأبد ما يهزه ريح، وبالأخير ما بي أطول عليج، أتمنالج كل الخير والهنا وتعيشي مرتاحة ومستانسة، واعرفي إني أحبج وأمون بعد تحبج، وإن الله ما ينسى عباده.
ولدج مايد
أخفض الرسالة وهمس بوجع وندم كان قد فات أوانه:
- عنود.......

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 25-12-16, 08:46 AM   المشاركة رقم: 129
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

الفصل الثاني والعشرين........
تجبرنا الحياة أن نخوض غمارها مجبرين أو مطيعين فنلوذ لها خانعين.
نسير بغياهيبها على أمل النجاح، فمهما تكالبت علينا الأيام فالنور سيشع في طريقنا مهما طال به الوقت.
أكررها.. وأعود وأكررها.. ((إن بعد العسر يسرى))
عليك عدم فقد الأمل وعليك التمسك بكل قوتك بأنك ستنجح لا محال.
تقدم للأمام بأفق واسع، وإن كنت ضيق العقل والفكر والروح فحتما ستفشل!!.
دع ايمانك وتوكلك للذي خلقك فهو أدرى بما يخبئه لك، وثق بأن ما قيل هو الصحيح.. (( فعسى أن تكرهوا شيء هو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيء هو شر لكم)).
فآمن بأن الله معك مهما كانت المصائب التي تحيط بك، واعلم بأن خلفها حكمة نحن لا ندركها، علينا فقط السير قدما بحياتنا وأن نعتبر، وأن لا نلتفت للماضي، فما حدث قد حدث ولا يفيد الندم أو قول كلمة لو... .
فالشمس تشرق كل يوم، بمعنى أن الحياة في كل يوم تتغير ولا تعلم بما ينتظرك،
لكن هذا لا يعني أن نضع يدنا على خدنا وننتظر الفرج، عليك بالسعي خلفه وأن تثابر وتقاتل بسبيل العلو والنجاح.
سر بطريقك قدما، وضع هدفك نصب عينيك، وعليك بالنظر للأمام فمستقبلك ينتظرك، فقط عليك أن تفتح له المجال للعبور.
وأخيرا.. الأمنيات ليس من الصعب تحقيقها، فقط عليك أن تصبوا لتبلغ هدفك، وستنجح بإذن الله، وأن لا يأس مع الحياة .
*********************************
تسير بخطى واثقة وثابتة لن تتزحزح عن هدفها مهما جار عليها الزمن، فقد صممت ووضعت هدفها ولن تذود عنه.
رنين كعبها المنخفض يضرب بالأرض بصلابة يعلن عن قوة صاحبته، وعباءة سوداء تلتحف جسدها مخفية إياه عن العيون المفترسة، وشيلتها تلفها باحكام على رأسها مغطية تاجها من تلك الجمرات التي توعدها الله لمن تظهرها للجميع.
بين يديها شيء حلمت بحملها وها هي الآن تنام براحة على ذراعيها، وحقيبة متوسطة الحجم توسدت كتفها.
مشت إلى أن وصلت ووقفت تتطلع بالمكان إلى أن وجدت هدفها تلوح لها.
- عنود... عنود....
لوحت لها صديقتها شهد فسارت ناحيتها بابتسامة مشرقة، سلمت على الفتيات الباقيات ومن ثم جلست بمكانها تتسامر معهن إلى أن تبدأ ما جاءت لأجله، وما هي إلى ثوان حتى دخل أستاذ الحصة وبدأ محاضرته بعلم الأحياء، فعمى الهدوء المكان، والعيون انصبت للأمام، والأقلام تحركت مع كل كلمة يلقيها الأستاذ، ومر الوقت ما بين شرح وأسئلة وكتابة حتى انتهت الحصة وخرج تاركا خلفه طلابا قد اختزنت عقولهم العلوم الكثيرة.
فلعلع صوتها عاليا:
- حشى... ما بغينا يخلص، المادة صعبة وايد.
هتفت شهد وهي تغلق كراسها وتلتفت لصديقاتها، فأجابتها عنود بهدوء وهي أيضا ترفع أقلامها وكتبها لتضعهم في حقيبتها:
- نعم المادة صعبة شوي، بس مع المذاكرة بتكون سهلة إن شاءالله.
لتقاطعهم ميثة قائلة بتأفف هادئ:
- أف.. علينا بعد شوي محاضرة أبو عيون زايغة.
قهقهت الفتيات بمرح للقب الذي أطلقوه لاستاذ الرياضيات، فهو من النوع الذي يناظر الفتيات بوقاحة دون أي اعتبار للحشمة.
فقالت ميثة بصوت خفيض:
- الحمدالله إني مب حلوة وايد علشان يطالعني.
لتردد شهد أيضا نفس عبارة صديقتها:
- وأنا بعد الحمدالله، أنا حلوة وقمر وعسل بس مب ذاك الزود، مب مثل بعض الناس.
وأشارت ناحية صديقتها وأكملت:
- أم العيون الخضر، والشفايف الحمر، والجسم يلي مثل العود، و.... .
قاطعتها العنود بحواجب مرفوعة:
- أجوفج صرتي شاعرة وقاعدة تتغزلين؟؟.. أقول اسكتوا أحسن لكم وخلونا نطلع ونروح الكافتيريا، أنا يوعانة.
وخرجت الفتيات وسط المزاح والضحك إلى أن توقفوا بعد أن وقف أحدهم بطريقهم.
- السلام عليكم
- وعليكم السلام، شخبارك استاذ خليفة؟؟
أستاذ خليفة رجل وسيم بمعنى الكلمة، أسمراني، وعيونه بنية، وخشمة طويل، ولحية خفيفة ومحددة زادت من وسامته، جسمه معتدل الحجم يعني لا ضعيف ولا سمين يمارس الرياضة كل ما حصل وقت، عمره 29 سنة، مدرس بجامعة الطب.
جاوبها وعيونه تسترق النظر لمن سرقت النوم من عينيه من أول مرة شاهدها فيها:
- أنا الحمدالله بخير، إنتوا شخباركم؟؟.. واشلون الدراسة معاكم؟؟.
لتتبرم شهد قائلة:
- الدراسة أرف والحمدالله، وبعد شوي علينا استاذ أبو عيون زايغة.
استغرب الاستاذ الاسم وقاطع تأمله والتفت سائلا تلك الفتاة المشاكسة، فشهد انسانة مرحة جدا وعفوية، ولسانها كما يقال متبرى منه، وميثة فتاة هادئة وخجولة، أما تلك الصامتة ذات الجمال الوحشي قد سلبت عقله منذ أن وقعت عيناه عليها، هي هادئة وصامتة مع الجميع، وتتحدث فقط إن كان ضروريا ويخص الدراسة، كان يعتقد بأنها هكذا دائما، لكنه اكتشف بالصدفة بأنها تختلف عما تبديه أمام الجميع، فهي تمتلك أجمل ضحكة سمعها بحياته، ولديها تلك الحركة بشفتيها جعلته يحلم بها في يقظته، فقناع البرودة لا ترتديه سوى أمام الكل وبغياب الجميع هي تتبدل وتتحول لتكون تلك الفتاة الفاتنة.
- مين هذا أبو عيون زايغة؟؟
- استاذ الماث في حد غيره.
ابتسم للتشبيه وسقطت عيناه على تلك الساكنة التي تقف بتململ واستطرد مجيبا شهد:
- عيب يا شهد تقولي هذا الكلام، الريال كبير بالعمر وبسن أبوج.
- أبوي ما يطالع البنات، وهو انسان محترم مب مثل ها الشايب يلي بينه وبين القبر شبر وبعده متأمل بخيرات رب العالمين.
هز رأسه دون أمل بتلك الفتاة وأجابها:
- ما عليه تحملوه شوي، أصلا وصلتنا شكاوي كثيرة عليه، والادارة تبحث بموضوع نقله.
عادت عيناه تتابع تلك الواقفة بجمود وشرود دون أن تبدي أي رأي مثل باقي زميلاتها، فأراد أن يستمع لصوتها، أن يسمع همسها، لكنها كانت الأسرع وقد بخلت عليه كما كل مرة بروي ضمأه.
- اسمحولي أنا بروح الكافتيريا قبل لا تبدأ المحاضرة الثانية.
وغادرت دون أن تنتظر اجابة أو أي حرف فتبعتها صديقتيها بقلة حيلة، ليتنهد بضيق من رحيلها دون أن يشبع ناظريه بجمالها الأخاذ، وأدار رأسه للخلف ليراها تسير بثقة وغرور يليق بملكة مثلها، وهمس لنفسه بصوت عالي:
- صدق يوم قالوا اسم على مسمى.
وأكمل الباقي بداخله:
- ما راح أيأس يا عنود، وإذا الله كتب راح تكوني لي.
وغادر باتجاه مكتبه والأمل بداخله يكبر ويتسع بأن تكون تلك الفتاة من نصيبه.
*******************************

- انت جنيتي يا عنود؟؟
هتفت بها شهد وهي تحاول اللحاق بصديقتها الغبية التي تفلت من يدها كنز لا يفوت، فكما تقول... الرجال أمثال الاستاذ خليفة قليلون، فهي تعرفه جيدا فهو يسكن مع أسرته بالمنطقة المجاورة لهم والجميع يمدح بأخلاقه والكل يريده زوجا لإحدى بناتهم.
توقفت عنود عن السير والتفتت تحدج صديقتها وسألتها:
- ليش؟؟... وأنا شو سويت علشان تقولي إني خبلة؟؟
- يعني الريال واقف عندج ويبي يكلمج وانت ولا حس ولا خبر!!... يعني أكيد مب واقف علشان سواد عيونا احنا الثنتين!!.
وأسبلت رمشيها تريها عيونها السود لتقهقه العنود وميثة لحركتها تلك، وبعدها قالت عنود بعد أن اتخذت الجدية بالحديث:
- شو كان المطلوب مني؟؟.. يعني أتكلم معاه وأضحك وأتغزل فيه؟؟.
فتحت شهد فمها فقاطعتها عنود متابعة:
- اسمحيلي يا شهد، إن كنتي تبين الصح من الغلط وقفتنا معاه جذا غلط، على أي أساس نوقف ونضحك معاه جذا؟؟.. هو مب من محارمنا علشان ناخذ راحتنا معاه، هو ريال غريب عنا، وهو مب من حقه يوقفنا ويكلمنا إلا إذا شي يخص الدروس وبس، غير جذا يعتبر حرام.
لتستأذن ميثة بالحديث قائلة:
- اسمحيلي يا عنود كلامج صحيح، وصح الصح، بس احنا عارفين هو ليش يوقفنا ويكلمنا، مب علشانا هذا علشانج انت، وكلنا عارفين انه معجب فيج، بس انت الله يهداج ميبسة راسج ورافضة الزواج.
اقتربت شهد من صديقتها وأحاطتها من كتفها هامسة لها بحنان، وتلك الأخرى تعلقت عيناها للأمام بشرود:
- حبيبتي عنود، انسي يلي راح وارميه بحر مثل ما يقولون، والريايل مب كلهم واحد، وفي مثل حشرتني فيه أمي علشان أتزوج إن "أصابعج مب مثل بعض".
تصلب جسدها لذكراه، وعيون تجمدت بمحجرها، والصور تعود وتتهافت بداخلها، والألم يعود ويزور خافقها، فنفضت رأسها غير راغبة بالغرق ببؤسها، وقالت ببرود ثلجي شعرت به صديقتيها:
- أنا عارفة إن الريايل مب كلهم واحد، بس أنا وحدة، ونفسي عافت هذا الصنف وما في ببالي غير دراستي وبس، وبإذن الله أنجح وأحقق حلمي، وغير جذا ما في مجال لأي شخص يدخل حياتي، وألحين ممكن نقفل على الموضوع.
تحركت ثم توقفت وسألت شهد:
- أقول تعالي هنا، قاعدة تنصحيني بالزواج وإن الريايل مب مثل بعض وحضرتج رافضة تتزوجين!!.
لتجيبها :
- أولا.. أنا مب رافضة الزواج لأي سبب، أنا رافضة للرياييل يلي يجون ويخطبوني، يلعن شكلهم يعني مافي ولا واحد يتشاهد.
ثم أكملت بحالمية:
- لو يجيني واحد... جميل، وسيم، عليه جسم معضل يقدر يشيلني ويدور فيني مثل الأفلام الهندية، ويكون مثقف علشان يتغزل فيني ويكتب فيني أشعار.
وعادت تتخذ ملامحها الاشمئزاز:
- استغفر الله كلهم خلقة رب العالمين، لكن ولا واحد جا يخطبني ويكون حلو شكله، ولو جا واحد مثل الدكتور خليفة يتزوجني على طول أوافق وأبصم عليه بالعشرة بعد.
ضحكت الفتيات وتحركوا مغادرين إلى مطعم الجامعة.
مر الوقت سريعا وانتهت محاضراتها وانطلقت عائدة للمنزل بعد أن ودعت صديقتيها على وعد باللقاء غدا.
وقادت سيارتها نحو وجهتها، لكن عقلها عاد يدور بحلقات وحديث صديقتها يتردد صداه بداخلها، ناظرت الطريق فقاد بها للماضي حيث علمت بالطريقة الصعبة أن العالم ليس كل أيامه مرح وسعادة، وأن يوم لك وعشرة عليك، وقد جاء ذلك اليوم الذي يوقظها من حلمها الجميل الذي طال وقته، فسافرت لذلك اليوم الذي أنهى كل شيء، أي قبل ثلاثة أشهر مضت.....
كانت تجري تسابق الريح، كانت تركض تنقاد لقلبها، فحبها هناك ينتظرها لتهمس له بكلمات العشق والوله، لتقول له ما يجيش بصدرها من أحاسيس، ولكنها بوغتت بقنبلة لم تعلم بأنها ستنفجر بوجهها في يوم من الأيام....
- إزيك يا عنود؟؟.. وحشتيني وؤلت آجي وأزورك طالما انت معدتيش تزورينا، طبعا ما انت شوفتي نفسك فوق أوي وما عدتيش تبصي لتحت.
التفتت ببطء ناحية الصوت وهمست باسمها وقلبها قد انقبض وانكتم بإحساس فضيع بأن القادم سيكون القاسم بحياتها:
- ابتسام..
شهقت بتمثيل الصدمة وقالت وهي تتكتك بلسانها:
- تؤ..تؤ.. هو انت لحئتي تنسيني؟؟.. اخص عليك!!.. وده بينا عيش وملح، وتنسيني بالسرعة دي؟؟.
كتمت أنفاسها وقلبها يدوي بصدرها كدوي الرعود كأنه ينبئها بالعاصفة القادمة.
- وشتسوين هنا يا ابتسام؟؟
- لا.. لا كدا بنت الأصول تستأبل ضيوفها؟؟.. أنا لازمن أؤول لحسن جوزي على الاستئبال ده.
فتذكرت أنها قد تزوجت عمها لهذا أجابتها تريد الانتهاء من وجودها، فزيارتها شعرت بها تجثم على صدرها:
- عمي ما هو موجود، وأظن الأفضل إنج تروحين على بيتج وتتريه هناك أحسن.
فالتفتت عنود مغادرة ولم تنتبه لكمية الغل الذي ظهر على صفحة وجه عدوتها، وإلا لكانت قد نفذت بجلدها من مصيدتها التي أودت بسعادتها نهائيا.
فقالت ابتسام بسرعة توقفها قبل أن تغيب عدوتها وتضيع فرصتها بالانتقام:
- جوزك عارف انت ليه وافقتي على الجواز وانت عرفه انه كبير أوي عليك بالسن؟؟.
ونالت مبتغاها بعد أن توقفت غريمتها عن التقدم والتفتت ناحيتها باستغراب لهذا السؤال، ثم كتفت ذراعيها وقالت بسأم:
- ابتسام.. انت شو تبين بالضبط؟؟.
- ولا حاجة، بس حرام جوزك المسكين نايم على ودانه ومش عارف مراته هي تجوزته علشان.... فلوسه.
- هذا الموضوع انتهينا منه من زمان.
- يعني عاوزة تؤليلي إنك ما تجوزتهوش علشان فلوسه ؟؟.
تنهدت عنود بتعب وقالت:
- انت على وين تبين توصلين؟؟.
- طيب جاوبيني بالأول وبعدها حؤولك.
ولم تعرف ولم تراه وهو يقف خلفها والصدمة بادية عليه، فالخداع فن من فنون الحرب وإن لم تنتبه لظهرك فالطعنة ستأتيك من حيث لا تعلم، ولم تعلم بأنها نالت مبتغاها برؤية زوجها يسير ناحيتهم لتستغل الفرصة وتضرب عصفورين بحجر واحد.
- أيوه... أنا تزوجته علشان فلوسه، وانت عا.... .
أغمضت عيناها باعياء وكأن تلك الذكريات قد سلبتها كل طاقتها، ووجع شديد اعتصر فؤادها، وعندما أفرجت عن عقيقها الأخضر المشبوب بمشاعر شتى حتى أحست بالبلل على وجنتيها لتكتشف بأنها كانت تبكي.
تطلعت لما حولها وشاهدت نفسها وقد وصلت لوجهتها دون أن تشعر بذلك، وحمدت الله بأنها لم تتسبب بأي حادث تودي بأرواح أناس لا دخل لهم بما يحصل معها.
ترجلت من سيارتها بصعوبة وسارت بخطى طفل صغير قد تعلم للتو السير وخائف من التقدم للأمام والسقوط، ولم يكن هذا فقط ما يصيبها بالجزع فعندما تفتح البوم الصور فإنها لا تتوقف عند صورة معينة بل تتابع التقليب بين صفحاته لتعود وتنهال عليك أحداث قد أردت أن تطويها في ذاكرة النسيان، وتلك الكلمات التي قتلتها بدم بارد تعود لترن برأسها كأنها حدثت بالأمس فقط...
كان أن ناداها يسألها الحقيقة، ولكنه أغلق عيناه وأذنه عن سماعها، فقد اكتف فقط بما قيل ولم يستمع لها.
اقتربت منه تترجاه الانصات فرفض قربها، توسلته أن يتفهم موقفها، لكنه أبى إلا الاصغاء لما أراد سماعه وانتهى كل شي بلطمة أطاحت بها الأرض مكسورة وذليلة تحت قدميه، فظلت لثوان مصدومة تحت تأثير المفاجأة وبعدها عادت حواسها للعمل بعد أن تحرك مغادرا لتمسك بدشداشته .
- الله يخليك يا حمدان!!.. خلني أفهمك الموضوع وبعدين احكم.
فناظرها من عليائه وأجابها ببرود طغى على وجدانها:
- أفهم!!... شو يلي تبين تفهميني؟؟.. إنج يعني ما تزوجتيني علشان الفلوس؟؟.
نفض يدها وسار خطوتين وعاد يتوقف عندما تقدمت أمامه تمنعه الرحيل، وناظرت عيناه لعلها ترى من وقعت بهواه بداخلهما، لكن كل ما شاهدته هو عينان قد اجتاحها الجليد، وعندما عاد يسألها تجمدت عن الحركة وازدرت ريقها بصعوبة ولم تعرف ما تقوله لتدافع به عن نفسها، فزعق بها:
- جاوبيني... يعني يلي قالته خطأ؟؟... يعني انت ما تزوجتيني إلا علشان اللفلوس!!.
فحركت شفتيها دون أن تخرج صوتا وهي تهز رأسها رافضة ما يحدث:
- بـ.. أيوه..
أغمض عيناه بألم وحرقة تكوي به فؤاده فسارعت بعدما هالها منظره المعذب:
- الله يخليك اسمعني بالأول وخلني أقولك شو هي السالفة.
تركها بعد أن قذفها بأبشع نظرة شاهدتها بحياتها وهمس:
- ليش؟؟.. هو في شي ينقال بعد يلي انقال؟؟.
عضت شفتيها تدميها إلى أن شعرت بطعم دمائها وهمست تستعطفه:
- انت عارف كيف صار زواجنا......
فقاطعها وهو يمسك بكتفها يهزها بقوة دون أن يشعر، فما تملكه ليس لديه القدرة على احتماله، فالوجع يستحكمه يكويه ويصهره:
- وليش وافقتي علي؟؟.. إذا كان زواجي منج كان لهدف إن تشو كان هدفج؟؟.
ألجمت شفاهها عن الحركة، وانسحب لسانها منكفئا على نفسه
وآه من روح تلفظ أنفاسها الأخيرة على يد عاشقها.
وآه من قلب يبكي دموع الرحيل والحرمان من حب لم يكتمل
وتراجع للخلف عندما لم يجد منها أي اعتراض أو دفاع، فالحقيقة واضحة كوضوح الشمس.
وقبل أن يرتقي السلالم كان أن التفت وقال كلمته الأخيرة.... (طالق)
ختمت ماضيها عند تلك الكلمة، وارتقت المصعد باتجاه شقتها، دخلت وهي تستغفر الله وتناشده القوة والتحمل وسارت بقدمين ثقيلتين ناحية غرفتها بعد أن وضعت حقيبتها وكتبها على الطاولة بغرفة الجلوس.
خلعت عباءتها وشيلتها ومن ثم اتجهت ناحية الحمام لتستحم وتزيل كل ما تكالب عليها اليوم من ذكريات، ووجهت ناظريها للقبلة تناشد من خلقها أن يرحم حالها.
********************************
وفي مكان آخر....
جلست بتأفف وبملل وحنق وهي تنظر لزوجها الجالس باسترخاء دون أن يأبه لها، لتقول بعد فترة من الصمت المطبق عليها كما حال ذلك الرجل الذي يكتم على أنفاسها:
- حبيبي.. انت موركش شغل اليوم كمان؟؟
رفع رأسه من الأوراق التي كان يتطلع إليها وأجابها:
- بلى فيه وهذا أنا قاعد أتابع من البيت، والباقي الأولاد يتابعونه.
جزت على أسنانها بغضب مستعر بداخلها من الحكم الذي أوقعه عليها بالحبس بالمنزل والمبرر هو... راحتها، لقد وقعت بشر أعمالها.
- طيب يا حبيبي صار وقت الظهر ولازم تروح البيت علشان مراتك متتعصبش.
أجابها وعيناه تجري على الأوراق التي بيده دون أن ينتبه لما يجول بها من ضيق بوجوده معها:
- لا مب مشكلة، أنا قلت لهم إني بتأخر اليوم فلا تحاتين.
فزت من جلستها بكل قوة وهي تزمجر حتى التفت إليها سائلا إياها:
- وشفيج وقفتي جذا؟؟
انتبهت لنفسها لتجيبه بضحكة واهية:
- ولا حاجة يا حبيبي، كانت في حشرة على الفستان وخفت لتؤرصني فرحت نفضاها.
والتفتت مغادرة باتجاه غرفتها وأغلقت الباب جيدا خلفها وأمسكت هاتفها وضربت على الأزرار ليصلها صوتها عبر الأثير ولم تعطها الفرصة للاجابة وهدرت:
- لازم تيجي وتخرجيني من البلوة يلي وأعتيني فيها!!.
سكتت تنصت إلى سؤالها لتجيبها بشيء من الحدة:
- يا ماما ده كاتم على نفسي ومش أدرة لا أخرج ولا أعمل أي حاجة.
وصلتها ضحكاتها الساخرة لتزيد من اشعال فتيل غضبها المنفلت بالأصل.
- انت بتتريئي علي؟؟.
سكتت لتقول بعدها بشيء من الهدوء:
- طيب أنا مستنياك، بليز يا ماما طلعيني من الورطة دي، دا أنا فكرت إني أطبق بزمارة رأبته وأخلص عليه وأرتاح أنا.
هدرت بها والدتها لتهمس:
- طيب.. طيب أنا مستنياكي، أوعي تتأخري.
وأغلقت الهاتف ورمته على السرير وما كادت أن تجلس حتى تحركت أكرة الباب وصوته يتهادى إليها:
- ابتسام افتحي الباب، ليش قفلتيه؟؟
ضربت الفراش بقبضات متوالية ومن ثم التقطت أنفاسها وتحركت ناحية الباب واستدعت ابتسامة مغتصبة لتزور شفتيها وفتحته .
- معليش يا حبيبي، أصلي تعودت إني أأفل الباب وراي، أصلي مبطمنش للخدم، انت عارف هما بيعملوا إيه.
دلف للداخل وأراح جسده على السرير وناداها لتجاوره فامتقع وجهها باشمئزاز وتبرمت لتقول وهي تسير ناحيته وقد اهتدت لفكره تمنعه مما يريد القيام به.
- آي.. أف... بطني بيوجعني.
نهض مسرعا ناحيتها.
- خير؟؟.. وشفيج؟؟.. وش يعورج؟؟.. أوديج المستشفى؟؟.
أضجعت جسدها على الفراش وأتقنت التمثيل بابداع.
- لا ماتخفش ده شوية مغص، يعني عادي بحلتي ديه، شوية راحة ويروح المغص.
- متأكدة؟؟
- أيوه
- طيب
وابتعد عنها للجهة الأخرى لتتنهد براحة واتخذت وضعية تريح بها جسدها حتى مر بعض الوقت ورن الجرس لتنهض بسرعة هاتفة:
- دي أكيد ماما جت تزورني.
فأوقفها بسرعة وهو ينظر لساعته باستغراب وتساءل:
- أمج!!.. ليشج ياية بهذا الوقت؟؟.
اختلجت عضلات وجهها بارتباك واضح، وكما قيل الهجوم خير دفاع.
- في إيه يا حسن؟؟.. ماما جاية تزورني، فيه حاجة دي؟؟.. وكمان هي بتيجي بأي وقت علشان هي عرفة إني وحدانية وعندي جوز ولا هو سائل عليا، فمكنش غيرها هي يلي أفضفضلها، ولا ده ممنوع كمان؟؟.
والتفتت تمسح دموع وهمية قد نجحت ببث الأسى لداخله على تقصيره معها، فنهض من مكانه وتقدم ناحيتها وأدارها باتجاهه وحادثها:
- أنا ما قصدي شي يا بنت الحلال، بس أنا استغربت ييتها بهذا الوقت، وما كان له داعي إنج تعصبين جذا، وأصلا الزعل مب زين للجنين.
وعندما همت بالاعتراض رن جرس الباب لتنطلق ناحيته فاتحة الباب لأمها، ودخلت وهي تقول:
- كل ده يا بنتي علشان تفتحي الباب؟؟
والتفتت دون أن تنتظر أي اذن لتتوقف بعدها كأنها متفاجأة :
- أبو سالم، ازيك يا بني، معلش مكنتش عرفة إنك هنا ولا مكنتش جيت.
اقترب منها وهو يحادثها ويطبع قبلة احترام على رأسها:
- لا ولا يهمج يا عمتي، البيت بيتج متى ما تحبي تعالي بأي وقت.
- متشكرة يبني ربنا يكرمك ويزيدك من نعيمه.
- طيب أنا أخليكم تاخذون راحتكم.
وتحرك باتجاه غرفة النوم لدقائق حتى خرج منها وقد ارتدى ملابسه.
- أنا رايح، تامرون على شي قبل لا أروح؟؟
- ليه يا بني تروح؟؟.. ولو علي أنا حمشي على طول.
- لا ياأم ابتسام شو تقولين، البيت بيتج، أنا بس كنت قاعد علشان ابتسام ما تكون لوحدها ودام إنج موجودة أنا راح أطمن عليها.
- لا يبني اطمن وحط ببطنك بطيخة صيفة، ابنك بعنيَّ.
هز رأسه موافقا ثم أعاد سؤاله:
- ما تبون شي؟؟
- متشكرة يبني مش عوزين غير سلامتك.
والتفت لزوجته وأعاد سؤاله:
- تبين شي قبل لا أروح؟؟.
- سلمتك.
- طيب انت ارتاحي ولا تتعبين نفسج وايد.
- حاضر
واتجه ناحية الباب مغادرا فلكزت أزهار ابنتها تنبهها لتلحق بزوجها، فامتعض وجهها، ولكنها سارت خلفه تودعه بابتسامة واهية وخرج لتغلق الباب خلفه وهي تهتف:
- ياه... دا كان كاتم على نفسي.
- بت اتأدبي دا جوزك وانت يلي اخترتيه.
تحركت لتجلس على احدى الآرئك وهي تجيب:
- هو أنا كنت عرفة إنه حيلزء كده؟؟.
جلست الأم بجانبها وتساءلت:
- سيبك من ده كله، انت ازيك وازي الحمل معاك؟؟.
- مؤرف يا ماما، ومتعب بشكل، مكنتش عارفه إن الحمل مرهق كده!!.
- معليش... هي الشهور الأولى كده وبعدين مش حتحسي بحاجة.
سكتوا قليلا ودققت ابتسام النظر لوالدتها لترى وجه مرهق ومتعب وسألتها بعيون ضيقة:
- وانت مالك؟؟.. حسه إن أحوالك مع عمو مش كويسة!!.
تنهدت الأخرى بقلق وقالت بحيرة :
- بصراحة مش عرفه!!.. حاسه إنه متغير أوي علي ومعدش زي الأول.
اعتدلت ابتسام بجلستها وسألتها باهتمام:
- ليه في إيه؟؟.
- مش عرفه يا بنتي، مش عرفه، حاسة في حاجة بتحصل من ورايا ومش أدرة أمسك فيها.
ضربت كفيها على وركيها الضخمين بقوة ليصدح الصوت عاليا وعادت تهمهم:
- أنا خيفة يا ابتسام !!.
تطلعت ابنتها لأضافرها وابتسامة تشدقت بها شفتيها وقالت:
- وخيفة ليه؟؟.. المفروض ما تخافيش وتحطي اديكي ورجليكي بمية بردة، لأن كل حاجة متسجلة باسمك، ويعني هو المفروض يخاف ويتحرس ميعملش حاجة وإلا حيكون مكانه الشارع.
تنهدت الأم براحة بعد كلام ابنتها وهي تتذكر بأنه قد كتب كل شيء باسمها بيع وشراء خوفا من يأتي ذلك اليوم وتأتي عنود وشقيقها ليطالبوا بما لهم بعد أن ينكشف سره.
ارتخت أساريرهم، وابتسمت شفاههم، وصفق الشيطان بحبور للشر الذي انطلق بأعماقهم.
فما أجمله من شعور وهو يرى بني آدم وهم يغوصون بآثامهم وذنوبهم، فكما وعد( لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك الصالحين) متناسين وجود الواحد الأحد، وأن لكل عمل جزاء إما الجنة أو النار، وبالتأكيد الجزاء من جنس العمل.
*************************************
تجلس على مكتبها وأمامها الحاسب الآلي وكتبها مفتوحة، وأوراق مبعثرة هنا وهناك، وتناظر أحد الكتب للحظات حتى تعود لحاسبها لتكتب به فعليها تقديم بحث عن عالم الجينات الوراثية.
أمسكت بأحد الكتب التي استعارتها من مكتبة الجامعة وأخذت تقرأ وتتعمق بالجينات والكروموسومات الوراثية التي تتناقل من الأب للأبناء وهكذا حتى سطرت أمامها مجموعة من الصور جعلت جسدها يرتجف بقشعريرة جعلتها تضم ذراعيها حول جسدها.
هل تعرف ذلك الشعور عندما تكتشف بأنك كنت تعيش بكذبة، وأن حياتك ما هي إلا كذبة حيكت بفن ومهارة تحت يد لاعب أتقن فن الخداع؟؟.
نعم... هي عاشت تلك الخدعة وقد كانت هي وشقيقها كلعبة الأرجوز يحركوهما كيفما شاؤوا، وهما كانا ينقادان بكل استسلام خلفهم موعزين بأنه والدهم وله حق البر به.
عيناها تناظر الكلمات التي تتراقص أمامها بحقيقة مرة جعلتها تتجرع العلقم والويلات طوال حياتها.
لقد خدعت وأهداها العالم أكبر صفعة تلقتها بحياتها، والدها لم يكن والدها، بل كان عمها شقيق والدها التوأم .
حاولت النهوض من على كرسيها والهرب من تلك الذكرى المؤلمة لروحها، فقد كانت تلك هي القاضية التي جعلتها تخسر شقيقها ونفسها وتركتها تترنح كما السكرى غير مستوعبة ما قاله لها بلحظة غضب، فأبت إلا أن تعود وتسحبها لذلك اليوم البائس الذي انهالت لها المصائب من كل صوب وحدب ...
فبعد أن توسلته وترجته أن يسمعها ولم ينصت بل أهداها هدية قبل مغادرته موليا إياها ظهره كما فعل العالم معها، توقفت بمكانها كما الجماد الذي لا يملك أي احساس أو أية ردة فعل لما يجول حوله.
وعقلها مازال غير قادر على هضم تلك الكلمات الثلاث التي قالها لها.
لقد سمعت تلك الكلمات كثيرا بالمسلسلات، وقرأتها بالكتب، وشاهدت ردة فعل المرأة بما وقع عليها، لكن أبدا لم تعتقد أو يدر بخلدها بأنها ستذوق من نفس الكأس، وكيف يكون شعور المرأة عندما يتخلى عنها زوجها.
تعلقت دمعتها بين رمشها وقد سكنت بمكانها لا تعلم هل تسقط لتريح صاحبتها أم تقف بمكانها كما توقفت الساعة عن التكتكة.
وما هي إلا لحظات حتى شعرت بشيء يسقط على وجهها خادشا بشرتها لتتطلع إليه بعيون غشاها الظلم والقهر لترى سواد قد توسد الأرض كما حياتها التي تحولت واصطبغت بهذا اللون أيضا، فرفعت رأسها ناحيته ونطق هو بكل برود:
- اطلعي من البيت وما بي أجوف ويهج مرة ثانية.
والتفت مغادرا ولم تعلم كيف انخفضت بذل تلتقط عباءتها ولا بكيف ارتدتها كما التحفت الانكسار، وتحركت مغادرة وقد سمعت تكسر قلبها لأشلاء عدة ويتتفتف ليتحول لبقايا مخلفا ندوب تعرف وتعلم بأنها لن تشفى أبدا.
وانطلقت لمصير آخر لم تعلم بأنه ينتظرها بخنجره ليعمق من جروحها النازفة جاعلا إياه يتقيح غير قادر أي طبيب مداواته.
- عنود.... إلي جابك دلوأتي؟؟.
لم تجبها بل سارت بجمود ناحية طريق تعرفه جيدا فقد فرش لها بأشواك حادة قد خطت به مرارا وتكرارا، هي فقط أعطيت فترة استراحة وها هي قد عادت إليه.
ذهلت أزهار لرؤية عنود بهذه الحال فأبدا لم ترها هكذا قط حتى عندما يكال عليها بالويل والثبور فهي تظل رافعة الرأس والأنف.
فسارعت لزوجها تناديه ليأتي مسرعا ناظرا لحال ابنته فسألها باستغراب:
- عنود... شو يلي جابج بهذا الوقت؟؟
توقفت ولم تجبه، فاقترب منها وأدارها ناحيته ليرى طبعة أصابع على وجهها ليقول بتهكم:
- لا تقولين انج زعلانه من ريلج لأنه عطاج كف وياية زعلانه منه؟؟... تراه عادي وما فيها شي، ريال ويأدب حرمته، وألحين... يلا ارجعي بيت ريلج وتأسفي منه، أكيد غلطي عليه أنا عرفج زين ما زين، راسج يابس وما تسمعين الكلام.
هل يوجد ما هو أوجع من الوجع؟؟.. تظن أنها قد اختبرت كل أنواع العذاب ولم يبقى شيء إلا وقد وصمت به، لكن هذا!!.
أتظنون أن هناك ما بقي بداخلها شيء ليتحطم؟؟... لا.. فهي لم تختبر بعد الضربة الأقوى.
تشعر بنفسها بأنها غدت باقايا أنثى سحقتها الرياح بكل قوتها لتهوي بها لعمق سحيق لا قرار له، فقط هي تشعر بأنها تسقط وتسقط ولا نهاية لانحدارها .
وتساءلت.. وقد كثرت تساؤلاتها.. هل هي الوحيدة بهذه الدنيا لينهال كل شيء على رأسها؟؟.
لتئن أضلاعها صارخة بها، وبروح تهدر بها.....
آه.. وآه من ألم يتخذك وسادته لتنام على دمعة منحدرة وتستيقظ على وجعه.
وآه من مرارة تتجرعها من كأس كان من المفترض أن يكون سندك بالحياة، وأمان تجده متى ما احتجته، وحضن دافئ يحتويك بعز شتاءك القارص البرودة عندما ينخر عضامك.
صفير الرياح تعلن عن الخواء من حولها، وظلام موحش يحيط بها، وهجر صار صديقها الجديد، ووحدة قد تلبستها لتغدوا جزء لا يتجزأ من حياتها.
جمود طغى على كيانها، وبرودة سرت بوجدانها، وصقيع تغلغل بشراييينها، وعيون قد كساها الجليد ليلمع عقيقها وقد بهت اخضراره بسبب الهجوم المباغت لروح قد اكتفت من صدمات الحياة لها.
ناظرت والدها ولم تحد عنه وهمست لنفسها:
- لما يا والدي تكسرني؟؟.. لما تزيد من أوجاعي؟؟.. ألست بابنتك؟؟.. ألست قطعة من جسدك؟؟.. فليما النبذ؟؟.. ولما البعد؟؟.. أولم ترى بي ما تريد؟؟.. أحطمت أحلامك دون أن أعلم؟؟.. آه يا ولدي لو تعلم كم الندوب والآهات التي تحتبس بداخلي!!.. فلو علمت لرأيت طوفانا جارفا من العذاب... آه يا والدٍ كنت لتكون مصدر أماني، لكن أرى بك قاتلي. آه يامن كنت لتكون لي صدرا يدفن صرخاتي، لكن أرى بك سرابا لا يروي ضمأي، فتهت وضعت وما عدت أعرف طريقي، لكن ثق بأنني لم أعد أبالي.
ومن ثم رفعت صوتا خرج بارد مشبع بعواصف رعدية توشك على السقوط على رؤوسهم:
- ليش تسوي فيني جذا؟؟.. ليش تذبحني بايدك؟؟.. ودي أعرف أنا وش سويت علشان تعاملني بهذي الطريقة؟؟..
أشاحت بيدها بعشوائية وتابعت بنفس الجمود:
- انت حتى تعامل بنت حرمتك أحسن مني، وأنا يلي هي بنتك من لحمك ودمك.....
سكتت قليلا تجترح هواء مؤلما لصدرها، لكنها تحتاجه ولو لوقت قليل وبعدها لا يهم إن انقطع أم لاء ومن ثم صرخت:
- ليش؟؟... ليش؟؟... ودي أعرف!!.
ليهتف بها زاعقا:
- اسكتي يا قليلة الحيا!!.. قاعدة تعلين صوتج على أبوج؟؟.. صدق انها طالت وشمخت!!.. أقول روحي على بيت ريلج، يلا.. بلا ليش بلا زفت، يلا روحي ولا عاد تجين مرة ثانية، هذا البيت يتعذرج.
رمشت عدة مرات كأنها تريد أن تعرف أن ما هو أمامها هو حقيقة أم من نسج خيالها المرهق، لكن هيأته متجسدة أمامها، إذا.. هو حقيقة!!.. فما لبثت أن اتسع فمها بابتسامة، وبعدها بدأت بالضحك إلى أن تحولت ضحكاتها إلى قهقهات عالية حتى ظنوا أنها قد جنت.
ضحكت إلى أن آلمتها معدتها، قهقهت حتى أدمعت عيناها، وآه من دموع اليتم عندما يطغى على روح لم ترى سوى القهر والذل.
- انت جنيتي ولا شو؟؟.. روحي واطلعي من البيت انت وجنونج، هذا يلي ناقصني بعد، وحدة خبلة، أنا ماصدقت افتكيت من واحد تطلعيلي انتي بعد!!.
وانخرست تماما كأنها لم تكن تضحك للتو، وسكنت ذرات الهواء من حولها كأن ما قيل قد اخترق قانون اللامنطقي، وبعد صمت لم يدم سوى الثواني حتى قالت وهي تهز رأسها بعدم تصديق:
- يستحيل انك تكون أبو!!.. لأن ما عندك قلب، يستحيل تكون انسان طبيعي!!.. لأن ما عندك احساس.
تحدثت وتحدثت دون أن تشعر، وطفقت تتكلم عن كل ما يعتمل صدرها الحبيس سجنه، وهدرت بجملة ظلت تتردد برأسها ولم تعلم بأنها أسرتها لهم:
- أنت مب أبو، انت ما تستحق تكون أبو.
فاستعر الغضب بداخله مما قالته، وما هدرته عليه من لوم وتقصير بحقوقهما حتى رمى بقنبلته.
- هيه أنا مب أبوج، كلامج صح ويخسي انج أصلا تكونين بنتي!!.. انت المفروض تحمدين ربج على إني متحملنج طول هذي السنين انت وأخوج العلة، وهذا الحمدالله افتكينا منه بس باقي انت، متى تموتين وأرتاح منج!!.
صدمة و ذهول وعدم تصديق، وفم مفتوح يبغي الاستفسار عما قيل للتو ولم يخرج لا صوت ولا حرف، لكن أفعاله أكدت لها أن ما قيل حقيقة، فقد اقترب منها وأخذ يدفعها لتخرج من منزله، دفعة واحدة ومن ثم سألت بهدوء غريب كان من المفترض أن يكون زعيقا:
- إذا كنت مب أبوي عيل وين هو؟؟
ليجيبها دون أي رحمة:
- أبوج مات من زمان لما كنتوا صغار بعد ما ماتت أمج بشوي، واتصلوا فيني علشان أنا أخوه الوحيد، ولما جيت لهنا ناديتيني بأبوي لأن احنا نتشابه .
- طيب ليش سويت فينا جذا واحنا عيال أخوك؟؟.
تغيرت ملامحه، وصار شيطان بهيأة البشر، وهمس:
- لأني كنت أكره أخوي، كان هو الكل فالكل عند أمي وأبوي، وكان هو الناجح وأنا الكسول، أمي وأبوي كانوا يفضلونه علي، وأبوي لما يتكلم كان ما غير على السانه غير ( حمد ) سوى كذا، وحمد اشتغل بالمكان اللفلاني، وأنا ولا شي كأني مب موجود، فطلعت من البيت بعد ما أبوي طردني من البيت لأني مثل ما قال وطيت راسه بالأرض علشان دخلت السجن، ولما عرفت انه مات كنت ما بعطي أي سالفة، لكن لما عرفت العز يلي كان فيه قلت وش عليه أستانس وأعيش من خيره كأنه يعوضني يلي سواه فيني لما كنا صغار، وألحين ياله أعطيني مقفاج ولا عاد أجوفج هنا.
وانقطع حبل الشريط السينمائي اثر طرقات على الباب، ظنت بالبداية أنها تتوهم الطرقات، لكنها عادت تدق، فناظرت رسغها لترى بأن الساعة قد شارفت على الرابعة والنصف وهذا وقت قدوم ضيوفها.
نفضت ما أجاش بها من مشاعر سلبية فقد عاهدت نفسها أن تكون قوية ومقدامة، وستقف بوجه كل من يريد التعدي عليها ولن تأبه سوى بنفسها ومستقبلها، ولن تنظر للماضي، فالمستقبل هو كل ما يهم الآن، والماضي قد ولا وانتهى.
نهضت بسرعة واتجهت ناحية الباب، نظرت من العدسة لرؤية من هو زائرها لتبتسم بسعادة لمعرفتها من يكونون، وفتحته على وسعه تستقبل من كان لها العون والدفئ والحنان، كانوا كما قالوا بأنهم لن يتركوها لوحدها فقد غدت واحدة منهم وفيهم، كانوا لها العائلة التي لم تحصل عليها أبدا، وكما كل مرة إن الله لم يتخلى عنها وأرسلهم لها ليكونوا الجدار الذي تبحث عنه.
باتصال واحد بعتمة الليل الموحش بعد أن ساقتها قدماها إلى أللا مكان، وسارت دون هوادة ودون أي وجهه، وقد اسودت الدنيا أمامها بعد أن أغلقت جميع الأبواب ما عدى باب واحد كان مواريا حتى دفعته بكل قوتها واستدعت الفرسان خلفه ليهبوا لنجدتها.
فتحوا لها أذرعتهم بالترحاب، واستقبلوها بالحب والأحضان والعتاب، وبكت على صدورهم بكاء أدمى عيونهم عليها.
- يا بنتي يا عنود إن ما وسعتج الأرض عيونا توسع لج، انت بنتي يا عنود وأنا عيالي ما أتخلى عنهم شو ما صار.
وعندما حاولت أعادتها لمنزلهم رفضت فكان أن أحضرتها إلى هنا البناء الذي سكنت به من قبل، وقد احترموا رغبتها بعدم إعلام أي شخص بمكانها، ولم يبخلوا عليها بأي شيء.
- هلا وغلا بيدتي وعمتي.
- يا مرحبا بابنيتي.
احتضنوا بعضهم ورحبت بهم للداخل وسؤال واهتمام ورعاية بكيف هي دراستها وصحتها حتى تهادت الطرقات على الباب من جديد حتى قالت:
- هذا أكيد محل الكيك، خبرته إنه ييب حلويات بهذا الوقت، ما كان عندي وقت علشان أطبخ.
لتعاتبها عمتها بحنان:
- ما كان له داعي حبيبتي.
- أفا.. ما يصير، وأصلا أنا خاطري بالحلويات.
ارتدت شيلتها وحملت محفظة نقودها وفتحت الباب ورفعت عيناها حتى شهقت وتراجعت للخلف خطوة واحدة وهمست كأنها ترى شبحا من ماضيها:
- حمدان...

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 27-12-16, 07:49 PM   المشاركة رقم: 130
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

مساء النور والسرور
الغاليه ام حمده تسلم عليكن واجد
و تعتذر عن بارت اليوم
لابها انكسر
معوضه السبت ان شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
)...., اللقا, اماراتية, تاهت, بقلمي, جلدة, عناويني
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:56 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية