كاتب الموضوع :
ام حمدة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة
لا يعرف لما سكت وصار سره الخاص، وكان سر ينتظر اتصاله بلهفة، فقد أدخلته لعالم آخر لم يزره قط حتى مع معشوقته.
في البداية رفضه وقاومه بشدة فقد كان فحوى حديثها كالدخيل والمتطفل لمفهومه بالغزل، لكن رويدا رويدا صار يطوق إليه، وشيطانه يوسوس له بأنه مجرد حديث فقط ولن يضر بشيء، وكم تمنى بأنه لم ينصت له!!.
كانت تتحدث معه عن أشياء لم يعرفها قط ولقد استغلت جهله دون أن يعرف بمهارة.
رسمت له لوحة عن شبابه ولونتها وتغنت بها بأحلى الألوان.
أعمت بصيرته عن رؤية الطريق الذي يسلكه، وظللته بضحكتها الرنانة وبحديثها المعسول ليتحول بعدها للاغواء العلني وقد تفننت باثارته واشعال فتيل هرموناته ليغدوا طواقا لسماعها وهي تهمس له بأعذب الألحان، ولم يشعر بنفسه وهو يدخل بقدمه لفخ الصياد.
لقد أراد دائما البعد عنها وقد حاول مرارا عدم الرد عليها، لكنه غدى كمن أدمن على أحد الأدوية السامة والمريحة بآن واحد، ليطوق لسريانه بشرايينه، وبغباء منه اعتقد بأنه يبحث عن حل لمعضلته فسأل أحد أصدقائه يبحث عن مشورته بكيف يبتعد ليخبره الآخر بسر لم يعلم به أحد أبدا، ولطالما قام به عدة مرات ألا وهو الزواج "بالسر" !!... ويكون تحت شروط محددة من قبله وينهي زواجه متى ما أراد هو، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
صمت حل بالمكان بعد انقطاع رنين الهاتف وأخذت عيناه تبحث عنها وشاهدها هناك تقف مع والدته تعينها على السير، تلك هي زوجته الحنونة، تلك هي صغيرته وحبيبة قلبه، كيف استطاع أن ينظر لامرأة أخرى غيرها؟؟... كيف استطاع أن يكسر قلبها؟؟...
رنين الهاتف أعاده من شروده، والشاشة تضيئ بنفس الرقم فنهض متثاقلا واتجه ناحية المكتب وهناك فتح الخط بعد أن جلس على المقعد:
- هلا ابتسام شخبارج؟؟
سكت يستمع وبعدها أجاب:
- ما أقدر أروح عندج اليوم، أنا تعبان وودي أرتاح.
أغمض عينيه وصوتها الغاضب يصله عبر الأثير وبعد فترة من الصمت رد عليها:
- اسمحيلي تعبان وما أقدر، انت روحي وين ما تبين، أنا عبيت لج البطاقة الائتمانية وتقدري تستخدمينها.
وأغلق الهاتف ليناظره للحظات ثم وضعه على الطاولة واتكأ للخلف ليتأمل سقف المكتب يتفكر بحياته التي انقلبت رأسا على عقب، لقد كان يعيش حياة مستقرة وهادئة والآن صارت حياته مثل الصاروخ الحربي يتنقل من مكان لآخر مع زوجته التي لا تكل ولا تمل من رغباتها بالتسوق وبالسهر بالخارج والسفر وغيرها من الأمور التي انعكست على صحته بالسلب، فهو لم يعد شابا ليستطيع مجاراتها وهنا أخذ يفكر.. كيف لم يضع عمره بالحسبان عندما أراد الزواج من فتاة بعمر أطفاله؟؟.
وتذكر ما قالته والدته له عندما عاد للمنزل بالمرة الأولى:
- يا وليدي يا حسن انت تشتغل بالذهب، ومن جوفة وحدة تعرف إذا كان أصلي ولا تقليد، لكن شكل نظرك اخترب وما عاد مثل الأول.
تنهد وزفر واستغفر الله فلم يعد الندم يجدي نفعا، ولا الحسرة على ما فات تفعل شيء، عليه فقط لملمة الأمور ووضعها بنصابها الصحيح، هو أخطأ وعليه الآن تصحيح خطئه.
فتح الباب ليطل من خلفه ولده سالم فأقبل على والده مقبلا على رأسه.
- شخبارك يا الوالد عساك طيب؟؟
- الحمدالله يا وليدي أنا بخير، انت شخبارك؟؟.. ما عدت تقعد مثل الأول معانا، ليكون زعلان؟؟
ليسارع سالم بالنفي:
- ما عاش يلي يزعل منك يا بوي.
- أنا عارف إنك زعلان انت واخوانك، وماخذين على خاطركم، بس شو أسوي... .
قاطعه سالم وهو يرى الانكسار والخجل يعتلي ملامح والده:
- أقطع لسان أي واحد يلي يغلط بحقك يا بوي!!.. وانت ما سويت منكر انت أخذت بشرع الله واحنا ما لنا حكم عليك علشان نقولك سوي هذا ولا تسوي جذا.
طالعه بانبهار ونفخ صدره وقال:
- أمكم ربتكم صح، الله يحفظها ويخليها لنا يا رب!!.
- آمين يا رب العالمين
ثم انخرطا بحديث آخر عن الأعمال وأشياء أخرى مبتعدين عن همومهم ومشاكلهم .
*****************************
وفي الجهة الأخرى......
رمت الهاتف على الطاولة بغضب ومن ثم رمت بجسدها على الأريكة وهي تسب وتلعن:
- آل تعبان آل، وأنا عارفه إنه بيتهرب مني ومش عايز يجي عندي علشان المحروسة مراته متزعلش.
- وما له يا بنتي سيبيه يعمل يلي عوزة، متربطهوش وتخليه يزهق منك بسرعة.
فهمست ابتسام بشرود:
- يا ماما حسه إنه بيفلت من إيدي، ومبآش زي الأول.
فسألتها الأم باستفهام:
- ازي يعني مش فهمة؟؟.. إزاي بيفلت من ايدك؟؟.
طالعتها ابنتها وتابعت بهمس خائف ليس على خسارته بل الخوف على خسارة تلك الأموال التي تتدفق عليها:
- كأنه يماما انفك الغطا من عنيه وبص كويس ومعجبهوش يلي شافوه أدامة، ودلوأتي عايز يصلح الغلط يلي عمله.
شهقت الأم وخبطت على صدرها بفزع، وهتفت:
- أوعي يا بت تؤوليها!!.
فركت ابتسام كفيها ثم ما لبثت أن نهضت من مكانها وأخذت ترزح المكان جيئة وذهابا وهي تقول:
- مش عرفة يا ماما بس ده يلي حساه، ولما بيجي هنا بلائيه بيمل بسرعة مش زي الأول، بيؤعد ساعة سعتين وبعدها بيتحجج بحاجة وبيطلع ومبيرجعش.
- يخيبك يبت، وكل ده بيحصل وأنا معنديش أي خبر؟؟
لتجيبها ابنتها بنفاذ صبر:
- ما أنا بالأول مدتهوش سالفة، لكن بعدها حسيت انه بيبعد وبيطول بالعأده عند مراته الأولانيه ومبجيش البيت عندي إلا لما أنا بطلبه.
فسألتها والدتها:
- ومن امتى الكلام ده؟؟
- يجي من اسبوعين تلاته، معرفش يا ماما معرفش!!.
ورمت بثقلها على الأريكة وأكملت:
- هو اتغير من لما راح عندها لما انكشف كل حاجة، ومش عرفة إي هو يلي جرى هناك وغيروا كدا علي، دا مبآش طايئني خالص.
- يا لهوي يا بنت وانت لساتك أعده وحطه ايدك على خدك؟؟.. ما تؤومي وتتلحلحي شوية، هو انت عاوزة حد يؤلك تعملي ايه علشان تسحبي الراجل لعندك؟؟.
ناظرتها ابنتها من طرف جفنيها وأجابتها بدون نفس:
- آل يعني معملتش حاجة!!.. ما أنا عملت وتحركت، لكن الراجل العجوز معدش بيبص علي زي الأول، ويلي خوفني أكتر كان بيبص علي كأنه ندمان.
والتفتت لوالدتها وأمسكت بكفيها قائلة برجاء:
- ماما.. أوليلي أعمل ئيه؟؟.. مش عيزه أرجع زي زمان، الدنيا هنا حلوه ياماما ومش عيزه أرجع للفقر.
وبدأت تولول وتبكي حضها السيء بخسارة تشعر بها تقترب، وحياة الجاه والمال بدأت تنسل من بين أصابعها، وخطط وأحلام بدأت تتلاشا، ظلت الأم صامتة لفترة من الوقت إلى أن قالت بجمود:
- بطلي عياط واسمعيني كويس، ويلي أؤله يتنفذ .
هزت ابنتها رأسها موافقة وأخذت الأم تهمس لها بشر وتناست الحي القدير الذي يسمع ما بداخل النفوس، فما بالك لمن اختار الشر طريقة، وغفل أن الله قادر على كل شيء وأن العدالة ستأخذ مجراها عاجلا أم آجلا، وأنه يمهل ولا يهمل.
|