كاتب الموضوع :
ام حمدة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة
الفصل السادس عشر.........
أحيانا الأحلام تتحقق، هل تصدق هذا؟؟... أجل إنها تتحقق وتتجسد أمامك كما تريد وتتمنى أن تكون الأحلام دائما.
تسرقك للسماء العالية، تمسك بيدك لتحلق بك بين الغيوم وبين النجوم آخذه إياك لعالم وردي خلاب لا يتواجد به سوى السعادة، وفقط السعادة لا غير.
تشعر بروحها تمتلئ لحد التخمة وتكاد تنفجر من فرط فرحتها، تشعر بكيانها يتمحور ويختلف وكأنه لم يعد ملك لها بل صار لغيرها ولم تكن هي أبدا بل من يتواجد مكانها هي فتاة أخرى.
وكما يتمحور حلمها بـ.... فارسها يأتيها من بعيد بحصانه الأبيض يسرع ناحيتها ورذاذ ماء البحر يتطاير من حوله من شدة جري فرسه، وهو يجلس بظهر مستقيم، وبملامح مهيبة، وعيون شاخصة فقط لها وحدها دونا عن الأخريات.
ينطلق نحو هدفه وهي تقف هناك بفستانها الأبيض كما فساتين الفتيات الأسبانيات الأبيض والمزركش بتطريزات خيطت على يد أمهر الخياطات، وشعرها الطويل يلمع تحت أشعة الشمس الساطعة التي تحتضنها بدفئها وبرقة، وتتناثر حول وجهها خصلاتها الفاحمة بفعل نسمات الهواء العليلة التي تدغدغ بشرتها النضرة والمتفتحة بفعل السعادة.
عيونها ممتلئة بالبهجة، وابتسامتها تشع من بعيد، وفيروزها لا يحيد عن فارسها الهمام الذي سينتشلها من بؤسها ووحدتها.
ترفع يدها ناحيته فيتلقفها بقوة عضلاته البارزة ساحبا إياها للأعلى ومن ثم يضجع جسدها بالقرب من صدره باحتواء متملك يخبر الجميع بأن هذه الأنثى تخصه وحده، وينطلق بها للأمام نحو المستقبل المشرق والملون بألوان الطيف بعد أن يهديها تلك القبلة التي تخبرها بأن الأيام القادمة ستكون ملونة بالقلوب الحمراء.
احساس جميل بالاسترخاء، والهدوء والراحة يلف جسدها، وحرارة تنبثق من حيث لا تدري تحيطها كما الشرنقة برقة وتملك، صدره يبث مزيج من الصلابة والنعومة ومشاعر أخرى تنبثق منه لتتسلل إليها لتستشعرها لأول مرة، لكن الأهم هو الأمان والاستقرار يطغى على كل كيانها، وشيء ما يخبرها أن هذا المكان بالقرب من نبضات قلبه قد خلقت من أجلها، فما أجمله من حلم تتمناه كل فتاة لتخوض تلك المغامرة وتعيشها طوال حياتها، وكما كل قصة تنتهي بنهاية سعيدة إلى الأبد.
*******************************
ابتسامة تشدق به ثغرها، وبشرة تشربت بحمرة خلابة، وجسد تشعر به يؤلمها، لكن هذا الألم منعش ومستساغ للروح فتشعر بها خفيفة كما الريشة.
تحركت تندس أكثر طامعة بالمزيد من هذا الاحساس الجميل والرائع الذي يجعلها كما الذي استسقى من كأس الخمر رشفة لتطير بعقله وتضيعه بعالم آخر لا يوجد بعالم الواقع فيطوق للمزيد، ويرغب بالضياع غير راغب بالعودة، فيرتشف ويرتشف فيحلق جسده بالسماء العالية، وروحه تطير بخفة دون أثقال أو هموم، فيدمن من هذا الكأس الذي جعله يعيش في دنيا غير دنيته، والغوص بتلك الأحلام التي أدمنتها كما الأفيون غير عابئة بأن كثرة الادمان يؤدي للتهلكة.
رائحة مسكية أزكمت أنفها وعبقت تستنشقها لتعبئها برئتيها وتختزنها. أنفاس عميقة لا تنوي افراغها من شذى الرائحة العطرة، شفتيها تلامست بشيء حار وطري لا تعرف ما هو، لكنها لم تمانع هذا الغريب.
تحركت أكثر، وغاصت أعمق وروحها تنتشي بلذة الراحة والهناء. رمشت عينيها توقظها من عالم الأحلام، فعاتبتها غير راغبة بالاستيقاظ والبعد عن هذه السكينة التي تزورها لأول مرة، فعاندتاها عيناها وتحركتا مفرجة عن عقيقها العشبي فرفضت وأغلقتهما عائدة لبحور أحلامها.
عادت نفسها تحثهما على الانبلاج فما كان لها سو الانصياع إليها مرغمة.
أفرجت عن مقلتيها النجلاوتين الموشحتان بالكثير من العواطف الغريبة وصدمتها غيمة بيضاء ملبدة بضباب وردي اللون .
أغلقتهما من جديد عائدة لخيالاتها اللاواقعية التي قلما تكون حقيقية ومجسدة كما الواقع، لكن ذلك الهمس يخبرها بأن تناظر ما هو أمامها ففعلت، ورمشت عدة مرات تزيح النعاس من عليهما لتصطدم بصورة غير واضحة الملامح فلم تستشفي ما هي!!.
جرت مقلتيها لما هو أمامها تحاول أن تتوضح الرؤية وأيضا لم تعرف ما هو!!... وهنا عادت حواسها للعمل، شعرت بثقل على جسدها، وحرارة ودفئ يطوقانها بحميمية.
قطبت حاجبيها دون فهم وتساءلت... ماذا يحدث هنا؟؟.
أبعدت رأسها قليلا عن موطن شعرت به أنه ملاذها، وصوت ينبض برنين عند أذنيها كنغمات موسيقية ناعمة تناديها لتعود وتسترخي وتنسى العالم من حولها، لكن فضولها وشيء ما يخبرها بأن عليها أن تعرف أين هي؟؟.. وما هي تلك الأحاسيس التي تشعر بها بدواخلها كأنها أكلت لحد التخمة ووصلت لحد الاكتفاء؟؟.
رفعت أصابعها تبعد خصلاتها المتساقطة على وجهها وتمنعها من المشاهدة.
وما هي إلا لحظات أو ثوان لتستوعب أين هي، كانت بين ذراعيه بل بالأحرى بالقرب من أضلاعه، وقريبة جدا لحد الالتصاق بعضلاته الصلبة التي أحست بها بشرتها العارية.
رفعت عيناها لتحط على صفحة وجهه وظلت لبعض الوقت تتأمله، كان مسترخي ووسيم جدا، وقد اختلف جدا عما كان عليه من قبل، كانت ملامحه تنطق بالشباب وبصغر السن كأن همومه قد انزاحت، وأحزانه رحلت، بدى رجلا آخر وليس "بزوجها".... وعندها فقط ضربها الإدراك.. هو زوجها، صار زوجها بالأمس.
شهقت وكادت أن تصرخ لولا أنها سارعت بكتمها بكفها، وجحضت عيناها للخارج وهي تتذكر أحداث الأمس وما حصل بينهما، كادت أن تموت خجلا وتمنت أن تنشق الأرض وتبلعها من شدة استحيائها لتذكرها، فتحولت صفحة وجهها وتغيرت من الصدمة إلى الخجل. قضمت شفتيها والصورة تهافتت عليها لما فعله بها.
عادت تناظره بعيون مختلفة وصفحة جديدة، لقد دخلت عالم آخر لم تعرف بوجوده سوى بالأفلام، لقد تحولت ولم تعد كما السابق، فلقد خطت بدنيا الكبار وتركت خلفها زمن الطفولة، فقد غدت امرأة.
تنفست وتسارعت وتيرة ضربات قلبها والأحداث تزاحمت عليها وتذكرها بالحميمية التي تختبرها على يد رجل.
تململ بنومه وكأنه نداء استيقاظ لها بالهرب من أمام عينيه، لكن ذراعيه الممسكة بها قيدت فرارها فما كان منها سوى أن حاولت ابعاد قبضته المستحكمة على خاصرتها كأنه غير راغب بإفلاتها أبدا، ومع رفعها قليلا حتى عاد يتمسك بها ويسحبها ناحية جسده فخرجت من أعماق قلبها آه اكتفاء وغبطة لم تشعر بها طوال حياتها، فالعالم غدى بين كفيها، وما أشد فرحتها بهذا.
ظلت تستعذب هذا العناق الحار والمنعش لروحها الطواقة للحب والحنان، وارتعش جسمها عندما تحرك كفه على ظهرها العاري وعادت تلك الأشياء من جديد تعبث بأحاسيسها وترفعها للسماء العالية وصور الليلة الماضية ما تنفك تزورها تخبرها بما يحدث بين رجل وامرأة، واقشعرت خلاياها وهي تتذكر أصابعه السحرية التي كانت تجول وتصول عليها دون هوادة أو حدود، فما كان منها سوى أن فتحت عينيها وابتعدت عن هذا العذاب الحلو راغبة بالاختفاء قبل استيقاظه، وللعجب قد خرجت هذه المرة بسهولة من بين براثن ذراعه والتفت رأسها يتحرك بكل مكان باحثا عن شيء ما يستر عريها لترى مرادها تحت الغطاء الملقى على الأرض اثر المعركة التي دارت في ليلة الأمس .
عضت شفتيها وأدارت وجهها بعيدا عنه وشعرها ملتف حولها كغيمة سوداء، التقطت قميص النوم وارتدته على عجل ومن ثم ولت هاربة ناحية الحمام دون أن تنتبه للعيون المراقبة لذلك الغزال الفار من بين فكي صياده، لكن ليس لوقت طويل.
تحرك مضجعا على ظهره بعد أن سمع اغلاق الباب وناظر سقف الغرفة، ذراعه تحت رأسه والأخرى تحط برحالها على صدره العاري، وعيناه تتراقص بإثارة عما حدث بينهما بليلة الأمس، وابتسامة تشدقت بها شفتيه، وملامحه نطقت بالفرح وبالهناء، وراحة طغت على روحه التائهة، فلكل شخص معاناته، ولكل واحد منهم شقاءه وأسراره، وليس الفقير فقط من يعاني بؤس الحياة، فالأغنياء أيضا يعانون من طعون الزمن.
يشعر بارتياح، وامتلاء لم يشعر به من قبل، كانت ليلة ولا بالأحلام، ليلة لم يتخيلها أبدا، فأخذته ذكرياته للساعات الماضية، ساعات ستتخلد بذكراه للأبد ........
فبعد أن أخبره ابنه بأن عليه الذهاب للداخل فقد آن أوان لقائهما، فهو لم يرها لعدة أيام لانشغالهما بالكثير من الأعمال.
لا ينكر أنه اشتاق لشقاوتها، ولهمسها الناقم، وللقبها الذي اشتاق لرد عقابه عليها، ولحركة شفتها تلك، وعيونها الذباحة التي تسرقه للبعيد.
ازدادت ضربات قلبه بشدة مع اقترابه من المنزل، فهمس لنفسه يعاتبها على أفعالها الرعناء في الآونة الأخيرة:
- ماذا دهاك يا نفسي لتغدي على ما أنت عليه الآن؟؟.. كأن قطارا سريعا يسير بداخلك، هذه ليست زيجتك الأولى لتبدوا كما الفتى الغر المتشوق لرؤية عروسك الجميلة؟؟.
لتجيبه :
- ولما لا؟؟.. لما لا نعيش الدور؟؟.. فاليوم زفافنا على فتاة رائعة الجمال، كما أننا حرمنا من قرب الأنثى لفترة طويلة جدا فدعنا نتمتع باهتمامها وحنانها ونعومتها، لنعطي لنفسنا مجالا لنعيش حياتنا التي نئيت بها بنا بعيدا عنهن، أترك لنفسك العنان، فاليوم زفافنا.
أخذ نفسا عميقا وقد اتخذ قراره بإعطاء فرصة لهذا الزواج، ولم يكن يدرك بأنه ما أن سيراها سيترك لنفسه العنان كما طلبت من دواخله بالعيش برغد الحياة.
توقف عن الحركة ما أن التقطت عيناه هيأتها الفاتنة والخلابة تقف بانتظاره باستحياء، جرت مقلتيه تفصلها تفصيلا من رأسها المنخفض لأخمس قدميها المختفية تحت جلابيتها، وتلك الجبيرة أبدا لم تفسد جمالها الفتان، فقد غطتها بقفاز مخرم بلون الجلابية التي ترتديها.
سار بخطوات ثابتة ناحيتها بعد أن سمع الزغاريد التي تدعوه للاقتراب من عروسه الجميلة.
سار بقدمين مسيرتين وعيون لا تحيد عن تلك الغزال البهي الطلة التي لم يرى مثلها من قبل، أقبل عليها وقد سمرتها عسليتيه التي غدتا كبركتين صافيتان ممزوجة باللهفة والاثارة.
خطوة أخرة وكان قد صار يضاهيها طولا وضخامة لتبدوا أمامه كما القزمة، لكن من يأبه لهذا فاليوم مختلف، اليوم سيتحد اثنان شاقت بهما الأرض بما رحبت من حزنها وألمها، اليوم سيدخلون عالما سيضمهما معا لينعما بخيرات الأرض.
قبلة طالت على الجبين ولم ترد شفتيه الانفصال بل طاقت للمزيد والسفر بمحراب عشقها.
عيون تعلقت بأنثى استطاعت أن تسلب عقله وروحه سواء، واستطاعت أن تقلب حياته رأسا على عقب، وجسد انتفض بحق الرجولة مطالبا بما صار يخصه أمام الله وأمام الناس.
جلس على مقعده بجانبها وعيناه ما تزالان على أنثاه غير راغب برؤية صور أخرى تفسد هذا الجمال الرباني الذي أهداه الله له.
كان قد أخبرهم من قبل بأنه فقط سيلبسها الخاتم وبعدها سيغادر فهو ليس من محبي هذه الأشياء وقد صار كبيرا على هذه الترهات ولم يعد شابا مراهقا، لكن برؤيتها صار الماضي ماضيا وهو رجل اليوم.
أمسك بطقم الألماس الذي اختاره خصيصا من أحد محلاته لها بعد أن علمت جدته من أنه لم يهديها ولم يلبسها طقم خطوبتها فأمرته بإحضار أغلى المجوهرات التي يملكها بمحلاتهم فكما قالت:
- الغالي للغالي، والجوهرة ما يليق لها غير الغالي.
رفع كفها ناحيته ومقلتيه تحاولان أن تلتقطان فيروزها فأبت إلا أن تحرمه من اشعاعها الأخضر واختارت الأرض أن تهديها بريقها الأخاذ.
برودة سرت ببنصرها لترفع رأسها وترى تلك الألماسة الجميلة التي لمع انعكاسها بداخل عقيقها، كان خاتما ذا ألماسة كبيرة على شكل قلب محاط بألماسات صغيره حوله وبوسطه توسدت ألماسة خضراء تشبه لون عينيها.
رفعت خضرتيها ناحيته لترى بداخل مقلتيه حديث غريب وعجيب، ووعيد لشيء لم تفقه له، لكن هناك بأعماقهما أعاصير تموج بداخلهما أرسلت بأوصالها رجفة فأخفضتهما هربا من المشاعر الشتى التي سرت بداخلهما، وقشعريرة أصابت جسدها من لمسته الناعمة من ابهامه التي تدور بحلقات على ظاهر كفها أحستها كما النار الحارقة فسحبتها منهية هذه الرحلة من العذاب وتركها هو لتفلت منه على وعد بالمزيد، فالأمر لم ينتهي بعد فقد بدأ للتو.
رفع السلسلة من مكانها واتجه بها ناحية جيدها الذي برق الأصفر من عليه ولم يمنعه هذا من زيادة لمعانها لتغدوا كما النجمة المتلألأة في السماء العالية لتحسدها باقي النجمات.
|