لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-12-16, 06:38 PM   المشاركة رقم: 101
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2016
العضوية: 322215
المشاركات: 107
الجنس أنثى
معدل التقييم: ام حمدة عضو على طريق الابداعام حمدة عضو على طريق الابداعام حمدة عضو على طريق الابداعام حمدة عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 333

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ام حمدة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 

يا جماعة شو السالفة؟؟؟؟؟
الفصل مب راضي ينسخ بالمحتوى حد يقولي شو السبب!!!!!
أو طريقة أنسخ فيها الفصل بمربع الرد

 
 

 

عرض البوم صور ام حمدة   رد مع اقتباس
قديم 17-12-16, 07:44 PM   المشاركة رقم: 102
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

الفصل الثاني عشر
بسواد عينيه الذي يضاهي ظلمة ليل حالكة السواد، وتاهت في بحور مقلتيه العسليتين، وتساءلت كيف لسواد أن يكون مغرقا للروح؟؟.. شاهدته ورأت دواخله، وأبحرت بداخلهما تبغي استكشاف ما وراء غضبهما الدائم؟؟.
أخرجت قصرا من ابحارها الهانئ لتعود لواقع وجوده قريبا منها، وبالتحديد هو يجثم فوقها، ووجهه يملأه التجهم والعبوس.
ازدردت ريقها وفتحت فاهها تنوي زجره أو ابعاده عنها، لكنها لم تستطع التفوه بحرف واحد فعادت لإغلاقه.
أما هو فناظر ملامحها.. من عينيها إلى أنفها لشفتيها ولبشرتها، هي جميلة للغاية، وجمالها هذا يتعبه جدا!.. هو الرجل المقدام التي تتهافت خلفه أجمل الجميلات، وأرقى الفتيات ومن طبقته الغنية، يحاولون بشتى الطرق أن يجذبوه ناحيته، لكنه وقف لهم بعنفوان رجل قد انتهى من هذا الصنف الذي لم يجد منه سوى الغدر والخداع، فيكفيه ما أصابه منهم، فأغلق بابه بوجههم واطمأن بأن ذلك الذي يخفق بداخله قد ركن بركن قصي لن يستطيع الخروج من سجنه أبدا، لكن أبدا... أبدا لم يتوقع أن يعود، ومن أجل من؟؟.. من أجل طفلة صغيرة أهانت رجولته وكبرياءه!!...
وعند تلك النقطة وتذكره ما حدث، وسبب وجودها هنا اشتعلت ذهبية عينيه لتغدوا بركة من العسل الغامق وهمس بفحيح مخيف جعل نبضات قلبها تدق مثل ناقوس الخطر وتمنت أن لا يصل هديره الذي أصم أذنيها إليه.
- عيل الشيف أسامه ها؟؟... وتعرفين تطبخين ها؟؟.
جرت مقلتيها على ملامح وجهه المكفهرة من قريب، وشعرت بذلك الوهن يزورها من جديد كلما كان بجانبها، فيخذلها لسانها وجسدها سواسية، لكن شيء بداخلها، بصيص صغير من شعلتها التي تكاد تنطفئ صرخت بها بهمس خفيض.... بأن تقاومه...
لا.. هي لن تخنع له وتقع تحت وطأة سحره الذي يجعلها ضعيفة أمامه هكذا.
شحذت طاقتها، ونادت قوتها الداخلية التي طالما استجابت لها بأحلك الظروف، وقالت بثبات:
- أنا ما قلت إني ما أعرف أطبخ، انت يلي اتهمتني وقررت إني ما عرف أطبخ.
جز على أسنانه وهمس:
- وذك اليوم؟؟
برق ياقوت عينيها بشيطنة وقالت دون خوف، وابتسامه انزوت على طرف ثغرها:
- عقاب!!
غضب كاسح سرى بشرايينه، وتحدي استشعره من نبرة صوتها، هي لا تهابه، وكانت تتلاعب به، وبخضم شروده بأفكاره بكيف السبيل لعقابها
تحركت هي تحاول الزحزح من تحت جسده القوي تنوي الهروب والفكاك من هذا الاحتكاك الغير مرغوب به أبدا، لكنه أحكم وثاقها ورمى بثقله عليها وركز بأنظاره على صفحة وجهها، فحادثته وهي تحاول أن تدفعه بقبضتيها الصغيرتين:
- قوم من فوقي، ولا قسم بالله لأصرخ وألم عليك أهلك وأخبرهم بكل شي تسويه فيني!!.
- ليش ما قلتي لي إنج تعرفين تطبخين؟؟.
ضربت كتفيه وحاولت شد شعره فاستحكم بقبضتيه رسغيها فرفعهما فوق رأسها وأعاد سؤاله وأنفاسه تصفعها:
- ليش ما قلتي إنج تعرفين تطبخين؟؟.
تلوت وتحركت لكن لا مجال للخروج من تحت هذا الجبل الضخم فما كان منها سوى أن استكانت بهدوء تحاول أن تنضم أنفاسها وقالت وهي تحدق به:
- شو يلي يفرق؟؟.. عرف أطبخ ولا ما عرف؟؟.. كنت بتصدقني يعني لو قلتلك؟؟.
سكت ولم يجب، فأعادت قولها بقوة وبألم من حكمه الجائر عليها:
- كنت بتصدق لو قلتلك إني عكس كل الكلام يلي قلته علي؟؟.
أيضا لا رد، فأجابت هي بدل عنه:
- لا.. ما كنت بتصدقني لأنك حكمت وخلصت وما في مجال للتغيير صح؟؟.. وصلك كلام إني بنت دلوعة وشايفة نفسي والكل خدم حولي، وأنا بس حاطة رييل على رييل وقاعدة أتفرج عليهم.
سكتت وألم حاد اخترق صدرها من تذكرها لأقواله السابقة وأكملت بصوت تهدج، لكنها لم تسمح لها بالخروج:
- أنا وحدة.... أنا وحدة... باعت نفسها...... برخيص
ارتجفت شفتيها ليس من البكاء وإنما من أعصابها التي فلتت من زمامها، بعد نطقها لهذه الجملة التي تمس شرفها، وتساءلت بداخلها بحرقة كيف للبشر أن يطعنوا بالشرف؟؟.. كيف لهم أن يلوثوا سمعة أحدهم بالوحل؟؟.. لما يفعلون هذا؟؟.. ألا يعرفون بأنهم يرجون عرش الرحمن كلما قذفوا النساء المحصنات؟؟... ألا يعلمون بأن الله يمهل ولا يهمل؟؟.. وأن الدنيا تدور وسترتد أقوالك عليك آجلا أم عاجلا؟؟.
ظل يستمع إليها ويحدجها بنظرات مبهمة، يرى شعاع فيروزها الأخضر قاتما ومشبوبا بعواطف الألم والحزن، فهمس بخفوت وتساؤل:
- وليش ما قلتي؟؟... ليش ما دافعتي عن نفسج لما اتهمتج؟؟
أجابته بنار مستعرة حرقت فؤادها قبل عينيها، ونطقت بحروف أوجعتها:
- لأني عيزت!!... طول عمري وأنا أدافع عن نفسي لين مليت وما بقى فيني حيل أدافع، فيلي ينقال ما عاد يهمني، المهم أنا عارفة مين أنا وربي يعلم بالحال فالباقي ....... ما يهمني!!.
سكتت.. فالكلام أبلغ من أن تزيد عليه حرفا واحدا.
مرت ثوان فقط إلى أن ارتخت قبضته من عليها، ثم ما هي إلا لحظات حتى تدحرج عائدا لمكانه معطيا إياها ظهره وأغمض عينيه.
أما هي فلا تعرف لما فك حصارها؟؟.. هل لأنه صدقها أم أن طريقها ما يزال طويلا ليعرف حقيقتها؟؟.. لكن لما تأبه؟؟.. فكل ما يهم الآن أنها قد سلمت من عقابه ولا تدري متى سيحل جنونه وتعود رغباته بإنزال عقابه الذي بدأ يسلك منحنى آخر بداخلها.
********************************
حلت فترة العصر، وأدى رجال العائلة الصلاة بالمسجد القريب من المزرعة والنساء أدوا صلاتهم في جماعة بإحدى الغرف.
وبعدها جلس الجميع على المصطب وأمامهم كل أنواع الطعام الشعبي، وكل أنواع المشروبات الباردة والساخنة، والأطفال يلعبون ويمرحون، الكل سعيد، الجميع مرتاح ينهل من عبق هذه الطبيعة الخلابة بروعتها وخضرتها ورائحتها الشذية التي تنسيك مآسيك وشقاء الحياة الذي يغمرك بغماره الذي لا ينتهي.
توسطت عنود العمة والجدة تحادث هذه تارة ثم تعود وتحادث زوجة العم تارة أخرى، كانت كأنها تعرفهم منذ سنين طوال وليس منذ بعض الوقت
وجلس هو بجهة الرجال ينظر لكل شيء ما عداها، ويحادث الجميع ما عداها، شيء ما حل به!!.. شيء ما قد تغير!.. نعم.. فبعد المشادة الحادة التي حدثت بينهم في الظهيرة جعلت حالة السلام تحل بينهم، وأصبحوا كما الغرباء كما وجب أن يقتضي الحال بينهم منذ البداية لتكون حقيقة، نعم... أسرت لنفسها هم كانوا مثل الغرباء وصاروا أكثر بكثير من هذا. وهذا ما لاحظته الجدة بعينيها الخبيرة، خلاف قد دب بينهما!!.. فهو من جهة وهي من جهة أخرى، عيونهما لا تلتقي، فقط ألسنتهم إن اقتضى الأمر ليجيبا بحديث مقتضب، زواجهما مختلف، وخلفه حكاية وستعرف قصته إن طال الوقت أم قصر.
هزت رأسها بحسرة، وهمست لنفسها.. حسنا لا بد بأن ولدها لم يحسن التصرف كما العادة.
- حمدان يا وليدي.
التفت إلى والدته على الفور ولبى النداء:
- نعم يا الغالية؟؟.
- خذ حرمتك ووديها خليها تجوف المزرعة كلها، وبعدين خذها تركب الخيل.
جمود من ناحيته من صعوبة الطلب، وفرح من ناحيتها لسماع أن في المزرعة توجد أحصنه، لكن ما أن التقت بملامح وجهه الجامدة حتى تلاشت فرحتها وحل مكانها الوجوم، فكيف لها أن تسعد وهي معه؟؟.. فما كان منها سوى أن قالت وهي تلتفت ناحية الجدة:
- ما له داعي يا يومه خلينا قاعدين مع بعض أحسن.
ولن تكون الكلمة العليا سوى لها، وقالت بثبات وكلمة لا يثنيها اثنين:
- لا حبيبتي... حمدان عادي بياخذج بوريج المزرعة، وبيركبج الخيل بعد، تراه هو يركب مع أولاده وما يصير حرمته ما تعرف.
- بس....
قاطعتها موجه حديثها لذلك المنكوس الرأس والذي يتلاعب بفنجان قهوته:
- وشـ قلت يا وليدي؟؟.
رفع رأسه ونطق:
- تم يا الغالية
ونهض يوازي طلبها وقال يأمر لا يطلب:
- يلي يبي يركب خيل يلحقني، وانت تعالي وراي.
ظلت بمكانها ولم تتحرك فيما تبعه أولاده فرحيين، وأخفضت رأسها وأخذت تغمغم ببعض عبارات الاعتراض والتجهم.
لا تريد فرض نفسها عليه!!.. وتريد قدر ما تستطيع البعد عنه، لما يحاولون الصاقه بها؟؟.. لما يجبرونها أن تكون معه؟؟
- يا بنيتي يا عنود روحي ريلج يترياج
- ها...
- حمدان واقف يترياج، وخذي نصيحة مني، شو ما كانت المشكلة بينكم لا تبعدي عن ريلج، وخليج جدامه دوم، واضحكي وخليج عادية ولا كأن شيء صار، وراح تجوفين حتى هو بينسى ولا كأنكم متقاتلين قبل شوي.
وضحكت بصوت خافت، وهزت رأسها وابتسامة تعلوا ثغرها وذكرياتها مع المرحوم زوجها زخر به عقلها يعيدها للزمن الماضي.
تركت عنود مكانها على مضض، وحثت ساقيها للمسير خلفهم ولم تنتبه لحركة العم بمنع أولاده من الذهاب خلفهم، فيبدوا أن ملامح وجههم كشفت ستار أسرارهم .
قدمين ثقيلتين، وقلب مهموم من تكالب الحياة عليها، وصدر ضاق من أحوالها مع رجل لا يطيق النظر إليها، ولسانه اللاذع يجلدها بصوته دون رحمة، وتساءلت من جديد هل اقتنع بما قالته له من أنها ليست كما يقال عنها؟؟... فسكونه غريب!!.. واستسلامه يخيفها!!.
رفعت رأسها للأعلى وتطلعت لظهره العريض ثم لخصره المحدد بقميص رياضي ثم بجذعه الملتحف ببنطال رياضي أيضا يصل لحدود ركبته، وينتعل حذاء رياضي يحمل ماركة عالمية (نايك) كان رشيق الجسد.
عادت تعاتب نفسها لما تدقق بجسده؟؟... ما بالها؟؟.. لكنها ما انفكت وعادت تسأل.. هل يقال للرجل بأنه رشيق الجسد؟؟.. أليست كلمة رشيق تقال للفتاة أم أنها تنطبق للرجل أيضا؟؟.
وغاصت بتساؤلها وبحثها عن المفردة الصحيحة لتوصف جسده العضلي ولم تنتبه لما هو أمامها بخضم حوارها لتصطدم بجدار صلب تأوهت على إثره بألم وأمسكت أنفها.
- آي مين حط اليدار هنا؟؟
ليصلها صوته قريبا ومستهزئا:
- والله لو تجوفين جدامج كان ما دعمتي اليدار.
رفعت عيناها للأعلى والتقت بوجهه الجامد، تركته وبحثت عن الجدار ولم ترى سواه أمامها، ظلت لدقائق أو ثوان تحاول أن تستوعب الأمر حتى شهقت وأشاحت بوجهها بعيدا عنه عندما علمت بمن اصطدمت
وتحركت مبتعدة عنه بل هاربة وهي تلعن شرودها ليوقفها طلبه الغريب.
- روحي البسي بنطلون وقميص وتعالي
ناظرته من فوق كتفها وعلامات التعجب بادية على صفحة وجهها ليجيب لتساؤلها بهدوء مريب على غير عادته بجز أسنانه أو الهسهسة بصوته الغليظ :
- علشان تقدرين تركبين الحصان لازم بنطلون.
أدارت جسدها هذه المرة ناحيته وقالت بصدمة:
- تباني ألبس بنطلون وقميص جدام عيال عمك؟؟
تحرك ناحيتها ووقف أمامها وأجابها:
- أولا بدون بنطلون ما راح تقدري تركبي الحصان، وثاني شي البسي البنطلون وقميص طويل، أنا شريت ليج وايد من هذي القمصان وألحين يلا بسرعة روحي وتعالي ولا تأخرينا، الأولاد يتريون .

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 17-12-16, 07:46 PM   المشاركة رقم: 103
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

و ابتعد عنها راغبا بالذهاب ليصله رفضها الطفولي:
- عيل أنا مابي أركب حصان .
توقف بمكانه، وتنهد بطولة بال ثم التفت إليها وتقدم ناحيتها لتتراجع هي بخوف لا تعرف لما سرى بداخلها، وكلما اقترب كلما تراجعت إلى أن أمسك بذراعها لينتفض جسدها بذعر من أن تنال عقاب كسر أوامره، وانتظرت تلك الصفعة التي ستحط برحالها على وجنتها كما تعودت من عائلتها كلما رفضت أن تجبر على شيء لم ترده، لكن ما حدث زاد من تعجبها وصدمتها، فقد قام بإمساك كفها، وحادثها بصوت هادئ جعل قلبها يطرب ويدق طبوله:
- عنود... اسمعيني زين، أنا مابي عوار راس، وخلينا نستانس بهذي الاجازة، حنا ما قلنا إنا بنكون مع بعض ونمثل جدام أهلي إنا مثل أي زوجين؟؟.
زفر أنفاسا حارة ثم تابع وعيناه التقت بخضرة عيناها وهمس:
- خلينا نكون ريلاكس وطبيعيين مثل أي اثنين توهم متزوجيين.
- بس احنا مب طبيعيين
رفع حاجبه وعضت هي على شفتيها بخجل من نعته بأنه غير طبيعي، وتابعت عيناه تلك القضمات الشرسة على شفتيها ليتأوه بداخله ورغبة قوية حثته على الانحناء والقيام بدل عنها بعضها وتذوقها.
قاوم تلك الرغبة وتابع بأنفاس ملتهبة:
- خلينا نستانس بس بهذي الاجازة، يعني مدة اسبوعين وبعدين لما نرجع البيت سوي يلي تبيه، لأن أصلا ماحد راح يكون فاضي ويتابعنا، لكن هنا الكل موجود وفاضي وما عنده شغل غير يراقب .
لا تعرف لما أصابها الحزن والألم بصدرها، فبداية حديثه ارتفعت دقات قلبها من أنه راغب بأن يكونوا طبيعيين كأي زوجين، لكن بعدها أصابها الاحباط من أنه فقط يريد أن تكون صورتهما أمام عائلته جيدة، فقط من أجل عائلته وليس من أج......
توقفت وشخرت بداخلها من نفسها الطواقة لمن يحبها ويهتم بها لشخصها، كم أنت شحاذة يا عنود!!.. أتشحذين باحثة عن الاهتمام والرعاية؟؟... ألم تيأسي بعد من وجود من يريدك لنفسك؟؟.. استيقظي من أوهامك!!.. فحياتك بنيت على الوحدة ولن تعرفي طعم الحياة والسعادة أبدا.
هزت رأسها موافقة لما يريد وسحبت يدها من دفئ طال كفها فقط، وتساءلت... متى ستصل الحرارة لقلبي البارد والمتعطش للحب؟؟.
وسارت بخطوات بائسة متخاذلة كأن أحدهم قد رماها بأحمال ثقيلة لتسير بتثاقل، تابعها بأنظاره، وانقبض قلبه من رؤيتها بهذا الشكل المحزن، ماذا دهاها لتتغير وتتحول هكذا؟؟.
ظل يشيعها بعينيه إلى أن غابت ودخلت للمنزل ثم التفت وتحرك ناحية اسطبلات الخيول ثم مالبث أن توقف بمكانه بانتظارها، فهي لا تعرف الطريق إلى هناك، وربما تتوه، وجلس بانتظارها ولم تغب طويلا فقد جاءت تسير بخجل واستحياء، ومقلتيها تدور بالمكان وأصابعها تشد بقميصها للأسفل بحياء.
كانت ترتدي أحد التشيرتات التي اشتراها لها.. أبيض اللون وطبعت عليه صورة شفاه حمراء اللون، يصل لحدود لما فوق ركبتها، وبنطال من خامة الجينز أسود اللون، وحذاء رياضي من نفس ماركته وشيلها السوداء على رأسها.
لم يشعر بشفتيه وهي تتوسع بابتسامه سعادة من رؤيتها خجولة ووجهها محمر بشدة من فرط محاولتها مواراة جسدها، مرت من أمامه وهمست له ببغض:
- هو غصب الواحد يركب خيل؟؟
ليجيبها بتفكه:
- والله يلي تأمر به الغالية طلبها يتنفذ.
وسار خلفها ويراقب جسدها الممتلئ يتحرك بنعومة وأنوثة جعله يتلفت حوله باحثا عن عينن متطفلة ترى ما يراه هو، ولم يرقب أمامه ليصطدم بجسدها وكادا أن يسقطا لولا ذراعيه القويتين التي أمسكتاها وجسده القوي الذي وازن جسديهما معا وظلا متعانقين.. ظهرها ملتصقا بصدره وذراعيه تحاوط بصدرها بمسكة حميمية وساقية ملتفة بجذعها.
تجمدا على هذه الوضعية دون حراك أو أن ينبسا بحرف واحد، فقط سكنا بمكانيهما كأن الزمن حليفهما.
تهدجت أنفاسه وارتفع صدره بوتيرة سريعة، وهي ارتبكت واحمرت وضاعت وصار عقلها صفحة بيضاء وكتمت أنفاسها، ونفسها تحثها
تنفسي.. تنفسي وكأن بتنفسها تخشى أن تكسر الغلاف الذي أحاط بهما،
فالدفء توسد جسديهما، وروحهما عانقت احداهما الأخرى، وطوق غريب اجتاح جسديهما ولم يتحركا ولم يريدا أن يبتعدا، كأن جاذبية قوية تمسكهما بقوة وتمنعهما الفراق، وكأن بالتحامهما ستكون هناك الحياة، ومن لا يتمنى أن يعيش؟؟.
لكن لكل لقاء فراق، ولكل رغبة حدود، ولكل حرارة لها نهاية، وقد جاء من يهدم لحظاتهما على شكل نداء:
- بابا... يلا نبي نركب الخيل.
نادتهم ابنته حنان باستعجال لتأخرهم فما كان منهم سوى النفور، كل واحد منهم بجهة، وتحرك حمدان بخطوات سريعة للأمام دون أن ينظر للخلف وتاهت هي بمشاعرها العنيفة وعادت تلعن نفسها لما تفعله بروحها الشريدة الباحثة عن أمان يحتويها.
عدلت من شيلتيها التي لا تحتاج لتعديل وحثت الخطى لتلحق بهم وهذه المرة عازمة على ترك مسافة بينهما بطول السماء عن الأرض .

- ليه التشاؤم داه يا بنتي؟؟.. أنا يستحيل أخسر!!.. دانا ابتسام على سنقة عشرة، وأي واحد يتمنى يكون معاي، وهو يعني حيكون مختلف عن بائي الرجالة؟؟
سكتت قليلا تستمع لمحدثتها عبر الأثير ثم عادت تجيبها وهي تتلاعب بخصلات شعرها:
- ليه يعني؟؟.. ما نا عرفه إنه متجوز، ودي فيها ئيه يعني؟؟.. ما كل الرجالة بيتجوزوا تنين وتلات وأربع، يعني عادي.
عادت تستمع وقطبت حاجبيها الأنيقين برفض لما يقال لها، فاعتدلت من رقدتها وجلست على سريرها ومقلتيها تبرق بوعيد بالنصر وقالت لمحدثتها:
- يستحيل يرفضني!!.. د نا أول للأمر أوم وأنا أعد بدالك، وعلي جمال إنما ئيه، يجي هو ويرفضني!!... دا صحيح حيطلع أعمى وبيشوفش، لكن أنا حكون وراه ومش حكون ابتسام إن ما عملته زي الخاتم بصباعي، وحتشوفي وحتقولي ابتسام قالت.
وأغلقت الهاتف وهي تتأفف فقد أفسدت صديقتها مزاجها ورمت الهاتف بعيدا عنها وأخذت تتلاعب بشعرها الأشقر وعيونها ساهمة بأفكارها الشيطانية بكيف توقعه بشباكها، ولم تشعر بالتي تراقبها والتي استمعت لجملتها الأخيرة ووعيدها .
دخلت الغرفة وأغلقت الباب ووضعت كفيها على خصرها وسألتها دون مواربة:
- مين داه يلي عوزاه يكون زي الخاتم بصباعك؟؟.
صرخت بفزع وجحضت عيناها بخوف من قطع خلوتها واستمع لحديثها، ووضعت يدها على صدرها وتنهدت بعدها براحة وهمست:
- ماما... كده سيبتي ركبي؟؟
دلفت الأم لداخل الغرفة أكثر وعيونها ما تزال مسلطة على ابنتها وما أن اقتربت حتى عادت سؤالها:
- سألتك سؤال وجوبيني عليه؟؟.. مين داه يلي عاوزة تئفشيه؟؟.. ليكون واحد من اياهم الولاد الصايعة والهايفة؟؟.
اعتدلت بجلستها وابتسامة ماكرة تلون بها ثغرها، فمن أفضل من والدتها لتكون حليفتها، وستكون خير مساعد لها برغبتها بالحصول على ما تريد.
جذبت يدها وأجلستها بجانبها وهمست:
- لا... ده قرش مش واحد بتوع الشوارع، بس تعالي وحقولك كل حاجة.
اشتعلت عيناها بطمع، ووشوشت لها:
- طيب هاتي يلي عندك، سكته ليه؟؟.
وأخذت تسر لها بكل ما بجعبتها، وكلما طالت بحديثها وبأفكارها كلما اتسعت ابتسامة الأخرى ولمعت عيناها ببريق المال والمكر والخداع، والجشع اعتلى القمة.
شيطان واحد يكفي لهد بلد، فكيف إن اتحد شيطانان بفكرة واحدة ورغبة واحدة؟؟.
**********************************
صراخ حاد أصم أذنيه، وعسليتيه انجذبتا لذلك الثغر المنادي للخطيئة وهو يتحرك بابتسامة تشدقت به ملامحها:
- حصان... جوف حصان، في أحصنه.
وصفقت وعادت للصراخ والقفز وخضرتيها تتابعان الخيول الأصيلة التي صفت بحضائرها.
أمسكت بذراعه دون أن تشعر، ففرحتها الغامرة برؤية شيء لم تره أبدا سوى بالتلفاز أبهجها وجعلها تنسى كل شيء بلمح البصر.
- حمدان... جوف في حصان أسود وأبيض، وبعد في حصان بني
وتركت ذراعه وأشارت للخيول وتابعت مناداته تخبره وتشير إليه وهو كالأبله يتابع سعادتها التي طفقت تنتشر من حولها، وصورة مختلفة كليا عنها عما كانت عليه قبل قليل، بدت كطفلة صغيرة شاهدت ما هو عجيب وغريب وبدأت تتحدث وتتحدث عما تشاهده كأنه لم يرى ما شاهدته مليون مرة، لكن بفرحتها تلك ونظرتها المختلفة شاهد ما لم يره من قبل كأن عينيه تحولتا واستبدلتا بعيون أخرى.
جذبت ذراعه مرة أخرى دون شعور منها تريد منه الذهاب معها لتقترب من الخيول ثم تركته وهرولت مع الصغار لرؤيتهم عن قرب ووقف هو يتأمل بهجتها وسرورها من شيء بسيط وغير متكلف .
كان يبتسم لابتسامتها، وفجأة اضمحلت شفتيه وغدت مشدودة وذلك الهاجس عاد يتلاعب به... هل ما تبديه عكس ما تضمره؟؟.. وهل ما قالته صحيح؟؟
نحى كل تلك الأفكار السيئة وشاهد أطفاله تصيبهم عدواها، فأخذت ابنته بالقفز معها ومشاركتها برؤية الخيل وطفقت تحدثها عن كل فرس وابنه يراقبهم وابتسامه تشع من شفتيه واندمج معهم يخبرهم بمعلومات كثيرة لا علم لهم فيها، وكانت هي منبهرة وخضرتيها نبضت بهما الحياة.
اقترب منهم وأمر السائس آسيوي الجنسية بتجهيز أربعة خيول،
وعندما أحضرهم ركض كل من الطفليين لخيولهم وساعدهم السائس بامتطائهم، أمسك حمدان بخيلها وتقدم ناحيتها لتتراجع هي بخوف من هذا القرب الشديد للخيل الكبير .
- لا تخافين، هذا حصان هادي ومناسب ليج، تعالي.. قربي والمسيه، خليه يعرفج.
جحضت عيناها للأمام وقالت:
- تباني ألمس الحصان؟؟.. لا ما بي، أنا أخاف، يمكن يعضني؟؟.
- لا هو ما يعض جوفي...
وأخذ يلمس جسده بكفه ويمشط شعره بأصابعه ويحتضنه بكل حب ورقة ليطمئنها بأن لا داعي لخوفها، واستطرد حديثه معها:
- جوفي الحصان ما يخوف، وبعد جوفي الأولاد راكبين الخيل وماهم خايفين، يلا... تعالي وقربي والمسيه.
تطلعت عنود للحصان ولحمدان ثم للأطفال وهم يمتطون خيولهم ويسيرون بها بسعادة ثم عادت تراقب الخيل الواقف بهدوء وحمدان يحتضنه .
أخذت نفسا عميقا ثم سمت بالرحمن واقتربت بخطى وئيدة، تقدم خطوة وتأخر أخرى وعندما وصلت مدت يدها ناحيته ثم سحبتها وتطلعت لحمدان لترى عينيه المطمئنة، وهمسها لها بأنه موجود ولن يصيبها مكروه بوجوده.
قصف قلبها بنبضات قوية وسريعة لهذا الوعيد، وعادت تزدري ريقها وترمق الحصان الجامد بمكانه دون حركة، ومدت يدها من جديد وحثتها للمسه وكان شعورا جميلا ورائعا، ناعم، ودافئ، وطري، تشعر بالحرارة تحت كفك، وقهقهت بسعادة وصرخت:
- لمسته.... أنا لمست الخيل.
- تمام.. جفتي كيف؟؟.. يعني عادي، ولما تركبين بعد بيكون عادي، بتخافين شوي بس لما تتعودين بيكون طبيعي .
تجمدت يدها على الفرس، وتابعته بعينيها.
- ها... أركب.... لا ... لا ما بي أركب، أنا بوقف وبجوفكم .
وتراجعت للخالف ناوية الابتعاد وقد حسمت رأيها بعدم الركوب فتكفي هذه البادرة بلمسه، وليست مجنونة لتركب حيوان بهذا الحجم، لكن ذراع قوية أوقفتها وسحبتها لترتطم بصدره، وشهقت ورفعت رأسها وصرخت بوجهه:
- انت جنيت؟؟.. ليش سويت كذا ؟؟.
- حنا يايين علشانج وانت تقولين مبتركبين؟؟.. مب على كيفج!!.. بتركبين الخيل يعني بتركبين.
فتحت فمها تنوي الاعتراض ليسبقها قائلا:
- غصب عنج بتركبين!!.
أدارها ليكون ظهرها بمقابلة صدره، ووجهها يواجه الحصان، وكفيه العملاقين أحاط بخصرها النحيل ثم أمر بتعجرف:
- حطي ريلج داخل ركب الحصان وارفعي جسمج لفوق، وياويلج إن ما سمعتي الكلام!!.
ارتجف صوتها بخوف وهي تحادثه:
- بس أنا مابي.
وحاولت فك أصابعه التي حطت رحالها على خصرها وبعثرت مشاعرها واكتملت بخوفها من قربها الشديد من الخيل، لكن لا فائدة!!.. فكأنما يديه تحولت لقيد قوي ومتين وصعب فكاكه، وما زاد رعبها أكثر هو رفعه لجسدها بسهولة للأعلى فما كان منها سوى أن تمسكت بالسرج وارتقت الحصان ولسان حالها يردد بهلع:
- حمدان والله خايفة!!... ما عليه يا شايب والله لأخبر عليك يدوه!!.. حمدان والله حرام.. أنا خايفة!!.
وكادت دموعها تطفر وهي تشاهد الأرض من هذا العلو والرعب قد تغلغل لصدرها وبعدها شعرت بجسد صلب يحاوط بجسدها بطوق أشعل حواسها، واقشعر له بدنها، وجعل طبولا هادرة تقصف بين أضلاعها، وتنفسها أمرته بأن يقوم بعمله بعد أن توقف تماما عن القيام بما وجب عليه فعله، ونسيت خوفها من الخيل والتفتت كل حواسها للرجل القابع خلفها.
ذراعيه صارتا كسياج حماية تخبرها بأنها ستحميها من الوقوع، وصدره العريض يخبرها بأمان لن تجده سوى هنا معه وبقربه، وأنفاسه التي تضربها بحرارته تعلمها بأنه موجود على الدوام، وصوته الرخيم بالقرب من أذنها يصلها كذبذبات مهدئة:
- استرخي وطالعي من حولج.
والغرابة بالأمر استجابت لأوامره واسترخى جسدها وسلمه القيادة، وأخذت عيناها تدور بالمناظر الطبيعية التي تراها بعد أن أخذ الفرس بالسير، والتفتت تناظر الأطفال الذين كانوا يسيرون بجانبهم وكل واحد منهم يشير إليها لترى شيء ما جذب أنظارهم، وبدأت رويدا رويدا بالاستمتاع بالجو والتمتع بالمناظر وبركوب الخيل، فإحساسها بأن هناك من يهتم بأمانها جعلها تعيش لحظاتها، فليس كل مرة تعيش هذه الثوان من السعادة .
أخذها لكل مكان في المزرعة، وهرول بها ليصدح صوتها الرنان من فرط سعادتها وتركت الهواء العليل يتلاعب بوجهها وبشيلتها وصرخت به :
- بسرعة.. بسرعه
واستجاب لطلبها بضربة خفيفة تأمر فرسه بالانطلاق ليستجيب هو الآخر كأن عدوتها بالفرح انتقلت إليه أيضا وشعر بما تشعره بوجودها فوقه. فصهل موافقا وانطلق يعدوا بعد أن أمر ولديه بعدم اللحاق به فقط سيأخذها بجولة سريعة ويعود بعدها، ووافقا مطيعين وتوقفا تحت شجرة وارفة الظلال وترجلا من خيولهم بمساعدة والدهم وجلسا ينظران إليهما وهما يعدوان بأقصى سرعة ويدوران بدائرة كبيرة ويعودا بعدها لنقطة انطلاقهما، وصوت ضحكاتها تصل إليهم ليبتسما هما أيضا لبهجتها.
وبعد مرور بعض الوقت وصلا لمكان تواجد الصغيرين وترجل هو بسرعة كبيرة وابتعد عنها يتنفس بصعوبة ويحاول أن يهدئ من مشاعره الثائرة التي جعلت عواطفه تجيش به من التصاقها الشديد به، كان الوضع قاس لعواطفه المتعطشة والراغبة بالشعور بها بين ذراعيه، وطواقة بشدة لتبحر بها وتغوص لأعماقها، ولعن تهوره بركوبه الخيل معها، فلم يدر بخلده بأنه سيعاني هكذا!!.. اعتقد بأنها ستكون جولة سريعة وبعدها يعودان، لكن صوتها الذي أطرب أذنيه ليتغلغل لأعماقه جعله يرغب بالمزيد، ووجودها بأحضانه تركه يطالب بتمديد وقت وجودها بين أضلاعه، ولمساتها العفوية على كفيه جعل حواسه تغيب وعقله يختفي وترك العنان لأحاسيسه لتفيض وتمسك زمام الأمور، لكن لكل شيء حدود، وتلك الحدود وصلت للخط الأحمر، ولم يكن باستطاعته التحمل أكثر من هذا فما كان منه سوى أن رجع وأوقف حصانه وترجل منه وانطلق يسير دون هدف، فالمهم لديه هو أن يبتعد عن حقلها المغناطيسي الذي يجذبه دون وعي ليكون بقربها، فهمس لنفسه بعتاب:
- يا غبي!!.. شو صار فيك؟؟.. هذي هي البنت يلي ما كنت تبيها؟؟.. شو يلي تغير؟؟.
ليجيبه صوت لا يعرف من أين جاء:
- لأنك تبيها، ولأنك تصدق إنها بريئة وطاهرة.
فنفى ما همس به ذلك الغبي، ورد عليه:
- لا... أنا ما أصدقها!!.. وأنا ما بيها!!.
سكت قليلا وهمس بوجع استبد بكامل جسده:
- هي صغيرة علي، وايد صغيرة .
ليصرخ به ذلك الصوت الغريب عليه:
- أبدا ماهي صغيرة، انت بس يلي تتوهم، وما راح تكون أول ولا آخر واحد يتزوج بنت أصغر عنه بوايد.
- لا... أنا ما أتوهم!!.. هي صغيرة علي، صغيرة، وثاني شي أنا ما بيها، وهي بترجع لأهلها مثل ما اتفقنا ومثل ما كانت نيتي من البداية.
هدوء غلف ما حوله واعتقد بأن الغريب قد رحل وتركه، لكنه عاد ولم ييأس من اختراق ذلك الحاجز الذي بناه بقراميد قوية جدا:
- انت خايف منها، خايف من قربها منك، خايف تحبها وبعدين تسوي مثل زوجتك الأولى.
سكت ولم يعتب على حديثه وأكمل الصوت:
- مب كل الحريم واحد، جوف حرمة عمك، جوف حريم أولاد عمك، مب كلهم واحد.
ناظر حمدان الرمال الصفراء ثم همس بتعب ظهر جليا بكلماته:
- ما أقدر... صدقني ما أقدر، لأن هذي المرة لو طحت ما راح أقدر أقوم.
وصمت كأنه بصدد اتخاذ قرار مهم جدا من أجل حياته، وفتح فمه وقال:
- هي لازم تروح وتطلع من حياتي، ما لها مكان فيه أبد.
وبعدها حصل كل شيء بغفلة ورمشة عين....
سمع صهيل خيله واستدار مرغما بعد أن صرخ به هاجس مخيف جعل قلبه ينتفض، وبالحركة البطيئة التفت وهناك شاهد ذلك المنظر المرعب ....
حصانه يرفع قوائمه للأعلى وهي تتراجع للخلف دون أن تكون لها الفرصة بالتشبث بشيء ما، وبعدها صرخة حادة اخترقت صدره بسهم حاد ثم اختفى ذلك الصوت الذي جعل مشاعره تتراقص وتنتعش بلذة الحياة، وبعدها سكون طغى بالفضاء الموحش وقد خلى من عندليبه.

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 17-12-16, 07:49 PM   المشاركة رقم: 104
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

الفصل الثالث عشر.....

حكم القدر يقع ما بين رمشة عين وغفلة، فلا أحد يكون مستعد أو عالما بما سيحدث له، فقط يحدث وينتهي كل شيء بأقل من الثانية.
وأثناء ما ذلك العقرب الطويل في الساعة يتحرك فقط من موضعه للجهة الأخرى حتى يتهافت عليك شريط حياتك منذ الصغر إلى لحظتك
هذه .....
خاضت عنود تلك التجربة، فبعد أن أخذها بتلك الجولة المنعشة للروح وجعلها تطير بين السحب البيضاء أعادها بعنوة للواقع، للأرض الجرداء القاحلة، كأنه يخبرها.. لا تحلمي كثيرا، فنهايتك ستنتهي بأي وقت.
كانا قد وصلا لطفليه وأخذا يلوحان لهما لتلوح لهم هي بالمثل وثغرها حمل أجمل ابتسامة، وعندما أوقف الحصان ترجل منه على عجل وتركها على ظهره تعاني الفراغ، تعاني الوجع الكامن ما بين أضلاعها، وبرودة سرت بجسدها بعد أن كانت تتنعم بحرارة جسده وبأمان صدره، واستقرار لم تشعر به إلى بقربه، لكنه بخل عليها كما العادة وفارقها وتركها للهجر والحرمان، فأي ظلم هذا يا إلهي؟؟.
راقبته وهو يسير بخطوات كبيرة كأنه يجري ويبتعد قدر امكانه عنها، وتسألت بنفسها بانكسار.. متى كنت قريبا مني لتبتعد عني؟؟.
فتحت فمها تبغي مناداته، فخرجت حروفها كحشرجة غريق، فعادت لغلقه وأشاحت بوجهها الحزين والمتألم من بعده، ورفعت كفها وقبضته على صدرها وسألت ذلك الذي كان ينبض بعنف وقوة عندما كانت ذراعيه تحيط بجسدها وتحتضنه كما الطفل الصغير الخائف من ضياعه.
كانت عضلاته قوية تكاد تشعر بها وهي تطحن عظامها، فقط ضغط قوية وتنتهي، لكن في ذلك الحين كانت رقيقة، ناعمة، ساخنة، ومثيرة للقشعريرة اللذيذة وحلاوة لم تتذوق مثلها من قبل، كانت تعيش تلك اللحظات بنعيم الحياة، ومن ثم اختفت ابتسامتها الحالمة التي ما أن بدأت تسترد تلك الصورة التي كانت عليه قبل قليل بإدارة ظهره لها، وهمست تعيد سؤالها لخافقها بعد أن عاد لرتابته:
- شو فيك يا قلب؟؟.. ليش تلعب فيني؟؟... شو سالفتك؟؟.. عجزت عن فهمك!!... شو يلي يصير فيك لما يكون موجود؟؟.. ولما يروح تختفي ولا كأنك موجود!!..
تنهدت عاجزة عن المعرفة وحيرة تلبستها من عدم قدرتها على كشف هذا اللغز العويص.....
عادت لواقعها وخرجت من دائرة تساؤلاتها على صوت يناديها:
- عمو عنود، ما راح تنزلين؟؟
تطلعت للصغيرة وابتسمت إليها بوهن وأجابتها بابتسامة متكسرة، فقد أنزلها للأرض بطريقة قاسية جدا:
- بلى حبيبتي بنزل بس....
والتفتت تتأمل ذلك العملاق البعيد والقريب بآن واحد ثم عادت تلتفت للصغيرين وتابعت:
- شكل أبوكم مشغول بشي، انتوا خبروني بس كيف أنزل؟؟.
سكتت قليلا تنظر للارتفاع وبشكل مخيف صرخ قلبها وانقبض، ولكنها لم تعره أي اهتمام وسمت بالرحمن وألحقت انقباضه بأنها خائفة فقط.
تحرك الحصان وصهل، فازداد خوفها والتفتت للصغيرين ورعبها نطقت به عينيها وقالت على عجل:
- أقول عبود يا بطل، شو رايك تتحول اليوم للفارس الهمام وتنقذ الأميرة من مشكلتها؟؟.
قهقهة الصغيرين بفكاهة من طلبها فعاد الخيل يصهل ويتراجع وقطع وصلة ضحكهم، فما كان منها سوى أن قالت بجزع بدأ ينسل منها كشهقات وحروف مبعثرة:
- عبود.. كيف أنزل؟؟... عبود بسرعة قو......
ولم تكمل ولم ينتظرها القدر طويلا، فقد صار المقدر، وصرخ الصغيرين بهلع وهم يرون الخيل يتراجع ويصهل بطريقة غريبة وما هي إلى ثوان حتى صرخت صرخة مدوية وحادة اخترقت بها الخلاء الموحش عندما رفع الفرس قائمتيه الأماميتين للأعلى ولم تستطع التشبث بأي شيء، فقط أشاحت بذراعيها بحاثه عن جدار يحميها من مطبات الحياة البائسة، لكن أين السبيل لإيجاده والاتكاء عليه وهي بالأصل لم تجده أبدا.
صور تهافتت إليها، وذكريات حلت عليها، ابتسامة شقيقها الحنونة، وهمسه الهادئ، وضحكاتهم، صورة والدها الطيب وهو يضمها لصدره بحنان، ووالدتها التي لا تتذكر منها سوى الشيء اليسير، ثم تحولت حياتها للنقيض والبؤس والشقاء، وتاليا صور الطفلين والجدة وكانت آخر صورة علقت قبل لحظاتها الأخيرة صورته هو وبعدها لم تسمع أي شيء ولم ترى سوى ذلك الظلام القاتم ذو اللون الكثيف يكتم على أنفاسها ويسحبها لعالمه....
***********************************
سرير تخضب بياضه بلون الدم يتحرك بسرعة ويدفعه عدة أشخاص والناس من حولهم تبتعد عن طريقهم ولسان حالهم يلهج بالدعاء:
- لا حول ولا قوة إلا بالله.. الله يستر!!.
ثم دلف السرير لأحد الغرف ومعه فقط المخولون بالدخول أما الباقين فقد منعهم أحد الحرس المواظبين بالوقوف عند هذا المكان بالخصوص،
ووقف هو عاجزا وخصلات شعره الفاحمة تكاد تقتلع من بين أصابعه، وقميصه الأصفر الرياضي قد غرق بدمائها المنسكبة بسببه.
- هدي يا حمدان، إن شاء الله ما يصير إلا كل خير.
ظل يناظر الباب المغلق أمامه يحاول أن يخترقه ليرى ما حل بها، هل غادرت دنياه؟؟.. أم أن هناك ما يزال نفس بذلك الجسد الهامد الذي كان بين يديه للتو؟؟
كف حط على كتفه يجبره على تركها والتفت يتطلع لابن عمه سالم بهم اكتنف مقلتيه، وعجز رزح على كتفيه المهدلين.
- تعال معاي .
أمسك ذراعه وسحبه وسار حمدان معه بخضوع وأجلسه على أحد المقاعد، فرزح جسده الضخم على الكرسي وانحنى رأسه للأسفل ليحتضنه كفيه من ثقل الهم الذي يضغط عليه .
إلى الآن لا يستوعب ما حدث!!.. وليس لديه القدرة على التفكير والتعمق بالمسألة، فرؤيتها مضجعه على الأرض دون حراك شلت تفكيره، ورؤية كمية تلك الدماء الخارجة من حيث لا يعلم أصابته بالرعب، لكن ما يعرفه وهو متأكد من الأمر أنه.. "هو السبب" وهمس بها:
- أنا السبب!!.. كله مني!!.. هي ما تعرف تركب خيل، وأنا خليتها فوقه ونزلت عنها .
تنهد سالم وجلس بجانبه يحاول تقوية عزيمته:
- لا تقول جذا يا حمدان، كله قضاء وقدر .
ليرد عليه ورأسه يرفض ما يقوله:
- لا... انت ما تفهم، أنا تركتها فوق الخيل والمفروض أنزلها قبل لا أنزل، وألحين جوف شو صار فيها.
- وش يا لي صار يا حمدان؟؟
وكان هذا الصوت عمه وهو يقف بالقرب منه بعد أن سمع بالخبر وجاء مسرعا يتفقد الأمر.
ناظره حمدان بضياع ثم عادت عيناه تعانق الأرض بشرود والصور تعود إليه كشريط سينمائي بطيء .......
ترجل من الخيل هاربا من مشاعره ثم معركته مع النفس وبعدها احساس فضيع راوده وتبعه بصرخة حادة اخترقت قلبه كسهم طائر، ورؤيتها تسقط للخلف ويهمد جسدها كأن لا حياة فيه وفرسه انطلق يعدوا دون أي هدف .
توقف عن إبداء أي حركة فالصدمة قد شلت تفكيره، وبصراخ الأطفال أيقضه وأسرع بكل ما يملك من قوة ناحيتها وجثا بجانبها على الأرض وبدت حركات يده عشوائية دون أن يعرف ما يفعله وصوت بكاء ابنته أصابه بالتشوش فما كان منه سوى أن صرخ:
- حنان... اسكتي ولا نفس.
لتخرس ابنته فجأة من صوته الحاد والغريب عليها، فأبدا لم يصرخ بها هكذا !!.
نفس عميق، وهدوء وثبات، هو الرجل العصامي، وبأحلك الظروف هو المتواجد والصامد وكل يعتمد عليه، وبدأت بوادر النباهة تعود إليه، قياس نبضها... كان نبضها يطرق بضعف تحت سبابته ولفت انتباهه خيط من الدماء ينساب على الأرض كما الوادي من تحتها.
دقق النظر وبحث عن المصدر وكان قريبا من رأسها ومد يده ناحيتها فقاطعه نفير سيارة، رفع رأسه وتطلع لابن عمه الذي أوقف سيارته وترجل منها راكضا ناحيتهم فيبدوا أن حصانه قد عاد للحضيرة لوحده فما كان منهم سوى أن خمنوا بأن مكروها قد حدث.
لم يكن هناك وقت للشرح وعليه أن يغامر برفعها وأخذها للمشفى الحكومي القريب من المزرعة.
- شو صار يا حمدان؟؟
- ما في وقت، لازم آخذها للمستشفى.
وما كاد يدخل يده تحت رأسها والأخرى تحت قدمها حتى نهره ابن عمه:
- حمدان... لا ترفعها، يمكن فيها كسر؟؟.
فتوقف عن رفعها وسأله بتعجل، وأنفاسه تهدر بصوت عالي:
- عيل شو نسوي؟؟.. لازم آخذها ولا بتروح من بين ايدي.
عادت عيناه تجري على ملامحها الشاحبة بنهم، وازدرد ريقه وقد استبد الجفاف ببلعومه، وأنفاسه تقطعت بها السبل من خسارتها .
فعادت عيناه تتطلع لابن عمه برجاء:
- سالم شو الحل؟؟.. دبرني يا خوي بسرعة قبل لا تروح عني!!.
التفت سالم وشاهد الصغيرين ينظران لزوجة والدهما وقد غادرت الدماء وجهيهما، فنطق يحاول أن يسترعي انتباههما عن هذا المنظر:
- عبادي... خذ اختك حنان واركبوا السيارة بسرعة، وبتجوف حمدانية بالكرسي يلي ورى جيبها.
هز عبدالله رأسه وأمسك بشقيقته وقادها للسيارة، ساعدها بالركوب وهي بحالة من فقدان الوعي ثم عاد يحمل بيده عدة من الحمدانيات وأعطاها لعمه ثم عاد لشقيقته بعد أن حدج عنود بنظرات غامضة.
التفت سالم لابن عمه وقال:
- خذ حاول تربط جسمها وايدها مع بعض علشان ما نخليها تتحرك، يعني بيكون نفس لما نلف الصغير .
فعل حمدان ما أمره به ابن عمه ولفها برفق، لكن بصلابة كما يلف الرضيع عند ولادته وبعدها حملها برفق وأسندها بالقرب من خافقه الذي يدق كما السنديان العملاق وانطلق بها للسيارة وتحرك سالم بها يقودها بأقصى سرعة ناحية المنزل، وضع الصغيرين في عهدة والدته وبعدها قاما بسباق مع الزمن للوصول للمشفى .
مر الوقت عليهم بطيئا كسلحفاة تحاول أن تجاري وقتها، لكنها لا تلبث أن تسير ببطء وتأني تكة تتبعها تكة أخرى وأعصاب تكاد تفلت من معقلها. تكة أخرى وبركانه يهدر به بالذهاب إليهم ورؤية ما يؤخرهم؟؟..
وتكة أخرى تخبرهم زفراته الثائرة أنه قد بلغ مبلغه.
وتكة ثالثة فز من مقعده واتجه ناحية الباب ليقف الحارس بأهبة الاستعداد بعد رؤيته قادما .
- وخر من طريقي بدخل.
- مستر ما يصير يروح داخل، شوي ويطلع الدكتور .
عيون اجتاحها احمرار، وحمم بركانية خرجت من أنفه وفمه، وبهسيس ووعيد:
- قسم بالله إن ما وخرت من طريقي لتجوف شي ما جفته بحياتك!!.
ارتبك الحارس الآسيوي من لهجته الصارمة والمتوعدة وصورة لعائلته في أقاصي البلاد تجبره على التنحي وخفض الرؤوس، فلقمة العيش صعبة، والغربة من أجلهم أشد وطأة، فما بالك بخسارة مصدر رزقه والعودة فاضي اليدين.
- حمدان يا وليدي استهد بالله واقعد بمكانك وخلي الدكاترة يقومون بشغلهم، وإن شاء الله يطلعون ألحين ويخبرونا شو فيها حرمتك.
تهدلت ذراعيه واستغفر الله ومسح على وجهه وبداخله معركة ضارية... لا.. هو لا يعرف ما بدواخله الآن، هل يريدها على قيد الحية لتبقى معه؟؟... ليعود وينفي.. لا.. فكل ما يريده في هذا الوقت هو أن تكون على تنبض بالحياة.
وما كاد يعود للجلوس حتى خرج الطبيب ليغير مسار حركته والتف للطبيب وسأله بلهفة:
- شخبارها؟؟.. هي بخير صح؟؟.
- انت زوجها؟؟
- نعم.. أنا زوجها، طمني يا دكتور؟؟.
- هي شو صار فيها؟؟.. كيف انصابت؟؟.
- طاحت عن الخيل
هز الطبيب رأسه متفهما ثم قال بعملية وهدوء:
- حرمتك بخير والحمدالله
تنهد الجميع الصعداء ودعا حمدان بالشكر لله من أنها نجت من الخطر، فتابع الطبيب قوله:
- بس فيها عدة كسور بعضد ايدها وجبسناها ولازم تظل فيه لمدة 3 شهور بالكثير، وجرح عميق بالظهر كان هو السبب بالنزيف شكلها طاحت على شي حاد وخيطناه بـ16 غرزة، ورضوض بجسمها، وارتجاج بسيط بالراس، وعلشان كذا لازم نتركها عندنا لمدة أربع وعشرين ساعة علشان نلاحظها ونراقبها إذا ما كان عليها خطر من طيحتها، وبعدين تقدرون تاخذونها معاكم البيت.
سكت الطبيب وسمعت التهليلات وكلمات الشكر من الجميع:
- الحمد الله.. الحمد الله.. لك الحمد والشكر يا رب.
فعاد الطبيب يتابع:
- حمد الله على سلامة المدام وأجر وعافية وما تجوف شر.
وتركهم الطبيب عائدا لعمله أما حمدان فقد استأذن من الطبيب بالدخول إليها وسمح له بذلك مع تنبيه أنها نائمة لاضطرارهم لحقنها بالمهدئ كي يحموها من الألم المبرح الذي كانت ستشعر به لو كانت مستيقظة.
***********************************

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 17-12-16, 07:51 PM   المشاركة رقم: 105
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ام حمدة المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة

 
دعوه لزيارة موضوعي

و في الجهة الأخرى وبالتحديد في المزرعة جلس صغيرين يندبون فرحة لم تتم، وسعادة لم يعيشوها بعد، وأمومة شعروا بها تفلت من بين أصابعهم، هل كتب عليهم اليتم من دفئ وحنان الأم؟؟.. هل خلت حياتهم من حضن ولمسة وابتسامة تشيعهم وعيون تضمهم؟؟.
التحف الحزن مآقيتهم، وتوسد الألم والبكاء بمقلتيهم، وملامح اكتساها الخسران.
أذرع تواسي بعضها، وحضن لن يكون سوى لهما فقط، فهما وجدا للآخر.
تشبثت حنان بشقيقها ودموعها تتساقط أنهارا وصوت نحيبها يصل لعنان السماء كأنها تطلب العون، كأنها تطلب الرأفة بحالها، والآخر يلف ذراعه الصغيرة بمواساة لشقيقته الصغرى وهو قد اكتنف الألم صفحة وجهه، وعيونه قد احمرت كجمرات نارية قد وصلت لحدها من الاشتعال، وتلك التي وجب أن ترحمه وتريحه لم تنهمر وإنما قد تجمدت بمكانها لتتحول لمرآة مصقولة تكاد ترى ملامحك من خلالها.
أي حزن هذا؟؟.. وأي ألم يكيل بهذين الصغيرين؟؟.
ناظرتهم الجدة بعجز ولسانها قد عجز عن اسكاتهما وادخال الطمأنينة لقلبيهما، فالعيون قد التقطت الصورة والمركز قد خزنها وتوقف شريطها عند تلك اللقطة فقط، عندما أخرسها الكون إجبارا، وسكون طغى على جسدها، فهل من بعد تلك الرؤية حديث آخر؟؟.
- يا يومه.. يا حبايبي.. العنود ما عليها إلا العافية، وبتجوفونها بعد شوي بخير وتضحك.
وجاوبتها شهقات مرتفعة، وأنين موجع للروح والقلب، فتابعت الجدة حديثها لعل وعسى تستطيع تهدئتهما:
- ما يصير جذا.... عبدالله.. حنان
قاطعتها حنان قائلة وبصوت بكائها الذي أتعب قلبها الصغير همست:
- لا... انت... انت... تجذبين علينا!!.... هي... والله ماتت!!... خلاص راحت.. أنا... أنا جفتها لما.... هي... هي.... تموت .
وعادت تنخرط ببكاء حاد يقطع نياط قلوب المحيطين حولها، ودفنت نفسها بحضن شقيقها الذي احتواها بتثاقل وضياع يشعر به ينخر صدره، وروحه تئن تحت وطأة فقد من فتحت له ذراعيها بحب دون أي مقابل.
ظلت عيناه تعانق الأرض الجرداء كما حياته التي عادت كسابقها، لا ابتسامه تخصه، ولا سؤال عن حاله وعما يريد وما يرغبه، لقد انتهت تلك الأيام وولت.
وقف الجميع ينظرون لهذين الصغيرين بعجز، فقد باءت محاولاتهم بالفشل لجعلهم يصدقون بأن عنود بخير .
- يومه.. أم سالم ولي يرحم والديج اتصلي بوليدي حمدان خليه يرمسهم، الأولاد بيروحون من بين ايدينا من كثر بجيهم، اتصلي... اتصلي بسرعة.
- إن شاالله يا الغالية
بحثت بجيب جلابيتها عن هاتفها فلم تجده، فوسط تلك المعمعة التي حدثت لم تجعل بهم أي عقل أو تفكير بحمل هواتفهم، فنطق أحد أبنائها عندما علم بأن والدته لا تملك هاتفها :
- أنا بتصل بحمدان يومه
أخرج هاتفه من جيب بنطاله وضغط على عدة أزرار وانتظر الاجابة إلى أن انقطع الخط، أعاد الاتصال وكان أن انقطع مرة أخرى وثالثة ونفس الشي.
- يومه.. حمدان ما يرد على التيليفون .
- اتصل على أخوك سالم يا سعود
- إن شالله
أرقام أخرى ورنين ومر بعض الوقت ثم فتح الخط وأسرع يهتف:
- سالم.. وينك يا خوي؟؟.. قلوبنا طايحة، طمنا شو الأخبار؟؟.
سكت ينصت وجميع العيون انصبت عليه وقلوبهم تدعوا وترجف بخوف من الأخبار الغير السارة .
- انزين.. حمدان وينه؟؟.. خليه يكلمني أولاده ميتين من الصياح .
سكت يستمع وبعدها تحرك ناحية حنان وعبدالله وركع أمامهما وفتح مكبر الصوت وتابع :
- تكلم يا حمدان هم يسمعونك
- عبدالله... حنان
وعند سماع ابنته لصوت والدها انفجرت ببكاء حاد جعل الطرف الآخر يهلع وينتفض واقفا من مقعده وقلبه يبكي لحال أولاده وقد تذكرهم الآن من أنهم كانوا معه بنفس المكان وشاهدوا ما شاهده .
- حنان.. حبيبة أبوها، كفاية بجي، حبيبتي عنود بخير وما فيها شي، هذي هي جدامي بخير.
ولم يزد الأمر سوى المزيد من الدموع وأوتار قد بحت ونضب مخزونها.
مسح على وجهه واستغفر الله وناشده العون بهذه المصيبة، فهذا ما كان يخشاه، تعلقهم بامرأة حكم عليها بالرحيل ولو لبعد فترة .
- يا بابا كفاية خلاص، صدقيني عنود ما فيها شي، بس ايدها مكسورة وجسمها يعورها .
وجاءه همس خفيض كأنه اعتكف عن الحديث منذ دهور طويلة:
- خليها تكلمنا!!.
أغمض عينيه بتعب، وارهاق قد سرى بعضلات جسده، ووهن أفرغ فوق رأسه.
أفرج عن بؤبؤية وناظرها تتوسد فراش أبيض اللون يضاهي لون وجهها وذكرى أخرى تطفح من ألبوم ماضيه نفس الشكل ونفس الصورة، ولكن هناك اختلاف بردة الفعل بين الحادثتين.
- عبدالله حبيبي هي ما تقدر ألحين تتكلم لأنها نايمه.
- قول إنها ماتت وما يحتاي تكذب علينا .
فصرخ حمدان:
- لا يا عبدالله... لا هي ما ماتت
نفس عميق يهدئ من روع قلبه المنتفض من مجرد سماعه تلك الكلمة، ثم استطرد بهدوء:
- هي نايمه حبيبي، الدكتور عطاها منوم علشان ترتاح .
وظل المنوال على هذا الشكل إلى أن يئس الأب من اقناعهم فما كان منه سوى أن طلب من سعود احضارهم للمشفى ليروها ويرتاح بالهم .
وهذا ما كان، فقد انطلقت السيارة بهم وظلام الليل قد أسدل ستاره نائيا بتعب النهار ومناديا بالرحة، لكن ليس لمن عانقت أرواحهم ذلك الخط الرفيع من الخسارة؟؟.
بعد مرور وقت قصير وصلوا وترجل الصغيرين ممسكين ببعضهم البعض ووجوههم الباكية والحزينة تدعوا للتساؤل؟؟.. والقلوب رقت لحالهم وتساؤل بما حل بهم؟؟.. ودعاء بأن يرفق بحالهم.
تلقفهم والدهم بحضن حار وقبل لكل منهما وهمس بأن كل الأمور على ما يرام، ثم قادهم لغرفتها وهناك وجدوها نائمة كما قال والدهم، وهنا لم يستطع عبدالله سوى ذرفها واخراجها من حجزها، فلم يعد له طاقة بكبتها لفترة أطول، فأطلقها يعلن عما يجيش به صدره.
هرع والده ناحيته وأحاطه بذراعيه والصدمة بادية على ملامحه ليتشبث صغيره برقبته كما الغريق الذي وجد طوق نجاته وكانت هناك تتربع سريرها بنوم عميق ولم تغادر دنياهم كما تراء له.
تركه والده يفضي ما بداخله إلى أن هدأ وكفكف دمعاته الأبية وتطلع لابنته من فوق كتفه ليراها بحضن عمه تتمسك به هي الأخرى، ودموعها تهطل بسكون .
اطمأن الصغيرين عليها ثم غادر الجميع على وعد بالعودة غدا في الصباح الباكر وتكون قد استيقظت من نومها الإجباري .
*********************************
في صباح اليوم التالي الحياة تدب على شعيراتها الكثيفة التي تحيط بعينين قد غابت عن واقعها لتعيش بدنيا الأحلام قسرا، لكن لا أحلام ولا صور ولا شيء، فقط اللاشيء هو ما كانت تعيش عليه .
رمشت وبقوة واهية تحاول بها أن تفرج عن جفنيها الملتصقين بشكل قوي كأن غراء قد وضع بينهما.
عادت من جديد تلتمس قوتها بفتحهما لتظهر فرجة صغيرة، لكنهما عادتا للانغلاق كأن بتلك الحركة قد استنزفت كل طاقتها، ولكن لا مجال للاستسلام.
رمشة أخرى تبعتها غشاوة وضباب أحاط بمقلتيها، فعادت تغلقهما وهذه المرة من أجل أن تزيح ما اعتمل بهما .
الصورة تتضح، والرؤية تظهر سقف أبيض ورائحة تعرفها أزكمت أنفها، وارتجافه جرت بكامل جسدها.
أدارت رأسها ببطئ بسبب الألم الذي غزاها تحركه بكل اتجاه ليصدمها الخواء والسكون، هي لم تمت تعرف هذا فهي ليست بغبية لتقول عكس ذلك، لكن هذا الهدوء يقتلها، والهجر والوحدة عاد يعانقانها، وذكريات تركها وحيدة بالمشفى من قبل عادت تتغلغل بأعماقها، هي لا تريد هذا، تريد الصخب، تريد الشعور بالحياة، تريد الحب والدفء والحنان، تريد... وتريد، لكن هذا .......
هزت رأسها دون أن تأبه للألم ترفض ما يريد اجبارها على الاعتياد عليه، ودون ارادة ودون تحمل سكبتها وهدرتها فلم تعد بها طاقة للعودة بين براثن وحدتها.
شهقة تبعتها شهقة أخرى، ودمعة تبعتها شلالات من الدموع، وأنين خافت تحول لبكاء يرفض واقعه:
- لا... ما بي... والله خايفة!!.. لا... ما بي... ما بي... يا رب ليش تسوي فيني جذا؟؟.
ودخلت الممرضة وسمعت هذيانها فاقتربت منها على عجل وأخذت تمسح على رأسها وتحادثها لعلها تخرجها من الحالة التي هي بها، فذهبت أفعالها بأدراج الرياح، فهمهماتها قد ازدادت، وبكاءها قد تحول وتغير، ورأسها يرفض واقعه الأليم... لا تريد العودة.
وبدأت نوبتها تزداد ويداها تتلاطم بالهواء كأنها تحارب ما يريدون تذكيرها بما كانت عليه من قبل .
- اهدي يا بنتي... اهدي
ولم تستطع الممرضة أن تعيد لها وعيها وكأن مس ما قد أصابها، ابتعدت عنها قليلا وضغطت على أحد الأزرار ثم عادت تحاول أن تكبت نوبة انفعالها التي ازدادت عنفا وأخذت تطيح بكل ما حولها من المحلول الملحي، للأدوات التي كانت على الطاولة الجانبية، والابرة المغروسة بظاهر كفها قد بدأ يتسرب منها خيط رفيع من الدماء، ويدها المجبرة كانت تحط بها بكل مكان .
كانت بلا شعور، فالألم الذي احتل روحها جعلها غير قادرة على ادراك كل ما حولها، وصوتها يعلوا ويعلوا بوجع استبد بكيان قد عاصر الحزن منذ دهور.
فتح الباب بغتة وبهت قليلا لما يراه ثم تحرك مسرعا دافعا بالممرضة بعيدا عنها ثم أمسك برسغيها المتطايرين بحزم ووضعهما على جانبيها ثم احتضنها بقوة بالقرب من صدره وهمس عند أذنيها بحنان:
- هدي.. هدي، انت بخير.
- لا... مابي... ماما أبي أروح عند ماما وعند مايد أخوي.
وأخذت تصرخ باسميهما بأوتار قد غادرتها حبالها من شدة صراخها وبكائها.
- أنا هنا يا عنود، جوفيني أنا هنا وما راح أتركج.
حاربته بعنف ليقاومها بقوة أكبر محيطا بها بعضلاته الفتاكة، وصوته ما يزال يحادثها ويحثها على الاستيقاظ من الكابوس الذي أدخلها بقوقعة نائيا بها بمكان قسي .
- بطلي عيونج يا عنود، أنا هنا وما راح أتركج، عنود....
اعتصرها يبثها حرارة جسده، وشفتيه توزع قبلها بكل مكان تطاله، وأنفاسه الساخنة تضرب صفحة وجهها كأنها تشاركه برغبتها بإخراجها من شرنقتها .
مر بعض الوقت وقد هدأت نوبتها قليلا فقط أنفاسها الهادرة ما تزال تخرج وتدخل لرئتيها بصعوبة، وعينيها مغلقتان، ووجهها محمر، ولؤلؤها الغالي ينسكب على وجنتيها حافرة اخدودا عليهما.
- هشششششش انت بخير.. انت بخير... هشششششش
كفه يتحرك على رأسها للأعلى ثم للأسفل وأصابعه تتخلل خصلات شعرها والأخرى حطت رحالها على ظهرها تربت عليه بحنان ورأسها يتوسط صدره ويدها السليمة متشبثة بقوة بدشداشته .
وقفت الممرضة تنظر للصورة المعبرة التي أمامها، صورة ستطبع بذاكرتها للأبد، صورة لزوج يجلس زوجته بحضنه ويهدئ من روعها فلم يكن هناك حل آخر سوى تلك الطريقة لتكبيل حركاتها الطائشة.
ظلا لدقائق على هيأتهما... هي مسترخية بالقرب من أضلاعه تكاد تخترقهما لتظل بهذا المكان للأبد، وهو يجلس على السرير وهي بحضنه وذراعيه تطوق جسدها وذقنه مستريحة على رأسها وعينيه مغمضتين مستلذة بهذا التلامس، لحظات لتهمس بضياع وشرود:
- لا تتركني... الله يخليك ما بي أكون بروحي!!.
وغرست نفسها بداخله واشتدت قبضتها على دشداشته التي تكرمشت اثر المعركة التي دارت بينهم .
تصلب لثوان من حديثها ثم هدأ وهمس لها بالمثل:
- أنا هنا لا تخافين، ما راح أتركج .
يعلم أنها تهذي فمن سابع المستحيلات أن تطلب هي بذات نفسها أن يكون بقربها، وبداخله شيء انتعش اثر طلبها ثم خبت بعد أن سمع حديث النفس،" فأي أمل ترجوه يا حمدان وأنت تسد كل الأبواب أمامك".
أفرجت عن عقيقها العشبي وتطلعت لوجهه بعيون غشيتها حرقة الهجر والحرمان وتأملته وغرقت بعسليتيه وغاصت ببحرها... كانت تناديها، تضمها بحنية لم ترها قط بحياتها، تاهت وضاعت وانسلت نبضة تلتها نبضة أخرى ليصدح دويها بأذنيها.
شوق واقتراب ورغبة وانتشاء، وصدورهم تهدر بهم طاغية عما حولهم.
لهفة ولفحة ولمسة وتمازج، وشفاه غرقت ببعضها ومن البادئ بتلك القبلة غير معروف؟؟
رقة ولمسة حطت كالفراشة، تذوق وعدم اكتفاء، وتقارب ليصبحا شخص واحدا.
تمازجت الأنفس، وتلاحمت الرغبات، وطوق للمزيد.
تشابكت الأذرع، والتصقت الأجساد، ومعركة ما تزال تدور رحاها وهذه المرة تحولت وتغيرت إلى ما هو أشد، فهذه هي قبلة رجل يرغب بأنثى ويرغب بوسمها باسمه، فمن بين يديه هي زوجته، حلاله، فيحق له بها ما لا يحق لغيره.
ثارت أنفاسهما وقلوبهما ارتفع صداها ضاربا بصدورهم كما الرعود بليلة عاصفة شديدة الظلمة.
ابتعد عنها مجبرا غير راغب بتركها، فقد أدرك مكانه للتو بعد أن ارتطمت أصابعه بجبيرتها لتوقظه من تواهانه وأين هم وما الذي أوصلهم لهذا المكان.
أَنْت برفض لابتعاده فتأوه برغبة حارقة بالعودة إليها والسفر بين ثنايا جسدها الذي يناديه برحابة صدر .
عاد يلتقط شفتيها يتذوقها ويستلذ بطعم شهدها الشهي الذي يكاد لا يشبع منه، فما أن تجربه لمرة واحده ستدمنه للأبد.
ابتعد واتكأ جبهته بجبهتها وأنفاسهما تمازجت ليتنفس كل منهما الآخر عبق شذاهما، فهمس بصوت أجش محمل بعواطف مجنونة:
- هذا مب وقته يا عنود، المكان ما يسمح، وصحتج بعد ما تسمح .
مسدلة الرموش ومشاعرها تعصف بجسدها، وصدرها يرتفع وينخفض، وأحاسيس جميلة تسري بأوردتها كما الدواء المسكن للألم، أرادت المزيد من هذا المسكن، فآلامها مبرحة، وأوجاعها لا دواء لها، فهل يبخلون عليها بشيء يستطيع أن يسكن جراحها؟؟...
صوت من بعيد يناديها ويجبرها على الاصغاء إليه ويخبرها بأن الوقت غير مناسب .
التقى حاجبيها بتلامس متسائل... تعرف هذا الصوت جيدا، ولطالما تلاعب بعواطفها، فما كان منها سوى أن فتحتهما وناظرت من أمامها بتيه ثم عادت تنفضه وتستطلع الأمر، كان قريبا جدا منها، قريبا لدرجة بعده عنها لإنشات فقط.
رمشت عدة مرات ودخلت مرحلة الصدمة ثم مرحلة الهلع وبعدها الغضب، وبعدها:
- انت جنيت؟؟.. شو تسوي هنا؟؟
ذهول من ردة فعلها ثم انزوت ابتسامة مستهزئة على جانب شفتيه وهمس لنفسه :
- نعم.. هذي عنود يلي أعرفها .
وأجابها بمكر:
- بصراحة مثل ما تجوفين، انت نايمة بحضني، وماسكة فيني.
هزت رأسها رافضة لما يقوله وهز هو رأسه موافقا لما قاله وأشار لها لترى بنفسها، فأخفضت مقلتيها وشاهدت جسدها يتوسد حجره، وذراعيه تحتضنانها بحميميه، وتلفتت حولها بهلع ترى إن كان أحدهم يتلصص إليهم كما العادة، فتنهدت براحة بعد أن تأكدت بعدم وجود أحدهم، فحادثها يحاول اغاظتها ولا يعلم لما جاءه هذا الخاطر بمشاكستها:
- بصراحة كانت في ممرضة هنا قبل شوي بس ما عرف وين راحت ألحين؟؟.
شهقت بصوت عالي وعادت تحرك رأسها يمنه ويسرا وعندها علمت بأنه يكذب فطالعته من طرف عينها وقالت وحدقتيها تضيقان:
- جذاب !!.
ووازت قولها برفع قبضتها اليمنى وضربه على كتفه، فتأوه يمثل الألم وأمسك مكان الضربة :
- حاشا مب ايد هذي يلي عليج، عيل لو كنت بخير شو بيصير فيني؟؟.
فقهقهت لقوله وتناست مكانها وأين تجلس وأجابته بصدر منفوخ:
- كنت اترقدت بالمستشفى
- الله!!.. المستشفى مرة وحدة؟؟.. خلاص وأقول لهم يحطون سريري بجنب سريرج ونونس بعض طول الليل .
وغمز لها بعينيه فاحمرت خجلا وأشاحت بوجهها بعيدا بارتباك وهنا شعرت بنفسها، فتحركت مبتعده عنه وبتحركها شعرت بالألم وبوخزات على ظهرها عندما اتكأت على الوسادة خلفها، فارتدت جالسة وعاتبها بهدوء:
- بشويش.. لا تعقين جسمج كذا!!.. جرحج بعده طري ويمكن الخيوط تتبطل.
أمسكها برويه وأعاد جسدها للخلف، لكن بوضعية مختلفة، فقد أنامها على جنبها الأيمن بما أن ذراعها اليسرى مصابة وظهرها أيضا بتلك الجهة مخاط فالأفضل هكذا، ونزل من على السرير وارتجف جسده بقشعريرة خواء وهربت عيناه عنها، لكن بداخلها لمعة برقت بغموض ثم اختفت عندما عاد يناظرها ليراها هي الأخرى تنظر إليه بعجب وسألته ببراءة أسرت عيناه:
- شو صار فيني؟؟.
- ما تذكرين شو صار ؟؟.
- بلى.. كنا راكبين الخيل وبعدين ما عرف شو استوى .
تنهد ومن ثم سحب كرسي وجلس يقابلها وأجابها وهو يحدق بها بقوة :
- انت طحتي من الخيل
اعتصرت عقلها بتفكير فتهافتت لها الصور دفعة واحدة، رحلتهما معا على ظهر الفرس، ثم تركها لوحدها تعاني الحرمان، وبعدها حصل كل شيء بسرعة، وظهر عتابها بقلتيها بأنه تركها لوحدها وما كادت تنطق بها حتى طرق الباب ودخل الطبيب والممرضة التي كانت متواجدة وعلى ملامحها المكر وبعض من الخجل، فقد كانت شاهدة على تلاحمهما، لم يعرها حمدان أي اهتمام والتفت للطبيب محدثا اياه:
- ها دكتور.. طمني، أقدر آخذها معاي البيت؟؟.
- إن شاء الله يا أخوي، بس بالأول تفحص الممرضة الجرح يلي بظهرها، وفحوصات ثانية لازم نسويها ونطمن وبعدين يتحدد كل شي .
هز حمدان رأسه موافقا وتابع الطبيب موجها حديثه هذه المرة لعنود:
- شخبارج مدام؟؟.. شو تحسين ألحين؟؟.
- الحمدالله دكتور أنا بخير، وبصراحة ما أحس بشي غير وجع بسيط بظهري .
- هذا شي طبيعي لأن المخدر بعده موجود بجسمج، بس لما يختفي راح تحسي بالوجع وراح أكتب لج مسكنات ومراهم.
- إن شاء الله
وتابع قائلا:
- راح أسألج كذا سؤال وجاوبيني عليها!!.
وطفق يسألها وهي تجيبه ليتأكد من صحة عقلها وذاكرتها ثم استأذن خارجا لدقائق ثم سيعود بعد فحص الممرضة لها وما أن أغلق الباب خلفه حتى اقتربت منها الممرضة وأزاحت لباس المستشفى ليظهر كتفها القشدي المخضب بكدمات حملت كل ألوان قوس المطر.
اقترب حمدان منها ليتطلع للجرح عن قرب فكادت أن تصرخ به بأن يغض بصره، لكن شيء ما ألجم لسانها عن قول حرف واحد، وما هي إلا ثوان حتى أعادت الممرضة لباسها تغطيها وسألها حمدان باهتمام:
- ها.. بشريني الجرح أوكيه؟؟.
- نعم يا فندم، كله تمام التمام، وأظن إن الدكتور حيكتب لها خروج النهردة بإذن الله.
- مشكورة
- العفو.. على ايه، دا شغلي يا فندم، دنا كمان حاولت أأخر الدكتور علشان أسيبكم شوي مع بعض تخدوا راحتكوا يعني.
شهقت عنود واتسعت مقلتيها، وفرك حمدان لحيته وابتسامة تشدقت بها شفتيه وقال وهو يخرج محفظته ويخرج منها أوراق نقدية:
- مشكورة ويعطيج العافية
أخذتها بسعادة وتكاد دموعها أن تظفر من مقلتيها، فالرزق قد جاءها من غير لا تحتسب، فقد كانت بضائقة وتتفكر بأين ستحصل على المال ليفك كربتها؟؟.. وها هي الآن تمتلك أوراق ذا فئة كبيرة، فهمست دون أن تتمالك نفسها:
- ربنا يخليك وجيزيك من كل خير ويحميك وينصرك، ربنا يرزقك من فضله ويبعد عنك أولاد الحرام، ربنا يكرمك يا فندم ويحميك ويحفضلك المدام ويسعدكم مع بعض .
حضر الطبيب وقرأ الكشف ثم وقع على خروجها، ارتدت الملابس التي أحضرها حمدان معه بمساعدة الممرضة ريثما يذهب هو لصرف الدواء، ثم عاد ومعه كرسي متحرك فماتزال صحتها واهنة على السير لوحدها.
اعترضت في البداية الجلوس عليه، لكن مع اصراره خضعت له وتحركا ناحية سيارته ساعدها بالجلوس وأعاد الكرسي ثم انطلق بها للمزرعة ولعائلته التي تنتظرها بشوق بعد تلقيهم مكالمة حمدان بعدم قدومهم لزيارتها فهي قادمة إليهم.
مر على وقوعها من الخيل ثلاثة أيام استقبلتها عائلة حمدان بترحاب وبالأحضان، شعرت بينهم بالانتماء وبروح العائلة، وأنها ليست بغريبة بينهم، والصغيرين التصقا بها بشكل غريب لم تنزعج منهما بل أحبت وجودهما بقربها فبهما تشعر بوجود شقيقها كأن الله قد عوضه بهما،
لكن ما كان يزعجها هو وجوده هو بجانبها يكاد لا يفارقها أبدا سوى لسويعات أو عندما تكون نائمة، يساعدها ويجالسها ويسامرها، وبوقت العلاج يكون هو من يداويها.
فتتذكر اللحظة الأولى عندما جاء وبيده علبة المرهم ويقترب منها ويحاول فك أزرار قميصها الخفيف .
- انت جنيت شو؟؟.
رفع حاجبيه للأعلى يمثل الصدمة لقولها فهو يعرف ما ترمي إليه، لكن حبه الغريب لمشاكستها أعجبه:
- لا بعدني ما جنيت، وأظن بهذا العمر يلي أنا فيه يعتبر بعدني شباب.
رمقته بنظرات حانقة وحادثته بغضب:
- تستهبل حضرتك؟؟.. انت فاهم عن شو أتكلم!!.
جلس بجانبها على السرير، وحادثها بهدوء:
- جوفي يا عنود، أنا زوجج صح ؟؟.
تبرمت من الاجابة لكنها وافقته مجبرة فتابع :
- يعني تخيلي أطلب من حرمة عمي أو الخدامة هي يلي تحط المرهم، تتوقعين شوبيقولون علينا ؟؟.
سكتت تقلب ما قاله برأسها ولم تستطع اجابته وقال وهو يلتفت لظهرها ويفك أزرار قميصها من الخلف:
- وثانيا.. على شو خايفة يعني على الاغراء مثلا؟؟.. اطمني ما في شي يغري، جسمج كله ملون جن ولد صغير صب كل الألوان عليج.
كادت أن تصرخ عندما همس بأول جملته.. هل عاد يتهمها؟؟.. لكن تكملة الجملة جعلت جسدها المشدود يسترخي، لكنه ما لبث أن عاد يشتد ويرتجف عندما صفعتها برودة المكيف، فهمس بالقرب من أذنيها لتلفحها أنفاسه الساخنة:
- أبند المكيف؟؟.. بردانه؟؟.
لم تجبه وهزت رأسها لا تعرف هل وافقت أم نفت الأمر، لكنه نهض وأغلق المكيف ثم عاد ليضع المرهم على جرحها.
أصابعه تلامس بشرتها بخفة ورقة كما الريشة، وهواء ساخن وحار يضربها بقوة على ظهرها، كانت لحظات عويصة عليها وكأن دهرا يمر عليها ريثما تنتهي.
عادت من تلك الرؤية التي قطعتها غير راغبة بالغوص بعواطفها الثائرة لتلك الثوان عندما تكون بين يديه، وتطلعت للنافذة التي تجلس بقربها تتطلع للأسفل للطفلين ووالدهم يلعبون كرة القدم، راقبته وناظرته وتأملت قامته الطويلة والضخمة، وبشرته السمراء، ووسامته، وهمس خفيض يسألها:
- جوفيج يا عنود؟؟... شو صار عليج؟؟.. هذا هو يلي ما تبيه؟؟.. هذا هو الريال يلي ذلج وأهانج؟؟.. شو يلي تغير؟؟.. تراه هو نفسه نفس الريال!!.
ليجيبها صوت آخر :
- ما عرف شو صار فيني؟؟.. صدقيني ما عرف!!.. لكن كل يلي أعرفه انه ما هو نفس الريال.
وكأنه استشعر من يراقبه فرفع رأسه للأعلى ولوح لها لتشيح بعينيها عنه وحطت على السرير الذي لم يكن باردا بل كان دافئا وحارا بوجود جسده ينام بقربها منذ أن حضروا إلى هنا، وازداد تشبثه بالبقاء بجانبها بعد اصابتها.
*********************************
- ماما عرفتي إلي حصل؟؟
تحدثت ابتسام وهي تدلف لغرفة الجلوس لتسألها الأم وعيناها تراقب شاشة التلفاز ويدها مشغولة بالتقاط المكسرات من الصحن الذي أمامها:
- حصل ايه يا بنتي؟؟
جلست ابنتها بالقرب منها وأجابتها:
- الزفت عنود وئعت من الخيل.
حركت الأم شفتيها يمنه ويسرة بسرعة عالية ونطقت بكل الغل الذي يعتمل صدرها :
- خيل... هي وصلت للخيل كمان؟؟.. كانت فين ووصلت لفين، وحنا الخايبين عئدين وايديني على خدنا، وهي عايشة متنغنغة بين العز والفلوس.
وأخذت تهمهم بعبارات التحقير والدعاء عليها بالموت، وهناك بالجانب الذي ليس ببعيد عنهم كانت تجلس وتستمع إليها دون المقدرة بالوقوف ضدها، فمهما كان هي والدتها وعليها واجب برها وطاعتها، وكل ما تستطيع فعله هو الدعاء لله بأن يحفظ شقيقتها.
فقالت ابتسام وعيونها شعت بانتصار وبمكر أنثى قد اقتربت من نيل مبتغاها:
- ولا يهمك يا ست الكل، مسيرنا حنكون هناك، ولما أتمكن حتشوفي حعملها ايه، بس سيبيه يقع وبعدها لكل حادث حديث.

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
)...., اللقا, اماراتية, تاهت, بقلمي, جلدة, عناويني
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:15 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية