كاتب الموضوع :
ام حمدة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: يوم اللقا تاهت عناويني ( اماراتية ).... بقلمي \ ام حمدة
الفصل الثامن....
النوم عبادة، فبه تنتهي كل مشاكلك، تنتهي همومك وأحزانك، وتتخلص من أحمال ترزح بها أكتافك، تهرب به من واقعك الأليم باحثا عن أحلام تكون بها حياتك جميلة ورائعة ومتنعمة بدفء وراحة بال وهناء تعرف بأنك تستطيع الحصول عليها بسهولة، فأنت قادر على اجتثاث كل ما يؤرق به روحك وتنحه بعيدا عنك وتترك الجيد بها والسعادة تنتشر من حولك كما تريد.
لكن إلى متى تظن نفسك قادرا على الهرب من واقعك؟؟.. فتلك فقط ساعات وتشرق شمس الصباح موقظة إياك من أحلامك التي صبغتها بألوان وردية تخبرك بأن واقعك ينتظرك وأن عليك العودة والغوص به ربما يسحبك لأعماقه غير قادر على الفرار، وربما تستطيع النجاة منه هذه المرة.
رفرفت برموشها الكثيفة تزيح نعاس أثقل أجفانها، وحركت جسدها بخمول للجهة الأخرى ساحبة غطاءها معها متنعمة براحة لذيذة ودفئ أثلج صدرها، واسترخاء سرى بكيانها، تنهدت بانتعاش ونوم عاد يطرق على أبواب جفونها، وحركت جسدها لتغرس نفسها بالحرارة المنبعثة من سريرها، وخرجت تنهدات حارة وساخنة من أعماق قلبها تتحدث عن هنائها، لتفتر على ثغرها ابتسامة مشرقة.
لم تنم هكذا براحة منذ زمن سحيق، لا تعرف متى آخر مرة توسد رأسها وسادتها لتغط بنوم عميق، فما أن تسنده حتى تتقاذفها الأفكار، وتتكالب عليها الهموم بكيف السبيل لعلاج شقيقها؟؟.. وكيف البحث عن الاستقرار بمنزلها؟؟... ولما الحياة قاسية عليهم هكذا؟؟.. ودموعها المتخاذلة تنهمر أنهارا دون أن يعرف بها أحد أو يمسحها ويخبرها بأن القادم أفضل،
تلك كانت أحلامها وخيالاتها التي تشطح بها، فواقعها يخبرها عكس ما تبديه تلك الصور المفبركة من عالم الخيال.
عادت تغرس نفسها وتضجع جسدها بوضعية شعرت بها كأنها الحياة هنا، ثم فتحت عينيها باعتراض لا تريد الاستيقاظ والعودة لجحيم العالم، فهذا المكان كأنه الجنة بنعيمها، لكن هناك شيء يخبرها ويجبرها على فتحهما فانصاعت مجبرة غير راغبة له.
رمشة وضباب، رمشة أخرى فحيرة، ورمشة ثالثة تشوش، ورمشة رابعة ذهول وصدمة، وهي نائمة بالقرب من رجل، لا بل هي تنام ملتصقة بجسده أيضا، ذراعيه تحيط بجسدها بحميمية، ورأسها يتوسد ذراعه اليسرى، بالتحديد هي تنام بداخل دائرة أحضانه، توسعت عينيها بادراك حقيقي لوضعها المشين، وتهدجت أنفاسها، وارتفع صدرها بنشيج باكي وقبل أن تفغر فاهها بصرخة مستنجدة من هذا الغريب، وصلها صوته الأجش إثر نومه:
- يا ويلج إن صارختي!!.. بعطيج راشدي يرجعج من وين جيتي قبل شوي
سكت قليلا ثم عاد يحثها:
- فاهمة علي؟؟.
هزت رأسها بخنوع واستسلام غريب عليها، لا تعرف لما لم تثر أو تدفعه عنها وتقيم العالم فوق رأسه؟؟.. شيء ما بداخلها يدغدغ حواسها الوليدة من هذا الاحتكاك المرغوب والمرفوض بآن واحد.
ظلت عيونها شاخصة على ملامحه القريبة جدا منها بل لا يفصل بينهما سوى انشات بسيطة لتتلامس الأنوف.
وبغريزة فطرية حاولت التحرك مبتعدة عن تلامسهما المثير للحواس بطريقة موترة، فاعتصرها بذراعه القوية يلصقها بجسده العضلي التي أحست بضمته كما الأفعى عندما تعتصر فريستها فآثرت الهدوء كي لا يزيد من تهوره ويزهق روحها.
تأملت ملامحه الوسيمة والفتية كان يبدوا.. شابا مسترخي الملامح، ذو شعر أسود كثيف ترغب بتخلل أصابعك بداخله واللعب به، وعيونه الحادة قد تخلت عن جمودها وصارت تنطق بشيء غريب لم تستطع فك طلاسمها، لم تهتم قدر اهتمامها بأنها شاهدتها على طبيعتها على غير العادة، وشفتيه غير مذمومة كما اعتادت رؤيتها بل كانت تبتسم لها نعم هو يبتسم!!.
عادت عيناها لتلتقط عيناه التي كانت تجري على ملامحها بطريقة زلزلت عواطفها وكيانها، واحساس الأنثى بداخلها انتفخ بغرور من نظرة الاعجاب التي رامها بها، فعادت تتساءل بحيرة.. ماذا يجري لها؟؟.. لما هي مستسلمة له هكذا؟؟.. ما هذا الشعور الغريب الذي يسري بداخلها؟؟.
وهمست :
- هذا انت يا الشايب ولا واحد ثاني؟؟.
وكأن بحديثها فكت السحر الذي غلفهما، كانت تلك فقط لحظات غاصت فيها ببحور دفئه وحنانه كأنه يتصدق عليها بالقليل فقط وبعدها تحول وتغير وهمس بهدوء بارد، معيدا إياها لواقعها المرير:
- أمس قدرتي تهربي مني ومين يلي كنت بسويه، بس خليج فاكرة إن مب كل مرة راح يغمى عليج، يعني مب كل مرة تسلم الجرة.
وابتعد عنها دافعا إياها بعيدا دون أن ينطق بشيء آخر على ما كانوا عليه قبل قليل، كأنهم معتادون على النوم بأحضان بعضهم طوال حياتهم.
ناهض من السرير موليا إياها ظهره لتهمس بداخلها بأسف:
- نعم هذا هو الشايب وشكلي أنا يلي هلوست وخرفت!!.
ثم عادت تضربت جبهتها بلوم وعتاب بعد أن عاد احساسها إليها، وتذكرت ليلة أمس عندما أرادت الهارب من عقابه بادعائها الاغماء ولم تشعر بنفسها إلى وهي تنام بعمق من شدة تعبها، فبعد أن وضعها على الفراش وشعرت بطراوته حتى سبحت منقادة لعالم السلطان، ولم تشعر به وهو ينام بجانبها وإلا لكانت قد أشعلت الليل أنوارا، فهمست تحادث نفسها:
- يا الحمارة كيف تميتي نايمه بحضنه؟؟.. صدق إنج قليلة أدب، في وحدة عاقلة ترضى لنفسها إنها تنام مع ريال بنفس الفراش؟؟.. غبية حمارة، يا ربي الله بيعاقبني ألحين على يلي سويته!!.. شو أسوي ألحين؟؟.. شو أسوي؟؟.
وكادت دموعها أن تظفر لتصلها ضحكاته الساخرة فنهضت متكئة على كوعيها لينفلت شعرها الطويل حول وجهها مغطيا جبهتها ونصف وجهها جعلها مثيرة وفاتنة لعيني رجل لم يرى امرأة منذ زمن طويل بفراشه. تطلع إليها بإعجاب ورغبة كبيرة بالعودة إليها ولكن صوتها أيقظه من رغباته
- ما أظن اني قلت شي يضحك يا الشايب؟؟
اتكأ على اطار باب الحمام وقال وهو يرميها بنظرات مستحقرة:
- إن كنت تعتقدين بكلامج هذا تحاولين تطلعين نفسج البنت الشريفة فأنا أقول إنج غلطانه وما راح أصدق مسرحيتج هذي، وإذا كنت معتقدة بإنج راح تظلين ساكنة في بيتي بعد أقولج غلطانه، إنت حدج الزبالة لأن هذا مكانج الصح، ولا تعتقدين بإنج تقدرين تقصين على يدتي وعمي، لا... أقولج بعد إنج غلطانه، أنا عارف منو انت وراح تطلعين من البيت فلا تحاولين تاخذين راحتج وتتأملين وايد.
خصها بنظرة متعالية ودنونية وهم بالتحرك لكنه توقف وعاد يكمل:
- عيالي ما لج شغل فيهم، وإن جفتج معاهم يا ويلج ويا سواد ليلج!!.. ما بي عيالي يحتكون بالوساخة.
اعتدل بوقفته والتفت ناحية الحمام لتوقفه هي بقوة وصلابة قائلة:
- أقول يا الشايب ليكون مصدق نفسك بأني عاشقتنك وبموت من دونك تراك غلطان!!.. وإن كنت تتوقع إني بظل بهذا البيت فأنا أتريا فرقاه اليوم قبل باجر، وأنا هنا بسببك انت وتقدر تطلقني وتوديني بيت أهلي بأي وقت، قال أحاول أكون معاه قال، وثاني شي لما تعرف بأني مب شريفة كيف رضيت على نفسك بأنك تتزوج وحدة مثلي؟؟.. وثاني شي ليش ما طلقتني من أول يوم وافتكينا من هذي الصدعة وعوار الراس؟؟.. الله يخليك طالع نفسك بالمراية أول شي يا الشايب.
هي بالتأكيد تشعل فتيل البارود الخامد، وبالتأكيد ترفع النار تحت القدر لدرجة الغليان، حسنا... تبادر لذهنها وهي تراه يشتعل بثور هائج بعيونه الحمراء مثل الرسوم التي كانت تتابعها مع شقيقها، حوافره تضرب بالأرض للاستعداد للانقضاض للعلامة الحمراء التي يحركها الفارس ببرود، وبظهر عمودي صلب، واحدى يديه خلف ظهره وكأن ثوران ذلك الثور شيء سخيف جدا ولا يحرك به أي شعرة، وأكملها بتثاؤب ليزيد اشتعال فتيل ذلك الثور الهائج من عدم مبالاة الرجل الذي أمامه ويتوعده بسره بنطحة قوية من قرونه الحادة لن يستطيع النهوض على اثرها.
وهي ضحكت.. وقهقهت بصوت عالي.. والمشهد يتجسد أمامها.. زوجها هو الثور وهي الفارس وأنها تقوم بحركات ذلك الرجل الغير معترف بشراسة الوحش الذي أمامه
صفقت وضحكت بقوة لحد ادماع عينيها، وجسدها ينتفض مع نغمة صوتها التي تصدرها من حنجرتها الرنانة، وظل هو مبهوتا مصدوما من رؤيتها بهذا الشكل، وقف يتأملها بنظرات غريبة عليه كان على وشك الفتك بها لتتحول لضحكات صاخبة جعلت قلبه يترنح ويتزلزل غير قادر على إمساكه من جنون خفقاته.
كانت فاتنة بخصلات شعرها التي تتطاير مع كل حركة تقوم بها محيطة بوجهها البشوش والذي جعله أصغر سنا كأنها طفلة صغيرة شاهدت موقفا مضحكا ولم تستطع سوى أن تعيش الجو معه، كانت خالية البال، وثغرها ذلك الذي يثير جنونه بتلك الحركة الجانبية عندما تتحدث فشفتها السفلة المنتفخة بشكل مغري جدا والتي يرغب بعضها وعدم تركها أبدا تتحرك لجهة اليمين تجعل من يحادثها فقط يركز لشفتها وليس لحديثها،
وهمس بابتسامة توسدت فمه دون ارادة :
- شو يلي خلاج تضحكين؟؟
أمسكت معدتها وقالت بتعب من شدة ضحكها:
- واي ما أقدر أضحك أكثر من جذى، بموت بسبت الضحك .
طالعته ترغب بالحديث فتعود الصورة أمامها وتعود للضحك وقالت وسط قهقهاتها:
- أقول... يا ... الشايب؟؟.
وعند نطقها لذلك اللقب شعر بالغضب العارم يجتاحه غضب رافض لذلك اللقب الذي أطلقته عليه منذ أن علمت بعمره والفرق بينهما، شيء بداخله اعترض لكلمتها، ورغبة كبيرة بخنق الكلمة بداخلها واجبارها باستردادها وارغامها على عدم التفوه بها مرة أخرى.
وتحرك هذه المرة بزمجرة مخيفة ومرعبة جعلتها تشهق بفزع وتصرخ تطلب عونها... ذلك الاسم الذي دائما ما نهمسه بلحظات خوفنا وتعبنا، بلحظات رعبنا وفزعنا، فنحن نعرف بأنها ستكون هناك تلبي النداء مهما كان الخطر المتربص أمامها، ستضحي بحياتها من أجل قطعة منها، نادتها ولطالما نادتها تطلب عونها وهي تعلم وتعرف بأنها بعيدة جدا ولن تلبي نداءها أبدا.
- يومه.
فيبدوا أنها تعدت الحدود وحان وقت العقاب، وتحركت بسرعة تنوي الهرب من براثنه ولكنه كان الأسرع فقد انقض عليها كما الوحش الضاري الذي ينقض على فريسته وأمسكها من قدمها قبل أن تهرب ودارت معركة بينهما، معركة تعلم من الفائز بها لكن لا ضرر من المحاولة.
سحبها من قدمها ليجثوا فوقها بجسده معيقا فرارها، لكنه مخطئ إن اعتقد بأن فريسته سهلة المنال، حاربته بشراسة، وتلوت تحته وهي تدفعه وترفسه بقدمها، فما كان منه سوى أن قيد قدميها بساقه وذراعيها التي كانت كما السيف البتار أمسكها بصعوبة ليرفعهما فوق رأسها، لكنها لم تيأس إن كانت أطرافها مقيدها فأسنانها حرة طليقة، رفعت رأسها وحطت بها تقضم بها عضده جعلته يصرخ ويطلق سبابا لا يليق بمكانته العالية.
ابتعدت عنه تتطلع إليه بأنفاس هادرة وصدر مرتفع وعيون غاضبة
- اتركني يا الحيو.....
ولم تكمل جملتها فقيد شفتيها كان متواجدا، فقد حطت شفتيه عليهما وكما طاق ورغب قبلها بغضب ووحشية قبلة طواقه، قبلة راغبة بهذه التي تشع أنوثة، قبلة معاقبة ورادة لها الصاع صاعين، لتنده منها صرخة مكتومة بسبب الألم الذي شعرت به بشفتها فقد قام بعضها حتى شعرت بطعم الدماء بفمها، حاولت التحرك لكن لا مجال فكل الطرق قد أغلقت، وفمه بفمها مانعا إياها من الاستغاثة وما لبثت أن استسلمت لذلك الفيض من المشاعر التي اجتاحتها كما كل مرة عندما يتلامس جسديهما وتلك القبلة المعاقبة تحولت وتغيرت لشيء خيالي ناعم متذوق ومستطعم لشهد عسلها، غاصا بتلك القبلة وأغمضت عينيها تاركة له حرية التصرف يفعل بها ما يشاء، ليسترخي جسدها وفكت الأغلال متحولة لحضن وضمة واحتواء، ونشوة سرت بأوردتهما آخذه إياهم لمكان بعيد جدا غير هذا العالم الذي يعيشون به، ولم يشعر بتلك اللكمات التي حطت على كتفه ولا البكاء ولا التهديد بإخبار جدتها بما يفعله بوالدتها الجديدة، كان صوتها الباكي يصله كهمس من بعيد، والرؤية قد غامت بعواطف منعته من تحديد الصورة التي أمامه، قلب يطرق بقوة، وجسد ينتفض راغبا بالإحساس من جديد بكيف يكون جسد المرأة الناعم، لكن اغلاق الباب بقوة جعله يستيقظ من الطوفان الجارف الذي سحبهم لأعماق المحيط تاركا إياهم بقوقعة مغلقة.
ابتعد عنها وقد أدرك أن ابنته كانت هنا وقد شاهدتهم بهذا الوضع، سحب شعره بضيق للخلف وهدر بها بقوة عندما شاهدها ما تزال خاضعة لتلك السحابة من المشاعر التي عصفت بهم.
- قومي فزي من مكانج، انت ما صدقتي شو؟؟..
وبالفعل كانت قد تدحرجت للجهة الأخرى بسرعة وتحركت ناحية الحمام ودخلت وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح وبعدها انهارت قدماها غير قادرة على صلب جسدها الواهي من تلك العواطف التي ما تزال تختلجها، ووضعت رأسها بين كفيها هامسة:
- وش صار؟؟.. وش استوى؟؟.
|