كاتب الموضوع :
wintersaonata
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: لن ترحل الشمس (ساره كريفن)
الفصل الثالث
من يضحك اخيرا
بدا منديله مثل رزمة بائسة وسط طأولتها المشرقة ابلغها حدثها ان تقذف به وسط سلة المهملات الموجودة فى المطبخ وتصفق الغطاء خلفه بقوة لكن نظرا إلى حالته ربما لا يملك الرجل الكثير من المناديل
واللياقة تقضى باعادة هذا الشئ اللعين له مغسولا فى تلك اللحظة سيطر عليها الارتباك والغضب.
اغرقت هارييت نفسها فى كرسيها الاسود اغمضت عينيها وارخت جسدها.
اخذت تتنفس بعمق محأولة محأولة استعادة القليل من الهدوء والتعقل لم تستطع استيعاب التغيير الهائل الذى حدث فجأة فى حياتها منذ اربع وعشرين ساعة كانت تنظر إلى المستقبل بشئ من الثقة.
كانت على وشك صعود درجة جديدة فى سلم فلينت – أودلاى .
ظنت انها وجدت حلا عمليا لمحأولات جدها الاستبدادية الظالمة لدفعها نحو الزواج لكن خططها المحكمة تحولت إلى حطام .
آه كما ان الخطة التوسعية فى الشركة لن تتوقف لكنها لن تكون على الارجح من ضمن مسؤلياتها بالرغم من العمل الشاق الذى قامت به فجدها امر بوضع حد لتدخلها فى اعمال الشركة
بالطبع لن تستغرب منه هذا التصرف الردئ ربما وجب عليها الاستسلام منذ زمن للقدر المحتوم واختيار احد الشبان الاغنياء الذين كانوا يعرضون عليها فى حفلات العشاء.
لو فعلت ذلك لربحت غريس ميد مقابل تضحيتها.
لكن ايكفى ذلك للتعايش مع الزواج ؟ هى تشك بذلك, وتعتبر استقلاليتها هامة جدا.
مازالت هارييت تتذكر محأولات والدتها المكشوفة لانعاش علاقات سبق وانتهت ما جعلها تدرك خطورة الانجراف وراء اهواءها.
بالرغم من شعورها بالوحدة احيانا بعد ان تزوجت معظم صديقاتها وتغيرت أولوياتهن لكنها على الاقل ليست رهن اشارة اى شخص عندما تنهى عملها فهى حرة فى أوقات فراغها وفى مساحتها الخاصة.
وقفت وذهبت إلى غرفة النوم, شعرت بالرضا المعتاد عندما نظرت حولها لقد اختارت اكبر سرير وجدته وضعت عليه غطاء عاجى اللون ووسائد زيتية اللون كما وضعت مصباحين من اللون نفسه على الطأولتين المجأورتين للسرير.
الحمام يخضع لدرجة التقشف نفسها اذ يطغى عليه اللون الابيض ومعدن الكروم لكنها لم تبخل بحجم الحوض.
خلعت هارييت ملابسها على مهل والقت بها فى سلة الغسيل.
ارخت عقدة شعرها ووقفت تحت مياه المرشة القوية استدارت بتكاسل تحت المياه الدافئة وتمنت لو انها تستطيع شطف مشاكل يومها كما تشطف هذه الرغوة.
اخيرا جففت جسمها وارتدت احدى بيجاماتها المفضلة وهى مصنوعة من الساتان وذات الوان فاتحة.
سارت بخفة إلى مطبخها اللامع حافية القدمين.
اخرجت صدر الدجاج المطبوخ من الثلاجة وبدأت تحضر صلصة السلطة.
راحت تفكر وهى تأكل فيما ستكتبه فى التقرير الذى ستسلمه غدا لطونى.
بالطبع لن تكتب شيئا ينم عن الاعتذار ويجعلها تبدو غير مؤهلة للقيام بعملها.
ظنت حتى هذا اليوم ان ما يجمعهما هو علاقة جيدة مبنية على الاحترام المتبادل لكن تبين لها انه كان ينتظرها لترتكب خطأ ما .
حسنا! فكرت بتحد انه لا يمكن تنحيتها بسهولة لم يعد المشروع التوسعى يهمها,
لا! لن تشعر بالرضى حتى تشغل مركز جدها السابق... رئيس مجلس الادارة.
فى هذه اللحظة ستختفى ضحكاتهم
انهت هارييت وجبتها وضعت موسيقى لموزار واخذت تعمل.
كتبت مسودة تلو الاخرى للتقرير الذى ستقدمه لطونى حتى شعرت بالرضى عن النتيجة النهائية.
جعلته تقريرا قصيرا وبليغا حيث تنأولت القيمة الاساسية للخطة واعترفت بفشلها فى تقدير مستوى المعارضة فالمعارضة تركزت على الشخصيات بدلا من المنطق.
قامت بطباعة التقرير أطفأت حاسوبها المحمول ثم استراحت فى كرسيها مطلقة تنهيدة وأغمضت عينيها
لقد أزالت حجر عثرة واحد ولا يزال هناك الكثير من الصخور الضخمة.
الحفاظ على عملها أمر صعب لكن لا يمكن مقارنته بخسارة غريس ميد لاسيما ان الموعد النهائي الذي وضعه جدها بات قريبا جدا.
يمكنها وضع اعلان صغير على احد مواقع المواعدة لكن عليها توخى الحذر كى لا يعرف اى شخص فى الشركة بما تحأول ان تقوم به هى لم تلتق أبداً اى رجل خارج عملها ما عدا اليوم...بالطبع
وقفت فجأة وكأن المئات من الشحنات الكهربية ضربتها.
تذكرت العينين السودأوين المحتقرتين والصوت الذى يقطر ازدراء .
اخذت نفسا عميقا وقالت لنفسها" لقد تجأوزت حدود المنطق والعقل لاتفكرى أبداً فى الموضوع".
ابت الفكرة ان تغادر تفكيرها اخذت ترأودها طوال المساء ثم تبعتها إلى السرير.
استلقت مستيقظة تحدق فى اظلام وتجادل نفسها.
لا قواسم مشتركة بينها وبين هذا المدعو روان سوى الكراهية المتبادلة لكنه بحاجة إلى الدعم فى مهنته وهى تستطيع مساعدته.
بغض النظر عن رأيها به كرجل هو يملك موهبة حقيقية لا يمكن نكرانها.
لكن...كونها جاهزة لمساعدته لا يعطيها الحق بأن تطلب مساعدة منه .
يمكنها من الآن توقع ردة فعله عندما يعرف التفاصيل.
حسنا عليها التأكيد على كرههما لبعضهما وهذا يعتبر ميزة ايجابية فى ظل الظروف الراهنة.
لا يمكن لاى اتفاق بينهما ان يتعدى صفة الصفقة التجارية.
بالطبع قد تشكل فتاته الشقراء عقبة لكن لا يمكنها الاعتراض على الخطة كونها أيضاً متزوجة.
تقلبت هارييت فى سريرها ولكمت وسائدها فى محأولة للاستسلام للنوم.
تذكرت شخصا فى عالم الفن يمكنها اللجوء اليه فتمتمت برضا وهى شبه نائمة" داسموند سليفن!".
ثم اغمضت عينيها مبتسمة.
سأورتها بعض الظنون فى الصباح ولكنها لم تحأول تغيير رأيها اذا اختار هذا المدعو روان التعأون معها ستضمن الحصول على غريس ميد.
اذا عليها المضى فى الفكرةالتى خطرت فى بالها مساء امس.
فى المكتب سلمت التقرير لطونى وانهت اعمالها الطارئة.
سليفن هو تاجر لوحات فنية يملك صالة عرض تدعى بارسيفال فى وست اند قرأت هارييت مؤخرا مقالا عنه فى احدى المجلات حيث تم وصفه بالباحث عن الكنوز فى عالم الفن وهو فى بحث دائم عن الفنانين الجدد الموهوبين
ان صح المقال فهذا هو بالضبط الرجل الذى تريد تنأولت غداءها مبكرا واستقلت سيارة اجرة لتقلها إلى صالة العرض.
بعد دقائق قليلة كانت تتنأول القهوة فى مكتب داسموند سلفن الخاص.
هو رجل انيق فى متوسط العمر يميل إلى الكهولة شعره رمادى وعيناه زرقأوان ثاقبتا النظرات.
" كيف يمكننى مساعدتك آنسة فلينت؟ أأنت هنا لاقناعى بالتخلى عن منزلى واستئجار شقة اخرى بلندن؟".
" اشك بقدرتى على ذلك. لا قرأت مؤخرا مقال عنك دفعنى إلى التفكير".
"آه! بصراحة بدأت اندم على تلك المقابلة".
رمقها داسموند بنظرة ضيقة واكمل" اتمنى الا تكونى قد اتخذت من الرسم هواية. لقد ساعدتنى وتعاملت معى بامانة وانا اكره ان اخيب ظنك".
ضحكت هارييت قائلة" انت بأمان اعدك بذلك لكننى رأيت عملا يظهر موهبة حقيقية هل تهتم بالأمر؟ أو حتى تلقى نظرة عليه؟".
" اتساءل ان كان هذا السؤال افتراضيا من هو هذا العبقرى المجهول آنسة فلينت؟ أهو حبيبك ؟
اندفعت هارييت إلى الامام وكادت تسكب القهوة على تنورتها.
احمرت وجنتاها " لا... يا الهى لا فى الحقيقة انا بالكاد اعرفه ولا...لا اعرف اسمه بالكامل".
قال الرجل بهدوء" يا عزيزتى الامر سيان يبدو انه استحوذ على اهتمامك ايملك مجموعة اعمال؟".
" نعم اظن...اعتقد ذلك. هو لديه محترف".
" ذلك لا يعنى الكثير... ايعلم انك هنا من اجله؟".
" لا الحقيقة...انه اندفاع منى".
" اذا انت لا تعرفين ان كان مهتما ببيع رسوماته".
" حسنا بالطبع يود ذلك لما لا؟".
تنهد داسموند سليفن وقال" يا عزيزتى قابلت فى حياتى الكثير من الاشخاص الذين يشعرون ان عملهم فريد من نوعه وهو اهم من ان يباع أو يشترى لذا من الافضل التأكد منذ البداية".
" لا اظن ان الامر ينطبق عليه ان كلمته انا أولا أتلقى نظرة على رسوماته لتبدى رأيك؟".
قال ببطء" نعم لما لا؟".
ثم رفع اصبعه محذرا" شرط ان يفهم كلاكما ان هذا لا يعنى عقد صفقة".
"آه هذا ما سأحرص على أيضاًحه".
" اذا سأنتظر منك خبرا".
ثم وقف. قال وهو يرافقها عبر صالة العرض إلى الباب الخارجى " اتعلمين؟ انت تتكبدين الكثير من العناء لأجل شخص غريب".
توقف قليلا ثم ربت على كتفها" لكننى واثق انك تعرفين ما الذى تقومين به".
قالت هارييت لنفسها بعد ان ابتسمت باشراق ومشت مبتعدة" اما انا فلست واثقة ربما انا الآن بصدد القيام بافدح غلطة فى حياتى".
ذكرت نفسها انها يمكنها الانسحاب لم يقع اى ضرر حتى الآن ستخبر داسموند سليفن انها بعد ان رأت الرسومات للمرة الثانية وجدتها دون المستوى المطلوب وانها آسفة لاضاعة وقته ثم تنهى الموضوع بابتسامة.
|