اقتباس :-
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية |
رجل ضخم اقصر من ماكسيمو لكنه بضعفى حجمه, اقترب منه. انحنى باحترام و قال: "سيدى!"
"ارمانو!"
تحدث الرجلان باللغة الايطالية, راح الأول يُصدر الأوامر بهدوء, و الثانى يتقبلها, و يتفهمها بإنحناءة من رأسه. حدقت لوسي بـ ماكسيمو, امير فاتن, متكبر و ثرى, يطلب منها الذهاب معه إلى ايطاليا.... و هى لوسي آبوت النكرة.... لا! قالتها لنفسها بقوة. هى ليست نكرة. إنها ام كليو, و هى لا تستطيع الإذعان لهذا المخطط الجهنمى, للذى يقدمه لها الأمير المدّعى. لن تطيعه.... إن أقل لمسة منه تجعلها راغبة فى الاستسلام له, و هذا يبرهن كم هو خطير. هذه فرصتها لتهرب مادام منشغلاً عنها, قبل ان يجرها إلى الجحيم بوعوعوده المضللة.
اتجهت بهدوء إلى الباب, فيما استمر الرجلان فى التحدث.
تنفست لوسي بعمق, ثم استدارت و بدأت بالركض. زأر الأمير الأسمر: "فيرما! توقفى, لوسي!"
ما ان اصبحت فى الخارج حتى لسعها الهواء البارد. اما الثلج المتساقط فجعل شعرها المعقود يطير فى الهواء, و يدفع نظارتيها عالياً. ركضت نجو سيارة الهوندا القديمة, التى اوقفتها خلف محطة الغاز. إنها مغطاة بالثلج و الجليد. ارتجفت يدها, و هى تضع المفتاح فى قفل الباب المتجمد من شدة الصقيع!
نظرت برعب من فوق كتفها, فرأت الأمير ماكسيمو يتجه نحوها بخطى سريعة, و عيناه الزرقاوتان باردتان و غاضبتان. حركت المفتاح بقوة اكبر بحركة يائسة, فانكسر على الفور. آهـ! الآن لم يعد لديها سيارة, فلا مجال لها للهرب.
شهقت لوسي, و استدارت هاربة, و هى تتعثر بالثلج, لكنها تمكنت من اجتياز الشارع نحو المدينة المهجورة. فى الجهة المقابلة من الفسحة الواسعة المظلمة رأت انوار السيارات فى الشارع. لكن ما ان وصلت إلى نهاية الموقف, حتى امسك بها. رمى على الثلج الناعم, و ضغطها بجسمه الكبير. امسك برسغيها, و ادارها لمواجهته. قاومت لوسي بشدة, لكنه تمكن من التغلب عليها. نظرت إلى وجهه القريبمنها, و جسده الدافئ القوى. إنها بالكاد تستطيع ان تشعر بالثلج البارد تحتها.
ضغط ماكسيمو بقوة على رسغيها: "باستا! قلت لكِ كفى! يجب ان تتعلمى الطاعة."
بدت الأشجار سوداء فوق رأسه, و اغصانها المليئة بالثلج تلوح كـ المخالب فى السماء الرمادية. مرت اشعة القمر من بين الغيوم, لتترك هالة من الضوء حول رأسه المغطى بالشعر الأسود.
صرخت بوجهه: "لن اطيعك ابداً.... ابداً!"
"سوف ترى!"
مرت تظراته على وجهها, و علمت لوسي انه سيقبلها. فى هذا الشتاء المظلم فى الساحة المهجورة, و هما بمفردهما بشكل مطلق, محاطان بالثلج و البرودة. شعرت بالنار تجتاحها من لمسته, و لم تعد قادرة على الحركة. لا! عليها ان تقاوم! من دونها, ستصبح طفلتها وحيدة و معرضة للمخاطر. سوفى تُرمى من ملجأ إلى ملجأ, كما حدث مع لوسي نفسها فى الماضى. إنها لا تستطيعالأستسلام. ستقاتل لتحمى كليو حتى آخر نفس لديها. همست: "دعنى, من فضلك! إن كنت تملك ذرة من الأنسانية.... أتوسل إليك ان تدعنى و شأنى."
تردد صوتها الهادئ فوق الثلج, و اختلط مع الصمت الكثيف. حدق بها ماكسيمو, و لمع ألم مفاجئ فى عينيه. ابتعد عنها على الفور تاركا رسغيها, ثم نهض على قدميه. قال بنبرة تدل على مدى سأمه مما يحدث: "كما ترغبين, كاراميا! ابقى هنا إن شئتِ. ساعود إلى الفندق."
شكراً لك! شكراً لك! شكراً لك! فكرت بحرارة و اندفاع.
نهضت بسرعة, و استدارت كى تركض. قال بصوت هادئ من ورائها: "فى النهاية, اري التأكد من أن ابنتك تنام بارتياح, و انها لم تفقد حصانها الأحمر الصغير الذى تحمله دوماً."
توقف قلب لوسي عن الخفقان فى صدرها.... اتسعت عيناها من شدة الخوف, و استدارت لتواجهه: "لماذا؟"
نظر إليها ببرود و إستهزاء واضحين, ثم قال بنبرة ساخرة: "آهـ! ألم اخبرك؟ احضر رجالى ابنتك إلى جناحى فى الفندق من ساعة تقريباً."
نهاية الفصل الثانى
|
شكرا لك على هذه الروايةالرئعة