كاتب الموضوع :
نغم الغروب
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: الرحيل ...إليه
الفصل السابع عشر حديث العشاق
تبعته بفضول إلى ركن الغرفة و هناك رفع إحدى الملاءات التي غطوا بها الهدايا فبدا لها من تحتها أجمل عصفور رأته في حياتها
التفتت الى جاسر و ابتسامة حائرة على شفتيها فأجاب التساؤل الذي في عينيها : لم أبتعه لك حتى تحتفظي به يا حبيبتي بل لكي تطلقيه
تلألأت الدموع في عينيها فواصل بصوت دافئ : و حين تطلقيه أطلقي معه جميع مخاوفك يا عزة و جميع هموم الماضي، هل تستطيعين؟
ظلت تنظر إليه بتردد ثم رمت نفسها بين أحضانه و دفنت وجهها في صدره أما هو فضمها إليه بلطف ، شعر بجسدها يرتجف بشدة بين ذراعيه فسألها بصوت حان : هل أنت خائفة مني يا عزة؟
تطلعت إليه بخجل و قالت بصوت خافت : خائفة و لكن ليس منك
أحاط كتفيها بذراعه ثم أخذها و أجلسها معه على الفراش و هو يقول : ما رأيك يا عزة أن أحدثك ببعض طرائف ليلة الدخلة
هزت رأسها موافقة فواصل بمرحه المعهود : سأبدأ بقصة ذلك الرجل الذي نام ليلة دخلته تحت الفراش ، أتعرفين لماذا؟
سألته بابتسامة واسعة : لماذا؟
وشوش لها الإجابة في أذنها فتعالت ضحكاتها و هكذا ظل جاسر يلاعبها مرة بالكلمات و مرة باللمسات حتى استسلمت لرغبته فيها برضى كامل.
…………………………………………………………………………………………………………………
في المنزل الآخر كانت ميسون تنتظر عاصم و هي تجوب الغرفة جيئة و ذهابا ، احتارت في أمر هذا الرجل الذي حتى في ليلة زفافهم يتركها تنتظر ، أخيرا شعرت بالتعب يأخذ منها مأخذه فاتجهت إلى الأريكة لتنتظره جالسة و ابتسمت ابتسامة حالمة و هي تتخيل ما سيحدث بينهما بعد وقت قصير. شعرت بنفسها كأنها سبحت طويلا في بحر الشوق إليه و الآن اقتربت من أن ترسي سفينة قلبها على شطآن حبه و وصاله.
حين دخل عاصم الغرفة أخيرا كانت ميسون قد استسلمت للنوم و هي بكامل زينتها. ركع بجانب الأريكة حيث نامت نصف جالسة و أخذ في تأمل وجهها الساحر وهو محاط بخصلات شعرها الكستنائي الذي يراه لأول مرة ، مد يده و بدأ في تحسس نعومته بين أصابعه. كانت جدائله تصل إلى حد خصرها تقريبا ، أبعد شعرها بلطف فكشف عن رقبتها الرقيقة العاجية و دون أن يشعر حطت شفتاه عليها و قبلها بشوق. تململت ميسون في رقدتها ثم فتحت عينيها ببطء لتجد عاصم يحدق فيها بنظرات لا توصف.
- عاصم تمتمت متنهدة بضعف
فانحنى عليها مداعبا شفتيها بشفتيه برقة ثم قام و أوقفها معه. كانت لمسته رغم قصرها قد زعزعت أعماقها فكيف عندما يتمادى أكثر. أما هو فظل فاغرا فاه و هو يحدق في مفاتنها فعندما أوقفها سقطت الملاءة عن جسدها الذي بدت معالمه واضحة خلف الغلالة الشفافة التي ترتديها ، كان دائما يرى ميسون مخلوقة رقيقة دقيقة التفاصيل لذلك لم يتصور أن يكون جسمها بهذا الشكل ، لم يكن يتخيل أنه يحوي هذه الاستدارات و هذه الانحناءات الساحرة. أما ميسون فقد توهج خداها لتحديقه فيها بكل تلك الرغبة الجامحة.
أخيرا تكلم عاصم فقال و صوته مختنق من شدة اشتهائه لها : أين كنت تخفين كل هذا يا ميسون ؟ و مد يديه يتحسس ليونة خصرها و استدارة جسدها ثم شدها إليه بقوة حتى أنّت من الألم الممزوج بالنشوة
أما هو فكان يغمغم بصوت لاهث و هو يتنشق عبير شعرها بلهفة : ما أجملك يا حبيبتي و ما أشد فتنتك ، لا أكاد أصدق أنك أخيرا أصبحت لي ، صرت ملكي ، لكم أتمنى أن أضمك إلي ضمة تعودين معها إلى أصلك : ضلعا في صدري
أبعدها عنه قليلا و واصل يقول بأسف زائف: لكني حينها لن أستطيع فعل ما أنوي فعله بك
قالت بدلال : و ما الذي تنوي فعله بي ؟
أجابها كأنه يؤنبها : و هل تظنين أنك ترتدين لي مثل هذه الأشياء و تفلتين من العقوبة
أضاف و هو يتأملها ثانية بنظرات جائعة : حبيبتي أنا أنوي التهامك قطعة قطعة
فتحت فمها لتقول شيئا ما غير أنه لم يمهلها وانحنى عليها في قبلة طويلة دافئة جردتها من أي صبر باق لو كان لديها صبر. عندما ابتعدت شفاههما قالت متنهدة : عاصم
سمعت صوته الحاني يجيبها : يا قلب عاصم
ثم رفعها بذراعيه بيسر و حملها إلى الفراش حيث حلقا معا في سماء العشق بدون قيود.
فتحت ميسون عينيها بعد نومة خفيفة و احتارت هل تصدق أن ما عاشته و عاصم حقيقة أم كان فقط حلما آخر من ضمن أحلام يقظتها العديدة.
ظلت تتأمل زوجها بافتتان و عشق ، زوجها ، رددت الكلمة عدة مرات و تنهدت بسعادة مطلقة . أخيرا أصبحت تنتمي له و ما أحلاه انتماء.
فتح عينيه و نظر لها نظرته العميقة التي طالما احتارت في فهم معانيها. قالت بهمس : لا أكاد أصدق يا عاصم ما صرنا إليه، حين أتذكر أول لقاء لنا و كيف كنا نكره بعضنا البعض و الآن ، الآن
صمتت و قد خانتها الكلمات فأكمل و هو يجلس و يسند رأسها على صدره العاري : الآن أصبحت زوجتي و ملكي يا حبيبتي
سألته وهي ترفع عينيها إليه : منذ متى بدأت تحبني يا عاصم ؟
رد عليها و هو يمرر أصابعه على بشرة ذارعها :قلة من سيجيدون الإجابة عن هذا السؤال ، لم تكن لحظة بذاتها تلك التي كشفت لي عن عشقي لك يا ميسون فأنت تغلغلت في دمائي دون أن أدري و لم أستطع منك فكاكا و الحق أني لم أرد هذا
ربما بدأ اهتمامي بك منذ أن تلقيت صفعتك على خدي ، فليست أي امرأة تجرأ أن تمد يدها علي و أنا من أنا .
هزت رأسها و هي تقول بتهكم : ما أشد تواضعك يا حبيبي
- و من يستطيع أن يكون متواضعا و هو يراك بين ذراعيه دون غيره
قالت و هي تدفن رأسها في عنقه و تتنشق رائحته :و أنا لا أريد أن أكون لغيرك ، أنا ملكك يا حبيبي بكل ذرة من كياني و الحمد لله أن قلبك اختارني دون سواي ، كنت لأموت لو لم تفعل
شردت نظراته قليلا و هو يقول :
- قبل أن ألقاك ظننت أني عفت جميع بنات جنسك. ظننت قلبي حصنا منيعا على النساء. و رغم أني كنت في أشد الحاجة لامرأة تدفئ برودة ليالي و تؤنس وحشة قلبي إلا أني تعودت على وأد جميع رغباتي. دفنتها في قبر عميق و ظننت أنها ماتت حتى جئت أنت فأحييتها بنظرة واحدة من عينيك. عيناك اللتان لم أر لهما مثيلا من قبل.
أحسست حين حدقت في بحر العسل الممتد فيهما بالأمان ، أحسست أن صاحبة هذه العيون لا يمكن أن تغدر ، لا يمكن أن تخون ، لا يمكن أن تهجرني و تتركني وحيدا في العراء.
بنظرة واحدة جردتني من القشرة الصلبة التي غلفت بها قلبي بإحكام و شعرت بمدى ضعفي أمامك. لذلك حاولت جاهدا الابتعاد عنك ، تجاهلك ، إخراجك من عقلي
و خاطري و لما عجزت حاولت أن أنفرك مني، أن أجعلك تبغضينني و تفرّين مني.
التفت إليها و قال لها بحيرة : و لكنك لم تفعلي يا ميسون و أنا أستغرب كيف استطعت أن تحبيني و أنا على ما كنت عليه معك من غلظة و جفاء.
داعبت خده بأناملها ثم همست له بوله: ربما جفاؤك يا حبيبي هو ما شدني إليك ، لكم تعودت قبلك بمن يطلب ودي و لكن لا أحد ملأ عيني كما فعلت. عشت قبلك و أنا أظنني باردة نائية و لا أنكر أني كنت كثيرا ما أصاب بالغرور . حين رأيتك أعجبت بك على الفور و خيل إلي أنك بادلتني شعوري لكنك سرعان ما تغيرت علي و شعرت حينها أني منبوذة تماما ، كنت قاسيا جدا معي ، جلفا و فظا و رغم ذلك لم أستطع إلا أن أزداد تعلقا بك كنت تجذبني إليك رغما عني ، كنت نارا يا عاصم و كنت الفراشة التي تتوجه لحتفها بكامل إرادتها.
ليال طويلة ظللت فيها ألوم قلبي و أحاول أن ألملم شتات نفسي التي ذابت فيك و لكني لم أقدر
قبل رأسها بعمق و قال : يسعدني أنك لم تفعلي
صمتت قليلا ثم سألته معاتبة : لماذا تأخرت في طلبك الزواج مني ؟ لماذا تركتني تائهة في حيرتي و لم ترح بالي و لو بكلمة واحدة ؟!
أجابها مراوغا : ميسون كل هذا الحب الذي في قلبي لك و لم تشعري به
مررت أناملها على ذقنه و هي تقول برقة : بلى شعرت و لكني لم أفهم لماذا لم تصرح لي أبدا قبل يوم عقد قراننا
- لم أشأ أن أفعل ذلك أثناء سفرنا معا، خشيت عليك من نفسك و مني و فضلت أن أنتظر حتى وصولنا ثم حصل ما حصل من مواجهتنا لقطاع الطرق و إصابتي و إصابة جاسر
صمت قليلا ثم قال باعتذار : لكن أكثر ما جعلني أؤجل الأمر هو رغبتي في أن أجنب أمي أي ضيق
عقدت حاجبيها و هي تسأله : و ما الذي قد يضايق أمك من رغبتك في الاقتران بي
تنهد و هو يفسر لها : حبيبتي ضعي نفسك مكانها ، أعود من رحلتي بامرأة غريبة من نفس مدينة أم الزهراء ، المرأة التي خطفت ابنتي و ضيعت سنوات من عمري ، و أقول لها أمي أريد الزواج من هذه المرأة الغريبة التي لا تعرفينها و لا تدرين شيئا عن طباعها
واصلت بإلحاح : لماذا لم تصارحني و تطلب مني كتمان الأمر
- لم نختلي ببعضنا إلا للحظات يا حبيبتي و لم أر جدوى من الأمر ما دمت لا أنوي في أي حال أن أطيل الأمر
زمت شفتيها و قالت و هي تشيح بنظرها بعيدا عنه : و الأمر كان مرهونا بموافقة أمك من عدمها و لو لم تفعل كنت لتهجرني و تنسى أمري أليس كذلك؟
قال بصبر : كلا ليس كذلك ، افهميني يا حبيبتي ، أغلى النساء في حياتي هن أمي و ابنتي و أنت
سألته مشاكسة : بهذا الترتيب؟
احتضن وجهها بين كفيه و قال لها بصدق : لا يوجد ترتيب فكل منكن أغلى عندي من الأخرى ، كنت قادما مع والدي الذي أخبرته كل شيء منذ أول يوم وكنت أنوي أن أخبر أمي برغبتي فيك لكنها سبقتني ، أتدرين ماذا قالت لي عنك
- ماذا؟
- نصحتني أن أبادر بخطبتك لنفسي قبل أن يحظى بك غيري ،و أكدت لي أنك أنت من ستداوين جميع جراحي، فهل ستفعلين يا حبيبتي ؟
نظرت له بحنان و همست : طبعا سأفعل يا حبيبي و لكن ألا تخبرني عن هذه الجراح و عن سببها ؟
أظلمت عيناه للحظات ثم قال بحزم : ليس الآن يا ميسون فلا أريد أن أفسد علينا ليلتنا هذه
ابتسم بمكر ثم قال و هو يداعبها : أتعلمين أنني اشتقت إليك ثانية
نظرت إليه و قالت و هي تدعي البراءة : و لكني لم أبرح مكاني بجانبك
أجابها بلهفة : أريدك أقرب
|