الفصل الخامس
تجاهلته ونظرت للجانب الآخر وقلت موجهة كلامي للسائق
" عد للخلف واقطع الشارع الآخر "
لكن ذلك الغبي جمد مكانه فقلت بحدة " تحرك "
التفت لي وقال " هذه شرطة وليست لعبة فإن كان لك
مصيبة فانزلي له "
قلت بضيق " غبي وجبان "
طرق ذاك في الخارج على النافذة الأمامية فنظر له السائق
فأشار له لينزل فنزل على الفور , هذا الأحمق لا دليل لدى هذا
النصف شرطي على أي أحد منا ليخاف منه , أنزلت زجاج
النافذة ونظرت له وقلت " ماذا تريد "
قال بسخرية " أريد أن أرى قوامك الممشوق فانزلي "
قلت بسخرية مماثلة " وأنا لا أريد أن أرى قدماك
الكبيرتان لذلك لن أنزل "
نظر من فورة لقدميه فلم أستطع إمساك نفسي عن ضحك ثم
قلت من بين ضحكاتي " ضننت أن الصغار فقط
يفعلون هذا وتنجح معهم "
قال من بين أسنانه " يبدوا أنك تريدي زيارة مركز الشرطة
لا وتنامين ليلة في السجن أيضا "
رفعت كتفي وقلت بلامبالاة " واجعلها أسبوعا لكن أرني
بلاغا بالأسباب أولا "
أمال وقفته ونظر لعيناي بتركيز وقال " شهر أفضل يطلقون
عليه شهر عسل يا لصة "
كشرت في وجهه وقلت " خسارة هذه النجوم في كتفيك يا
وقح , هذا وأنت رجل شرطة "
ابتسم ابتسامة ماكرة وأشار بإصبعه أن أخرج فانتقلت بخفة
ورشاقة للكرسي الأمامي وأغلقت الأبواب من هناك وشغلت
السيارة وهوا يحاول فتح الباب بجانبي وعدت بالسيارة للخلف
وانطلقت خلال الشارع الآخر بأقصى سرعة وفي ضحكة واحدة
حتى ابتعدت وضربتها في أول عمود كهرباء أمامي عقابا لذاك
السائق الجبان ونزلت منها وركضت للشارع المعاكس
*~~***~~*
انطلقتْ بها مسرعة وأنا أراقبها ويداي وسط جسدي , آخر ما
كنت أتوقع أن تكون تعرف كيف تقود سيارة بل قفزت للأمام
وأمنت الأبواب بتفكير مجرمين محترفين , نظرت لنهاية
الشارع الفارغ منها وابتسمت حين تذكرت كيف تحول وجهها
عندما تحدثت عن شهر العسل , صلبة وشرسة في كل شيء لكن
خجل الأنثى لا يفارقها ولو لم تهرب كنت سأزود عليها الجرعة
بجنون لا أعلم من أين زارني فجأة , نفضت تلك الأفكار من رأسي
قبل أن أصل لشكل عينيها الناعسة وأصبح في مشكلة ثم نظرت
للواقف أمامي وهوا لازال نظره على الشارع الآخر مصدوما ثم
نظر لي وقال " سياراتي سرقتها !! "
ضحكت حينها وكأني لحظتها فقط أدركت أنها سرقت السيارة
وهربت بها ثم توجت لسيارة الشرطة ركبتها وعدت له للخلف
وقلت من النافذة " اركب سنجدها تركتها في مكان ما "
أعلم أنه لن يكون غرضها سرقة السيارة لأنها حين سرقت
محفظتي لم تأخذ منها النقود فهي لصة لمصالح شخصية فقط
أما الوسيلة فلا تفكر بالاحتفاظ بها , غادرت المكان وجبنا بعض
الشوارع ووجدنا السيارة مرتطمة بعمود والناس متجمعة حولها
فوقفت ونزلت مسرعا وتوجهت نحوهم قائلا
" ماذا حدث أين الفتاة التي فيها "
ابتعدوا حين لاحظوا أني رجل شرطة وقال أحدهم
" لم نجد فيها أحدا سيدي كانت فارغة "
أمسكت خصري بيداي وتنفست بضيق , المحتالة ضربتها في
العمود وهربت وكأنها تعاقب السائق أيضا فلا أحد يسلم منها
" لاااا السيارة "
نظرت للواقف بجانبي يمسك رأسه بيديه ولحظات وسيبكي فهذه
السيارات تابعة لتشاركيه خاصة بالنقل الداخلي وهوا مجرد سائق
عليها ويعلم أنه سيدفع ثمن أي ضرر , نظر لي وقال " أمسك بها
فلديك تهمتان الآن سرقة سيارة وتجاوز لقوانين المرور "
أخرجت المذكرة والقلم من سيارة الشرطة وكتبت فيها ومددتها
له قائلا " خذ هذا عنوان منزلي سأتصل بمن يأخذها من هنا
وسأتكفل أنا بإصلاحها فلا ذنب لك فيما بيننا "
أخذ مني الورقة وقال " لكن عليا تسليمها الليلة "
فتحت باب السيارة وقلت وأنا أركبها " سأتصرف في
الأمر اذهب لمنزلك واعتبره يوم إجازة "
ثم غادرت من هناك واتصلت بشرطة المرور لأخذها من هنا
للورشة فها هي نالت مني ككل مرة أحاول فيها النيل منها
وهربت وأنا من سيصلح الأضرار التي تركتها , كم أتمنى
أن يكون هذا آخر ظهور لها في حياتي رغم أنها أدخلت
على روتين العمل الممل بعض التسلية
*~~***~~*
انفتح الباب بسبب دفعتي القوية وتراجعت هي للخلف
قائلة " لست دُرة التي تقول عنها فماذا تريد مني "
دخلت وأغلقت الباب خلفي وقلت " بل دُرة ولن
تهربي مني مجددا "
كانت تمسك وشاحا تغطي به شعرها والريح يحركه حولها
وكأن الماضي عاد بي لتلك السنين دُرر الطفلة التي لا تخرج
إلا هكذا بعدما نبهتها بل أخفتها فأصبحت تمسك الوشاح على
وجهها هكذا وتركض به في الشارع لتذهب للمحل القريب
لتشتري البطاطا المملحة أكلتها المفضلة , اقتربت منها خطوتين
وهي تتراجع للوراء وقلت وعيناي في عينيها " لا تخرجي للشارع
وشعرك الجميل دون غطاء كي لا تأكله الشمس وتمسكه
الأشجار يا دُرة "
هزت رأسها بلا وقالت بغصة " من أنت أنا لا أعرفك من
أين تعرفني "
كنت سأتحدث لولا أن انفتح باب المنزل أكثر ووقفت أمامه
عجوز تتكئ على عصا وقالت " دُرر أين الرجل ألم
أقل أدخليه , هل هوا أنت "
نظرت لها حينها باستغراب , لما كذبت علي وقالت أنها
لا تقابل الرجال أم لأني قلت أني جئت خاطبا !!
دخلت حينها راكضة وأنا أراقبها بفستانها الطويل بأكمام
وحداء منزلي يظهر قدميها الصغيرتان البيضاء , لباسها
وكأنها ليست في منزلها الذي قالت أنه لا رجال فيه !!
توجهت بإشارة من العجوز لباب غير باب المنزل ودخلت
هي للداخل ودخلت أنا حيث الغرفة التي تبدوا موصولة
بالمنزل ووقفت مذهولا من القارورات والأكياس الصغيرة
والمبخرات التي تملئها وواحدة تبدوا خادمة واقفة هنا
وأشارت لي لأن أجلس فجلست ولا أفهم شيئا مما يجري
بعد قليل دخلت تلك العجوز وجلست بين تلك الأشياء
وقالت مبتسمة " أول رجل يزورني سنوات عملي هل
تريد أن تفرق بين زوجين أم تجعل زوجتك مطيعة لك
أم تفك عنك التابعة التي جعلتك لا تتزوج حتى الآن "
بقيت أنظر لها فاتحا فمي من الصدمة ثم قلت بهمس
" سحَرة "
نظرت لي وقد اتسعت عيناها المجعدتان وقالت
" ماذا قلت فسمعي ضعيف "
لهذا إذا رفضت إدخالي لها لكن لما تحديدا !!
قلت " لم أقل شيئا ولست لأجل كل هذا جئت "
لوت فمها وقالت " آه قل من البداية "
قلت " ماذا أقول "
قالت " هات ما عندك رغم أني توقعته "
قلت بجدية " بل خاطبا "
تنهدت وقالت ببرود " ومن سعيدة الحظ "
قلت من فوري " دُرر "
*~~***~~*
قال ببعض الضيق " سراب ماذا قررتِ أو رأيت غيرك "
التفت خلفي ثم نظرت له وقلت " الليلة سنتم كل شيء وسنلتقي
بك في مثل هذا المكان ونذهب للمحكمة صباحا , لقد اتفقت
وترجمان لأنها من ستخرج لي بورقة الوكالة لأتزوجك
فوحدها من يستطيع إخراجها من هناك "
قال بارتياح " جيد إذا سأنتظركما الليلة ونذهب للمحكمة غدا "
ثم نظر لسائقه في الأمام وقال " تحرك للمنزل يا ولد "
ثم غادرت السيارة وعدت أنا أدراجي للمنزل لأفاجئ بابن
زوجته ذاك يقف في آخر الشارع فتسللت دون أن يراني
ماذا يفعل هنا ذاك الحقير فهوا يريد إفساد الأمر عليا بأي
طريقة وأنا ما صدقت أن أخرج من مزبلة الفقر هذه
وصلت المنزل ورأيت الشاب الذي تحدثت عنه دُرر
خارج من هناك فصفقت وقفزت بحماس وأسرعت الخطى
فيبدوا جاء لخطبتها وعليها أن تهرب معه فورا مادمنا
سنأخذ توكيل الميتم الليلة , دخلت المنزل وتوجهت
لغرفتنا فورا ووجدت دُرر تجمع أغراضها وترجمان
تحاول التحدث معها فقلت " ما بكم ؟ ماذا حدث ؟؟ "
قالت ترجمان وهي تمسك القميص منها " تعالي
وانظري لهذه المجنونة تريد أن تهرب من هنا "
استلته منها دُرر بقوة وقالت بحدة " أتركاني وشأني لن أبقى
له أبدا هذا الرجل يعرفني جيدا ويريد شيئا ما مني , أنا
متأكدة فلن أبقى له دقيقة "
توجهت نحوها وضممتها من ظهرها بقوة وقلت " لا يا
دُرر لا تتركينا سنخرج معا من هنا لكن ليس وحدك
ولا نعرف مكانك "
قالت ترجمان بصوت منخفض " سأسرق التوكيل الليلة
وسنخرج من هذا المنزل حينها وبلا عودة يا دُرر
فاصبري هذه الساعات فقط "
انفتح حينها باب الغرفة بقوة ونظرنا ثلاثتنا للعجوز الواقفة
أمامه وضربته بعكازها وقالت بصوت مرتفع رنان
" هكذا إذا يا سراب تتزوجين من ورائنا "
*~~***~~*
ما أن ابتعدنا حتى أوقفت السيارة وقال " ها ماذا حدث معك "
قلت بضيق " ما منزل السحرة هذا الذي أنزلتني له "
قال بضيق أكبر " المفيد يا أواس "
قلت " لا يعلمون أنها مخطوبة ولا ستتزوجه كل هذا من
وراء والدتها وصرخت بي حتى تعبت وطردتني
وقالت لا بنات عندنا للزواج "
ثم ضربت على المقود وقلت من بين أسناني
" سحقا لها كيف سأخرجها منها الآن "
قال بحيرة " من تعني "
انطلقت بالسيارة مجددا وقلت " أعني الفتاة الأخرى , ذاك
المنزل ورائه حكاية غريبة وفهمت الآن سبب انزعاج
ذاك الشاب منها في المحل "
تأفف وقال " أواس هلا شرحت لي بما تهدي الآن "
لففت يسارا وقلت ببرود " لا شيء لا شيء العجوز ستفسد
الزواج لا تقلق فأنا هولت لها كل الأمر حين علمتُ أنها
لا تعلم وغير موافقة أيضا "
عليا مقابلة العقيد رفعت سريعا والقبض عليهم واستجواب
الجميع هناك قبل أن تختفي مجددا ولا أجدها , أوصلت آسر
وتوجهت له فورا وطلبت إذنا فأدخلوني له فكان معه ضابطان
من الجيش وقال ما أن دخلت " تعالى يا أواس أجلس "
جلست وقلت " وجدت منزلها , العجوز والدتها أو لا أعلم
ما صلتها بها تبيع السحر للناس وما فهته من حديثها أن
بناتها ثلاثة وترفض تزويجهن بأي شكل كان وبأي
رجل مهما كانت مميزاته وأمواله "
قال بريبة " هل تعتقد أنها ليست والدتهم "
قلت " كل شيء يجوز فالفتاة قالت أنه لا رجل في منزلهم
أما العجوز فقالت للخادمة اتصلي ببشير ليأتي أين هوا من
يومين تارك المنزل "
قال بتفكير " قد يكونوا هم , ما أسم الأخريات "
قلت " العجوز قالت أي الفتيات تقصد سراب أم ترجمان "
وقف على طوله وقال " الأسماء ذاتها "
هززت رأسي بنعم وقلت " أجل حتى الأعمار متقاربة جدا
باستثناء المدعوة ترجمان لأني لم أراها "
قال من فوره " جهزوا وحدة مداهمات يا أواس فالليلة
سندخل ذاك المنزل وعلينا الاتصال بعم الطفلة سراب
النصران لنتأكد من تحليل الجينات أنها ابنة شقيقه بما أن
ترجمان أنا عمها "
هززت رأسي بحسنا ووقفت وضربت التحية وخرجت من
عنده , وأخيرا ستكونين في قبضتي يا دُرة أخيرا سأتصافى
مع غريمي بعد كل هذه السنوات
*~~***~~*
نظرنا لبعضنا وقالت العجوز " تلعبين بي وأنا من ربيتك
وكبرتك يا ناكرة الجميل "
ثم أمسكت الباب وقالت " لا خروج لكم من هنا لنرى
نهاية هذا كله "
ثم أغلقت الباب بالمفتاح وغادرت وتوجهت سراب نحوه
من فورها تطرقه بقوة وتصرخ " افتحي الباب يا عجوز النار
لا نريد البقاء معك افتحي "
جلست ترجمان على السرير وقالت " لا تتعبي نفسك "
نظرت لنا سراب وقالت ببكاء " أفسد كل شيء ذاك الأحمق
القذر كنا سنهرب من هنا غدا صباحا , أقسم أن يرى حسابه مني "
انهرت جالسة على السرير وعقلي توقف عن العمل , ترى ما
صلة ذاك الشاب بكل هذا وجاء لخطبة من ومِن أين علم بكل ما
قالته سراب والعجوز عن الزواج والهروب , أمسكت رأسي
بقوة وأنا أتذكر كلماته (لا تخرجي للشارع وشعرك الجميل
دون غطاء كي لا تأكله الشمس وتمسكه الأشجار )
أشعر أنني أعرف هذه الكلمات وسمعتها سابقا وكأني سبق
وحلمت بها رغم أني لم أسمعها أبدا في منامي , توجهت
ترجمان نحوي وجلست بجواري على السرير وضمتني لها
وقالت " دُرر تحدثي ابكي افعلي أي شيء وتوقفي عن
الضغط على نفسك فلا يوجد بشر يمكنه التحمل كل عمره "
قلت بهمس وارتجاف " يعرفني يا ترجمان يعرفني جيدا "
أبعدتني عن حضنها وقالت " من هذا الذي يعرفك يا دُرر "
نظرت لسراب ثم لها وقلت بضياع " ذاك الشاب يعرفني
وعليه أن يخبرني من أكون "
*~~***~~*
وزعتِ الصور أمامي على الطاولة وقالت
" هيا اختر واحدة "
قلت بضيق " أمي كيف تأتيني بصور لفتيات متبرجات
هكذا , على الأقل بحجابهن "
قالت وهي ترتبهم " أهاليهن من أعطوهم لي بمحض إرادتهم
طلبت صورا فقط وهم أرادوا أن تكون هكذا "
نظرت لرغد الجالسة خلفها فأشارت لي بأصابعها أربعة وخمسة
ثم لوحت بيدها فنظرت للصور وأزلت الخامسة الرابعة ثم أشارت
ثلاثة وأشارت على طرف رأسها بمعنى مجنونة فأزلتها أيضا وأمي
كانت منتبهة لما أفعل وغافلة عنا , بعدها أشارت رغد على الأولى
والسادسة بمعنى وسط فأزلتهما أيضا ولم يبقى سوا صورتين
فأشارت لي رغد بإبهامها بمعنى ممتاز فقلت " انتهيت "
رفعتهم والدتي وقالت " لم تبقي سوا اختيار رغد هاتان لا تعجبانني
تبليم وصمت دائم حتى حقهن لا يعرفن كيف يخرجن به من الناس "
كتمت ضحكتي وقالت رغد بضيق " أمي ما تفعلي بطويلات
اللسان فلتضعي في حسابك أنتي المتضرر الأول والأخير "
قلت ببرود " لا يا شقيقتي أنا الأول وهي بعدي "
ثم نظرتُ لها وقلت بابتسامة صفراء " أنا لا أعرف أيا منهن
اخترتِ وأزلتهم وارتحت لصاحبتا الصورتين الأخيرتين "
وقفت وحملتهم معها وقالت مغادرة " سأحضر
لك مجموعة أخرى إذا "
وخرجت من الغرفة لتنطلق ضحكتي وقالت رغد ضاحكة
" لا مفر لك منها ستزوجك على ذوقها "
أخرجت هاتفي الذي كان يرن وقلت " مستحيل لن
أتزوج واحدة متوحشة مهما حدث "
كان رقم خالي رفعت فأجبت عليه بسرعة وقال من فوره
" إياس تلبس بذلتك وتأتيني بسرعة "
فوقفت من فوري قائلا " حالا دقائق فقط "
أنهيت بعدها الاتصال وقلت متوجها للحمام " رغد أسدي
لي معروفا وأخرجي لي بذلة عملي والحداء والجوارب
سأدخل للحمام قليلا وأخرج "
*~~***~~*
دخلت ووجدتها تضرب بعصاها الأرض بقوة وملامحها
ازدادت كبرا على كبرها وقلت " ما بك جئتِ بي على
قفا وجهي "
قالت بتنفيس قوي " تعال اجلس "
جلست أمامها فنظرت لي بتركيز وقالت " الليلة سننفذ خطتنا "
قلت بصدمة " ولما !! ألم تقولي ليس الآن "
قالت بغضب " لأن المجنونات كدن يهربن منا وساعة
الصفر لا داعي لتأجيلها أكثر "
قلت بريبة " وكيف ستقنعينهن بالذهاب هناك "
قالت بخبث " رغما عن أنوفهن أنت فقط دبر لنا طريقة للخروج
الليلة من المدينة وأريد آلة تصوير حديثة واتصل بجميع الصحف
التي تنتظر الخبر منا ولن تشرق عليهن شمس الصباح إلا
وصورهن وأخبارهن على كل لسان "
قلت بمكر " تعجبينني هكذا وأخيرا سنخرج من هنا
ونعش في ثراء بدلا من هذا الفقر "
قالت بشرود " المهم نفذ أنت ما قلت لك , أمامك
ساعتين فالليل قد اقترب "
*~~***~~*
استلقيت على السرير أنظر للسقف وأمسكت الهاتف وقرأت
الرسالة التي وصلت منه ( سلسبيل أجيبي عليا وارحميني )
أرسلت له ( مأمون كم مرة سنعيد ذات الكلام ولا ترسل شيئا
لأني لن أجيب )
أرسل مجددا ( أيعقل هذا ؟ لا أراك إلا من بعيد ولا أكلمك أبدا )
لم أجب فأرسل ( يا صبر أيوب )
ضحكت وأرسلت ( والدتك في آخر زيارة لها لنا لم تقل شيئا عن
موعد الزفاف وقبله لن تسمع صوتي هل ترضاها لشقيقتك )
أرسل بعدها ( حبيبتي ولن أرضى فيك شيئا أمري لله ...
تصبحين على خير )
حضنت الهاتف بسعادة وسمعت حينها طرقا على باب غرفتي
فمسحت جمع رسائله ورميت الهاتف بعيدا عني وقد عاد الطرق
مجددا فجلست وقلت " أدخل "
فتحت سدين الباب وقالت " لا أعلم ما هذا القانون السيئ
لا تدخلوا حتى آذن لكم "
ثم دخلت تتبعها ندى ترتدي مثلها تنوره سوداء قصيرة وتيشرت
زهري كمه ممزق والآخر خيوط شعرهما جديلتين وغرة على جانب
واحد ولونها زهري فضحكت عليهما وقلت " من يراها يضن أنها
ابنتك أنتي وليس رغد "
نظرت حولها في الغرفة وقالت " ماذا تفعلين لا تريدي أن نراه "
وقفت وتوجهت لسير المشي وصعدت فوقه وشغلته وبدأت
الركض مع حركته وقلت " لا شأن لك ثم كل شي أمامك
حضرة المفتش "
جلست على السرير وقالت ببرود وهي تمضغ العلكة
" مفتش في عينك أريد منك غرضا مهما "
قلت بنفس لاهث من الركض " خذي ما تريدين وأخرجي "
صعدت ندى السرير معها بصعوبة وجلست مثلها ساق على
الأخرى تلعب بخصلة من غرتها أيضا كحركة سدين وتنظر
لها لتقلدها فأوقفت السير وانفجرت ضاحكة لأن المشهد كان
يقتل من الضحك وضحكت سدين وقبلت خد ندى قائلة
" أموووواه كم أحبها يا بشر وأجمل شيء أنها ستكون
نسخة عني أي فتاة لا مثيل لها "
مسحت عنقي بالمنشفة وقلت " أما الثانية فأشك "
لوحت لي بيدها قائلة " تعالي وانظري "
اقتربت منها فأرتني يد ندى والخاتم في أول سبابتها
مثلها تماما فعدت للضحك من جديد وهما تضحكان علي
ثم قالت سدين " أريد فستانك الخوخي "
وقالت ندى بعدها " أليد خوخي "
فضحكت وهززت رأسي وقلت " حتى الكلام ستقلدينها فيه "
ثم توجهت للخزانة أخرجته ورميته لها وقلت " الفستان الوحيد
الذي أصغر من مقاسي وأريد أن أصل لوزن حتى ألبسه وأنتي
أفسدتِ طلته من كثرة ما أخذته مني "
حملته ووقفت وحملت ندى من على السرير وخرجت قائلة
" لا تقلقي سأعطيك واحد من عندي حينها بااااي "
وأغلقت الباب خلفها وغادرتا تغنيان معا , مجنونة
ووجدت لها واحدة مثلها
*~~***~~*
دخلت المركز ركضا ووجدتهم جميعهم هنا وقال خالي رفعت
" أريدهم هنا جميعهم خلال ساعة واحدة مفهوم "
نظرت لهم وقلت " من هم ؟؟ "
نظر لي محمود وقال " مداهمة طبعا لكنها صغيرة منزل
واحد نخرج من فيه ونحظرهم "
نظرت لهم بحيرة فوضع خالي يده على كتفي وقال
" ابنة خالك قد نكون وجدناها يا إياس "
قلت بصدمة " ترجمان "
هز رأسه بنعم وقال " والاثنتان المختطفات معها أردتك أنت
وأواس خصوصا أما آسر فسأتصل به ليأتي ويأخذ هوا وحيان
مكان أواس والضابط محمود لأنه سيكون معكم "
قلت باستغراب " حد علمي أن لآسر أيضا علاقة
بالأمر فلما ليس معنا "
قال بجدية " تعلم العداوة بينه وبين عم إحداهن لذلك لن نخبره
حتى تأتوا بهم , سكان المنزل عجوز وثلاث فتيات ورجل لا
نعرف ما صلته بهن , أريد المهمة أن تنجح على أكمل وجه "
قلت " هل تراقبون المنزل "
قال من فوره " لا الحي شعبي ومنازله متراصة وسيكتشفوننا
حينها ... بسرعة تحركوا "
ضربنا التحية وخرجنا من فورنا مع وحدة من رجال الشرطة
وركبنا السيارات وانطلقنا قاصدين العنوان ذاته وما أن وصلنا له
حتى طوقناه من الأمام والخلف ومن المنزلين المجتوران له وضرب
أواس الباب الخارجي بقدمه بقوة لينفتح من فوره ودخلنا بحذر نمسك
أسلحتنا في وضع الاستعداد للإطلاق ثم وقف بجانب باب المنزل
وأعطاني الإشارة برأسه فضربت قفله بمسدسي ودخلنا فورا وأربع
من رجالنا خلفنا ونظرنا لبعضنا ولكل شيء من حولنا حيث كان
الصمت والسكون يعم المكان والأنوار جميعها مضاءة , تسللنا
بخفة وحذر للغرف وكانت جميعها فارغة كل شيء موجود هنا
الثياب الأغراض وتلك القاذورات ذات الرائحة العفنة التي تملأ
أحد الغرف أما هم غير موجودين في كل مكان , نظرت له
وقلت " لا أحد في المنزل "
ضغط أواس على أسنانه وقال بغيظ " حتى متى ستهرب
مني أين سنجدهم الآن "
ثم خرج من المنزل يتحدث في الهاتف ألا سلكي الخاص
بالشرطة وأنا أتبعه وقال " لا أحد هنا أريد الجيران للتحقيق
معهم وراقبوا المنزل طوال الليلة "
ثم أعاده مكانه في حزامه وخرج مغتاظا يضرب بقدمه أي
شيء يعترض طريقه فرفعت كتفاي وتبعته , غريب أمره
لما منزعج هكذا وهوا ولا واحدة منهم تقرب له
رن هاتفي الخاص بالشرطة فأخرجته من الحزام وأجبت فكان
صوت خالي رفعت قائلا وكأنه يركض " بسرعة اجمعوا كل
الوحدة معكم وألحقوا بنا على الطريق الرئيسي هناك بلاغ
مؤكد عن بيت مشبوه نبحث عنه من زمن "
*~~***~~*
غادرنا المنزل من قرابة نصف ساعة في هذه السيارة المتهرئة
سيارة أشعب التي لا أعرف كيف اشتغلت دون دفع اليوم بالتحديد
الطريق كان وعرا وهي تهزنا في كل اتجاه وكأننا في زجاجة يقوم
أحدهم برجها , نظرت لسراب بجانبي وهي تنزل فستانها القصير
لتغطي ساقيها ثم نظرت لدُرر التي كانت تمسك عباءتها بقوة فهي
فرضت عليهم بعد عناء أن تلبس العباءة والحجاب فوق الفستان
نظرت بعدها لحدائي ولمعته بأصابعي قليلا , لو أفهم فقط ما سر
حفل زواج أحد الشخصيات المهمة في الدولة الذي سيأخذوننا له
لا وقالت أنهم يريدون تزويجنا من تلك الطبقة !! منذ متى تسمح
لنا بالزواج لتبحث لنا الآن عن أزواج , قالت سراب بهمس
" أشم رائحة مصيبة "
قلت من بين أسناني " لا تفاولي لنا في هذا الليل "
قالت بذات الهمس " يسجنانا لساعات ثم يخرجاننا لحفل
زواج فسريها لي أنتي "
مِلت برأسي جهة دُرر وقلت هامسة " ما رأيك أنتي فيما يجري "
قالت ببرود " المهم لا يكون في الحفل رجال لأني
حينها سأخرج وأتركه "
تأففت وقلت " نحن نسبح في وادي وأنتي في وادي آخر
بعيد عنه ألا تشعرين بريبة حيال الأمر "
تنهدت واتكأت على زجاج النافذة وقالت " أشعر بها من أيام
وليس اليوم فقط منذ حذرتني تلك المرأة منهم في حلمي لكن
ما في حيلتي أفعله , لعلنا نتزوج ونرتاح منهم "
قالت العجوز في الأمام " من هذه التي ستتزوج وترتاح منا "
قلت بضيق " أنا طبعا "
ضحك أشعب وقال " انبسطي إذا لأنك ستتخلصين منا قريبا "
ضربته العجوز بعصاها وقالت " أصمت أنت وقد بسرعة "
خرجوا بنا من تلك الصخور وبدأت سيارته الخردة تسرع على
الطريق المعبد حتى وصلنا لمنزل متطرف وكبير جدا ويبدوا
عليه الفخامة من الخارج , وصلنا للبوابة وأدخلنا الحارسان فورا
ما أن رأوا العجوز وشقيقها وكان أحدهما ينظر لملابسنا بقذارة
ووقاحة , تمنيت أني كنت خارج السيارة للقنته درسا لن ينساه
وصلنا المنزل ونزلنا وأصوات الموسيقى والصراخ تصل
للخارج فقالت دُرر " إن كان ثمة رجال فاقتلوني ولن أدخل "
أشارت لنا العجوز بعكازها وقال بأمر وحدة " أدخلن لا
رجال هنا هذا صوت الغناء والموسيقى "
دخلنا ببطء نتبعهما وأسمع همس دُرر بوضوح وهي تقول
" اللهم أحفظني من بين يدي ومن خلف ومن أمامي ومن
فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي "
فبدأت أردد خلفها كل ما تقوله وأتمتم خلفها " وجعلنا من بين
أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون "
وأكرر خلفها كل ما أسمع أفهمه أو لا أفهمه حتى كنا في الداخل
واقتربت منا امرأة ترتدي فستانا طويلا وحلي كثيرة وتسريحة
غريبة ويبدوا عليها الثراء , سلمت على العجوز بحرارة ثم قالت
" تفضلن يا جميلات للصالة هناك وسأوافيكن حالا لنصعد
للمدعوات الأخريات "
توجهنا حيث قالت وجلسنا هناك وكل واحدة منا تحدق في
الأخرى بصمت حتى قالت دُرر " سأخرج فقلبي ليس مطمئن "
قالت سراب " كيف تخرجي وأنتي تري الحرس في الخارج في
كل مكان وقد يختطفك أحدهم ألا تري أعينهم كيف تحدق بنا "
كانت ستقول شيئا لولا انفتح علينا الباب بقوة ودخل منه مجموعة
شبان وفتيات شبه عاريات فوقفنا بصرخة واحدة ثلاثتنا وكل واحدة
تحاول الهروب لكن أين الفرار من هؤلاء الوحوش فقد أمسك كل
واحد بواحدة منا ونزعوا لدُرر عباءتها وحجابها رغم محاولاتها منعهم
من ذلك , كنت أحاول ضربه وهوا يحضنني بقوة ويحاول تقبيلي وأنا أصرخ
وأبكي وكل تفكيري ليس معي وحدي بل وشقيقتاي اللتان جمعتني بهما
السراء والضراء الفرح والحزن رغم أننا لسنا شقيقات , مرت جميع
ذكرياتي أمامي وفكرت حتى في مستقبلنا في هذا المنزل الذي يبدوا
أننا لن نخرج منه وليثنا لا نخرج إن دنسوا شرفنا هكذا , كنت أسمع
بكائهما وكانت دُرر تصرخ قائلة ببكاء " ابتعد عني خاف الله يا جبان "
فاستجمعت حينها كل قوتي وقلت بصرخة " السلاح السري "
وغرست أسناني في عنقه بقوة لتخرج صرخته واطمئن بالي حين
سمعت صراخ الآخران أيضا مما يعني أنهما نفذتا الخطة وتركني
أخيرا لأركض جهة الباب هاربة وهما تتبعاني لنقف مكاننا ونحن
نرى الكم الكبير من الرجال والنساء الذين يركضون نازلين من
السلالم الضخم المقسوم لاثنان وسط المنزل ولم أفهم سوا كلمة
" شررررطة أهربوا "
ليبدأ صوت الرصاص في الخارج وقد حوصرنا هنا تماما وكأننا
أغنام في زريبة وانفتحت الأبواب بقوة ودخل منها رجال الشرطة
من كل مكان وبعدد كبير بل أكبر من عددهم هنا
المخرج كلمات للرائعة المبدعة الغالية نزف جروحي
والتقينا..
وخطفت رؤياكي أنفاسي..
بيننا باب صدئ ..
تحتمين خلفه مني..
مني أنا ..
من أفنى أنفاسه بالبحث عنك..
يا أحلامه ..يا طهره الناصع..
يا بلسم جراحه ..
ابتسامه طفل وسط دمائه..
لن أتركك ..لن تبتعدي..
فهنا بين الضلوع العوج مسكنك..
فهنا صحراء قاحلة ترتجي غيثك..
فأنتي درة وسط كوابيس حياتي..
أنتي سلام شاب شعري وأنا ابحث عنه..
بحجة الانتقام ..
رغم وجعي بتلذذك بصراخي قديما بيديك ..
يا ثلجا ..يا ماءا..يا بحرا..
يثلجني..يغسلني..يغرقني..
يطهرني من كل سوء..
وحدك أنتي من أبحث عنه..
وحدك أنتي ملاذي..
وحدك أنتي لن أتركك..
فلا يخيفك..
وموعدنا فجر الأربعاء إن شاء الله