السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله مسائكم جميعا أحبتي متابعي روايتي من كل مكان وقطر , ومن كان
لي عظيم الشرف بمعرفتكم مهما بعدت بيننا المسافات قلوبنا واحدة محبة
لدي رجاء لكل من يقرأ رواياتي كل من يتابع قلمي المتواضع أن لا يتم تجريح
المشرفات بأي طريقة كانت , الجميع يعلم أين يجدني ويتواصل معي فمن كان
له أي انتقاد أو حتى تجريح صريح فليكتبه لي حيث يمكنني الرد عليه لكن أسلوب
رمي الحجارة من خلف الجدران فهذا أنا أرقى من أن أحسب له حساب وأمر
طبيعي إنه أي شخص سيوجه انتقاده لي حيث يتم نقل رواياتي أن ترد المشرفة
نيابة عني فرجاء أخواتي جميع من يتابع الرواية أنا في النهاية بشر أخطئ فمن
له أي رأي يسبب إزعاجا لأخواتي الغاليات لامارا وفيتامين سي فليتوجه به لي
حيث يجدني ووقتها من حقه كقارئ أن ينتقدني ويبين نقاط الضعف وأخطائي
وأنا من واجبي ككاتبة للرواية أن أرد عليه بما لا يسبب التجريح لكلينا لكن أن
يرميني بكلماته من حيث لا يصل له ردي فأعتذر عن الإجابة والتوضيح ورجاء
ثالث وأخير لا تجرحوا المشرفات الغاليات بكلماتكم فقد أتحمل التجريح في نفس
لكن فيهما لا فجميلهما فوق رأسي دائما وقدموا لي هناك ما أعجز عن شرحه ولا
تكفيني الكلمات وليس من حق أحد أن يؤذي من كرستا جهدهما ووقتهما لنقل كل
ما هوا جميل ومميز لكم , الروايات تنقل جميعها غير مكتملة فمن له رأي أو
كلام فليوجهه للكاتبة حيث يجدها وحيث يمكنها الرد عليه
أشكر من كل قلبي كل من قال كلمة طيبة صادقة في حقي , كانت أحرفكم فخرا
لي ووساما يُعلق في قلبي للأبد من أخوات عرفت معهم معنى الرقي الأخلاقي
وأشكر أكثر أختاي الغاليتين فيتامين سي ولامارا من لا نصادف في الحياة أمثالهم
كل يوم شكرا على كل كلمة قيلت في حقي وكل دعوة لي ولبلادي وأسأل الله أن
يعم أمنه وأمانه جميع أقطار بلداننا الإسلامية وأن يصب غضبه على أعداء الدين
ويرينا فيهم أبشع مما رأينا بسببهم , وأعتذر إن كان في كلامي تجريح لأي أحد
ولست أحمل في قلبي مثقال ذرة على أي شخص لكن المشرفات خط أحمر بيننا
فأنا كاتبة الرواية أما هما فمجرد جسر بيننا ويتعبان ويجتهدان بدون مقابل فلا
يستحقا سوا كل احترام وتقدير , وأعتذر على الإطالة وأخذي من وقتكم ودمتم
في حفظ الله ورعايته ..... أختكم برد المشاعر
الفصل الحادي والستون
بقينا نتبادل النظرات التي لا تشبه بعضها أبدا فبقدر ما كانت نظراتي له تحكي
الصدمة بل والورطة العظمى هوا كان ينظر لي بجمود أقرب للبرود حتى قال
" ماذا تفعل هنا يا ابن شقيقتي وفي هذا الوقت ؟ "
نظرت فورا للباب الذي انفتح ودخلت منه ترجمان وأغلقته واتكأت عليه ونظرت
لي وعضت شفتها تنظر لخالي وكأنها تخبرني أنهه اكتشف الأمر من نفسه وأنها
تورطت قبلي , قال عندما طال صمتي " أتدخل من شرفات الغرف لمنزل فيه
ثلاث نساء اثنان منهن لا يحللن لك "
قلت من فوري " دخلت لغرفة زوجتي فقط ولم ترى أي منهما
شبح وجهي ولم أرى ضفرهما "
وقف على طوله وقال بسخرية " ومن يراك يا ذكي من الذي سيخبره إلى أين
تدخل ؟ وتعلم أنه ثمة فتاة هنا والدها وأعمامها على قيد الحياة لو علم أي
منهم بدخول رجل ليلا لمنزلي سيضرونها ووالدتها "
قلت بجدية " لن يفكروا حتى في الاقتراب منها وهي تحت عينك
وأنت تعلم ذلك جيدا "
قال بحدة " رائع أتحفتني حقا يا بطل "
أبعدت نظري عنه وزفرت بضيق ولم أعلق فأشار بإصبعه على
الطاولة وقال " وقع هذه فورا "
نظرت للورقة فوقها ثم له وقلت " أوقع ماذا ؟ "
أشار لها مجددا وقال بحزم ناظرا لي " ورقة طلاقها طبعا ولا
أراك هنا مجددا "
قلت بصدمة " ماذا !! طلاقها "
قال من فوره " نعم وأمامي الآن أو قسما رأيت مني ما تعلمه جيدا "
شعرت بالدماء تفور في رأسي وقلت بغضب " لا هذه لن يحلم بها أحد "
صرخ بغضب أكبر " وأرني كيف ستتحداني وما ستفعل وسأريك ما أقدر عليه "
قلت بضيق " تفصلني من عملي , تنكرني وتحرمني من رؤيتك ولن تعترف
بي , كلها قاسية ومدمرة لكن طلاقها أسوء بالنسبة لي "
أشار للورقة مجددا وقال " كل ذلك هين أمام ما ستراه إن لم توقع الآن "
نظرت للواقفة هناك لم يبدر منها أي رد فعل وكأنها تعلم بما ينوي ولم تناقشه
أبدا ثم قلت " إن طلبت هي ذلك أفعلها وغيره لا ولا على قطع عنقي "
نظرت لي بصدمة والتفت هوا لها وقال بحزم " انطقيها هيا وبسرعة "
نظرت لي من فورها فنظرت لها بجمود وجدية وكأني أخبرها أن كل شيء الآن
بيدها فهي يمكنها الخروج معي من هنا فورا وخالي سيرضى إن عاجلا أو آجلا
وهي تعلم ذلك جيدا أو ستكون السبب في فراقنا الأبدي ولن تلومني حينها لأن
الأمرين بيدها وهي تعلم هذا جيدا , نظرت للأرض وقالت بشبه همس
بالكاد سمعته " وقعها "
فماتت جميع حواس وعلقت نظراتي المصدومة بوجهها , هل بعتني بسهولة
هكذا يا ترجمان !! في لحظة قررتْ هذا القرار المصيري وكأنها تقول لي عمي
أهم ووجوده بجانبي أفضل ولا أستطيع اختيارك عليه !! تحركت جهة الطاولة
بخطوات ثقيلة بالكاد تحملني وأجرّها جرا حتى وصلت للورقة ووقعتها دون أدنى
تفكير ولا تراجع لأن أي لحظة تردد سأهين فيها نفسي أكثر وسأترجاهما وهذه لن
أفعلها أبدا , وقعت الورقة وأشعر أني وقّعت على نهاية سعادتي على مشنقتي لكن
غضبي منها وقتها كان كفيلا بأن يدمر كل شعور آخر , ما أن وضعت القلم التفت
من فوري مغادرا من حيث أتيت ولم أضف حرفا ولم يتحدث أي منهما , وما أن
وصلت باب الشرفة حتى أوقفني صوت خالي قائلا " انتظر "
وقفت مكاني والتفت له نصف التفات متجنبا النظر للواقفة هناك من أصبحت
من اللحظة شيء لا يخصني وليس لي , قال من فوره " مفتاح الباب "
أدخلت يدي في جيبي وأخرجته وعلقته له في باب الشرفة كي لا أرجع للخف ولا
أراها ثم خرجت من هناك كما دخلت , لا ليس كما دخلت من قال أنهما متشابهان
وصلت الباب الذي دخلت منه محاولا أن لا أفكر في شيء مما حدث وكأن عقلي
يقول لي تصور أن شيء لم يكن ولم يحدث , حركت قفل الباب مرارا وتكرارا
وبلا فائدة لأكتشف أني أغلقته وقت دخولي وها أنا سجين سور المنزل ولا
يمكنني الخروج منه , لكمت الباب الحديدي مرارا وتكرارا وكأني أفرغ فيه
غضبي من كل ما حدث ثم جلست مستندا عليه فلا خروج لي من
هنا قبل الصباح بالتأكيد
*~~***~~*
بعدما أفرغت كل ما بها بلكمها لصدري حتى آلمته بشدة اتكأت عليه بجبينها
ممسكة قميصي بقبضتيها وانهارت باكية فضممتها لحضني بقوة وقلت
" كان كل واحد منا ينتظر الآخر يا سراب وما كان ذاك سيجدي وعلى
أحدنا أن يتنازل ويشرح ويوضح "
دفنت وجهها في صدري وقالت بعبرة " كنت تعلم كل ما في داخلي لك
ومن قبل أن أخرج من هذا المنزل , أنت من كان يجب أن يوضح وأنا
من كنت أحتاج توضيحك "
ضممتها أكثر وقلت مبتسما " وها أنا قلتها وكررتها وأنتي لم أسمعها
منك فلا تنسي ذلك "
ابتعدت عني وقالت بضيق " ولن تسمعها "
راقبتها مبتسما وهي تتوجه للسرير ونامت في طرفه الآخر وحضنت الوسادة
مخبئة فيها وجهها وشهقتها التي لم تتوقف بتوقف بكائها فتوجهت للخزانة
وأخرجت لحافا آخر لأنها أخذت لحاف السرير لوالدتها وجلست على
الطرف المقابل من السرير وقلت " سراب "
فقالت من فورها ولازالت مولية ظهرها لي تدفن وجهها في الوسادة
" لا تتحدث معي "
قلت مبتسما " حاضر فقط توقفي عن البكاء "
قالت من فورها " ولا تلمسني "
قلت بذات ابتسامتي أراقب جسدها المنكمش على نفسه
" أوامرك "
قالت مجددا " ولا تنم بدون قميص "
ضحكت بصمت وقلت " لا هذه لا أقدر عليها فلن أنام حينها أبدا "
لم تعلق بشيء ففتحت اللحاف المطوي وغطيتها به حتى كتفيها وعضضت
شفتي بقوة وأنا أراقب ما يظهر من ملامحها ولم أستطع تمالك نفسي فقبّلت
طرف خدها سريعا فجلست من فورها وضربتني بالوسادة قائلة بضيق
" ألم أقل لا تلمسني لما لا تفهم "
أمسكت الوسادة منها وقلت مبتسما " ألا يكفيك ضربا لي ؟
يكفي ضلوعي التي حطمتها "
استلت الوسادة مني وعادت للنوم وغطت رأسها باللحاف فقلت
" سراب ألم نتحدث ونتصافى واعتذرت عشرات المرات ؟ لا
تكوني ظالمة "
قالت بسخرية من تحت اللحاف " ظالمة !! أنا أصحبت الظالمة الآن "
تنهدت باستسلام واضطجعت مكاني ونظري على ظهرها الذي توليه
لي وقلت بعد وقت " سراب "
تأففت وقالت " آسر إن كنت نمت مرتين نهارا ولا تشعر بالنعاس
فأنا أريد أن أنام "
قلت باستسلام " أمري لله , المهم أردت أن أقول لك أني أحبك "
لم تعلق بادئ الأمر لكنها قالت بعد قليل " كم تمنيتها وبخلت بها حتى
أفسدت طعمها "
قلت ممسكا ضحكتي " ضننت أن تاريخ صلاحيتها من فتح العلبة "
قالت ببرود " ما أسخفكم الرجال حقا "
قلت مبتسما " وأنتن النساء لا تقدرن مشاعرنا "
قالت بضيق " اصمت "
ضحكت وقلت " لما أنا تقبلتها وأنتي لا "
لاذت بالصمت ولم تعلق فانقلبت على ظهري وغبت بنظري للسقف متجنبا
النظر ناحيتها كي لا أضعف وآكل منها توبيخا معتبرا , مر وقت طويل حتى
ظننتها نامت لكنها قالت بهدوء حزين " حين كنا صغيرات وكانت أحلامنا
حدودها حلوى كبيرة لم تصنع بعد وألعاب كانت سراب تحلم بأكثر من ذلك
بمنزل كبير وخادمات وعائلة وشقيقتيها شقيقات لها فعلا , كان الحلم يكبر
معي رغم أنه نصفه مستحيل جينيا والنصف الآخر مستحيل عقليا "
اتكأت مستندا بمرفقي أنظر لقفاها بصمت وتركت لها المجال لتتحدث وتابعت هي
من فورها " كنت أتسأل لما ليس لنا أم وأب ؟ لما العجوز لا تقرب لنا ؟ ولماذا دُرر
الطفلة مثلنا من تعتني بنا من تحضن التي تبكي إن وقعت أو ضربها أحد ؟ لما هي من
تمسح الغبار عن ثيابي وتغسل لي قدماي ويداي عندما أدخل من لعبي في الخارج وهي
لم تتعدى السبع سنين بعد , حين أمرض أجدها جالسة بجواري ما أن أستيقظ ليلا وأضن
أنها تبكي لأني مريضة وأخبرها أني سأكون بخير غدا وأستغرب لما دموعها لا تتوقف
واكتشفت فيما بعد أنها تبكي شيئا أبعد من يوم غد ذاك , تبكي هذه الأيام التي نعيشها الآن
شابّات , أحيانا أفكر لو أنها لم تكن معنا لم تكن تعضنا طوال الوقت وتراقبنا وتوبخنا
ونحن نمر بمرحلة المراهقة يوم بيوم وعام بعام ما كان سيكون مصيرنا ؟؟ ثمة رجل
تتوجه دُرر بدعائها له في كل صلاة تصليها يوميا ومنذ كانت في العاشرة أي
خمسة عشر سنة في خمس صلوات يوميا أتعلم من يكون ؟ "
لم أعلق طبعا فتابعت " هوا زوج المرأة التي كانت تساعدها في طهوا الطعام الذي
تبيعه وتعطيها أجرا عليه فهوا كان رجل دين إمام مسجد الحي وكان يخصص ساعتين
من يومه ليعلم أبنائه ويوجههم وكانت دُرر تستقطع تلك الساعتين أيضا وإن كان الثمن
عقابا من العجوز إن رفضت إخبارها أين كانت وفي النهاية أصبح لا يوجد في مجلسهم
الديني ذاك غيرها فأبنائه مثلنا تماما رفضوا الجلوس , فعلّمها كل شيء كل ما يستوعبه
عقلها وسنها ولا يستوعبه وعلمها أحكام التجويد وجميع قصار السور حتى مات وبكت
عليه دُرر بكاء لم يبكوه أهله عليه , ليالي كثيرة أذكر أنها قضتها تبكي فيها طوال الليل
ويبدوا أنها لم تكن تبكيه فقط بل تبكي مجرد فكرة لو أنه لم يدخل حياتها كيف كانت ستكون
حين صرت في الثانوية كانت تجذبني الأحاديث عن الموضة وآخر الصيحات التي لا أراها
إلا في التلفاز الصغير الموجود في المنزل وأحلم بالحداء بالكعب العالي والفستان الحريري
القصير , لم أكن كدُرر وليس البشر جميعهم متشابهون , دُرر في ذاك الوقت كانت تفكر
في أن تتزوج وتخرج من هناك بأي طريقة رغم أنها كانت في السابعة عشرة أما أنا فكنت
أريد أن نخرج ثلاثتنا من هناك وكان حلمي كله أن أصبح ثرية ولدي منزل كبير نأوي له
جميعنا , أما ترجمان فلم تكن تفكر في أي شيء من ذلك كانت تعجبها حياتها سيدة نفسها
لا أحد يتأمر عليها ولا العجوز وشقيقها فقد صنع منها ذاك الرجل امرأة قوية غرضه أن
تكون في خدمته لكنها تمردت عليه هوا أيضا ولم تخف أحدا , كانت تقول أحيانا ( تخيلا
معي أن ما يحدث في الأفلام يحدث معنا ويظهر لنا عائلات وضعونا في الملجأ الذي
أخذتنا منه العجوز ) وأنا وهي نضع تصورا لتلك العائلة كيف ستكون وكان كلام دُرر
مختلفا ومبهما وهي تقول ( لا أريد أن يحدث ذلك أبدا لأن نظرة الناس لنا لن تكون كما
تصورنا وكما نريد ) كنت أستغرب حديثها ذاك وكيف لا تتمنى عائلة وأن تخرج من
هناك لكني الآن علمت فالناس بالفعل حكموا علينا بما وجدنا أنفسنا مجبرين عليه بأننا
عشنا في منزل ساحرة وشقيقها وبأن الشارع من ربانا لكنهم مخطئين أقسم بذلك "
لم تستطع متابعة حديثها بسبب العبرة التي غلبتها فاقتربت منها وأدرتها ناحيتي وضممتها
لصدري بقوة وقلت " أنا آسف يا سراب ومخطئ , أقسم أني أخطئت في كل كلمة قلتها
وأدركت كلام إياس وهوا يقول أننا لم نراعي البيئة التي عشتن فيها وأن كون أنّكن لم
تنحرفن في حد ذاتها معجزة وجميع الظروف كانت مواتية لذلك , لكن المجتمع ظلمكن
واستمر في ظلمه وحكمه عليكن ونحن أزواجكم أول من أخطأ ذاك الخطأ الفادح فالناس
أغلبها لم تعلم إلا أن الفتيات المختطفات ظهرن وعمِل العقيد رِفعت على إبهام الأمر
قدر الإمكان لأنه فكر بصواب عكسنا نحن رجاله اللذين خذلناه فعلا ولم يخطئ
حين قالها لنا "
*~~***~~*
بعد أكثر من نصف ساعة قضيتها مكاني تأخذني الأفكار وترميني كظلام
هذا الليل الذي غادره القمر التفت بسرعة لصوت الباب الرئيسي وهوا يُفتح
أوتوماتيكيا ومؤكد خالي من فتحه لأخرج فوقفت وغادرت من فوري وركبت
سيارتي وأغلقت بابها بقوة ومارست باقي غضبي على مقودها ألكمه بقبضتي
حتى ما عادت يدي تتحمل أكثر ثم شغّلتها وغادرت من هناك وتوجهت للمنزل
فورا بما أني أخذت الإذن للمغادرة الليلة ولا مزاج لي أبدا للعودة للمركز مجددا
وصلت المنزل في وقت قياسي بسبب قيادتي المجنونة في الشوارع الشبه خالية
ودخلت وصعدت لغرفتي من فوري ودخلتها وأغلقت بابها خلفي ونظرت باستغراب
لبيجامتي الجاهزة على السرير ! فمن وضعها وأنا لم أفعلها ولا أحد يخرجها لي من
قبل , التفت سريعا جهة باب الحمام الذي تحرك مقبضه ببطء فأخرجت سلاحي في
حركة سريعة وصوبته نحوه ولن أستخدمه طبعا حتى أتأكد وعليا معرفة من يكون
هذا الذي يقتحم غرفتي يوم عملي وقد يكون غريبا يدخل المنزل ولا أحد يعلم عنه
فمن سيستخدم بيجامة رجالية والحمام .... ؟؟ شعرت بغضبي اتقد حينها من مجرد
الفكرة وإصبعي أصبح يضغط الزناد تلقائيا حتى انفتح الباب ونزلت يدي لا شعوريا
وأنا أنظر بصدمة للتي خرجت منه بقميص نوم أحمر قصير شعرها الأسود الحريري
وصلت تدريجاته مغطية كتفيها ثم درعيها ثم خصرها , ولازال نظري المصدوم
معلق بوجهها لم أستوعب بعد وجودها ولباسها هذا وأنا .... ! أمالت رأسها
مبتسمة وقالت " قل ما أجملك على الأقل يا عديم الذوق "
قلت بصدمة لم تفارقني بعد " متى جئتِ هنا ومن أحضرك ولما
بعدما وقّعت ورقتك ؟ "
قالت مبتسمة وأصابعها تتخلل شعرها الطويل " عمي طبعا ومنذ
أكثر من ربع ساعة "
قلت بصدمة " مستحيل ... والورقة !! "
أشارت بإصبعها لطاولة التزيين فنظرت هناك من فوري وكانت ذات الورقة
عليها ولم ألحظ وجودها حين دخلت لأني انشغلت بالبيجامة وباب الحمام طبعا
توجهت نحوها فورا ورفعتها وقرأت ما فيها ثم نظرت لها بصدمة فقالت مبتسمة
" نصف المزرعة لي قد اشتراه عمي من شقيقاتك والنصف لك ولا تنسى البند
تحتها الذي وقعت أنت عليه وأنه من طلب منا الطلاق من الآخر تنازل عن
نصفه دون أن يأخذ قرشا واحدا ثمنا له "
هززت رأسي بعدم استيعاب ولم أعرف ما أقول فقالت بذات ابتسامتها
" طبعا لأن خالك كان يريد أن يكون عادلا للنهاية ولا يظلم أحدا منا "
قبضت على الورقة بقوة وقلت " خدعتماني إذا "
ضحكت ضحكة خفيفة عذبة وقالت " أنا عشت لأشهر على أعصابي
بسببك أنت وشقيقتك الشاحبة تلك فجرب نصف ساعة فقط ما تفعل "
رميت الورقة جانبا وقلت بغيظ متوجها نحوها " هل تعلمي ما سأفعل
بك الآن يا ترجمان "
تراجعت خطوتين للخلف وقالت مبتسمة " سأشتكيك له طبعا "
وصلت عندها وأمسكت ذراعيها العاريان مع خصلات من شعرها
الحريري وقلت من بين أسناني " أعاقبك ثم افعلي ما يحلو لك "
أغمضت عينيها بقوة وقالت " إن ضربتني فلن يرحمك أحد وأولهم أنا "
شددتها لي مصطدمة بصدري وأمسكت وجهها وقبلتها بقوة قبلة استجابت
معها سريعا ثم ابتعدت عني ودفنت وجهها في صدري وقالت مبتسمة
" ياله من عقاب رائع "
فضحكت ورفعتها بين ذراعاي ثم رميتها على السرير قائلا
" إذا لعلمك فعقابك لم يبدأ بعد "
أبعدت شعرها الذي تناثر على وجهها وقالت مبتسمة " لما لا
تغير ثياب الشرطة فهي تخيفني "
ثبتُّ ذراعيها بقبضتاي منحني عليها وقلت بمكر وعيناي في عينيها
" أنتي تخافي ؟ أعلم ألاعيبك جيدا وأن هذه الليلة لن تكون إلا كما
تريدين أنتي والنتيجة على رأسي أنا طبعا "
قالت مبتسمة " لن يحدث شيء فاذهب وغير ثيابك لا أريد لليلتنا الأولى
أن تكون كالمجرم والشرطي "
ضحكت وتنقلت بنظري في تقاسيم جسدها فقالت بضيق " إياس توقف عن
النظر لي هكذا , أكره هذا النوع من النظرات "
ضحكت ونظرت لعينيها وقلت " وكيف تريدي أن أنظر لقميص أحمر
شفاف يحتضن جسدا غضا ناعما ببشرة بيضاء "
قالت بذات ضيقها " لا دخل لي لا تنظر لي بهذه الطريقة "
ضحكت وقلت " حسنا أخبريني الآن سر المزرعة ولما لم تأخذي رأيي
وأنا أخبرتك أني أريد شرائها لنفسي "
حركت كتفها وقالت " لا علم لي بشيء , كل ذلك كان من تخطيط عمي "
قلت بنصف عين " ووجوده في غرفتك ؟ "
ضحكت وقالت " من تخطيطي طبعا "
اقتربت من وجهها قائلا بهمس " محتالة "
فقالت بهمس لحظة انهماكي في تقبيل عنقها وشعرها " لعلمك فقط أنا
أصور كل ما يجري الآن وأنت تعلم جيدا القوانين المترتبة على هذا
اللباس الذي تلبسه حضرة الضابط "
قفزت مبتعدا عنها ونظرت حولي قائلا بغضب " وفي كل الحالات ما
كان عليك تصويرنا يا متهورة "
وقفت من فورها ودفعتني جهة الحمام قائلة " تحرك للحمام فورا
فأنا لم أفقد عقلي بعد "
*~~***~~*
انقلبت يمينا ببعض الصعوبة وصدر مني أنينا خفيفا فشعرت بأصابعه
أمسكت بكفي وقال بصوت ثقيل " دُره ما بك حبيبتي ؟ "
نظرت لوجهه المقابل لي على النور الخفيف للغرفة وقلت " لا شيء أواس
أشعر بثقل طبيعي سيضايق نومي حتى ألد "
رفع يدي لوجهه وقبّلها وقال " بل لأنك أرهقتِ نفسك اليوم "
قلت مبتسمة " وما الذي فعلته سيرهقني ؟ جالسة طوال الوقت والخادمات
وأمي وخالتي تحت أمرتي كالملكة "
قبّل يدي مجددا وقال " لا تنسي أنك مستيقظة من الفجر وجالسة طوال
النهار , هذا وحده سيتعبك وأنتي مهملة حد الإهمال في صحتك "
ضحكت ضحكة خفيفة وشددت يده المحتضنة ليدي ودسستها في حضني
وقلت " كل هذا وأُهمل صحتي ؟ ابنك هذا بما أنه ما مررت به وقت
غيابك لم يقتله فلن يقتله شيء أبدا "
جلس متكئا على ظهر السرير وقال " ومن قال أني أفكر فيه إن
عاش أو مات ؟ أنا خوفي عليك أنتي "
قلت ناظرة له بعبوس " ألهذا الحد لا يهمك ابننا ؟ "
ضحك ومسح على شعري قائلا بابتسامة " ومن قال هذا ؟ اقسم أني حين
علمت بحملك وأني لن أراه ولن أكون معكما كدت أفقد عقلي "
تنهدت وقلت بحزن ناظرة للسقف " لا أعادها الله من أيام , كم كان
اختبارا قاسيا يا أواس وأرجوا من الله أننا نجحنا فيه "
تنهد تنهيدة طويلة وقال " أتعلمي دُره حين جلست وفكرت مع نفسي اكتشفت
أن ما حدث وما أوهمتني وجد به وانعزالي عنك كل ذاك الوقت ليس هوا
الاختبار الفعلي ولم يكن سوا المقدمة "
نظرت له باستغراب وقلت " تحدث أواس فكتمك لكل ذلك سيؤلمك
ويؤذيني يا قلب دُرتك "
نظر لي ومرر أصبعه على ذقني قائلا " الرجل الذي كان يزوروني هناك
والشخص الوحيد الذي كنت أراه هل تعلمي ما قال لي يوما ؟ "
قلت من فوري " ماذا ؟ "
نظر بعيدا وقال بنبرة فيها سخرية ومزيج مرير من الألم " قال أنه ثمة
شقيقتين مصابتان بنفس مرضي وتُتخذان تسلية للمصابين مثلهما
وعرض عليا أن يحضر لي إحداهما ... تصوري ؟ "
شهقت من الصدمة واضعة يدي على فمي فنظر لي وقال بذات تلك النبرة
" ولست أعلم في غمرة يئسي ذاك من كل شيء حولي كيف رفضت عرضه بل
ووبخته على تفكيره في ذلك وكلما تخيلت الآن أني فعلتها ثم علمت ما علمت
عن كذبة مرضي ما كان سيكون مصيري , أقسم أن أفعلها وانتحر "
هززت رأسي وقلت بصدمة " كيف عرض عليك مثل ذلك ؟ "
قال بسخرية " ليس الجميع يفكر مثلك ويخاف الله يا دُرة فكيف إن كان رجلا
مسيحيا , أحيانا أفكر لما رفضت ذلك حقا ؟ ما مزيج الشعور الذي انتابني
حينها ؟ واكتشفت أنه كان خليطا من الخوف من مصيري من الله حين ألقاه
ووفاءً للإنسانة التي صانتني فلن أكون كما كانت زوجتي الأولى "
قلت محدقة فيه " بالفعل كان اختبارا قاسيا ضمن آخر أقسى منه "
تنهد وقال " كانت مرحلة ومرت والحمد لله "
قلت قبل أن يوقف الحديث ككل مرة " ولما أتيت أواس ؟ كيف
علمت أنك لست مصابا "
نظر لي وقرص خدي وقال مبتسما " كم مرة قلت لا أريد
التحدث عما فات "
قلت برجاء " هذه فقط أقسم أنك سترتاح منه تماما عندما
تفرغه من قلبك "
قال من فوره " خِطاب من الوزارة وصلني هناك لآتي "
قلت بصدمة " الوزير !! "
هز رأسه بنعم وقال " واعترفي الآن هل قابلتيه وطلبتي منه ذلك ؟ "
أبعدت نظري عنه وقلت بحزن " نعم لكن لقائنا كان قاسيا , وشبه وبخني وقال
أنه اختيارك وأنك أعلم الناس بأنك لن تستطيع البقاء وأني أوشيت بمرضك
لرجل يطبق القانون في البلاد وكدت أورطك ويحتجزوك لولا أنه قال
بأنه سيتغاضى عن الأمر إن أنا أوقفت البحث عنك "
قال بصوت مبتسم " وصدقتيه يا دُره ؟ "
نظرة له باستغراب فقال من فوره " الوزير كان أذكى من أن يفوته أمر
كهذا وما قال لك ما قاله إلا لأنه رجّح أمرين ولم يرد أن يعلقك
بالأمل الذي قد يكون كاذبا "
قلت بصدمة " تعني أنه اكتشف كل شيء قبلك ! "
قال من فوره " ومن وقت أخبرته فعقله يا دُرر لم أرى مثله حياتي فأول
خطوة قام بها بعد رحيلك أن استجوبوا وجد وأخرج الحقيقة منها رغم أنفها
ثم أرسل لي لأذهب لرؤيتها ورؤيتك أو قام بتسليمي واحتجازي وهوا
يعلم أني بذهابي لها سأعلم كل تلك الحقيقة "
قلت مبتسمة " إذا صدقت زوجته حين قالت لي أنه سيساعدني وأنها
تعرفه جيدا وسيفعلها "
قال مبتسما ومررا أصبعه على طرف وجهي " نامي هيا فلن
أنام حتى تنامي وترتاحي "
قلت باستياء " وما هذا الحكم الجائر على نفسك فأنا لا أعود للنوم
سريعا هكذا طبعي , وأنت متعب ولم تنم من الفجر "
انحنى لجبيني وقبّله ثم قبّل أنفي ثم شفتاي وقال " لن أستطيع النوم
في كل الأحوال فنامي هيا "
أغمضت عيناي وقلت " حسنا ها قد نمت "
ضحك وقال " لا تضحكي عليا يا دُره فأنا أعرف تنفسك
وأحفظه كاسمي "
قلت ناظرة له " يشغلني أمر سراب وترجمان كم أتمنى أن تسعدا مثلي
أكره أن أرى حزنهما وإن كانتا تخفيانه "
قال بابتسامة " أنتي لما لا تتوقفي عن التفكير في الناس وفكري
في نفسك وصحتك "
قلت بحزن " لن يشعر أحد بما يربطنا ثلاثتنا , هل تعي معنى أننا عشنا معا كل
طفولتنا ومراهقتنا , كل تلك الأيام بسعادتها وتعاستها , كنا إن مرضت إحدانا
سهرتا الأخريين بجانبها تبكيان عليها حتى الصباح , لم نجد غير بعضنا أواس
فقد بحثنا عند بعض عن الأم وعن الأب عن الحنان وعن الأمان وعن كل شيء
فكيف لا أفكر فيهما الآن , أقسم أني كل يوم أتمنى أن أسمع خبرا يفرحني
عنهما وأنهما استقرتا مع زوجيهما وقسما لولا الحياء والدين لكنت تحدثت
مع صديقاك بنفسي وترجيتهما "
قال ماسحا على شعري " لا تقلقي حبيبتي أخبرتك أنهما يحبانهما ومهما
طال الزمن مصيرهم سيرجعون لبعض صدقيني "
قلت بهمس " كم أتمنى ذلك "
وضع كفه على عيناي وقال مبتسما " والآن نامي هيا "
ضحكت وشعرت بحركة ابني القوية وكم انتظرتها في وجوده فأمسكت
يده فورا ووضعتها على مكان حركته وقلت ناظرة له " أنظر أواس
هل تشعر بحركته ؟ "
أبقى يده مكانها ينظر للفراغ وكانت حركته ما تزال مستمرة ثم نظر
لي وقال بصدمة " ما هذا الذي يفعله ! "
ضحكت وقلت " يتحرك طبعا أو يبدوا حديثنا لم يرق له "
أبقى يده مكانها ونظر لي وقال باستغراب
" لا زال يتحرك دُره , ضعي يدك "
قلت مبتسمة " نعم أواس أشعر بها دون أن ألمسها "
أبعد يده ما أن توقفت حركته وقال بجدية " لتعلمي أنه متعب أيضا بسببك
لذلك ستتسوقين عبر الإنترنت وكل ما يعجبك سيأتي لعندك "
قلت بضيق " لا أواس أريد فعلا أن نختار نحن ما نريد وما يحتاجه أرجوك "
تنهد باستسلام وقال " إذا لن نخرج مرة واحدة ولن نتأخر كي لا تتعبي مفهوم "
قلت مبتسمة " مفهوم ... أوامرك حضرة المقدم أواس "
ضحك وقال " نامي إذا واسمعي الأوامر "
قلت ناظرة له " حاضر لكن ثمة أمر آخر واحد فقط "
أشار بسبابته فقلت مبتسمة " قسما أنه واحد فقط ثم سأنام "
قال مبتسما " حسنا موافق "
قلت ناظرة لعينيه " هوا سؤال كم جال في خاطري أواس ومنذ
أول مرة تحدثت فيها معي "
نظر لي باستغراب فقلت مبتسمة " لما تناديني دُره ؟ هل أنا من
طلب منك ذلك في طفولتي "
قال مبتسما " ألا يعجبك ؟ "
قلت من فوري " بلى وكم افتقدت مناداتك لي به الشهور الماضية
بمقدار ما افتقدت وجودك معي "
قال ماسحا على شعري " لأن اسمك لم يعجبني "
نظرت له بصدمة فضحك وقال " لا أعني أنه قبيح لكن معناه يحكي
مجموعة من الدرر وأنا منذ رأيتك أردتك لي أنا .. أنا فقط , وكلما ناديتك
دُرر شعرت بأنك لست واحدة لست لأواس فقط فأنتي في نظري دُره
واحدة فقط , واحدة ولي أنا وحدي "
أغمضت عيناي وقلت مبتسمة " ما أسعدني بك أواس , أنت لا مثيل لك
ولا واحدة مثلي حضت بمثلك في الوجود "
وبالفعل تغير أواس السابق كليا , مات فعلا ذاك البرود والصمت وتلك النظرة
الحزينة الشاردة والنبرة الجافة الآمرة , متأكدة أن بعض أطباعه من الصعب
أن تتلاشى لأنها طباع فيه منذ صغره لكني أراه يحاول بالفعل أن يكون شخصا
آخر , إنسان مختلف كل الاختلاف عن السابق وأقسم أني أحبه في كل حالاته
شعرت به استلقى على السرير فقلت بهمس وعيناي مغمضتان
" أحبك أواس "
قال بذات الهمس وبحزم " أشششش نامي الآن ولا تغضبيني فينام
كل واحد منا في غرفة "
ابتسمت ولم أعلق فهذا الطبع الذي لن يختفي فيه سرعة غضبه وكم
هوا رائع في نظري مثلما كان يكون
*~~***~~*
بعد وقت طويل قضته في حضني بكت فيه كل شيء ولامت الجميع أنا ووالدها
ووالدتها والعجوز التي اختطفتهم وعمها وحتى العقيد رِفعت لم ينجوا من لومها
نامت دون شعور منها , وحين خرجتُ فجرا تركتها نائمة وحين عدت كانت قد
نامت قبل وصولي ومؤكد تهرب مني هذه المحتالة , نمت بعدها أيضا ولم أستفق
إلا على صوت الباب الذي أغلقته خلفها وهي تغادر الغرفة فنظرت للساعة فكانت
التاسعة ومؤكد والدتها ستكون استيقظت , بقيت مكاني أفكر في كل ما حدث معنا
البارحة وكل ما تحدثنا عنه من عُقد وصعوبات طفولتنا لحاضرنا , كنا نحتاج هذا
فعلا , نحتاج أن نضع حجر الأساس لحياة مستقبلية بعيدة عن التعقيدات , هي حاولت
سابقا أن تشرح كل ذلك وأنا من كنت أرفض الاستماع مثلما أرفض التحدث والنتيجة
كانت أننا كدنا نفترق للأبد لو لم تتحلى هي بالحكمة ولم تتهمني ظلما لأني ما كنت
سأضمن ردة فعلي , وأعترف أني أخطئت كثيرا لكني أردت حقا وقتها أن أقطع حبل
الوساوس والظنون , بعد وقت انفتح الباب فأغمضت عيناي فمؤكد جاءت لتخبرني أن
الفطور جاهز وستستغرب أني نائم حتى الآن فلأرى أي طريقة ستوقظني بها رغم
أني أجزم أنها سترميني بالوسادة وستقول أنها وقعت بالخطأ فلن تسامحني سريعا على
ما يبدوا , مر وقت قليل لم تتحرك ولم يصدر عنها أي صوت ولست أعلم ما تفعل كل
هذا الوقت وكدت افتح عيناي لولا اقتربت خطواتها مني حتى أصبحت أشعر بوجودها
وبرائحة عطرها وما هي إلا لحظات وشعرت بشفتيها على خدي ومن المفاجأة فتحت
عيناي وأمسكتها ورميتها على السرير بجانبي على صوت صرختها المصدومة
فتبّثها جيدا بيداي ممسكا ذراعيها وقلت مبتسما " أمسكتك "
قالت محاولة التخلص مني " ابتعد فضحتنا مع والدتي , ما ستقول الآن
وهي تسمع صرختي ؟ "
قلت مبتسما بمكر " تقول زوج وزوجته إما يتشاجران أو .... "
وباغتّها بقبلة لم أتركها رغم كل محاولاتها حتى تجاوبت معي وما أن أرخيت
قبضتاي حتى دفعتني وغادرت السرير قائلة بضيق " الفطور جاهز إن
أردت أو تابع تمثيل النوم "
ضحكت وغادرت السرير والغرفة وكانت خالتي تجلس في الخارج وقالت
مبتسمة ما أن رأتني " صباح الخير "
غمزت لها بعيني وضحكنا معا ثم دخلت الحمام غسلت وجهي وخرجت
وجلست معها فخرجت سراب في الفور وفي يدها صينية الفطور وقالت
وهي تضع الأطباق على الطاولة " تحرك والبس ثيابك "
لم أهتم لها فوقفت على طولها وقالت واضعة يديها وسط جسدها
" أمي هل يعجبك حاله هكذا بقميص داخلي فقط أمامك كالصعاليك ؟ "
ضحكت خالتي وقالت " منزله وسيأخذ راحته فيه لا مشكلة عندي "
تأففت وجلست قائلة " لن أنساها لك وسأردها أمام عائلة عمك "
نظرت لها بصدمة فهزت رأسها وقالت " نعم ولك أن تتخيل "
ضحكت وقلت " لن تستطيعي أعرفك جيدا "
قالت خالتي مبتسمة " أنتما تقضيان الوقت كله هكذا تتشاجران ؟ "
لم تعلق هي وانشغلت بدهن قطعة الخبز بالجبن فقلت ناظرا لها بنصف
عين " لن أحكي لك خالتي كم كنا نتقاذف الكلمات كالكرة , كانت أياما "
نظرت لي بصدمة وقالت " وقل أنك تتحسر عليها وتريد أن تعود "
ضحكت وقلت " لا أبدا من قال هذا ؟ "
قالت خالتي مبتسمة " وما خطّطتما للمستقبل "
قلت من فوري " يبدوا أني سأبدأ البحث عن مزرعة صغيرة
وأقدّر ثمنها من الآن "
قالت سراب من فورها " لا بل سنجمع المال لمشروع صغير أولا وهذا
المنزل يفي بالغرض لبعض الوقت والمنزل الجديد يمكنه الانتظار "
قالت خالتي " فكرة جيدة "
نظرت لها مبتسما فهذه إشارة جيدة منها فقد اقتنعت أن مستقبلنا سيكون معا
قلت ولازلت ناظرا لملامحها " وما اقتراحاتك للمشروع ؟ فأنا أيضا
أراها فكرة ممتازة "
حركت كتفيها وقالت ونظرها على كوب الشاي الذي تحرك سكره بالملعقة
" علينا أن ندرس جميع المشروعات المتاحة لنا ولا نتسرع "
قالت خالتي " مال والدك موجود يا سراب وأنتي بحاجة له الآن "
تركتُ لها المجال ولم أتحدث فرفعت نظرها لوالدتها وقالت " آسر لن
يرضى بذلك وأنا لا أريده يا أمي ولن أسمح أن نصبح من الأغنياء
فسأسحق ماله بالأبناء الذين لن أتوقف عن إنجابهم "
انطلقت ضحكتي حينها وضحكت خالتي وقالت " ولما المشروع إذا ؟
فراتب زوجك يمكنك سحقه بهذه الفكرة "
قالت ولازالت تتجنب النظر جهتي " المشروع كي نشتري منزلا هنا
في العاصمة وندخر مالا لمستقبلنا فلا أريد الابتعاد عن شقيقتاي
يكفي أنتي بعيدة عني "
قلت ناظرا لها " إياس وزوجته قررا العيش في المزرعة أي أنك
ستقتربين منها "
نظرت لي وقالت بصدمة " متى قررت ذلك ! ولما لم تخبرنا ؟ "
قلت مبتسما " لا أعلم ؟ زوجها من قال لي "
رفعت الكوب وقالت من بين أسنانها " سترى تلك المحتالة "
قالت خالتي " وهذه الأرجوحة عليكم جلب غيرها أو نزعها من الآن "
نظرنا لها كلينا باستغراب فضحكت وقالت " حلمت لك حلما
يا سراب وستنجبين تؤما "
شهقت بقوة وقالت بصدمة " تؤم !! "
وضحكتُ أنا وقلت " ويا مرحبا بالثنائيات الثنائيات "
وكزتني بمرفقها وقالت " أنجبهم أنت لنرى "
ضحكت وقالت خالتي " هل لديك علم أني وخالتك والدة آسر تؤمان وأن
جدتي أنجبت والدي وشقيقه وفتاتان تؤمان ماتتا رضيعتين "
قالت بصدمة " والمعنى ! "
ضحكت وقالت " خلفتكما ستكون توائم دائما "
نظرت لها بصدمة ووقفت سراب على طولها وقالت ويداها وسط جسدها
" ومن قال هذا ؟ فآسر ابن واحد لا تؤم له "
نظرت لها فوقي وقلت مبتسما " بلى كنا تؤمان وولِد ميتا وعشت أنا "
نظرت لي بصدمة ثم لوالدتها وضربت قدمها بالأرض وقالت " لم يخبرني
أحد عن هذه الجينة الوراثية لما كنت تزوجته "
نظرت لخالتي وقلت " لم تخبرينا كانا في الحلم طفلين ذكرين أم أنثيين
أم خليط منهما ؟ "
ضحكت وقالت " لا أعلم ولا تستعجل فسيأتيك من كل ذلك "
قالت سراب مغادرة جهة المطبخ " في منامك هما اثنين أو أربعة فقط "
ودخلت تتذمر متمتمة فقالت خالتي مبتسمة " ستتخطى الصدمة ولا
مفر لها من التوائم "
قلت مبتسما " ما يعطيه الله كله خير "
ضحكت وقالت " لن يكون الأمر سهلا فعليكما البدء بذاك المشروع قبل أن
يكثروا واستغل منزلها الحالي لا تجعلها تشعر أنك تعاملها كغريبة بني "
تنهدت وقلت " أريده أن يبقى لها وباسمها خالتي فمن يضمن المستقبل
وما فيه خاصة بعد خبر التوائم هذا "
قالت من فورها " أخبرها بأفكارك إذا وبسبب رفضك أخذه منها ولا
تكررا أخطاء الماضي "
هززت رأسي بحسنا فنظرت لساعتها وقالت " عليا الاتصال بالسائق
ليأتي لأخذي "
قلت من فوري " ولما الاستعجال هكذا فسراب لن ترضى بمغادرتك "
وقفت وقالت مبتسمة " المراد بمجيئي وتحقق وتصالحتما فلا داعي
لبقائي أكثر وستكون بيننا زيارات عديدة "
ثم قالت مهددة بإصبعها " وحين تنجب ابنتي لن تترك منزلي قبل
الأربعين مفهوم "
ضحكت وقلت بصوت مرتفع لتسمعني التي في المطبخ " قولي شهرين
في كل مرة حتى يخف بكاء التوائم قليلا "
صرخت حينها من الداخل " لن ننجب أبدا فاطمئن "
ضحكنا معا وقالت خالتي " لا أوصيك بها يا آسر لتكن في عينيك "
قلت مبتسما " أوصني على أي شيء إلا هي فهي في قلبي "
ابتسمت وغادرت جهة الغرفة فوقفت وحملت بعضا من الأطباق ودخلت بهم
للمطبخ وكانت هي منشغلة بإخراج شيء ما من الخزانة تقف فوق علبة طلاء
كبيرة فوضعتهم وتوجهت نحوها وأمسكتها من خصرها فصرخت قائلة
" أتركني سأقع "
أنزلتها وضممتها من ظهرها لصدري بقوة وقبلت خدها وقلت
" كم أعشق هذه المرأة يا بشر "
ضربت ساعدي بقبضتها وقالت " أبتعد قبل أن ترانا والدتي "
ضحكت وقلت " ياله من كلام رائع ردا على تغزلي بك "
أبعدت يداي ودارت جهتي وطوقت عنقي بذراعيها وقالت ناظرة لعيناي
" سنبيع منزلي ذاك "
كنت سأتحدث فسبقتني قائلة " ونشتري هذا ونسجله باسمي وباقي المال
نوسع به المطبخ ونبني غرفة أخرى لفريق التوائم القادم "
ضحكت وشددتها من خصرها وقلت " فكرة مقبولة كي لا نبقى ندفع ثمن
إيجار المنزل , لكننا سنبني غيره وننتقل له يا سراب مفهوم "
اتكأت بجبينها على ذقني وقالت بهمس " لا يهم عندي , لم تعد تلك الأمور
تعنيني ففي منزل عمي الفخم ذاك لم أشعر بالسعادة قط "
ضممتها لحضني برفق وقلت " أجل المهم أننا معا في أي
مكان وحال كان "
*~~***~~*
نزلت السلالم أراقب المقتربة منه تعد بأصابعها حتى وصلتْ ورفعتْ
نظرها وشهقت بقوة وقالت " ترجمان !! ما أحضرك هنا ؟ "
ضحكت وقلت متابعة نزولي " سؤال سخيف حقا , أعتقد أنه منزل زوجي "
قفزت العتبتين المتبقيتين بيننا وضمتني بقوة وقالت " يالها من مفاجأة سارة "
ثم ابتعدت عني ونظرت لي وقالت باستغراب " وأين إياس ؟ "
ضحكت وقلت " نائم ويشخّر أيضا "
شدتني من يدي وسحبتني معها راكضة بي وأنا أضحك قائلة
" انتظري يا مجنونة أين تأخذينني ؟ "
لكنها لم تكترث لي حتى وصلنا لغرفة عمتي وفتحت بابها ودخلت
بي قائلة " أمي انظري من نام في منزلنا البارحة "
وقفت عمتي من فورها وتوجهت نحوي وحضنتني وقالت بسعادة
" مرحبا بك في منزلك يا ترجمان وحمدا لله أن جمع شملكما "
ابتعدت عنها مبتسمة والتفتنا للذي وقف عند باب الغرفة وقال مبتسما
" عاد الضجيج لمنزلك يا أمي فابنتك وابنة شقيقك اجتمعتا مجددا "
ضحكت وقالت " مرحبا بضجيجهما وأسأل الله أن يملئه ضجيج
أبنائكما قريبا "
ضحك وغمز لي وقال " بدأنا الرحلة ولن نتأخر "
عضضت شفتي مهددة له وقالت عمتي باستغراب " ما قصدك بهذا ؟ "
نظرتُ لها فكانت تنظر لي فقلت بابتسامة كرتونية " قصده أننا نريد
فطور عروسين حقيقيين اليوم "
شهقت بصدمة ثم نظرت له وقالت بضيق " وأنا حين قلت لك لما لا تذهبا
لطبيبة وتريا سبب تأخر حملها قلت أنكما تريدان تأجيل الأمر قليلا "
ثم نظرت لي وقالت بذات ضيقها " وأنتي حين سألتك صباح زواجكما لم تنكري "
رفعت يداي وقلت مبتسمة " اللوم على ابنك فهوا من قال أن لا أخبر بشيء "
صفقت سدين وقالت " المهم الآن نريد غداءً معتبرا وليس من يداي طبعا
وسنخرج لمطعم "
قالت عمتي من فورها " مطعم !! وما نفعل بطعام المطاعم ؟ سنأكل هنا "
قالت بعبوس " أمييي لا تفسديها رجاء "
ضحك إياس وقال " لن نذهب من دون أمي أو لن تذهبي معنا أما نحن
فغدائنا في الخارج "
نظرتْ لعمتي من فورها فقرصت لها ذراعها قائلة " كم مرة قلت لا
تحشري نفسك بينهما واتركيهما يخرجان وحدهما "
مسحت ذراعها وقالت بتألم " آي , ما ذنبي أنا ؟ ألا يحق لي أن أخرج أيضا "
كانت ستضربها ففرت هاربة واختبأت خلف إياس قائلة " رزقني الله زوجا
يشعر بي ولا يمن عليا أحد "
ثم فرت هاربة قبل أن تعلق عمتي التي قالت مبتسمة ما أن غادرت
" أسأل الله أن يعوضها خيرا مما فقدت "
نظرت لها وقلت مبتسمة " ومتى رضيتِ عنها هكذا ؟ "
قالت من فورها " ابنتي ولن يشعر بها أحد مثلي , ومهما غضبت
منها أريد لها الخير وأن تكون سعيدة "
نظرت لإياس وغمزت له وقلت " سيأتيها قريبا عريس لن تحلم به أبدا "
قالت باستغراب " من يكون هذا ؟ "
قلت مبتسمة " شقيق دُرر لو لم ترفضه ابنتك المجنونة "
قالت من فورها " أقطع عنقها إن فعلتها , وورائها ورائها إلى أن
أجعلها تتزوجه كشقيقتها في بسام "
ثم قالت مغادرة الغرفة " من يأتيها شاب مثله وترفضه ؟ هل هي فوضى "
تبعتها مبتسمة فأمسكت يد بذراعي وهمس صاحبها في أذني قائلا
" للغرفة فورا , أريدك في أمر مهم "
فررت منه بسرعة وقلت مبتعدة " أتركه لبعد الغداء لا مشكلة "
وتوجهت للمطبخ مسرعة ودخلت وكانت سدين هناك تمسك ملعقة خشب في
يدها وتعد بها على أصابعها وتتأفف وتعيد فصرخت فيها لتقفز مفزوعة
وضربتني بها وقالت " أفزعتني يا حمقاء , كم كانت حياتي هادئة
وأنتي هناك "
ضحكت وقلت " ما هذا الذي تحصيه طوال الوقت ؟ لا يكون سنين عمرك "
أشارت لي بأصابعها وقالت " أصغر منك بأربع سنوات ونصف فلا تنسي "
قلت بتفكير " وإن تقدم لك شاب شارف على السادسة والعشرين سيكون
أكبر منك بخمس سنوات فقط "
ثم نظرت لها وقلت ببرود " كبيرة عليه "
وضعت يداها وسط جسدها وقالت " لا لست كبيرة ثم لم يحدث شيء
من هذا فلما تفكرين بهذا العمر تحديدا "
حركت كتفي وقلت " لا شيء مجرد خاطر في ذهني "
نظرت لي بشك ثم عادت لتحريك البيض في المقلاة قائلة " مر شهر
ويومان ولم يحظر ذاك الأحمق , لقد خدعني "
ضحكت بصمت وقلت " ألم تيأسي منه بعد ؟ حتى بعدما علمتِ أنه
عامل بناء ومن بلاد أخرى ؟ "
نظرت لي وقالت باستياء " مستحيل كيف ذلك ؟ عليه أن يشرح
لي بنفسه "
قلت مبتسمة " بأي صفة "
عادت مولية ظهرها لي وتمتمت قائلة " عليا أن أجده , عليه أن
يكون من هنا ولن أقبل بغيره "
ضحكت عليها وخرجت من المطبخ , انتظري باقي مخططي يا سدين
كي لا تفكري باللعب بي من ورائي مجددا كما تلقّى شقيقك الدرس قبلك
أرسلت رسالة لدُرر أطمئن إن فعلت ما اتفقنا عليه أم لا ثم توجهت لعمتي
الجالسة هي وإياس وسط المنزل وجلست بجانبه فقالت " أخبرني إياس
أنك تريدين أن نعيش في المزرعة "
قلت من فوري " نعم عمتي إن كان هذا لا يزعجك أو نبقى هنا لا مانع لدي "
قالت مبتسمة " سأبتعد عن بناتي لكن لا بأس فجوها يناسبني أكثر "
شعرت بشيء لامس ظهري فتحركت قائلة بضيق " عمتي أخبري
ابنك إنه يضايقني "
ضحكت ونظرت له وقالت " أتركها وشأنها "
مال لأذني وهمس فيها " ستري حسابك مني "
ثم نظر لوالدته وقال " ما أن نزوج تلك الملونة ونتخلص منها سنسافر
ثلاثتنا لمكان مفاجئة لن أخبركم عنه "
صفقت وقلت بحماس " رائع , كم تمنيت أن أخرج من البلاد "
قالت عمتي مبتسمة " اذهبا أنتما واستمتعا وأنا منازل بناتي سيكونون
ثلاثة , ما تفعلون بعجوز ملتصقة بكما طوال الوقت ؟ "
قال من فوره " من دونك لن أتحرك "
قالت مبتسمة " حتى يأتي وقتها لكل حادث حديث "
*~~***~~*
ضمني لصدره بقوة يخفي بكائي في حضنه وقال " يكفي بكاء يا رغد
وأخبريني ما يبكيك فقط ؟ حتى متى ستعتصمين بصمتك وغضبك مني
أقسم أني تبت ولن أعيدها مجددا "
لكني لم أتحدث ولم أجبه ولا شيء سوا التعلق بثيابه والبكاء الذي لم يتوقف من
ليلة البارحة بعد عودتنا من منزل والده وحديثه وشقيقه فؤاد لازال في أذناي
حتى الآن حين سأله لما لا يرجع ويخطب سدين مجددا فقال له شقيقه وبسخرية
( هل تضن جميع الرجال حمقى مثلك , رفضتك وتزوجت غيرك وعدت
تركض خلفها بلا كرامة , فلن تتوانى عن رميك مجددا في أقرب فرصة )
هل يسمع هذا منهم دائما ؟ هل هذه نظرتهم لزواجه بي وأنا لم أشعر لحظة في
تصرفاته ولا كلامه كل هذا وكأنهم راضين عني تماما , ضمني أكثر وقبّل
رأسي وقال " هل ضايقك أحدهم البارحة ؟ هل قالت لك نورس شيئا ؟ "
قلت ببحة يخالطها البكاء " بل أنت من قالوا لك ومن سمعت ما لا يسرك
لن تخفي عني الأمر دائما يا بسام "
قال بصوت مبتسم " أفزعتني ضننت أحدهم أخطأ معك أو أني قلت ما
جعل حالنا يسوء فوق ما هوا سيء "
لم أعلق بشيء فمسح على ظهري قائلا " أنا لا أهتم لما يقال لي ولا أحد يقرر
سعادتي غير نفسي , وفؤاد لسانه طويل منذ طفولته ولا يضع وزنا لما
يقول لكن قلبه طيب صدقيني "
قلت ببكاء " بل أنت من تضن الجميع يحملون قلبا كقلبك "
قبل رأسي مجددا وقال بضحكة " يا سلام ما هذا اليوم الرائع هل
رضيت عني أخيرا وسمعت صوتك "
ابتعدت عن حضنه وقلت " لن تعيد فعلتك مجددا ؟ "
نظر للأعلى وقال مبتسما " توبة يا رب وأقسم على ذلك "
مسحت دموعي وقلت " وهل هذا رأيهم جميعهم ؟ لا تكذب عليا يا
بسام أو غضبت منك "
شدني من ذراعي لأتكئ على صدره وقال ماسحا على شعري " لا
وتعلمين جيدا موقف فؤاد من رفض سدين له , ويكفي بكاء ولا تنسي
أنك حامل ولم تتركي فنا للتعذيب لم تطبقيه على نفسك "
طوقت خصره بذراعاي ودفنت وجهي في صدره وقلت بحزن
" إذاً كنت أنا وهم عليك ؟ لكنك أخطأت بفعلتك تلك وتستحق "
ضحك وضمني له أكثر وقال " أعترف بذلك وحمدت الله ألف مرة أنك
لم تخبري أحدا حتى نتفاهم بمعرفتنا "
طرقت حينها ندى الباب فأبعدني قائلا " لأفتح لها قبل أن تكسره على
رأسينا إن تأخرنا في فتحه "
مسحت دموعي أراقبه مبتسمة وهوا متوجه نحوه فكم تعب معي وصبر لنعلمها
أن تطرق الباب ولا تدخل مهما حدث مالم نفتح لها , فتحه لها لتظهر من خلفه
واقفة تنظر له للأعلى تجمع كفيها الممتلئان بالدقيق الذي وصل لشعرها
وخديها وقالت " هيا بابا لقد سكبت الحليب ببطء كما أخبرتني "
حملها وغادر بها قائلا " يبدوا أنك سكبتِ الدقيق أيضا يا محتالة
وستفسدين كعكتنا "
غادرت السرير والغرفة أمسح دموعي حتى وصلت عندهما في المطبخ وقد
أجلسها فوق الطاولة وأمامها خلاط الكعك الكهربائي الذي يدور ووجهها يكاد
يدخل داخله تنظر للخليط كيف يتحرك وهوا يقول " ابتعدي قليلا لأسكب
باقي الدقيق يا ندى "
أبعدت رأسها فأوقف الخلاط وأدخلت هي أصبعها سريعا وأخرجته مليئا
بالخليط وأدخلته في فمها فورا وأخرجته نظيفا تماما وقالت " لذيذة "
لم أستطع إمساك ضحكتي وقلت " ومن سيأكل هذه الكعكة المليئة بشعر
ندى ولعابها "
قال مبتسما وهوا يشغل الخلاط مجددا " ستأكلها هي ووالدها , أنتي
لا تأكلي "
اقتربت منهما وجلست قائلة " بل أنا أول من سيأكل "
نهاية الفصل ......
موعدنا يوم السبت مع الفصل الثاني والستون والأخير
فكونوا على الموعد الساعة العاشرة مساء