الفصل الثالث والخمسون
المدخل : بقلم الغالية alilox
واقفة للبحر بصمت تثرثرين وانت بداخلك قطعة من روحي تحضنين أأنت مثلي مقتنعة أن البحر من افضل المستمعين كلما كتبت اسمك على رماله اتاني هو وموجه مسرعين عن التي أمتلا قلبي وجوف البحر بجمالها وعن اسمها متسائلين أيشتكي لكي أنه تعب من شكواي له أم أنت له عن هجري لكي تشتكين بعمق الوجع وقدرة الاحتمال والوجع اصبحنا انا والبحر مشتركين تغيب الشمس خلفه والناس لامل جديد منتظرين وأنا حق العيش والامل من المقتولين بقايا رجل محمل بأوجاع الكون ومات املي بالقادم والسنين كجريرة قاحلة غير مسكونة فقط انا والبحر متجاورين
سلمت الأيادي
************
خرجت من باب المنزل وأغلقته بهدوء فكانت سيارته واقفة أمامه وهوا
واقفا خارجها ينظر لإطارها الخلفي ويضربه بقدمه ولم ينتبه لخروجي
فاقتربت منه بضع خطوات وقلت " جيد أفرغ غضبك من انتظاري
به كي لا تركلني أنا "
نظر لي حينها وكان سيقول شيئا لكنه ضل صامتا ينظر لوجهي بتفحص
فحولت نظري لسيارته وقلت " لأني طبعا سأركلك أيضا حينها "
خرجت منه ضحكة خفيفة وشعرت بيده على ظهري ودفعني برفق جهة
الباب وقال وهوا يفتحه " لنغادر إذا قبل أن نضيّع الوقت في تبادل الركلات "
تحركت مبتعدة عن يده بل وفررت من الرجفة الخفيفة التي اعترتني
حينها وكأنه لم يقترب مني من قبل فقال " ما بك تهربين مني ؟ "
قلت ببرود وأنا أركب السيارة " ولما سأهرب منك ؟ يمكنني رؤية
الباب دون أن توصلني له فلست عمياء "
ضحك وأغلق الباب دون أن يعلق ودار حول السيارة وركب في المقعد
المجاور وشغلها وقال ما أن انطلقت بنا " كنت أريد أن أعاملك
معاملة الأميرات يا ناكرة "
نظرت ليداي في حجري ثم سرعان ما قبضتهما حين أدركت أني نسيت
ظفرين من أظافري دون طلاء أحمر كالبقية , يالي من بلهاء سيسخر مني
الآن كعادته , قلت بذات برودي " والأميرة يجبرونها على الخروج معهم ؟ "
حرك رأسه قليلا ثم مال به جهتي وهمس قريبا من أذني " أميرتي أنتي
في كل حالاتك "
ابتعدت جهة الباب ملتصقة به وقلت بضيق " وما الداعي من هذا
الكلام الذي لا ينطبق على ما قلت ؟ "
ضحك وقال ونظره للطريق " شيء ما خطر في بالي "
أدركت حينها حركتي الغبية وكأني خائفة من أن يفعل شيء باقترابه
فعدت مكاني وقلت " وما هوا ؟ "
بدأ بالتصفير وأصابعه تتحرك على المقود مع صفيره ولم يجب
فقلت بضيق " جاوب عن سؤالي بدلا من تقليد الطيور "
ضحك كثيرا ثم قال " وهذا هوا جواب سؤالك أميرتي "
ضغطت على أسناني بقوة فلم أفهم شيئا والسؤال نتيجته السخرية بالتأكيد
كم أحتاج لوجود المترجم سدين معنا لأضربه على رأسه إن شممت رائحة
سخرية منه , بقيت أنظر له وأطير بين تلك الأفكار فنظر لي وقال مبتسما
" يقولون أنه ثمة اختلاف بين الشمس والقمر لكني أراهما لا يختلفان
عن بعض أبدا "
ثم غمز بعينه وقال " أميرتي أنتي في كل حالاتك "
ضربت كتفه بالحقيبة وقلت بحنق " قل شيئا مفهوما وتوقف
عن السخرية مني "
توقفت حينها السيارة أمام مطعم مشهور جدا هنا وقال مبتسما
" ينقطع لساني إن سخرت منك "
ثم مد يده ليدي وأمسكها وسحبها نحوه بقوة وقبل باطنها قبلة قوية
عنيفة ثم تركها مع سحبي لها وقلت " ما هذه الوحشية ؟ وهل هكذا
يقبّلون أيدي الأميرات ؟ "
ضحك وفتح باب سيارته وقال ناظرا لي " الأمر الذي يُنتزع بالقوة
يكون بالقوة وهذه شمس وسأريك القمر فيما بعد لتعرفي الفرق "
ثم نزل فتمتمت بحنق " رجعنا للشمس والقمر "
كنت سأفتح الباب ففوجئت به فُتح لوحده وكان هوا يقف خارجا ومد يده لي
وتجنبا لسخرية أخرى أمسكت بيده فأنزلني وأغلق الباب , عليا مسايرة كل هذا
من أجل شيء تريده تلك الغبية سراب , سرنا للداخل وهوا يمسك ذراعي لافا
لها على ذراعه حتى وصلنا لطاولة أخذني هوا لها واستللت يدي منه حينها
وسحبت الكرسي وجلست قبل أن يسحبه هوا فجلس في الكرسي المجاور
لي وقال مبتسما " متوقعة من شمسي لا بأس "
نظرت له ببرود ثم سافرت بنظري لكل شيء حولنا وعيناي تتجولان في
اللوحة المرسومة على الجدار بجانبنا تشبه شلالا مائيا صغيرا , لم أحلم
يوما بالدخول لهذا المطعم ولا الأكل فيه
" تبدوا زيارتك الأولى له ؟ "
أخرجني صوته الهامس مما كنت فيه فقلت ببرود " لم أتزوج قبلا
ليجلبني زوجي هنا ويلف بي المطاعم والفنادق "
رفع لائحة الأطعمة وقال وهوا ينظر لها " لنعتبر تلك فترة ما
قبل الزواج إذا "
نظرت بعيدا وقلت متمتمة " يالها من بشرى للحياة بعدها "
خرجت منه ضحكة خفيفة ولم يعلق وبقي نظره مشغولا باللائحة ويتمتم بأسماء
بعض الأكلات التي يقرأها فنظرت له وهوا منشغل بها مدققة النظر على ملامحه
بشرته البيضاء ولحيته البنية الخفيفة المحددة بإتقان , عيناه الواسعة وخصلات شعره
البنية التي تمردت نازلة على جبينه لكثافته , ثم نزلت بنظري لملابسه .. بنطلون جينز
أسود وقميص بمربعات متداخلة باللونين الأخضر والرصاصي تحدها خطوط سوداء
وكماه جهة ذراعيه يكادان يتمزقان من بروز عضلاته , عدت بنظري لوجهه وتنفست
بضيق , ما به وسيم هكذا ؟ لما ليس قبيحا لا تهتم به أي واحدة يمر بجانبها ؟؟ تأففت
بصمت من أفكاري تلك فلطالما كان يضايقني شكله لأنه جمال فتيات فلما الآن متضايقة
من كونه ملفت للنظر ؟ لكن ما لم أستطع منع نفسي عنه هوا قطع تأملي له فهمست
من بين أسناني " سحقا لك ما أجملك "
فنظر لي سريعا وقال " هل تحدثت معي حبيبتي ؟ "
أبعدت نظري عنه وقلت ببرود " قلت متى سنتناول ما ستختاره ونغادر
ولا تقل حبيبتي مجددا "
*~~***~~*
وقفنا بسيارة صباح أمام المنزل ونظرت لي وقالت " دُرر أمتأكدة
أنتي مما تفعلينه ؟ هل تري نفسك مستعدة لهذا ؟ "
فتحت الباب وقلت " نعم وعليا فعلها يا صباح "
نزلت ونزلت هي أيضا وتوجهت لباب المنزل وفتحته ودخلنا سيرا على
قدمينا متسلحة بقوة لا أعلم من أين جلبتها وكل ما أحاول فعله أن أكون
قوية أن أصمد ولا أبكي رغم أن هذا أبعد من الخيال , عبرنا يسارا ولم
أدخل المنزل مطلقا ولا قدرة لي على فعلها الآن , وصلنا لقفص العصافير
الذي كان مفتوحا والعصافير لازالت بداخله وطعامها قد ملئ الأرض فيبدوا
أنه ترك لها الطعام والباب مفتوحا لتخرج من نفسها حين ينتهي طعامها ولا
يأتيها أحد , وقفت أمامه ومررت أناملي على قضبانه أنظر لما بداخله بحزن
فيبدوا أنه اختار إطلاق سراحهم قبل رحيله , لكن ألم يفكر أين ستذهب هذه
العصافير التي لا يمكنها الطيران لمسافة كبيرة لأنها عاشت حبيسة الأقفاص
لفترات طويلة !! قبضت على القضبان بقوة أتذكر ما حكاه لي عنهم ونحن
داخله واسم كل طير منها وأين يعيش فقد كان يحب الطيور منذ صغره
وأراني حتى الكتب التي كانت تحوي جميع الأنواع الموجودة بهذا القفص
وكيف سعى لأن يجمعها جميعها ويحقق حلم طفولته الذي رأى أنه من القليل
الناذر مما حقق , اتكأت بجبيني على قبضتي أنظر لهم بحزن وغبت بتفكيري
لكل تلك الأيام ، ليثني لم أعرفك يا أواس وليثني بقيت سجينة ذاك الملحق
تضربني طوال الوقت وما علقتني فيك كل ذاك القدر لترميني بعدها للمجهول
لكن الذنب ليس ذنبك ولا ذنبي فكلانا كنا ضحية لجنون جدي فليهنأ الآن إن
كان هذا سيجعله مرتاح البال وسعيدا بعدما دمرني وأحرق قلبي وأحلامي
بل كان سيجعل مني قاتلة وهوا يحرضني على قتل من لم أكن أعلم وقتها
أنه شقيقي فما سيخلصني من ندمي بعدها وكنت سأخسر حتى والدتي
شعرت بيد صباح على كتفي وقالت بهدوء " دُرر سنتأخر إن
وقفتِ هكذا في أي مكان سنمر به "
أبعدت جبيني عن يدي ثم ابتعدت عن القفص وقلت " هذه الطيور تحتاج
لمن يهتم بها عناية خاصة أو ستموت وأواس ترك طعامها هنا كشيء
مؤقت فقط بالتأكيد "
أمسكت يدي وشدت عليها بقوة وقالت " سلمان سيتكفل بكل هذا فهوا
وعد بأن يساعد في أي شيء تحتاجونه "
هززت رأسي بحسنا وأغلقت الباب عليهم وتحركت من هناك حتى وصلنا شجرة
السنديان ووقفت مكاني أنظر للأرجوحة التي اختفت من هنا ومؤكد هوا من نزعها
فأين ذهب بها ولما ؟ لم أسمح لتلك الذكريات أن تجذبني أكثر من هذا فتحركت لوجهتي
الأساسية وهي الملحق حتى وصلت عنده ووقفت أمام بابه فشدت صباح على يدي
مجددا فنظرت لها وقلت " سأخرج أغراضه ووالدته فقط لا تخافي "
قالت بحزن " أقسمي لي على ذلك "
قلت ببحة ودموعي ملئت عيناي " لا أستطيع أن أقسم وقد أحنت "
قالت بجدية " سنخرج إذا كما أتينا "
هززت رأسي بلا ومسحت عيناي بقوة وقلت " عليا فعلها يا صباح "
تنهدت بأسى وتركت يدي ففتحت الباب ودخلت بخطوات بطيئة وهي خلفي حتى
وصلت باب تلك الغرفة أنظر باستغراب للورقة المعلقة على بابها فاقتربت منها
وقرأت ما فيها فكانت بخط أواس ومكتوب ( دُره لا تدخليها حبيبتي لا تصبحي
مثلي سابقا سجينة لها ، من أجلي أرجوك غادري ولا تفتحي هذا الباب إلا بعدما
تزيلي هذه الورقة , ولا تزيليها إلا بعد أن تنسيني وتتوقفي عن حبي ... أعدّيه
طلبي الأخير منك )
اتكأت عليها بجبيني وتساقطت دموعي بل وخرج نحيبي مالئاً صمت المكان
فضمتني صباح واقفة خلفي وقالت ببكاء " يكفي يا دُرر ولنخرج من هنا
أرجوك من أجل ابنه على الأقل إن كنتِ تحبينه "
قلت بعبرة " دليني على حل يا صباح , أنظري كيف أجدها
مسدودة من كل ناحية "
أبعدتني عن الباب قائلة " هيا نغادر من هنا لندرك وجهتنا الأخرى فلن
يكون من السهل إقناع حراس منزل الوزير وقد نقضي هناك ساعات "
ابتعدت عن الباب وخرجت معها أمسح الدموع التي ترفض التوقف , كنت
قادمة لأخرج أغراضهم وأهدم هذا المكان ليختفي عن وجه الأرض نهائيا
لكن الآن وبعدما قرأت ورقته لا يمكنني إزالتها إلا كما طلب بعدما أنساه
وهذا ما لن يحدث أبدا ما حييت لذلك سيبقى هذا الملحق كما هوا
*~~***~~*
بعدما تناولت شيئا خفيفا غيرت ثيابي وغادرت المنزل وركبت سيارة أجرى
متوجهة لمنزل العم صابر فعليا زيارتهم قبل ذهابي بما أن طائرة والدهم ستصل
بعد يومين كما قالوا , نظرت للنافذة وللشارع بشرود أراقب حركة السيارة الخفيفة
بسبب الازدحام وقد غاب فكري مع ترجمان وزوجها , كم هي محظوظة به ولا
تعرف قيمته , على الأقل هوا يبحث عن طريقة لترضى عنه وإن كانت بشكل غير
مباشر فأنا أراه أصبح يتقبلها ولا ينتقدها بتاتا وباعتراف منها بينما هي لا ترى إلا
أخطائه وما فعل سابقا بينما برر لها بأن كل ما فعله من أجل أن تحبه وأن تشعر به
حتى إن كانت طريقته خاطئة وقد جرحتها , لما لا تحمد الله وتقارنه بصديقه الذي
يستكثر عليا أن يراضيني أن يعتذر عن كل ما فعل بي وأن يعبر عن مشاعره نحوي
وهذا إن كان يوجد منها شيء طبعا , لما هما ليسا متشابهان ؟ أليسا رجلان وفي عمر
متقارب تقريبا ؟ تنهدت بضيق وأسى وأبعدت نظري عن النافذة وتفكيري عنه فيكفي
أني أشتاق له وأن نفسي لازالت ترغمني على التفكير فيه فحتى هذا لا يستحقه لأنه لم
يقابله إلا بالجفاف والبرود يعتبرني شيئا زائدا في حياته حتى قراراته وأموره الخاصة
لا يطلعني عليها حتى أكتشفها فيما بعد وكأنه يتعمد ذلك كي أضن به السوء وأرميه
بالباطل ثم يجدها حجة علي , سنرى يا آسر وأقسم هذه المرة لن أركض نحوك
وأستجدي منك الصفح عني كما فعلت سابقا وتحملت كل إهاناتك وتجريحك لي وفي
النهاية قابلته بالنكران , وصلت أخيرا ودخلت منزلهم بعدما فتحوا لي الباب من
الداخل وما أن وصلت الباب الداخلي حتى كانتا
عبير وريحان في استقبالي بينما
إسرار تنظر من عند الباب وصرخت قائلة " هل جاءت معها أم لا ؟ "
فضحكت على صوت عبير قائلة بضحكة " نعم وقادمة نحوك "
وضحكنا معا على صوت ركضها صارخة وتوجهنا لباب المنزل ودخلت وكن
البقية في استقبالي وجلسنا معا نتبادل الأحاديث وغادرن الصغيرات للعب بينما
كانتا داليا وصفاء في المطبخ بعدما لم يعد هناك خادمة في هذا المنزل الكبير الذي
يبدوا أنهم لم يستخدموا طابقه العلوي أبدا , قالت عمتي سعاد " كنا نريد
حقا أن تكوني معنا لاستقبال عمك صابر , ألا يمكنك تأجيل زيارتك لها ؟ "
نظرت ليداي في حجري وقلت " هي تصر على أن أزورها من فترة
وهذا الوقت مواتي لأذهب أنا وترجمان "
قالت سمية التي كانت جالسة معنا " لكن أخي آسر قال أنـ.... "
ولم تكمل ما قالت لأن والدتها أسكتتها قائلة " اذهبي وساعدي شقيقاتك
واتركي عنك الأمور التي لا تعنيك "
فوقفت وغادرت متذمرة وقالت عمتي سعاد " الوقت مواتي يا سراب
أم لا تريدين مقابلة آسر "
ضغطت على يداي بقوة ونظري لازال عليهما وقلت بغصة
" لن تفرق عنده ولا عندي "
قالت بهدوء " لو كان صابر هنا ما سمح لي بالكلام كالعادة لكن
بما أنه بعيد فسأتحدث "
نظرت لها باستغراب فقالت بجدية " أنا من ربيت آسر يا سراب وأفهمه دون أن
يتحدث , لقد عاش معنا لسنوات وآخر بناتي هوا من كان يأخذني للمستشفى وأنا
ألدهن ومن كان يأخذ من تمرض منهن للمستشفى ومن يجلب ما نحتاج , لقد كبر
معنا لحظة بلحظة مثلما كبرن بناتي على ذراعه واحدة بعد الأخرى , آسر لم يحب
يوما أن نشكره على ما يفعل وأن نقدر له ذلك لطالما كان يقول ( لا تحبوني من
أجل أفعالي معكم بل أحبوا آسر دون أسباب كما كنتم ستحبون ابنكم دون
أن يفعل شيئا يستدعي المحبة ) وهذا طبعه منذ كان صغيرا يا ابنتي "
قلت ببحة مجاهدة دموعي " لكن لا يوجد بشر نحبه دون أن نعرفه
ودون أن تجعلنا أفعاله نتعلق به ونكوّن الصورة التي ستعلقنا به "
هزت رأسها بلا وقالت " ثمة من يحبون أناسا يؤذونهم يا سراب كعلاقة الرجل
بوالديه اللذان يحبانه مهما كان واللذان حُرم آسر منهما صغير , وبصفة خاصة
بين الرجل والمرأة .. ألم تسمعي حياتك عن امرأة تحب رجلا رغم معاملته السيئة
لها أو حتى ضربها والعكس بالعكس فثمة رجال يحبون نساء يعاملونهم معاملة
باردة خالية من أي مشاعر فهل سألت نفسك لما يحبونهم وما السبب ؟ "
تنهدت وقلت بأسى " مرآة الحب عمياء طبعا "
قالت من فورها " بل لم يركزوا على مميزاتهم ولا عيوبهم "
نظرت لها وقلت " ولما هوا لا يطبق تلك القاعدة على نفسه ؟ لما قيمني
بأفعالي وأقوالي وما رآه مني أول مرة تقابلنا فيها "
قالت بهدوء " الجواب لن يكون لدي طبعا يا سراب بل لديه هوا "
أبعدت نظري عنها ولم أتحدث فقالت " لقد سمعته بأذني يقول لعمك قبل أن يسافرا
( سراب أصبحت المرأة التي لن أتمنى ولا أريد غيرها بعدما حكّمت عقلها ولم
تنظر لي بأفعالي المبهمة معها ولم تحكم عليا بالسوء بتسرع ) وفي آخر اتصال
له بنا يوم أمس سأل إن كنتِ ستكونين هنا في استقبالهم معنا أم لا "
مسحت دمعة حاولت التمرد من رموشي واعتصمت بصمتي فقالت وداليا وصفاء
تقتربان منا تتحدثان معا " لا أطلب منك أن تسامحيه بسهولة ولا أن تركضي له
لكن لا تجعلي الطلاق نهايتكما , عاقبيه كما تريدي لكن لا تتركيه فهوا يستحق
بعد كل ما رآه في حياته أن يستقر مع امرأة تسعده وتحبه "
*~~***~~*
نظرتُ لأصابعها الرقيقة الطويلة في يدي ثم رفعت يدها لوجهي وقبّلت باطن
كفها قبلات عديدة خفيفة ولم يخفى عني ارتجاف يدها التي سحبتْها مني
قائلة بضيق " توقف عن هذا يا إياس قد يرانا أحد "
ركزت نظري على عينيها التي زادها هذا اللون الأسود وضوحا
وجمالا وقلت مبتسما " وهذا هوا القمر فهل لاحظت الفرق "
نظرت لعيناي لبرهة وكأنها تترجم ما قلت سابقا والآن ثم قالت
" تعني أني أكون أحيانا كقبلتك العنيفة خالية المشاعر لكفي تلك "
هززت رأسي بلا وقلت " أقصد أنك أميرتي في كل حالاتك "
نظرت بعيدا عني وتأففت بضيق فابتسمت ومددت أصابعي لغرتها الناعمة
المدرجة على جبينها وطرف وجهها وقلت وأنا أبعدها لتظهر عينيها من
خلفها " أنتي ما الذي تريدين فعله بي اليوم بكل هذه الأشياء ؟ "
وقفت وجلست في الكرسي المقابل لي لتبتعد عني وقالت " سبق وقلت
لم تعاملني كزوجة وتخرجني لمكان يستحق لترى كل هذا "
قلت بابتسامة ماكرة ونظري لم يفارق ملامحها " تعني أنه
لن أرى هذا إلا بمقابل ؟ "
تجاهلتني وسحبت صحن الكعك جهتها وعادت للأكل منه فقلت " ما أعلمه
أن الزوجة تسعى طوال وقتها لتظهر بأحسن مظهر أمام زوجها "
نظرت جانبا وقالت وهي تشير بالشوكة في يدها " لاحظت أن
العاملات هنا كلهن نساء "
ابتسمت واتكأت على ظهر الكرسي وكتفت يداي لصدري وقلت ناظرا لها
" ويبدوا أن الأمر ينجح بأن تستغل الزوجة هذا لصالحها "
قالت ونظرها لازال هناك " هل في الليل أيضا جميع الأطقم نسائية "
قلت بذات ابتسامتي " هل تصدقي الآن حين قلت أنك أميرتي
في كل حالاتك "
نظرت لي وقالت " أنت لما لا تكون صريحا ؟ "
رفعت كتفاي وقلت مبتسما " وأنا لم أكن صريحا كالآن "
قالت ببعض الضيق " ماذا تريد مني يا إياس بعد كل ما فعلته بي ؟
هل تضن أنك بهذا ستجعلني أنسى كل ما كان وفعلت ؟ "
هززت رأسي بلا فقالت بحنق " وما فائدة ما تفعل إذاً وأنت تعلم
أنه دون جدوى "
حركت كتفي وقلت بذات ابتسامتي " أن أراك , ألا يكفي هذا ؟ "
تمتمت بشيء لم أفهمه وعادت للأكل ونظرها على صحنها قد غطت
رموشها الكثيفة المنسدلة أي انفعال قد ألمحه في عينيها فقلت " هل
أخبرك شيئا تصدقيه يا ترجمان ؟ "
هزت رأسها بلا دون أن ترفع نظرها بي فخرجت مني ضحكة
صغيرة وقلت " سأقوله في كل الأحوال "
لم تعلق طبعا فقلت بهدوء " أعترف أني أخطئت وأخطئت كثيرا حين فكرت
في أن أغيّرك أن أجعلك المرأة التي في خيالي لأني كنت أريدها أنتي بالتحديد
لا سواها وأن تكون كما أريد أنا ولم أكن أعلم طيلة الفترة قبل أن ننتقل للمزرعة
أن ترجمان بشخصيتها التي لا أريدها تغلغلت في أعماقي بشكل ما كنت أتصوره
حتى جلبت سهاد وأصبحت برفقتي طوال الوقت وحتى في جناحي كنت مضطرا
لأن أكون معها كي لا تبقى وحيدة "
وضعتِ الشوكة ونظرها لازال على الطبق أمامها لم ترفعه بي ولم أفهم حركتها
تلك فتابعت قائلا " حين كنا نعمل على الأرض هناك كان عقلي وقلبي في الجهة
الموجودتان أنتي وسدين فيها أسمع ضحكاتكما ومزاحكما بينما حيث أنا وسهاد
الهدوء والصمت والكلام للضرورة فقط , أي كما كنت أريد أن تكون زوجتي
فشعرت كم الوضع كان مملا وأنا أنجدب للأجواء الصاخبة ناحيتكما , وحين أكون
وهي معا في جناحنا أضع تصورات في عقلي إن كانت هي زوجتي الآن وصوت
حدائها على الأرضية يُسمع أكثر من صوت حديثها معي فتقفز فورا في ذهني تلك
الأيام التي قضيناها معا في غرفة واحدة لا تتوقفين عن التحدث عن أي شيء وعن
الشجار معي عن أتفه الأمور , ضحكاتك التي كانت تملأ الغرفة وحتى الشيء الذي
في يدي إن رفضت إعطائه لك تقفزين عليا قفزا تحاولين انتزاعه بالقوة فعلمت حينها
الفرق بين العالمين وتلك الحياة وسابقتها واكتشفت أني أحتاج حقا لشيء يغير من
نمط حياتي الهادئة تلك فدار في تفكيري إن كانت زوجة أخرى بطباعك أنتي
فرفض عقلي ذلك تماما واكتشفت الحقيقة المفجعة أن كل ما كنت أسعى
لتغييره بك كان أكثر ما يشدني لك "
رفعت حينها نظرها بي بنظرة قرأت فيها اللوم بوضوح وقالت بهدوء
غريب " ولما استمررت في تلك اللعبة إذا وفي رفضي ؟ "
تنهدت وقلت مركزا نظري على عينيها " لأني أردت قلبك أردت أن تحبيني
يا ترجمان لا أن أعيش أحبك فقط وأرى في عينيك أن كل شيء بي لا يعجبك "
قالت باستياء " فتنتزع ذلك انتزاعا يا إياس ؟ هل تضن أني بما فعلت وكل
تلك التمثلية السخيفة أحببتك "
نظرتُ لطبقي الذي لم أقرب منه شيئا وقلت بهدوء " ضننت ذلك بادئ الأمر
لكن كلامك في المستشفى غيّر كل فكرتي تلك "
ثم رفعت نظري بها وقت " لكني لم ألحظه لم أراه فيك يا ترجمان فمـ.... "
وتوقفت الكلمات حين رأيتها تمسح بظاهر يدها أسفل رموشها بالقوة ثم وقفت
كي تغادر فوقفت من فوري وأمسكت يدها موقفا لها وقلت " اجلسي
يا ترجمان لن نتحدث في الأمر أقسم لك "
قالت وهي تحاول سحب يدها والمغادرة " لا أريد أن أسمع شيئا فاتركني "
قلت ولم أتحرك من مكاني ولم أترك يدها " إذا دعيني أوصلك كما أحضرتك "
فتوقفت حينها عن محاولة سحب يدها من يدي ولازالت تشيح بوجهها بعيدا عني
وأعلم كم يعني هذا لها وكم يضايقها أن أرى ولو شبح دمعتها فلففت ذراعي حول
كتفيها وضممتها لي وقلت سائرا بها " سأوصلك وأعدك لن نتحدث في هذا
حتى نصل حسنا "
لم تعلق بشيء ولم تحاول الابتعاد عني أيضا , فكم أعشقك يا ترجمان لو تعلمين
ومستعد لأن أصبر على العيوب التي لا تعجبني بك حتى تغيريها عن اقتناع منك
ولم أعد ألومك على كل ما تتمسكين به من سلوكيات لا أحبها فهي تراكمات لأعوام
كثيرة من حياة عشتِ فيها تفتقرين حتى للنصيحة الصغيرة , فالغريب أن ثلاثتكن لم
تنحرفن أخلاقيا وهذا في حد ذاته معجزة وميزة غفلنا عنها جميعنا , وصلنا السيارة
وفتحت لها الباب فركبت وأغلقته خلفها وركبت أيضا وانطلقنا وهي منشغلة بشيء
ما في حقيبتها أو تدعي ذلك عمدا فقلت ونظري على الطريق " لما لا تقضي
الأيام في غياب صديقتك في منزل عمتك , وإن كانت رؤية وجهي ستمنعك
فلن تريني أبدا أعدك "
قالت ببرود ولازالت منشغلة بما تبحث عنه " شكرا لكني لا أريد "
تنهدت وقلت " ترجمان توقفي عن لومهم يكفيك لومك وغضبك مني أنا "
لم تجب طبعا وقد أغلقت حقبتها ونظرت للنافذة ووصلنا حينها وقبل أن
تنزل أمسكت لها يدها وقبلتها وقلت ناظرا لملامحها " شكرا أميرتي
كان موعدا جميلا "
لوت شفتيها بعدم رضا فضحكت وقبلت يدها مجددا وقلت
" أعلم أن النساء يعشقن هذه الأمور "
تغيرت ملامحها للضيق وهذا المتوقع مما فهمَتْه من كلامي فقبلت يدها مجددا
وقلت " ولهذا فعلها غير ممتع للرجال فرفضهن لها سيجعل الأمر أكثر متعة "
سحبت حينها يدها من يدي وقالت " متى ستتوقف عن التمثيليات يا إياس "
هززت رأسي بلا وقلت " ليس تمثيلا يا ترجمان ولا شيء كان سيجبرني
على فعل هذا "
قالت ناظرة لي بتوجس " كنت طوال الوقت تمثل لأجل مآربك الشخصية
فما تغير الآن وكيف سأثق بصدق كلامك "
قلت بجدية " قسما أني صادق حبيبتي , أقسم لك "
لم تعلق بل همت بالنزول فأمسكت يدها مجددا مانعا لها من ذلك فنظرت
لي وكانت ستتحدث فقلت قبلها " هناك شيء أريد التحدث عنه قبل نزولك "
كانت ستعترض فوضعت سبابتي على شفتيها مسكتا لها ثم أبعدته وقبلته
وقلت " بشأن ذهابك مع شقيقتك , إن كان يعنيك رأيي في الأمر يا ترجمان
فلا أريد أن تقضي هناك أياما في منزل رجل مهما كان هوا غريب عنك وقد
يضايقه وجودك فيمكنك البقاء في منزل عمك ويمكنني أخذك مع شقيقتك
وأرجع بك نهاية اليوم لكن أن تبقي لأيام فلا أريد حبيبتي "
سحبت يدها من يدي مجددا وقالت " إذا عمي لن يسافر ؟ "
هززت رأسي بلا وقلت " كانت مزحة صغيرة ويمكنك الذهاب معها يا
ترجمان وذلك كان رأيي ووجهة نظري فقط "
فتحت حينها الباب ونزلت وأغلقته خلفها ودخلت المنزل دون أن تعلق على
شيء مما قلت فغادرت من هناك فورا , إن كنت أفهمك جيد يا ترجمان فلن
تذهبي , وأعلم أنها قد تعصيني وعليا التحمل وأخطاء الماضي لن تتكرر
*~~***~~*
غادرنا العاصمة متوجهتان للمدينة التي يسكنها الوزير ولم تكن تبعد إلا نصف
ساعة عنها فقط أي تعد من ضواحيها حيث المناطق الزراعية وكنت خلال المدة
الماضية أخرج وصباح في أيام من الأسبوع نبحث في عناوين العاملين سابقا لدى
أواس عمن يعلم شيئا وكانت جميع تحركاتنا بما منها مشوار اليوم بعلم من زوجها
وموافقته وعلم والدتي فقط فحتى قصي لا يعلم لأنه لن يوافق وهذه ستكون خطوتي
الأخيرة فإن نجحت في مقابلته سيساعدني بالتأكيد وإن رفض هوا مساعدتي فلن
يساعدني أحد غيره بعد الله , لذلك قررنا المجيء هنا ولو يوميا حتى يرضى الحراس
بإدخالي أو أنتظره خارجا فإما أن يقف لي أو يدهسني بسيارته ويقتلني وفي النهاية
الحل واحد ولديه هوا , وصلنا بعد سؤال لأكثر من شخص عن مكان قصره لأن
صباح لم تكن تخرج بسيارتها من العاصمة إلا فيما ندر فهي لا تعرف الأماكن هنا
وحين وصلنا طلبت منها البقاء بعيدا بسيارتها لأنزل وحدي كي لا يشكّوا بنا أو بنوايانا
فالحرس أمام الباب كانوا بعدد لا بأس به ووقوفنا بالسيارة لن يعجبهم بالتأكيد , نزلت
ومشيت سيرا حتى وصلت هناك ولست أعلم إن كان سيكون موجودا بالداخل أم لا
لكني سأحاول في كل الحالات , وقف رجل طويل مخيف بنظاراته الشمسية
أمامي فور اقترابي من البوابة وقال " إلى أين يا سيدة ؟ "
قلت ونظري في الأرض متجنبة النظر له " أريد مقابلة الوزير "
ضحك أحدهم خلفه وقال هوا بصوت فيه ضحكة وسخرية " رافقتك السلامة
يا سيدة الوزير ليس هنا ولا يمكننا إدخالك في كل الحالات "
قلت ونظري لازال في الأرض لم أرفعه به " أخبره عن اسمي قد يوافق
على دخولي "
قال من فوره " إن كان يعرفك كما تزعمين فسيتصل بنا ويطلب إدخالك
غير ذلك لا تحلمي بها وغادري فلا يمكننا مخالفة الأوامر "
رفعت نظري به وقلت بحرقة " ألا يستقبل الوزير الحالات الإنسانية وطلبات
من لا يمكنهم الوصول له ؟ لا أعتقد أن رجلا مثله وما عُرف عنه أن يكون
بذاك الغرور الذي يمنعه من أن يتنازل لرؤية وسماع من هم أقل منه "
تقدم واحد ممن خلفه وقال بهدوء " ليس طبع الوزير الترفع على أحد لكنه
مشغول دائما وقصره لا يدخله أي شخص فلو فُتح هذا الباب للناس فلن
يفرغ قصره أبدا وأضنك تفهمين هذا "
قلت باستياء " والمفهوم من كلامكم ؟ "
قال الواقف أمامه " لا يمكننا إدخالك الأمر ليس بيدنا نحن "
قلت بإصرار " لعلمكم فقط أنا لن أغادر من هنا قبل أن يدخل
أو يخرج وسآتي كل يوم "
هز رأسه بيأس وقال " حتى إن حدث ذلك فتكون سيارته محاطة بسيارات
حرسه وتخرج أو تدخل مسرعة واقترابك منها قد يخسرك حياتك "
قلت بحرقة وعيناي امتلأت بالدموع " يكون أفضل ولن أغادر من هنا "
هز رأسه بعدم اكتراث وعادا منضمان للبقية وبقيت وحدي واقفة في ذاك الشارع
على مبعدة قليلا منهم تحت الشمس مستندة بعمود نور ليساعدني على الوقوف
الطويل وكل تفكيري في صباح التي تنتظرني هناك , بعد ساعة أخرجت هاتفي
واتصلت بها وقلت ما أن فتحت الخط " اذهبي يا صباح وعودي لي فيما بعد
فأنا قد أنتظر طويلا "
لم تجب بل أغلقت الخط في وجهي وما هي إلا لحظات ورأيتها قادمة من
بعيد على قدميها ووصلت عندي واجتازتني بخطوات غاضبة جهة
الحراس فتحركتُ خلفها قائلة " صباح توقفي ما تنوين فعله ؟ "
لكنها لم تجب ولم تتوقف حتى وصلت عندهم وقالت بغضب " أنتم ألا قلوب
لكم تروها حامل ووحيدة تقف تحت الشمس ولا ترأفون بحالها يا متحجرين "
أوقف ذاك الطويل الضخم من خلفه بإشارة من يده ويبدوا رئيسهم وقال
" أخبرناها منذ البداية أن تغادر وأن طلبها مستحيل لكنها تصر
على البقاء فالذنب ليس ذنبنا "
قالت صارخة فيه " وذنب من إذا وأنتم من يفصلها عن ذاك القصر أم
تخشى أن يغضب منك سيدك لعمل إنساني ورحمة امرأة
متعبة من الوقوف هنا "
قال بحدة مشير بيده التي يمسك بها هاتفا لا سلكيا " غادري من هنا
وخذيها معك بسرعة قبل أن أفقد صبري وأعصابي فلن تفهم أي
منكما عقوبة فعل شيء من دون أوامر "
أمسكتُ بذراعها وقلت ساحبة لها لتبتعد " توقفي يا صباح لن
يجدي ما تفعليه نفعا "
لكنها لم تكترث لي وصرخت به مجددا " أحمق , سحقا لك حتى الله لا
يمنع أحدا من عباده ويستمع لهم وهوا الملك لا أحد فوقه "
أشار بيده مجددا وقال بذات حدته " إذا غادرا واطلباها منه فليست
صعبة عليه "
قالت ولازلت أسحبها دون جدوى مع غضبها وقلة جهدي وحيلتي
" لولا أملنا فيه ما جئنا فالله إن أراد دخولها دخلت رغما عنك "
كان سيتحدث فأوقفته البوابة التي انفتحت وخرجت منها سيارة مظلمة تتبعها
أخرى وما أن تخطت الباب حتى توقفت ونزل زجاجها الخلفي لتظهر من
خلفه امرأة تبدوا في منتصف الثلاثين من العمر وثمة طفل مد رأسه معها
وقالت ناظرة للحراس " ماذا هناك ؟ ما كل هذا الصراخ هنا وما
تريدان المرأتان "
كان سيتحدث فهرعت صباح جهتها قائلة " أنتي من عائلة
الوزير أليس كذلك ؟ "
كان الحارس سيمسك بها ويوقفها فأوقفته الجالسة في السيارة
بكلمات حازمة " توقف ودعها تتحدث "
فابتعد من فوره وتقدمت هي منها وسرت خلفها حتى اقتربنا
وقالت صباح " هل أنتي من عائلة الوزير "
قالت من فورها " أنا زوجته فما تريدان ؟ "
شعرت أن منانا تحقق وما كنت لأتخيل أن أصادف أحدا منهم من أول
مرة لا وزوجته وليس أي شخص آخر , أمسكت صباح بذراعي وسحبتني
ناحيتها قائلة " هذه المرأة تقف هنا تحت الشمس وحامل وكل ما تريده
رؤية الوزير في أمر مهم وحرّاسكم منعوها وترفض المغادرة
فساعديها لتراه أرجوك "
نظرت لي ولم تكن نظرة متعالية ولا متقززة كما حال نساء ممن هم
حتى أقل من مكانتها وتبدوا كما قالوا عنها كانت من عامة الناس قبل
أن يتزوجها , قالت بهدوء ناظرة لي " إن لم يكن ما تريديه من أجله
أمرا مهما فلن يرضى مقابلتك فهل هوا يستحق يا سيدة "
نزلت دمعتي من فورها فمسحتها سريعا وقلت " زوجي كان الضابط في
قضية علي رضوان الأخيرة والقبض عليه ومن تحدثت عنه وكالة الأنباء
وقد قابلت الوزير أيضا هناك وهوا يعرفني جيدا فقد ساعدت في القضية
ولديّ مشكلة حلها لديه بعد الله "
أشارت للحارس بيدها في الفور قائلة " أدخلوها "
ثم قالت للجالس في الأمام في سيارتها " عد للداخل فورا "
وتراجعت سيارتهم على الفور على صوت الصغير قائلا بتذمر
" لا ماما ألن نذهب الآن ؟ "
واختفت سيارتهم في الداخل ونظرت لي صباح وربتت على كتفي
قائلة بابتسامة " هيا أدخلي يا دُرر فهذه الفرصة قد لا تأتيك مرة أخرى "
أمسكت يدها وقلت " ألن تدخلي معي ؟ "
هزت رأسها بلا وقالت " سأنتظرك في السيارة ولا أعتقد أن هؤلاء
الحراس سيسمحون لي "
تركتها وتوجهت للباب حتى وصلت ووقفت والتفت لها فكانت مغادرة تقطع
الشارع فعدت بنظري للبوابة الواسعة المفتوحة وتنفست بقوة ثم تقدمت منها
ودخلت لتغلق خلفي مباشرة وسرت مسافة نظري يتجول في الحديقة الواسعة
والأضواء المركبة بشكل حلزوني مضاءة حتى في النهار , وصلت باب القصر
المفتوح وكانت السيارة أمامه نزلت منها زوجة الوزير وأنزلت الطفل الذي
يبدوا في الرابعة أو الخامسة ولحقت بهم فتى يبدوا في السابعة
وقال وهو ينزل " ماما أنتي وعدتنا أن نذهب اليوم ؟ "
وضعت يد الصغير في يده وقالت " رويد قلت الوعد وعد وسنذهب فخذ
شقيقك ولغرفتكم فورا وأخبر ترف لا تتركه ينزل مفهوم "
دخل به دون بكاء واعتراض وصراخ كعادة من في سنهم خاصة الصغير
ثم نظرتْ لي هي وقالت مبتسمة " تريدين أن نجلس هنا أم ندخل ؟ "
نظرت لها باستغراب هل هذه فعلا زوجة الوزير !! ركزت نظري على ملامحها
أكثر تبدوا جميلة شكلها ذكرني كثيرا بترجمان لها ذات العينان السوداء الواسعة
والابتسامة المميزة مؤكد زوجته ولن يتزوج واحدة تقل جمالا عن هذه رغم أنه
أوسم منها , نظرتُ حولنا فكان ثمة حرس يتحركون مارين من وقت لآخر
فنظرت لها وقلت " الداخل أفضل إلا إن كان ذلك يزعجك "
قالت بذات ابتسامتها الجميلة " أبدا هيا تفضلي "
ودخلت فتبعتها مستغربة حتى الآن من رحابتها فالبعض حتى إن كانوا
عاميين ووجدوا أنفسهم فجئه أصحاب مركز ترَفعوا على الناس بل وأكثر
حتى ممن ولدوا فيه , قابلتنا امرأة تبدوا خادمة وقالت من فورها
ناظرة لها " عدتم سريعا ؟؟ "
ضحكت الواقفة أمامي وقالت " بل لم نذهب وتجدي ديسم ورويد
في الأعلى سيصيبان ترف بالجنون فاصعدي لهما يا سيلا "
هزت رأسها بحسنا وكانت ستغادر فأوقفتها قائلة " وأخبري إحدى
الخادمات تحضر ماءا وطعاما لضيفتي , سنكون في المجلس العائلي "
هزت رأسها مجددا وغادرت من فورها والتفتت هي لي وقالت
مشيرة بيدها " تفضلي يا ... "
ثم قالت سائرة حيث أشارت " لم تخبريني عن اسمك "
تبعتها قائلة " دُرر علي رضوان
سيدتي "
التفتت لي من فورها وقالت بصدمة " ابنة علي رضوان !! "
وقفت ونظرت للأسفل وقلت بهمس حزين " بل حفيدته "
قالت باستغراب " وزوجك قلتِ أنه من أمسك به في القضية التي
استلمها جابر ؟ "
هززت رأسي بنعم ولازال نظري في الأرض فتنهدت وقالت
" كم هذا مؤسف أن تكوني بين اثنين هما جزء منك "
قلت بهمس حزين " أذنب وأخذ جزائه "
فتحت الباب أمامها وقالت داخلة " أستغرب أن ذكرتِ لي اسمك
كاملا وأنا سألتك عن الأول فقط "
دخلت خلفها قائلة " وأنا أستغرب كل شيء فيك "
أشارت لي بيدها لأجلس وجلست وقالت بضحكة " وما الخطأ
بي استغربته هكذا يا دُرر ؟ "
جلست وقلت بخجل " لم أعني ما فهمته أنا فقط لم أتوقع أن
تستقبليني هكذا و ... "
قالت قبل أن أنهي كلامي " توقعتِ أن أطردك أو أن أتكبر
عليك أليس كذلك ؟ "
لم أعلق فقالت بابتسامتها الجميلة " أحيّي فيك تمسك باسمك فأنا سبق
ومررت بشيء مشابه حين كان والدي فارا من البلاد ومطلوبا سياسيا
ومتهم بالخيانة هنا وبتجارة المخدرات هناك ظلما ولم تتوقف الناس عن
تذكيري بذلك ومعايرتي به حتى تزوجني جابر وكان حينها رئيسا للشرطة
الجنائية فكانت تلك كالحجر في حلقوم الجميع فمن التي يكون والدها بذاك
الماضي الأسود ويتزوجها رجل يتحكم في الشرطة في البلاد جميعها "
قلت بشبه همس " الناس ليس لها إلا الظاهر ولا أحد يحمل ذنب أحد "
دخلت حينها الخادمة بطعام وماء ووضعتهم أمامي وغادرت فورا ورغم
إصراري ورفضي لكنها أصرت أن آكل وأني حامل ووقفت كثيرا فتناولت
القليل وشربت الكثير من الماء لأن ما أنهكني كان العطش , وتبادلنا خلالها
بعض الأحاديث سألتني عن عائلتي ودراستي ولم نتطرق للموضوع الذي
جئت من أجله وهي لم تسألني , مسحتُ فمي وحمدت الله هامسة فقالت
من فورها " هل هذا أكلك وأنتي حامل ونحيلة هكذا ؟ "
قلت بصوت منخفض " شبعت شكرا لك "
قالت مبتسمة " يبدوا خجلتِ مني وأنا من فظاظتي بقيت أراقبك "
قلت بحياء " لا أبدا أقسم أني شبعت وهذا هوا أكلي دائما "
قالت من فورها " إذا أعدّي أنك في منزلك وأني شقيقتك حتى نحظى
بفرصة للقبض على الوزير فهذا وقت عودته عادةً "
نظرت ليداي في حجري وقلت " شكرا لذوقك سيدتي , لقد سمعت
سابقا أن زوجة الوزير كانت فتاة بسيطة من عامة الناس لكنك
فقتِ توقعاتي "
أزالت حجابها وانسدل شعرها الطويل الناعم على كتفها مستقرا في
حجرها وقالت مبتسمة " نادني أرجوان إذا بدلا عن سيدتي , ثم
كيف سأتكبر على الناس وأنا وجدت الوزير ذاته متواضع جدا "
هززت رأسي بنعم وقلت بهمس " يبدوا ذلك واضحا "
قالت بذات ابتسامتها " إذاً تقابلتِ معه ؟ "
قلت بهدوء " نعم لمرة واحدة فقط في أسبانيا أعطى أوامره
لرجاله وغادر"
ثم قلت بتوجس " ظننت للحظة أنه قد يضربني تبدوا شخصيته
مرعبة بغرابة لا أعرف كيف أصفها "
أبعدت شعرها خلف أذنها وقالت بعد ضحكة صغيرة " تعني تبعث
فيك الرهبة ولهذا هوا يكره الشخصيات الضعيفة ولن تعلمي كم
تشاجرت معه قبل أن يتزوجني "
قلت مبتسمة فهذه المرأة تبعت في النفس الطمأنينة " قد تعتبريها
وقاحة مني لكني ما أن رأيته دعوت لك بالرحمة منه "
ضحكت كثيرا وقالت " هكذا يحكم على جابر كل من لا يعرفه
لكنه حقا مختلف "
هززت رأسي قليلا مبتسمة في إشارة لعدم الاقتناع ثم قلت
" موقفه معي كان نبيلا ولم أتوقعه لكنه حقا جِدي بشكل مخيف "
قالت مبتسمة " لقد ارتحت لك حقا يا دُرر لذلك سأحكي لك هذه , منذ
عامين أفسدت له نظاما كاملا في حاسوبه الشخصي فتصوري خطورة
الأمر خاصة أنه ممنوع عن أحد أن يقترب منه لكنه لم يوبخني ولا
مجرد التوبيخ ولا بكلمة واحدة "
نظرت لها بصدمة وقلت " أفسدتِ نظاما في حاسوب وزير مهم
مثله ولم يكلمك !! "
رفعت كتفيها وقالت " يبدوا عَذر فضول المرأة بداخلي , ثم هوا
كان السبب من البداية "
قلت من فوري " لا تقولي أنك شككتِ به وتفتشين خلفه ؟ "
ضحكت وهزت رأسها بلا وقالت " بل بسبب ملف من حوالي الثماني
سنوات وأنا أموت فضولا لمعرفة ما فيه وحين وجدت الطريقة وفتحته
ضربت له نظام حاسوبه بأكمله "
قلت مستغربة " ورأيتِ ما فيه ؟ "
قالت مبتسمة " ظهر أنها صور لي ولأبنائه تصوري , وكم ذبحني
بالفضول لسنوات يرفض أن يفتحه لي وعنْونَه بـ (حدودي عند هنا )
والمضحك أن أغلب الصور كانت لي وأنا نائمة ولا أعلم "
قلت مبتسمة " إذا هوا حقا مختلف عما يبدوا عليه "
ثم نظرت للأسفل وقلت بحزن " ولا أستغرب ذلك فزوجي في أول مرة
رأيته فيها حكمت عليه أحكام سيئة وكنت أخاف وأرتعب من مجرد
اقترابه مني وما أن عشت معه وعرفته جيدا وجدت أنه مختلف جدا "
قالت بهدوء " لقد رأيت ما عرض على التلفاز بشأن القضية وذكروا اسم
من ألقى القبض على علي رضوان وأعتقد أواس وهوا زوجك أليس كذلك "
هززت رأسي بنعم وقلت هامسة بحزن " نعم هوا "
قالت من فورها " أخبريني ما قصتك يا دُرر وما تريدين أن يخدمك فيه
الوزير , طبعا إن لم يكن الأمر سريا ولا تريدي أن أعرفه "
هززت رأسي بلا وقلت " أبدا لن يكون سريا عليك أنتي تحديدا "
وكنت سأتحدث فأوقفني الباب الشبه مغلق الذي انفتح ودخلت منه فتاة تبدوا
فيما يقارب العشرين بقليل بملابس أنيقة مرتبة وحجاب أبيض وكانت جميلة
بدرجة مبهرة خاصة عيناها الزرقاء الواسعة , دخلت ملقية التحية مبتسمة
واقتربت من الجالسة أمامي توليها ظهرها وملتفتة برأسها لها فضمتها من
الخلف وقبلت خدها وقالت " كيف هي ماما الجميلة "
قالت بضحكة " أين تريدين الذهاب ؟ وبدون مقدمات "
ضحكت وضمتها أكثر وقالت " سأذهب لعمتي زهور أم نسيتِ , ثم
أنا لم أراك اليوم أبدا واشتقت لك , لما تضنين بي السوء "
ضحكت وقالت " حسنا يا أميرة بيسان وخدي أخويك معك وارحمي ترف
منهما يكفيها مرام وحاذري من أن يتعبا عمتك مع ابنيها المجنونان "
وقفت على طولها وقالت واضعة يديها وسط جسدها " لما يجب أن
تنكدوا عليا خروجي ككل مرة ؟ ونسيتِ أن ابنك قادم من الكلية غدا
وسيستلمني بكلمة لا تخرجي "
نظرتْ لها فوقها وقالت مبتسمة " تخلصي منه إذا "
تأففت بتذمر ثم مالت لأذنها وهمست لها شيئا ثم وقفت مجددا فقالت
ضاحكة " لا تقلقي سأتحدث مع والدك ولا تنسي أنه ليس أول من ترفضيه
وأعارض أنا ولن أنقدك في كل مرة يا محتالة فوالدك أذكى من أن لا
يفهم أنك أنتي الرافضة وليس أنا "
حركت كتفها وقالت مبتسمة " لا يهم المهم النتيجة "
قالت الجالسة أمامي ناظرة لها للأعلى وبابتسامة ماكرة " لا ترتجي
كثيرا في روبن هود ذاك متسلق الجدران فوالدك لن يوافق عليه "
قالت مغادرة " العمر أمامنا طويل ولن أيئس "
كنت أنظر لهما باستغراب فهذه العائلة مختلفة حقا وكأنه ليس ثمة امرأة
غريبة معهم وتبدوا تلك الفتاة الفاتنة ستحذو حذو أبيها وتتزوج من العامة
أو هكذا تريد , ما أن وصلت الباب وخرجت منه تحدثت مع أحدهم فالتفتت
لها الجالسة أمامي وقالت بصوت مرتفع قليلا " بيسان إن كان هذا
والدك فأخبريه يأتي هنا قبل أن يصعد "
*~~***~~*
هززت رأسي بلا فقالت بتذمر " هذا لا يجوز رِفعت يكفي بالأمس
اعتذرت وتحججت بسبب رفضك "
قلت بحزم " قلت لا يعني لا ولن تتخطى قدمك باب المنزل وحاذري
من أن لا تتبعي النظام الغذائي المحدد في الورقة وأقسم أن أغضب
منك لآخر يوم في عمري "
قالت باستياء " لا أحد يموت قبل يومه ولا يولد والله لم يكتب
له فهل ستسجنني ثمانية أشهر "
رفعت إصبعي وقلت " بل سبعة ونصف لا تصدميني , ثم لا تنسي أنك
من أسبوع كدتِ تجهضين بسبب إهمالك وما حدث لن يتكرر فارحميني
واتركيني أرى ابني سريعا "
تنهدت باستسلام ولم تتحدث فقلت " أدعيهم للغداء هنا معنا متى
ما أردتِ , غيره ممنوع "
قالت ببرود " كيف تدعوك شقيقتك وترد لها الدعوة بمثلها هذا لا يعقل "
وقفت وقلت " أنا من سيخبرها بكل هذا بنفسي فلا تشغلي بالك إلا بصحتك "
ثم توجهت للباب الذي رن جرسه وفتحته فكانت ترجمان وقالت بعبوس
" مرحبا بعمي الذي لا أعرف حتى متى سيستمر في إغضابي "
ضحكت وأمسكت أنفها وقلت " وما فعلت هذه المرة ؟ "
أبعدت يدي وقالت " علّقت مسألة ذهابي مع سراب بموافقة ابن شقيقتك
طبعا , ولعلمك أنا سأبقى معك هنا حتى ترجع هي وأنكد عليك "
قلت مستغربا " متى قلت لك ذلك ؟ بل متى أنتي استأذنتِني ؟ "
نظرت لي بصدمة وقالت ما أن استفاقت منها " من أجاب على
رسالتي إذا إن كنت أنت لم تراها ! "
هززت رأسي بمعنى لا أعلم فقالت مضيقة عينيها
" إياس كان معك اليوم ؟ "
قلت بعد تفكير لحظة " نعم صباحا في مجلسي مع بعض
من رجال الشرطة "
قالت من بين أسنانها " وهاتفك في يده ؟ "
قلت من فوري " تقريبا , لا أذكر جيدا "
قالت بحنق " هوا فعلها إذا وسيرا "
ثم غادرت فخرجت خلفها قائلا " أين ذاهبة وأنتي جئتِ للتو ؟ "
قالت متوجهة لسيارتها " لألحق بسراب وأذهب معها لمنزل
والدتها طبعا وسيرى ابن شقيقتك الأحمق ذاك "
ثم ركبت سيارتها وغادرت فهززت رأسي بيأس منهما ولن أعارض
وأتدخل في شيء فقد أخد هوا فرصته وهذه فرصتها هي ثم سيكون لي
بعدها رأي وقرار على كليهما
*~~***~~*
خرجتُ من هناك ولم أترك كلمة لم أشتمه بها ذاك المحتال , وأنا من
غبائي صدقته ولم أتصل بعمي وأستفسر منه , رفعت هاتفي واتصلت
بسراب وقلت ما أن فتحت الخط " أنا ذاهبة معك انتظريني "
قالت من فورها " خرجت من أكثر من ربع ساعة مع السائق "
تأففت ثم رميت الهاتف جانبا وأدرت المقود وأخذت طريقا فرعيا يخرجني من
العاصمة في وقت أقصر , وفي لحظات كنت خارجها متّبعة ذات ذاك الطريق
المتطرف بأشجاره الطويلة المتراصة حيث كانت حركة السيارات فيه قليلة فعليا
أن أدرك سراب لأني لا أعرف عنوان المنزل ولا رقم والدتها , ما أن اجتزت
الطريق بمسافة حتى لاحظت السيارتان اللتان بدأتا بمحاصرة سيارتي تتعمدان
إيقافها فزدت من سرعتي دون تفكير فيمن يكنوا هؤلاء فكل ما أفكر فيه وأريده
الآن الخلاص من مطاردتهما لي التي لا أفهم سببها , زادوا من سرعتهم أيضا
فمددت يدي لهاتفي ونظري على الطريق فعليا الاتصال بأحدهم , حاولت التركيز
على القيادة المسرعة والتملص من مطاردي وجذب هاتفي الذي لم تصله يدي ولم
أجده فنظرت بسرعة للكرسي ولم أجده ويبدوا وقع في الأسفل فعدت بنظري
للطريق لأفاجئ بالمنحدر الجبلي الذي ظهر أمامي والسيارة تتجه نحوه
بسرعة جنونية ولا مجال للهرب منه
********
المخرج : بقلم الغالية أغاني الوفاء
أعتقيني سيدتي .. فقد هام قلبي في حبك .. واحترقت عيناي شوقاً لقربك..
آهٍ كم هو لذيذٌ تمردك ،،وعنفوانك ،، وحدةُ نظراتك...
تزيدني عشقاً وغراماً .. في عينيكِ ذوباناً...
بتُ مؤمنٌ أنَّ نظراتك سِهامٌ تجتاحُ صدري...نارٌ تضيء دربي...
فلاتتعجلِ في القدوم لحضني وسكني .. لطالما ستدفعين آنفاً ثمن كل ثانيةٍ غبتِ فيها عني..خذِ راحتك،، ودعيني أنضجُ من الحرمان.. فرغماً عنكِ ستدفعين لي الحساب...
محبك: إياس وليس اليائس من التصريح بحبك♬♬
سلمت الأيادي
نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الإثنين إن شاء الله