لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-03-16, 05:32 PM   المشاركة رقم: 2781
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,178
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الرابع واﻷربعون)

 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لكل الغاليات متابعات الروايه ولمشاركاتهن الرااائعه ومطالبتهن
بفصلين وللحلوين اللي جالسين بين اربع جدران في الإجازه واللي ماشفت طلبهم إلا متأخر ودعوتهم الحلوه راح أنزل اليوم فصلين
وحبيباتي الشكر لميشو اللي حطتها براسي وأعطتني الضوء الأخضر متى ماشفت الوضع محتاج أنزل لكم فصلين أنزل
من غيرما أرجع لها
فأدعوا لها إن الله يفرج همها وينعم على بلادها وبلاد المسلمين
بنعمة الأمن رغم الظروف الصعبة اللي تمر بها بلادها تحاول
إنها ماتتأخر عليكم وتوصل الفصول لكم في وقتها ومن حرصها
والتزامها ارسلت لي الفصول حتى توفي بوعدها لكم فلا تنسوها
من الدعاء لها فمن الدعاء المستجاب دعوة المسلم لأخيه في ظهر الغيب
بالنسبه للي سألت كم باقي للروايه من غيرفصلين اليوم يبقى
تقريبا 16 بارت يعني قريب شهرين على النهايه
فلا تستعجلون وطالبون ببارتين على طول لأن لوبلبي طلبكم
بأصدم ميشو ويمكن ماترسل الفصول الاخيره هههههه
خلوها ترسل بقية الفصول وبعدين أنزل لكم ههههه
أمزح ميشو الفصول في الحفظ والصون وماعاد فيه فصلين
بعد كذا إلا مره ثانيه من هنا لنهاية الروايه متى ما أجمعوا
واتفقوا الأعضاء على فصلين وماراح نستغل كرمك

المهم لأن ماأكون متواجده الساعه العاشرة
بنزل لكم الفصلين بعد المغرب
قراءة ممتعة لكم مقدما

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 13-03-16, 05:54 PM   المشاركة رقم: 2782
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2016
العضوية: 311012
المشاركات: 61
الجنس أنثى
معدل التقييم: منار مرجانة عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 59

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
منار مرجانة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي مشاهدة المشاركة
  

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لكل الغاليات متابعات الروايه ولمشاركاتهن الرااائعه ومطالبتهن
بفصلين وللحلوين اللي جالسين بين اربع جدران في الإجازه واللي ماشفت طلبهم إلا متأخر ودعوتهم الحلوه راح أنزل اليوم فصلين
وحبيباتي الشكر لميشو اللي حطتها براسي وأعطتني الضوء الأخضر متى ماشفت الوضع محتاج أنزل لكم فصلين أنزل
من غيرما أرجع لها
فأدعوا لها إن الله يفرج همها وينعم على بلادها وبلاد المسلمين
بنعمة الأمن رغم الظروف الصعبة اللي تمر بها بلادها تحاول
إنها ماتتأخر عليكم وتوصل الفصول لكم في وقتها ومن حرصها
والتزامها ارسلت لي الفصول حتى توفي بوعدها لكم فلا تنسوها
من الدعاء لها فمن الدعاء المستجاب دعوة المسلم لأخيه في ظهر الغيب
بالنسبه للي سألت كم باقي للروايه من غيرفصلين اليوم يبقى
تقريبا 16 بارت يعني قريب شهرين على النهايه
فلا تستعجلون وطالبون ببارتين على طول لأن لوبلبي طلبكم
بأصدم ميشو ويمكن ماترسل الفصول الاخيره هههههه
خلوها ترسل بقية الفصول وبعدين أنزل لكم ههههه
أمزح ميشو الفصول في الحفظ والصون وماعاد فيه فصلين
بعد كذا إلا مره ثانيه من هنا لنهاية الروايه متى ما أجمعوا
واتفقوا الأعضاء على فصلين وماراح نستغل كرمك

المهم لأن ماأكون متواجده الساعه العاشرة
بنزل لكم الفصلين بعد المغرب
قراءة ممتعة لكم مقدما



تسلمي فيتو
وتسلم ميشو
وان شاء الله ربنا يفرج كربها وكرب ليبيا وبلاد المسلمين جميعا
بإذن الله كل شئ يتغير للأحسن

ماضاقت إلا فرجت

 
 

 

عرض البوم صور منار مرجانة   رد مع اقتباس
قديم 13-03-16, 06:04 PM   المشاركة رقم: 2783
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2013
العضوية: 258758
المشاركات: 360
الجنس أنثى
معدل التقييم: najla2013 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداnajla2013 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداnajla2013 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداnajla2013 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداnajla2013 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداnajla2013 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 524

االدولة
البلدTunisia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
najla2013 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الرابع واﻷربعون)

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي مشاهدة المشاركة
  

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لكل الغاليات متابعات الروايه ولمشاركاتهن الرااائعه ومطالبتهن
بفصلين وللحلوين اللي جالسين بين اربع جدران في الإجازه واللي ماشفت طلبهم إلا متأخر ودعوتهم الحلوه راح أنزل اليوم فصلين
وحبيباتي الشكر لميشو اللي حطتها براسي وأعطتني الضوء الأخضر متى ماشفت الوضع محتاج أنزل لكم فصلين أنزل
من غيرما أرجع لها
فأدعوا لها إن الله يفرج همها وينعم على بلادها وبلاد المسلمين
بنعمة الأمن رغم الظروف الصعبة اللي تمر بها بلادها تحاول
إنها ماتتأخر عليكم وتوصل الفصول لكم في وقتها ومن حرصها
والتزامها ارسلت لي الفصول حتى توفي بوعدها لكم فلا تنسوها
من الدعاء لها فمن الدعاء المستجاب دعوة المسلم لأخيه في ظهر الغيب
بالنسبه للي سألت كم باقي للروايه من غيرفصلين اليوم يبقى
تقريبا 16 بارت يعني قريب شهرين على النهايه
فلا تستعجلون وطالبون ببارتين على طول لأن لوبلبي طلبكم
بأصدم ميشو ويمكن ماترسل الفصول الاخيره هههههه
خلوها ترسل بقية الفصول وبعدين أنزل لكم ههههه
أمزح ميشو الفصول في الحفظ والصون وماعاد فيه فصلين
بعد كذا إلا مره ثانيه من هنا لنهاية الروايه متى ما أجمعوا
واتفقوا الأعضاء على فصلين وماراح نستغل كرمك

المهم لأن ماأكون متواجده الساعه العاشرة
بنزل لكم الفصلين بعد المغرب
قراءة ممتعة لكم مقدما

و الله يا فيتو هالقرار جاء بوقته ...يا بنتي مش بس إجازة في البيت و بين أربع حيوط ...و بين أربع عيال الله يخليهم ...و بين تدريس اثنين منهم المنهج التونسي صباحا و مساءا و بين أغلب الجيران و الحبايب طلعوا عمرة ...انا مسكينة و أحتاج كل يوم فصلين 😂😂😂😂

 
 

 

عرض البوم صور najla2013   رد مع اقتباس
قديم 13-03-16, 06:15 PM   المشاركة رقم: 2784
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,178
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الرابع واﻷربعون)

 



الفصل الخامس والأربعون


نظر لي بصدمة مطولا ثم قال " سدين هل تعي معنى ما قلته الآن ؟ "

قلت بجدية " نعم وكلي ثقة مما أقول "

هز رأسه بعدم استيعاب ثم قال " هل جننتي ؟ كيف تقولين هذا الآن

وأنتي زوجته "

نظرت ليداي في حجري وقلت " ألم تقل أنك تثق بي وأني

لا أقرر شيئا من فراغ ؟ "

قال بحيرة " وما السبب إذا ؟ "

نظرت لعينيه وقلت بهدوء " لو كنت ستسألني على السبب وستجعله

شرطا لتفعل ما قلت فانس كل شيء وليتم الأمر كما كان "

قال بحزم " كيف أنسى كل ما قلتيه الآن وأنا أكيد من أنه ليس

من فراغ , فما الذي حدث يا سدين تكلمي "

قلت بإصرار " أخبرتك أن تنسى الأمر إن كنت ستصر

على معرفة السبب "

هز رأسه بقوة وضرب صدره بكف يد وقال من بين أسنانه

" ماذا فعل لك تكلمي يا سدين ؟ "

أمسكت يده وقلت برجاء " لا تأخذك أفكار لشيء في صديقك يا إياس

أنا لم أرى ما يعيبه لا معي ولا مع غيري من الناحية التي تفكر فيها "

قال بحدة " وما السبب إذا ؟ "

لذت بالصمت فتنفس بقوة وقال " سدين تكلمي "

وقفت وقلت " لن أتحدث يا إياس ولا تظن بصديقك الظنون لأن

غرضي أن لا تشك به ولا تتغير صداقتكما فالأمر لا يخص

أحدا غير نفسي "

وقف أيضا وقال " وهل تعي معنى هذا يا سدين ؟ ستصبحين

مطلقة وأنتي لم تتزوجي بعد والناس لن ترحمك "

قلت من فوري " لا يهم وتعرفني جيدا يا إياس أنا أقوى من

أن يهزمني شيء أسمه طلاق "

قال بضيق " وهذا دليل آخر على أن ثمة شيء يجعلك تتمسكين

برأيك , ثم ما سأقول للرجل شقيقتي لا تريدك فطلقها "

قلت مثبتة نظري على عينيه " إن كنت حقا تثق بي يا إياس وتعنيك

سعادتي وموقن من أني لا أفعل هذا لأخذلك بصديقك فاطلبها

منه ولا تخف لن يرفض "

أمسك ذراعاي وهزني قائلا " وواثقة من موافقته وتقولين

أنه لا سبب لذلك "

قلت وكلي إصرار " لا تغضب يا إياس وسأتزوجه إن كان

الأمر مرتبطا برضاك عني "

ترك ذراعاي حينها وصرخ قائلا " وكيف أسلمك له وأنتي تقولين

ما قلتيه يا سدين , لو كانت إحدى شقيقاتك لأجبرتها لكن أنتي .... "

ثم تأفف وأمسك قفا عنقه بيده ينظر للأرض فقلت بهدوء " قل برضاي

عليك انسي الأمر وتزوجيه وقسما أن أفعلها وأنا راضية لكن إن كان

الأمر لي فأنا لم أعد أريده "

غادر حينها من أمامي متوجها للسلالم وقال صاعدا يحدث أحدهم

في هاتفه " اسمع لا تغادر المركز غدا حتى أراك , تصبح على خير "

فانهرت حينها جالسة أمسح الدمعة التي سالت على خدي فمؤكد ذاك أمين

وسيتحدث معه غدا وسيمارس معه أسلوب الضغط أيضا ليعرف السبب

وكل ما أخشاه أن تتأثر صداقتهما بسببي , أنا أنانية حقا ولم أفكر إلا بنفسي ؟

لكنها حياة وعشرة وأطفال وأنا من ستدفع ثمنها وهوا متزوج بي مرغما

وكارها وقد تورط بسبب صديقه ولن أستغرب أن يتزوج بغيري يوما لأنه

يرى نفسه لم يتزوج من المرأة التي يريد , لو كان راض بي من نفسه

وخطبني قسما ما التفت لتلك الأمور أبدا لكني لا أُفرض على رجل







*~~***~~*







نظرت للنائمة على مقربة مني لا أرى سوا خيالها في ظلام الغرفة رغم أنها

تنام مقابلة لي فمنذ جئت هنا ونحن ننام في غرفة واحدة رغم اتساع الطابق

وكثرة غرفه وكأننا نريد استرجاع تلك الأيام , وكأنها ليست سراب تلك التي

كانت تتذمر من نومنا معا في غرفة واحدة وهي تصر الآن على أن نعيش

في ذات الغرفة ؟ عدت بنظري للسقف وقلت بهدوء " سراب لم

تنامي أليس كذالك ؟ "

قالت بشبه همس " لا "

نظرت ناحيتها مجددا وقلت " وتبكي من أكثر من ساعة "

لم تعلق ولم تتحرك فتنهدت وقلت " ما قال لك ذاك المغفل ؟ "

قالت ببحة " لا شيء "

قلت ببرود " كيف لا شيء وأنتي تبكي هكذا "

قالت بصوت خافت " سجل نصف ثروة عمي باسمي

وأخذ النصف "

نظرت لها مطولا باستغراب ثم قلت " ولما فعل ذلك ؟ بل وما

بقي من تلك الأملاك يمكنكم اقتسامه ؟ "

قالت بذات نبرتها الحزينة المبحوحة " لا أعلم "

جلست وقلت ناظرة لخيالها في الظلام " وما يبكيك في ذلك ؟

هل تخشي من أن يطلقك ؟ "

قالت باستياء " ترجمان يكفي هراء وتخاريف "

قلت ببرود " وما سبب هذه المناحة إذا ؟ "

لم تجب طبعا فتنهدت وقلت بسخط " لا تقولي من شوقك له ورؤيتك

لوجهه ومن الحب الذي تغلب عليك "

قالت بضيق " أشعر بالضيق والبكاء يخفف عني هل هذا يرضيك "

تمتمت بسخط " نامي يا بلهاء "
ثم عدت للنوم أيضا وعاد نظري هائما في السقف وبعد وقت قصير وصلني

صوتها قائلة " ترجمان هل أسألك سؤالا تجيبين عليه بصراحة "

قلت بهدوء " وتتوقفي عن البكاء ؟ "

قالت من فورها " حسنا "

نظرت جهتها وقلت مبتسمة " لم أكن أعلم أني سبب بكائك "

خرجت منها ضحكة صغيرة حزينة وبائسة فقلت بضيق

" قتل حتى ضحكتك ذاك الأحمق "

قالت من فورها " ترجمان ألا تفكرين في إياس ؟ ألا يخطر

في بالك أبدا طوال فترة بقائك هنا ؟ "

قلت ببرود " طردة جديدة هذه "

تأففت وقالت " تعلمين جيدا أني لا أريد ذهابك من هنا أبدا

فلا تتهربي من الجواب "

عدت بنظري للسقف وقلت " أحيانا وأغلبها أطرد تلك الأفكار سريعا "

قالت حينها بحزن " لما يحدث معنا هذا ؟؟ لما الحب هكذا ولما

هم لا يشعرون ؟ "

قلت بجمود " لا أعلم ولم أفكر في هذا "

قالت بعد قليل " ألم تشعري بالسعادة حين علمتِ أنه ليس

متزوجا بتلك ؟؟ "

ابتسمت بسخرية بل بألم وقلت " لم أشعر حينها بشيء سوا الإهانة

وجرح كرامتي وخداعهم لي "

تنهدت وقالت " أفكارك غريبة يا ترجمان "

قلت ببرود " وما الغريب في أفكاري ؟ هل كنت تريدين مني أن أرقص

فرحا وهم يخبروني عن خطتهم الساذجة التي كنت الغبية الوحيدة فيها "

قالت بهدوء " أنا حين شككت أنه متزوج عليا بسبب مكالمة والدتي تلك كدت

أفقد عقلي وقتها وحين أخبرني الحقيقة أشك أني سعدت بأن ظنوني كانت

في غير محلها أكثر من سعادتي بأنها والدتي التي حرمت منها حياتي "

قلت ببرود " حمقاء طوال حياتك "

قالت بضيق " بل أنتي الحمقاء "

قلت بضيق مماثل " بل الحمقاء التي تبكي عليه من ساعة وهوا

نائم ويحلم أيضا "

قالت بحنق " بل زوجك النائم الذي لا يفكر فيك أبدا "

قلت من فوري " بل زوجك "

قالت بجدية " بل أنتي "

وبدأنا نتقاذف كلمة أنتي بيننا كالكرة حتى جلست وقالت

" أتحداك أن يكون زوجك في سابع نومه الآن ولم يفكر بك قط "

جلست مثلها وقلت " بل زوجك الديك الذي ينام قبل الدجاج

في ذاك الحي المتهالك ولن يكترث لك ولو قتلوك "

قالت من بين أسنانها " تراهنين على هذا "

قلت بتحدي " نعم "

فهذا أسوء أطباعي إن كان في الأمر تحدي قفزت الشياطين جميعها

في رأسي , قالت بجدية " والخاسرة سترسل الأخرى له رسالة الآن

من هاتف زوجته "

ضحكتُ بسخرية لأني متأكدة أولا أنها ستخسر ومتأكدة أكثر أني لن

أرسل له لأنه سيكون في عمله الآن ومستيقظ , قلت " موافقة ورسائل

غرامية ممنوع تفهمي "

ضحكت وقالت " يبدوا أنك متأكدة من أنك ستخسرين "

قلت ببرود " سنرى , والآن كيف سنعلم عنهما ؟ "

غادرت سريرها والغرفة وعادت بعد قليل تتبعها الفتاة الكبرى من

فتيات سكان الطابق السفلي تفرك عيناها وقالت وهي تتثاءب

" ماذا بك يا سراب أقلقتني ؟ "

سحبتها من يدها وأجلستها على سريرها وقالت " خذي هاتفك اتصلي

بآسر الآن لتري إن كان نائما أم لا وتحججي بأي شيء ولا تخبريه

أني من طلب ذلك منك "

فركت عيناها جيدا ونظرت لهاتفها ثم لها بصدمة وقالت

" في هذا الوقت ؟؟ "

قالت من فورها " نعم بسرعة "

قالت تلك بتردد " وما سأقول له ؟ "

قلت مبتسمة بمكر " لا تخافي لن يجيب لأنه نائم من وقت "

نظرت لي سراب بضيق ثم لها وقالت " إن أجاب فأخبريه أنك أخطئتِ

أو ضغطتِ الأزرار دون قصد ونمتِ والهاتف بجانبك ولم تشعري

به أو أي حجة "

تنهدت الفتاة بحيرة ثم ضغطت أزرار الهاتف ووضعته على أذنها

متمتمة " يا رب لا يجيب "

أشرت لها لتفتح مكبر الصوت ففعلت على الفور ورنة اثنتين ثلاثة

فنظرتُ لسراب بشماتة وما كانت الرنة الرابعة حتى فتح الخط قائلا

بقلق " صفاء ما بك تتصلين هذا الوقت ؟ "

لويت شفتاي بحنق من صوته الذي لا يبدوا عليه النوم أبدا وقالت

الفتاة " آسفة آسر هل أيقظتك من نومك ؟ "

قال مباشرة " لا لم أكن نائما فما بكم تكلمي "

نظرت لي سراب بابتسامة ماكرة وقالت الفتاة بهدوء " لا شيء

جميعنا بخير أردت فقط إخبارك عن زيارتك للمدرسة خفت

أن تنسى موعد زيارتك للمدير "

قال حينها " لا لم أنسى وسأكون هناك غدا "

أنهت بعدها المكالمة وقالت " هل أذهب لأنام الآن ؟ "

فقالت سراب من فورها " نعم شكرا لك يا صفاء "

فوقفت وغادرت من فورها دون حتى أن تسأل عن سبب طلبها

منها ذلك فقلت من فوري " هذا غش يبدوا أنكما متفقتان "

نظرت لي وقالت بضيق " متفقتان على ماذا وأنا جئت بها إلى هنا فورا "

ثم قالت بمكر " هيا إن ظهر أن زوجك نائم فسأعد رسالة ستعجبك كثيرا "

قلت بمكر مماثل " سنرى "

ووقفت وتوجهت لهاتفها رفعته وجلست على طرف سريها

وقلت " بما أنه لا يعرف رقم هاتفك سنعلم من خلاله "

قالت من فورها " وكيف يا بلهاء "

قلت وأنا أكتب رقمه " سيجيب وسنعلم من صوته ومن تأخره

يا من لستِ بلهاء "

قالت من فورها " افتحي مكبر الصوت ولا تغشي "

قلت ببرود " أعلم "

رن الهاتف مطولا حتى انقطع الاتصال ولم يجب فأعدت الاتصال مجددا

دون أن أنظر لها والنتيجة ذاتها فسمعت صوت ضحكتها المكتومة فقلت

بضيق " قد يكون بعيدا عنه فلا تفرحي قبل الأوان "

كررت الاتصال مجددا ففتح الخط هذه المرة فابتسمت بمكر على

تذمرها الهامس وماتت تلك الابتسامة ما أن أجاب بصوت ثقيل قائلا

" من معي "

انقلبت حينها تلك الحمقاء للخلف تضحك فأغلقت على لاقط الصوت

بكفي كي لا يسمع ضحكها وقلت هامسة من بين أسناني

" ستفضحيننا يا حمقاء "

عادت للجلوس مجددا تصفق بلا صوت مخرجة لسانها وقال هوا

" من ؟؟ تكلم أم تريد إزعاج النيام فقط "

أغلقت عليه الخط حينها متمتمة ببرود " نامت عليك شاحنة يا أحمق "

وانطلقت صرخة سراب القائلة بحماس " وااااحد صفر وهاتي هاتفك فورا "

رميت عليها هاتفها وقلت متوجهة لسريري " لابد وأنك تعلمين أن اليوم

يوم عمل زوجك لذلك هوا مستيقظ "

قالت بابتسامة جانبية " ومن أين سأعلم يا ذكية , هيا أعلني

هزيمتك ولننفذ باقي الشرط "

قلت من فوري " في أحلامك , لن ترسلي له الآن ليعلم أنها

أنا من اتصلت به منذ قليل "

وضعت يداها وسط جسدها وقالت بضيق " لم أعرفك تتراجعين

في كلامك يا ترجمان , وإن كنت مكانك ما انتظرتِ لحظة "

قلت بضيق " قلت ليس الآن فانتظري للصباح ثم أرسليها "

قالت بضيق أكبر " مخادعة وغشاشة وستري حسابك مني يـ.... "

رميت عليها الهاتف مسكتة لها وقلت " قسما إن كان فيها كلمة غرامية

واحدة سأرسل لزوجك وأخبره أنك تبكي عليه طوال الليل "

رفعت هاتفي قائلة بابتسامة انتصار " لا تقلقي لن أخل باتفاقنا "

بقيت أراقبها وهي تكتبها مبتسمة تمرر لسانها على شفتها السفلى

فقلت " قسما يا سراب إن كان فحواها ما أتوقعه فلن تنجي مني "

قالت بتذمر " أسكتي لأعرف ما أكتب "

ثم رمته لي وقالت " وصلت بسلام وسيجدها صباحا "

رفعت الهاتف وفتشت فيه ثم نظرت لها وقلت " لما مسحتها ؟ "

نامت وتغطت باللحاف قائلة " لا تخافي لا توجد بها ولا

كلمة مما تخشين "

قلت بنصف عين " ولم تشتميه فيها ؟ "

قالت ضاحكة " هل تخافين على مشاعره "

نظرت لها بضيق فقالت " لا تخافي لم أشتمه "

نظرت لها بريبة وشك فأولتني ظهرها وقالت بتثاؤب " تصبحين

على خير , كانت لعبة مسلية سنكررها دائما "

قلت ببرود " نعم معك حق فأنت مبسوطة لأن زوجك مستيقظا

ويبدوا يبكي عليك أيضا "

قالت ببرود " خطة فاشلة لأخذ حقك مني ونامي هيا "

ارتميت على السرير أنظر لشاشة الهاتف , ترى ما أرسلت له هذه الوقحة

لو كنت أعلم أن هذه ستكون النتيجة وأن يوم عمله تغير عن السابق ما قبلت

التحدي , رميت الهاتف على الطاولة بجانب سريري وسافرت بنظري للسقف

وبتفكيري لوضعي الآن , حتى متى سأبقى هكذا مكاني ؟ عليا أن أبحث عن عمل

بشهادتي بما أني تخرجت بسببه , وأن أخطط لحياتي مستقبلا هل سأذهب لمنزل

عمي أم ماذا سأفعل خاصة إن عادت سراب لزوجها ويبدوا ذلك قريبا ووجودي

هنا وقتها لا مبرر له , تنهدت بضيق وأغمضت عيناي وسافرت لعالم النوم

وتركت الغد للغد









*~~***~~*










جلست وسط منزله أفرك يداي بتوتر ولا حيلة لدي في شيء , ما هذه

الأيام العسيرة التي نمر بها ؟ هونها يا رب , انفتح الباب فوقفت على

طولي ثم تنهدت بيأس وقلت " قيس هذا أنت ؟ ظننته والدك "

لوا شفتيه وقال " ما بك عمتي والدي ليس طفلا "

قلت بضيق " أعلم أنه ليس طفل لكنه متغيب عن المنزل من خروجه

نهار أمس ونحن الآن منتصف الليل ولم يرجع وخرج في مزاج سيء

جدا , لا أعلم كيف تنامون هكذا مرتاحي البال وهوا مختفي ! ماذا

لو كان حدث له شيء "

حرك يده أمام وجهه بضجر وقال متوجها للداخل " ما كل هذه المحاضرة

التي لا داعي لها فانظري أنتي ما قلتيه له جئتِ من هنا وفر هوا من فوره "

لحقت به وأمسكت ذراعه وقلت " أين تذهب ؟ أخرج للبحث عنه بسرعة "

سحب ذراعه مني وقال بضيق " لو حدث له شيء لوصلنا خبره فأخبار

السوء أسرع من الهواء "

قلت بضيق أكبر " قل لا قدر الله يا صعلوك , ما الذي ستجنيه إن

فقد هوا حياته "

قال بسخرية " وما سأخسره ها ؟ حرمني من المال يكنزه كابنه

فليمت على الأقل نرث منه شيئا "

قلت بغضب " ولما حرمك منه وهوا الذي لم يبخل عليك يوما ؟

هل سألت نفسك عن السبب "

تأفف وفتح باب غرفته ودخل وأغلقه خلفه بقوة فضربت كفاي ببعض , هذه

نتائج تربيتك يا سالم ابنان فاسدان عاقّان ولا يعجبك أواس , لا بارك الله فيك

يا علي رضوان دمرت العائلة عن بِكرة أبيها , نظرت بعدها جهة باب غرفته

وزوجته وهززت رأسي بيأس , تنام قريرة العين ولا تسأل حتى عن زوجها

أين يكون وهوا لم يخبرها أين ذهب ومتى سيرجع , انفتح باب المنزل مجددا

فأسرعت نحو الداخل منه ووقفت أمامه أنظر بضياع لملامحه المتعبة العابسة

وقلت بتوجس " سالم أين كنت كل هذا الوقت أقلقتني عليك ؟ "

تقدم نحو الداخل قائلا بخفوت " كنت أبحث عنه "

لحقت به قائلة " وماذا حدث معك ؟ "

وقف مكانه وانهار جالسا على الأريكة وقال متكأ بجبينه على يده

" لم أجده ذهبت حتى للمنطقة التي يسكنها أعمام والدته ولم أجده ولم

يراه أحد وحتى رئيسه في الشرطة لم يرضى أن يعطيني جوابا شافيا "

جلست أمامه وقلت بدمعة ملئت عيناي " وأين اختفى هكذا ؟ "

رفع رأسه ونظر لي بملامح مسودة من الوجوم وقال

" ماذا قال لك أنتي يا خديجة ؟ "

هززت رأسي وقلت بحزن " لم يقل شيئا واضحا قال انسي أنه

لأواس وجود في الحياة وأنه سيكون بخير "

فتح زر قميصه العلوي وكأنه يريد أن يدخل كمية أكبر من الهواء

لرئتيه ثم مسح جبينه المتعرق وقال " قد يكون في مهمة سرية في

عمله لذلك لم يخبرك ولا رئيسه يريد قول شيء "

نظرت للأرض وقلت بأمل ميت " كم أتمنى ذلك يا سالم لكن

كلامه لا يؤكد ما تقول أبدا "

أمسك رأسه بيديه متكأ بمرفقيه على ركبتيه ناظرا للأرض وقال بأسى

" كل من كانوا بجانبي تخلوا عني يا خديجة , كل شيء كان مدبر له

من طرف ذاك القاضي السابق واختفائهم الآن مع اختفائه أكبر دليل "

وضعت يدي على كتفه وقلت بهدوء حزين " وهذا ما كان يعلمه أواس سابقا

ويحاول إنقاذك منه لكنك كنت معمي عن الحقيقة , كنت ترفض سماعه ولا

تصديقه , كان خائفا عليك وعلى أخويه ويعلم جيدا أنه لن يقدر على رد

شر ذاك المتغطرس عنكم "

ثم مسحت دمعتي التي سالت جمرة أحرقت جفني وقلت بأسى " دمره

ودمر كل من كانوا حوله ليعيش وحيدا وتعيسا , دمر طفولته وشبابه والله

أعلم الآن ما سبب اختفائه هذا وكل خوفي أن يكون ذاك الخائن ورائه "

رفع رأسه ونظر لي وقال " ثمة رجل طلبك للزواج "

شهقت في وجهه بقوة ويدي على صدري فتابع قائلا

" ويريد الرد سريعا "

قلت بضيق " نحن في ماذا الآن يا سالم وأنت في ماذا ؟ ومن هذا

الذي يريد الزواج بامرأة مثلي سافر بها العمر "

قال بجمود " أنتي لستِ كبيرة فلا تظلمي نفسك أكثر وهوا قال أنه

كان قادما لنا في الغد لولا ذهابي له "

نظرت للأرض بشرود وتذكرت كلام أواس عن الرجل الذي سيأتي بشيء

وأن لا أرده وأخذ مني الوعد بذلك لكن لم أتخيل أن يكون في الأمر زواج

فما يريد بي ومن يكون !! أخرجني من شرودي صوت سالم قائلا بشيء

من التردد " هذا الرجل لا يرد يا شقيقتي وأنتي تعلمي ... أقصد... "

وسكت ينظر للأرض فقلت بحزن " أعلم ماذا يا سالم ؟ أن زوجتك

لن تقبل بي هنا "

عاد لإمساك رأسه بيديه مجددا وقال " أشعر برأسي سينفجر خسارة المصرف

وانهيار كل جهدي لسنوات , ابني المسجون حتى الآن والآخر ضائع في الشوارع

مع الصعاليك وأواس المختفي بغموض , زوجة سيئة طباع لا تحب أحدا وشقيقة

في عنقي ستزيد من لسان تلك الحية , في ماذا أفكر وماذا يا خديجة ؟

وماذا سأنقذ من ماذا "

وقفت وقلت بجمود " أخبره أني موافقة "

رفع رأسه ونظر لي وقال باستغراب " من دون أن تعرفي من يكون "

ابتسمت بحزن أنظر لعينيه , هل سيفرق عندي من يكون ؟ ثم أنا أثق

بأواس وأعطيته عهدا بذلك , قلت بحزن " من المفترض أن تسعد

بردي فهوا غرضك وسأخلصك من أحد الأعباء التي على كتفك "

وقف أيضا وقال " أنا لست متضايقا من وجودك لكن زوجتي تعرفيها

جيدا ستنغص حياتك وحياتي وفرارك من هنا حلك الوحيد "

نظرت للأرض وقلت بابتسامة ساخرة " أرجوا أن لا أفر لمكان

أتعس من هذا وزوجة لرجل آخر ستكرهني أكثر "

قال من فوره " لا هوا لا زوجة له "

نظرت له بصدمة وقلت " ومن هذا الذي سيتزوجني ولا زوجة لديه !! "

قال بشبح ابتسامة " رجل لن تعطيك الفرص مثله مرة أخرى "

نظرت له باستغراب وكنت سأتحدث لكنه تابع قائلا

" إنه رئيسه العقيد رِفعت أسعد صياد "

شهقت حينها من الصدمة وتابع هوا قائلا " لن يكون طوق نجاة

لك وحدك بل ولعائلة شقيقك جميعهم يا خديجة "

قلت بضيق " هراء وجنون , ما يريد بي ذاك الرجل الذي

لا زوجة له من أعوام "

نظر لي باستغراب فتلعثمت ولم أعرف ما أقول ثم انهرت جالسة مجددا

على صوته قائلا " الرجل مصر عليك وقال أنه مستعد لكل ما ستشترطين

ورجل بمركزه وبلا زوجة ولا أبناء فرصة لا تحضا بها أي امرأة ولا

تنسي أنك وافقتِ منذ قليل "

ثم غادر متمتما " وهذا أول شرخ في حياتي سيجبر ولن أرتاح

حتى ترجع يا أواس "

ثم دخل غرفته وتركني جالسة مكاني دمعتي على خدي كما كنت كل حياتي

وكما عرفتهم فيها لا يعيرون لمشاعر المرأة شيء وها قد ختموها بزوج جديد

عقيدا في الشرطة أي متحجر جديد ورجل قاسي آخر لن أجد فيه الحضن الذي

يحتويني لن أجد فيه الصدر الذي أسكب عليه دموعي وهمومي وفي النهاية

عليا أن أوافق لأنه زواج مصلحة فقط ولست أعلم ما يصنعه بي رجل لم

يراني ولا يعرفني ورافض للزواج كل هذه السنوات وكل خوفي أن يكون

أواس من طلبها منه وهذا هوا المؤكد فيبدوا فكر حتى في مصيري بعده

آه يا أواس أين اختفيت هكذا يا ابن شقيقي







*~~***~~*






نزلت السلالم بخطوات مسرعة فقد أخذني النوم وتأخرت عن أمين لأرى

سبب هذه المصيبة الجديدة وكأنه ينقصني مصائب وهموم , توجهت للباب

أنظر لهاتفي ووقفت مكاني حين وجدت رسالتين من ترجمان !! , سندت يدي

على الجدار وكل مخاوفي وظنوني أن يكون أصابها مكروه وأحدهم اتصل بي

فالرسالة وصلت وقت ذاك الاتصال أو أنها فكرت فكرة مجنونة كسابقتها بالهرب

لعائلة والدتها لكن ماذا يطرها لترسل لي وهي غاضبة مني وأعلنتها نفيرا ؟؟

فتحت الرسالة الأولى فكان فيها ( لو كنتُ قطا متشردا ورميته في القمامة

لكنت ذهبت واطمأننت عليه يا عديم الذوق )

ثم وجه تخرج منه قلوب فأعدت قراءتها مرة أخرى غير مستوعب لها ولا

مصدق أن تكون منها ثم فتحت الرسالة الأخرى فكان فيها ( الرسالة السابقة

لست من أرسلها ولا تجب عليها ولا أريد سماع صوتك ) فضحكت حينها فهذه

الرسالة بالتأكيد من ترجمان أما الأولى فلا قطعا أولاً لأنها ستكون فيها سخرت

من نفسها وثانيا أظهرت أنها تريد اهتماما مني , ابتسمت بمكر وأرسلت لها

رسالة تليق بها وأعلم ما ستحدث فيها ثم غادرت المنزل فاصبري قليلا حتى

أتفرغ لك يا ترجمان وأصبح هناك , غادرت المنزل وتوجهت للمركز فكان

أمين واقفا عند سيارته ينتظرني فأوقفت سيارتي بقربه وقلت من النافذة

" اركب سيارتك واتبعني "

قال من فوره " ماذا هناك أخرجك لي هذا الوقت ؟؟ "

أشرت له بيدي دون كلام وتحركت فركب سيارته ولحقني حتى وصلنا لمقهى

صغير عند أحد الأرصفة ونزلت وقت ما ركن هوا سيارته ونزل ودخل خلفي

وتوجهنا لطاولة متطرفة ولأن الوقت لا يزال مبكرا فقد كان المكان شبه خال

تماما , جلس مقابلا لي وقال بريبة " ما بك يا إياس شغلت بالي ؟ "

نظرت لعينيه وقلت بجدية " ما بينك وبين سدين ؟ "

تنقل بنظره بين عيناي لوقت ثم قال " وما قالت لك ؟ "

قلت بحزم " هناك شيء ما إذاً "

لاذ بالصمت ولم يتحدث فقلت " أريد سماع ذلك منك "

تنهد وقال " سوء فهم بسيط وسأجد له حلا لا تشغل بالك "

قلت بجدية " لا ليست سدين من تقرر قرارا كالانفصال

ويكون السبب خلافا بسيطا "

قال بصدمة " تريد الانفصال !! "

قلت بجمود " نعم وإن كانت غيرها من شقيقاتي أو أي امرأة أجهلها

لقلت حركات نساء سخيفة وتختبر مكانتها ليدي ولديك لكن سدين

شيء مختلف وقرارها ورائه أمر لم أعرفه منها فعليك أنت قوله "

قال بشيء من الضيق " هل أفهم من كلامك أنها صادقة وأني أكذب "

قلت بضيق مماثل " أمين تعلم قصدي جيدا فلا تتهرب من الموضوع

بوضع نفسك في موضع الدفاع "

تأفف وقال " سأحل الموضوع بمعرفتي يا إياس ولن أطلقها

ولا أريد أن ننفصل "

قلت من فوري " السبب يا أمين وحينها أنا من سيقرر لا أنت "

قال بحنق " هي زوجتي والقرار لي يا إياس "

قلت بحدة " وشقيقتي ومن يمسها يمسني بل وينحرني وأنت أكثر من

يعلم أن سدين بالنسبة لي لا واحدة في مكانتها وأثق في أفكارها

وقراراتها ثقتي في نفسي "

قال بجمود " لا تجعل أمرا كهذا يدمر صداقتنا لأعوام ومن صغرنا

يا إياس , والأمور لا تحل بالحدة والغضب "

ضربت بطرف أصبعي على الطاولة وقلت " السبب يا أمين تكلم "

قال بشيء من الاستياء " شخصي قليلا وبين زوجين فاترك

الأمر لي يا إياس "

هززت رأسي بلا وقلت بإصرار " تكلم أو طلق الآن قبل

أن تقف من كرسيك "

قال بضيق " وهل الطلاق لعبة هكذا ؟ هل هناك من يدمر

حياة شقيقته بلا سبب منطقي "

قلت بضيق أكبر " أخبرني عن السبب أولاً لأرى إن كان منطقيا أم لا

ثم أخبرتك أنها لو كانت رغد أو سلسبيل لما قلت ما قلت لك ولتركت

الأمر فور قولك أنك متمسك بها وستحل الأمر بمعرفتك لكن سدين لا "

قال بذات ضيقه " وهل هي ملاك لا تزل ولا تخطئ "

قلت ببرود " أخبرني السبب وسأحكم بنفسي كما قلت لك "

قال محاولا تهدئة نفسه " إياس أبعَد ما قد أفكر فيه هوا خسارتك

كصديق لي فتعوذ من الشيطان "

قلت بجدية " لا تخف يا أمين أنا إياس الذي تعرفني ولن يفرقنا إلا

أمر يستحق لذلك أريد معرفته حالا "

نظر جانبا ممررا أصابعه في شعره ويبدوا أنه سيرضخ لضغطي عليه

فكتمانه له أيضا يؤكد حساسية الموضوع , قلت بجدية " قل ما لديك يا

أمين وأعدك أن احكم العقل قبل كل شيء وسأقف مع المحق

وإن كان ضد شقيقتي "

نظر للطاولة تحته وقال " تشاجرنا يوم أصبت وتعبت والدتك

ونقلناها للمستشفى "

قلت من فوري " ولما ؟ "

قال مبعدا نظره ولازال يتجنب النظر لي " انتقدت

لباسها ومظهرها "

انتظرته ليتابع لكنه سكت فقلت " وماذا أيضا ؟ "

نظر لي بصمت فقلت " لن يكون هذا سببا تطلب به امرأة الطلاق

ولا حتى إن كانت متهورة فكيف بسدين "

نظر للأسفل مجددا وقال بعد تردد " كنت غاضبا وأخبرتها أني غير

راض عنها وأنها فرضت عليا فرضا "

وقفت حينها على طولي أنظر له بصدمة فوقف أيضا وقال " كان حديثا

ساعة غضب وتعجبني أطباع كثيرة في شقيقتك وغيرت رأيي لاحقا

فتحلي بالحكمة كما وعدتني "

قلت باستياء " ومن فرضها عليك وأنت وافقت من نفسك "

أبعد نظره مجددا وقال " كنت أظنها رغد من تحدثت عنها "

قبضت يداي بقوة وقلت من بين أسناني " ولما لم تخبرني وقتها يا

أمين ؟؟ لو كنت صارحتني قسما ما غضبت منك "

نظر لي من فوره وقال " أردت نسبك حقا وكان مظهرها وتقليدها للغرب

لا يعجبني وكما أخبرتك كانت أعصابي مشدودة لما حدث وقتها ولاحقا

اكتشفت فيها أشياء ومميزات أخرى وفكرت أن تلك المسألة قد

أقنعها بتغييرها لاحقا "

قلت بسخرية " لا يا رجل أقنع شخصا غيري لم يجرب ذلك وفشل فيه "

نظر لي باستغراب فقلت " الخطأ ليس عليك وحدك بل عليا قبلك حين

عرضت شقيقتي عليك وذهبت تعيرها بها وتذكرها بأنها سلعة

اشتريتها مرغما "

قال بضيق " إياس ما هذا الذي تقوله ؟ "

قلت بجدية " هوا أمر واحد يا أمين وتأكد من أنه من عقلي وليس تهورا

ولا ساعة غضب , القرار لسدين وعليك تنفيذه وإن كنت تريد أن نحافظ

على صداقتنا كما سكتت هي من أجل ذلك فعليك تنفيذ رغبتها دون

تردد ولا مماطلة "

كان سيتحدث فقلت مقاطعا له " كلامك ليس معي ومن هنا حتى انتقالنا

هناك ستقرر هي وتنفذ أنت أو المحاكم بيننا ولن تكون صديقي بعدها "

ثم غادرت من هناك وتركته وركبت سيارتي وانطلقت أشعر بالضيق من

نفسي أكثر منه لأني رأيت فيه رجلا لا يعوض وعرضتها عليه ولم أتخيل

أن يعيرها بهذا وقبل حتى أن تصبح لديه وكم شعرت الآن بحجم هذا وفظاعته

وأنا كنت أرمي ترجمان به دائما بأني تورطت فيها وأُرغمت عليها ولم أعي

حجم ذلك إلا حين رأيت تأثيره على سدين التي رغم ما تحمله من عقل وتعقل

طلبت الانفصال بسببه ورضيت حتى بالطلاق وتوابعه فكم أخطأنا في حق

أولئك الفتيات اللاتي لا ذنب لهن فيما فرض عليهن أيضا وكان تصرفي

خاطئ وجئتها من الطريق الخطأ ظنا مني أنه عليا أن أروضها وأكسبها

قبل أن أكشف عن مشاعري أمامها




*~~***~~*



مر أسبوع منذ جاء ذاك الرجل لشقيقي سالم واتفق معه على كل شيء

وقال أنه سيعقد عليا ويأخذني من هنا في نفس اليوم وهوا بعد الآن بأسبوع

آخر حالما تنتقل شقيقته هنا كما قال وحالي منذ ذاك الوقت في توتر مستمر

فمالي وما كل هذا ؟ واختفاء أواس يشعل قلبي ولم تنشف دمعتي عليه منذ

ذاك اليوم الذي جلبني فيه ولا أعتقد أنها ستجف قبل أن أعلم أين هوا وما

حدث معه , وها هوا لم يتصل بي أبدا كما قال وهاتفه مقفل , نظرت

للذي جلس بجواري وقلت " ماذا حدث معك ؟ "

هز رأسه بيأس وقال " النتيجة ذاتها لم يراه أحد منهم ولا يعلمون شيئا عنه "

قلت بأسى " كيف هذا يا سالم فأن لا يعلم أهل زوجته عنه يعني أن دُرر

أيضا لا تعلم وأنه تركها أيضا وهذا أمر لن يفعله أواس إلا مجبرا وموقنة

من أنه كان سيرضى أن تخرج روحه ولا يبعدها عنه "

ضرب بقبضته على الأريكة وقال " بدأت رائحة أعمالنا السابقة تفوح

وسيأخذونني للتحقيق في أي وقت ولن يتسنى لي البحث عنه لاحقا "

نظرت له وقلت " كم حذرك أواس من كل هذا وكم سعى لإنقاذك من

مستنقعهم وتستر عنك لعلك تفيق لنفسك لكنك كنت تعاند وتراه

المخطئ وها قد جاءتك النتائج "

قال بضيق " توقفي عن لومي لن يجدي هذا في شيء "

ضربت كفاي ببعضهما وقلت بأسى " حالنا لا يزداد إلا تقهقرا

لو يرجع ابني فقط فلن آبه لشيء "

نظر لي وقال " زوجك سيساعدني قال أنه سيكلف محاميا بما أن

علي رضوان وراء كل ذلك وملفاته تُكشف وتُناقش الآن "ُ

نظرت له وقلت بضيق " ليس زوجي بعد فلا تقل ذلك "

قال ببرود " سيكون كذلك قريبا وعليك أن تكوني شاكرة

لله أنه ظهر لك في هذا الوقت "

هززت رأسي بيأس منه فقال " لا أعلم سبب نفورك منه يا خديجة

وأنتي موافقة عليه وهوا يصر على الزواج بك ووضع لك مهرا لا

تحلم به فتاة في ريعان شبابها "

قلت بضيق " ها قد قلتها بنفسك , ولأني لست فتاة في ريعان

شبابها فهذا الأمر كله أشبه بالجنون "

قال بنفاذ صبر " ذات الأسطوانة البائسة تكررينها وأنتي موقنة تماما وتري

نفسك في المرآة وتعلمي أنك لستِ كبيرة وأنك أنتي من كان يرفض الزواج

مخافة أن يمسك زوجك السابق ابنتك عنك وعن زيارتك حين تصيرين في

عصمة رجل غيره , وامرأة في السادسة والأربعين لا تعد كبيرة وأراك

لا تزالين محتفظة بنظارتك وجمالك "

وقفت وتمتمت مغادرة " بل أراك لا تهتم إلا بمصلحتك وما ستستفيد

من مركزه وقسما لولا وعدي لأواس ما وافقت ولتجلدني زوجتك

أرحم لي من رجل جلاد آخر في مسيرة حياتي "





*~~***~~*






وقفت بجانبها واضعة يداي وسط جسدي أنظر للأرض الخالية من

المزرعة فقالت " والآن ما الذي تخططين له يا سراب بعدما نلتِ

نصيبك الرائع من ثروة العجوز "

نظرت جانبا وقلت " لا أعلم قد أبيعهم وأوفر المبلغ للضرورة

أو أبدأ بهم مشروعا صغيرا "

قالت ببرود " فكرتين سيئتين "

قلت بضيق " وأتحفيني بأفكارك سيدة عبقرية "

نظرت لي وقالت " تدخري المال يعني أن تصرفي منه شهريا وتخرجي

زكاته كل عام وفي ظرف سنوات قليلة ستصبحين بلا مال والمشروع

يحتاج لعقل مدبر اعتاد على هذا ليس فتاة لا تملك إلا الدموع "

دفعتها من جانبي وقلت بضيق " توقفي عن السخرية مني "

دفعتني أيضا وقالت " ليست سخرية وعليك أن تتخلصي من

ضعفك الجديد قبل كل شيء يا سيدة الأعمال "

نظرت جانبا وكتفت يداي لصدري ولم أتكلم فقالت " والمشكلة أنه

حتى شهادتك لا تنفع لشيء سوا أن تحرثي هذه الأرض وتزرعيها "

نظرت لها بسرعة وقلت " معك حق لما لا أطور المزرعة ؟ "

نظرت لي بصدمة وقالت " سراب يا مجنونة هذا العمل يريد رجلا بجانبك

لأن فيه عمّال وتنقّل وسكن هنا في المنزل الموجود بها وأنتي لا أحد

لك سوا خيال زوج غير موجود إلا في قلبك ودموعك "

كنت سأتحدث والغضب أخذ مني نصيبا لكن مات لساني بسبب الخطوات

التي اقتربت منا فالتفتُّ مصدومة ثم عدت بوجهي للأمام وقلت من

بين أسناني " لا أعلم كم مرة سيفضحني لسانك معه "

التفتت للخلف ثم تقدمت مبتعدة قائلة " هذه بتلك الرسالة وجاءت من الله "

ثم ابتعدت ونظري يتبعها بضيق , تنتقم مني وهي من تحدتّني وقبلت

الشروط أيضا , فلو أعلم بما أجاب على رسالتها جعلها تشتعل هكذا ؟؟

شعرت به وقف بجانبي فتحركت لأغادر فأوقفتني يده التي أمسكت

يدي فقلت دون أن أنظر له " اتركني "

قال ببرود " وإن لم أتركك "

قلت بجمود " أعتقد أنها أصبحت مزرعتي ولا يحق لك

دخولها دون إذني "

شد على يدي أكثر وقال " هذا حين لا أكون زوجك "

أشحت بوجهي جانبا فوصلني صوته هامسا " لازلت أنتظرك يا سراب "

لتجمد أطرافي وشعرت بالبرد يدخلها وكأني أقف فيه عارية ونزلت

دمعة يتيمة شعرت بها كقطعة جليد على خدي المحتقن وقلت بغصة

" تأخرتَ كثيرا "

ليشلني أكثر برفعه ليدي التي لازالت في قبضة يده وقبّل كفها بهدوء

فاستللتها منه ومسحت دمعتي سريعا كي لا يراها ثم ابتعدت عنه عدة

خطوات ووقفت مقابلة له وقلت بأسى " ماذا تريد بكل هذا يا آسر ؟ "

قال بهدوء مركزا نظره على عيناي " أريد زوجتي "

قلت بابتسامة ساخرة " بعد ماذا ؟ "

ثم مسحت أنفي بظهر يدي وقلت بحنق " بعد أن لعبت بي تلك اللعبة وبعدما

تماديت في إهانتي حتى جعلتني أكره نفسي وبعد أن أخرجتني من حياتك

وأتلفت مالي أمام نظري وفصلتني عنك في الميراث تأتي لتقول زوجتي "

قال بهمس خرج معه بخار تنفسه بسبب البرد " عودي يا سراب "

رميت يدي وقلت بغضب " سبق وقلت أني لم أذهب لأعود

وهذه هي أنا لم أتغير "

تقدم نحوي ورغم تراجعي إلا أنه أمسك ذراعاي وقال ونفسه الساخن

يلفح برودة تقاسيم وجهي " سأنتظرك يا سراب فلن أجبرك على شيء

وسأنتظر سراب التي عرفتها سابقا لتأتي حين تتعرف على

نفسها وعلى آسر "

ثم ضمني لحضنه بقوة لم أستطع مقاومتها رغم جميع محاولاتي حتى

تركني من نفسه ثم قال مغادرا " لقد غطيت سقف المنزل كما طلبتِ

مني وانتظرك لنبدأ من هناك أو سأبقى مكاني "

ثم اختفى خياله شيئا فشيئا ونظري يتبعه بدموع ملئت وجهي , بحجم حبي

وشوقي له فأنا مجروحة منه وها هوا لم يكلف نفسه أن يعتذر عما فعل لي

سابقا ولا أن يبرر أفعاله الأخيرة ولا أن يفصح عن مشاعره نحوي وجاء

فقط ليقول كلمته المعتادة عودي وعودي , انهرت جالسة على الأرض أبكي

كلماته بمرارة رغم جهلي لفحوى أغلبها الذي كان مبهما ويحكي

عن أمور يبدوا أني أجهلها





*~~***~~*






جلستْ مقابلة لي ولسدين وأنا أطعم ندى وقالت بضيق ناظرة لها

بجانبي " متى ستقررين العذل عن جنونك ؟ "

قالت سدين ببرود " ليس جنونا لما كان إياس وافقني عليه "

قالت بحدة " ومنذ متى كان إياس يرفض لك طلبا أو يعارضك

في شيء فلم يفسدك أحد غيره "

تمتمت بخفوت لم يسمعه غيري " يا أسطوانة كل يوم هذه "

قالت أمي بضيق " تحدثي معه على الأقل وتناقشا لتصلا لحل لما بينكما

بدلا من بقائك صامته دون ذكر السبب ورفضك لمقابلته ولا الرد

على مكالماته "

قالت بشيء من الضيق " أمي لا أريد أن أخطئ في حقك بكلامي ولا أن

أرفع صوتي عليك وهذه حياتي أنا من أقررها وتعلمين جيدا ثقة إياس

بي وإن طلب مني العذل عن قراري فقسما أكون الليلة في منزله هناك "

تأففت ثم نظرت لي فانتفضت في مكاني وقالت هي بضيق

" وأنتي ؟ "

قلت بتوجس " ما بي أنا ؟ "

قالت بضيق أكبر " لما رفضتِ أن يُعقد قرانكما الآن ؟ ما الفرق

بين الآن وبعد أسبوعين "

نظرت لصحن الطعام في حجري ولم أتكلم فقالت بحنق " لا أعلم ممن

أجدها فيكم ؟ وزاد عليكم شقيقكم تارك زوجته هناك وكلما تحدثت معه

عن الأمر قال ( اتركي الأمر لي ) ولا أره فعل شيئا سوا الهروب مني

خارج المنزل طوال النهار "

قلت بهدوء حذر " أمي تعلمين جيدا أن إياس مشغول كثيرا

هذه الفترة ولا يتهرب منك "

قالت بحدة " أجل وقولي أني أكذب "

نظرت للأسفل وقلت بشبه همس " حاشاك من الكذب لم أقصد "

وقفت حينها وغادرت تتأفف ووقفت سدين بعدها وقالت بضيق مغادرة

" لا أعلم هل أنا من ستعيش معه أم غيري ليقرروا عني وينتقدوني "

تنهدت بأسى ونزلتْ ندى من الكرسي بصعوبة وركضت خلف سدين

تناديها فوضعت الصحن على الطاولة أمامي أنظر للفراغ بشرود أفكر

في كل ما وجدت نفسي فيه فجأة وما سيكون مستقبلا وزواجي من بسام

بعد أسبوعين فقط , ارتجف جسدي لصوت هاتفي الذي رن في حجري

وكان رقم حلا ابنة عمي فرفعت هاتفي وأجبت عليها فقالت من فورها

" مرحبا بالعروس "

قلت بابتسامة باهتة " مرحبا حلا كيف حالك والجميع "

قالت ضاحكة " بسام بخير لولا يهلك نفسه في منزلكما يريد

إنهائه بأسرع وقت "

قلت بخجل " حلا توقفي عن قول الحماقات "

ضحكت وقالت " حاضر , ابن عمك الذي اسمه بسام قال لي أسألك

عن لون ستائر صالون الضيوف وصالونها أو إن كنتِ تريدين

اختيارها بنفسك "

شعرت أني غرقت في ثيابي وأني سأبكي من الارتباك ومن الفكرة

أجمعها فقالت عندما طال صمتي " رغد أين ذهبتِ ؟ "

قلت بشبه همس " معك "

قالت من فورها " ماذا أقول له ؟ "

قلت سريعا " لا يهم كما يريد "

قالت بصوت منخفض بالكاد يُسمع " وغرفة النوم "

فشعرت بنفسي تحولت لكتلة صخرية لو ضربني أحدهم لتفتتّ وما معنى

أن تهمس همسا غير أن يكون .... ؟ ؟ سمعت صوتا رجوليا بقربها قائلا

" ماذا توشوشين لها "

فأغلقت الخط عليها بيد مرتجفة ورميت الهاتف جانبا , لا أعلم لما يأخذ رأيي

في كل هذا ! ما سيفرق إن اختاره هوا أو أنا ؟ كل يوم أشعر بالحيرة والضياع

في أمره أكثر فإن كان كما ضننت يريد فقط أن ينتقم من رفضي له سابقا ما كان

ليأخذ رأيي في كل شيء أم تمثلية أمام عائلته فقط ؟ تأففت ووقفت متعوذة من

الشيطان ورفعت الصحن متوجهة للمطبخ لأقطع سيل هذه الأفكار فأن أغيّر

رأيي الآن سيكون فيها موتي على يد والدتي لذلك لا حل أمامي سوا أن

أسلّم أمري لله ورقبتي لبسام ينهي باقي نحرها







*~~***~~*








جلست أتأملها من بعيد سارحة بنظرها ليس في الأطفال اللذين يلعبون ولا

في ضحكات الناس التي ترتاد الحديقة للتنزه بل في الفراغ في الا شيء وهذا

حالها لم يتحسن أبدا بل أراه يزداد تقهقرا من بكاء ليلا لحزن وشرود نهارا

وقلبي ينفطر عليها ولا أجد لها حلا أبدا , سحقا لك يا أواس لو أجدك أمامي

لقتلتك للحال التي أعدت فيها شقيقتي لنا ميتة تسير بين الأحياء عجوز وهي

في ريعان شبابها وجمالها , جماد يتنفس لا يرى ولا يسمع ولا يعي شيئا

ولو أفهم فقط أين اختفى وما السبب ؟!!

" قصي "

نظرت للجالسة أمامي ولم أتكلم فقالت ناظرة جهة دُرر " خذها لتبحث

عنه لعلها ترتاح يا بني قبل أن نخسرها للأبد "

قلت بأسى " وما بيدي يا أمي فأوراقي لم تنتهي بعد ولا يمكنني

السفر الآن وعاجز عن فعل أي شيء غيره "

قالت بحزن " والحل بني والحل الآن ؟ "

نظرت للأرض وتنهدت بضيق وقلت " لو بيدي حل ما تأخرت به وأنتي

تري حالها أمامك تصر على كلامها ورأيها فيه وحتى الآن لم أستطع

إخبارها بما وصلني من أيام , أقسم أن تجن لو علمت "

قالت بهدوء حزين " وهل ستخفي الأمر عنها طوال العمر يا قصي "

رفعت نظري لها وقلت بضياع " لا أعلم , في الوقت الحالي مستحيل

سأتركها حتى تيأس منه وتتقبل فكرة تركه لها ثم نخبرها لتقتنع أنه

عليها أن تعيش حياتها وأن تنساه وتتزوج أيضا "

هزت رأسها بحيرة وحزن ثم وقفت وقالت " اذهب لها وأنا سأرجع

للشقة فخالتك ستخرج بعد قليل وعليا أن أكون بقرب جدتك "

ثم غادرت عائدة لشقتنا التي لا تبعد عن هنا سوا بشارع واحد ووقفت

أنا واقتربت منها وقلت " دُرر ما رأيك أن نتمشى قليلا "

رفعت رأسها ونظرت حولها ثم قالت " هل غادرت والدتي ؟ "

قلت بهدوء " نعم فلا يمكننا ترك جدتي وحدها "

وقفت وقالت " إذا فلنرجع نحن أيضا "

تنهدت باستسلام وقلت " كما تشائين وسنسلك طريقا أبعد ما رأيك ؟ "

هزت رأسها بحسنا دون كلام وتحركنا في صمت حتى قلت

" صديق لي لديه عيادة يحتاج لمعاونة له ما رأيك أن تعملي هناك

منها تكتسبي خبرة ومنها تمضي وقت فراغك في العمل "

قالت ونظرها على خطواتها " أريد العودة للوطن والبحث عن أواس "

تنهدت بضيق وقلت " جربي العمل معه هذه الفترة حتى يتسنى

لنا الوقت للعودة جميعنا "

قالت متجاهلة كل ما قلت " سأطلب من والده أن يأتي لأخذي فوحده

المحرم لي غيرك بما أنك يبدوا ستتأخر كثيرا "

قلت بشيء من الضيق " دُرر لما لا تريدي أن تقتنعي أنه لو أراد أن

يبقى معك ما ذهب وتركك , لو كان يحبك ما تخلى عنك بمجرد أن

حصل على غرضه وانتقم لنفسه من جدك "

قالت بضيق أكبر " لا ليس صحيحا , أواس يمر بشيء ما وعليا أن أجده

وأكون معه فلا أحد منكم يعرفه مثلي وبلسانه قال لي أنه إن أبعده شيء

عني سيكون رغما عنه ومن أجلي فقط وسأذهب للبحث عنه وإن

سافرت وحدي وتحملت الإثم "

ثم أسرعت بخطواتها وسبقتني متوجهة لعمارتنا التي أصبحت ظاهرة لنا

من بعيد ووقفت أنا مكاني أراقبها بقلة حيلة , ماذا إن علمتِ أنه طلّقك

يا دُرر أنه أرسل ورقة طلاقك من يومين في ظرف بريدي وتركك

للأبد ؟ كم أخشى عليك من نفسك وقلبك يا شقيقتي



نهاية الفصل ...

دقائق ونزل الفصل السادس والأربعون

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 13-03-16, 06:27 PM   المشاركة رقم: 2785
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,178
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الرابع واﻷربعون)

 



الفصل السادس والأربعون


اتكأت بطرف جبيني على النافذة أشاهد الأمطار في الخارج التي لم تتوقف عن

الهطول طوال ليلة البارحة وأستمع للضحكات والأحاديث خلفي حيث المدفئة

التي تجعل من جو هذه الشقة مناقضا تماما لخارجها وجدتي تحاول إسماع قصي

حكايتها وهوا يتهرب بتغيير الموضع كل حين رغم أن ذلك يجلب له ضربة من

عكازها في كل مرة , كم يحاول احتواء من حوله .. أم وخالة وجدة جميعهن في

حاجة له وزادته شقيقة ولا أراه يتذمر ولا يسخط من وضعه ومسئولياته رغم

أني أراه شارد الذهن صامتا أغلب الأحيان وهذا أمر طبيعي فما مروا به هنا

ليس بقليل .. خوف وترقب وصراع مع من هوا أقوى منهم بكثير ويحاربهم

سافرت بنظري لآخر الشارع حيث شاب وفتاة يركضان على الرصيف محتميان

بمضلة من المطر حاضنا لكتفيها بقوة ونظري لم يفارقهما حتى عبروا الشارع

فضممت نفسي أكثر وملئت دمعتي عيناي وشردت في الشجرة البعيدة قليلا لتعود

لي تلك الذكريات التي لم تغادرني أبدا , ذكرتني بشجرة الحديقة وأرجوحتي بل

ذكراني باليوم الذي طلب فيه أواس أن أركبها وأن يدفعها بي واحتججت رافضة

لأنه كان قد رفع الحبل عن السابق وحين جلست تعلقت قدماي في الهواء ولم

أتمكن من ملامسة الأرض بهما لكنه لم يكترث لي وبدأ بدفعي عاليا بكل قوته وأنا

أصرخ أن يتوقف لأني شعرت للحظات أني سأطير منها وأسقط بعيدا من قوة دفعه

لي ولأني لا أستطيع إيقافها بقدماي على الأرض وهذا ما يبدوا أنه فكر فيه جيدا

بعد وقت لم يكترث فيه لصراخي المرعوب وما أن رجعت الأرجوحة بي للخلف

أمسكني محتضنا لي من ظهري ولازلت جالسة عليها وقال ضاحكا

" ضيعتِ على نفسك المتعة يا جبانة "

مسحت الدمعة في طرف عيني وقلت بصوت ضعيف

" أرعبتني ... أي متعة هذه التي تتحدث عنها "

ضمني له أكثر وقال " لم يكن هذا مخططي لكني وجدتك أخفّ مما

توقعت , أنتي ماذا تأكلين ؟ يبدوا عليا إطعامك بنفسي "

شهقت بصدمة فضحك ضحكة خفيفة ثم قبل خدي فأذني وهمس فيها

" أقسم يا دُرة أواس وحبيبته لو لم تدخلي حياتي وترجعي لي هنا لما

اكترثت بعد انتقامي من جدك إن عشت أو متّ فأنتي الشيء الوحيد

الذي أريد العودة من أجله "

ملئت دموعي عيناي وكنت سأتحدث بل سأحاول معه مجددا لكنه قال

من فوره بذات همسه " اششششش لا تعكري صفونا بذاك الحديث "

أنزلني بعدها منها واقفة أمامه ومسح عيناي بأطراف أصابعه ثم

قال مبتسما " تذكرين الآن ما قلتيه لي يوما هنا أليس كذلك "

مسحت طرف عيني أنظر للأسفل وقلت بخجل " توقف عن

تذكيري بوقاحتي في صغري يا أواس "

خرجت منه ضحكة خفيفة وأمسك وجهي بكفيه ورفعه له وقال مبتسما

" كنتِ تغضبين مني كلما رفضت تقبيل شفتيك وما أكثر ما كنتِ

تطلبين ذلك يا دُره "

شعرت بحرارتي اشتعلت فلكمته على صدره بقبضتي بقوة وقلت

" كنتَ ضربتني عليهما يا أحمق وكسرت لي أسناني كي لا أعيدها "

ضحك وقرب أنفه من أنفي وقال بهمس " في مرات قلية تغلبتِ عليا بعنادك

وبكائك وتضنين برفضي أني لا أحبك كما جدك ووالدتي وبينما كانت

بالنسبة لك شيء عابر وعادي كانت تصيبني بالجنون "

وضعت يدي على فمه وقلت بابتسامة خفيفة " يكفي , أنت كنت أوقح

مني فلستَ سوا فتى في الثالثة أو الرابعة عشرة وتفكر هكذا "

أبعد إحدى يديه وأمسك بها يدي وأبعدها عن شفتيه وقال بذات ابتسامته

" إذا أنا أحمل لك دينا كبيرا عليا الإيفاء به "

نظرت له بصدمة على ابتسامته الماكرة وانسللت من يده بسرعة

وركضت قائلة " أوفيته وبزيادة "

ولم أسمع إلا خطواته راكضا نحوي وفي لحظة كنت في قبضته مطوقا

خصري بذراعيه ورفعني عن الأرض قائلا " عليك أن تتحملي

نتائج أفكارك تلك "

قلت ضاحكة " يكفي أواس عمتك رأتنا المرة السابقة يكفينا فضائح "

قبضت على طرف الوشاح المحتضن لكتفاي ونزلت دموعي تباعا

فغطيت عيناي بيدي ولست أعلم أحجب هذه الدموع عن من ؟؟ عن

عائلتي التي تسعى جهدها لإسعادي وإدخال البهجة لي أم عن نفسي

التي تعبت من البكاء بدون فائدة ولا نتيجة

" دُرر "

رفعت وجهي ومسحت دموعي ونظرت للجالسة أمامي

وقلت ببحة " نعم جدتي "

وطبعا تجاهلت كل ما وجدتني عليه وقالت مبتسمة " هل أحكي لك

أنتي الحكاية التي يهرب منها شقيقك دائما "

قلت بابتسامة حزينة " بالتأكيد جدتي وسأكون سعيدة بذلك "

اتسعت ابتسامتها وقالت " سأحكي لك عن الرجل الذي كان يظهر للناس

في المقبرة ويضنونه جنيا وكيف اكتشفت حقيقته وتعرفت عليه "

قلت بابتسامة أجبر نفسي عليها كل مرة أمامها " جدتي هل هذا

واقع حقا ؟ أراها تشبه تلك القصة عن المرأة التي تظهر في الجبال

يظنها الجميع جنية "

قالت بضيق " لا تختلفين عن شقيقك أبدا ولا تريدون تصديق

أنها قصة حقيقية "

قلت مبتسمة " سأحكي لك أنا قصتها إذا واحكمي إن كانت

حقيقية أم لا "

قالت ببرود " أنا التي سأحكي لك أم أنتي ؟؟ "

قلت من فوري " حسنا آسفة "

قالت مغيرة القصة بأكملها " اسمعي اسمعي اتركينا من ذلك

حين كنت فتية شابة جميلة .... "

ثم وضعت يدها على يدي التي كنت أضعها على فخذي حيث

جالسة وقالت " أي عندما كنت في سنك ويدي كيدك هكذا

أصابعها بيضاء ورقيقة وجميلة "

نظرت ليدها المجعدة فوق يدي وقلت بابتسامة خفيفة

" حقا كنتِ تشبهينني الآن "

قالت من فورها " بل أنتي التي تشبهينني ذاك الوقت "

بقيت أنظر لها مبتسمة وقالت هي " وكانت عيناي خضراء جميلة

مثلك أيضا وقولي أني كاذبة "

قلت بضحكة خفيفة مبحوحة " لا طبعا فلازالت عيناك خضراء كما

هي حتى الآن فاللون لا يتغير "

ثم قلت بهدوء متسائلة " والدي في الصورة التي أرتها لي والدتي عيناه

لم تكن خضراء كانتا تبدوان بنيتان وأنا وقصي أخذنا لون العينين منكم "

هزت رأسها بنعم وقالت " حتى جدكما لون عينيه كوالدك "

نظرت ليدها فوق يدي وقلت بابتسامة حزينة " وأبنائي وأواس كيف

ستكون أعينهم ؟ أريدها كوالدهم تماما "

وسقطت دمعتي على كفها فأبعدت يدها عن يدي فرفعتُ نظري لها

وقلت قبل أن تتحدث " حلفتك بالله جدتي لا تُسمعيني جملتكم المعتادة

والدائمة بأنه تركني ورحل ولن يعود فلن يقنعني أحد بها "

تنهدت وقالت " تحبينه لهذا الحد يا حفيدتي ؟؟ "

نظرت للنافذة وقلت بحسرة وعينان غشتها ضبابة دموع " لن يفهم

أحد مشاعري اتجاه أواس ولا مقدارها جدتي مهما شرحت وقلت "

قالت بهدوء " حسنا حدثيني عنه كيف تعرفتِ عليه وما رأيت منه

جعلك هكذا ستصابين بالجنون من أجله "

مسحت عيناي ونظرت ليداي في حجري وبدأت أحكي لها حكايته منذ دخلت

حياته طفلة , كنت أحتاج لكل هذا أحتاج أن أتحدث ويسمعني أحدهم دون أن

يذكرني بواقعي وما صرنا عليه أنا وهوا , وكانت بالفعل تستمع بصمت دون

أي كلام وأنا أسرد حكايته وحكايتي معه التي لم تخلوا من الدموع التي أمسحها

كل حين والعبرات التي جعلت بعض الكلمات تخرج متقطعة فحضنت يدي

بين كفيها وقالت " وهل أنتي واثقة منه يا دُرر ؟ "

تدحرجت دمعتي مجددا وقلت بعبرة " كل الثقة جدتي كل الثقة "

تنهدت بحزن وقالت " إذا لا تفقدي الأمل ما لم يمت فذاك الشاب عانى

كثيرا وحكايته مؤسفة وبث مثلك لا أصدق أنه تركك بمحض إرادته "

نظرت ليديها المحتضنة ليدي وقلت بشرود " لو أعلم السبب فقط ؟

وهل لجدي علاقة به أم لا لأرتاح على الأقل "

تركت يدي وقالت " وما ستفعلين الآن ؟ "

مسحت دموعي وقلت " سأسافر مع قصي خلال أيام وسأبحث عنه

ولن أرتاح حتى أجده وأتحدث معه أو أوقن من موته لأرتاح

وقصي سيرجع لأخذكم بعدما تنهون أموركم هنا "

تنهدت وقالت " عساه خيرا يا ابنتي وأسأل الله أن يلم شملكما "

نظرتُ للنافذة وقلت بهمس حزين " آمين "

فشدت يدي ووقفت بمساعدة عكازها قائلة " وقفي معي هيا لتتناولي

طعامك كي لا يغمى عليك ككل يوم ولن ترضي بالذهاب للمستشفى

كعادتك دائما "





*~~***~~*







وضعت الصندوق لترفعه الخادمة ثم نزعت قطعة القماش الصغيرة التي

أربط بها رأسي ورميتها وجلست على الأريكة وقلت بتعب " انتهينا

أخيرا , كم هوا مرهق الانتقال من منزل لآخر "

جلست بجانبي تمسك ابنتها التي تحاول الهرب منها راكضة وقالت

" سنبيع تلك المزرعة ولن نضطر للانتقال لها مجددا "

تنهدت بضيق وقلت " ولازال إياس يصر على أن تأخذ كل واحدة

منا حصتها من ثمنها ولا أعلم سبب كل هذا العناد "

قالت بهدوء " لن نحتاج المال مثله وهوا رجل ونحن سنكون في

عصمة أزواجنا ولا يريد تغيير رأيه أبدا "

ثم رفعت ابنتها وأجلستها بجانبها بقوة وقالت بحدة " ندى توقفي

عن إتعاب الخادمة واجلسي هنا أو قسما ضربتك "

قالت بعبوس " أخبر بثام "

فضحكت حينها على ملامح رغد المصدومة وقالت هي بضيق

" انظري للفتاة ؟؟ كانت تهددني بعمها والآن ببسام "

قلت ضاحكة " كله بسبب تدليلهم لها وحين ستصبحان لديه

سيزيدها من هذا وأنتي الخاسر الوحيد "

أجلستها في حجرها وقالت " في منامه , كل هذا سيتغير وقتها

وعليه أن يشد عليها "

نظرت لها وقلت مبتسمة " أرى كلامك بدأ يتغير وتتقبلين حياتك القادمة "

تنهدت وقالت بحزن " وما بيدي غير التسليم يا سدين "

قلت بهدوء " بسام رجل رائع يا رغد وعليك أن تزيلي تلك

الظنون والهواجس من دماغك "

أعطت ابنتها هاتفها وضمتها بذراعيها وقالت بهمس " أرجوا ذلك يا

سدين فقد تعبت وأخشى من مصطفى جديد في حياتي "

قلت بذات هدوئي " فكري في ابنتك على الأقل فهي بحاجة لأب

ولأشقاء أيضا فهي ستكبر وتشعر بفراغ كل تلك الأمور من حياتها "

قالت بامتعاض " وما دخل الأشقاء الآن "

ضحكتُ وقلت " لست أعلم حتى متى ستهربين من الحديث

والتفكير في هذا "

ثم غمزت لها وقلت بهمس لا تسمعه ابنتها " طبعا حتى تجدي

نفسك في حضنه وتقتنعي حينها "

نظرت لي بغضب فلوحت بيداي قائلة بضحكة

" أسحب كلامي فلا تضربيني "

قالت ببرود " مزاحك سخيف هل تعلمين هذا "

قلت بضيق " وما سأفعل في نفسي فلم يبقى لي غيرك بعد

سلسبيل وترجمان فعليك تحملي ومسايرتي "

قبلت رأس ابنتها التي انشغلت بالهاتف وقالت " أن أتحملك مقبولة لكن

أن أسايرك فلا تحلمي بها , بابنتي أركض خلفك كالأطفال !! "

ثم نظرت لي وقالت " وأنتي ما قررتِ بشأن نفسك ؟ أراك

تتجاهلين الأمر وكأنه لا يخصك "

ماتت ابتسامتي حينها وقلت " قررت مسبقا وانتهى وبعد كل هذا المشوار

واقتناع إياس وتحملي لغضب أمي لأيام لن أتراجع يا رغد "

قالت بتوجس " وتصبحي مطلقة يا سدين "

قلت بلامبالاة ألعب بخيط قبعة بيجامتي بين أصابعي

" وما بها المطلقة ؟ كثر مثلي وأسوأ مني "

قالت من فورها " الأمر سيء لا تستهيني به يا سدين ونظرة

الناس لا ترحم "

قلت بجدية " قررت ولن أتراجع عن قراري يا رغد فلا أريد أن أندم يوما

على هذه الفرصة , ومن لم يتعلم من تجارب غيره يستحق ما سيأتيه "

ثم وقفت لينتهي الحديث عند هنا وصعدت لغرفتي لأستحم وأنام قليلا , لن

يفهمني أحد حتى لو ذكرت السبب وكلامه لإياس كان واضحا جدا يريد أن

يغيرني فيما بعد , لم أكن راضية يوما عما مرت به ترجمان أمامي لأرمي

نفسي في مطب مثلها فإن كانت هي لم تملك الخيار من البداية فأنا أملكه ولا

يمكنني وقتها أن ألوم إلا نفسي , لم أكن أريد خذل شقيقي بي ووضعه في

ذاك الموقف مع صديقه لكن إن طال الزمن وعانيت وتعبت معه واشتكيت

لإياس سيلومني لأني لم أخبره من البداية وبما أني أرى صداقتهما لم تتغير فأنا

لم أخسر شيئا , جلست على طرف السرير ورفعت هاتفي وجربت رقم ترجمان

في محاولة فاشلة جديدة ولم تجب طبعا فرميت الهاتف وتوجهت للحمام , إن

كانت أنا غاضبة مني هكذا فكيف بإياس ؟؟ يستحق ما أتاه ومتأكدة أنها

ستُخرج كل ذلك من عينيه







*~~***~~*







رفعتُ النظارة عن عيناي ورفعت بها شعري حتى استقرت فوق رأسي

ونحن داخلتان لمجمع التسوق وقلت ببرود " ظننتك كسبتِ مال ذاك العجوز

عمك وسنصبح ضمن الأثرياء وها نحن لازلنا نتسوق في ذات أماكننا السابقة "

قالت ببرود أشد " لا أعلم أفضل من هذا , ثم هوا فيه كل ما يناسب جميع

الطبقات فادخلي المحلات الراقية وانظري بعينيك لا مانع لدي "

لويت شفتاي بعدم اكتراث لما قالت وقلت ناظرة للجانب الآخر

" رجال شرطة !! ما بهم وكأنهم يلحقوننا "

قالت بسخرية " يبدوا أن التاريخ يعيد نفسه وقد تلتقي شخصا

آخر وتتزوجيه لاحقا "

قلت ببرود " نكتة سخيفة "

قالت بامتعاض " أنتي أسخف طبعا "

نظرت لهم بتركيز وقلت بهدوء " لا أصدق أن دُرر ستأتي قريبا

وأخيرا سنجتمع مجددا "

قالت بشبه همس " لم يعجبني صوتها أبدا , ثم أين زوجها عنها

ولما ستأتي وشقيقها فقط ؟ "

كنت سأقول شيئا ونظري لازال هناك فاصطدمت بأحدهم بقوة فنظرت

له فكانت امرأة انحنت لترفع الكيس الذي وقع منها ثم سوت وقفتها وقالت

" آسفة يا آنسة كنت أبحث بنظري عن ابني ولم أنتبه لك "

كانت بملامح جميلة وعينان زرقاء أجمل وملابس راقية جدا وفاخرة وقد

سبقها رجل مع طفلان أحدهما يرفعه في حضنه ووقف والتفتوا لنا فعدت

بنظري لها وقلت مبتسمة " لا عليك جاءت سليمة وأنا كنت أنظر

بعيدا فالخطأ مني أيضا "

قالت بابتسامة جميلة " جيد حادث سير بلا أضرار "

ضحكت ضحكة صغيرة واقترب منا الرجل وقال ناظرا لها

" سما حبيبتي هل من خطب "

فنظرت له وقالت " لا شيء نزار تصادمنا فقط "

ثم نظرت حولها وقالت " أين نزار يبدوا فعلها ولم يلحق بنا "

أمسك يدها بيده الحرة وقال ساحبا لها معه " كله من نتائج تدليلك له

فلا تنسي أنه أصبح في العاشرة ولم يعد صغيرا "

فنظرت لي سائرة معه وقالت مغادرة " آسفة مرة أخرى وكانت

فرصة سعيدة "

فلوحت لها بيدي مبتسمة وغادروا والطفل يقفز بجانب الرجل قائلا

" بابا هل ستشترونها لنزار ؟؟ أريد واحدة أيضا "

فأمسك الطفلة بيده الأخرى وشده بيده وقال مبتعدين " لن نشتري

لأحد وابق بجانبنا حتى نبحث عن شقيقك "

قلت ونحن نتابع سيرنا حيث اختفوا " اشرحي لي هذا ؟ قالت

أنها تبحث عن ابنها واسمه نزار ويبدوا ذاك زوجها واسمه

نزار أيضا فكيف ذلك ؟؟ "

قالت بلامبالاة " وما شأنك أنتي ؟ بقي أن تركضي خلفها وتستجوبيها "

تجاهلتها وقلت ببرود " تبدوا صغيرة في منتصف العشرين تقريبا

وزوجها ذاك كبير جدا عليها "

قالت بذات برودها القاتل " وما شأننا نحن , أم أنك غرتِ من اهتمامه بها

الذي يخرج من عينيه قبل كلامه وأفعاله أم من وسامته وعيناه الرماديتان "

قلت ببرود كبرودها " أنتي ما بك منذ يوم المزرعة ذاك أصبحتِ علبة

مثلجات بلا طعم "

لم تعلق طبعا فقلت " متى ستقررين أن تحكي لي ما قال لك هناك "

قالت بجمود " عندما تخبريني ما أرسل لك ردا على رسالتي "

قلت بضيق ونحن نصعد السلالم الكهربائي " لا تعلمي أفضل لك

كي لا يغمى عليك "

قالت من فورها " لا بأس نذهب للمستشفى وأخبريني هناك "

فضحكت لحظة ما وصلنا للأعلى وماتت ابتسامتي وأنا أنظر

للجانب الآخر بصدمة فضحكت سراب بجانبي وقالت بهمس

" يا محاسن الصدف "

فشددتها من يدها قبل أن ينتبه لنا وقلت متوجهتان للجانب الآخر

" كنت أعلم أن هذا اليوم سيكون سيئا هنا "

وصلنا المصعد ودخلنا له وضغطت زر الطابق الأرضي

فقالت بضيق " لما ننزل ؟ "

قلت ببرود " لأننا سنغادر "

قالت بذات ضيقها " كل هذا هروب منه يا جبانة ؟ "

تجاهلتها ونظرت لأضواء أرقام المصعد فقالت رافعة نظرها للأعلى

" أسأل الله يا ترجمان أن تكون نتيجة هروبك منه وقوع فيما هوا أسوء "

قلت بسخرية " هه من يسمعك يضنك رجل دين جبينه لا يفارق

سجادته , واثقة جدا من أن دعائك مستجاب "

وانفتح المصعد حينها وكان يقف أمامه .... هشام , فلويت شفتاي بضيق

لحظة ما دفعتني لخارجه ضاحكة وقالت بهمس " تلقي عقابك الآن "

تجاهلتها ونظرت له وهوا يقف في طريقنا يلعب بسلسة مفاتيحه في يده ولن

أفكر في الصعود مجددا والهرب طبعا فذاك لدي أسبابي وهربت منه أما

هذا فلا , قال بابتسامة جانبية ولازال يحرك سلسلته " جميل وجدتك أخيرا "

قلت ببرود " لم تخبرني أنك تبحث عني لكنت أخبرتك عن مكاني "

قال بذات سخريته " لا داعي لذلك فلن يصعب عليا إيجادك والنيل منك "

ضربت يد سراب التي تكزني بها لأسكت وقلت بحزم

" يدك وما تطال "

قال بجمود " سنرى وقسما أن تندمي على أفعالك بي "

قلت بسخرية " خفت منك هل تصدق ؟ وتلقى أنت أيضا عقابك

فهذه المرة لن أحلق شعرك بل سأنزع جلد رأسك "

وكزتني سراب وقالت هامسة " ترجمان الناس تتفرج عليكما تحركي

لا نريد مشاكل وقد يراه زوجك "

تجاهلتها وقال هوا بضيق " لا تضني أني خائف من زوجك الضابط

وعمك العقيد وسأعرف كيف آخذ بحقي "

أخفيت صدمتي من معرفته بهم وتابع هوا " لا أعلم كيف مجرمة

عمها عقيد في الشرطة ويزوجوها لضابط "

سحبتني سراب وأنا أصرخ فيه بضيق أكبر " لن أخاف منك ولست

أحتمي بهما ولا أحد ولا أحتاج لمن يجعلني أحطم وجهك "

سحبتني بقوة حتى ابتعدت بي قليلا عن باب المصعد جهة المصعد الآخر

قائلة بغضب " غبية أنتي أم مجنونة ؟ أقسم إن رآكما زوجك لحطم

رأسك قبل رأسه "

استللت يدي منها وقلت بحنق " لا أعلم ما جلبهما في طريقي

اليوم كلاهما وكأنه ينقصني تعكير مزاج "

وضعت يداه وسط خصرها وقالت بمكر " أنكري أن قلبك دق

وترقرق لرؤيته "

نظرت لها بصدمة ليس لما قالت بل للواقف خلفها فنظرت من فورها

للخلف ثم لي وغمزت وقالت بهمس مغادرة جانبا " هذه بتلك "

وابتعدت هاربة وكنت سأتحرك لكنه تقدم نحوي فورا ويداه في جيوبه فالتفتت

لصوت الباب الذي فتح خلفي وخرجت منه امرأة وطفلين فدخلته فورا وقبل

أن يغلق نصف انغلاق أمسكه بيده وسحبه ودخل ليغلق خلفه وضغط زر الطابق

السادس ثم سند كف يده على الجدار ينظر لي بهدوء وصمت وتحرك المصعد

ونحن نتبادل ذات النظرات الصامتة وكأن كل واحد منا ينتظر الآخر ليتحدث

ولا يبدوا لي ينوي ذلك وما أن وصل المصعد حتى ضغط على زر الطابق الأول

ونزل قبل أن يكمل فتحه وهوا على حالته ونظرته الهادئة وكأنه يحاول سحبي

لمحيط عينيه أو هكذا شعرت فعلا وكم كرهت ذاك الشعور وكم هوا سيء

وقاسي على القلب فقلت بضيق " ماذا تفعل الآن ؟ ما قصدك بكل هذا "

فلم يتحدث ولم يزح عيناه عن عيناي ولم يغير من نظرته فقلت بذات ضيقي

" لا تقل لما خرجتِ لوحدك ولما لست في منزل عمي وما تفعلين هنا

لأني لن أبرر ولن أقول ولن تتحكم بي "

والحال ذاته وكأنه تحول لتمثال جامد ووقف المصعد حينها وانفتح الباب ولم

يغلقه وكان رجلان يقفان في الخارج فتحركت حين لم يكرر فعلته ويغلقه مجددا

ليصعد بنا للأعلى واجتزته دون أن يبدر منه أي رد فعل ولا حركة حتى صرت

خارج المصعد ودخل الرجلان من فورهما ويبدوا أنه لم يخرج ويلحق بي كما

ضننت فالتفتُّ من فوري ولازلت أسير لتتغير خطواتي للسير للخلف ووقع نظري

عليه وهوا واقف مقابلا للباب ولي يداه في جيوبه وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة

خفيفة وما أن بدأ باب المصعد بالإغلاق حاصرا له وحده أمامي رفع يده ووضع

سبابته والوسطى على شفتيه ثم ضرب بهما التحية بطرف جبينه ولازال ينظر لي

وأُغلق باب المصعد بعدها وغاب عن نظري وأنا لازلت أسير للخلف بخطوات

بطيئة لست أعي أين تأخذني ولا متى ستتوقف أحاول تفسير أفعاله هذه وأنا من

توقعته سيزمجر بي غاضبا كعادته منتقدا لتصرفاتي وقراراتي , وما لم يعلمه أني

جئت هنا أقود سيارة لكان فجر المصعد بنا بالتأكيد , اصطدمت بأحدهم خلفي

فقفزت مفزوعة وكنت سأعتذر ففوجئت بأنها سراب التي قالت ضاحكة

" كيف كان الشجار ؟ جيد أن المصعد لم يتعطل "

نظرت لها بغيظ فقالت متراجعة للخلف " لم يكن قصدي ولم أكن

أعلم أنه خلفي "

ثم غادرت بخطوات سريعة وأنا ألحق بها حتى وصلت السيارة وكانت تُخرج

وردة حمراء من طرف ممسحة زجاجها الأمامية فاقتربت منها فمدت لي

بورقة صغيرة وقالت تمسك ابتسامتها " هذه تخصك وجدتها مع الوردة "

استللتها من يدها وقرأت ما كتب فيها فكان ( إن أمسكت بك شرطة

المرور سأسجنك بنفسي )

نظرت لها فمدت لي الوردة وقالت بذات ابتسامتها المكتومة

" وهذه لك , طوال حياتك محضوضة من بين ثلاثتنا "

أخذتها منها بقوة ورميتها أرضا فرفعتها من فورها وقالت بضيق

" مجنونة على الأقل راعي مشاعره حين يخرج ويجدها مدهوسة

بسبب إطار عجلات السيارات هنا "

لم أكن أفكر في ردة فعله ولا ما سيعتقد كل ما فكرت فيه بل وكرهته

شعوري ذاك حيال سياسته الجديدة التي لم أعرفها منه ( التقبل وعدم

الانتقاد ) ركبنا السيارة التي ضربت بابها بقوة وغضب وركبت هي

بجانبي وقالت بضيق " قسما أنه لا يعوض لكنك غبية دائما "

قلت بحدة " الغبية هي التي تصدق هذا وتنساق خلفه وليس سوا

مجرد ترهات "

ثم قلت تابعت وأنا أشغلها " وذاك ما جاء به هنا أليس يعيش

ويعمل هناك حيث مزرعته ؟ "

قالت تكتم ضحكتها " يبدوا اشتاق لك "

تأففت وغادرنا خارجين من هناك وقلت بضيق " نكدا عليا تسوقي

كنت سأشتري فستانا لزواج عمي "

قالت ببرود " وكيف ستحضرينه وهوا في منزل عمتك والدة زوجك "

قلت بتذمر " ومن قال أني ذاهبة هناك وأنه سيقيم حفل زواج من أساسه

لقد طلب مني الذهاب لها في منزل شقيقها لنأخذها لمنزله وغدا سيأخذني

لحضور حفل زفاف رغد الذي سيكون في منزل عمها وقسما لولا إلحاحه

عليا كي لا اخجل عمتي أمام معارفهم ما ذهبت "

قالت بهدوء " غريب عمك حقا لم يتزوج كل هذه السنوات

فما تغير الآن ؟؟ "

قلت من فوري " المهم أنه تزوج ولن يبقى وحيدا "

نظرت لي بطرف عين وقالت بمكر " ظننته لن يبقى وحيدا وأنك

ستعيشين معه أم تغير المخطط "

قلت ببرود " نعم سأعيش معك وأنكد عليك أنتي وزوجك ذاك "

قالت بذات البرود " نكتة سخيفة "

ثم تابعت بجدية " ترجمان عليك أن تبتعدي عن المشاكل وأن لا تستهيني

بذاك المدعو هشام فقد يسبب لك مشكلة لن تستطيعي مواجهتها وحدك "

أغلقت النافذة ليتوقف شعري عن التطاير على عيناي وقلت

" لن أخاف منه وليفعل ما يحلوا له فلا شيء لديه سوا التهديد "

تنهدت وقالت " لا أعلم لما لا تخبري عنه عمك وعن رسائل

التهديد التي تصلك من أيام "

قلت ببرود " لا أحتاج لعمي ولا غيره ليحميني من أحد "







*~~***~~*





وقفت أمام حقيبتي ونفخت مجددا , ما هذه الورطة أيعقل أني تزوجت اليوم وممن

من رجل لم أتوقعه حياتي والغريب سعادة ابنتي غدير بالخبر فهل رأت فيه هي

أيضا طوق نجاة لها ولم تفكر بي ولا بأن تكون والدتها في ذمة رجل آخر رغم

أني اشترطت عليه أنه إن وافق والد ابنتي ستكون معي وأن لا يحرمني من أن

تزورني في منزله وأبلغ شقيقي سالم موافقته في كل الأحوال , انفتح الباب

وسمعت صوت غدير خلفي قائلة باستياء " أمي حتى الآن لم تجهزي ؟ "

قلت ببرود " وبما سأجهز ؟ هل تريني من سنك "

اقتربت مني وحضنتني من ظهري قائلة " بل وأصغر , أقسم أن يجن

جنونه من جمالك "

خلصت نفسي منها وقلت بضيق " غدير عن الوقاحة الزائدة "

ضحكت وقالت " حسنا توبة هيا غيري ملابسك فابنة شقيقه قادمة

بعد قليل أم تريدي الذهاب هكذا بفستان المنزل "

هززت رأسي بيأس منها ثم رفعت الثوب ودخلت الحمام ولبسته أنظر لجسدي

بعدم اقتناع , صحيح أنه بسيط رغم أناقته وجماله لكني أرى نفسي حقا ألعب

دورا ليس لي , نظرت بعدها لوجهي في المرآة وسالت دمعتي على خدي , أين

أنت يا أواس ؟ قلبي ليس مطمئنا لكل مخططك هذا وعلى من اخترته زوجا لي

أن يبحث عنك فورا فنصف موافقتي عليه من أجل هذا الأمر رغم يقيني من أنه

سيسيرني على نظام العسكرية حتى الكلمة بحسابها , مسحت دموعي حين طرق

أحدهم باب الحمام فخرجت ووجدت فتاة جميلة تقف بجانب غدير بشعر أسود رائع

وعينان جميلتان وابتسامة مشاكسة وقالت ما أن رأتني " ألم تجهز العروس بعد "

فشعرت أني تحولت لبقعة ماء من الإحراج فيالا سعادة حظك يا خديجة على آخر

عمرك تتحولين لسخرية ممن هم في عمر ابنتك أو يزيد بقليل , اقتربت مني

وحضنتني قائلة " أنتي أصغر بكثير مما توقعت , مبارك لكما

عمي رجل رائع ومحظوظة أنتي به "

ثم ابتعدت عني وقالت مبتسمة " أنا ابنة شقيقه واسمي ترجمان "

قلت بابتسامة صغيرة " سررت بمعرفتك يا ترجمان وكم حدثتني عنك دُرر "

قالت مبتسمة " أجل تلك المحتالة هربت مع ابن شقيقك لكنها قادمة

غدا وحسابي معها "

نظرت لها بصدمة , ألا تعلم بما حدث لصديقتها ؟؟ ودُرر قادمة هل

لتبحث عنه أم ماذا ؟ أمسكت يدي وسحبتني منها قائلة " تعالي يلزمك

بعض الزينة لتبهري زوجك "

تبعتها كالمخدرة لأن عقلي كان لا يزال يفكر في كلامها حتى أجلستني

على كرسي طاولة التزيين ورفعت لي وجهي فقلت " لا داعي لهذا يا

ترجمان هل تريدي أن يسخر عمك مني "

ضحكت حينها وقالت " لو رأيناه قبل يومين لن أكون ترجمان "

آخ يبدوا أن المجانين غير غدير كثر وهذه كما حكت عنها دُرر وأكثر , وبعد

صراع طويل معها وضعت لي بعض الماكياج ولم أتركها تثقله لي فبأي قلب

سأفرح وأتزين ؟ بالقلب المحترق على ابني الذي لم أنجبه أم بالقلب الذي يشعر

بالخجل من الجميع وأنا أفكر في الزواج بعد كل هذه السنوات ؟ لبست بعدها

عباءتي وقالت هي " كانت عمتي تريد المجيء لكن زواج ابنتها غدا

فرفض عمي مجيئها وتجديها الآن غاضبة منه "

قلت بهدوء " أنتي تكفي وزيادة "

قالت ضاحكة وهي تتوجه للباب " بالتأكيد وجهزي نفسك

لزياراتي الدائمة "

ثم خرجت لعمها وقلت لغدير " ألن تذهبي معنا أيضا ؟ "

أخرجت عباءة من حقيبتها وقالت " بالتأكيد فعمي رِفعت طلب

مني ذلك "

نظرت لها بصدمة وقلت مندهشة " غدير تلبسن العباءة !! "

قالت مبتسمة وهي تلبسها " والنقاب أيضا يا أمي "

قلت بسعادة غامرة " قولي قسما "

توجهت نحوي تفرده بين يديها قائلة " نعم وها هوا لتتأكدي "

ثم ضمتني قائلة " لقد تغيرت كثيرا يا أمي وسأترك الجامعة أيضا "

أبعدتها عني وقلت بصدمة " تتركين ماذا !! "

قالت وهي تلبسه " الجامعة والسبب هوا الاختلاط ولن أدرس فيها أبدا "

لم اصدق ما ترى عيني وما تسمع أذني فما كل هذه التطورات في الفترة

البسيطة التي لم أراها فيها , قلت باستغراب " غدير ما قلب حالك فجأة "

رفعت نقابها للأعلى وقالت مبتسمة " الله هداني للصواب هل ممنوع هذا

يا أمي أم خطأ ؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " بالتأكيد ليس خطأ لكن دراستك .... "

قاطعتني قائلة " انسيها يا أمي الله أهم عندي فكم كانت تقنعني صديقتي

بالالتزام والآن تمكنت مني "

أمسكت وجهها بيداي وقلت بعينان تمتلئ دموعا " من ترك شيء

لله عوضه بأفضل منه يا غدير "


أمسكت يداي وقبلت كفاهما وقالت " ارضي عني يا أمي , وأقسم لك

أن كل ما فعلته سابقا كان بسبب زوجة والدي وابنتها "

هززت رأسي بحسنا ثم ضممتها لصدري وقلت بحنان

" لم أغضب منك يوما يا ابنتي "

ابتعدت عني ومسحت دموعها وقالت " لقد قبل والدي بأن أعيش

معك فهل يضايقك ذلك ؟ "

لم أصدق ما سمعت أذناي هل يكون ذلك بهذه السرعة !! حضنتها مجددا

وقلت ببكاء " ما أسعدني بكل هذا يا غدير وحمدا لله الذي جمعنا معا في

منزل واحد فقد كان اعتراض والدك أن منزل أواس يعد منزل رجل

غريب عنك "

قالت وهي تضمني بقوة وبضحكة خفيفة " البركة في زوجته "

ثم ابتعدت عني وقالت " هيا يا أمي ستتأخرين عن خالي سالم "

لبست حجابي وغطيت وجهي أيضا وخرجنا معا لنغادر في سيارة شقيقي

نلحق سيارتهم , حمدا لله على الأقل ستكون ابنتي معي وستبتعد عن زوجة

والدها وابنتيها وتعيش في راحة على الأقل , نظرت جهتها ثم أمسكت يدها

التي كانت تلبس فيها قفازا أسودا أيضا فاتكأت على كتفي وضمتني لها بقوة

فسبحان من يغير ولا يتغير كنت أعلم أن ابنتي فتاة صالحة لكن ظروفها

تحكمت بها , وصلنا بعد مسافة لا بأس بها ودخلنا سور المنزل وكانت

سيارته تقف أمامنا ويبدوا أنه فيها فأنوارها ما تزال مضاءة ليزداد توتري

واضطراب دقات قلبي , نزلنا من السيارة وحمدا لله أنه لم ينزل وقال

شقيقي سالم " سأنتظرك هنا يا غدير "

فتحت لنا الخادمة الباب بوسعه ودخلنا وكانت ابنة شقيقه تقف هناك

وقالت من فورها " تعالي لنأخذك لجناحكما فعمي لديه مشوار ضروري "

كنت سأتحدث لولا أوقفني الصوت الهادئ ذاك الذي كان محفورا في

مخيلتي من استغرابي له قائلا " غدير "

فأنزلت رأسي للأرض وأشعر بقلبي سيخرج من مكانه وكأنه لم يسبق

لي الزواج من قبل , هه وما علمني ذاك الزوج غير الخوف من جنس

الرجال أجمعهم , قال بعدها ولا يزال بعيدا عنا " سيجلب خالك ثيابك

وأغراضك غدا لا داعي لتغادري "

قالت حينها بسرعة " شكرا يا عمي لكن ذلك لا ..... "

قال مقاطعا لها " خالك غادر ووالدك تحدثت معه بنفسي وغرف المنزل

كثيرة اختاري منها ما يناسبك لا داعي لتأجيل قدومك هنا "

ولم نسمع بعدها سوا صوت غلقه للباب وترجمان راكضة خلفه قائلة

" هيه عمي نسيت أنك ستوصلني في طريقك "

ولحقت به دون حتى أن تأخذني لما قالت عنه أنه جناحي ويبدوا خيرا

فعلت , أنزلت الغطاء عن وجهي ونظرت للخادمة التي قالت مبتسمة

" سعيدة بوجود أنتما "

قلت بضحكة " ما أتعسك من خادمة ها قد عدت لك "

نظرت لي غدير باستغراب فوضعت يدي على كتفها وقلت

" وهذه ابنتي وستكون معنا هنا أيضا "

أومأت برأسها إيجابا مبتسمة فقلت " ذاك الجناح كما كان سابقا ؟ "

أشارت بيدها وقالت " بالتأكيد تفضل "

وسرت وغدير تسير بجانبي وقالت باستغراب " أمي هل

تعرفين هذا المنزل سابقا ؟! "

قلت ونحن نتبع الخادمة " سأحكي لك كل شيء حالا فسهرتنا

الليلة طويلة وسننام معا "

مؤكد ذاك سيعود متأخرا ولن يبحث عني وغدا سيقضيه جله في الخارج

كعادته وليلة غد لكل حادث حديث فيبدوا أنه تجنب الوجود هنا الليلة عمدا

لنأخذ راحتنا أو لا أعلم فيما يفكر فمؤكد لا يريد زوجة وهوا رفض فكرتها

كل هذه السنوات وشهامة منه وافق عليا الآن وراضية أن يتركني هنا كشيء

لا حاجة له وأعيش مع ابنتي أو في غرفة مستقلة , قالت غدير " أمي كيف

تنامين معي ؟ وزوجك !! "

فتحت الخادمة باب الجناح وقلت ونحن ندخله " قد لا يعود باكرا

وما أن يأتي سأصعد للأعلى "

كانت ستقول شيئا لكنها انشغلت بنظراتها المبهورة للمكان فما كانت

لتحلم بأن تعيش هنا فكم كان يعجبها منزل أواس وتتمنى العيش فيه دائما






*~~***~~*








أريتها الفستان الذي تركته مفاجأة لها فقفزت بصرخاتها الطفولية الفرحة ولسانها

الذي يأكل الحروف سابقا أصبح يخرج كلمات مشفرة وأنا أضحك عليها رافعة

الفستان للأعلى فقفزت من تحتي ويداها ممدودتان للأعلى قائلة " ديموووو

فستاني أعتي لي فستان عروس ... لي لي "

أبعدته وعلقته عاليا على الخزانة وقلت " لا .. أعلم ما النتيجة ستطلبين

أن تلبسيه وسيتسخ طبعا "

عبست ودمعتها تنذر بالنزول وأعلم أنها إن فتحت فمها باكية فلن تغلقه

فأخرجت من الكيس الحداء والقبعة وقلت " وهذه أيضا "

فعادت للقفز مجددا فوضعت القبعة على رأسها وقلت " يمكنك اللعب بها

أما الفستان فلا وستلبسينه غدا "

قالت حينها رغد الجالسة على سريرها " سدين يبدوا أنك تريديننا

مسخرة للجميع غدا "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " ولما ستكونان مسخرة ؟ أقسم أنه

لن يجد هوا ولا أهله واحدة مثلك وإن حفي , وهم يعلمون ذلك جيدا "

أنزلت رأسها للأسفل تضغط قبضتيها في حجرها وأفهم جيدا موقفها فتوجهت

نحوها وجلست أمامها وأمسكت يديها وقلت بجدية " رغد عليك أن تكوني قوية

فالحياة تحتاج لامرأة تستطيع مواجهة كل ظروفها , وحلا أخبرتني بلسانها أن

والدتها لم تعد مستاءة للأمر وأنتي تحديدا لطالما تمنتك لبسام ليس لعلمها فقط أنه

يريدك بل لأنها لا تريد تفويتك على أحد أبنائها فمن لا يتمنى واحدة كالنسيم

الهادئ مثلك لابنه "

رفعت رأسها ونظرت لي بعينان دامعة وقالت بتوجس " خائفة يا سدين

خائفة من مواجهته هوا لا هُم , أخاف أن يسقط القناع ما أن أصير لديه "

أبعدت يداي وقلت بتذمر " رغد أخبرتك مئة مرة أن تتوقفي عن قراءة تلك

الروايات التي زرعت في دماغك هذه الأفكار , أين هذه يتزوجك لينتقم من

رفضك له ؟ تلك مجرد خيال يتخذه الكاتب مبتعدا عن الواقع ليسلي القراء

ولا يوجد رجل يتزوج ويربط نفسه بامرأة فقط لكي يلقنها

درسا هل هي فوضى "

قالت بهمس " أتمنى ذلك "

هززت رأسي بيأس منها ثم قلت " لا تنسي أن والده عمك وبكلمة منك سيربيه

على أي خطأ يصدر منه ولا تنسي أيضا شقيقك الذي لن يترك مجالا لأن يتكرر

ما حدث مع مصطفى وقال بلسانه ( رغد تحديدا سأراقب حياتها بعينان لا تغفل

لأن حقها يضيع وتسكت دائما ) ولا تنسي يا عروس خالك الذي هدده أنه إن

أبكاك فقط فسيرميه خلف الشمس "

ثم قلت بضيق " ليثهم وقفوا لمصطفى ذاك هكذا لكن لا بأس

تعلموا منه درسا "

نظرت للأسفل وقالت بهدوء " رحمه الله اذكروا محاسن موتاكم يا

سدين ولا يجدي ذلك الآن في شيء "

نظرت لندى التي خرجت من الباب تركض ممسكة القبعة على رأسها

وقلت وأنا أقف " سأذهب لأرى ما حدث في شجار أمي وسلسبيل "

قالت مبتسمة " لن تقدر عليها .. أمي وأعرفها جيدا وسلسبيل

تتعب نفسها فقط "

قلت مبتسمة " نعم أرنا ابتسامتك هذه كي تقابليه بها غدا ولا تنكدي

عليه فهوا يتزوج لأول مرة "

قالت ببؤس " نعم وهذا ما سأسمعه كل حياتي ( يتزوج لأول مرة ) "

نظرت لها بصدمة ثم انفجرت ضاحكة فرمتني بالوسادة فقلت أمسك

ضحكتي " لا لن تسمعيها إلا اليوم ومعي حق فأنتي جربتِ متعة

أول ليلة لكن هوا لا فلا تفسديها عليه "

قالت ببرود " ومن أجبره على الزواج بي "

قلت مغادرة جهة الباب " أجبره قلبه , كم أنتي محضوضة به "

وخرجت وتركتها فعليها أن تنام مبكرا كما أمرت أمي ولا أضع نفسي في

مرمى غضبها الليلة يكفي أنها لازالت حتى الآن تنظر لي بعتب وإن كانت

لم تعد تتحدث في الأمر , ما أن خرجت لوسط المنزل حتى انفتح الباب

ودخل منه إياس حاجبيه معقودان ويبدوا مستاء بالفعل فاقتربت

منه وقلت " ما كل هذا العبوس ؟ "

قال مغادرا من أمامي وأنا أتبعه بنظري " لا شيء "

وأوقفته ندى التي ركضت جهته لازالت تمسك قبعة الفستان فوق

رأسها فرفعها وقبل خدها وقال " هل هذا فقط ما أعطته لك منه ؟ "

توجهت بخطواتي نحوهما قائلة " بالتأكيد كي لا نجده صباحا قد

تغير لونه من لفها به في المنزل "

أنزلها حينها للأرض فأمسكت ذراعه قبل أن يتوجه للسلالم وقلت

" إياس ألن تخبرني ما يزعجك هكذا ؟ "

قال مغادرا وذراعه تنسل من يدي " بعض المشاكل الصغيرة لا تهتمي "

لكني تبعته فلا يبدوا الأمر مشاكل صغيرة أبدا فهل حدث شيء بينه وبين

ترجمان ؟؟ صعدت خلفه حتى وصل غرفته ودخلت معه قائلة

" لا تفكر في طردي لأني لن أخرج "

قال متوجها للخزانة " سأستحم وأنام وابقي جالسة هنا وحدك "

توجهت نحوه وأمسكت يده التي بدأ يخرج بها ثيابه وقلت " ما بك يا

إياس ؟ لن يكون ما وراء مزاجك هذا مشاكل بسيطة كما تقول "

تنفس بقوة وقال " التقيت بأمين منذ قليل "

قلت بتوجس " هل رفض تطليقي لذلك أنت مستاء ؟؟ "

رمى الثياب في الخزانة بقوة وقال " كنت أود تأجيل الحديث في هذا

حتى يمر زواج رغد لكنك لا تصبرين أبدا "

قلت بإصرار " تكلم يا إياس هل رفض ؟ "

نظر لباب الخزانة الذي أغلقه بقوة وقال " بل سلمني ورقتك "

نظرت له لوقت بصمت تام ثم قلت " حسنا وما المشكلة ؟ هل

تشاجرتما بسبب هذا ؟ "

هز رأسه بلا ثم نظر لي وقال " ألا يزعجك كونك أصبحتِ مطلقة

وليلة زواج شقيقتك الأرملة "

هززت رأسي بلا وقلت بثقة " أبدا ولم تتحرك لي شعرة , فهل هذا

ما يكدر صفوك أم أنه قال شيئا أزعجك ؟ "

سند كفه على باب الخزانة المغلق ونظر للأرض وقال بشيء من الحزن

" بل لأني فشلت يا سدين فشلت في جميع القرارات التي تخصكم و.... "

أمسكت ساعده وقلت مقاطع له " لا يا إياس لا تفكر هكذا أنت لم

تخطئ يوما في شيء "

هز رأسه بقوة وقال " لا تحاولي التخفيف عني يا سدين ولا

تكذبي على نفسك "

شددت على ساعده بقوة أكبر وقلت " ذكِّرني بقرار واحد طائش وخاطئ

يخصنا ؟ أنت رعيتنا ونحن طفلات ولم نحتج يوما لأحد وكبرنا ولم يستطع

أحد قول كلمة في واحدة منا , زواج رغد من مصطفى هي من أصرت عليه

ووالدتي ساندتها وأنت كنت رافض له بالكلية وظهر كلامك كله صحيح فيما

بعد وزواجي بأمين لم يكن خاطئا يا إياس ولا قرارا طائشا فأنا وأمين

من عالمين مختلفين ليس لأنه هوا سيء ولا أنا ولا اختيارك له "

نظر جانبا لوجهي وقال " بل خطئي من البداية فما كان عليا

عرض الأمر عليه "

هززت رأسي بلا بقوة وقلت " أنت أردت لي الأفضل وهوا كما تظن به

وموافقته على قرارنا أكبر دليل بينما كان بإمكانه صنع مشاكل من هذا

وإثارة الشائعات والأقاويل , وهوا لم يوافق رغم عدم اقتناعه إلا لأنه

يحبك ولا يريد خسارتك "

أبعد يده عن الخزانة ووضع يديه في جيوبه ونظر جانبا متنفسا بضيق فقلت

ناظرة لعينيه " ليس العيب به يا إياس ولا باختيارك له وأقسم لو كان هوا من

طلبني بنفسه ما تراجعت في الأمر ولوجدنا لتخالفنا حلا لكن أن يكون قد أجبر

نفسه على القبول بي فهذا ما كنت لأرضاه لنفسي وأنت أكبر مجرب يا إياس "

نظر لي وقال " أنا لم اجبَر على ترجمان , صحيح أني كنت رافضا زواجي

بها بسبب طباعها لكني بعد زواجنا لم أشعر يوما أنها شيء فرض عليا

وأريد التخلص منه "

قلت من فوري " هذا لأنك أحببتها من قبل أن تتزوجها يا إياس "

أبعد نظره عن عيناي ولم يعلق فقلت " أما نحن فالأمر مختلف

فطمّني فقط أن علاقتك به لم ولن تتغير "

هز رأسه بنعم وقال " لا تخافي فحتى أمين لم يكن المخطئ فأنا من

وضعته في ذاك الموقف وحبه لي ما جعله يوافق رغم لومي عليه "

ابتسمت بارتياح وقلت " وهكذا لن يكون هناك متكدرا من كل هذا إلا والدتي "

خرجت منه ضحكة صغيرا فقلت بذات ابتسامتي " نعم هكذا فعليك

أن تسعد من أجل رغد فبسام الرجل الذي يستحقها "

تنهد وقال " آمل ذلك يا سدين فمن كثرة ما مررتن به بث أشك بالجميع "

مسحت بيدي على طرف وجه وقلت بابتسامة " لن تفخر فتاة بشقيقها كما

أفخر أنا بك ولو قالوا لي اختاري شيئا واحدا تريدين تغييره في شقيقك

لكان جوابي لا شيء , أنت إنسان رائع يا إياس وترجمان محضوضة

بك هي فقط مجنونة وعقلها متوقف عن العمل فتحملها "

ضمني لحضنه وقبل رأسي وقال " أسأل الله أن يعوضك خيرا يا سدين

ولازلت عند رأيي أنتي بالتحديد لن أزوجك إلا لرجل يقدر عقلك الكبير

ولا ينظر لمظهرك ومن سينجح في الاختبار فقط من سأوافق عليه "

ابتعدت عن حضنه وقلت مبتسمة " يعني من الذي سيعجب

الملك ويفوز بالأميرة "

لعب بغرتي بين أصابعه وقال مبتسما " نعم ... فقط لا يكون مثلك

فصوصه في وجهه والسلاسل في عنقه "

ضحكت وقلت " لا تخف فأنا أيضا لا تستهويني تلك الأنواع فهذه الأمور

وجدت للفتيان لا للرجال ولا أريد إلا رجلا تليق به الكلمة مثلك أنت "

مسح على شعري ثم فتح باب الخزانة قائلا " اتركيني أستحم وأنام

إذا ولا تخبري والدتي بما أخبرتك حتى ينتهي حفل الزواج "





*~~***~~*





نزلت إسراء راكضة من السلالم تضحك وترجمان خلفها بملابس

النوم صارخة " سأمسكك يا فطرة وسترين "

ضحكنا عليها أنا وعمتي سعاد وصفاء وخرجت إسراء للخارج

فورا فقلت قبل أن تلحق بها " تعالي أنا من أرسلتها لتوقظك "

توجهت نحونا قائلة بضيق " وهي انتهزت الفرصة طبعا

تلك المشاغبة القصيرة "

قالت صفاء ضاحكة " ماذا فعلت لك ؟ "

عدلت من بيجامتها بغيظ وقالت " شدت لي خداي بقوة , لقد

أفزعتني تلك الحرباء الصغيرة "

قالت عمتي سعاد مبتسمة " أنا آسفة لقد أصرت سراب وما

كنت موافقة أن تصعد لك "

نظرت لي بضيق فقلت بضحكة " دعيها مرة واحدة تأخذ بحقها منك

ثم نحن صرنا وقت العصر وأنتي لم تجهزي نفسك للذهاب مع خالك "

كانت ستتحدث لولا أن أوقفها صوت السيارة التي وقفت في الخارج

فقلت ناظرة للباب " هل هذه دُرر وصلت ؟؟ "

قالت عمتي " قد يكون آسر ؟ "

شعرت ببعض الارتباك وإن كنت حاولت إخفائه ولا أعلم حتى متى

سيسيطر حضوره ووجوده على انفعالاتي ؟ وأراه من ذاك اليوم في

المزرعة تجنب المجيء إلى هنا ولم أره أبدا , دخلت إسراء ووقفت

عند الباب وقالت قافزة " رجل وسيم تعالوا بسرعة "

فانفجرت أنا وصفاء ضاحكتين وقالت ترجمان " أنظروا للطفلة المنحرفة "

قالت والدتها بضيق " لا أعلم كيف دخلت هذه الأفكار لرأسها ومن أدخلها ؟ "

قلت ناظرة لها عند الباب " هل معه امرأة ؟ "

هزت رأسها بنعم وقالت مشيرة لترجمان بإصبعها الصغير

" وأجمل من صديقتك هذه "

فتحركت ترجمان نحوها وصرخت هي هاربة للخارج فرفعت حجابي

وتحركت جهة الباب قائلة " هذه دُرر بالتأكيد والذي معها زوجها "

خرجت وكانت هي بالفعل ومحتضنة ترجمان وتبكي بشدة بل وبانهيار

فنظرت للشاب الذي كان يقف عند سيارته وإسراء تقف أمامه وتتحدث معه

طبعا فهي لن تفوتها وهوا كانت عيناه على ترجمان ودُرر , مؤكد هذا شقيقها

له ذات العينين وإن اختلفت ملامحهما , شعره أسود ناعم وكثيف ليس كلون شعر

دُرر , توجهت نحوهما وأبعدتها عن حضن ترجمان التي تحاول تهدئتها وفهم ما

بها وما أن ابتعدت عنها حتى ارتمت في حضني تواصل بكائها وكانت ملامحها

متعبة جدا وهالات خفيفة قد ظهرت تحت عينيها وكأنها ليست دُرر تلك التي النظرة

الواحدة لوجهها تنسيك بشاعة كل شيء حولك , ضممتها بقوة وقلت ودموعي

بدأت بالنزول " يكفي يا دُرر ما بك تبكي هكذا يا شقيقتي ؟ ماذا حدث لك "

ولا فائدة ولا جواب لديها سوا النشيج الباكي والعبرات المتلاحقة فاقترب منا

شقيقها ووضع يده على كتفها وقال ناظرا لها " دُرر يكفي ستمرضين

وأنتي بالكاد يمكنك الوقوف "

نظرت له باستغراب من كلامه وأبعدتها ترجمان هذه المرة وقالت وهي

تسير بها جهة باب المنزل حاضنة لكتفيها " تعالي ادخلي قبل أن

تسقطي علينا "

وكان نظري يتبعهما وكنت سأدخل خلفهما فأوقفني صوته قائلا

" اهتموا بها رجاءا فهي متعبة "

التفت ونظرت له فقال " رقمي لديها واتصلوا بي إن طرأ شيء

ولتكن في أعينكم رجاءا "

هززت رأسي بحسنا دون كلام فغادر جهة سيارته وركبها وانطلق من فوره

مغادرا , لو أعلم ما بها وما سبب ما هي فيه ؟ يبدوا خائفا عليها بالفعل , كم

أنتي محضوضة يا دُرر ظهر لك عائلة يحبونك بالفعل والأهم شقيق تستندين

عليه ليس مثلي تتلقفك الظروف من كل جانب , هززت رأسي بقوة واستغفرت

الله ودخلت حيث كانوا يجلسون وسط المنزل ولازالت دُرر في حضن ترجمان
ولازالت على بكائها وصفاء تقف فوقهم ممسكة كوب ماء وعمتي سعاد تمسح

بيدها على كتف دُرر وتحدثها فاقتربت منهم وجثوت على ركبتاي وأبعدتها

بعدما أخذت كوب الماء من صفاء وقلت وأنا أقربه من شفتيها " دُرر

تعوذي من الشيطان وتوقفي عن البكاء واشربي الماء هيا "

همست بشفاه مرتجفة مسمية الله ثم شربت منه جرعتين صغيرتين

وقالت ببحة " خذوني لأي سرير لم يعد يمكنني الجلوس "

وقفت بها ترجمان وساعدتها لنوصلها وقلت " سنتصل بشقيقك قبل

أن يغمى عليك يبدوا تريدين المستشفى "

قالت بهمس متعب وهي تسير معنا بصعوبة " لا داعي لذلك سأكون بخير "

أجلسناها على سرير صفاء وتبادلنا أنا وترجمان النظرات المستغربة من حالها

ومما لا شك فيه أن ذاك الزوج الثالث سبب انهيارها فلا شيء أبكى ثلاثتنا غير

جبروتهم , رن هاتف ترجمان فأجابت عليه قائلة من فورها " لن أذهب

معك يا عمي , دُرر هنا ومتعبة قليلا "

سكتت لوقت ثم قالت " لا أعلم هي وصلت للتو ولا يمكنني تركها "

أغلقت بعدها هاتفها والغريب أن عمها رغم إلحاحه عليها ورفضه أي عذر

لذهابها قد وافق الآن سريعا ما أن أخبرته بالسبب !! نظرت لدُرر المغمضة

عينيها ودمعتها تنزل من طرف عينها ثم نظرت لترجمان وقلت بهمس

" هل نامت أم مغمى عليها ؟ "

غطتها وقالت " بل نامت ويبدوا أنها لم تنم من وقت وانهيارها الآن

جعلها تنام دون شعور منها "

اقتربت منها ونزلت مستندة بقدماي على الأرض وأمسكت يدها وقلت

بحزن باكي " ما بك يا دُرر ؟ ماذا حدث معك جعلك هكذا يا شقيقتي "

شعرت بيدين أمسكتا ذراعاي وأوقفتاني وصوت ترجمان قائلة بهمس

" لنتركها تنام وترتاح ونزورها هنا كل حين حتى تستيقظ ونفهم منها "

ثم خرجنا ثلاثتنا وأغلقت صفاء الباب واقتربت منا عمتي سعاد قائلة

" ما بها هل هي بخير "

هززت رأسي بحيرة فقالت ترجمان مغادرة جهة السلالم

" سأتحدث مع عمي ليسأل زوجها "






*~~***~~*








منذ أكثر من ساعتين وأنا جالسة على هذه المنصة نظري شارد لكل شيء إلا

وجوه الناس الكثيرين هنا فلا أريد رؤية تلك النظرات الساخرة من تغيير قراري

والزواج بمن رفضته سابقا ولا تلك النظرات التي تحسدني على زواجي بشاب

وأنا بابنتي وأرملة كانت على وشك الطلاق وقد تزوج زوجي عليا , لا أريد رؤية

كل ذلك فلا ينقصني إحباط وكآبة , الشخص الوحيد الذي كانت تراقبه نظراتي كل

حين هي والدتي التي لا ترسل عيناها سوا النظرات الحنونة السعيدة بما أنا فيه الآن

فلن يشعر أحد هنا بما تشعر به هي الآن اتجاهي ولا حتى شقيقتاي المنشغلات مع

الضيوف رغم فرحتهما الغامرة وسعادتهما من أجلي , ندى ما تزال مختفية وكلما

سألت سدين عنها قالت أنها موجودة وستأتي ولم أراها اليوم أبدا خاصة أنها ستلبس

الفستان الأبيض الطويل الذي كانت تتحدث عنه في نومها طوال الليل والذي سبق

ووعدها إياس أنه سيشتريه لها في زواج سلسبيل وسدين لكن سلسبيل تزوجت بلا

زواج وسدين يبدوا لن تتزوج بزوجها الحالي , فمن كان يتخيل أنها ستلبسه في زواج

والدتها ! كم هذا مضحك حقا , زوجة عمي وبناتها تصرفوا معي بشكل لم أتخيله ولا

في أحلامي , كن سعيدات حقا ومبتسمات ولم يبدوا على ملامح والدته أبدا أنها كارهة

لوجودي ولزواجه بي رغم أنها لم تحدثني المدة الماضية أبدا , وهذا أفضل ما حدث

لي الليلة فكم خفت من ردة فعلهن وخاصة والدته , نورس الوحيدة التي كان سلامها

لي متحفظا ويبدوا أنها حتى بعدما تزوجت لازالت غاضبة بسبب زواج إياس من

غيرها وإن لا سمح الله طلق إياس ترجمان فستندم شديد الندم على زواجها بالتأكيد

شعرت بأحدهم صعد من الجانب واقترب مني ثم انحنى جهتي وسمعت همس

سدين قائلة " بسام سيدخل الآن , على الأقل ارفعي رأسك وابتسمي قليلا "

شعرت بقلبي بدأ بعزف سيمفونيته المجنونة وبدأت بقراءة الفاتحة بهمس كما

أخبرتني سلسبيل أنه ما فعلته حين دخل عليها زوجها وأن هذا أراحها كثيرا


انفتح الباب البعيد المقابل لي بوسعه فوقفت دون شعور مني ولو تركت العنان

لساقاي لهربت من هنا ولا أعلم ما بي فلم أخف وأتوتر في زواجي السابق هكذا !!

فهل السبب أني كنت أعرفه وأتحدث معه أم خوفي من ردة فعل بسام هوا السبب



نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الأربعاء إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جليد, حسون
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:09 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية