الفصل الواحد والأربعون
المدخل : بقلم الغالية deegoo
لا تبكي يامهجة القلب لا تبكي
فأن ابعدوني مئات الاميال عنكي
فهم لم يعلمو بقلبا يرنو ويهفو اليكي
حرموني من لذة العشق منكي
وظنو انهم بذلك هزموني بكي
لكنهم لا يعلمو بأني اصبحت عاشقكي
وانهم مهما فعلو فأنتي ستظلين ملكي
وستعودين الي فأنتي تعلمين اني مووطنكي
وانك اصبحتي متربعة على قلبي فهو مملكتكي
من اواس لدرة ♡♡x
سلمت يداك
***********
قبضت بيدي بقوة على شيء لا أراه ولا أتبينه وألم مبرح أشعر به يكاد يقسم
رأسي نصفين وأشعر بأطرافي تتجمد حتى عجزت عن تحريكها وكأن الموت
يتسلل إليها , تمسكت بقوة بذاك الشيء وكأنه ما سيساعدني على استيعاب ما أنا
فيه والوقوف , تلمسته بعشوائية فإذا به عشب الأرض الندي ففتحت عيناي ببطء
وسنّدت يدي على الأرض دافعا جسدي للأعلى ليبتعد عنها حتى جلست نصف
جلوس وزحفت قليلا واتكأت على جذع الشجرة القريبة مني وأمسكت رأسي
أئن بتألم ثم نظرت ليدي التي كانت ملطخة بالدماء وبدأت باسترجاع ما حدث
شيئا فشيئا لأقف مستندا بالجذع وطاقة واحدة تحركني لأسير بخطوات واهنة
مترنحة في الظلام ولا شيء على شفتاي سوا " دُره "
فحتى هاتفي اختفى ولست أعلم كم من الوقت غبت عن الوعي , أمازلنا في نفس
الليلة أم أننا صرنا في ليلة اليوم الآخر ؟؟ كانت الرؤيا تتحول لضبابية من حين
لآخر وتخور قواي حتى أكاد أقع مغشيا علي وأقف لبرهة مستندا بجذوع الأشجار
فلا مجال للبقاء مكاني ولست أعلم ما يحدث هناك ما سر تلك الرسالة ولما لا
يجيب الحارس ؟ ومن الذي ضربني على رأسي وما حدث مع دُرر وأين رجال
الشرطة والمخابرات عن كل هذا ؟ اقتربت أكثر لأقف مشدوها من الصدمة وأنا
أشاهد ألسنة النيران التي ترتفع عاليا فبدأت بالركض بخطوات مترنحة ضعيفة
وأشعر بالدماء تنزل على طرف جبيني مارة بفكي وكل تفكيري مع من بقيت في
المنزل رغم أنه سيكون جدها أخرجها لكن ذاك الوحش كل شيء متوقع منه وقد
يضرها حتى هي ليبقيني بعدها مريضا ميتا محروما حتى من رؤيتها من بعيد أو
سماع صوتها , وصلت للمنزل المشتعل وسيارات الإطفاء تحاول إخماد الحريق
وبعض الأشخاص مجتمعين أمام باب المنزل فاندفعت نحو بابه راكضا ليمسكني
رجال الدفاع المدني الموجودين بقرب المنزل وأنا أصرخ محاولا الفكاك منهم
" دُره في الداخل أتركوني أخرجها أو أموت أنا ... أتركوني "
كانوا يبعدونني بالقوة ويتحدثون لغتهم الأسبانية التي لا أفهمها حتى أبعدوني
عن هناك وهرع أحدهم بحقيبة إسعافات راكضا نحوي فدفعته بعيدا
عني وقلت بالإنجليزية " لا تلمسني لا تلمس الدم ابتعد "
قال من فوره " لديك جرح ينزف من رأسك دعني أساعدك "
دفعته صارخا بقوة " ابتعد ألا تفهم "
فابتعد يتمتم بحنق بكلمات لا أفهمها فخلعت قميصي وأمسكت به رأسي
حيث أشعر بالألم فمؤكد الجرح هناك ثم اقتربت من مدخل المنزل مجددا
حيث وقف رجلان يمنعاني من التقدم فاستللت الهاتف الذي كان في يده
وطلبت الرقم الذي أحفظه كاسمي وأجاب من في الطرف الآخر
قائلا " من معي ؟ "
قلت من فوري " أعطني سيدك "
قال ببرود " من أنت ؟ "
قلت صارخا فيه " أعطني الحثالة الذي تعمل لديه بسرعة "
كان سيتحدث لكن يبدوا أن أحدهم أخذ منه الهاتف ليصرخ فورا في
أذني قائلا " أين حفيدتي يا وغد ؟ "
فانفتحت عيناي على اتساعهما من الصدمة فإن كانت ليست لديه فأين
ستكون !! حاولت التقدم مجددا وقلت " زوجتي في الداخل دعوني أخرجها
لا نفع من بقائي على قيد الحياة حتى بوجودها فكيف في عدمها "
كانا يمسكانني بقوة ويبدوا أن أحدهما لم يفهمني بينما قال الآخر
" لن ندعك تدخل حتى يخمدوا الحريق فلا تتعب نفسك وقِف هناك وانتظر "
حاولت دفعه من أمامي بيدي الحرة وبلا جدوى فرأسي لازال يؤلمني بشدة
وأشعر بخور كبير في قواي فقلت صارخا " حمقى قلت لا أريد العيش
بعدها فاتركوني أدخل لأخرجها أو أموت معها هناك "
ولم يكترثا لي ليدوي انفجار ضخم في المنزل زاد من نيرانه ومن تأججها
ولمعانها في أعين الواقفين أمامه فلم أشعر حينها سوا بالدمعة التي تنساب
على خدي وقد تعلقت عيناي في المنزل الذي بدأ خشبه ينهار ليحطم قلبي
وحلمي الميت وهمست شفتاي برجفة " دُره لا تتركيني في الحياة وحدي
كوني موجودة وإن كنتِ لستِ لي "
*~~***~~*
قالت وهي تدور حولي " اليوم من الصباح يسأل عنك ومن قبل
حتى أن يتناول فطوره , هيا تحركي يا غبية "
نظرت للسقف جالسة على الكرسي وقلت بضيق " توقفي عن
الحوم حولي يا عنقاء ستصيبينني بالحول "
وقفت أمامي ووضعت يداها وسط جسدها وقالت " أنتي لم تسألي
عنه ولم تزوريه في المستشفى ورغم هذا هوا منشغل عليك هل
تري كل هذا أم عمياء يا ترجمان "
وقفت ودفعتها مخرجة لها من الغرفة وأغلقت عليها الباب فطرقته من
الخارج وقالت صارخة " أنتي غبية هل أخبرك عقلك بذلك "
ثم اختفى صوتها ويبدوا أنها غادرت فتوجهت للسرير وارتميت عليه
أخفي وجهي في الوسادة فمنذ وصل بالأمس وأنا أمنع نفسي بالقوة من
الذهاب له فلا أريد رؤيته في جناحه وغرفته , وحتى وقت دخوله البارحة
تهربت منه ولا أعلم لما !! كلما تذكرت ما حدث في المطبخ يوم أصيب
وتغيره المفاجئ وعودته إياس الماضي قبل أن يجلب تلك الشاحبة وقبل أن
نأتي هنا أشعر برغبة كبيرة وغبية في الذهاب له وعندما أفكر في أنه تزوج
من تلك واستبدلني بها أتراجع عما كنت أنوي لكن سرعان ما تعاودني تلك
الرغبة والأفكار , تأففت وانقلبت على ظهري أنظر للسقف بشرود , أنا نفسي
لا أصدق ما حدث معي يوم سمعت أنه مات , شعرت حينها أن الحياة تلونت
بالسواد في عيناي وكأني بعد ذاك اليوم سأفقد بهجتي بها وستفقد كل جمال
قد كان يلونها , شعرت وكأن جميع من أعرف وأحب ماتوا يومها وسأبقى
وحيدة , جلست وجمعت شعري جانبا ثم رفعت الفستان قليلا ونظرت لفخذي
والبقع الخضراء المنتشرة فيه وكأن ثمة من ضربني ضربا مميتا وعلّم ضربه
لي كل هذه العلامات , لم أصدق يوما حين سمعتهم يتحدثون عن هذه الأمور
التي تحدث عند كبث الانفعالات وها قد جربت ورأيت بعيني , أنزلت الفستان
وغادرت السرير وتوجهت للباب فتحته ثم سرعان ما عدت وأغلقته ولا أعلم
ما بي أتصرف هكذا كالبلهاء ! عدت جهة المرآة ونظرت لنفسي وشعري ثم
بدأت بالدوران في الغرفة وكأن ساقاي تنتظر جوابا من عقلي نخرج أم لا ؟
وبعد وقت قليل توجهت للباب فتحته وخرجت فورا كي لا أتراجع وأغير رأيي
وصلت جناحه فكان بابه مفتوحا وصوت عمتي في الداخل وهذا أفضل وفرصة
مواتية , شددت فستاني للأسفل أعدله من دون حتى أن أنظر له ولا أعلم يحتاج
تعديلا أم لا ثم طرقت الباب طرقات خفيفة لا أضن أن أحدا سمعها ودخلت وما
أن خطوت خطوات قليلة حتى قابلني جالسا في الغرفة وعمتي تجلس مقابلة له
مولية ظهرها لي وتلك الشاحبة واقفة بجانبه فوق كرسي ويبدوا تحاول تعليق
شيء ما على الجدار , تسمرت عيناي على عينيه التي كان يركز نظرها بي
دون كلام وتقدمت بضع خطوات أخرى بطيئة حتى اقتربت من الباب قليلا بعد
وقوة ما جذبني للسير لم أعرفها ولم أجربها قبلا وكأني أراه للمرة الأولى وأرى
عيناه الواسعة التي يمكنها الإطاحة بأي فتاة في لحظة وكنت أراها لا تختلف عن
غيرها , كل شيء فيه كان وكأني أختبره للمرة الأولى وكأني لم أعرفه سابقا حتى
نظرته لي مختلفة تماما , بقي نظره معلق بي وكأنه ينتظر وصولي لهم ودخولي
فوقفت مكاني وهربت بنظري منه للأرض لأني شعرت بقواي وطاقتي تلاشت
فور اقترابي من الباب أكثر , رفعت نظري بعدها فكان لازال ينظر لي
وأشار برأسه وشفتيه دون كلام قائلا " تعالي "
فشعرت بشيء ما هوى في قلبي , ترجمان ما بك ؟ لا يا رب ليس هوا ليس
ذاك الذي يسمونه الحب ليس وقته , كنت أريد الهرب أريد الخروج من هنا لأي
مكان آخر لكن ابتسامته الطفيفة أعجزتني عن فعل أي شيء , ما ينوي فعله بي
هذا الأحمق بكل هذه الإيماءات التي يشدني بها كالغريق , ما أن حركت قدمي
لأتقدم وأدخل حتى تحركت تلك مترنحة وكادت تقع وقالت عمتي بسرعة
" سهاد كوني حذرة ولا تنسي أنك حامل "
فتسمرت مكاني مجددا وشعرت وكأن ثمة من ضربني بسيف قسمني به
نصفين وكانت عينا إياس لا تزالا ملتصقتان بي فتراجعت للخلف لأن ثمة
غصة كنت أشعر أنها تزلزل ضلوعي وستدمرها وما كان أمامي من حل
سوا الهرب ... نعم هربت من هناك راكضة ووجهتي كانت من حيث أتيت
لغرفتي ثم لحمامها وللمياه فورا وفي لحظات وجدت نفسي واقفة تحتها يداي
مسندتان على الجدار والمياه تنزل منسابة على رأسي وجسدي وشعور ما
كئيب وحارق أشعر به يتسلل في خلايا جسدي وعروقي , ضربت الجدار
بكفي بقوة ورأسي للأسفل لأشعر بتلك الحرقة الشديدة في جفناي وسقطَتْ !
نعم سقطت الدمعة التي لم أعرفها من قبل ولم أذرفها على أحد , لقد خرجت
كجمرة مشتعلة ميّزتها من بين جميع قطرات الماء وكأنها بلون مغاير عنها
ضربت بكفي مرارا وتكرارا بحنق لتتبع تلك اليتيمة قطرة أخرى وثالثة
ورابعة وجميعها تبكي تلك الأولى التي لم تبكيهم هم , لم أشعر بباقي دموعي
إلا بكاءً على تلك الدمعة التي ما كان يفترض أن تنزل أما تلك فلم تكن تبكي
غير أمر واحد وشيء واحد وبسبب شخص واحد , عدت لضرب الجدار
بكفاي كلاهما بقوة أردد بعبرة " سحقا يا ترجمان ما هذا الذي يحدث ؟
ماذا تفعلين الآن ماذا ؟ ماذا ؟ "
ليوقفني صوت طرقات على باب الحمام وصوت إياس قائلا من
الخارج " ترجمان افتحي الباب "
فوضعت يدي على فمي أهز رأسي بلا بقوة وتكرر الطرق مجددا
فقلت صارخة " لا أريد الخروج أتركني وشأني "
لكنه لم يزد سوا طرقا وقال بصوت أعلى " تخرجي أو قسما فتحته
بالمفتاح الآخر "
فأغلقت الماء ألعن كل شيء حولي , مجنون ويفعلها ويدخل وأنا هكذا
جذبت المنشفة ونشفت شعري بعشوائية ثم استللت روب الحمام ولبسته على
عجل وربطت حزامه بإحكام فصوته قد اختفى ومؤكد غادر ليحظر المفتاح
فتحت الباب وخرجت لأشهق بصدمة وقد وجدته أمام وجهي وترنحت في وقفتي
حين تعثرت بقدمي وأنا أحاول التراجع للخلف فأسرع بشدي بيده السليمة لأن
الأخرى كانت مربوطة لعنقه وأمسكني من ياقة الروب وجذبني نحوه بقوة
لأسقط على صدره فابتعدت سريعا أشد الروب على جسدي جيدا أشتت نظري
بعيدا عنه للأرض فأمسك ذقني بيده ورفع وجهي له ينظر لعيناي ومؤكد لاحظ
شيئا لكني لن أعطيها له , أشحت بوجهي بعيدا فأعاده قابضا على ذقني بقوة
وقال بهمس " ما بك يا ترجمان ؟ "
أبعدت نظري عن عينيه وقلت بجمود " لا شيء "
شد ذقني ووجهي ناحيته وقبل أن أجد مجالا لصده أو التحكم بالأمر كانت
شفتاي فريسة قبلته المجنونة ويده قد أحكمت قبضتها على جسدي يشدني
بها بقوة كي لا أفكر في الابتعاد وجميع محاولاتي كانت واهنة ضعيفة لم
تتغلب على ذراع واحدة تمسكني فأبعدت وجهي للأسفل ليصبح مدفونا
في صدره وقلت ببحة " ابتعد واذهب لها "
لا أعلم لما قلت ذلك لما أظهرت ضعفي وتضايقي من وجودها لكن كل
ما يحدث معي أصبح أكبر من طاقتي ومن قدرتي على تفسيره ولا
التفكير فيه , شد رأسي بيده يدفنه في صدره أكثر ليزيد من صراع
مشاعري وتلاطم أمواجها الثائرة التي أصبحت تخرج عن السيطرة
في أي مواجهة مع أفعاله العابثة , حاولت مجددا الابتعاد عنه ليزيد
أكثر من دفني في صدره ولا أعلم هذه كلها قوة في يده وذراعه أم
ضعف مني أنا , قلت بهمس ووهن " أتركني "
لكنه لم يزد سوا شدا لي حتى كدت أختنق وهمس في أذني
" اتركي لها العنان يا ترجمان ويكفي عناد "
حاولت محاولة فاشلة جديدة في الخلاص منه وقلت بحنق
" أحمق "
لتخرج ضحكته الخفيفة وقال " وأنتي حمقاء فأسمعيني صوت بكائك
على صدري لترتاحي مني وترحميني "
حاولت حينها دفعه بقوة أكبر ضاربه صدره بقبضتي مغتاظة من كلامه
ومعرفته ببكائي وأصابت إحدى اللكمات كتفه فتركني وأنّ بتألم وأمسك
كتفه فنظرت له جزعة ولم أعرف ما أفعل فأنّ مرة أخرى حين أمسكه
وكان ينظر للأسفل فأغلقت فمي بيدي وامتلأت عيناي بالدموع وقلت
" إياس هل أنت بخير ؟ أنا آسفة لم أقصد "
لم يعلق ولم يرفع رأسه وانهار جالسا على السرير وما يزال ممسكا به
فتوجهت نحوه بسرعة أمسح الدمعة التي غلبتني وأمسكته قبل أن يهوي
للخلف فيبدوا فقد السيطرة على توازنه من تثبيته لنفسه بيده السليمة على
السرير , مسحت دمعتاي الجديدتين بيدي وأنا أحاول تثبيته قائلة بعبرة
" إياس لا تفقد وعيك , ما بك إياس ؟ لا تفعل هذا بي "
فسقط للخلف مع صوت شهقتي القوية لا أعلم بسبب سقوطه أم بسبب
شده لي معه لأسقط على صدره وأطبق بذراعه عليا مجددا وقال
" قلت اتركي لها العنان هل علينا إخراجها بالحيل "
فما كان بيدي سوا الانهيار نعم انهرت باكية على صدره أفرغ باقي
البكاء الذي لم أبكيه في الحمام وهوا يشدني لحظنه بقوة وصمت
حتى ابتعدت عنه وغادرت الغرفة راكضة
*~~***~~*
مسحت دمعتي بطرف كمي أنظر للمخيف الواقف هناك وقد اقترب
بضع خطوات وقال بانجليزية طلقة " هل هدئتِ يا قطة "
قلت صارخة فيه " ابتعد أو قسما لن يحدث لك إلا ما فعلتُ منذ قليل "
بصق جانبا ولمس لثته بإصبعه وشتم بحنق ثم قال " لم يسلم شيء
بي من أظافرك يا عربية "
ثم اقترب أكثر فزحفت ملتصقة بالجدار خلفي ونظري معلق
به وقلت " ابتعد عني , ماذا تريد ؟ "
وقف على مقربة مني وقال مبتسما " أعلم أني أسود وضخم
لكني لا أبدوا مخيفا هكذا يا جميلة "
نظرت له بخوف فقال " اسمعي .. أنتي تري بعينك أني لم أضربك بينما
لكمة صغيرة مني ستفقدك الوعي لأسبوع كامل , ولم أربط لك يديك ولا
فمك فكوني هادئة ومطيعة حتى أنهي مهمتي وأسلمك لهم "
مسحت دمعتي التي انسكبت مجددا وقلت " ومن يكون سيدك
وأين أواس وماذا فعلت به ؟ "
رفع كتفيه بلامبالاة وقال " لست مكلفا سوا بك وليس بإخراج
شيء أسمه أواس "
مد بعدها يده الضخمة لي وقال " ستخرجين معي بهدوء فلا
أريد مخالفة الأوامر وإيذائك "
شعرت بخوفي ازداد أضعافا ووقفت وأنا لازلت ملتصقة بالجدار
خلفي وكأني سأخترقه وقلت " من أنت ؟ لن أخرج حتى تخبرني
من أرسلك , هل هوا جدي ؟ "
تأفف يشتم بهمس لا أفهمه ثم مد يده لجيب قميصه وأخرج شيئا فتحه
ووضعه أمامي فنظرت له بصدمة وقلت بهمس " شرطة ! "
أعاده لجيبه وقال " نعم كنت كذلك لكني اليوم أشعر أني مجرما بسببك "
مسحت أنفي بطرف كمي وقلت " أين أواس ؟ "
تأفف وقال بتذمر " أخبرتك أني لا أعرف من تقولين اسمه ولست مكلفا
سوا بإخراجك من ذاك المنزل وأخذك لوجهتك الجديدة وهناك قد تعرفي
أين هذا الذي تسألين عنه فتحركي معي بسرعة قبل أن أحملك على كتفي
*~~***~~*
فتحت الباب ودخلتْ وأغلقته خلفها واقتربت من سريري قائلة
" رغد ما بك ؟ ستتحدثين أم سيكون لي تصرف آخر معك
وأخبريني الآن ماذا كان يريد عمك منك البارحة "
أخرجت مشبك شعري منه وأعدت لفه وإمساكه وكأني أخرج فيه انفعالي
أو أخفي توتري ثم شددت خصلاتي للخلف بقوة لتتساقط تباعا على أطراف
وجهي وشددت اللحاف على ساقاي أنظر لها بصمت فاقتربت وجلست أمامي
وقالت " رغد يا ابنتي قولي ماذا بك وتخلي عن عادتك السيئة في
سجن نفسك والصمت "
نظرت ليداي في حجري وقلت بصوت هامس مبحوح
" عمي جاء يخطبني لبسام "
وكان جوابها الصمت التام فرفعت نظري لها فكانت تنظر لي مبتسمة
فقلت بعبرة ودمعتي تعبر خدي " هل تري حالي حال تنفع للخطبة
والزواج وأنا لم أخرج من عدتي إلا من أسبوع "
بقيت على ابتسامتها ولم تتحدث فقلت بضيق " أمي توقفي عن
الابتسام فهذا لا يجلب السعادة أبدا "
عبست وقالت بحنق " طوال حياتك غبية ومتسرعة أتمنى فقط
أن لا تكوني أخبرته أنك رافضة "
قلت بتذمر " أمي هل هذا وقته ؟ أنا لا أريد الزواج ولا أن أتزوج "
قالت بضيق " أخبرته برفضك أم لا ؟ "
نظرت ليداي مجددا وقلت بحزن " لم أستطع قولها له "
قالت بهدوء " جيدا فعلتي "
نظرت لها بصدمة فقالت قبل أن أتحدث " لا ترتكبي ذات الخطأ مرتين
يا رغد وتمهلي وفكري جيدا وخذي رأي شقيقك فبسام لم يرجع لخطبتك
بعدما رفضته وتزوجتِ غيره إلا لأنه يريدك ولا رجل يرضاها لكرامته
إلا وهوا قد عشق المرأة فعلا "
قلت بعبرة مكتومة " ومن قال أنه كلامه وليس عمي من فرض عليه
ذلك , تعرفيه جيدا كلمته تسري على جميع عائلته دون نقاش "
وقفت وقالت " لعلمك فقط فقد اتصل بي منذ قليل ليكلم ندى فهل
تريدي معرفة ما قال لها "
بقيت أنظر لها باستغراب وكنت أريد سؤالها عن من تتحدث تحديدا فعمي
يستحيل أن يتصل بوالدتي لكنها قالت من فورها " قال لها نادني بابا ولك
أن تتخيلي سعادة ابنتك بذلك "
نزلت دمعتي مجددا وقلت " قد يكون يريد أن ينتقم من رفضي لــ... "
قال بغضب " توقفي عن الغباء "
ثم تابعت بضيق خارجة " حديثي مع شقيقك وليس معك وفكري فقط
أن ترفضيه من نفسك ولستِ ابنتي ولا أعرفك "
وخرجت ضاربة الباب خلفها فضممت ساقاي لحظني وغبت في عالم بكائي
المعتاد فأنا في لقائي به في المستشفى شعرت بالخجل منه ومن نفسي بسبب
ما حدث في الماضي وما حدث يوم اتصلت أمي به من هاتفي وحديثي معه
بعدها ورغم كل ذلك أرسل عمي ليخطبني له وتحدث معي شخصيا لكي لا
يسمع رفضي الذي يعلم جيدا أني لن أستطيع قوله له وهوا يطلبني بنفسه لابنه
ورغم أنه قال أني لست مجبرة على القبول بابنه لكنها كبيرة في حقه وكبيرة
على نفسي أن أقولها له أو أرده خائبا فلم أجد ما أقول سوا الصمت فقال ( خذي
وقتك وفكري ولن يأخذ الجواب منك غيري ) وهنا الورطة الأكبر فما يريد بسام
بامرأة أرملة كانت ستكون مطلقة ولديها ابنة لا ورفضته سابقا من أجل غيره !
أيعقل أن يكون كلام شقيقته حلا سابقا صحيح في أنه كان يريدني من سنوات ومنذ
كنت صغيرة ! فأنا لم أرى منه شيء يوما يدل على ذلك بل وكنت أكرهه وإن
علمت أنه موجود في منزلهم لا أذهب لمنزل عمي بتاتا رغم أنه أهدأ أبناء عمي
وأيسرهم معاملة وألطفهم بدليل كلام شقيقاته عنه , آه يا رب ساعدني كيف أتزوج
من جديد ؟ كيف أضع عيني في عينه ؟ والكارثة أنه صديق مقرب لخالد ومؤكد يعلم
بأمر خطبته لي ولعبت به الظنون فكيف أصدق أنه يريدني لنفسي وهوا يعلم عني
كل هذا , أملي الوحيد في إياس أن يرفضه من نفسه لأي سبب كان أما والدتي
فتبدوا موافقة ومتحمسة جدا وندى فوق أنها طفلة ولن يأخذ أحد برأيها فهي عشقته
ما أن رأته وتعتبره منقذها الذي أنقذها يومها مني وأنا أضربها وأوبخها , دخلتُ
تحت اللحاف وغطيت رأسي أريد الهرب من كل هذا من كل أفكاري ولا منجى
لي سوا النوم فقد يأخذني لعالمه ويرحمني لساعات من التفكير رغم أني
لم أستيقظ إلا من وقت قليل
*~~***~~*
بعدما خرجتُ من ذاك المستودع برفقة الضخم المخيف الذي لا أعلم إن كان
رجل شرطة حقا أم أنها مجرد خدعة ؟ فهذا الرجل انجليزي وليس أسبانيا إلا
إن كان من بلد آخر واللعبة أكبر مما كنا نتصور فلما أخرجوني وحدي وأين
أواس ؟ وما قصة الخادمة التي جاءتني برسالة من جدي فيها شرح بكلمات
موجزة عن طريقة تهريبي ليلة البارحة وأين عليا أن أخرج ليجدني رجاله بل
وكيف علمت الشرطة وأخرجوني من هناك ولما اختاروا تلك المنطقة تحديدا
فأنا لم أعد أفهم شيئا فهل عليهم فعل كل هذا لإخراج جدي من تلك البلاد !!
ركبت معه في سيارة يقودها رجل آخر وسرنا لمسافة طويلة يبدوا اجتزنا فيها
بعضا من المناطق من اللافتات العديدة التي مررنا بها حتى وصلنا لمنزل أكبر
من المنزل الكبير الذي كنت فيه وكان مبناه يأخذ شكلا شبه دائري ومبني من
الطوب فقط على ما يبدوا وقد كان غريبا عن مساكنهم هنا , نزل ونزلت خلفه
منصاعة ومساقة لقدري الذي لا يمكنني أن أناقش أو أسأل عنه , دخلنا ولم يكن
هناك حراسة أبدا في الداخل عكس الحرس المنتشرين في الخارج بلباس مدني لا
يدل على أنهم رجال شرطة إلا إن كانوا مجرد تمويه , ما أن وصلنا لداخل المنزل
جلت بنظري في الأثاث الغريب بألوانه الغامقة جدا واللوحات الحائطية الكبيرة
لمحاربين وساحة قتال وكأنها رسمت لوقت إحدى الحروب العالمية , ارتجف
جسدي بقوة حين همس ذاك الضخم في أذني قائلا " لا تتحدثي بالإنجليزية
مع أي أحد هنا مفهوم "
نظرت له باستغراب فقال قبل أن أتحدث " تلك الأوامر ولا تسأليني
عن شيء لأني مثلك لا أعلم "
بقي نظري معلق به حتى اقتربت منا امرأة كبيرة في السن قليلا وتحدثت
معه قائلة " مرحبا جاك أي ريح قذفتك عندنا "
قال من فوره " عليا إيصال هذه هنا فقط فلا تفرحي بي كثيرا "
ضحكت ولم تعلق ثم نظرت لي بتمعن وقالت " جميلة وعربية أليس
كذلك رغم بياضها وعينيها الخضراء "
نظر لي بنصف عين وقال " وشرسة فاحذروا من أظافرها "
نظرت له مضيقة عيناي ولم أستطع التعليق على كلامه فضحك ونظر لتلك
المرأة وقال " دوري انتهى عند هنا وهذه البضاعة ستسلم لصاحبها خلال
أقل من يومين فارعها جيدا فهي بضاعة مهمة للزعيم مفهوم "
هزت رأسها بحسنا وأنا أنظر لهما وكأني حقا لا أفهم الانجليزية فهذا قال أنه
رجل شرطة فما قصة البضاعة والزعيم وتسليمي له ؟!! كنت سأتحدث معه
وألحقه وخطواته تبتعد لكني تراجعت فهوا قال أن أُمثّل جهلي بما يقولان
فمؤكد في الأمر خدعة ما وهذه العجوز ينصبون لها فخا أو للحيطة منها
فقط , نظرت لها بسرعة حين قالت " غرفتك في الأعلى سأوصلك لها "
فنظرت لها بعدم فهم كي لا تشك بي فتنهدت وقالت " آه هذه يبدوا لا تعرف
أي لغة غير العربية "
والغريب أنها لم تتحدث الأسبانية ؟ أشارت لي بيدها على السلالم فهززت
رأسي بحسنا وتبعتها للأعلى حتى أوصلتني لغرفة فتحت بابها لي وغادرت
فدخلتها ببطء أنظر لتفاصيلها وكان أثاثها قاتم الألوان أيضا فمن يكون هذا الذي
بناه كئيبا هكذا ؟ نظرت للطاولة الجلدية في المنتصف باستغراب من شكلها
ثم للخزانة المدعم خشبها بطبقات جلدية أيضا عند الحواف فيبدوا صاحب هذا
المنزل مهووس بحقبة مضت , أغلقت الباب وتوجهت للخزانة فتحتها فكانت
فارغة سوا من فستانين طويلان بأكمام فحمدت الله أني لبست حجابي من قبل
أن أخرج من غرفتي تلك ويختطفني ذاك الضخم , اقتربت من السرير وجلست
عليه أتلمس أغطينه الحريرية بنظرة حزينة شاردة , أين أنت يا أواس وماذا حدث
معك ولما تركتني وحدي وأنت من وعدني أنك ستكون بقربي دائما ؟؟ نزلت دمعتي
وقد لونت الغطاء البني ببقعة صغيرة غامقة لتلحقها الأخرى والثالثة فانهرت فوقه
أقبض عليه بقوة وأبكي بصمت وأنا أتذكر كلامه لي في المكتب يومها عن أني يجب
أن أكون قوية لأواصل من دونه ولا أعتمد عليه في كل شيء فها قد تركني
أواجه قدري من دونه ومن دون أن أعلم عنه شيئا
*~~***~~*
هزت لي رأسها بمعنى ما به فحركت كتفاي بلا أعلم ونحن ننظر له جالسا
معنا ونظره للأرض شارد الذهن فرفع رأسه ونظر لنا وقال ببرود
" ما بكما ؟ "
ابتسمت ابتسامة كرتونية وقالت رغد ضاحكة " لا شيء طبعا "
نظر لها وقال " ماذا قالت والدتي تريدين قوله لي ؟ "
ماتت ابتسامتها وقالت " فيما بعد فأنا أرى مزاجك الآن لا يسمح بذلك "
وقف حينها وغادر في صمت وصعد السلالم فنظرت لي وقالت
" ألم تخرج ترجمان بعد ؟ "
هززت رأسي بلا وقلت " يومان تسجن نفسها وترفض رؤية الجميع
ولا التحدث مع أحد وطلبت من خالي رِفعت المجيء لأخذها ويبدوا
أنه هذه المرة قادم لها كما يبدوا أن هذا سبب تعكر مزاج أخيك "
قالت بريبة " ولما لم يفتح عليها الباب ؟ "
حركت كتفي وقلت " لا علم لي , شقيقك زرع وشقيقك يجني فلابد
وأنها علمت بحمل سهاد "
تنهدت وقالت " أرى إياس ضائع ومشتت ويبدوا أن الأمور
أصبحت تنقلب عليه "
ابتسمت بسخرية وقلت " حين أخبرته أني أكثر من يعرف ترجمان وأنه
سيتعب كثيرا بما يفعل لم يكترث لي وأراه كسب حبها ومنذ وقت لكنه
لم يعرف ردود أفعالها بعد وسيرى النتيجة وقولي سدين قالت "
قالت بحزن " أراه كالعاجز عن فعل أي شيء وضائع جدا فلما
ترجمان لا تفهمه "
وقفت وقلت بضيق " ولما شقيقك لم ولا يرحمها أبدا هل تري أن
ما فعله بها قليل "
نظرت لي للأعلى وقالت " سدين مابك تثورين بي دائما ؟ أنا لا
دخل لي فيما يجري "
قلت باستياء " وافقتموه جميعكم على سهاد تلك , وإن لم تغفر لكم ترجمان
جميعا فمعها حق وكم أتمنى أن يأخذها خالي رِفعت من هنا ويؤدب
شقيقك قليلا "
قالت ببرود " أتمنى أن لا تقابلي شقيقات زوجك الليلة بهذا المزاج العفن "
قلت مغادرة جهة السلالم " لن أقابلهم إذا "
وصعدت للأعلى بخطوات غاضبة فما أبرعهم في تعكير مزاجي بهم , فلما يأتون
الآن لزيارتي ومنذ متى يهتم ذاك بي ويجلبهم لرؤيتي والسؤال عني ؟ لا وبكل فخر
يرسل مع إياس هدية هاتف من آخر موديلات السنة وشريحة برقم مميز , صباح
الخير يا أستاذ أمين آن لك أن تتذكر كل هذا لكنه للأسف لم يعد يجدي معي , فلم
أفتح هاتفه ذاك ولم يتصل على هاتفي وكانت رسالة واحدة منه يطلب فيها أن
أفتحه وتجاهلته طبعا فلا حاجة له بالكريهة التي لا تعجبه وفُرضت عليه فرضا
وصلت لغرفتي وما أن أمسكت مقبض الباب حتى أوقفني صوت إياس
من خلفي قائلا " جربي التحدث معها مجددا "
التفت له وقلت " لم ترضى وإن كانت علمت بأن سهاد حامل فمعها حق
فقد فقت من غيبوبتك وعلمت حقيقة مشاعرها نحوك متأخرا يا أخي "
وضع يديه وسط جسده وقال " والحل الآن "
قلت ببرود " أنت عقدتها أنت تحلها والحل لديك طبعا وتعرفه جيدا "
تأفف وقال " سيعقد الأمور أكثر وأنتي أعلم بابنة خالك وعليا أن
أجد طريقة أرضيها بها أولا ليبتعد خالك عن الموضوع "
حركت كتفاي وقلت بلامبالاة " لا حل عندي ولا أفكار , ولن تجدي
معها حركات الهدايا والأزهار والكلام العذب فجد غيرها من البداية "
قال بضيق " بلى لديك فأنتي أكثر من يعرف كيف تفكر "
قلت داخلة الغرفة " لم يسمع أحد كلامي من البداية ولم ترى شيئا بعد "
دخلت ولم أسمع رده ولا تعليقا منه ولم يدخل فالتفت فلم يكن موجودا
فعدت للباب وأغلقته متمتمة " ما أقسى قلوبكم أنتم الرجال "
*~~***~~*
عدلت حجابي جيدا ودسسته في المعطف ونظرت لنفسي نظرة شاملة أخيرة
ثم سحبت حقيبة اليد وخرجت من الغرفة وأغلقتها خلفي فقد زرت بالأمس
المصرف وتابعت سير أموالي بنفسي وإن كنت جاهلة للأمر , فقد ساعدني
محاميهم جيدا وأعلمني بما يوضع في حسابي وكيف ومن أي جهة , خرجت
من المنزل وركبت السيارة وخرجنا فورا , عليا تعلم القيادة أيضا لأشتري
سيارة لي وأقودها بنفسي , إن لم أكن غبية لتعلمت سابقا كترجمان وإن من
دون رخصة فتلك لم تترك شيئا لم تتعلمه , نظرت للنافذة بحزن وشرود وقد
سافرت بي أفكاري لهما , شقيقتاي الحبيبتان ترى ما يحدث معكما الآن ؟ دُرر
سافرت مع زوجها وآخر مكالمة لها لم تعجبني أبدا وحديثها المبهم عن أنها
تحبنا وأن نسامحها ولا نغضب منها أبدا وصوتها ينشج بالبكاء وهي تخبرني
أنها لم تستطع الاتصال بترجمان وأن أنقل لها كلامها ! فمؤكد لن يختلف ذاك
الذي تزوجته عن صديقيه اللذان ذلانا وأهانانا واللوم ليس عليهم بل على الذي
وضعنا في حياتهم مجبرين , عم ترجمان ذاك بث أكرهه كرها أعمى فبسببه
نحن هنا وبسببه وسبب والدي وجد دُرر حدث معنا ما حدث فلما لم يكونوا من
عوام الناس لا ثأر بينهم وبين أحد وأراحونا من كل هذا , تنهدت بأسى وأبعدت
نظري عن النافذة , توقفي عن لوم الناس يا سراب فهل كانت والدتك ضابطا في
الشرطة أو قاضي أو مدعي عام لتكسرك وتخذلك ؟ ها هي فعلتها بدون أسباب
ولا أعذار , مسحت دمعة تسللت من جفني ورفعت نظري للمبنى الذي وقفنا أمامه
بالسيارة لتلفت نظري سيارة آسر في الخارج , السيارة التي لم يغيرها حتى الآن
تنفست بقوة مهدئة من نبضات هذا الغبي الذي يبدوا اشتاق لرؤيته ثم فتحت الباب
ونزلت وأغلقته خلفي فعلى سراب القديمة أن تموت مرة أخرى , وإن كنت لا أشعر
ببهجة كل هذا , فكل ما تمنيته وحلمت به لم أتخيل أن يصبح في نظري باهتا بلا
ألوان ولا معنى لكن عليا التمسك به عليا تثبيته والاستفادة منه من أجل المستقبل
وليس مستقبلي وحدي بل وشقيقتاي فلابد وأن يأتي اليوم الذي نجتمع فيه مجددا
اليوم الذي تفر فيه كل واحدة منهما من واقعها ومن الظلم الذي تلقاه لذلك عليا أن
أبني مملكة نحتمي بها جيدا ذاك اليوم لتكون حصن منيع لنا لا أحد يمن به علينا
ولا يطردنا منه لنعيش بكرامتنا ونختار مستقبلنا كما نريد , دخلت المصنع وسلكت
الممر الذي لا يُسمع فيه شيء سوا صوت كعب حدائي على أرضيته الرخامية حتى
وصلت لباب المكتب المفتوح قليلا حيث أسمع صوت مديره الحالي متحدثا بصوته
الجهوري فتنفست الصعداء وشددت ظهري ورفعت رأسي ونظري للأمام بثبات
ودفعت الباب ودخلت ليظهر لي المكتب الضيق نسبيا أمام مخيلتي ونسيت أنه في
مثل هذه المباني يستغلون المساحات قدر الإمكان من أجل المصنع ويختصرون باقي
الأشياء التي لا تفيد كمكتب مدير واسع لا يفعل به شيئا سوا استقبال العاملين أو عدد
لا يقل عن اثنين من العملاء وهذا ما أذكره جيدا ودرسته سابقا أن أصغر مكان في
المصانع يتخذ كمكتب لمديره ففي مثل هذا لا تجدي الفخامة ونظرة الناس لما حول
الجالس خلف تلك الطاولة بل للمنتج وسمعته في السوق , تقدمت نحوهم بخطوات
ثابتة ونظري على الجالس خلف الطاولة متجنبة النظر لآسر ولمحاميه , وصلت
عندهم وألقيت التحية بشيء من الجمود وقلت " أتركوني وشريكي وحدنا
من فضلكما "
تبادل المحامي والمدير النظرات بينما كان نظر آسر مثبتا على الطاولة بينه وبين
محاميه الجالس أمامه , ثم وقفا وغادرا من فورهما وما أن سمعت الباب أغلق
خلفي توجهت للطاولة ودرت خلفها وجلست على الكرسي وقلت
" مكاني هنا من اليوم فهذا العمل سهل بالنسبة لي "
قال ونظره لم يرفعه " والمصنع الآخر ؟ "
قلت بذات جمودي " سأشرف على المواشي والأبقار وسأستعين بمحاميك
إن تعسر معي شيء وسأترك لك مسئولية المصنع الآخر والحقول
والمطاحن وإن قصرت في شيء أحسبه علي "
رفع نظره من الطاولة للجدار المقابل له وقال " لك ذلك "
لا أنكر أني استغربت موافقته مباشرة لكنه جيدا فعل , وقف
ونظر لي وقال " وسأكون معك "
نظرت له بصدمة فقال قبل أن أعلق " لا تحلمي أن يغلق عليك
الباب مع رجل غريب يا سراب تفهمي "
وقفت وقلت بضيق " أعتقد أن هذا أمر يخصني ثم أنت كيف
ستلازمني هنا "
قال ببرود " أكون معك في أي مقابلة أو صفقة وأعتقد من حقي وباقي النهار
والوقت ستقضيه جالسة خلف الطاولة فلا شيء ستقومين به غير الإشراف
وهناك مشرف يعفيك من هذه المهمة وطبعا تستقبلين شكاوى العمال
وطلباتهم ولكن ليس هنا بل في المعامل هناك "
ضغطت قبضتاي بقوة وقلت من بين أسناني " لماذا يا آسر ؟؟ "
ركز نظره على عيناي وقال " لأنها الأصول أولا "
قلت بغيظ " وثانيا "
جال بنظره في ملامحي ثم قال بجمود " توقفي عن أداء
أدوار ليست لك يا سراب "
ابتسمت بسخرية وقلت " لن أعجبك مهما كنت وهذا ليس دورا
أمثله هذه أنا منذ اليوم "
قال بذات جموده " سراب عودي قبل فوات الأوان "
خرجت مني ضحكة صغيرة ساخرة ملئها ألم وحسرة وقلت " فات الأوان
يا آسر ولن نكون لعبة بأيديكم تتحكمون بنا بعد اليوم ولن أرتاح حتى
أجلب شقيقتاي معي "
تحرك حينها بخطوات كسولة نحو الباب قائلا ببرود " سأرجع بعد
ساعتين فثمة صفقة سنجريها مع تاجر مهم "
وغادر ولم يولي ما قلت أي بال فجلست بغيظ وفتحت الملف أمامي بقوة
وأمضيت وقتا في الاطلاع على أغلب الأمور وكلما حاولت الأفكار سحبي له
وعيناي فكرتا أن تدمعا من كلامه وطريقة معاملته لي قفزت بتفكيري لتلك
القصة التي قرأتها وأعطتها صفاء لي ثم فكرت في شقيقتاي وأنهما ستحتاجانني
يوما وقد وعدتهما وعلي أن أضمن مستقبلا لنا في حالة زال مني كل هذا فأجد
نفسي أبعدته عن تفكيري , أمضيت ساعة في المكتب وساعة أخرى في معامل
المصنع لأكوّن فكرة أدق عن الأمر فيجب أن أدّخر ما يكفيني لشراء حصته منه
ويصبح هذا المصنع لي وحدي ولن أحتاج لأحد بعدها لا هوا ولا غيره فسيكون
لدي منزل ومورد مال وهذا كل ما أحتاجه أنا وهما بالتأكيد , فإن بقيت في
المنزل أطّلع فقط مع المحامي على ما جنيته شهريا فسأبقى دائما تابعة لآسر
أحتاجه في كل شيء وأتوقف بتوقفه عن إدارة الأملاك وعلى هذا الغبي المسمى
قلب أن يتوقف عن حبه , عن التوتر كلما سمع صوته وعن التفكير فيه في الليالي
الباردة المظلمة فليس آسر معنى الحياة يا سراب ليس هوا مفتاح سعادتك تفهمي
فأنتي لم تعرفيه قبلا ولم تعتمدي عليه سنين طويلة ولم يدخل حياتك إلا من أشهر
قريبة , قضيت باقي الوقت هنا وقد أجّل آسر موعد التاجر ذاك لانشغاله ولست
أعلم هوا مشغول حقا أم يتعمد ذلك فقط , مقربة العصر غادرت المصنع وقت
انصراف جميع العمال منه وأخذت معي الملف الذي يحوي الصفقات الموقعة
أخيرا مع بعض العملاء والأوراق التي قدمها المحامي كمخطط لفتح فرع آخر
لأنه علينا سحب مبلغ كبير من حصتينا من الأموال لتنفيذ هذه الخطوة وهذا ما
يجعلني مترددة كثيرا رغم أن هذه الخطوة ستذر علينا أرباحا كثيرة تعوض ما
دفعناه وأكثر , وصلت المنزل وصعدت لغرفتي وما أن دخلت رميت الحقيبة
بطول يدي على السرير وجلست على الكرسي أفرك صدغاي بأصابعي , لما
يحدث معك هذا يا سراب ؟ لما سمحتِ لهم بقتل كل شيء فيك وأوله حبك البريء
لهذه الحياة ؟ إن حدث كل هذا قبل أن أعرفه ما كان سيكون شعوري هكذا
كيف كنتِ ستتصرفين يا سراب ؟ فكري في كل تلك الأحلام التي كنتِ تتمنين
تحقيقها , تأففت ووقفت بعدما فشلت في ذلك مجددا ثم توجهت للسرير وجلست
على طرفه وأمسكت الحقيبة وأخرجت هاتفي منها واتصلت بترجمان كثيرا
وذات النتيجة لا تجيب , من أكثر من يومين أحاول الاتصال بها وبلا فائدة
لو أعلم ما بك يا شقيقتي وما يحدث معك ؟ ولا سبيل لدي لمعرفة ذلك
ولن أستعين بآسر ليسأل زوجك مهما حدث
*~~***~~*
هذه المرة لم أترك عمي حتى وعدني بالمجيء وطبعا بعدما هددته أني
تاركة المكان إن معه أو وحدي ولن يجدني مهما بحث فعليه إخراجي من
هنا لألملم باقي كرامتي المهدورة , ضربت كرة السلة بقوة على الجدار لترتد
علي وأمسكتها بيداي ورميتها مجددا وهذا حالي من وقت أشعر أني سأحترق
وأحرق كل شيء , كيف تبكي يا ترجمان وعلى من على رجل ! لا وأمامه
بل وعلى صدره !! منذ متى كنتِ ضعيفة هكذا ؟ كيف أصبح يتلاعب هكذا
بمشاعرك بسهولة وكيف تغير كل شيء في داخلك نحوه وهوا من استبدلك
بأخرى وستنجب له ابنه , عاد الطرق على باب الغرفة مجددا فأمسكت الكرة
المتوجهة نحوي ورميتها بقوة أكبر قائلة بصوت مرتفع " ارحلي يا سدين
لا خروج لي إلا مع خالك "
ليتحدث من في الخارج قائلا " ترجمان افتحي أو فتحته أنا "
ليدوي صوت ارتطام الكرة القوي بالجدار وتجمدت جميع حواسي لصوت
من لم يزرني منذ ذاك اليوم , ولم أشعر سوا بالكرة التي ضربت صدري
بقوة أشعر أنها حطمت ضلوعي فصرخت بألم على صوت ضرباتها مبتعدة
على الأرض وانفتح باب الغرفة ودخل منه راكضا فيبدوا أن المفتاح كان
معه , اقترب مني وأنا كنت منحنية وممسكة صدري ونزل أمامي مستندا
بقدميه على الأرض مقابلا لي وأمسك يدي وقال مبعدا لها عن
صدري " ما بك هل تأذيتِ ؟ "
أبعدت يده وقلت بحدة " أتركني وشأني "
أمسك حينها ذراعاي بقوة وقال " لن أتركك وشأنك وعلينا أن
نتحدث وعلى عمك أن يرجع من حيث هوا قادم "
وقفت حينها على طولي وقلت ناظرة له في الأسفل " بما أنه تذكر
أخيرا أن له ابنة شقيق فسأرحل معه للأبد وأنت لست بحاجة لي "
وقف مقابلا لي وقال بشيء من الهدوء مركزا نظره على عيناي الناظرة
له بحزن وقهر وخذلان " لن يحدث ذلك يا ترجمان لن أسمح به "
شعرت بالقهر من كلماته من تملكه وهوا من استبدلني بأخرى ونفر مني من
البداية فلما يقول هذا الآن لماذا ؟؟ لكمته حينها بقبضتاي على صدره عدة
لكمات وقلت بقهر " لن تمنعني ولن أبقى لك ولها تفهم ولستَ
تعنيني فاذهب لها اذهب الآن "
شدني حينها لصدره وضمني بذراعيه بقوة وتملك ودفنني في أضلعه
قائلا بهمس " هي ليست زوجتي يا حمقاء وليس لي زوجة غيرك "
*~~***~~*
مر يومان وأنا هنا سجينة هذه الغرفة في هذا المنزل الكبير الكئيب كسابقه مع
اختلاف صغير وهوا الهدوء الذي يعم هذه المنطقة ليلا عكس سابقتها وآخر
شاسع وهوا وجود أواس هناك وإن كان بعيدا عني في غرف ذاك المنزل
الكثيرة أما هنا لا شيء سوا الوحدة والمصير المجهول فلا يمكنني حتى تبادل
الأحاديث مع تلك المرأة أو الخادمات , انفتح الباب دون طرق وعلمت أنها
تلك العجوز الفضة التي لا تحترم حتى خصوصيتي في غرفتي , وقفت عند
الباب وقالت " أمازلت مكانك وتبكي كالعادة ؟ أنتم العربيات هكذا
غبيات وجبانات "
نظرت لها بجمود , لو كان بمقدوري فقط الرد عليك لما تحدثت معك بنفس
طريقتك لتعلمي الفرق بيننا وبينكم يا عبيد الشيطان ولجربتُ كما مع تلك
الخادمة الخائنة أن أدعوك للإسلام , قالت بذات النبرة ونظرة الازدراء
" هناك من يريدك في الأسفل فيبدوا رحلتك هنا انتهت تحركي هيا "
بقيت أنظر لها بجمودي ذاته ليس لأنه عليا تمثيل دور التي لا تفهم شيئا مما
تقول بل خوفا من مصيري القادم ومحطتي التالية فليثهم فقط يخبروني أين
أواس وهل هوا بخير أم أن رجال جدي قتلوه تلك الليلة ؟ مسحت عيناي من
بقايا الدموع وغادرت السرير حين تأففت وأشارت لي على الباب لأخرج معها
خرجت أتبعها حتى نزلنا للأسفل وعدلت حجابي جيدا ونحن نقترب من الرجلان
الواقفان أحدهما كان نحيلا وطويلا بشعر أشقر وعينان زرقاء صغيرة وبشرة
بيضاء تشوبها حمرة والآخر ببشرة بيضاء وعينان خضراء واسعة وشعر فاحم
السواد وملامح غريبة لا تَعرف أين تنسبها فلا يبدوا لي أسبانيا أبداً فهوا
عربي بالتأكيد أو انجليزي مكسيكي , وصلنا عندهما وقالت تلك العجوز
" هذه هي ورافقتكم السلامة "
ضحك النحيل الأشقر وقال " لا تكرهيه هكذا فهذا ليس سببا منطقيا "
لم أفهم شيئا ويبدوا أن الواقف معه لم يفهمه أيضا من نظرته له فتمتمت تلك
العجوز مغادرة بكلمات غير مفهومة وأشار الشاب الآخر بيده بعيدا حيث كان
ثمة خادمة واقفة تحمل معطفا من الفراء اقتربت ومدته لي وقال ذاك الشاب
بعربية طلقة نظيفة " الجو في الخارج بارد جدا فعليك ارتداء هذا آنستي "
نظرت له باستغراب فآخر ما توقعت أنه عربي فمن يكون هل هوا من رجال
جدي !! ثم سرعان ما أبعدت نظري حين لاحظت أنه ركز نظره على عيناي
المحدقة به باستغراب ونظرتُ للخادمة التي أخذتُ منها المعطف وتحركا هما
أمامي وأنا أتبعهما وأغلق أزراره على جسدي حتى خرجنا للخارج ونظرت
بصدمة للأرض المغطاة بالثلوج فمتى نزل كل هذا !! أشار لي ذاك الشاب
لجانب الباب وقال " ارتدي هذا الحداء ليساعدك فسنسير على أقدامنا
لبعض المسافة "
نظرت للحداء ثم له وقلت " أين سنذهب ؟ "
توجه له رفعه ووضعه أمامي قائلا " لا أستطيع إجابتك عن شيء
ولا تسألي أكثر آنستي رجاء "
فلذت بالصمت فيبدوا يريد إفهامي أنه ليس عليا التحدث عن شيء ولست أعلم
بسبب الواقف معه أم أننا مراقبون ؟ ارتديت ذاك الحداء الطويل المدعم بمسامير
في أطراف حوافه السفلية ويبدوا مخصصا للمشي على الثلوج ثم نزلت برفقتهما
واكتشفت حينها كم هوا صعب السير في هذه الأكوام الثلجية فقدماي كانتا تغوصان
كثيرا لأخرجهما بصعوبة بسبب سيرهما السريع بالنسبة لي فوقفا فجئه والتفت لي
ذاك العربي وأشار على رأسه وقال " استخدمي القبعة سيكون أفضل ولا
تضغطي بثقلك للأسفل بل للأمام كي لا يتعسر عليك السير "
هربت بنظري للأرض ومددت يداي لقبعة المعطف وشددتها لتغطي رأسي فوصل
فرائها لعيناي فحاولت رفعها قليلا وعادت لتسقط عليهما فتبتّها بيداي من جوانبها
وسرت كما قال وكان السير أيسر قليلا من السابق فتحركا أمامي وسرنا مسافة
طويلة نسبية وقد افترق عنا ذاك الأشقر بعد حديث بينه وبين الشاب الآخر ولم
أفهمه فيبدوا بلهجة ليست ولا حتى الأسبانية , وقفت مستندة بجذع إحدى
الأشجار العالية وقلت " لا يمكنني السير أكثر لقد خارت قواي "
أخرج ذاك الشاب يداه من جيوبه واقترب مني قائلا " يمكنني
مساعدتك لكن لا يمكننا أن نتوقف "
ابتعدت عنه للخلف قليلا وقلت " لا سأسير وحدي "
قال مبتسما " كما تريدين ونحن كدنا نصل "
نظرت له وقلت " من أي الرجال أنت ؟ "
نظر لي باستغراب فقلت " مع من تعمل ؟ "
تحرك حينها قائلا " ستعرفين بعد قليل "
فتحركت خلفه وقد اشتد الهواء ليعيق تحركنا أكثر وكل ما أخشاه أن تصادفنا
عاصفة ثلجية ونضيع فيها , بعد قليل ظهر مجموعة رجال لا يقلون عن الخمسة
واقفين على مسافة منا وأحدهم يولينا ظهره بمعطف طويل وقبعة وشال يلفه على
عنقه وكأنه يخفي ملامحه , اقتربنا منهم على صوته قائلا " وصلتُ هنا بسرية
لم تكن سهلة فلا تخذلوني فيكم ولا أريد أن يكتشفوا تحركاتنا فهنا أنتم لستم
مراقبين لكن بعد نقطة التفتيش القادمة ستكونون على مرأى لهم وسيبدأ
الجزء المهم من المهمة "
ثم نظر جهة أحدهم وقال " ماذا عن زوجها ؟ "
وقفتُ حينها متسمرة مكاني وأجابه ذاك " منذ يومين وهوا على حاله
يبحث عنها في ركام المنزل المحترق "
تحركت حينها نحو الواقف مقابلا لهم بخطوات سريعة متعثرة فالتفت
لي لأقف بصدمة أنظر للواقف أمامي ينظر لي بتفحص
المخرج : بقلم الغالية همسة تفاؤل
اهداء مني لألك صديقتي برد المشاعر أتمنى تنال اعجابك
بين متاهات الحقد خلقت وبينها نبض الألم بأقسى صورة ...
حكمني قدري ورماني بين يدي جلاد ظالم ... جلاد أصدر الحكم ونفذه لأني لم أحمل جيناته ...
ركضت أتخبط بظلام جدران متاهتي بحثا عن ضوء صغير ينير خطوات طفل مهجور ...
صرخة علت مزقت روحي ألما .. لأوقن أنها ليست روحي بل جلدي الطري الغض
*وخلاياه تنفصل هربا عن بعضها بعد مرور الزائر الأسود الطويل
تتراقص عليه قطرات حمراء قانية كانت تجري في أوردتي منذ برهة
علت صرختي لتشق سكون الظلام ...
رأسي إرتفع عاليا وحبال التفت كالأفاعي على معصمي
واشتدت تحبس الدماء في مجاريها وتراكضت كلن في اتجاه بالعرض البطيء
وجسدي يشهد تمزقه وروحي تجمدت وترفض المغادرة وأنا أرتجيها لتريحني
صرخت بقوة أكبر صرخة بقيت حبيسة شفتاي ...
صرخة رمتني خارج عوالم الظلام ...
فتحت عيناي ألتفت للثقل الذي تحرك عن صدري ورائحة زكية أزكمت حواسي
وشعر حريري انتشر كستارة على صدري وصوت رقيق سحب بواقي الألم
" أواس ... هل أنت بخير "
علقت عيناي بعينيها لأهمس لها
" أغرقيني درتي .. أغرقيني عشقا يا طفلة أواس .."
للصراحة كان ما في خاطري أكتبه مختلف تماما عما كتبته الأن بس لما مسكت القلم جر معاه كلمات غير إلي في بالي
اتمنى أن تكون حظيت بإعجابك
تقبلي خالص حبي
سلمت يداك
نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الجمعة إن شاء الله