الفصل الثامن والثلاثون
المدخل : بقلم الغالية lulu moon
**صمتُ لكن اتألم في انتظار طيفك يمر على جراحي فيكن لي البلسم!!!!
لكن خشيتُ بتأخري افقدكِ كعبيرٌ ذهب بادراج العواصف لا كبلسم!!!!!!!!!
اشتقت لصيفٌ يُذيبُ حصون جليدُكِ بلسمي !!!!!....اشتقتُ وآه...طال الاشتياق !!!!!!!...**
مع تحياتي ..
لولو العراقية*
سلمت يمينك
************
جلست على الأرض أحضن ساقاي مسندة ذقني على ركبتي أشاهد
الطفلات وقد نجحن في رسم ابتسامة على شفتاي الحزينة فيالا براءة
الأطفال , كم ذكرني هذا بطفولتي التي سرقوني فيها وسرقوها مني
وأهدوني أجمل شقيقتين ما كنت لأحظى بهما لو بقيت مع والداي وهذه
كانت الحسنة الوحيدة فيما فعلوه , ماتت ابتسامتي سريعا لتذكري لهما
لما لا يعون أنهم يحرموننا من بعض فحتى بعدما أصبح هناك سائق
يأخذني حيث أريد فترجمان في منطقة بعيدة قليلا ودُرر علينا أخذ إذن
من زوجها المبجل أولاً ليعطينا الإذن وذلك عليا طبعا طلبه من آسر
ليتحدث معه , تنهدت بأسى وقهر لحظة ما شعرت بخطوات ما خلفي
توقفت بجابي مباشرة فهربت بنظري لقدماي بعدما علمت من يكون
صاحبها من حدائه ولا رجل سيقترب مني هكذا غيره , كان الصمت
رفيقنا لوقت طويل حتى غزته كلماته قائلا " رئينا أنه من الأفضل
استئجار أرض لتأكل مواشينا وأبقارنا حشائشها بدلا من ..... "
قاطعته قبل أن يتابع حديثه " لا أرى محاميك جاء لسردها
هوا هذه المرة "
قال بعد صمت لحظة " ومحاميك أنتي أيضا ويسعى معنا بكل جهده "
نظرت للجانب الآخر وقلت " ليثك تركته هوا قاله لي فحديثك
أنت عن الماديات يكسر صورتك لدي أكثر "
لاذ بصمت مبهم لا أعرف معناه ولا ما خلّفته كلماتي من أثر عليه
ثم قال بذات هدوئه " هل هذه باتت نظرتك لي ؟ رجل مادي "
ابتسمت بألم وقلت " علمت الآن بشاعتي في نظرك سابقا , يالها
من صورة بشعة وقاتلة وحلال كل ما كنت تفعله بي "
تحركت قدمه بقوة وكأنه افرغ انفعاله وغضبه لحظتها في حركته
تلك على الأرض وقال " أفهم من حديثك أني في نظرك هكذا ؟ "
عدت بنظري لقدماي وقلت " لاحظ أنك تكرر ذات السؤال في كل مرة "
قال بنبرة لم أفهمها " لتلاحظي أنتي وقعها في كل مرة أو هكذا ظننت "
قبضت يداي بقوة وقلت بأسى " أنا تغيرت ولم أجد صدرا رحبا يسامح
ويتفهم ما كنت عليه فنصيحة لا تفعلها كي لا تُصدم في المقربين لك "
تحولت لهجته من كل ذاك الهدوء لبعض الحدة وقال بحزم
" لم يغيرني المال يوما يا سراب ولم أكن ولن أكون متعطشا له "
قلت بجمود " ما فعلته معي لا يثبت ما تقول "
تنفس بقوة وقال " أنتي مشوشة وستغيرين كل كلامك هذا
يوما لذلك لن أعتب عليك "
نظرت له فوقي ولأول مرة منذ وقوفه وقلت بضيق
" وقل أني مجنونة ومريضة نفسيا أيضا "
نظر لعيناي بتركيز وقال " لا تُقوليني ما لم أقل "
بقينا على تلك الحال نظرنا معلق ببعض حتى قال بشبه همس
" تغيرتِ كثيرا يا سراب وفوق توقعي "
كنت سأتحدث لكنه سبقني قائلا " ليس من ناحية المال أعني "
ابتسمت بألم أقاوم دموعي وقلت " آن لك أن تلاحظ ذلك أو تهتم له "
وضع يديه في جيبه مبعدا نظره عني ثم تحرك نحو الصغيرات قائلا
" أتركي لها العنان يا سراب فلا أحد يتقن دور الصمود والقوة طوال الوقت "
ثم ابتعد نحوهم ونظري يتبعه حتى وصل عندهم ورفع إسراء
على ظهر البقرة وهي تصرخ خائفة والبقية يضحكن عليها فمسحت
عيناي بطرف كمي بقوة وتمتمت بأسى " من سمح لك بالخروج
أمامه ؟ هل يعجبك رؤيته لك "
واستمررت أفركهما بقوة مرددة " من ؟ ... من سمح لك من ؟ "
لكن ذلك لم يزدها سوا عصيانا وتمردا لتنزل محرقة جفناي فوقفت
من فوري وغادرت من هناك مبتعدة وعدت لمنزل المزرعة الصغير
*~~***~~*
دخلت المدينة التي يسكنها الوزير وعبرت أول شارع فيها لألمح سيارة
سوداء تلحق بي , ذات السيارة التي لاحظتها طوال المدة الماضية تلحقني
في بعض الأوقات , ما هذه السياسة الجديدة منهم ؟ ومن يوم شجاري ذاك
مع دُرر حين أطلعتها على حقيقة جدها فهل يكون علم بما حدث هناك ؟؟
لكن كيف ووجد منقطعة عنهم تماما رغم شكي في ذلك فلن تتوانى عن إيجاد
وسيلة لتتصل بهم ودُرر يستحيل أن تفعلها وتخبره بكل ما علمته وإن فعلتها
ستكون كارثة ودمرت كل شيء , لا مستحيل قد أشك بنفسي لكن بها لا فهي
شديدة التدين وتعلم فظاعة ما فعل جدها وفي أسوء حالاتها قد تتخذ موقفا
محايدا ولن تقف في صف أحد منا لكن أن تقف في صفه فمستحيل , لففت
الشارعين الفرعيين في محاولة لتضليل السيارة فيبدوا غرضهم ليس قتلي
وعليا إدراك الوقت قبل أن تضيع مني هذه الفرصة التي لن يمنحها لي مجددا
لا شقيق الوزير ولا الوزير بنفسه بسبب استهتاري ولا حتى إياس سيفعلها
من أجلي مجددا , فكرت في زيادة سرعتي لكني بذلك سأكشف نفسي لهم
خصوصا أنها تبدلت بأخرى كي لا ألحظهم , سحقا أي سياسة هذه التي
يتبعونها ؟ بعد قليل لمحت رجلا يبيع زيت الزيتون على عربة ولأن المناطق
الزراعية فقط تشتهر بهذه المبيعات وقفت وكأني كنت أبحث عن واحد مماثل
له ونزلت له من فوري وتابعتْ تلك السيارة طريقها كي لا تثير الشكوك حولها
طبعا وما أن اختفت حتى عدت لسيارتي وتحركت عائدا للخلف بسرعة
كبيرة أراقب الطريق فإن وجدوني مجددا فسأنسى فكرة مقابلة الوزير نهائيا
وصلت للقصر المنشود ولم يكن أحد خلفي ووقفت أمام بوابته ليوقفني الحرس
المنتشرين خارجه فقلت من فوري مادا بطاقتي له وعيناي على الطريق
" أنا أواس سالم مجدي تأكد براحتك فقط أدخلني بسرعة فثمة من
يلاحقني وليس في صالحي أن يروا أني دخلت هنا "
رفع نظارته السوداء الكبيرة وقال " ليس قبل أن نتأكد من
هويتك وسبب ملاحقتهم لك "
نظرت للطريق يمينا ويسارا مجددا وقلت بضيق " أدخلني
لأختفي عن الشارع فقط ثم افعل ما تريد "
أخرج هاتفا من حزام فتأففت بغيظ أراقب الطريق في كل اتجاه وقال
ذاك محدثا أحدهم في هاتفه قائلا " سيدي الرجل وصل ولم نتأكد من
هويته بعد وقال يريد الدخول وأنه ثمة من يلاحقه وعـ ... "
ظهر الصوت الحازم في الطرف الآخر واضحا رغم أنه غير مفهوم
فعدّل وقفته وأشار لمن خلفه ففتحوا البوابة وتنحوا جانبا وقال لمن
بجانبه " مشطوا المنطقة بعدما تأخذوا منه مواصفات ملاحقيه "
قلت من فوري " لا لا تلاحقوهم "
ثم دخلت وذاك الحارس ورجلين مسلحين معه يتبعاني حتى كنت في
الداخل وأُغلقت البوابة وحينها فقط تنفست الصعداء وشعرت براحة
لم أشعر بها حياتي , دخلوا ببطاقتي لمكتب حرسهم ثم خرج أحدهم
وأعطاها لي من نافذة السيارة وقال " ترجل وتابع طريقك سيرا "
ففتحت الباب ونزلت متمتما " حسنا فقط لا تفتشوني "
وبالفعل سرت باقي الطريق مشيا حتى كنت أمام قصر كبير يدمج
الحداثة مع الطراز القديم في لوحة فنية مبهرة وأنزلت نظري سريعا
للباب الذي فُتح تقف أمامه خادمة وأشارت بيدها قائلة " تفضل معي "
دخلت أتبعها حتى وصلنا لباب طويل يفتح على جانبين مذهب بطريقة
مبهرة ونقوش مدموجة بغرابة أجزم أنها لحرفة يدوية , طرقت تلك
الخادمة الباب عدة طرقات ثم دخلت وسمعت صوتها قائلة
" ضيفك وصل سيدي "
ولم أسمع رده ولم أتوقع أن يكون ينتظرني هنا وليس أنا من سأجلس
أنتظره حتى ينزل لي , خرجت تلك الخادمة تاركة باب المكتب الواسع
مفتوحا وكان مقابلا لي طاولة اجتماعات طويلة وكل هذا الباب لم يظهر
لي مكتبه بعد فكم تكون مساحة هذه الغرفة ؟؟ تنفست الصعداء ودخلت
بخطوات ثابتة وأغلقت الباب ليقع نظري على الواقف موليا ظهره لي
خلف طاولة مكتبه يتفقد شيئا ما في الرفوف المصفوفة المليئة بالملفات
خلفه , أذكر جيدا عندما كان يزورنا سابقا في أوقات بعيدة جدا من العام
له شخصية غريبة مبهرة ومخيفة وفذة ورائعة ذات الوقت تجعلك تحار
كيف تشعر حيالها بكل هذه المشاعر دفعة واحدة , رجل المهمات
الصعبة كما يسميه الكثيرين , حمحمت قليلا وقلت
" آسف سيدي لإزعاجي لك وقـ... "
التفت لي وقال قبل أن أنهي كلامي " أواس سالم مجدي الحرّاب ضابط
شرطة ومداهمات محترف من الدرجة الأولى كنت أول عضو في مجموعة
القبض على خيري الكاري ومن اقتحم المنزل المحترق وأخرج الطفلة سلمى
على عيّاد , تم ترشيحك في شرطة المخابرات ووكلت لك مهام سرية , دخلت
كلية الشرطة بتزوير في حالتك الصحية البدنية وخضعت بعد تخرجك لجراحة
لأوردة قدميك , ماذا لديك بهذا الخطر يا أواس تطلب رؤيتي فيه سرا
حتى عن رؤسائك "
احتجت وقتا لأفيق من صدمتي لما سمعت منه فمتى استطاع جمع كل هذا
عني ومؤكد قال المفيد فقط ويعلم أدق التفاصيل غيرها , اقتربت من طاولته
بخطوات ثابتة ووضعت الملف عليها وقلت " علي شكري رضوان قاضي
المحكمة العليا بالعاصمة الذي أقيل من أعوام وهاجر خارج البلاد "
قال ناظرا لي دون حتى أن يرفع الملف " مؤكد لديك علم بسبب
إحالته وأننا نعلم بما جئت من أجله "
كنت سأتحدث فقال مقاطعا لي " لا تقل أنك جلبت أدلة أخرى فقضيته
أغلقت وهوا لاجئ سياسي الآن في دولة لم تدخل ضمن دول مفاوضات
تسليم المطلوبين ومؤكد لم يفوتك ذلك فهل لديك شيء أهم جلبك هنا "
لم أشعر بخيبة أمل من كلامه لأني أعلمه وأتوقعه بل دهشت من قراءته
لأفكاري وتوقعه ما سأقول قبل أن أتنفس به فقلت بثبات " أجل هناك
ما قد يعني سيادتكم أكثر سيدي وباقي القضايا سيحاكم عليها معها "
شقت ملامحه الحازمة ابتسامة طفيفة وقال " تبدوا متأكدا من
جلبه ومحاكمته ؟؟ "
هززت رأسي بنعم وقلت بجدية " مثلما متأكد من أن الواقف أمامي
سيادة اللواء جابر حلمي من لا يضيع الحق من يديه "
جلس حينها على الكرسي وهذه الحركة أعطتني ارتياحا أكثر , فتح
الملف وقال وهوا يورقه " لما منعت الحراس من اللحاق بمطارديك "
قلت من فوري " كي لا يكتشفوا مقابلتي لك "
قال وقد وصل للأوراق التي أريد أن يقرئهم تحديدا
" ألهذا الحد أنت خطر عليه ؟ "
ثم تبّت نظره وأوقف حديثه وغضن جبينه عاقدا حاجبيه يقرأ بتركيز وقلب
الورقة ثم التي تليها بشيء من العنف والقسوة وقلب الثالثة والرابعة ثم وقف
على طوله وأخرج هاتفه وتوجه لباب الشرفة الواسعة ووقف أمام زجاجه
قائلا " أسعد أجلب رئيس المخابرات معك لمكتبي في الوزارة
خلال نصف ساعة "
التفت لي بعدها وقال " من أين تحصلت على هذه المجموعة
من الأسماء والبيانات الدقيقة ؟ "
قلت بثبات وأشعر بأن انتصاري بات يلوح في الأفق
" عمل أربع سنوات دون توقف ولا راحة سيدي "
عاد لطاولة مكتبه وجمع الأوراق قائلا " السبب شخصي على ما يبدوا "
كنت أعلم أن ذكائه لن يفوّت هذه النقطة فقلت " نعم وأكذب لو قلت
أن الدافع وطني أو إنساني فقط والنتيجة تبقى واحدة "
ضرب الملف على الطاولة لتنتظم أوراقه فيه وقال " وأنت
انتهت مهمتك هنا وعليك أن تختفي حاليا "
قلت من فوري " لا سيدي كل شيء إلا إقصائي منها فدعني
أكون من يصفد يديه بالأصفاد الحديدية "
ثنى الملف ممسكا له بيد واحدة وقال بجدية " أنت تعلم أن الأمر
لن يكون سهلا والدولة التي هوا فيها لن تسلمه "
قلت بجدية " لكنها تهمة خيانة سيدي وإضرار بأمن الدولة كاملا
وإن لم تمسكوا الرأس فالأطراف هنا إمساكهم بلا نتيجة , ومؤكد
تعلم ذلك جيدا "
خرج من خلف الطاولة قائلا " وتعلم أنت أن الأمر ليس سهلا "
قلت من فوري " وإن قلت لك أن لدي ما سيجعله يغادر وكره وأنه
انتقل لولاية أقرب للحدود من أسبوعين أو يزيد قليلا "
نظر لي باستغراب لوقت ثم قال " ما لديك ؟ "
قلت بثبات " حفيدته الوحيدة "
نظر لي باستغراب مطولا ثم قال " وما درجة تعاونها "
قلت بعد برهة " خمسون بالمئة .. أكثر من ذلك لا يمكنني التأكيد
لك , ووجودها وحده قد يجلبه أو يخرجه من هناك "
دار بعينيه قليلا بتفكير ثم عاد بنظره لي وقال
" أليست المختطفة التي تم إيجادها ؟ "
هززت رأسي بنعم فقال بشبه ابتسامة " ولا تقل
أنك الضابط الذي تزوجها "
اكتفيت بابتسامة دون تعليق فقال بشيء من الحزم
" وما موضعها من هذا ؟؟ "
فهمت ما يصبوا له فقلت من فوري " هي في عقلي
وقلبي قبل انتقامي "
هز رأسه بحسنا ثم ضرب على كتفي وقال سائرا أمامي جهة
الباب " اتبعني "
فسرت خلفه دون تردد ولا تفكير فيبدوا أني سأكون فردا في اجتماعهم
الطارئ في الوزارة , قال وهوا يخرج هاتفه من جيبه ويفتح الباب
" ستدْعي عليك زوجتي اليوم حتى تشبع هل لديك علم بهذا "
كتمت ابتسامتي وقلت خارجا خلفه " أنا آسف حقا سيدي "
وآخر ما كنت أتصوره أن يتحدث معي مازحا ! لا وزوجته في
الحديث !! وضع الهاتف على أذنه وقال متابعا سيره " سأخرج
الآن وقد أعود متأخرا "
ضحك بعدها ضحكة خفيفة لم أسمعها منه يوما في مرات رؤيتي
له منذ كنت طالبا في الكلية ثم قال " لن أنسى وداعا الآن "
ثم خرج وركب سيارة مضللة وركبت معه وخرجنا من هناك
مع مجموعة من سيارات الحرس
*~~***~~*
وصلنا موقع المزرعة وطوقناه جيدا ومجموعة راقبت البضائع التي
تم نقلها لمعرفة وجهتها , حرك زناد سلاحه وقال " هذه فرصتنا
وسيطوق باقي رجالنا المزرعتين هناك فقد خف عددهم "
قلت بجدية " أجل فلننطلق "
تحركنا متسللين للداخل بعدما قفزنا من السر المنخفض المحيط
بالمزرعة الواسعة لنفاجأ بالعدد الكبير الذي لازال موجودا منهم
فاتكئ أمين على الجدار وسلاحه أمام وجهه وقال بهمس
" كثر ومسلحين "
قلت بجدية " لن نتراجع أعطي الفريق الإشارة فالدعم قادم
من المدينة المجاورة "
هز رأسه بحسنا وأخرج هاتفه وأعطاهم التعليمات فأشرت بيدي
للمجموعة التي معنا لنقتحم المكان في وقت واحد جميعنا ثم نظرت
له وقلت " إن حدث لي شيء فعائلتي أمانتك يا أمين "
عقد حاجبيه وقال باستغراب " ليست المرة الأولى التي نقوم
فيها بعملية اقتحام فما مناسبة هذا الكلام الآن "
أشرت لهم برأسي وتحركنا قائلا " نحن الآن الحلقة الأضعف
ولا نعلم ما في الداخل بحوزتهم "
تولت مجموعته الموجودين في المقدمة واقتحمنا نحن المبنى والمخزنين
ليكثر علينا الرصاص من كل جانب فقلت من بين أسناني " كادوا لنا "
صرخت حينها آمرا إياهم " تفرقوا في أشجار المزرعة "
فتفرقنا بسرعة وكل واحد أصبح يدافع عن نفسه منتظرين الدعم
القادم آملين في النجاة ولا أحد يعلم عن مصير الآخر شيئا
*~~***~~*
تأففت واضعة يداي وسط جسدي وقلت " أمي كم مرة ستعيدين
لي ذات الجملة ؟ طعام وطبخته له هل هوا شرط أن أطهو أصنافا
تقليدية لأنه يحب الطعام التقليدي "
قالت بضيق " لو كنتِ لا تعرفين طرقها لعذرتك فلما
تتعمدين فعلها يا سدين "
نفضت ثيابي وقلت بقهر " لم أتعمد ذلك لما لا تتحملون فيه
شيئا ولا ترون عيوبه أبدا "
قالت بضيق أكبر " وما العيب به ؟ رجل صالب طوله له هيبته
وشخصيته أم تريديه ملتصق بك طوال الوقت "
كنت سأتحدث لولا رن هاتفي وكان المتصل إياس , غريب ما يفعل
بي وهوا كان هنا من ساعات فقط وقد عاد لعمله !! أجبت عليه فجاء
صوت ليس بصوته وقال من فوره " لما والدتك لا تجيب على هاتفها "
تلكأت ولم أعرف ما أقول فمن يكون هذا وأين إياس ؟ قال بضيق
" تكلمي هل أصابك الخرس "
قلت بضيق أكبر " صبرك عليا يا أستاذ ومن أنت وما
يفعل هاتف إياس لديك "
قال بضيق أكبر " أعطي الهاتف لوالدتك بلا كثرة حديث يا سدين "
شعرت بقلبي نبض بقوة مخيفة ولا أعلم لما قال لي أن هذا أمين , نعم
من غيره يا غبية سيتحدث هكذا بأسمائكم بل ومن غيره الجاف الذي لا
منطق لديه ولا ذوق , مددت الهاتف لوالدتي الواقفة تنظر لي باستغراب
وقلت ببرود " خذي زوج ابنتك صاحب الهيبة والشخصية يريدك "
نظرت باستغراب للهاتف ثم لي فقلت بضيق " هيا يا أمي فلست
أتحدث معه وأكذب أمامكم , هوا يتكلم من هاتف إياس "
أخذته مني فورا قائلة بصدمة " إياس ولما وما به ! "
ثم وضعت الهاتف على أذنها وما هي إلا لحظة وصرخت
" إيااااس "
ووقعت مغمى عليها فهرعت لها صارخة
*~~***~~*
نزلت السلالم ركضا بعدما سمعت الصراخ في الأسفل فكانت عمتي
مغمى عليها ورغد وسدين يحاولان إيقاظها ويتحدثان معا باكيتان وندى
تبكي مثلهما وتلك الناموسة تجوب المكان صارخة ببكاء فوصلت
عندهم وقلت صارخة " ماذا هناك ...؟ ما بكم ؟ "
ضربت سدين خدها وقالت بنحيب " إياس مات مات يا ترجمان
ووالدتي لا تفيق وستلحق به "
شعرت وكأن من ضربني وصدّع كل خلية في جسدي بل وكأن صاعقة
قوية نزلت عليا من السماء ولم تعد قدماي تحملاني ولساني تيبس ولا
أعلم كيف مر شريط حياتي معه أمامي لحظتها في تلك الثواني فقط
فهززت رأسي وقلت بصدمة " مستحيل كيف !! "
كان لا شيء سوا صوت البكاء والحلول بلا تنفيذ ولا عقل هنا يفكر
وينفذ أبدا فأمسكت كتف سدين وقلت " من أخبركم ؟ "
قالت بنحيب " أمين حدّث والدتي بهاتفه عن طريق هاتفي "
حملت هاتفها بسرعة , أجل كيف نسيت أنه الوحيد هنا الآن ؟ اتصلت
برقم إياس فأجاب ذاك سريعا وقال " ما بكم لا أحد يجيب وما
سر كل هذا الصراخ ؟ "
قلت من فوري " تعالى فورا عمتي مغمى عليها وقد يكون
ضغطها ارتفع , بسرعة تحرك "
قال من فوره " ما بها ؟ "
قلت بضيق " من الأخبار السارة التي زففتها لها ولم يخبرك
عقلك أن تخبر غيرها ليقولها لها تدريجيا "
قال بضيق أكبر " تحدثي بصوت منخفض يا امرأة , ثم أنا أخبرتها
أنه أصيب وأنه بخير واتصلت بها تحديدا كي لا تفهم منكم بشكل
خاطئ وتقلق وتمرض ويبدوا أنها سمعت بداية كلامي فقط "
انهرت حينها جالسة على الأرض وقلت بهمس خافت
" لم يمت ؟ "
قال وصوت باب سيارة يغلق " أنا قادم أتركوا لي الطريق
لآخذها للمستشفى "
رميت الهاتف جانبا وأبعدتهما قائلة بضيق " توقفا عن النحيب
لم يمت هوا بخير أصيب فقط "
نظرتا لي بصدمة وقالتا معا بصوت مصدوم " لم يمت !! "
أبعدت سدين من أمامي قائلة " نعم فيكفي نواح وافعلا ما يفيد "
حاولت إنعاشها حتى تنفست قليلا بشهقات متتالية ثم قست لها نبضها
بيدي ونظرت لهما وقلت " تحركا أدخِلا تلك التي تولول وتحوم حولنا
كالنسر وأنتي يا سدين ارتدي عباءتك وحجابك فزوجك قادم لأخذها "
*~~***~~*
بعد اجتماع ونقاشات وخطط لم أكن فيها سوا الطرف المستمع وقف
الوزير وقال " وأنت يا أواس أمامك أربع وعشرون ساعة تصفي فيها
أمورك وترى ترتيباتك وتغادر بزوجتك والباقي سنتفق عليه تباعا "
وقفت وضربت له التحية وخرجت من هناك في سيارة مضللة أنزلتني
في مكان متطرف لأجد سيارتي هناك ركبتها واتصلت بياسر من فوري
قائلا " أخبر عمار ووسام وسنبدأ في نقل البضائع والسيارات , ستصلكم
شاحنات النقل خلال ساعتين والباقي تعلمه جيدا وتابع المخطط بسرية
تامة وغدا في مثل هذا الوقت تكونون نقلتم كل شيء مجددا
للمستودعات الجديدة مفهوم "
قال من فوره " مفهوم سيدي وكن مطمئنا "
أنهيت الاتصال معه وتوجهت للمنزل دخلت وصعدت للأعلى أقفز
الدرجات قفزا ودخلت الغرفة فكانت تجلس على سجادتها تمسك
مصحفها في يدها فدخلت وأغلقت الباب وتوجهت نحوها وجلست
أمامها وقلت " دُره هل تساعدي العدالة في إمساك جدك ؟ "
نظرت لي بعينان بدأت تمتلئ بالدموع تنقل نظرها بين عيناي
فأمسكت وجهها وقبلت شفتيها برقة وقلت " الخيار لك , وفي كل
الأحوال سيقبضون عليه "
قالت ببحة " ما نفعي أنا إذا ؟؟ "
نظرت لعينيها بتركيز وقلت بجدية " تخرجيه من جحره بأيسر طريقة "
قالت بعد صمت وقد سقطت أول دمعة من عينها " والمقابل ؟ "
نظرت لها بصدمة مطولا فقالت بصوت مخنوق بعبرة مكتومة
" هل تبقى أنت حيا ؟ "
ضممتها لحضني بقوة وقلت بحزن " لنأمل ذلك فكل شيء يسير
بخير حتى الآن والخطة ستكون ناجحة "
ثم أبعدتها عني وقلت ماسحا دموعها " اجمعي ثيابا لك ولي
سنغادر صباحا "
قالت باستغراب " أين ؟؟ "
وقفت وقلت " طائرتنا ستنزل منتصف ليلة غد في أسبانيا "
بقيتْ على نظراتها المصدومة ففتحت الخزانة قائلا " تحركي يا
دُره لا وقت طويل أمامنا ولا أريد أن يشعر أحد بهذا ولا
حتى الخادمات مفهوم "
أخرجت مجموعة أوراق من الخزنة في خزانتي ثم غادرت الغرفة
على صمتها الموحش , نزلت لغرفة عمتي فكانت أيضا انتهت من
صلاتها للتو فتوجهت نحوها أوقفتها وابتعدت بها جهة سريرها قائلا
بهمس " جهزي بعض الثياب لك ستبقي مع أحدهم حتى أعود "
نظرت لي باستغراب وقالت " أحدهم من ؟ وتعود من أين ؟؟ "
تنهدت بضيق وقلت " حتى أرجع من سفري , وأحدهم هذا رجل
أعرفه وأثق فيه جيدا وستكونين عنده بأمان لفترة بسيطة جدا "
هزت رأسها بحيرة فقلت بضيق " عمتي أمامك حتى صلاة
العشاء تكوني جاهزة وتخبري الجميع هنا أنك ذاهبة لابنتك "
أمسكت يدي وقالت بجدية " لن أتحرك من مكاني حتى
أعلم ماذا يجري "
تأففت وقلت " سأغادر البلاد أنا ودُره والعدالة ستساعدنا في القبض
على علي رضوان ولا أريد أن يعلم أحد بهذا وأنتي ستكونين في
منزل رئيسي في الشرطة لأضمن حمايتك من معاونيه هنا حتى
يتم القبض على الجميع "
قالت من فورها " ووجد ؟ ووالدك وإخوتك ؟؟ "
قلت بهدوء " وجد ستغادر من هنا صباحا فقد طلقتها في المحكمة لكن
لن أخبرها حتى يكون كل شيء جاهزا ونغادر أما والدي وإخوتي فلن
يقربوهم فهم يعلمون جيدا علاقتي المضطربة بهم وسيكونون تحت
المراقبة المشددة , لقد وعدني الوزير بذلك "
قالت من فورها " ولما لا أكون معهم ؟ "
هززت رأسي بلا وقلت " أنتي وضعك مختلف علاقتي بك
مختلفة وعليك أن تكوني في مأمن "
قالت بضيق " وتضعني مع رجل غريب ؟ هل هذا هوا المأمن "
قلت بضيق أكبر " هوا عقيد في الشرطة عمتي ومنزله يعج برجاله
دائما وسيكون ملجأً جيدا لك فأطيعيني أرجوك لقد أتعبتني معك
حتى دُرر لم تحقق معي هكذا "
هزت رأسها بأسى ثم قبضت على يدي بقوة أكبر وقالت ناظرة
لعيناي " اعتني بنفسك وبدُرر جيدا بني , لا تعرضها للخطر "
هززت رأسي بحسنا وأمسكت رأسها وقبله وقلت " أقسم أني أفديها
بحياتي عمتي , أنتي فقط كوني هناك لأطمئن عليك "
تنهدت باستسلام وهزت رأسها بحسنا فغادرت من عندها ومن المنزل
بأكمله وغادرت للمعرض لأرى ما حدث معهم ثم لباقي محلاتي لأشرف
على نقل البضائع ومن ثم سأترك الأمر لأَخلص ثلاث رجال يعملون عندي
لنقلها مجددا فمؤكد جواسيسه هنا سيخبرونهم وسيحرقون المستودعات
ووقتها ستكون فارغة وقد نقلوا البضائع مجددا وقبل الفجر , عليا أن أنهي
كل هذا ولن يبقى أمامي سوا وجد وبما أن الوزير من سيتكفل بباقي شئون
الرحلة والمرحلة الأولى من المخطط فلن يكون عندي بعدها سوا إيصال
تلك لمنزل والدتها وعمتي لمنزل العقيد رفعت والتوجه للمطار
فورا , وها قد دنى أجلك يا علي رضوان
*~~***~~*
وقفت وركضت لغرفتي أخرجت أقرب عباءة وحجابا ولم أركز حتى
فيهما ثم خرجت مسرعة ألبسهما وتوجهت لترجمان التي لازالت تحاول
إنعاشها والتحدث معها وما أن وصلت عندها وقبل أن أتكلم سمعنا
طرقات على باب المنزل فوقفت وقالت " خذي هاتفك لتطمئنينا
عليهما واتصلي بنا ما أن تكوني هناك "
هززت رأسي بحسنا وتوجهت هي نحو السلالم وخرجت أنا للباب
وفتحته فكان واقفا أمامه ببذلة الشرطة سترتها مفتوحة وقميصها
الأبيض ملطخ بالدماء فشهقت واضعة يدي على فمي ما أن وقع
نظري على ثيابه فدخل مجتازا لي وقال " أين هي وكيف حالتها ؟ "
ثم توجه حيث لازالت هناك بعدما سندتها ترجمان على ساق الأريكة
وصل عندها وأنا أتبعه ومرر يداه من تحتها وحملها بما أن وزنها ليس
ثقيلا ثم توجه بها ناحية الباب قائلا " تعالي افتحي باب السيارة "
ركضت مسرعة أمامه وفتحت له الباب فأدخلها ثم فتح بابه وقال
راكبا " اركبي معها وأغلقي هذه العباءة "
نظرت لعباءتي ولويت شفتاي بضيق ولم أعلق على كلامه فلسنا في
وقت مناسب ثم العباءة أمامه لا تغلق إلا لمنتصفها وكنت مستعجلة
ولم أركز أي عباءاتي أخذت , ركبت السيارة متجاهلة كل ما قال أمسك
والدتي في حضني وأبكي بصمت كي لا يأمرني أن لا أبكي أيضا , بعد
قليل سرقت نظري له ولشعره الذي يحف ياقة القميص المفتوحة وأصابعه
تتخلل فيه من الخلف يلبس خاتما فضيا بفص أحمر وكان يتأفف طوال
الوقت , أتاه بعدها اتصال فأجاب عليه دون أن يتحدث ثم قال بضيق
" ثلاثة منا ماتوا وخمس إصابات متفاوتة وتقول نجحتم وهنيئا
لكم ؟؟ أي نجاح هذا بالله عليك "
" لا هوا بخير إصابته أخف من البقية "
" قلنا كل هذا من البداية وأن المنطقة مشبوهة والمزارع حركتها مريبة
ونحتاج دعما أكبر لكن من يسمع ومن يأبه والآن بعدما خسرنا كل
هؤلاء الرجال هل يعجبكم الوضع "
قال بضيق أكبر " أنا لا أرفع صوتي ولا أتهم غيري لكنه إهمال ونحن
قد أخبرناكم مسبقا وعليكم الآن أن تجهزوا أنفسكم للوقوف أما من
يجب أن تبرروا له كل هذا عندما ستصلكم مذكرة الاستدعاء "
قال بحدة " لن يلفق أحد الأمر وسأسعى له بنفسي "
ثم أنهى المكالمة ورمى الهاتف على الكرسي الذي بجانبه فتنهدت بضيق
ها قد أفرغ جزئا من غضبه في هذا والباقي أخشى أن أكون أنا من سينفثه
فيه , وصلنا المستشفى وكانت والدتي تئن وكأنها استعادت جزئا من وعيها
لكنها لم تجب على أي تساؤلاتي وكلامي , ركن السيارة في الموقف
الأقرب للباب ونزل قائلا " سأجلب المساعدة لا تنزليها "
ثم ابتعد راكضا حيث باب المستشفى ورجال الشرطة منتشرين هناك
بكثرة ومؤكد سيعج المستشفى بهم وثلاثة منهم موتى وخمس جرحى
حضنت والدتي بقوة وقلت ببكاء " حمدا لله أنك لم تمت يا إياس
وأسأل الله أن يلهم ذوي القتلى الصبر في مصابهم "
بدأت والدتي تتمتم بسم إياس بأنين فضممتها بقوة أكبر
وقلت " هوا بخير يا أمي أفيقي أرجوك "
خرج حينها أمين من الزحام الذي أمام الباب وممرضتان تلحقانه وآخر
يبدوا طبيبا يجرون سريرا حتى وصلوا عندنا ووضعوا والدتي عليه
ودخلوا مسرعين بها ونحن نلحقهم حتى أدخلوها غرفة الطوارئ وبقينا
في الخارج ننتظرهم , نظرت له بجانبي وقلت " وإياس كيف حالته ؟ "
قال ناظرا لباب الغرفة أمامنا " بخير ... الإصابة في كتفه "
أبعدت نظري عنه وعضضت شفتي بغيض منه , ما لوح الجليد
هذا ؟؟ يا رب صبرني عليه , اقترب بعدها شرطيان منا فتوجه
نحوهما من فوره وبدأ يتحدث معهم
*~~***~~*
كان الشرطي أمامي يتحدث ولم أكن أركز مع كل ما يقول وأنظر للخلف
كل حين للشابين اللذان مرا من هنا قرابة العشر مرات ولحركاتهم السخيفة
للفت نظر الواقفة خلفي متكئة على حافة جدار الباب المغلق خلفها وتنظر لباب
غرفة الطوارئ بصمت مكتفة يديها لصدرها تُحرك قدمها بتوتر ليتحول ضيقي
ليس منهما فقط بل ومن كل من يقف في الممر وإن لم ينظر ناحيتها , ما كان
عليا أن أستغرب هذا من شبان صعاليك وسدين لا نقاش في جمالها فهي أجمل
شقيقاتها وكم سمعت حتى حديث بعض أصدقائنا عن شقيقة إياس هذه لكنها
السبب في كل هذا , شددت على قبضتي بقوة وقلت " نتحدث لاحقا
غادرا للقسم الآن وسأوافيكم فيما بعد "
ضربا التحية وغادرا من أمامي ومن الممر أجمع فعدت للوقوف
بجانبها وقلت ببرود " أدخلي خصلة شعرك "
رفعت يدها من فورها تتأكد من جميع جهات حجابها فقلت ببعض
الضيق " وأعتقد أني قلت أغلقي عباءتك أم يعجبك عرضك
لبنطلون المهرجين هذا "
تنفست بقوة وقالت بصوت منخفض " العباءة لا تغلق أكثر من هذا "
نظرت جانبا وقلت بسخرية " عباءات آخر زمان لا أعرف سوا الـ ... "
قاطعتني من فورها قائلة " لا تحكم قبل أن تفهم ولا تشبهني بالمنحطات
اللاتي يلبسنها في الشارع فأنا لا ألبسها إلا في زيارتي لصديقاتي وأقاربي
وأزورهم بالسيارة أما الآن فكنت متوترة ولم أنتبه ما لبست منهم "
نظرت لها وقلت بضيق " نعم ما الذي تركته ولم تقوليه ؟ وتتواقحين أيضا "
قالت بجمود وإن كان تنفسها يدل على اشتعالها " أنا شرحت ولم أتواقح
وأضن أننا لسنا في وضع ولا مكان مناسبين لنتناقش في لباسي "
خرج الطبيب حينها من غرفة الطوارئ وقال من فوره " ارتفاع في
الضغط وستكون بخير , جيد أنكم أسعفتموها سريعا قبل إحضارها
ويمكنها المغادرة صباح الغد وحمدا لله على سلامتها "
وغادر من فوره وكانت هي ستتوجه لغرفة والدتها فأمسكت يدها
موقفا لها وفتحت الغرفة خلفي فكانت فارغة فأدخلتها وأغلقت الباب
وأوقفتها أمامي وقلت بضيق " لم تسمعي الرد على كلامك بعد "
كتفت يداها لصدرها وقالت بحنق " أكثر مما سمعت ؟ "
صرخت فيها حينها " سدين احترميني "
كانت ستتحدث وقد تحولت ملامحها لعبرة مكتومة فتابعت بحدة
" مؤكد رئيتِ الشباب الذين يحملقون في جسدك وملابسك المكشوفة
من هذه الخرقة التي تسميها عباءة , بنطلون وحده يكفي للفت نظر
الجميع وكأنه محل
زينة حتى حوافه السفلية مرصعة بالكريستال
والعقيق "
سحبتُ بعدها يدها ورفعتها أمام وجهها وقلت بحدة أكبر " خاتم في وسط
الإبهام كبنات الشوارع ووشم صناعي ممتد على طول سبابتك لرسغك "
تركت يدها بعنف وتبعت بذات حدتي " فص بجانب عينك وكأنه
ينقصها فتنة , هذا غير الذي في أسنانك وتحت حاجبك "
قالت حينها بضيق " هذه أنا من قبل أن تتزوجني فما دفعك
لذلك بما أن شكلي لا يعجبك "
لوحت بيدي وقلت بغضب " ولازلتِ تتطاولين بالكلام يا سدين ؟ نعم
شكلك لا يعجبني ولم يعجبني يوما لا الآن ولا من قبل أن أتزوجك "
قالت بعبرة " إذا كما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف "
قلت مغادرا جهة الباب " قوليها لشقيقك الذي ورطني فيك "
ثم خرجت ضاربا له خلفي على الجدار الداخلي للغرفة وغادرت الممر
لأنتبه لنفسي وما وقلت الآن , ما كان عليا أن أصل لهذه الدرجة من
الغضب وحتى إن غضبت هكذا ما كان عليا قول ما قلت عن أن إياس
من فرضها علي فقد تخبره بما قلت وسأكون حينها في مشكلة معه وهوا
صديقي المقرب , لو حفظت لسانك يا غبي ما بك جن جنونك هكذا على
غير عادتك ؟ نفضت سترتي بقوة متأففا ومجتازا باب المستشفى ثم ركبت
سيارتي وغادرت فورائي عمل كثير وإجراءات والليل بدأ يقترب
*~~***~~*
ما أن اقترب المساء حتى قرروا مغادرة المزرعة وكنت آخر من
خرج فوجدت مكاني في سيارة السائق محجوزا ولا حل سوا الركوب
في سيارة آسر ولا أعلم من هذا الذي تعمد ترك المقعد بجانبه لي وأركبوا
العم صابر مع السائق في الأمام عكس رحلة مجيئنا كان مع آسر , تأففت
بضيق وتوجهت لسيارته وركبت بجانبه حيث كان في الخلف صفاء وداليا
وسمية يُجلسون معهم إسراء وعبير والخمس الأخريات ووالدتهم مع السائق
هذه العائلة تحتاج لسيارة أكبر بمقاعد أكثر هل سيبقون يحشرونهم في بعض
هكذا ؟ أغلقت الباب وانطلقنا على صوت حديث إسراء الذي لا ينتهي وكل
شيء تسأله عنه ( أخي آسر ما هذا ولما هذا وأين نحن الآن ) وهوا يجيبها
دون ملل ولا كلل , اتكأت على النافذة أراقب الأشجار الطويلة المصفوفة
على طول الطريق وأشعة الشمس الحمراء وهي تغرب من خلفها حتى
قالت
عبير صارخة " ها هي سيارة أبي والبقية هيا إسراء نغني
( سيارتنا ) كي نسبقهم "
وبدأتا معا تغنيان بعلو صوتهما " سيارتنا مثل الريح
طيري طيري فوق الريح "
وصرخت إسراء " هيا أخي آسر اسبقهم مثل الريح "
فضحك حينها وزاد من سرعته حتى تجاوزنا سيارتهم وهما تصرخان
لهم هناك على صوت تذمر داليا وسمية من صراخهم الذي يثقب الأذنين
وبعد مسافة طويلة نامت فيها الصغيرتان وتحولتْ فيها السيارة لصمت قاتل
وصلنا المنزل وقت صلاة العشاء دخلنا بالسيارة وأوقفها أمام المنزل وكنت
سأهم بالنزول حين أمسكت يده بيدي بقوة مانعا لي من التحرك فبقيت مكاني
أنظر له بصمت وهوا ينظر أمامه وقد نزلن الفتيات وأنزلن إسراء وعبير
النائمتين وأغلقوا أبوابها خلفهم فحرك السيارة حينها من فوره خارجا
من جديد من الباب المفتوح
*~~***~~*
تحركتُ وسط المنزل بلا وجهة ولا دليل ممسكة هاتفي في يدي وأدور
في أرجائه كالمجنونة فقد مر وقت طويل بعد وصولهم وتلك الغبية
سدين لم تتصل حتى الآن , اقتربت مني رغد وقالت
" حالتها أفضل واستعادت وعيها "
ابتعدت عنها قائلة ببرود " جيد "
هل تذكرت أن يغمى عليها بعد نهاية الحفل ؟ لا أعرف أناسا يفقدون
الوعي بعد الخبر بوقت أم تريد أن يأخذوها للمستشفى هناك معه ؟
هه لن أكون ترجمان إن أعطيتها لك ولن تغادري إلا على جثماني
عدت جهة رغد وقلت " تلك الحمقاء وكأني لم أوصها تتصل بنا "
قالت بقلق " اتصلي بها لا خيار أمامنا "
هززت رأسي بنعم ثم رفعت هاتفي وطلبت رقمها , كنت أريد أن تتصل
هي فقد تكون مشغولة أو لم يخرج الطبيب ويخبرهم شيئا وزوجها ذاك
مزاجه يبدوا مشتعلا وقد نسبب لها مشاكل بسبب كثرة اتصالنا , رن
الهاتف مرة اثنتين حتى كاد ينقطع الخط لولا أجابت قائلة
" نعم يا ترجمان "
قلت باستغراب " ما به صوتك هكذا ! هل عمتي بها مكروه ؟ "
قالت تكتم عبرتها " لا هي بخير ارتفاع في الضغط فقط ونائمة
منذ وقت وستخرج غدا "
قلت من فوري " وإياس ؟ "
تنفست بقوة وقالت " زرته منذ قليل , الرصاصة أصابت كتفه
وهوا بخير اطمئنوا "
قلت بحيرة " وما بك إذا ؟ هل تبكي منذ ذاك الوقت حتى
الآن وهما بخير ؟؟ "
قالت ببكاء " لا شيء يا ترجمان , وداعا "
ثم أغلقت الخط فنظرت للهاتف بحيرة وقالت رغد
" ما بها ؟ ماذا قالت لك ؟ "
دسست هاتفي في جيبي وقلت " قالت أنهما بخير , عمتي ضغطها
مرتفع وستخرج غدا وإياس إصابته في الكتف وحالته جيدة "
غادرت تتمتم حامدة الله وقالت مبتعدة " سأذهب لأطمئن سهاد أيضا "
لويت شفتاي بضيق لحظة ما شعرت بشيء شد بنطلون بيجامتي
فنظرت للأسفل فكانت ندى وقالت بملامح حزينة " ديمووو "
ابتسمت رغم كل ما نحن فيه وقلت " غبية تتركين المريضة
والمصاب وتسألي عن سدين "
قالت بنبرة باكية " أليد تيته "
حملتها من الأرض وقبلت خدها وقلت " ستكون هنا
ما أن ننام ونفيق , هي بخير حبيبتي "
ثم تابعت مغادرة بها جهة السلالم " تعالي معي سأريك
شيئا جميلا سيعجبك "
*~~***~~*
وقفت أمام باب المطبخ وقلت " أريد كوب عصير برتقال وكعك محلى "
نظرت لي باستغراب ثم جهزتهم لي دون أن تتحدث فأخذتهم منا وتوجهت
بهما لغرفتي وضعت الكوب والصحن على الطاولة وأكلت منه كعكتين كي
لا يلحظ أني لم ألمسه ثم أخرجت لفافة المخدرات فتحتها وسكبت كل ما فيها
في الكوب وحركته جيدا , لا خيار أمامي خصوصا بعدما سمعته يخبر عمته
أنه سيطلقني ويرجعني لوالدتي وأنا لم أنفذ أوامرهم حتى الآن وهوا لم يكترث
لكل إغوائي له وهذا الحل الأخير فهذا سينسيه نفسه وما يفعل فأنا أعلم مصيري
جيدا إن لم أنفذ أوامرهم بحذافيرها , خرجت من الغرف مجددا وانتظرته وسط
المنزل حتى دخل فتوجهت نحوه وأمسكته من يده وقلت " تعالى أواس
أخبرتك أني أريد الحديث معك وأنت قلت أجّليه لليل "
تأفف وسحب يده مني وتبعني قائلا " كنت سأتحدث معك صباحا
لأني متعب لكن لا بأس فلننهي الأمر الآن "
حقا يا صعلوك ؟ صدقت أنك متعب وتريد النوم أم كله شوق لسيدة الدلال
والحسن تلك , لكن صبرك قليلا فستحرم منها بطريقة ستعجبك , دخل معي
للغرفة وكما توقعت جلس أمام الطاولة التي وضعت الكوب عليها , بقي
أمامي الآن أن أجعله يشربه وأعرف الطريقة جيدا فقد عشت معه لعامين
كاملين وأعلم جيدا ما يستفزه , بقيت واقفة أتحرك بعشوائية لأوتره أكثر
وقلت " من أخبر زوجتك أن جدها يعرفني ؟ "
نظر لي باستغراب أقرب للصدمة ثم قال " ومن أخبرك أنتي ؟ "
وقفت أمامه وقلت مكتفة يداي لصدري " هي طبعا وهددتني
أنها ستتفق معه على تدميري "
قال من فوره " كاذبة "
حركت كتفي بلا مبالاة وقلت " أنت حُر كذبني كما تريد ولك
أن تسألها هي الصادقة التي لا تكذب "
نظر لي بجمود وقال " لقد طلقتك يا وجد وهذه الملابس لا
تجوز أمامي "
أخفيت صدمتي بالخبر ثم قلت " وإن يكن "
قال بضيق " نعم كيف نسيت أنه واحدة مثلك لن يعنيها حتى
أن تبقى عارية أمام أي رجل "
جميل ها قد بدأ يفقد أعصابه , قلت ببرود " حفيدته مقابل مليوني
دولار ... عرض جيد لكني رفضت "
نظر لي بصدمة وقال " أنتي !! "
هززت رأسي بنعم وزدت من الأكاذيب قائلة " وقتلك بطريقة
سرية لا شبهة فيها "
بدأت ملامحه تتوتر فهوا لا يتوقع منهم هذا النوع من السلوك وكما
أخبروني تماما فكل ظنونه الانتقام منه بطريقة غير مباشرة , زدت
عليه قائلة " وحرق جثتك لأخفي آثار الجريمة وعمتك معك أيضا
ولن أفعلها يا أواس ولم أفكر بها رغم أنها كانت سهلة جدا علي "
رفع الكوب على نظري الذي يتبعه وأعصاب مشدودة تنتظر أن يتحقق
مرادي ثم ابتسمت بانتصار حين شربه دفعة واحدة يفرك عنقه بتوتر
لوقت ثم وقف قائلا " تغادري المنزل الليلة تفهمي "
قلت بابتسامة ساخرة " مفهوم سيدي "
وما كان وصل للباب حتى ترنح في مشيته
المخرج : بقلم الغالية كينز السوافيري
غائبون نحن في الحياة كاجثث تعيش في الدنيا
نقاتل بشدة تنزف أجسادنا دماءآ تنزف اوجاعآ
للا لي أجسادنا ترتاح وﻻ لي مشاعرنا مكانآ للبقاء
فقد حان وقت العصيآ وحان وقت بدء المعركة
سلمت يداك
نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء السبت إن شاء الله