الفصل السادس والثلاثون
المدخل : بقلم الغالية deegoo
انا لؤلؤة خرجت من اراضي البحار
انا فتاة يافعة انا ادعى ترجمااااان
انا احببت انا وقعت بعشق لرجل جبار
يؤلم من دون ان يعلم ولا يأبه لمن هان
سأعلمه كيف احب وسيرى اني اغاار
اغار عليه من تلك واغار من هوى المكان
سأحارب وسأخرج هالشاحبة من هذا الدار
وسأكون له لوحدي وسأريه العشق الجنان
وسأسكن في قلبه وسأطلب منه الحصار
حاصرني في دفئ قلبك فأنا فاقدة للحنان
انا انثى فأحبني كم انا قبل ان يفتك القطار
اهواني فقد عشقتك فكن لي عاشق ولهان
انا حقيقة انا قضية انا كسراب من وهم
انا احبك انا تغيرت لأجلك انا بعذابك متهم
آذيتني آلمتني لكنني تغاضيت عن كل غم وهم
احببتني بعد ان عاقبتني وتخليت عني مثلهم
سأعود اليك ولكن اشعر كما شعرت ولو قليل فليس مهم
الاهم والمهم ان تحبني كحقيقة ليس سراب او وهم
سلمت الأيادي
************
استند على الجدار ممسكا مسدسه في يده وقال بهمس
" خمس رجال سيدي "
أشرت له بمسدسي ليتراجع ثم أشرت للواقفين من بعيد أن يوقفوا كل
شيء , لا يبدوا لي أن هذه المزرعة هي البؤرة الأساسية بل ثمة أخرى
وعلينا مهاجمة مقرهم الرئيسي فالفروع لن نستفيد منها في شيء سوا
أن ننبه البقية للفرار أو تضليلنا أكثر , تحركت نحوهم وقلت " راقبوا
المكان جيدا وكل واحد يخرج من هنا تلحقوا به مفهوم , لدينا الآن ثلاث
مزارع لكنها ليست هدفنا الأساسي سأذهب لمتابعة قضية الشجار
التي دارت قرب مخزن الأعلاف قبل أن أسلم ورديتي وأغادر "
ثم غادرت من عندهم اثبّت سلاحي في مكانه وركبت سيارة الشرطة
وغادرت عائدا للمركز , تبدوا قضية المزارع هذه أكبر مما كنت أتخيل
وعلى أمين أن يلحق بي بسرعة , رفعت هاتفي واتصلت به فأجاب
سريعا وقلت من فوري " أنت متى يبدأ يوم عملك هنا "
قال ببرود " لا تقلق ستستمتع بالنظر لي قريبا "
لففت ودخلت الطريق الترابي قائلا بابتسامة " يفترض بك أن
تكون سعيدا بأن قربوك من زوجتك "
قال بتذمر " هل تسعد أنت إن أبعدوك عن منزلك وغرفتك "
ضحكت وقلت " كلها فترة بسيطة وسترجع هناك "
ثم تابعت بهدوء " لم تخبرني ما قررت بشأن السكن فالملحق
عندنا يناسب لذلك "
قال من فوره " لا داعي لذلك سأذهب وأرجع فجر اليوم التالي "
أوقفت السيارة وقلت نازلا منها " هذا سيكون متعبا لك ستأتي هنا
ثم ترجع اليوم التالي وبعدها بيومين ستعود هنا مجددا "
قال باستياء " هذا أفضل خيار لي حتى تنتهي مشاكلكم هناك فلا
يمكنني ترك أعمالي هنا وعمي مسافر الآن "
دخلت غرفة التحقيق قائلا " وماذا إن طال الأمر "
قال من فوره " أنقل شقيقتاي وأستأجر منزلا هناك وأترك
عمي وابنيه يهتموا بأمور الشركة طبعا "
جلست خلف الطاولة وأشرت للشرطي ليحضرهم وقلت " إذا ستكون
هنا بعد يومين وسنلتقي لنتناقش في هذه الأمور الشائكة "
قال من فوره " وهوا كذلك , هل ستذهب اليوم للرجل الذي أخبرتك عنه "
قلت ناظرا للداخلين " لا اليوم لدي ضيوف على العشاء سأزوره
في يوم آخر , وداعا لآن "
ثم أنهيت الاتصال منه وقلت للواقفين أمامي " على أحدكم أن يعترف
من الذي طعن الرجل فيكم قبل أن تحوّل القضية للمحكمة وتسجنون
ثلاثتكم لأشهر في انتظار الحكم أو الاعتراف "
*~~***~~*
طرق أحدهم الباب وفتحته ودخل ليصلني صوت سدين قائلة
" ترجمان ألم تجهزي بعد ؟ الضيوف وصلوا "
خرجت من خلف باب الخزانة وقلت " جاهزة "
نظرت لي نظرة شاملة وصفرت وقالت " ما كل هذا الجمال
والأناقة يا فتاة الحقول "
نظرت لها بكبر وقلت " أنا هكذا دائما يا فتاة المراعي "
ضحكت واقتربت مني ولفت حولي وقالت وهي تنظر لفستاني القصير
وشعري الملفوف الذي أخذ مني ساعات لأنه طويل ومدرج وكثيف
وشديد النعومة فلفه أمر متعب " ستسرقين الأضواء من سهاد
صاحبة الفساتين القصيرة "
رفعت الحداء بالكعب العالي بيدي وجلست على حافة السرير
وقلت وأنا منحنية وألبسه " ما قصدك بذلك ؟ أقلدها مثلا "
قالت ببرود " أنا لم أعني ذلك ولم أفكر به فلا تقوليها أمامهم
لتلفتي الانتباه لك "
رفعت كتفاي بلامبالاة وربطت الخيوط حول ساقاي ثم وقفت
ودرت حول نفسي وقلت " ما رأيك الآن "
رفعت قبضتيها للأعلى في علامة تشجيع وقالت صارخة
" مرحى للقذيفة الملتهبة التي ستدمر قلب أحدهم الليلة "
دفعتها من أمامي وقلت مغادرة الغرفة " حمقاء , هذا إن رآه من أساسه "
لحقت بي قائلة " ولما لا يا مغفلة دعيه يرى ما أضاع على نفسه "
نزلت السلالم قائلة وهي تسير بجانبي " لأني لا أريد أن يراه تفهمي "
وهذا ما بقي ليسخر مني يكفي كلامه المسموم الذي قاله لرغد بالأمس
فسيظن أني فعلت هذا مقلدة لتلك الشاحبة , وصلنا آخر السلالم ووقفت
وشددت يدها وقلت ناظرة لباب المجلس المفتوح " كم واحدة هم ؟ "
نظرت لي وقالت " والدة زوجها وشقيقتاه وزوجة شقيقه وسلسبيل فقط "
قلت ببرود " لا يبدوا أن تلك النصف عربية معهم فأصواتهم جميعها
طبيعية لا أحد يبلع الحروف ويمططها "
ضحكت وسحبتني معها قائلة " أخذها شقيقها منذ الصباح الباكر لمنزله
في العاصمة يا من لا تعلمين عما يجري هنا شيئا "
قلت مجارية خطواتها " شقيقها !! "
وقفنا عند الباب وقالت بصوت منخفض " نعم شقيقها من والدها
ويكبرها بأكثر من عشر سنوات متزوج وله أولاد كطولي وطولك "
لويت شفتاي وقلت " خيرا فعل "
ضحكت وغمزت لي وقالت " بدأنا نغار أو يتهيأ لي فقط "
نظرت لها بغيظ وحمحمتْ عمتي في الداخل بصوت مسموع فضربت
سدين خدها بيدها وسحبتني معها وهي تدخل فيبدوا أنها ستنال الليلة
من والدتها توبيخا معتبرا , ما أن دخلنا حتى وقفن لنا وسلمنا عليهن
وقالت سلسبيل " هذه شقيقتي سدين أما هذه فزوجة شقيقي
إياس وابنة خالي "
جلسن جميعهن وقالت والدة زوجها " ما شاء الله تري واحدة
تنسيك في الأخرى , هل الجمال متوارث في عائلتكم "
قالت إحدى ابنتيها ببرود " الجمال في أخلاق الإنسان "
نظرنا لبعضنا ولسلسبيل التي أنزلت رأسها للأسفل فيبدوا أنها
ابتليت بشقيقة زوج سليطة لسان وغيورة أيضا , قالت والدتها
" والمظهر أيضا يشرح النفس ومثلنا يلزمه من يحسن له نسله "
قالت ابنتها الأخرى بتذمر " أميييي "
فأمسكت ضحكتي وتجنبت النظر لسدين كي لا أنفجر ضاحكة , هذه
العجوز تعترف أنهم لا يملكون من الجمال شيئا فيبدوا أنهم يختارون
زوجات جميلات لأبنائهم ليحسنوا من نسلهم فزوجة ابنهم التي معهم
أيضا بجمال سلسبيل , تبادلنا أطراف الأحاديث حتى قالت والدتهم
ناظرة لسدين " وهذه شقيقتك المتزوجة يا سلسبيل ؟ "
قالت سلسبيل من فورها " نعم "
قالت العجوز بحسرة ونظرها لازال على سدين " خسارة كنا
خطبناها لابني الآخر , لما لم تخرج لنا في السابق قبل أن تتزوج "
شهقت سدين بقوة وضحكت عمتي وقالت " لو لها نصيب فيه لبقيت له "
ملت حينها لسدين وقلت هامسة " تطلقي من ذاك الأحمق فقد يكون
ابنها يفهم في الأصول والذوق أكثر منه "
وكزتني بمرفقها وقالت من بين أسنانها " يعجبني كما هوا
فاخرجي منها أنتي "
ضحكتُ بصمت وقلت هامسة " غبية لا أعلم ما يعجبك فيه
غير المال الذي يملكه "
وسكتنا بعدها بنظرة قاسية تحذيرية من عمتي التي قالت " لترى
إحداكن الخادمات ما فعلن في العشاء "
كانت رغد ستقف فسبقتها قائلة وأنا أقف " سأراهم أنا لا تتعبي نفسك "
وخرجت للمطبخ وانشغلت معهم حتى وضعنا العشاء وما أن علمت أن
إياس سيدخل ليُخرج عشاء الرجال عدت للمجلس من فوري ولم أخرج
*~~***~~*
دخلت مكتب المنزل برفقة المحامي الجديد وجلسنا ننتظر التي لم أراها
لأيام ولم أسمع سوا أخبارها من عمتي سعاد عن أنها لازالت رافضة
وضعها الجديد وأنها لا تأكل إلا بالإجبار ولا تغادر غرفتها وأخرجوها
مكرهة لتشتري بعض الثياب ولست أعلم كم سيطول عنادها هذا ؟ بعد
قليل طرقتِ الباب ودخلت ترتدي تنوره طويلة وقميص شتوي ضيق
مكون من طبقتين وحجاب , ألقت التحية شبه هامسة وتوجهت لأريكة
بعيدة عنا ومقابلة لنا وجلست تتجنب النظر ناحيتنا , ورق المحامي
الأوراق وقال " سيدة سراب عليا إطلاعك على كل شيء حسب
ما فهمت من السيد آسر "
لم تعلق بشيء وقد ثبتت نظرها به وبدأ هوا بسرد جميع التفاصيل
حتى أسكتته قائلة " هذا لا يعجبني "
نظر لها بصدمة وتنهدتُ أنا بضيق فهذا المتوقع منها فهي قد أعلنتها
حربا وصرحت بها مسبقا , قال المحامي " وما الذي لا يعجبك في هذا ؟ "
قالت بجمود " أولا الاسم الجديد للمنتجات فأنا لم أشارك في
الاختيار ولا يعجبني "
قلت قبل أن يتحدث هوا " لكن الاسم والتصميم أرسلناهم لشركة
الطباعة والعلب تكاد تكون جاهزة فهل نرميها في القمامة "
قالت ببرود ونظرها لازال على المحامي " ولا التصميم
يعجبني أيضا وليست مشكلتي "
قلت ببعض الضيق " هل تعلمي كم سيكلفنا تغييرها من
جديد ؟ ثمنه مرتين يا سراب "
قالت ونظرها لم يتحرك من مكانه " والشركاء في مشروع المخبزين
الجدد أيضا ومعمل الدونات مكانه غير مناسب وبيئي وأريد أن أرى
بنفسي حسابات التكاليف , ثم أنا لا أوافق على عمّال غير عرب "
ضغطت على أسناني بقوة مانعا نفسي من الانفجار فيها غاضبا وقال
المحامي " هذه الأمور لا تتغير الآن وبعد كل هذا المشوار سيدتي
فستُخسركم الكثير وتشوه سمعة منتجاتكم ومعاملكم أيضا "
قالت ببرود " هذا آخر ما لدي وأضن أني شريكة بالنصف
وكلمتي نافذة أيضا واللوم ليس علي "
وقفت حينها وقلت " ألحقيني يا سراب قليلا "
وتوجهت للباب فتحته وخرجت وانتظرت حتى خرجت وأغلقته ثم
أمسكت ذراعها وسحبتها بعيدا عن باب المكتب وأوقفتها على
الجدار وقلت " هل لي أن أعلم سبب كل هذا الجنون ؟ "
سحبت ذراعها من يدي وقالت " من حقي أم ليس من حقي ؟ "
قلت بضيق " لا ليس من حقك أن تضيعي تعبي وتُخسرينا
أموالا كثيرة لن نستطيع تعويضها بسهولة "
قالت ببرود " ليست مشكلتي "
قلت بحدة " مشكلة من إذا "
قالت بحدة مماثلة " اسأل نفسك هذا السؤال , فأين كان رأيي عندما
خططت لكل هذا وحدك ودون علمي ولا أخذ رأيي , هل تعلم
أنني إن رفعت عليك قضية سأربحها "
قلت بجمود مركزا نظري على عينيها " لن تربحيها
فالتوقيع توقيعك "
ابتسمت بسخرية وقالت " لا تختلف عن زوج والدتك
الذي حاربته لأعوام "
أمسكت ذراعيها مثبتا لها على الجدار خلفها وقلت من بين أسناني
" أنا لم آكل حقك يا سراب فلا تشبهيني به "
تنفست بقوة وقالت " ابتعد عني "
نظرت لها باستغراب وأبقيت نظري على عينيها أراقب تغير نظرتها
تدريجيا ثم همست بهدوء " لما تجبرين نفسك على الصد يا سراب "
أشاحت بوجهها جانبا ولم تعلق فقلت بذات النبرة
" لا تُكرهيها على مالا تريد "
دفعتني محاولة إبعادي وقالت بضيق " توقف عن قول الحماقات
وعن الغرور الزائد "
تركت ذراعيها وكتفت يداي لصدري وقلت " حسنا لنجد حلا
لكل هذا إذا "
قالت باختصار " طلقني "
نظرت لها بصدمة فقالت من فورها " أو يتغير كل شيء ولا
أضمن لك أني لن أغيره ثانيتا وفي أي وقت "
قلت بجمود " طلاق لا تحلمي به "
نظرت جانبا وقالت " إذا خذ مالك كله واخرج من حياتي "
أمسكن ذقنها بأصابعي وأدرت وجهها جهتي وقلت وعيناي في
عينيها " لا تجبريني على إعادتك للمنزل هناك يا سراب "
أبعدت يدي وقالت بضيق " لا تهددني يا آسر ولا تعتقد أن ما غيّر
نظرتي للأمور هوا منزلك البالي ذاك فلم أعد أريد سوا منزل يؤويني
من الشارع وتلجأ له شقيقتاي اللتان ظُلمتا مثلي ولا يهم عندي حتى
إن كان أسوء من منزلك ذاك "
وضعت يداي في جيوبي وكأني بذلك أمنع نفسي من فعلها من شدها لي
بقوة وتقبيلها بعنف وكأني سأقول لها بذلك ( ما بك ما هذا الذي قلبك
هكذا ؟ لم أتصور هذا منك ولم يكن في حساباتي )
كانت ستتحرك فسددت عليها الطريق بذراعاي مسندا لهما على الجدار
خلفها بكفاي ومحاصرا لها بينهما وقلت " طلبتِ أن أغير المحامي وفعلت
وأحرجتني مع الرجل الذي خدمني كثيرا وسكتّ , لكن أن تخسرينا أموالا
بلا سبب منطقي فلن أوافق على هذا "
قالت ببرود " أعتقد أنه كان يجب أن يكون توقيعي مرافق لتوقيعك في
العقود معهم فإن غششتم وزورتم فيما مضى فكيف ستفعل في القادم ؟ "
تنقلت بنظري في ملامحها بصمت ثم قلت " من علّمك كل هذا "
ابتسمت بسخرية وقالت " مادة من ضن مواد تخصصي الذي
سخرت منه سابقا "
عدت للصمت ولتأمل ملامحها ليعود توترها مجددا يرسم بحرفية فنونه
على صفحات وجهها وفي تلاحق أنفاسها محاولة تشتيت نظرها عني
فاقتربت منها أكثر وقلت بهمس " لا تكابري ودعينا نجد حلا لحياتنا "
نظرت لي حينها وقالت بضيق " سأقتل قلبي إن أجبرني على
الخنوع لك مجددا يا آسر "
نظرتُ للأسفل وتنفست بقوة ثم نظرت لها مجددا وقلت بجدية
" هل سيرضيك فصل الأملاك يا سراب ؟ ألن تضيعي مالك
فالأمر لن يكون سهلا ولا أحد لك يساعدك "
قالت ببرود " لا يهم , والطلاق أيضا فلا تنسى هذا البند "
أبعدت يداي عن الجدار وقلت بحنق " توقفي عن قول
الحماقات , كم مرة سأقولها "
قالت بضيق " وكم مرة سأقول أنا أنها ليست حماقات وأعتقد أنه
لا حاجة لك بي فإن قلنا أن قلبي الغبي أخطأ وفعلها يوما وأَحَبك
فأنت لا ولن يعنيك أمري وإن طلّقتني بالثلاثة "
ثم غادرت من أمامي راكضة حتى اختفت وغادرت الممر فضربت
الجدار بقبضتي بقوة وقلت من بين أسناني " سحقا هذا ما لم أتوقعه
كيف تكون ردة فعلها مغايرة للمرتين السابقتين كيف !! "
*~~***~~*
ودعنا الضيوف بعد سهرة طويلة وفور خروجهم دخلت تلك الشاحبة
فما به شقيقيها أعادها كل هذه المسافة في نفس اليوم ! أم أنها هي من
لم تطق صبرا ؟ وقد جاء الجواب سريعا بعد دخولها قائلة بابتسامة
عريضة " لم أستطع ترككم طويلا وأقلقت زياد معي
وجلبني بأمر من والده "
ثم ارتمت على الأريكة قائلة " الطريق طويل ومتعب "
قالت عمتي من فورها " ولما أتعبتِ ابن شقيقك وإياس كان سينزل
للعاصمة هذين اليومين ويجلبك في طريقه "
قالت مميلة ابتسامتها " لا صبر لي عليكم "
قلدتها في كلمتها مغلقة فمي وألوي لساني فلم أستطع إمساك ضحكتي
من الخروج فنظرت لي بضيق وقد فهمت أني أسخر من صعوبة
بعض الحروف عليها فقررتُ المغادرة لأن أصوات سياراتهم قد
غادرت وسيدخل إياس الآن ولا أريد رؤيته , وما أن التفتت لأغادر
حتى قالت عمتي " ترجمان أخبري إياس أن لا يغلق الباب من
الداخل فسينساه ويترك العامل في البرد خارجا كيوم أمس "
تنهدت بضيق من هذه الورطة ووقفتْ تلك الناموسة من فورها
قائلة " أنا سأذهب له فملابسك خفيفة والجو في الخارج بارد جدا "
تحركت حينه ناحية الباب قائلة " أنتي متعبة فأريحي قدميك
سأذهب له بنفسي "
ما كنت سأوافق لولا أنها تتعمد فعل ذلك كي لا أخرج , تلك المتسلطة
تريده لها وحدها ولم تستطع حتى النوم خارج المنزل بعيدا عنه وكأنها
تخشى أن ينام معي وهذا الظاهر , هه لا تعلم أنه لا يريد ذلك وأنا مثله
وأكثر , خرجت للخارج ليستقبلني الهواء البارد القوي الذي لعب فورا
بخصلات شعري الملفوفة وشعرت بخداي تجمدا لكني لن أتراجع لتجدها
تلك فرصة وتسخر مني , نزلت العتبات بخطوات سريعة وتوجهت عبر
الممر المخصص للمشي أحضن نفسي ممسكة ذراعاي العاريان بكفاي
وأمسح عليهما ليدفئا قليلا وركضت مسرعة حتى اصطدمت بشيء ما
جعلني أشهق بقوة ولم يكن سوا صدر إياس الصلب العريض فتراجعت
للخلف خطوتين ممسكة جبيني الذي اصطدم بذقنه وقلت بتألم
" آي أفزعتني ألا ترى أمامك "
كان ينظر لي بتركيز دون كلام فتراجعت خطوتين أخريين والتفت
لأغادر دون حتى أن أخبره بما قالت والدته وكأني أريد الهروب بل
فعلا أردت أن أهرب من نظراته تلك فأوقفني صوته قائلا
" ترجمان "
فوقفت مكاني دون أن ألتفت له وشعرت بخطوته تقترب مني
ثم بأصابعه على خصري ولفني للخلف مقابلة له وقال
" ما الذي أخرجك مسرعة هذا الوقت ؟ "
تراجعت خطوتين لأتحرر من قبضة يديه وقلت " والدتك أخبرتني
أوصيك أن لا تغلق الباب من الداخل ويبق العامل في البرد صباحا "
قال ونظره على عيناي " ولما غادرتِ دون أن تخبريني "
أبعدت نظري عنه وقلت " أفزعتني وأنسيتني ما كنت أريد قوله "
وضع يديه وسط جسده وقال " بل أنتي من اصطدم بي أم نسيتي "
أمسكت خصري بيداي مثله وقلت " لا ... فأنا لم أنتبه لك لأنك
كنت في جهة مظلمة لكن أنت كنت تراني طوال طريقي فلما
لم تنبهني أو تبتعد "
اقترب حينها مني فأمسكت قدماي على التراجع فما بك يا ترجمان !
منذ متى كان يهزك أي شيء ؟ منذ متى تعرفين غير المضي للأمام
والوقوف بصلابة , وصل عندي وخلع سترته وأدارها خلفي ووضعها
على كتفاي وشدها للأمام لتغطي صدري وقال ونظره على يديه
" عودي للمنزل فأنتي من سيتجمد على هذا الحال وليس
العامل وسأذهب الآن لأفتح له "
ثم غادر واختفى عني في الظلام وتركني واقفة مكاني متشبثة بسترته
التي منحتني شيئا من الدفء فهي لازالت تحمل حرارة جسده وعطره
القوي , كنت سأعود أدراجي فأوقفني الصوت المنادي " إياس إيااااس "
وما كان سوا صوت تلك النصف عربية عوجاء اللسان ووصلت عندي
سريعا ثم نظرت ببرود للسترة على جسدي وقالت كلمة بلهجتها تلك
فقلت بضيق " لما لا تتحدثي بالعربية إن كنتِ شجاعة "
قالت من فورها " ما قصدك ؟ "
قلت بسخرية " قصدي علّقي على الأمر بما أفهمه لأكسر لك أسنانك "
تجاهلتني ونظرت خلفي مبتسمة ثم انطلقت راكضة بضحكة فالتفتُّ معها
حيث كان إياس متوجها نحونا ووصلت عنده واحتضنت خصره متكئة
على كتفه برأسها وقالت " مفاجئة أليس كذلك "
تحرك وهي ما تزال متشبثة به وقال مبتسما " مفاجأة وأنا من
استقبل سيارتكم ؟؟ "
ضحكتْ وحدثته بالروسية يسيران جهتي وهوا ينظر لها وقد خرجت منه
ضحكة يبدوا كان يحاول إمساكها فشعرت بحريق لا بل إعصار دمر كل
زوايا جسدي فما أخرج هذه الناموسة الوقحة الآن وما كل هذا العرض
السخيف , نزعت السترة من على جسدي وتركتها تنزل عنه وغادرت
عائدة للمنزل تاركة إياها مرمية أرضا ودخلت المنزل لأتوجه ركضا
للسلالم وصعدت لغرفتي وأغلقت بابها بقوة ثم مارست باقي ذلك على
باب الخزانة مخرجة ثياب النوم وتوجهت للحمام أشعر بغليان يُنضج
قِدرا من اللحم لو وضع على رأسي لدقائق فقط
*~~***~~*
جُبت وسط المنزل جيئة وذهابا حتى تعبت قدماي ثم صعدت ونزلت
وتوجهت لغرفة عمته طرقت الباب فخرجت لي وعيناها منتفخة من
النوم وتثاءبت ثم قالت " دُرر ما بك ؟؟ "
قلت بقلق " أواس لم يرجع حتى الآن "
جمعت شعرها للخلف وقالت وهي تربطه في بعضه " ليست أول
مرة يتأخر فيها ولا أول ليلة يبات خارج المنزل فقد يكون
سافر من أجل تجارته "
ضممت الهاتف لحضني محتضنة له بيداي وقلت بغصة " ذلك
ليس قبل أن أعلم ما علمت فماذا إن لم يكن بخير ؟ ماذا إن أذوه "
نظرت لي بحيرة وقالت " دُرر اشرحي لي عن ماذا تتحدثين ؟ "
تأففت وقلت " جِدي لي حلا لنعرف أين يكون عمتي أرجوك "
قالت ناظرة للهاتف في يدي " هل اتصلت به "
أنزلت يداي وقلت بحزن " لم أستطع خفت أن يغضب مني
تعرفيه جيدا يكره أن نسأله وننشغل عليه "
قالت بقلة حيلة " إذا بما سأنفعك أنا مادمتِ تعرفين أطباعه جيدا "
تنهدت بأسى ونفضت يدي الممسكة للهاتف , والحل الآن فهوا لازال
لا يتحدث معي رغم أنه ينام معي في ذات الغرفة ولا يزال غاضبا على
ما يبدوا فكأنه عاد لينام في سريره الذي لا يمكنه النوم إلا فيه أما أنا فقد
وضع لي خطا أحمرا وأعلنها حربا باردة صامته ضدي , قالت وهي
تدخل غرفتها " لا حل لك سوا أن تتصلي به أو تنامي "
تبعتها للداخل وقت " اتصلي به أنتي "
جلست على السرير وقالت " يا عيني ويغضب مني أنا ويصرخ
بي في هذا الليل وأنتي تطمئني عليه على حسابي "
قلت باستياء " أرسلي له رسالة إذا "
نامت وغطت جسدها ثم قالت " أنتي وأنتي زوجته وتنامين
في حضنه تخشين ردة فعله فكيف بي أنا "
توجهت للباب وخرجت وأغلقته خلفي بعدما يئست منها وعدت أدراجي
سارحة في الأرض أفكر في أي حل غير أن أتصل به , وفي لحظة فكرت
بجنون أن أخرج لغرفة الحرس أو العجوز الذي يهتم بالحديقة وأطلب منهم
الاتصال به لأي سبب كان لولا خوفي من أن يكتشف الأمر وحينها ما
سيخلصني من غضبه , يا رب ما بي ابتليت هكذا برجل يسعى خلف
الموت ويطارده ؟ من لي بعده غيرك يا رب فلا أريد أن أصبح سجينة
منزل جدي مستقبلا حين سأرفضه , تابعت سيري مهمومة وشاردة
الذهن وما أن وصلت نصف الصالة حتى انفتح باب المنزل ودخل منه
فتوجهت نحوه وهوا ينظر لي مغلقا الباب خلفه حتى وصلت عنده
وضمته بقوة وذراعاي تحوطان خصره وقلت " حمدا لله أنك
عدت وأنك بخير , لقد أقلقتني عليك "
أبعدني عنه ببطء قائلا " ما يبقيك مستيقظة حتى هذا الوقت ؟
ومن قال لك أني لست بخير ؟ "
نظرت لعينيه وقلت بعينان تمتلئ دموعا " تأخرت كثيرا وقلقت عليك "
قال بشيء من الضيق " دُره هذا الأسلوب لا أحبه ولا يعجبني
ولأنها المرة الأولى سأتغاضى عنها فلا تكرريها "
ثم غادر من أمامي متوجها للسلالم فلحقته وصعدت خلفه قائلة
" أنت زوجي وليس عيبا أن أقلق عليك وأسأل عن سبب تأخرك "
تابع طريقه دون أن يعلق حتى دخل الغرفة ودخلت خلفه وأغلقت
الباب فتوجه للخزانة وفتحها متجاهلا لكل ما قلت كعادته مؤخرا
فقلت بضيق " أواس أنا أكلمك "
قال ببرود وهوا يغلق باب الخزانة " وأنا سمعتك ولا رغبة لي
في إعادة ما قلت مجددا "
قلت ونظري يتبعه متوجها للحمام " لن يحدث شيء إن
أخبرتنا أنك ستتأخر "
وقف عند الباب الذي فتحه وقال بحدة موليا ظهره لي
" دُره لا تغضبيني منك فوق غضبي وتوقفي عن النقاش "
ثم دخل وأغلق الباب خلفه بقوة فتأففت وتوجهت للسرير وجلست عليه
أنتظر حتى يخرج , هذا الحال لا يعجبني ولن أرضى أن يستمر هكذا
ويشغلني عليه كل ليلة فما سيقنع قلبي الغبي هذا أنه بخير وأنها عادته
بعد وقت خرج يجفف شعره بالمنشفة مرتديا بنطلونا قصيرا وقميص
داخلي فقط فأمسكت جهاز التحكم وزدت من تدفئة الغرفة فرمى المنشفة
في سلة الغسيل ثم عاد ناحية السرير ونام في مكانه وغطى نفسه
باللحاف موليا ظهره لي فقلت " أواس أريد التحدث معك "
قال ببرود " ما لديك قلتيه وسمعته فنامي والنفس عليك طيبة "
قلت من فوري " توقف عن التفكير في جدي والانتقام منه
أرجوك أواس "
جلس حينها بسرعة وكأن عقربا لدغته ونظر لي نظرة قاسية
وقال " وما مناسبة هذا الكلام ؟ "
هززت رأسي بقوة وقلت ودمعتي الأولى تدحرجت من رموشي
" لا أريد أن أخسرك ... لا أريد أن تموت على يده , أواس
أرجوك ارحمني من عذابي "
قال من بين أسنانه " مستحيل ... مَوتي أرحم لي من تركه طليقا "
مسحت خداي بظهر كفي بقوة وقت " دعنا نعيش حياتنا ومستقبلنا
ولا نفكر في شيء غيرهما ونترك حتى هذه البلاد ولا أخسرك "
نظر لي مطولا وكأنه يبحث عن شيء في ملامحي ثم
قال بهمس " تحبينني يا دُره ؟؟ "
كان سؤالا أكثر من كونه استفسارا أو استنتاجا وكانت نظراته
تبحث عن الجواب في عيناي قبل لساني , قلت بحزن " وإن
كان جوابي نعم هل تعدل عن كل ما تفكر فيه ؟ "
قال بجمود " هل ستجعلين الإجابة مرتبطة بجوابي "
هززت رأسي بلا فقال " وإن كان جوابي لا لن أغير قراري "
قلت بجدية " جوابي سيكون واحدا في كلا الحالتين "
قال بعد صمت لحظة " وليس خوفا من الله "
يا رب صبرني عليه متى سنتجاوز هذه النقطة وهل يرى أفعالي
تقول أني أخبر نفسي ولو من أجل الله , مددت يدي لكفه وأمسكته
ورفعته ووضعته على قلبي الذي ينبض بقوة وقلت " اسمع هذا
وستعلم جواب سؤالك دون أن تضع له أي احتمالات ولا
أن تربطه بشيء "
بقي نظره معلق بعيناي وكفه على قلبي تتسرب نبضاته المجنونة من
خلاله حتى قلت بعينان دامعة " وأريد حقا أن تتحسس هذه اليد نبضا
آخر في داخلي وأن نَمضي للمستقبل وننسى الماضي "
نزع يده من يدي بقوة وقال بحدة " لا لن أنجب ابنا يربيه
جدك بعدما يقتلني "
قلت ببكاء قد خرج رغما عني " لا تتحدث عن الموت أواس لا
تذكره مجددا فلن يربي ابنك غيرك فدعنا نخرجه من حياتنا "
هز رأسه بلا ونظرته كلها إصرار فقلت بعبرة " ولا من أجلي "
مسح بكفه على خداي مكفكفا دموعي وقال بجدية " ولا من أجل
أي شيء وأمزق قلبي إربا إن عذلني عما أريد "
قلت بعبرة " وأنا ؟؟ "
أبعد كفه واضطجع مجددا وقال " الله لن ينساك "
قلت بحزن ونظري على قفاه الذي ولاه لي " إذا لست
تحبني أليس كذلك ؟؟ "
قال بسخرية " مجنونة "
نظرت له بصدمة فتابع قائلا " وعمياء وغبية "
فنمت مولية ظهري له أيضا وغطيت رأسي باللحاف أتابع بكائي
بصمت , لما يطغي حقده على كل شيء وحتى على حبه لي ؟؟ لما
يختار الانتقام على العيش معي ؟ كيف يكون يحبني ويستبدلني بهما
بسهولة !! بقيت على ذاك الحال لوقت حتى وصلني صوته
قائلا " دُره توقفي عن البكاء "
قلت بعبرة " إن كان بكائي يضايقك أخرج من هنا لكن
أن أتوقف فليس بيدي ولا أريد ذلك "
قال بنبرته الحازمة الآمرة " دُره قلت يكفي "
فغادرت السرير حينها وتوجهت جهة الباب فأوقفني صوته
قائلا " إلى أين ذاهبة ؟ "
قلت مولية ظهري له " لأبكي بعيدا عنك ولا أزعجك "
قال بحزم " قلت توقفي عن البكاء وليس غادري "
التفتُّ له وقلت ببكاء " لا أستطيع "
أبعد نظره عني وقال ببرود " وفّريها للمستقبل القريب
فستبكي أحدنا نحن الاثنين بالتأكيد "
رميت يدي في الهواء وقلت بحدة وقد علت عبرتي
" توقف عن ذكر الموت يا أواس يكفي "
غير نومته واضطجع على ظهره وغطى عينيه بذراعه وقال
" عودي مكانك واتركيني أنام ورائي أعمال كثيرة أخرج لها باكرا "
جلست حينها على الأريكة ورفعت قدماي لحافتها وضممت ساقاي
مخبئة وجهي فيهم أتابع بكائي الصامت ولم يتحدث هوا بعدها
ولست أعلم نام أم لا
*~~***~~*
بعدما خرجت من الحمام بقيت لوقت في سريري وطبعا دون وسادة ولا
غطاء وقد فارق النوم عيني لتمضي الساعات وأنا أتقلب في كل اتجاه ونمت
في جميع الوضعيات وبلا فائدة فأمسكت هاتفي وكنت سأتصل بسراب لكن
الوقت متأخر جدا رغم علمي أنها تنام وحدها كالسابق , وضعت الهاتف
أمام وجهي أنظر له بشرود , آه يا سراب آخر ما تصورته أن تحصلي على
المال وتكرهي وجوده معك ؟؟ ما هذا الذي فعله بك حبك لذاك الأحمق اللص
المخادع ؟ ولم أكن لأتصور أبدا أنها ستطلب الطلاق منه ! فهل سنرجع
لنجتمع مجددا ومطلقات هذه المرة فحتى صوت دُرر لم يعجبني في آخر
مكالمة لي معها , تنهدت بأسى ثم رميت الهاتف بعيدا عن وجهي ليسقط
أرضا في الجانب الآخر للسرير واستدرت نائمة عليه بالعرض وانقلبت على
بطني مخبئة وجهي في غطائه وذراعاي ممدودتان جانبا , ما كل هذا الأرق
والضيق ؟ لما لا أنام وأنا استيقظت مبكرا ولم أنم بعد الظهر ؟ ولما صورتهما
لم تفارق عيناي وتلك تتشبث به وكأني سأسرقه منها , سمعت باب الغرفة
أغلق فقفزت جالسة , كيف لم أشعر به وهوا يفتحه ؟ جلست أنظر للواقف
أمامي بعدما أغلق الباب خلفه ينظر لي بصمت فما جاء به هذا الوقت وماذا
يريد ؟ كنت أريد سؤاله ( ماذا تفعل هنا وما تريد بي ) لكن لساني انعقد , لسان
الترجمان توقف عن العمل تصوروا ! نظر للأرض بجانب سريري وقال
" لما ترمين الوسادة واللحاف ؟ "
أبعدت نظري جانبا وقلت ببرود " أعتقد أن هذه حرية شخصية "
قال من فوره " ومِن الحرية الشخصية أن تنامي عرضا وعلى بطنك ؟ "
وقفت وسحبت البيجامة الحريرية التي كانت مرتفعة بسبب كثرة تقلبي
وقلت وأنا أجتازه متجهة للباب " أنت تريد المشاكل وأنا لا مزاج لي "
ولم أتخطاه بخطوة حتى كان خصري في قبضة ذراعه لأجد نفسي في
لحظة ملتصقة بجسده وذراعاه تكبلانني عن الحركة فقلت بضيق محاولة
الخلاص منه " اتركني لا أريد الشجار معك يا إياس وأعتقد أني
لم أقترب من ألماستك اليوم "
ثبتني على جسده أكثر وقال " ومن قال أني جئت لأفتعل المشاكل "
قلت ولازلت أحاول إبعاد ذراعيه " وما تريد بي إذا ؟ "
رفعني عن الأرض وسار بي جهة السرير وارتمى عليه ولازال ممسكا
لي لأصرخ وقد وجدت نفسي فجأة فوقه نائمان على السرير فحاولت
الوقوف مبتعدة عنه لكنه وبحركة سريعة قلبني حتى صرت تحته
وهوا فوقي وقال مبتسما " لا خلاص لك الآن "
حاولت دفع صدره بقوة وقلت بغيظ " ابتعد ماذا تريد مني "
دس وجهه في شعري وعنقي وقال بهمس " أعتقد أنك
زوجتي وهذا من حقي "
شعرت بشيء كالكهرباء سرت في جسدي وشفتيه توزع قبلاتها الرقيقة
على عنقي فقلت بكلمات متقطعة " إياس ابـــ تعد أو قســـ ما ندمت "
قبل أذني عدة قبلات وهمس فيها " هذا لم يعد في يدك ولا
يدي يا ترجمان "
حركت رأسي وقلت بضيق " بلى في يدك فابتعد فلا حاجة
لك بي بعدها "
عاد لتقبيل عنقي وقال " ومن قال ذلك "
عضضت شفتي بقوة أنظر للسقف محاولة أن أتبث جسدي وأوقفه
عن الارتجاف كي لا يلحظه ثم قلت " قاله زواجك بها وحملها
منك فلم تعد لك بي حاجة "
أبعد وجهه عن عنقي ونظري لي وقال " ومن قال لك ذلك "
قلت محاولة التحرك تحته " علمت ولا يهم كيف "
تبث جسدي بجسده أكثر وقال " هي قالت لك "
نظرت لعينيه بثبات وقلت " وفيما يهمك ذلك المهم أني علمت "
قرب وجهه من وجهي وقال بهمس ملامسا شفتاي بشفتيه
" أنا لا علم لي , ثم لا ما المانع من أن تحملا كليكما "
شعرت بجسدي انتفض هذه المرة بقوة لم أستطع إخفائها
وقلت بوهن ورفض " لا "
فشدني بقوة ألمتني وقال من بين أسنانه " أنا زوجك
يا ترجمان وهذا من حقي "
هززت رأسي بلا بقوة وقلت " ابتعد عني ابتعد , لا
أريد هذا لا أريدك "
فوقف وتركني وغادر الغرفة ضاربا الباب خلفه بقوة فانقلبت على
بطني أشد غطاء السرير بقبضتاي وأشعر بضعف لم أشعر به حياتي
كيف كنتِ ستستسلمين له يا ترجان ؟ كيف ضعفتِ للحظة وتمنيتِ
أنه لم يكترث لكلامك ورفضك ؟؟ ضربت بقبضتي على السرير
بقوة وقلت بغيظ " سحقا لي سحقا سحقا "
*~~***~~*
فتحت باب الشرفة ليستقبلني صوت العصافير فنهار اليوم يبدوا دافئا
عكس الأيام السابقة الماطرة , رفعت رأسي وتنفست بقوة أُدخل الهواء
لرئتي أنظر للسماء والشمس التي أخفتها السحب البيضاء المتقاربة ثم
أغمضت عيناي برفق لتتسلل تلك الدمعة الرقيقة من طرف إحداهما وقد
مر مشهد ليلة أمس أمام عيناي وحوارنا المضطرب ذاك , كيف استطاع
إضعافي ما أن اقترب مني وشعرت بأنفاسه قبل أن أسمعها ! أي شعور ذاك
الذي يخلفه سماعك لذاك التنفس القوي ؟ رفعت أصابعي ومسحت دمعتي ثم
فتحت عيناي وابتسمت بحزن , بل قولي كيف استطاع قراءة ذاك فيك بسهولة
وأنتي من عجزتِ عن قراءة عينيه وفيما يفكر ومَن أنا بالنسبة له , هل كنت
عارية المشاعر هكذا واستطاع قراءتي بسهولة وهوا يمكنه تغليفها كما يريد
أم هوا ذكاء منه وغباء مني أنا ؟ أنزلت رأسي وابتسمت بألم وغمغمت
بهمس خافت " أم لا يحمل لي شيئا من أساسه "
تنهدت بعدها بأسى وتوجهت للخزانة غيرت ثيابي ولبست بنطلون وقميص
شتوي طوله لما يقارب الركبتين وحجابا وغادرت الغرفة ونزلت السلالم
قاصدة باب المنزل ولأول مرة أفعلها منذ صرت هنا , خرجت للحديقة
وشدني صوت ضحك إسراء وعبير البعيد فوحدهما من لا تدرسان وتبقيان
صباحا في المنزل والباقيات في مدارسهن , تابعت سيري وسط الحديقة التي
تغيرت كثيرا بعد زيارتي الأولى هنا التي كانت فيها مهملة وأشجارها باهتة
فيبدوا أنه جلب من يهتم بها فقد رأيت عاملان في طريقي , تابعت الخطى
حيث كنت أسمع صوت عمتي سعاد وتقدمت حتى أصبحت أسمعها بوضوح
قائلة " وحتى متى سيستمران على هذا الحال ونحن نتفرج عليهما "
وجاء الرد حينها من العم صابر قائلا " آسر ليس طفلا ويعرف كيف
يتصرف ولا دخل لنا في حياتهما يا سعاد فقد نعقد الأمور بينهما أكثر "
قالت حينها بضيق " وقد نجد لهما حلا , على الأقل يأتي ليعيش هنا
أو يأخذها معه هناك بدلا من هذا الوضع والحال "
ابتسمت بألم ونظرت للخلف حيث ذاك المنزل الكبير بطابقيه خلفي , حمدا
لله أن لي فيه النصف وملكي أيضا لما كنت بقيت دقيقة بعد كلامها هذا رغم
يقيني من أنها تفكر في مصلحتي ومصلحة من تعده ابنها , أَفضل ما حصلت
عليه من كل هذا المال هوا المنزل ... المأوى الذي لا يمن عليا به أحد وإن
كانت غرفة واحدة فقط ملكي وبسمي فتكفيني , تقدمت بخطواتي نحوهم أكثر
لتظهر لي طاولتهم من خلف شجيرات الورد ليصل لمسامعي الصوت
الذي قال " ماذا بشأن علاجك يا عمي ؟ هذا الأسبوع سنبدأ "
وتسمرت مكاني وأنا أنظر للجالس معهما من كانا يتحدثان أمامه وكأنه
ليس موجودا ويحادثان بعضهما عنه أمامه !! فهل كان يرفض الخوض في
الحديث معهما حتى تحول لنقاش بينهما في وجوده ؟؟ كنت سأعود أدراجي
وأتراجع للخلف لكنه رفع رأسه حيث كان الوحيد المقابل لي وما أن وقعت
عينيه عليا حتى وقف من فوره ووضع يديه في جيوب بنطاله وقال ونظره
لم يزحه عني " سأمر بك في الغد فقد أخذت موعدا مع الطبيب
المتخصص ومسألة عيشي هنا حُسم الأمر فيها سابقا "
قالت حينها " وسراب ؟؟ "
لأشعر بقلبي ارتجف بعنف وعيناي ارتكزتا على عينيه وقال
ونظره لم يزحه عني " سراب هي من اختارت "
قالت من فورها " لكنك قلت سابقا أ..... "
وقاطعها حينها العم صابر قائلا " يكفي يا سعاد اتركيهما وشأنهما "
قالت حينها بضيق " إن كان أمر ابنك لا يعيك فأمر ابني
يعنيني وحاله هذا لا يعجبني أبدا "
فغادرت حينها وعدت جهة المنزل بخطوات راكضة حتى أصبحت في
غرفتي وارتميت على السرير أبكي بصمت , هل أنا من اخترت هذا أم
أنت يا آسر وأنت أكثر من يعلم أني اخترتك واخترت منزلك ذاك وقلتها
لك بنفسي حين سألتني , وصلت حينها رسالة لهاتفي فمسحت دموعي
وأخرجته من جيبي وفتحتها فكانت منه وفيها ( هذه مجموعة الأسماء
المقترحة للمنتجات فاختاري منها واحدا والتصاميم سترسل لك عبر
البريد في الجهاز الموجود في المكتب ) ثم قائمة من الأسماء فرميت
الهاتف بعيدا عني وعدت لبكائي
*~~***~~*
جلست مع عمتي ورغد نحتسي قهوة الصباح وهما في ضحك مستمر
على ندى وسدين اللتان تلعبان كرة القدم بعدما فكت رغد حصارها وحصار
ابنتها أخيرا , بينما أنا اكتفيت بشرب قهوتي فمزاجي اليوم لا يتحمل أحدا
نظرت جانبا للقادمة نحونا ثم عدت بنظري لفنجالي وتنهدت بضيق فها قد
اكتمل الصباح , اقتربت منا وجلست بجوار عمتي وقالت رغد ما
أن جلست " هل أسكب لك القهوة يا سهاد "
قالت بدون نفس " نعم وبلا سكر أبدا "
قالت عمتي " بسم الله ما بك ! من يشرب قهوة سوداء مُره
على الصباح وأنتي لم تفطري معنا "
قالت رغد حينها " صحيح أين إياس اليوم لم نراه أبدا ؟ "
قالت تلك الشاحبة ببرود " خرج من قبل وقت الفجر "
قالت عمتي باستغراب " ولما ؟ "
رفعت كتفيها بلامبالاة ونظرت لي وقالت بجمود " خرج البارحة من
جناحنا متأخرا وعاد بعدها غاضبا وخرج من فوره ولم يرجع حتى الآن "
تجاهلتها ونظرت للجانب الآخر ولم أعرها أي اهتمام , مُوتي من غيظك
يا حرباء وافهميها كما يحلوا لك ولتعلمي فقط أنه لا يعنيني , وقفتْ حينها
وغادرتْ وجيدا فعلت قبل أن أفرغ غضبي فيها
*~~***~~*
عدت للمنزل وللغرفة مجددا وهي على حالتها تنام على الأريكة محتضنه
وسادتها وتعطيني ظهرها ولا أعلم نائمة أم مستيقظة , راقبتها لوقت ثم
تنهدت بأسى ونظرت للأعلى , لا تضغطي عليا أكثر يا دُره فلن يثني
قراري هذا شيء ولن تجني سوا التعب لكلينا , اقتربت منها وجلست
مستندا على قدماي أمامها وقلت " دُره أعلم أنك مستيقظة فغادري
هذه الأريكة ونامي على السرير بسرعة "
ولا جواب طبعا فمددت يدي لوجهها وكما توقعت مبلل بالدموع
قلبتها على ظهرها ونزعت الوسادة منها ورميتها بعيدا وقلت
بضيق " دُره عن لعب الأطفال هيا "
مسحت خديها بقوة وقالت بضيق أكبر " اتركني أفعل ما أريد أيضا "
تنهدت بضيق وقلت " لن يغير هذا شيئا من كلامي البارحة
فتوقفي عن البكاء وغادري هذه الأريكة "
جلست تجمع شعرها جانبا وقد عادت للبكاء مجددا فأمسكت يدها
وقبلتها وقلت " القادم قد يكون أشد يا دُره فعليك أن تكوني
قوية لأني أريدك بخير "
استلت يدها مني وقالت ببكاء " لما لا تفكر إلا بنفسك وانتقامك يا
أواس , ماذا عني أنا وعن زوجتك التي ستضيع بسببهم بعدك ؟ وماذا
عن عمتك التي لا مكان لها غير منزلك وأراها لا تود العيش
مع والدك ؟ "
وقفت وجلست بجانبها وقلت " سأترك لكما منزلي وجميع أملاكي
أما وجد فسأحررها مني قريبا فلم يجدي معها شيء ولن تتغير "
ارتمت في حضني وقالت ببكاء " لا تقل تترك لنا ، لا تذكر
الموت وأنت من يسعى له "
ضممتها بقوة وقبلت رأسها وتركتها تكمل بكائها في حضني ، من يختار
أن يترك حياة أنتي فيها يا حبيبة أواس لكن الواقع واقع وأنا وجدّك على
أحدنا أن يترك الحياة للآخر وحلمي الذي يتكرر معي كل ليلة يؤكد أني
ماض وحدي وسأتركك ، لو كان أي شيء آخر ما استبدلته بك لكن هذا
الأمر لا نقاش ولا تراجع فيه ، بعد وقت ابتعدت عن حضني ونظرت
لعيناي وقالت بحزن " عدني إذا "
مسحت على وجنتيها المحمرتان من البكاء وقلت
" أعدك بماذا ؟ "
أمسكت يدي قبلت كفها ثم دستها في حضنها وقالت بصوت متحشرج
من البكاء " عدني أنك لن تدخل ذاك الملحق والغرفة مجددا ولن تدخن "
سحبت يدي من يديها وأمسكت وجهها وقبلت جبينها وقلت
" أعدك فيكفي بكاء "
كانت ستتحدث وتتابع سرد وعودها فأسكتّها بقبلة رقيقة أطلتها قدر
الإمكان فحتى الآن لم أحضا من هذه المرأة بما يبرد على قلبي وما
يروي ظمأ عشقي ، لم أمنح نفسي تلك القبلة المجنونة التي تطفئ
الحب والشوق ، فكيف يكون تقبيل امرأة تقطر رقة مثلها إلا برقة
توازيها ولا تجرحها ، وقفتُ بعدها وحملتها وأنزلتها على السرير
قائلا " والآن نامي ويكفيك بكاء كي أذهب وألحق أعمالي "
تعلقت بعنقي ما أن ابتعدت عنها وقبلت شفتاي وقالت بهمس
" أحبك أواس لا تنسى أنك ستؤذيني معك أيضا "
ضممتها برفق وقبلت كتفها وقلت " أطلبيها من الله إذا يا قلب
أواس لأني أعلم أنك لن تدعي على جدك أبدا "
ثم تركتها وغادرت الغرفة فإن بقيت أكثر ستؤثر بي وهذا ما لا أريده
عليا تغيير مخططي بما أنه لن أحضا بفرصة لرؤية الوزير وأن أواجه
ذاك الخنزير وعصابته وحدي وإن كان الفشل سيكون حليفي ، ما أن
خرجت وأغلقت باب المنزل حتى رن هاتفي فأخرجته وأنا أفتح باب
السيارة فكان المتصل إياس فركبت وشغلتها وأجبت عليه وأنا أغادر
البوابة وقال من فوره " سمعت أنك تريد مقابلة الوزير "
لم أعلق على الأمر أو لم أجد الفرصة لذلك لأنه قال من فوره
" مرادك عندي يا أواس "
المخرج : بقلم الغالية آيفا رمضان
أتللذ في حبات المهداءت استمتع بماذق الدواء فيبداء الضباب يتكاتف حول سقف جمجمتي
أسقط في عاالمي اصحاب هذا واتكالم مع ذاك وﻻ لي حرعة المخدارت تكفي وﻻ لجسد
الرذيلة يشفي لي أنهي مأساتي ومأساتهم بحرقي او بي جلدي
أهداء الي ........
وجد.....
سلمت الأيادي
نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الأحد إن شاء الله