الفصل الثلاثون
ما أن وصلت نصف الصالة حتى لمحت ضوء المجلس المتسلل
من بابه الشبه مفتوح وبدون أدنى تفكير ولا قرار مني توجهت
بخطواتي هناك وفتحت الباب أكثر ودخلت فوجدتها نائمة على
الأريكة تجمع كفيها تحت خدها وكأنها طفلة لأول مرة تنام بعيدا
عن حضن والدتها , اقتربت منها بهدوء يشابه هدوء ملامحها
الحزينة ووجنتيها المتوردة من برد هذا المكان الذي تنام فيه بلا
غطاء , اقتربت أكثر ونزلت مستندا بقدماي عند وجهها وكانت
دمعتها لازالت معلقة برموشها فابتسمت بحزن ومسحتها بإبهامي
ثم جلست على الأرض متكئا بالأريكة التي تنام عليها خلفي وسندت
رأسي للأعلى فلامس أسفل معدتها فشعرت بوخزه قوية في أعماقي
أيقظت شعورا دفينا طمرته خلف مشاعري من أعوام , هززت
رأسي بقوة وأمسكت عيناي بأصابعي مغمضا لهما , لا يا أواس أنت
لا تريد طفلا يكبر هنا في أحشائها لا تريد هذا فقد تموت قريبا
يقتلك جدها ويأخذهما ليلقى ابنك ذات مصيرك , لن يحدث
ذلك حتى يموت ذاك الوحش أو يسجن للأبد
*~~***~~*
بقيت أحدق بها وهي تنظر لي بتوجس وريبة تنتظر ما سأقول
فتنهدت وقلت " رغد لا أمل لك في ابنتك إلا بحل واحد "
قالت من فورها " ما هوا وسأفعله فورا "
قلت " متأكدة "
قالت بريبة " ما تقصدين يا أمي ؟ لما لا تكوني واضحة
وقولي ما لديك "
تنهدت مجددا وقلت " تحدثت مع إياس وقال أن قوانين البلاد
تقف في صفهم بما أن والدها توفي وهم رفضوا حتى المال
مقابلا للتنازل فالحل الوحيد في زواجك مـ... "
قالت مقاطعة لي " إن تزوجت فستكون حجتهم أقوى يا أمي
وستنتقل الحضانة لك ولن يرضوا بذلك ولا أنا أريد تركها "
قلت بهدوء " ليس إن كان الزوج من أهلها "
نظرت لي بادئ الأمر بعدم استيعاب ثم صرخت واقفة على
طولها " لا خالد لا "
هززت رأسي وقلت " لا حل غيره أمامك وهوا سبق وطلبك "
قالت بذات صراخها ملوحة بيدها في الهواء " لا لن أرجع لذاك
المنزل وتلك العائلة أبدا "
وقفت وأمسكت ذراعاها وأجلستها وجلست وقلت " لن يجدي
الصراخ في شيء وفكري بعقل يا رغد "
نزلت دموعها وقالت بحسرة مشيرة لنفسها " هذا ظلم يا أمي
ثم كيف أتزوجه وهوا شقيقه وكنت أراه كإياس طوال
سنين عيشي معهم "
مسحت دموعها وضممتها لحضني وقلت " هاتي حلا غيره
يا رغد , هل تضني أننا نريد أن ترجعي لهم ؟؟ لا أبدا ولكن
لا حل أمامنا وإياس لم يعلن يأسه إلا وهوا يعلم جيدا أنها
مسدودة من جميع الجهات "
تعلقت بحضني ودفنت وجهها في صدري أكثر وقالت ببكاء
" كيف يا أمي كيف ؟ أنا لم أقتنع أبدا بطلبه ذاك وأجزم
أن أمرا ورائه "
مسحت على شعرها وقلت " ما كان ليجبره أحد ولا شيء على
خطبتك وقبل حتى أن يطلقك شقيقه , وسببه كما قاله أن لا يأخذوا
ندى منك وأن لا تبقي بدون زواج كل حياتك فوافقي من
أجلك وأجل ابنتك يا رغد "
*~~***~~*
لا أعلم كيف سيطر النوم على جفناي في هذا المكان البارد وعلى
هذه الأريكة الغير مريحة بل وبذاك المزاج السيئ لكني أعي جيدا
أني استيقظت بسبب تسلل البرد لأطرافي وشعرت بشيء ثقيل على
رحمي وضننت أنها دورتي الشهرية قد اقتربت حتى فتحت عيناي
جيدا واكتشفت أنه ليس ما ضننت وبقيت على وضعي واستلقائي أنظر
للجالس على الأرض باستغراب ويبدوا نائم أيضا , مجنون فهوا لم
يشفى من الرشح بعد وينام هنا في البرد وعلى الأرضية الرخامية
أيضا ! بل ما أنزله إلى هنا وهوا من طردني من الغرفة ثم لحق بي
شعرت بقلبي نبض بطريقة غريبة لا أفهمها ! هل وضعنا الآن السبب
فيها أم شيء كعارض مرضي بسبب البرد ؟ لا أعلم ولا أفهم ! أخرجت
إحدى يداي من تحت خدي ومددتها ببطء جهة رأسه وفي ذهني يتكرر
كلام عمته حين قالت لي أن أُمسّد على شعره وأمسح عليه وأن ألعب
بخصلاته إن فعلها يوما ونام به في حجري وسأكتشف حينها جزئا
من خبايا شخصية أواس , لكن ما أن وصلت أصابعي لشعره حتى
قبضتهم وأعدت يدي , لم أستطع كيف أفعل هذا وهوا منذ قليل كان
يزمجر بي غاضبا وقال أني وسيلة لغاية فقط , نظرت لجانب وجهه
المسترخي وتنهدت بأسى من وضعنا وحياتنا ومن مشاعري الآن نحوه
فهل أشفق عليه ؟ هل حقا أعذره هل يمكن أن أنسى كلامه ذاك ؟؟
مسحت دمعة نزلت من طرف عيني لحظة ما تحركت شفتيه وقال
وعيناه ما تزالان مغمضتان " هيا لنصعد للغرفة فالمكان بارد
عليك هنا "
كان مستيقظا إذا وأنا من ضننت أنه نائم , اعتكفت في صمتي لأني
إن تكلمت سيغضب ولن أجني شيئا إن قلت له أنت طردتني للبرد
عندما طال صمتي فتح عينيه ثم دار برأسه وهوا لازال متكئا
وقال ناظرا لي " هل سمعتِ أم أعيد "
لم أجبه ولم أزح نظري من على عينيه فمد يده لي وقال
" هيا دُره تحركي "
أعدت يدي تحت خدي مع الأخرى وقلت بهمس " لا أريد "
ابتعد عني حينها ثم وقف وقال بحزم " ستصعدين أو
أخذتك لها بنفسي "
أخرجت حينها يداي وتمسكت بقوة بالمسند الجانبي للأريكة حيث
كنت أتكئ عليه برأسي , وشددت عليه ممسكة له بهما ودسست
وجهي هناك وقلت " لن أغادر لأي مكان "
لتنطلق ضحكته مما جعلني ألتفت له بسرعة وصدمة وبقيت أنظر
له بدهشة وهوا يضحك رافعا رأسه للأعلى , لأول مرة منذ عرفته
أراه يضحك ! لا وضحكة حقيقة لتتحول لابتسامة وهوا يهز رأسه
وقال بضحكة خفيفة " أرفعك أنتي والأريكة فما رأيك "
لم أعلق على كلامه وبقي نظري معلق بملامحه المسترخية
وابتسامته المائلة ثم قلت بابتسامة عابثة تشبه ابتسامته
" لا لن تستطيع رفعنا كلينا "
فتوجه نحوي بخطوة واحدة واسعة وحملني رغم اعتراضي وخرج
بي من المجلس ووصلنا السلالم لحظة خروج وجد راكضة لتقف فجأة
وهوا لم يراها طبعا لأنه تخطى ذاك الممر , ألا تنام هذه المرأة ؟؟
يبدوا أن ضحكة أواس أخرجتها , لا وترتدي قميص نوم حرير طويل
نظرت لي بحقد واضح يملأ عينيها فرفعت يداي وتمسكت بعنقه وهوا
يصعد بي أولى عتبات السلالم حتى وصل بي للغرفة وأنزلني هناك
وقال " نامي هنا فالمجرم أواس سيخرج الآن من المنزل "
وتحرك من أمامي ويبدوا يقصد الخزانة خلفي فقلت بسرعة
" لا "
فوقف مكانه ينظر لي باستغراب فدسست خصلات شعري خلف
أذناي أشتت نظري في الأرض وقلت " أعني أين ستخرج هذا الوقت "
قال من فوره " بقي على الفجر نصف ساعة تقريبا وبعدها
سأغادر لعملي "
وكان سيتحرك مجددا فأمسكت بجيب قميص بيجامته المخاط بحرفية
جهة قلبه وقلت " لازال الوقت مبكرا ما ستفعل هناك من الآن "
وكل هذا ونظري في الأرض لا أرى سوا قدمينا وهوا واقف أمامي
ويدي تقبض على جيبه بقوة , لا أريد أن ينزل الآن وتفهم تلك أنه
وضعني ونزل وتُكذب كلامي لها عن سبب مرضه منذ يومين أو
تظن أننا تشاجرنا الآن وتستغل هذا للسخرية مني ككل مرة فقد
تعِبت منها وذقت ذرعا , رفع يده ليدي وأمسكها ففقدت قواها سريعا
وتركتُ قميصه فرفعها لشفتيه وقبلها وقال " سأبقى في المسجد
حتى وقت الصلاة فما تريدين بي "
أنزلت يدي من قبضته لتستقر على صدره وقلت " لا تذهب "
وعضضت شفتي بقوة حين مرر يده على خصري مقربا لي له
فها قد فهم الأمر بشكل خاطئ وفضيع أيضا , طوق خصري
بذراعيه وشدني له وقال " ولماذا ؟؟ "
قاومت خوفي وارتباكي وارتجاف أطرافي فعليا أن لا أتركه يخرج
ليس قبل وقت الأذان , رفعت يداي للأزرار العلوية في بيجامته
وفتحت منهم اثنين ولم أستطع المتابعة فدسست وجهي في صدره
أعض شفتي بقوة فرفع ذراعيه من خصري لظهري وضمني بهما
بقوة وانحنى لأذني وهمس فيها " مشاغبة "
ثم وزع قبلاته عليها وعلى شعري قائلا " كنتِ فعلتها من أول
الليل ورحمتنا من غضبي "
ولم افهم ما عنى بهذا وما الرابط بينهما لكن المهم أنه لم ينزل
أريد حقا أن يعدل بيننا وأن تأخذ ليلتها ولا أنكر حقها فيه مثلي
لكن أكره محاربتها لي بسبب شيء أنا لا يد لي فيه وهي
تعلم ذلك جيدا
*~~***~~*
قضيت أغلب النهار أتحرك في المنزل شعلة مشتعلة من الغضب
ودموعي تتراقص فوق خداي أغلب الوقت , أعددت الغداء بعنف
كدت أسقط به السقف وأدمره بأكمله وكماي ممسحة لدموعي طوال
الوقت , أشعر بالقهر .. بقهر غير طبيعي , كيف يتزوج علي ؟؟
لا وينتظر مولودا منها أيضا وأنا من غبائي صدقت أنه يعنيني أنا
ويعني علاقتنا معا , ما أشده من أمر وما أفظعه فلم أتخيل يوما
أن زواج الزوج قاتلا بهذا الشكل , مسحت عيناي بقوة لحظة ما
لاحظت الظل الذي سد فتحة الباب فنظرت له لا إراديا فكان آسر
واقفا ببذلة الشرطة يديه في جيوبه فعدت سريعا بنظري لما أفعل
وقال هوا " هل لي أن أعلم سبب كل هذا البكاء والغضب
هل نظرتِ لوجهك وعينيك في المرآة "
تجاهلته وفتحت الثلاجة ولم أجب عليه فتابع " هل كل هذا
بسبب لمسة يد فقط , حاضر مولاتي لن يتكرر ذلك "
حملت الصينية وخرجت بها مجتازة له متجنبة النظر لوجهه
ووضعتها على الطاولة ثم غادرت ركضا جهة الغرفة ودخلت
وأغلقتها خلفي
*~~***~~*
بقيت واقفا مكاني أنظر للباب الذي أغلقته خلفها بقوة وتنهدت
بأسى لينفتح بعدها مجددا وخرجت منه وفي يدها شيء ما
وضعته على الطاولة وعادت جهة الغرفة قائلة " خذه لم
أعد أريده ولم يعد يخصني حضرة الضابط "
وأغلقت الباب مجددا بقوة أكبر من سابقتها فنظرت للهاتف على
الطاولة باستغراب , ما علاقته ببكائها المخيف هذا والغضب
المشتعل في عينيها ؟؟؟ توجهت نحوه ورفعته وفتشت فيه وتأففت
بغيظ حين رأيت المكالمة ثم أخذته لغرفتي وأغلقت الباب خلفي
واتصلت بالرقم الذي اتصل فجرا لكن صاحبته لم تجب فأخرجت
هاتفي واتصلت بها منه وما أن انفتح الخط حتى قلت
" ألم أقل لا تتصلي حتى أتصل بك أنا "
قالت من فورها " وما يدريني أن الهاتف ليس لديك لم
تخبرني سابقا بهذا "
تنهدت بضيق وقلت " ماذا قلتِ لها "
قالت من فورها " لا شيء سألت أين صاحب الهاتف ومن
تكون هي ولم تتركني أقول شيئا وأغلقت الخط في وجهي "
مررت أصابعي في شعري وزفرت بضيق , لهذا إذا كادت تقتل
نفسها من كثرة ما بكت , قالت في الطرف الآخر " اتصلت بي
بعدها بساعة ولم أجب عليها , تصرف أنت في الأمر يا آسر
وأفهمها على مهل "
قلت ببرود " حسنا حسنا فلا تتصلي حتى أتصل بك أنا "
ثم أنهيت المكالمة معها وهززت رأسي , هذا من مكالمة فقط ماذا
إن أحضرتها لها هنا ماذا كانت ستفعل بنفسها , خرجت من الغرفة
وتوجهت لغرفتها طرقت الباب كثيرا وبلا فائدة فأدرت المقبض وكان
مفتوحا ففتحته ودخلت فكانت تجلس على الأريكة يد تمسح خديها
بعنف والأخرى تمسك بها طرف قميصها الشتوي بقوة وتشهق بعبرة
كنت سأضعف وأتوجه نحوها وأضمها في حضني لكني تمالكت
نفسي وتماسكت وقلت " لما لا تقولي ما يبكيك "
لم تجب طبعا فارتسمت ابتسامة على شفتاي وقلت بتلاعب
" من يراك يضن أن زوجها تزوج عليها "
أولتني ظهرها فورا ولم تعلق فأمسكت ابتسامتي وقلت " خذي
هاتفك إذا لتكلمك زوجة أواس فقد تحدثت معه في الأمر "
خرجت حينها من صمتها وقالت بضيق " لا أريده قلت لا أريد
فخذه من وجهي أو قسما حطمته لقطع "
ابتسمت واتكأن على إطار الباب برأسي أنظر لها وقلت بتلاعب
" غدا أيضا لدي عمل ولن آتي وستضيع منك الفرصة "
قالت حينها بسخرية وقد عادت لمسح دموعها " أجل صدقتك
لما لا تبقى فيه أسبوعا "
ضحكت بصمت وقلت " فكرة جيدة , سأفكر بها "
أغلقت حينها أذنيها وقالت ببكاء " فارقني يا آسر لا أريد
سماع صوتك هل تفهم "
توجهت نحوها وأمسكت رسغيها وأبعدت يداها عن أذنيها وقلت
" حسنا فتوقفي عن البكاء ستمرضين على هذا الحال "
ثم قبلت خدها لتنتفض واقفة ولازالت مولية ظهرها لي فقلت
مغادرا " كلها قبلة صغيرة لما كل هذا الجزع ؟ "
ثم خرجت وتركتها , ستهدأ فيما بعد ونتحدث في الأمر فالآن لا
يمكن التفاهم معها , جلست على الطاولة واتصلت بأواس وأخبرته
أنها ستتحدث معها في الغد بعد عودتي ثم تناولت غدائي وغادرت
المنزل لقسم الشرطة
*~~***~~*
أشرت لها على الدلو والهاتف على أذني فرفعته وخرجت به
وقلت لمن فتح الخط في الطرف الآخر " هل أخبرتهم
بموعد رحلتها لأخذها "
قال ضاحكا " مهلك علينا لا تقفز لنا من الشرفة وتختطفها "
خرجت خارج المخزن وقلت بضيق " لا مزاج لي لدعاباتك
فأخبرهم أني حجزت لها وسأكون هناك نهاية الأسبوع
لأخذها فلتجهز نفسها "
قال من فوره " لا تتزوج شقيقتي بلا حفل زواج أو غيرنا رأينا "
قلت بسخرية " من يسمعك يضنني أتزوج للمرة الأولى
هيا وداعا هناك مكالمة دخلت أهم من ثرثرتك "
قال ضاحكا " وداعا إذا "
فصلت الخط عليه وأعدت الهاتف لأذني قائلا
" مرحبا أمين هل وصلت "
قال من فوره " نعم ونزلت من السيارة حالا
وجلبتهم معي , أين أجدك "
نظرت لسدين التي خرجت مبتعدة تحمل الدلو تسير به ببطء
وقلت بمكر " أدخل وسيدلك أول من تصادفه من العمال "
قال من فوره " حسنا "
وأنهى المكالمة فأعدت هاتفي لجيبي وغادرت قائلا بضحكة
" لقاء بلا مقدمات ويا محاسن الصدف "
*~~***~~*
وصلت قرب باب المنزل فوضعت الدلو أرضا ونظرت لساقاي
المتسخة , ما هذه الحالة المزرية ؟ علمت الآن لما صرف إياس
أغلب العمال هنا .. ليستعين بنا بدلا عنهم طبعا , مسحت وجهي
بظهر كفي لأكتشف أني لطخته بالطين أيضا فقلت بتذمر " الحق
على الزوج الذي تركني لكم عامل مزرعة ولم يأخذني من هنا "
" عذرا أين أجد إياس هنا "
قفزت ملتفتة بشهقة لأقف متسمرة أنظر للشاب الطويل الواقف أمامي
بملامح دقيقة تنفع لفتاة فم صغير وأنف مستقيم وصغير عينان عسليتان
وثياب مرتبة بل وأنيقة ورائحة عطره انتشرت في المكان وكأننا في
الداخل وليس في الهواء الطلق , حتى شعره وكأنه سرحه عند مصفف
شعر , تراجعت خطوتين للخلف بصدمة أريد أن أقول أي شيء وضاعت
الحروف مني وتيبست قدماي حتى عن الهروب فاقترب الخطوتين التي
ابتعدتهما وقال بذات جموده " أنا أمين أين أجد شقيقك هنا "
فتحت فمي حينها مصدومة ثم نظرت للأسفل أعض شفتي بإحراج
وأشتم نفسي لتقع عيناي على بنطلوني المرفوع والملطخ بالوحل
وقميصي المربوط , يا إلهي ما هذا المنظر المخزي أبدوا أمامه
وكأني شحاذة , رفعت رأسي ونظري قليلا لكن ليس لوجهه وقلت
وأنا ألعب بطرف القميص بين أصابعي المتسخة " عند مخزن
المعدات , تابع سيرك شمالا وستصل "
مد حينها يده لوجهي فأغمضت عيناي بقوة لأشعر بطرف شعري
يتحرك للأمام ففتحتهما ونظرت جانبا فظهرت لي أصابعه تُخرج
قشة طويلة من شعري فكدت أبكي من الإحراج ثم رماها بعيدا
قائلا " وهل تتحركين أمام العمال هكذا ؟ "
هززت رأسي بلا فورا وقلت بتوتر " لا ... هم ... أعني لا
يأتون هنا أبدا "
هز حينها رأسه بحسنا وغادر فوضعت يدي على جبيني أتحسس
حرارتي ثم هففت بيدي على وجهي وقلت " ما أروعه يا بشر ما
كل هذا الثقل واللامبالاة "
*~~***~~*
نظرت لهاتفي مجددا ثم قفزت من على الطاولة وتوجهت للنافذة
ووقفت أمامها فقال الذي كان يدفن وجهه في دفتر المحاضر أمامه
" تعالى آسر أنظر لهذه لقد تعبت منها ولم أستطع فهمها "
فتحت النافذة ليلفح وجهي الهواء البارد ثم سرعان ما أغلقتها وقلت
" أتركني وشأني يا محمود , أواس أمامك في المكتب الآخر "
قال بعد ضحكة صغيرة " كل هذا توتر بسبب جلسة المحكمة ؟؟
لما لم تَحظرها معهم لترتاح "
نظرت لهاتفي مجددا ثم دسسته في جيبي وقلت " لا يمكنني ترك
عملي فأنت تعرف أن الجلسة تأخذ ساعات ثم أنا هنا بحال أفضل
لا أريد أن أصرخ وأدمر كل شيء إن كان حكمهم جائرا "
عاد لتقليب الأوراق قائلا " أنت تعلم أن القضاء تحسن كثيرا ولن
يحكموا لك إلا بالعدل فتوقف عن الدوران لقد أصبتني بالحوَل "
تركت النافذة وعدت جهة الطاولة وجلست أمامه ونظرت لساعتي وقلت
" ساعتان ونصف ولم يتصل المحامي أخاف أن في الأمر ما يخيب
الآمال لذلك لم يتصل بي ولا أستطيع الاتصال به فقد يكون
لازال في الداخل "
وضع القلم وقال " أنت تعلم أن جلسات المحاكم تأخذ هذا الوقت
وأكثر فاصبر يا رجل مـ... "
ليقاطع كلامه رنين الهاتف فأخرجته من جيبي فورا وأجبت
قائلا " ها بشر يا جـ... "
وما أنهيت جملتي حتى قال ضاحكا " مبارك لك يا آسر "
قفزت حينها واقفا وقلت بصراخ " رائع جميل وأخير بشرك
الله يا جواد بشرك الله بكل الخير "
قال من فوره " انتظر لتسمع باقي الحدث "
توجهت للنافذة مجددا والتصقت بأنفي بها أستمع له وهوا يقول
" بما أن المال لوالدتك وهوا من استثمره وله وريثة وهي ابنة
شقيقه فالحكم كان لكما بالنصف في كل شيء ومشروط أيضا "
قلت من فوري " لا بأس ولكن بما اشترط "
قال بهدوء " لا يبيع أحدكما إلا للآخر وعلينا غدا أن نبدأ في إجراءات
حصر الإرث وسأبدأ من اليوم في الأمور التي لا تحتاج وجدكما "
مسحت بأصابعي طرف شفتاي وقلت " هل يلزم فعلا حضورها الآن "
قال من فوره " إلا إن حصلت منها على ورقة توكيل فكما تعلم خرج
الأمر عن سيطرتنا بحكم المحكمة ولم تعد وليها بحكم الزوج كما في
الإجراءات السابقة وعليها الحضور أو أن تجلب توقيعها على الورقة "
قلت بصوت منخفض " جهز لي الورقة وسأقوم بكل شيء "
قال بريبة " آسر أنت جربت الظلم وأكل الحق ولا أعتقد أنك
ستفعلها مع زوجتك فهذا حقها "
قلت بجدية " أبدا تنقطع يدي ولا أفعلها وسأوقع لك على ورقة
تسقط وكالتي على مالها بعد أقل من شهر ولن أقرب منه شيئا
فقط هناك أمر خاص أريد التأكد منه أولا ثم سأعطيها حقها "
*~~***~~*
بقيت أغلب الصباح أتجول في الطابق السفلي وأفكر في حل آخر
لجلبه للمصيدة فيبدوا أن تلك الحشرة سلبت عقله وسحبته لها , أواس
يضحك وبصوت مرتفع !!! عشت معه لعامين كاملين وحتى قبل أن
يتحول لوحش معي لم أسمع ضحكته العالية وحتى الابتسامة كنت
أتسولها منه تسولا ولا شيء لديه سوا البرود والتعجرف والصمت
والغضب ألا مبرر وألا محدود , لا ويحملها للأعلى فما الذي أنزلها ؟
قلبَتْ حالك يا أواس توقعتك ستزمجر غاضبا وستنزل فورا وتغادر
المنزل فأذكر سابقا فعلت مثل هذه الحركة وتمنعت عنه بشقاوة ونزلت
واختبأت منه وكانت النتيجة أن ثارت براكينه ونام غاضبا أما الآن فأراه
لم ينزل إلا بعد الأذان بوقت مسرعا ليلحق الصلاة , آآآخ يا غيظي منه
عشت معه في نكد وبرود وتجاهل والآن جاءت هذه لتقلب حاله في أشهر
فقط , تحركت جهة الممر الآخر عندما فقدت الأمل في نزولها وذاك غادر
لعمله بالتأكيد والأرجح لن نراه طوال اليوم لأنه حتى وجبة الغداء لا يتناولها
هنا أغلب الأوقات حتى في أيام عمله , توجهت لغرفة عمته وطرقت الباب
ودخلت فعليا التغيير من مخططاتي , ما أن رفعت رأسها ورأتني حتى
قالت مبتسمة " مرحبا يا وجد ظننتك غاضبة مني ولن تأتي "
لو كان كذلك لجئتِ بحثا عني يا كاذبة , اقتربت منها وجلست أمامها
وقلت مبتسمة " عندما أخبرتني الخادمة بالأمس كنت على وشك
النوم ثم نسيت وعندما تذكرت الآن أتيت "
قالت بذات ابتسامتها " لا بأس يا ابنتي فأنا لم أعد أراك ولا
حتى على طاولة الطعام "
وضعت ساق على الأخرى وقلت " لم أكن أريد إزعاج فخامتها
فيبدوا أنها لا تطيقني وتكره اقتراب أواس مني "
نظرت لي بصدمة بادئ الأمر ثم قالت " لا دُرر ليست هكذا أبدا
أنتي فقط لم تعرفيها جيدا "
حقيرة مثلها كما أعرفك , قلت بابتسامة أوسع " معك ممكن أما
أنا فلا تنسي أني أشاركها ذات الزوج "
تنهدت وقالت " لكنك زوجته قبلها يا وجد "
حركت كتفي بلامبالاة قلت " لو رأيتها كيف غضبت منه فقط
لأني اقتربت منه بالأمس لما كان هذا كلامك "
نظرت لي بعدم استيعاب فقلت " أنتي عمته ومؤكد يحبك ويحترمك
أواس ظلمني كثيرا وشك بي وأنا بريئة وحاولت التحدث معه
وإصلاح ما بيننا ومسامحته على قسوته معي لكنه يرفضني
فتحدثي معه فأنا أريد فعلا أن ترجع حياتنا كالسابق "
قالت بحزن " وأنا أريد ذلك أكثر منك لكنك تعرفين أواس جيدا لا
أحد يتحكم في أفكاره وقراراته ومفتاح كل ما تريدين لديك وهوا
زوجك ولا توجد أنثى لا تملك أسلحة تكسب بها الرجل "
لويت شفتاي وقلت " أجل أعلم لكن تلك لا تترك لي مجالا وكأني
لست زوجته مثلها ولي فيه حق مثلها وأكثر "
هزت رأسها بقلة حيلة ولاذت بالصمت فوقفت وقلت " ظننت بأنك
ستساعدينني لكن يبدوا أنك كابن شقيقك سحرتكم تلك الدُرر بألاعيبها "
ثم غادرت متجاهلة ندائها المتكرر لي وخرجت وأغلقت الباب , حمقاء
ولا فائدة ترجى منك , ومن غبائي ظننت أني سأجد بها منفعة ونسيت
أني لم أجدها حتى وقت كانت ابنتها تلك تتحرش بزوجي علنا في السابق
*~~***~~*
قالت بتألم " آي نعم هنا دلكيه جيدا يا ترجمان "
تأففت وقلت وأنا أعيد لها ياقة قميصها " تعبت يداي , ثم أنا
لست أقل تعبا منك لقد تحطم ظهري اليوم مثلك "
أغلقت زر بيجامتها وقابلتني قائلة " على إياس أن يجد حلا
غيرنا فنحن لن نتحمل هذه الأعمال "
أغلقت علبة كريم تدليك المفاصل وقلت " لا أعلم كيف يصرف
أغلب العمال ويجعلنا ننظف جميع الحظائر تلك ؟؟ شقيقك
هذا لا عقل لديه بالتأكيد "
قالت وهي تحرك رأسها وكتفها " قال إن تركهم أو جلب من
يقوم بكل هذا العمل فلن تكفي الأموال لباقي مخططاته للمزرعة
والخيول وهوا قسّم العمل لأيام كي لا يتعبنا لكننا من غبائنا أردنا
إنجاز أغلبه في يوم واحد وها هي جاءت النتيجة "
رفعت خصلتي بطرف أصبعي لأدسها خف أذني وقلت
" جربي نصيحتك الرائعة إذاً "
رمت يدها في وجهي بلامبالاة ثم قالت " لا تصدقي من
رأيت اليوم "
نظرت لها ببرود وقلت " من غير الخيول والوحل "
ضحكت وقالت " الشجر والشمس أيضا "
ثم ماتت ضحكتها وقالت " ترجمان هل أخبرتك أن حالك
لم يعجبني اليوم ونحن في الخارج "
هززت رأسي بلا وقلت " لم تخبريني ولا أريد أن أعلم ولا أجيب "
تنهدت وقالت " لو أستطيع الدخول لرأسك يا ترجمان "
تجاهلتها ولم أعلق , هل كنت مسخرة وملاحظة لهذا الحد ؟؟ لا أنكر
أني تضايقت من تجاهله لي اليوم تحديدا ونحن نعمل في الإسطبلات
رغم أنها عادته من مدة لكن منظره اليوم وثيابه المتسخة وعمله الجاد
وبنشاط وهمة جعلاني تأملته للحظة فأمسك بي حينها ونظر لي ببرود
أحرق أعصابي وعكر مزاجي لباقي اليوم , هه مغرور وصدّق نفسه
حقا , أيقضني من شرودي يداها التي صفقت أمام وجهي وقالت
" أين وصلتِ سيدة ترجمان "
دفعت يداها من أمام وجهي وقلت " وهل تدعي أحدا يسافر لمكان "
انفتح باب الغرفة حينها دون أن يطرق أحد ودخل منه إياس فنظرت
له باستغراب والتفتت سدين لترى من الداخل , غريب ما هذه الزيارة
لغرفتي الليلة فهوا لم يفعلها سابقا قط أم أنه يريد سدين !؟؟ لكن إن
أرادها فعلا فلما لم يناديها من الخارج كعادته ؟ اقترب منا وقال ناظرا
لها " سمعت أن ظهرك يؤلمك وكتفك وعنقك , ألا تؤلمك كليتك
واللوزتين أيضا "
قالت ببرود " نعم اسخر مني , ليس لأنك رجل وتتحمل تظننا
نحن النساء مثلك وإن حدث لي شيء ستتحمل النتائج وأخبر
صديقك حينها أنك سبب إعاقتي "
ابتسم بسخرية وقال " ابشّرك إذا أنه قال لي اليوم بأنه
سيشتري مزرعة ويضعك فيها "
شهقت سدين حينها وتابع هوا بمكر " ما الذي قلتيه له
اليوم قرر هذا القرار "
فشهقت مجددا وقالت " من قال لك أنه رآني ؟ وما هذه
المزرعة التي سيضعني فيها "
قال بابتسامة ساخرة " يبدوا يريدك امرأة حقول وسيعيد صياغتك
مجددا أو أن مظهرك المزري اليوم أعجبه "
وضعت يديها وسط جسدها وقالت " لا عند هنا ويكفي , أقسم
إن فعل ذلك فلن أغادر معه من هنا , هل هي فوضى "
دفع جبينها بإصبعه وقال " الفوضى أن تبقي هنا وقت
يريد أخذك ولن أقبل بها طبعا "
ثم نظر لي فأبعدت نظري عنه على صوته قائلا " هيا رافقتك
السلامة أريد أن أتحدث مع ابنة خالك "
خرجت حينها سدين تتمتم بغيظ من زوجها ذاك وأغلقت الباب
خلفها فرفعت نظري له أنتظر الجواهر التي سيتحفني بها فشغل
نظره بأظافر يده وقال " هناك أمر لم أكن أريد أن تعلميه من الناس
أو أن تعتقدي أني أتعمد فعلها حين تريه بنفسك "
بقيت أنظر له بجمود ولم أحاول تفسير شيء فوضع يده في
جيبه ونظر لي وقال بجمود أكبر " أنا تزوجت وسأحضرها
هنا نهاية الأسبوع على الأرجح "
حاولت جهدي أن لا أبدي ملامح الصدمة رغم أني شعرت فعلا وكأن
ثمة من دفعني بقوة وضربني في الجدار خلفي لكن لن أعطيه مناه لن
أصرخ وأعترض وأزمجر فيه غضبا لن أحطم كل شيء وأرميه بكل
ما تصله يدي والأكثر لن أبكي ولا يتوقعها مني , حركت كتفي بلامبالاة
على نظره الجامد الثابت على عيناي وقلت " أنت حر وهذا يخصك
ولا تنسى باقي اتفاقنا "
أمل ابتسامته وقال " ولا تنسي أنه لن يوافق عليه أحد ولا طلاق
يلوح في الأفق فجِدي حلا لعمتك وعمك ولا مانع لدي "
أمسكت علبة الكريم بطرف أصابعي الملطخة بها ووضعتها
على الطاولة بجانب السرير ثم غادرته وقلت متوجهة جهة
الحمام " لا فرق عندي في شيء "
ثم دخلت وأغلقت بابه خلفي وتوجهت للمغسلة وبدأت بغسل يداي
بقوة كادت تتمزق معها بشرتهما , تتزوج يا إياس هل هذا كان
مخططك إذاً ؟ بل هذا ما كنتم تتكتمون عنه طوال المدة الماضية
وأنا كالبلهاء بينكم , توجهت للمنشفة ونشفت يدي بقوة متمتمة
" لا يعنيك يا ترجمان وللجحيم هوا وهم جميعهم "
ثم خرجت للغرفة الخالية منه وبابها مغلق فرفعت الوسادة
ورميتها على الباب بقوة وغيظ وألحقت بها بالأخرى
*~~***~~*
وقت الغذاء اعتصمت في غرفتي وسريري كي لا أراه فقد يأتي
فهوا يوم عمله يتناوله هنا أغلب الأحيان ولا يمكنني النظر له ولا
وضع عيني في عينه بعد ما حدث فجرا , والأسوأ من كل ذلك أني
تجاوبت معه للنهاية ولأول مرة أفعلها ورغم عبارات الرضا التي
كانت تصدر منه إلا أني أشعر بالخجل وأني ارتكبت جرما لا يجوز
لا أعلم ما أصابني وكأنه ليس من صرخ بي وطردني من غرفته
وقال أني مجرد غرض لوقت معين , شعرت بمقبض الباب يدور
فأغمضت عيناني بقوة مولية ظهري له , يا إلهي هذا ما لم أحسب
حسابه أن يصعد هنا فهوا لا يفعلها سابقا بل يتناول طعامه ويغادر
لعمله فورا , شعرت بثقله على السرير بجانبي فعضضت شفتي بقوة
وحاولت تنظيم تنفسي كي لا يكتشف أني مستيقظة , مرر يده على
خصري ثم قبّل خدي ليرسل قلبي للجنون بنبضاته وهمس بعدها
في أذني " هل أخبرك أحدهم قبلي أنك لا تجيدين التمثيل "
تمسكت باللحاف حينها وغطيت به وجهي لتنطلق منه ضحكة صغيرة
فها هي المعجزات تتالى وبدأ يطربني بسماع ضحكاته , ابتعد عني
ووضع شيئا على الطاولة وقال " هذا هاتفك الجديد وإياك يا دُره ثم
إياك من أن تحدثي به غير صديقتاك أو أن تلمسه يد وجد إن
برضاك أو رغما عنك "
نظرت للفراغ مصدومة من جلبه هاتفي ومن تحذيراته بخصوص
زوجته لكني لم أستطع الكلام ولا تحرك , غادر بعدها السرير
قائلا " لا أعود فجرا وأجدك هاربة مني أيضا أو
دُره الباردة القديمة قد عادت "
ثم غادر الغرفة مغلقا الباب خلفه فرميت اللحاف عني وجلست
وتمددت على بطني مادة يدي لطرف الطاولة في الجهة الأخرى
وسحبت الهاتف الجميل الحديث الموضوع فوقها ثم جلست وأمسكته
أنظر له بانبهار , هذا الهاتف لم أحلم حياتي أن امسك مثله ولم أرى
أشباهه إلا عند الثريات من النساء , لا أصدق أنه فك الحصار عني
أخيرا ولو جزئيا , انفتح الباب حينها فصرخت ورميته وسحبت
اللحاف وغطيت به وجهي على صوت ضحكته الصغيرة داخلا
سحب مفاتيحه من على طاولة التزيين وخرج دون أن يعلق
*~~***~~*
ما أن كان أول المساء حتى غادرت القسم وذهبت للمنزل كي أعود
هناك سريعا ولأني سأتأخر غدا في المحكمة فلن أتمكن من محادثتها
فجرا وقت عودتي فعليا الخروج للمحامي بسرعة ثم الذهاب معه هناك
وسنقضي أغلب النهار في إجراءات حصر الإرث لأني أريد إنهائها
بأسرع وقت وتركت كل شيء مفاجأة لعائلة عمي صابر ولم أخبرهم
حتى الآن بالمستجدات ولا حتى بوقت الحكم حتى آخذهم للمنزل دون
علمهم , وسراب أيضا أريد التحقق من أمر واحد وهوا تغيرها حقا من
أجلي أم قشور ستتطاير ما أن تعلم أني حصلت على المال وسأحرمها
ونفسي منه وبعدها سأعطيها نصيبها وفي كلا الحالتين لكن تصرفها
سيحسم أمرا واحدا وهي حياتنا معا إما سنعيشها كزوجين وفي أملاكنا
الجديدة أو سيذهب كل في حال سبيله , وصلت المنزل وأشعر بحماس
غير طبيعي لم أحاول تفسيره لأني أعرف ما ستكون النتيجة ( بدأت
ترضى عنها يا آسر وتشتاق لها أيضا وويحك إن كنت غرقت في حبها )
دخلت وتوجهت فورا لغرفتها بما أنه لا صوت لها في الحمام ولا المطبخ
فتحت باب الغرفة ببطء ودخلت فكانت محتضنة بطانيتها وجالسة أمام
المدفئة رأسها مائل جانبا وقد غلبها النعاس , كم تتأثر بالبرد هذه المرأة
وظلم حقيقي أن يتربى الإنسان مع أناس لا يشعرون به ولا مشاعر لديهم
ما أن أحصل على نصيبي من المال سآخذها للعلاج ومن حصتي فقط
اقتربت منها تقودني فكرة مجنونة لكنها دمرتها بأن فتحت عينيها ما أن
اقتربت ورفعت رأسها تنظر لي ثم سرعان ما أبعدت نظرها عني للمدفئة
أمامها ولازالت ملامحها غاضبة ومستاءة , جلست على الأريكة التي
تتكئ عليها بظهرها بحيث أصبحت ساقاي ملتصقتان بجسدها ومددت
يداي للمدفئة أمامها واحدة ممدودة جانب وجهها والأخرى مررتها من
الجهة الأخرى لوجهها وسندتها بكتفها بحيث أصبح رأسها بين ذراعاي
وقلت قبل أن تحاول التحرك والابتعاد" ألن تغيري رأيك وتكلمي
صديقتك "
لم تجب وكانت تحاول الوقوف وإبعاد ذراعي عن كتفها فطوقتها
بهمها وشددتها لصدري وهمست " لا تتحركي "
شعرت بارتجاف جسدها بين ذراعاي لتجتمع كل طاقة جسدي في نقطة
واحدة وكأن ثمة مغناطيس يجدب شفتاي لخدها بجنون لكني تمالكت نفسي
لأني أعلم أين سينتهي ذلك وسيتبع الخد العنق فالشفتين وهذا ليس وقته
حتى أكمل باقي مخططي وأتأكد أولا من صدق مشاعرها , الغريب أنها
لم تعد تمانع وتقاوم وكأن قواها خارت تماما وبدلا من أن أبعد ذراعاي
عنها وجدت نفسي أزيد من شدها لصدري أكثر وأنفاسي القوية تحرك
شعرها ووقع المحظور واستسلمت لجذب خدها المحمر من حرارة نار
المدفئة وما كانت شفتاي لامسته حتى رن هاتفها في جيبي فانتفضتْ
ورمت يداي بعيدا وجلست مبتعدة تنظر لي بعينان مشتعلتان احمرارا
لا أعلم من الغضب أم حبس الدموع , أخرجت الهاتف ونظرت له
فكانت زوجة إياس , لابد وأنه أخبرها بزواجه وإن أخبرت سراب
الآن فستزداد أمورنا سوءا , أعدت الهاتف لجيبي فقالت
" أجب عليها لماذا أعدته ؟؟ "
ابتسمت بمكر وقلت " هاتفك وليس هاتفي فلما أجيب "
قالت ساخرة وحدقتيها امتلأتا بالدموع " والمتصلة
تخصك ولا تخصني "
مددت يدي لجيبي وأخرجت هاتفها مجددا وقلت ونظري عليه
ألعب به في الهواء " إذاً ثمة من تحدث معك به ويخصني أنا "
قالت حينها دون مقدمات " تزوجت يا آسر ؟؟ "
رفعت نظري لها فكانت الدمعة الأولى قد سقطت تتدحرج على خدها
فانهارت مخططاتي حينها ولن أضغط عليها أكثر كي لا نكون في
المستشفى الليلة , نزلت على الأرض مثلها ومددت يدي لها وقلت
" تعالي أخبرك شيئا "
هزت رأسها بلا وزحفت مبتعدة وقد ازدادت دموعها في التناثر على
خديها وقالت بعبرة " لا تكذب عليا يا آسر , ليتك قتلتني وما فعلتها "
كنت سأتحدث لكنها لم تعطني المجال فقد دفنت وجهها في كفيها وبدأت
بالبكاء والنحيب فوقفت وتوجهت نحوها وجلست عندها وشددتها لحظني
وقلت ضاما لها بذاعاي بقوة " توقفي عن البكاء يا حمقاء فأنا لم أتزوج "
قالت بنحيب " كاذب سمعتها بأذني وسألت عنك وقت الفجر فمن تكون "
قبلت رأسها وقلت مبتسما " قسما لم أتزوج عليك يا سراب فتوقفي
عن النحيب لتفهمي مني "
تمسكت بسترة بذلتي بقوة ولم يتوقف شيء من بكائها فمسحت
على شعرها أضم رأسها لصدري أكثر وقلت " ليست زوجتي
يا غبية هذه والدتك يعني خالتي "
المخرج : بقلم المبدعة sloomi
من سراب ل آسر
🌹 يا كثر ماشلت في قلبي عليك🌹
🌹وياكثر ماقلت ما سامح خطاك🌹
🌹من اشوفك ترجف ضلعوي تبيك🌹
🌹واثر هذا كل من حره هواك🌹
قوتي ضعفي وضعفي اني ابيك🌹
🌹وانت عارف اني مااعشق سواك🌹
🌹ابتليت بحب جعله يبتليك🌹
🌹وياعساك تذوق حراتي معاك🌹
🌹حسبي الله علي الهوي وحسبي عليك🌹
🌹الله ياخذني والا الله خذاك🌹
نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء السبت إن شاء الله
مقتطفات صغيرة من الفصول المتقدمة كما وعدتكم
درر
** بصق جانبا ولمس لثته بإصبعه وشتم بحنق ثم قال " لم يسلم شيء
بي من أظافرك يا عربية "
** ضمني لحضنه بقوة وقال " عليك أن تكوني شجاعة القادم يحتاج للكثير
يا دُرة يحتاج لدُرر المؤمنة القوية فلا أريدها أن تحتاج لأواس دائما
كي لا تنكسر إن خسرته "
** ارتجف جسدي بقوة حين همس ذاك الضخم في أذني قائلا
" لا تتحدثي بالإنجليزية مع أي أحد هنا مفهوم "
** مد هاتفه أمام جسده وقال " عليك أن تعلمي أنه أي
صوت يصدر منك سيعرضه للخطر "
** لأجد نفسي في قبضة الواقف خلفي مطوقا عنقي بساعده ويضع
فوهة سلاحه على رأسي بيده الأخرى
** أمسك ذراعاي وقال بجدية " دُرر توقفي عن إيذاء نفسك , إن
كان يريدك سيأتي بنفسه "
سراب
** بقي ينظر لي بصمت ومسدسه موجه لوجهي فقلت بغضب " افعلها الآن
فأنا جزء مما ورثت من تلك العائلة الجشعة محبة المال فتخلص مني أيضا "
** قلت بجدية " هذه هي سراب يريدها معه شريكة يتحملها , لا يريد
يأخذ هوا كل شيء لأني سبق وقلت أني مستغنية عنه من البداية فأخبره
بهذا ما أن تراه "
** ضحكت وقالت " معه حق يغضب كيف تعطي خاتم زواج لطفلة
وهوا من أحضره "
** قال بضيق " جاء شريكك منذ قليل وسكب جميع ما في الخزانات في
الأرض واغرق أرضية المصنع والمعامل بالحليب وأشعل النار في مشتقاته
التي تم أنتاجها خلال هذا الأسبوع "
ترجمان
** أبعدت يداه وقلت " إذاً أنا من سأفعلها "
وتابعت وأنا أنزل السلالم الدائري " وإن كان لك كرامة فطلقني "
** عدت لضرب الجدار بكفاي كلاهما بقوة أردد بعبرة " سحقا يا
ترجمان ما هذا الذي يحدث ؟ ماذا تفعلين الآن ماذا ؟ ماذا ؟ "
** مسحت دمعتاي الجديدتين بيدي وأنا أحاول تثبيته قائلة بعبرة
" إياس لا تفقد وعيك , ما بك إياس ؟ لا تفعل هذا بي "
** " كنتُ قادما لحل الأمر دون أخذها معي لكن أن أرى دمعة
ابنة شقيقي فلن أقف أتفرج "
** قال بذات ابتسامته " وتحبينني "
فصرخت رامية بيدي " أصمت "
ففتح ذراعاه لي وقال " تعالي ويكفي مكابرة "