الفصل الواحد والعشرون
سرت في الشارع أجاري خطواتهم فهوا رجل خطواته واسعة
وهن صغيرات يركضن ويقفزن بسهولة ولسن كبيرات مثلي لكن
منزلهم يبدوا أقرب مما تصورت فلا يفصلنا عنه سوا حي واحد
هل كانوا قريبين هنا لهذا الحد ولا أعلم عنهم !! ومن أين سأعلم
يا حسرتي وأنا لا أخرج ولا أحد يزورني , فتح باب المنزل ودخل
وهن يتبعنه فدخلت ووقفت عند الباب ولم أتحرك رغم أنهم دخلوا
فقد أضع عائلة هذا المنزل في موقف محرج وأنا أدخل عليهم
كنت أسمع صراخ الصغيرات يخبرنهم أني هنا وسعيدات جدا
فخرجتْ من الغرفة التي دخلنها امرأة تبدوا في الخمسين من
العمر وتوجهت نحوي مبتسمة ثم تبعتها ابنتين أكبر من أولئك
يبدوان في مرحلة الثانوية وآسر اختفى في غرفة أخرى
وصلوا عندي بابتسامتهم الواسعة وسلموا عليا بحرارة وترحاب
خصوصا والدتهم وكان هناك مجموعة رؤوس تنظر لنا من باب
الغرفة لا يمكنني تحديد عددها من كثرتها ويبدوا أنهم حذروهم
من الخروج لنا , خرج حينها آسر من الغرفة المجاورة لهم ومر
بنا يتجنب النظر لي بل لم ينظر جهتنا أبدا حتى خرج ولم يقل
شيئا فتنهدت بأسى وقالت المرأة " سعدت جدا بلقائك فكم
انتظرنا أن نتعرف عليك يا سراب "
ثم قالت مشيرة بيدها للداخل " هيا ادخلي معنا "
دخلت معها وقلت مبتسمة " وأنا سعيدة بالتعرف عليكم "
أدخلتني غرفة الرؤوس تلك وصدمت ما أن دخلت بالفتيات
الكثيرات في أعمار متقاربة فيبدوا أنهن كما قالت الصغيرة
عشرة بنات , سلمتُ على كل واحدة منهن وكل واحدة كانت
تحضنني وتريد تقبيل خدي ولا شيء على لسانهن سوا
( هل أنتي حقا زوجة أخي آسر )
جلسنا بعدها وبدأن يُعرفنني بأنفسهن ولم أمسك منهن ولا أسم
من كثرتهم سوا الصغرى التي ناداها آسر بإسراء وهي جلست
في حضني ما أن جلست , وكزت إحداهن الكبرى فيهم وقالت
لها شيئا في أذنها فضربتها تلك ونظرت لها بحدة فنظرتُ للأرض
بخجل من نفسي فتلك الصغيرة كانت إحدى الآتي جئن مع آسر
ومؤكد أخبرتها بصراخنا وبكائي لكني من وضعت نفسي في هذا
الموقف وعليا تحمل النتائج وحدي رغم أن أكبر الذنب عليه , بعد
التعارف قالت والدتهم مبتسمة " كم أصررنا على آسر سابقا أن
يتزوج لكنه كان يرفض بسببنا , جيد أنك أقنعته بالزواج بك "
ابتسمت ولم أعرف ما أقول فيبدوا أنه لم يخبرهم عن طريقة زواجنا
التي أُجبر عليها , قلت مبتسمة " ولما كان يرفض الزواج "
تنهدت وقالت " وكيف سيفكر في الأمر ولديه كل
هذه العائلة في عنقه "
شعرت أنها لكمتني على أنفي بقوة فها أنا أظهرت غبائي أكثر
فمِن المفترض أني زوجته وأعلم عنه وعنهم كل شيء وطبعا
لأني لا أعرف أي معلومات عن علاقته بهم زادت ورطتي أكثر
فسيكتشفون بسهولة أنه لم يحكي لي عنهم أبدا , تذكرت فجئه
المعلومة الوحيدة التي أملكها فقلت " كيف حال عمي الآن "
فقد علمت من إسراء أنه لا يمكنه المشي , قالت والدتهم بحزن
" الحمد لله على كل حال ويكفينا أنه موجود في الحياة رغم
أنه لوحده عبئ على آسر فهذا الشهر صرف أغلب راتبه
على العلاج الجديد وجلسات الأشعة "
بلعت غصتي ولم أعرف ما أقول فأنا التي كنت أصفه بوجه
الفقر في دخوله وخروجه واتهمته بالإدمان لأن راتبه ينتهي
من أول الشهر , نظرتُ للتي بجانبي وكانت تضع على عينها
لاصقة طبية فمسحت على شعرها وقلت مبتسمة
" ما بها عينك الجميلة "
قالت مبتسمة " الطبيب أدخل فيها مقصا وقصها
لي ثم غطاها هكذا "
فضحكنا عليها جميعنا وقالت والدتها " أجريت لها عملية
من أيام بسبب مشكلة في قرنية العين , وكأننا متفقون
على راتب زوجك هذا الشهر "
قلت بابتسامة حزينة ويدي تمسح على شعر الجالسة في
حجري " عينها أهم من المال والأكل ولم يُنقص عليا آسر
شيء , المهم أنتم فالأطفال ليسوا كالكبار "
كنت أمسك نفسي بصعوبة عن الانهيار باكية مجددا وأنا
أتذكر كيف انفجرت فيه اليوم لأنه اشترى لهن الحلوى كي
لا يتفرجن على أطفال الحي , لكن ما ذنبي أنا ؟ لما لم
يخبرني عنهم من البداية فما كنت سأعترض أو أتكلم فهل
كنت سأبدي نفسي على والدهم المريض أو أطفالهم كي لا
يناموا جائعين , صحيح أني أحب الغنى والترف لكني
لست دنيئة وحقيرة لهذا الحد , ثم هوا راتبه وليس راتبي
خرجت الكبرى فيهن والتي تجلس بجانبها ثم نادت إحداهن
والدتهم من الخارج فأمسكت يدها وهي مارة بجانبي وقلت
" لا أريد شيئا فلا تكلفوا أنفسكم جئت لأراكم فقط "
قالت مبتسمة " لا تقلقي لن نكلف أنفسنا كثيرا وكله
من خير زوجك "
ثم خرجت ولم أفهم حتى الآن صلته بهم والعلاقة التي تربطهم
به ؟؟ هل هم عائلة عمه أم لا يقربون له من أساسه !!
قالت إحدى الصغيرات مبتسمة " قال أخي آسر أنه حين
سيحصل على النقود سيشتري لنا منزلا كبيرا وكل
واحدة ستصبح لها غرفتها لوحدها "
ابتسمت ابتسامة صغيرة وقد علمت الآن لما قال أنه لولا غيره
ما طالب بمال زوج والدته ذاك وهذه العائلة هي السبب , إذاً
يريد المال من أجلهم فهوا لن يقدر على متطلباتهم دائما فهم
سيكبرون وطلباتهم ستزداد ويبدوا أنه لا يريد أن ينقصهم شيء
حد أن راتبه الجيد لا يكفيه لباقي الشهر , وعشر فتيات مع أب
وأم ليس عددا بسيطا ويحتاجون لميزانية خصوصا أن أغلبهن
صغيرات لم يتجاوزن المرحلة الإعدادية , لا أعلم كيف يتصرف
في المال وكيف يقسمه بينهن خصوصا أني لاحظت وجود حقائب
مدرسية هنا فمؤكد يدرسن جميعهن ويحتجن لملابس ومستلزمات
المدرسة وأكل ووووو , لو كنت مكانه لجننت وخرجت للشارع
أشد شعري , وزاد عليه زوجة كان يرفض فكرتها من أساسها من
أجلهم , جيد أنه وجد ما يشتري به الأرز والخضار لنا , بعد قليل
وأنا أستمع لحديثهن الذي لا ينتهي وكل واحدة تريد أن تحكي لي
هي ما حدث دخلت الكبرى فيهن وفي يدها صينية وضعتها على
الأرض كان بها ثلاث أكواب شاي وبسكوت مملح وكوب ماء
ودخلت والدتها بعدها وقالت " آسر في الخارج وقال أنكما
ستغادران الآن فاشربي الشاي على الأقل بما أنه
رفض أن تبقيا للعشاء معنا "
وقفت مبعدة الصغيرة عن حجري وقلت وأنا أعدل حجابي
" لا عليك عمتي مرة أخرى نشرب الشاي ونتناول العشاء
أيضا ثم أنا لم أصلي المغرب وعليا أن أدرك وقته "
*~~***~~*
دخلت المكتب وسمعت تلك الطرقات الخفيفة فتنهدت بأسى
وقلت " أدخلي يا عمتي "
فتحت الباب ووقفت عنده فقلت وأنا أفتش الأوراق " دُرر خارج
المنزل وستعود قريبا ولا تسألي عن شيء آخر "
قالت بضيق " ووجد ماذا حدث معها "
قلت وأنا أعيد الأوراق للملف فوق المكتب
" استعادت وعيها منذ أمس "
قالت من فورها " وماذا قالت "
قلت بسخرية وأنا أخرج من خلف الطاولة " قالت أن دُرر
من ضربتها على رأسها وقطعت لها أوردتها "
شهقت بصدمة وقالت " مستحيل لن تفعلها دُرر "
وقفت أمامها وقلت " ستغير أقوالها رغما عنها وهذا ما كنت
أتوقعه منها فواحدة مثلها لن تفكر في الانتحار أبدا "
ثم خرجت وهي تتبعني قائلة " وإن لم تغير كلامها هل
سيسجنون دُرر "
قلت متابعا سيري " قلت لك ستغيره رغما عنها مثلما لم
تخبرهم أني من ضربها "
ثم خرجت من المنزل ولففت لباب المطبخ الخارجي حيت
تنتظرني الخادمة هناك , أخذت منها صينية الطعام وقلت
" أغلقي الباب وفمك معه ولا يسمع أحد بهذا "
فهزت رأسها بحسنا وأغلقته من فورها فغادرت من هناك
وتوجهت للملحق دخلت ووقفت عند باب الغرفة ووضعت الصينية
على الطاولة ثم فتحت الباب ودخلت مسرعا حين وجدتها معلقة
وتبدوا فاقدة الوعي , وصلت عندها أشتم نفسي في داخلي فكيف
نسيت أني رفعت لها الحبل وتركتها كل هذه الساعات , رفعتها
وضممتها لحضني ثم بدأت بفك يديها وأنا أنادي باسما لأرى إن
كانت في وعيها أم لا فهمهمت بكلمات غير مفهومة , أبعدت
الحبل عنها وأجلستها على الأرض متكئة على الجدار ونزعت
قميصي ومسحت فيه الدم من يداي ثم مسحت به رسغاها برفق
ولا شيء على ملامحها سوا علامات التألم البسيطة وعيناها ما
تزالان مغمضتان , ضربت خدها برفق وقلت " دُره هل تسمعينني "
فتحت عيناها ببطء ونظرت لي ثم أشاحت بوجهها جانبا وفي
صمت فرميت القميص خلفي ووقفت وقلت بضيق " كم مرة
أخبرتك أن لا تغضبيني ولا تعصيني لكنك لا تفهمين "
قالت بصوت ضعيف ولازال نظرها جانبا " أريد أن أغتسل
وأصلي هل تعي كم ضيعت عليا من فروض "
تأففت وخرجت للخارج وأحضرت صينية الطعام وعدت
لها وضعتها أمامها على الأرض وقلت " كلي أولا
فأنتي لم تأكلي لأيام "
نظرت للطعام وابتسمت بسخرية فكتفت يداي لصدري
وقلت ببرود " أعتقد أنك لا تريدين الموت منتحرة
وتجويعك لنفسك أكبر سبب للانتحار البطيء "
رفعت رأسها ونظرت لعيناي واتكأت به على الجدار
خلفها ولازال نظرها معلق بي ثم أغمضت عيناها
وقالت بهمس " أريد أن أصلي "
قلت بحدة " قلت كلي أولا أو لن تصلي "
ثم جلست على الكرسي في الغرفة أراقبها وهي ترفع اللقمة
ببطء وتأكل ونظرها للأسفل ولم ترفعه بي مطلقا , رن بعدها
هاتفي بنغمة أعرفها جيدا فوقفت وخرجت من عندها وأجبت
عليه وقلت مباشرة " بلا كثرة صراخ لا فائدة منه , حفيدتك في
ملحق المنزل وتعلم مؤكد في أي مكان فيه وما الذي يحدث
معها الآن فصورتها وصلتك صباحا "
ثم أغلقت عليه الخط ما أن بدأ بسيل شتمه وصراخه , سترى
يا علي رضوان فها قد جربت الآن ما فعلته بوالدتي وأنت
تحرمها مني وتعذبني , ذقت ما ذاقته هي وبقي أن تذوق ما
ذقته أنا ليقام العدل يا رجل العدالة , كنت مترددا كثيرا في
هذه الخطوة وها قد أوصلت نفسها لها وسريعا
*~~***~~*
خرجت خلفه شبه راكضة وهوا يسير بسرعة وكأنه يتعمد
أن لا أدركه , وما أن دخلنا المنزل أغلقت الباب ولحقته
فكان داخلا لغرفته فقلت " آسر "
وقف دون أن يلتفت لي فقلت " لما لم تخبرني عنهم ؟؟ اشرح
لي سببا واحدا مقنعا غير الذي قلته لأنه لن يقنعني أبدا "
تحرك وفتح باب الغرفة ودخل وأغلقها خلفه دون أن يتحدث وكأني
أكلم الجدار فتوجهت للباب وفتحته ودخلت فكان جالسا على السرير
ينزع ساعته ورماها على الطاولة الصغيرة بجانب سريره فوضعت
يداي وسط جسدي وقلت " ليس من العدل هذا الذي تفعله , هل
تضنني متوحشة حد أن أكرههم وانتقد وجودهم في حياتك
فأي رجل شهم كان سيـ .... "
ليقاطعني بنظرة غاضبة وكلمات حادة " ماذا لديك بعد , هل
ستتغير نظرتك لي الآن بعدما علمتِ أين يصرف المدمن راتبه
وسبب وجود وجه الفقر في الحياة , هل ستشفقين عليا بعدما
علمت أن من رباني رجل لا يقرب لي من أساسه أشفق عليا
لأني أصبحت في الشارع بعد وفاة والدتي "
نظرت له بصدمة هل ذاك الرجل لا يقرب له ورباه
وانتشله من الشارع !! وقف بعدها وقال بحدة أكبر
" أخرجي من هنا "
قلت بغضب " لن أخرج ولم أشفق عليك فلست أفضل منك لأن
من ربتني لا تقرب لي وليثها كانت مثل الذي رباك فحالي أسوء
منك بملايين المرات , أريد فقط معرفة سبب إخفائك أمرهم عني "
ابتسم بسخرية ثم قال " لأنك لا تستحقين معرفتهم ولا هم بحاجة
للتعرف عليك ليبقى وجه الفقر كما هوا في نظرك وتبقي
على حقيقتك ولا تغطيها بشيء "
هززت رأسي بأسى وقلت بسخرية " أنا أشفق عليك فعلا لكن
ليس كما في مخيلتك بل لأنك ترى نفسك كذلك وأنك أقل من
أن تنظر لنفسك بفخر والحق معك فالجشعة لا تلزمها معرفتهم
لأنها عاشت في قصر يخدمها الخدم وستشمئز منهم "
وقف وتوجه للخزانة الصغيرة الموجودة هنا فتحها وقال وهوا
يخرج ثيابه منها " فارقي وجهي يا سراب فأقسم أني
في أسوأ مزاج قد تتخيلينه "
قلت بجمود " سأخرج وأفارقك لكن عليك أن تعلم أمرا واحدا
فقط , أنت حدودك بعد نظرك فقط يا آسر وفاشل رغم أنك
ضابط في الشرطة وتتكفل بعائلة من أثنى عشر روحا تحتاجك
في كل شيء وتجدك دائما , أتعلم لما ؟؟ لأنك ترى
نفسك أقل من حقيقتك "
رمى الثياب وأغلق باب الخزانة بقوة وصرخ بغضب
" سرااااب "
قلت مغادرة الغرفة " لم أعرف أنك جبان إلا اليوم "
وغادرت من عنده وتوجهت لأصلي المغرب طبعا , كان عليا
أن أقسوا عليه في كلامي كي لا تكبر في رأسه فكرة أني أشفقت
عليه وأن نظرتي له تغيرت بعدما علمت حقيقة ما يخفي لأن هذه
الأفكار إن انغرست في رأسه فلن يخرجها شيء أبدا ولن
يرى إلا ما يريد رؤيته ولن يقنعه أحد
*~~***~~*
حاولت جاهدة سحبها منها وقلت بضيق " رغد اتركي
عنك الجنون وتجهزي لتكوني معنا "
زاد تشبث ندى بها وكأن عقلها يخبرها أني سآخذها منها لأبعد
بلاد على الأرض وقالت هي بتعب " لن أخرج يا أمي ولا داعي
لحضوري اتركوا لي ابنتي أنا متعبة ولا أريد الخروج "
تأففت بقلة حيلة ثم قلت مغادرة " لن تضري إلا نفسك
بهذا يا رغد "
وأغلقت الباب وخرجت لوسط المنزل وتقابلت وسلسبيل هناك
وفمها مليء بالأكل فقلت بضيقي الذي لم أفرغه كله " نعم كلي
كلي ثم انفخي رؤوسنا بأن وزنك قد ازداد ولعلمك فقط فمأمون
قال لإياس أنه سيحدد موعد زفافكما "
شرقت حينها بما في فمها وبدأت بضرب صدرها بقبضتها فهززت
رأسي بيأس وغادرت وتركتها لأتفقد باقي التجهيزات في المطبخ
فزيارتهم الأولى ستشكل عنا الانطباع الدائم لديهم ولا أريد أن نخجله
مع صديقه خصوصا أنه لطالما تمناه لإحدى شقيقاته , خرجت بعدها
بحثا عن هاتفي لأتصل بإياس وأرى إن كان سيأتي أو جد شيء في
عمله فلا أحد هنا غيره لاستقبالهم سوا عمه ويبدوا أن أبنائه لم يرق
لهم رفض سدين وإياس لابنهم فهذا ثاني ابن لهم ترفضه بنات عمهم
ورفضوا الحضور جميعهم فيما عدا بسام الذي لطالما كان مختلفا
عنهم ومن صغره لا يحمل شيئا في قلبه مهما فعلت له
*~~***~~*
" سدين تبّثي رأسك لأعرف كيف أضعه "
قالت بتذمر وعينان مغمضتان " كسرت لي رقبتي
جيد أنك لست حامل "
ضحكت وقلت " لو كنت حاملا لنمت على ظهري وجدي لك
أنتي الطريقة التي تقابليني بها لأضعه لك "
ضحكت كثيرا حتى أدمعت عينها اليمنى وقالت " أجلس
على بطنك طبعا وأنحني لوجهك "
انفجرت ضاحكة ثم مسحت دمعتها وقلت " يكفي يا
حمقاء ها قد أفسدت حتى ما قمنا به "
ثم أبعدت يدي عن وجهها وهففت عليه بالمنديل وقلت
" انتظري لا تفتحي عينيك حتى يجف قليلا "
قالت وعيناها لا تزالان مغمضتان " كله بسبب سلسبيل
أخبرتها أني لا أريد هذا النوع "
رميت المنديل جانبا وقلت بتذمر " بل بسبب شقيقك , لا أعلم
كيف يمنعكن من أن تقدن السيارة , منذ تزوجته لم نخرج
معه من المنزل , لا يقوم هوا بواجبه ولا يترك لكم الحرية "
فتحت عينيها ببطء وقالت " له وجهة نظره ونحن نحترمها "
ثم قالت بمكر " المسكينة التي علقت فيه لباقي عمرها
فالشقيقة يأتيها يوم وتتحرر "
وضعت يداي وسط جسدي وقلت " ما قصدك بهذا "
وقفت وقالت وهي تتوجه للمرآة " قصدي أنه كل واحدة منا
ستتزوج وتتنزه مع زوجها وقد يشتري لها سيارة أيضا أما
التي أصبحت زوجته فلا خلاص لها منه إلا للقبر "
قلت بسخرية " هناك أمر أباحه الله أسمه طلاق "
شهقت بقوة وهي تقف أمام المرآة وظننتها صُدمت بكلامي
لكنها قالت " ترجمان ما أجمل طريقة وضعك له لم
أتخيله هكذا ؟؟ كم غير شكل عيناي "
قلت مبتسمة " لتعرفي فقط قدراتي "
التفتت لي وقالت بغرور " ولا تنسي أن حجم عيناي ساعدك
أيضا فلو كانتا صغيرتين ما ظهرتا هكذا "
قلت ببرود وأنا أجمع المناديل المتسخة " نعم تحججي
بحجم عينك الآن "
قالت بهدوء " ترجمان هل تفكرين حقا في الطلاق
من إياس "
وقفت على طولي ونظرت لها ثم قلت متوجهة لسلة القمامة
" لو كان بيدي لما توانيت عن فعلها لكن لا والدتك
ولا خالك سيوافقان "
ثم رميت المناديل فيه بقوة وقلت بضيق " وستكبر في
رأس شقيقك أيضا ولن يفعلها مادمت أريدها "
قالت بحزن " ظننت أني غرست في عقلك شيئا
سيغير نظرتك له لكني فشلت "
نظرت لها وقلت بريبة " ما قصدك بهذا "
قالت متوجهة لفستانها " لا شيء , الأمل على النصف
الآخر أن ينفذ "
هززت كتفي بلا مبالاة وسمعنا حينها صوت منبه سيارة
في الخارج فصفقت وقلت " ها قد وصلوا "
ثم ركضت للنافذة قائلة " لن أرتاح إن لم أراه "
أبعدت الستار السميك قليلا وقالت هي " سألبس فستاني إذا بما
أنك مشغولة بالتجسس ولا تنظري ناحيتي حتى أنتهي "
قلت بحماس لأنقل لها الأحداث " معهم خادمة وتنزل صناديق
كثيرة , ما هذا الذوق والرقي "
قالت مبتسمة " الله أكبر على الحسد "
رميت يدي جهتها وقلت " لم نصل لمرحلة الحسد بعد
حتى أراه "
أبعدت الستار قليلا بعد وقلت " دخلت ثلاث نسوة "
ثم قلت بحماس " ها هوا لف جهة الباب واااااو سدين ما أجمله
ذكرني بزوج دُرر "
ضحكت وقالت " لو سمعك إياس لقطع لسانك "
ابتعدت عن النافذة وقلت ببرود " ولما ؟ هل سينكر أنه أجمل منه "
قالت بحماس " حقا أجمل من إياس ؟؟ كيف سيكون هذا "
قلت باستغراب " ألم تريه من قبل ؟؟ غريب وهوا صديق شقيقك "
قالت وهي تعدل سير الفستان " لم يحدث ورأيته فهوا لا
يأتي إلا نادرا ويتصل بإياس قبلها "
قلت بمكر " تجمعين أخباره من مدة إذاً "
قالت ببرود " لا يا ذكية إياس من تكلم عنه سابقا "
قلت متجهة للباب " سأنزل لاستقبالهم معهم بما أنك
أصبحتِ جاهزة "
*~~***~~*
وقفت بصعوبة وتحركت جهة الباب وكان لازال في ردهة
الملحق فتوجهت للحمام دخلته واغتسلت وأعدت ثيابي ذاتها
وخرجت فلم يكن موجودا فدخلت الغرفة فكان فيها ويقف
موليا ظهره لي ينظر من النافذة فاستندت بيدي على الباب
رغم ألم رسغي وقلت " أريد شيئا أصلي به وسآخذ من
ثياب والدتك هنا فلا تغضب "
قال دون أن يلتف لي " كلي أولا فالطعام لازال كما هوا "
قلت بهدوء أقرب للبرود " شبعت "
لم أكن أريد أن يعلم أن ألم رسغاي هوا السبب فلم أستطع
تحريكهما لآكل ولست أعلم كيف سأركع وأسجد بهما , التفت
لي وتوجه نحوي وأمسك وسط ساعدي وسحبني منه حتى
أجلسني أمام الطعام على الأرض وجلس أمامي وقال
" قولي أنه لا يمكنك الأكل وليس لأنك شبعتِ "
نظرت جانبا وقلت " بل شبعت "
رفع بعض الطعام بيده وقربه لفمي وقال " أعلم أي أدى
يحدثه هذا الحبل فكلي بلا عناد "
نظرت له بصدمة وركزت نظري على عينيه فقربها لفمي
أكثر وقال " درست لسنوات في الشرطة إن لم تكوني
تعلمي وأعلم أي أذى يسببه "
بقيت أنظر له بصمت فحرك يده أمام فمي وقال بحزم
" دُره كلي "
فتحت فمي ببطء فأدخل الخبز المخلوط بالحساء واللحم فيه
ثم عاد بيده ونظره للصينية ليرفع غيره ونظري لا يفارق
ملامحه أحار كل يوم أكثر في أطباعه ! هل هوا كما قالت
زوجته مريض فعلا ولهذا تصرفاته متقلبة أم أنه كان يحب
دُرر الطفلة وكلما قسا عليها الآن لان قلبه وندم , ابتسمت
بسخرية على أفكري وهربت بنظري للأسفل فلو كان يحبني
ما كان عاملني هكذا من أساسه ولا كان يرفض أن يكون له
أبناء مني أي أني في نظره كزوجته الأولى تماما ومناداته لي
بحبيبة أواس سابقا لم تكن سوا عاصفة من عواصف مشاعر
طفولته فيبدوا أنها كانت تعيسة وأني كنت كالترويح له عن
ضيقه , لكن ما يحيرني ما علاقتي أنا بماضيه ؟ هل جدي كان
يعذبه صغيرا أو يعذب والدته هنا ؟؟ لا لا مستحيل كيف سيفعل
ذلك بفتى وعمته قالت أنه ترك المنزل صغيرا , قد يكون والده
من كان يفعلها فلازالت صورة الفتى المعذب في ذاكرتي , لكن
ما علاقتي أنا أضربه إذا وكيف وما المشكلة بينه وجدي !!!
هل بسبب ورثه من والدته ؟ رفعت نظري ليده التي امتدت لي
مجددا وفتحت فمي منصاعة فلا خيار أمامي , من يراه الآن لا
يصدق أنه من ربطني وضرب رأسي بالجدار وشد لي شعري
من ساعات , وكأنه شخص آخر ! قلت بهدوء ونظري عليه
وهوا يخلط لقمة أخرى " أواس من أنا في ماضيك "
لاحظت حركة أصابعه ازدادت شدة وهوا يرفس الخبز مع
الحساء وقال ونظره عليها " كم مرة قلت لا تسألي "
قلت من فوري " من حقـ ... "
قاطعني بحدة " يكفي "
لذت بالصمت ورمى هوا ما في يده في الصحن وقال بضيق
" لا يجدي يا دُره , كل تنبيهي لك وتحذيري لا يجدي لم
تتغيري أبدا عنيدة ورأسك كالجدار "
وقفت حينها وقلت " أريد أن أصلي "
فصرخ دون أن يرفع رأسه ونظره لي " أجلسي .. وكأني
لم أكن أتحدث الآن عن العناد "
ضغطت قبضة يداي بقوة رغم كل الألم نتيجة ذلك وقلت
بضيق " لا استطيع أن آكل ولا أن أتنفس وأنا لم أصلي يوما
كاملا , ما عذري عند ربي حين يسألني عن هذه الدقائق
بعدما فككت أسري "
رفع حينها رأسه ونظر لي وقال من بين أسنانه
" دُره قلت أجلسي "
لوحت بيدي وقلت بغضب " ارحمني منك يا أواس
أو اقتلني أو أخرجني من حياتك "
مسح بيده على خده بسبب الشيء الذي سقط عليه وحوله لخط
أحمر قاتم فما كان سوا قطرات الدم التي تناثرت من معصمي
الذي يبدوا أنه عاد للنزيف من جديد فاستندت بظهري على الجدار
خلفي ونظرت للأرض وشددت قبضتاي على ذراعاي أضم نفسي
بهما وأشعر بالألم يتضاعف كلما حركت أصابعي , وقف حينها
وخرج ولم اسمع سوا صوت غلقه لباب الملحق فيبدوا أنه وسع
دائرة سجني من غرفة للملحق , نزلت على الجدار وأطلقت العنان
للدموع التي أمسكها طوال اليوم وخصوصا أمامه , ثم سرعان ما
وقفت واتجهت للحمام لأغسل يداي علّ نزيفهما يخف لأصلي
كل ما فآتني
*~~***~~*
نزلت للأسفل وشعرت الآن بالتوتر الذي لم أشعر به اليوم أبدا
وكأني سأجده هوا هنا وليس شقيقاته لكن ما طمئنني حين نظرت
لوالدتي ورأيت نظرة الحب والفرح في عيناها لي وهذا يعني أن
كل الأمور تسير على ما يرام , كدت أضحك من القبلة التي رمتها
لي ترجمان في الهواء ولا أحد منتبه لها , ترجمان إنسانة رائعة
فقط هم لا يستطيعون رؤيتها من جوانبها الإيجابية , فيما عدى
والدتي طبعا التي سبحان من غرس حبها في قلبها ولا تتحمل فيها
شيئا ولأول مرة تقف محايدة في أمر فيه إياس ولم تناصره هوا
وكان ذلك حين تشاجرت معه وضربها فلم تلقي والدتي باللوم
عليها رغم أنها لم تلقي باللوم على مدللها طبعا وهذا إن دل يدل
على حبها لترجمان , وصلت لهم وسلمت عليهم واستقبلوني
بابتسامة وترحاب وكأني أنا من جئتهم وليس هم ههههه غريبات
نحن النساء عندما يتزوج ابننا أو شقيقنا , كانوا ثلاث نسوة واحدة
متزوجة واثنتان فتاتان ويبدوا أنهم طيبون ويحبون كثرة الحديث
مثلنا فقد سمعت الضحك والأحاديث المختلطة من أول ما عتبت
قدماي السلالم , قالت الصغرى فيهن واسمها راوية " أمين يحب
الطبخ الذي لا تدخل فيه أيدي غيرنا فهل عروسنا طباخة "
كانت وكأنها تستجوب وتطمئن لذلك لم أجب لأني أعرف أن
والدتي من عليها الإجابة وليس أنا فهكذا الأصول , قالت أمي
" لا بنات عندي من المدرسة لغرفتهن فقد علمتهن الطبخ
منذ كن في بداية الثانوية "
ضحكت ترجمان وقالت " ومن سوء حضك جاءتك
زوجة ابن فاشلة في الطبخ "
ضحك الجميع فهذه إحدى خصالها التي أحبها فيها صريحة
ولا تعرف الكذب حتى إن كان عيبا فيها , قالت والدتي مبتسمة
" ومن حضك أنتي يا ابنة أخي أن إياس لا مشكلة لديه
حتى إن أكل من المطعم كل ليلة "
قالت فيحاء " محضوضة أنتي إذا يا ترجمان فموضة هذا
الوقت الرجال لا يحبون طعام الخارج والخادمات "
قالت سلسبيل " لن تدوم لها السعادة سنتزوج وتبقى هي
ووالدتي لن ترضى بذلك "
قالت ترجمان ضاحكة " البركة في عمتي إن حِرنا جلبتُ
لها كرسيا متحركا كي لا تقف كثيرا وتتعب "
عادوا للضحك مجددا وأخذت دفة الحديث مناحي أخرى ولم
يخلوا من بعض النغزات منهن عما يحب شقيقهم ويكره , يحب
المرأة الرصينة ربة المنزل يكره المرأة العاملة يحب الأكلات
الشعبية ويكره التجديد فيها يكره الموضة والألوان الصاخبة
وهنا المشكلة , حتى وجباته المفضلة وبرامجه وقنواته
ذكروها , يبدوا لي أننا من عالمين مختلفين جدا لكني لن
أعارض رغبة إياس أبدا ولابد أن نجد لتخالفنا حلا وسطا
وأن أضع العناد جانبا كي لا ننتهي نهاية إياس وترجمان
*~~***~~*
وضعت العشاء على الطاولة وطرقت عليه باب غرفته
فقال " ماذا تريدين "
لويت شفتاي ثم قلت " العشاء جاهز "
ظننته سيقول أنه لا يريد وسيستمر في غضبه مني لكنه فتح
الباب وخرج وقال مارا من أمامي " وصلت المعلومة فلما
تقفين عند الباب كالشرطي "
نظرت للسماء وتنهدت بضيق وسرت خلفه فيبدوا أنه لازال
على استعداد للشجار , جلس وجلست أمامه والليلة طبعا لا
أستطيع إلقاء موشح كل ليلة أنه لا طعام لدينا يكفي وأنه في
الغد قد لا نجد ما نأكل ونختمها كالعادة بشجار وأقف وأناديه
بوجه الفقر وأدخل الغرفة فلم يعد لدي حجة لقول شيء وقد
أعلنت هزيمتي , بدأنا الأكل في صمت ولا أعلم ما الذي تسافر
إليه أفكاره الآن ومؤكد من أين سيجلب الطعام لي ولهم لباقي
الشهر , قلت بعد قليل " ماذا حدث في قضية أموال والدتك
فالقضايا حبائلها طويلة "
قال ببرود ونظره على طعامه " لن تستفيدي منه شيئا "
قلت بضيق " ومن قال أني اسأل من أجلي "
قال بذات بروده " من أجل من إذا ؟؟ فهم لا يعنيهم
الأمر كما يعنيك "
قلت بجدية " بل يعنيهم فلم تسمع حديثهن عن المنزل الذي
سيعشن فيه كل واحدة في غرفة تخصها وألعاب في حديقته "
رفع نظره لي وقال " هم أم أنتي "
نظرت له بصمت مطولا ثم قلت " قلت لك أني أتحدث
عنهم وليس عني فهم أطفال وحياتهم هكذا صعبة
وستضرهم مستقبلا "
عاد بنظره لصحنه وقال بسخرية " ليس الجميع يفكر
مثلك لا الآن ولا في طفولتك "
وقفت وقلت بحدة " بلى فلا أنت ولا غيرك يعلم كيف يفكرون
هل دخلت قلوبهم ورأيت أمانيهم ؟ هل رافقتهم لمدارسهم ورأيت
نظراتهم لما عند غيرهم ؟ هل جلست معهن بدون وجود والدتهم
ووالدهم وتحدثوا بصراحة عما يشعرون وينقصهم "
وقف حينها وقال بغضب " قلت لك لا تريهم بمنظورك فهم
ليسوا مثلك ولن يتحولن لجشعات مستقبلا هؤلاء أحلامهم
على حجم قلوبهم وأجسادهم لا ينظرون لأعلى من أنوفهم وأنا
عشت طفولة لم يتوفر لي فيها كل ما أريد ولم أصبح مثلك "
قلت بهدوء حزين " قل جملة واحدة لا تهينني فيها
وتناديني بالجشعة "
قال بسخرية " هل لاحظتِ أنك أنتي الليلة من لم
تناديني بوجه الفقر كعادتك "
ابتسمت بسخرية وقلت " لنتصافى ونتعادل فهل ستكون
عادلا بعدما تكافئني بالمثل "
قال مغادرا جهة غرفته " لا فوجه الفقر سيبقى وجه
الفقر والجشعة جشعة "
ثم دخل وأغلق الباب بقوة , لم أكن أشعر بالألم من كلماته كالآن
كنت أشعر بالإهانة لكن ليس كشعوري اليوم بعدما فقدت أي
عذر لاتهاماتي له سابقا بأنه يهدر المال ويحرمني منه ويعيشني
في فقر مبقع وكما توقعت انزعج لأني لم أعيّره الليلة بحاله
ووضعنا , وإن ذكرت ذلك فلن يكون الوضع أفضل فسأرتكب
خطأ أكبر من صمتي , جمعت الأطباق والطعام وأدخلتهم للمطبخ
رتبت كل شيء وعدت لغرفتي وأغلقتها خلفي لأستسلم لدموعي
فكم أصبحت كلماتك جارحة ولست تعلم يا آسر , فلما تكبر أنت
في عيني و أصغر أنا في عينك حد أن يزداد تجريحك لي
عن السابق لما ؟؟؟!!
*~~***~~*
حتى وقت مغادرتنا وإياس يصر عليا أن أراها وأتحدث معها
وإن كان لي شروط أو طلبات ولكني رفضت فهوا لا يعلم أني
سبق ورأيتها تنزل من سيارة عمها في الجامعة وأنا أوصل فيحاء
هناك وأني علمت أنها هي التي كانت تمسك الطفلة في الصورة
فلا داعي لأن أراها والباقي تكفلت به شقيقاتي فحتى باب المنزل
وأنا أوصيهن بأن يطلعنها على كل شيء أحبه وأبغضه فإن كان
لديها اعتراض فلتوقف هي كل شيء من الآن أو تتحملني فيما
بعد كما أنا ولا تتذمر وتتهمنا أننا أخفينا عنها , طوال الطريق
كان الصمت سيد الموقف فهن يعلمن كم أكره الحديث الزائد
وأنا أقود فالنساء يفقدنك حتى السيطرة على عينيك وأعرف
شقيقاتي إن تحدثن معا سينفخن لي رأسي , أوصلنا سعاد أولا
لمنزلها فهوا في طريقنا وزوجها خارج العاصمة وأخبرته
بأني سآخذها وأرجعها ثم عدنا لمنزلنا وما أن دخلنا قلت
" هل أخبرتنها بما قلت "
نزعت فيحاء نقابها وقالت " نعم وبالتفصيل الممل "
قلت من فوري " ولم تعلق أبدا ولا اعترضت "
قالت راوية مبتسمة " أبدا واااو يا أمين ما أجملها
فاقت حتى زوجة شقيقها "
رميتها بنظرة أسكتتها ثم رفعت عباءتها وقالت مغادرة
" تصبحون على خير ورائي مدرسة غدا "
وصعدت للأعلى وراقبتها حتى اختفت ثم جلست وقلت
" أجلسي يا فيحاء أريد أن أسالك عن بعض الأمور "
جلست تنظر لي باستغراب لكني تجاهلت كل ما فكرت
أو ستفكر فيه وقلت " ما لون الملابس التي ارتدها
وكيف شكلها وموديلها "
نظرت لي بصدمة فقلت " أجيبي بلا تحديق ولا أسئلة "
قالت بضيق " كيف أصف لك لباسها هي ليست زوجتك حتى
الآن هل يرضيك أن تصف واحدة ملابس إحدى شقيقاتك لرجل
غريب , كنت سألت الثرثارة راوية لما تركتني أنا "
تأففت وقلت " لباسها كان لأي دولة ينتمي وهل لون
شعرها واحد أم كإشارة المرور "
نظرت لي باستغراب أشد فوقفت وقلت " إنسي
الموضوع وهيا تصبحين على خير "
وقفت وقالت " لا أعلم لما أشعر أن ثمة أمر مريب في خطبتك
لها , إن كنت لا تريد واحدة متحضرة تحب التجديد والتغيير
لما لم تتزوج من بنات عمي الريفيات "
قلت بضيق " لن تدليني أنتي طريقي يا فيحاء "
لوت شفتيها وقالت مغيرة الحديث " لو كنت أخبرت والدتي
تأتي معنا كان أفضل من أن نحكي عنها وهم لا يعرفونها "
قلت ببرود " لم نفعل شيئا بعد لنجلبها من هناك كل هذه
المسافة , سأحضرها في عقد القران "
قالت بريبة " هل أنت مقتنع بها حقا يا أمين , الفتاة جميلة ومؤدبة
وعائلتها ترتاح لهم ما أن تجلس معهم فإن كانت ليست على
مزاجك فاتركها تجد نصيبها ولا أعتقد أن مثلها ستحار
من سينظر لها "
قلت مغادرا من أمامها " انتهى الأمر وسنعقد قراننا قريبا
وأعتقد أني لست طفل أقرر بطيش "
*~~***~~*
بعدما غادروا واستلمت أنا وسلسبيل سدين بالتعليقات حتى
أغضبناها صعدت لغرفتي فلن أبات الليلة أيضا عند سدين وما
كان يجب أن تعلم بما بيني وبين شقيقها لولا فعلته الشنعاء تلك
وضربه لي أمامهم , مسحت ماكياجي وغيرت ملابسي وغسلت
أسناني ودخلت السرير وتغطيت باللحاف فمؤكد سيأتي ليغير
ملابسه ويرجع لعمله ولا أريد رؤيته ولا الحديث معه
وما كانت لحظات وفتح الباب ودخل , تحرك في الغرفة
قليلا ثم قال " لو لم أكن أعرف زوجتي جيدا لقلت
أنك تمثلين النوم لتهربي من رؤيتي "
زممت شفتاي وضغطت عليهما بقوة لأمنع نفسي من الكلام
ولو مجبرة لكنه يبدوا لا ينوي على الخير فقد قال وصوت
باب الخزانة يفتح " ولما لم تنامي عند سدين الليلة
أيضا هل لأني سأنام في عملي "
أغمضت عيناي بقوة أضغط على شفتاي أكثر وأردد في
نفسي ( لن أتكلم تجاهليه يا ترجمان ليذهب وترتاحي منه )
دخل الحمام وتنفست بارتياح وأطلقت سراح شفتاي وأنا أسمع
صوت الماء مما يعني أنه يستحم , هل هذا وقته أم أنه هروب
من عمله ليس إلا فكم هوا مهووس بنظافته وكأنه ينقصه بياض
هذا البيضة المسلوقة , خرج سريعا ويبدوا دخل غرفة الملابس
ووصلني صوته مرتفعا من هناك فهوا يستغل كل دقيقة له هنا
" ولما غيرت فستانك قبل أن أراه أم نسيتي أنك متزوجة "
ضغطت على أسناني بقوة ولا تعبير لدي غيره , آخ مِن هذا
المجنون منذ متى كنت أرتدي له فساتين وماذا يريد بي يراني
بل ما الذي أريده برأيه لأبقى بملابسي حتى يراهم , هه أموت
ولا أعطيها له فرصة يسخر مني ويقول أني كنت أنتظره ليراه
ثم منذ متى كان الرجال يرتدون الفساتين ويتزينون , بعد قليل
خرج من هناك ورش من عطره حتى كاد يفرغه ... على ماذا
يا مغرور وأنت ستبات في قسم شرطة لا شيء به سوا المجرمين
ورجالكم ؟؟ لو كنت طبيبا لقلنا تتعطر من أجل النساء , سكت
قليلا ثم شعرت به جلس على طرف السرير وقال " هل أخبرتك
أننا أمسكنا بالعجوز وشقيقها اللذان اختطفوكم "
فقفزت حينها جالسة وأبعدت اللحاف عني وقلت بصدمة
" ماذا ؟؟ "
نهاية الفصل ...... وطبعا لأن الشكاوى كثيرة وفي جميع المنتديات الي تعرض
فيها روايتي وابتكثر من قصر الفصل ولأن الأحداث في أوجها فبنزل
الفصل الثاني والعشرون وكله بيأثر على جنون المطر يا حلوات لأن المطالبة
وقتها بتكون ممنوعة على هذا الحال
الفصل الواحد والعشرون بعد قليل