الفصل الخامس عشر
ما أن اتصلت بي سدين وأخبرتني بقدوم مصطفى وتهجمه على
المنزل حتى أدرت سيارتي عائدا وتركت باقي سياراتهم ولم أجب
على اتصال أي أحد منهم ولست أرى سوا نار حمراء مشتعلة أمامي
وغضب كفيل بأن يدمر كل شيء , لازلت تسخر مني يا مصطفى
لكني لك هذه المرة , لم أستخدم مركزي سابقا لأني أراك نسيبنا ووالد
ابنة شقيقتي فاكتفيت بتهديدك فقط لكن هذا الحل يبدوا لا يجدي معك
كنت أدوس فرامل السيارة وأزيد من سرعتي كالمجنون أريد أن أدركه
قبل أن يخرج وحسابي معه سيكون بالقانون كي لا يستغل ذلك لصالحه
في القضية , أن يموت والدك ويترك لك عشرة أخوة ذكور أهون مئة مرة
من أن يترك لك أنثى واحدة لأن مسئوليتها ستكون بهم العشرة , وصلت
بعد ساعتين بل وفي وقت قياسي لم أحلم به ولولا لطف الله لانقلبت بي
السيارة فقد نجوت من الموت عدة مرات , نزلت وضربت الباب خلفي
وسيارة مصطفى كانت ما تزال في الخارج والشياطين تتقافز في رأسي
فما يفعله هنا حتى الآن ! دخلت المنزل وضربت باب المجلس ودخلت
له من بابه الخارجي لأقف مصدوما وأنا أرى الرجل المقيد مرمي أرضا
ورأسه نزف منه دم حتى تجمد ووجهه مليء بالخدوش وكأن قطا هجم
عليه ولم يكن معه أحد , توجهت نحوه وأجلسته وأمسكت شعره ورفعت
له رأسه ففتح عيناه ونظر لي نظرة حقد وكره فمددت يدي للمنديل
المربوط على فمه وأزلته فقال من فوره وبغضب " أقسم أن تدفعوا
ثمن هذا وأضفه في ملف قضيتك يا ضابط الشرطة "
رميته مكانه السابق ودخلت المنزل مناديا بصراخ
" أمي ..... رغد "
فخرجت لي والدتي مسرعة والباقيات خلفها ووقفن مبتعدات وقلت
ما أن اقتربت مني " من ضربه وربطه من جاء لكم هنا هل هوا عمي "
نظرت لهم للخلف ثم لي ولم تتحدث فقلت " من تكلمي ؟ لا يكون
الأمر وصل للجيران "
قالت بهدوء " لا هذه ترجمان من ربطته "
نظرت لها بصدمة وهي واقفة معهن هناك وتابعت والدتي
" كان يريد أن يدخل ويأخذ من رغد ابنتها وذهبها ولم أستطع
منعه من الباب لإصراره ودخلت هي له و ..... "
تركتها حيث هي ولم أسمع باقي كلامها وتوجهت جهتهن
حتى وصلت عندها وأمسكت ذراعها بقوة وقلت بغضب
" ما هذا الذي فعلته ؟ هل جننتي "
قالت وهي تحاول تخليص ذراعها من قبضتي " وما تريد أن
أفعل وهوا يريد أن يدخل ويأخذ ابنتها ويتهجم على المنزل "
هززتها بقوة أكبر وقلت بغضب أشد " رجل أنتي أم ماذا ؟ لا أكون
تزوجت من مصارع ولا أعلم , هل أخبرك عقلك أنه نسيب لنا
وأنه بيننا قضية في المحكمة وزيدي أن يقول هناك أن زوجة
شقيقها تهجمت علي , من أي صنف من النساء أنتي "
قالت بحدة " توقف عن إهانتي , هذا بدل أن تشكرني على
إنقاذهما منه تفعل هذا "
تركت ذراعها بعنف وقلت بحدة أكبر " لا وتريدي أن أشكرك
على ماذا يا سيادة الجنرال ترجمان , وتركته دخل فلم يبقى أحد
في الداخل نخاف أن يدخل عليه "
أمسكت أمي بذراعي وقالت وهي تسحبني منها
" إياس تعوذ من الشيطان ليس هكذا تحل المشاكل
ويكون النقاش "
استللت ذراعي منها وقلت بضيق " ابتعدي يا أمي رجاءا فهذا
الحال أصبح لا يسكت عنه وهوا لم يعجبني من أساسه "
لوحت بيدها في الهواء قائلة بغضب " ومن ضربك على يدك يا
حبيب والدتك , ثم أنا أكثر منك لم يعجبني ولم أرده , هذا بدل
أن تضربه أنت جئت تشبهني بالرجال لأني علمته أن لا يدخل
منزلك من ورائك ضانا أن لا أحد سيقف له "
قلت بحدة " لم يخبره أحد أني تركت بعدي رجلا
وملاكم بحزام أسود أيضا لما جاء "
تحولت نظرتها لشيء لم أفسره وقالت صارخة " إن كنت
ترى نفسك نصف رجل فلا تستنقصني كأنثى لأني كذاك
رغما عنك "
لم أشعر حينها سوا بحرارة يدي ولم أسمع سوا صوت الصفعة
القوية وشهقة أمي وشقيقتاي لأعي للواقفة أمامي تمسك خدها تنظر
لي بصدمة فتنفست بقوة وقلت بحدة " وزيدي كلمة أخرى
وقسما أن أحطم عظامك ورجل رغما عنك وتحترميني
لأني كذلك "
كانت ستتحدث وأعلم أنها لن تفوتها وقد تمد يدها عليا أيضا
ولن تكون ترجمان إن تركت حقها يضيع أمامها , أعلم أني
أخطأت في ضربها لكن كلامها تستحق عليه الضرب وإن لم
أوقفها بعدها فستجدها فرصة للأخذ بحقها مني , أمسكتها والدتي
وأغلقت لها فمها وقالت " إن كان لي قدر عندك يا ترجمان
تسكتي ولا تجعلا هذا الأمر التافه يكبر بينكما بسبب
شخص لا يستحق "
نظرت لوالدتي وقلت بضيق " لا ليس سببا تافها وسيستغل
هذا في القضية ولن نربحها لوقت وهذا مناه وأعطته له "
تركتنا حينها وغادرت جهة السلالم وصعدت للأعلى ونظرت
لي والدتي بضيق فقلت ملوحا بيدي " لا يلمني أحد وجميعكم
سمع كلامها قسما لولا احترامي لك يا أمي لعرفت
كيف أربيها على ما تفوهت به "
ثم تركتهم وعدت للمجلس فككته حتى وقف وقلت " أخرج من
هنا قبل أن أكمل أنا عليك وحسابي معك بالقانون كما
أردت يا نزيه يا شريف "
غادر ووقف عند الباب والتفت لي وقال " لا تهددني فلن تستطيع
فعل شيء وشقيقتك لن أطلقها ولن ترى مني مليما واحدا
وابنتي سآخذها ورغما عنك وعنها "
ثم غادر من فوره على ابتسامتي الساخرة مستخفا بكلامه وتهديداته
أقسم لن تطال ظفرها وأنا حي ورغد ستطلقها وأنت راض ولن
أكون إياس إن لم أفعلها يا صعلوك , دخلت حينها والدتي مسرعة
وقالت " ألحق زوجتك يا إياس تجمع ثيابها وتريد أن تغادر المنزل "
قلت مغادرا من باب المجلس الخارجي " أرض الله وما تسع أمامها "
ثم خرجت وغادرت بسيارتي كما أتيت , أنا تقولين عني نصف رجل
يا شبيهة النساء وتضربين رجلا بطوله وعرضه وتقيدينه أشياء يعجز
عنها الرجال , فلتذهب وترحني منها ولن يكون لها مكان غير منزل
عمها ليعيدها قبل أن يحل الصباح وإن لم يرجعها فسيكون صنع لي
معروفا عظيما , فليمسكها عنده أو يجد لها حلا كما ابتلاني بها
دون الجميع
*~~***~~*
وقفت وذهبت للحمام مجددا وعند خروجي وجدت آسر أمام باب
غرفته وقال من فوره " ما بك ممسكة الحمام دورية شرطة "
قلت متوجهة بسرعة جهة الغرفة " هل ممنوع أن أدخل الحمام "
لحق بي وهذا ما لم أكن أريد فجلست في الفراش من فوري
وقلت " أريد أن أذهب للصيدلية "
نظر لي باستغراب فقلت بضيق " لا تحدق بي هكذا أضن
أنه لا شيء يؤخذ منها سوا الأدوية وبعض المستلزمات
وأريد نقودا أيضا "
وضع يده وسط جسده وقال " أفهم أولا "
غطيت نفسي باللحاف وقلت " ماذا تريد أن تفهم "
قال من فوره " السبب وما تريدين من هناك , إن كان
دواءً معينا أحضره أنا لما تذهبي أنتي "
اضطجعت على الفراش وغطيت كل جسي وقلت
" ليس دواء هل ستأخذني أم لا "
نظر لي بحيرة وكأنه يقلب الموضوع في رأسه فغطيت
رأسي باللحاف وقلت " أخرج إذا ولا تأتي هنا ولا
تستحم لساعة في الحمام "
أغمضت عيناي بشدة وأشعر بالإحراج منه رغم أنه لا يرى
وجهي فكم هذا الموقف سخيف ولابد وأنه فهم الأمر الآن , طال
صمته ولم يتحدث ولم يخرج فقلت " أغلق الباب خلفك "
ليفهم أنه عليه أن يخرج فخرج من صمته قائلا " عجيب أمرك
حقا صاحب الصيدلية لا بأس تذهبين له وتخبريه أما زوجك فلا "
خبأت وجهي في يداي وقلت بإحراج " توقف عن هذا
واخرج يا آسر "
فغادر دون أن يضيف شيئا فأبعدت اللحاف عن وجهي وتنفست
بارتياح , يا إلهي ما هذا الإحراج جيد أنه فهم الأمر سريعا ولم
يصبه داء الغباء فجأة واستجوبني حتى قلتها دفعة واحدة ليرحمني
سمعت صوت باب المنزل مما يعني أنه غادر الآن فوقفت
مسرعة ودخلت الحمام كي حين يعود ويجلبه لا يجدني هنا
*~~***~~*
وقفت مصدومة مما حدث بل كان عليا توقع أكثر من هذا منه
وجيد أنه لم يضربني مثلها , توجهت للباب وطرقته بقوة
وقلت " أواس أين تذهب افتح الباب "
ولم يكن له أي صوت , غادر وتركني هنا سجينة معها فما
قصده بهذا هل سيبقيني هنا ليضربنا معا أم ليتخلص من رؤيتي
اتكأت على الباب بجبيني وطرقت بهدوء وقلت بألم " أواس عد
وافتح الباب ما هذا الذي تفعله بنفسك وبغيرك "
انفتح حينها باب ما خلفي فالتفت بسرعة فإذا بامرأة تقف شعرها
مبعثر ووجها مليء بالكدمات والغريب أنها كانت ترتدي قميص
نوم من قطعتين فأبعدت نظري عنها وهي متكشفة هكذا فضمت
القميص الخارجي عليها وربطته وقالت " من أنتي "
رفعت نظري لها مجددا وهي تحاول لملمة شعرها بيد واحدة
وتبدوا الأخرى لا تستطيع تحريكها ثم قالت بسخرية " آه أنتي
الزوجة الجديدة إذا , لما سجنك معي هنا مؤكد أنك من
طرق الباب وأخرجه "
بقيت أنظر لها بصمت ملامحها لا تظهر جيدا بسبب خارطة
الألوان في وجهها فتبدوا بعضها قديمة والأخرى حديثة , قالت
عندما طال صمتي " لا أعلم واحدة بجمالك لما تتزوج من
مريض مثله "
نظرت لها بصدمة وقلت بهمس " مريض !! "
رمت شعرها للخلف وقالت " نعم وهل رأيت عليه شيئا طبيعيا
أواس رجل مريض مكانه مستشفى الأمراض النفسية "
قلت ببعض الضيق " هذا زوجك في النهاية كيف تقولين
عنه هكذا ثم أنا لم أرى عليه شيئا "
ابتسمت ساخرة ابتسامة الغير مصدقة لما أقول , صحيح تصرفاته
غريبة يغضب فجأة ويتعامل معي بلطف فجأة ويتحدث عن أشياء
لا أفهمها لكنه ليس مريضا على ما يبدوا أو .... , قلت وكأني أسرق
نفسي من أفكاري وأبرر لنفسي قبلها " وكيف لرجل مريض أن
يكون ضابطا في الشرطة ويدير تجارة سيارات من سيقبله هناك "
توجهت للطاولة أخذت منديلا وجلست على الأريكة وقالت وهي
تمسح به وجهها برفق وتألم " لا يعرفونه على حقيقته فهل لك أن
تشرحي لي سبب سجنه وضربه لي بدون سبب سوا عقله المريض
وقد هددني أني إن أخبرت أهلي سيخبرهم أني كنت أخونه مع رجال
غيره , أخذ هاتفي مني ونهاية الأمر اتهمني أني مدمنة مخدرات
هل تريني كذلك أمامك "
هززت رأسي بحيرة ولم أستطع قول شيء خصوصا أنه لم يقل
سبب ضربه لها ولا حتى عمته تعلم فهل كل هذا صحيح ؟؟
وضعت ساق على الأخرى لينكشف فخديها بلونهما الخمري وقالت
" والحال كما أمامك يطلب مني أن ألبس قمصان النوم ويهددني
وحين لا يستطيع الاقتراب مني يضربني ومتأكدة من أنه لم يقربك
حتى الآن لتعلمي فقط أنه رجل ناقص من كل نواحيه وأولهم عقله "
لم أعرف ما أقول وبما أجيبها فهوا بالفعل لم يقربني حتى الآن لكنه
كان يريد فعلها اليوم وتوقف بسبب ذاك الاتصال أم أن السبب كما
قالت وأنا توهمت ذلك أو هوا غطى على الأمر بذلك ؟ أغمضت
عيناي بقوة فلم أعد أستطيع تفسير شيء ولا تحليل كلامها لا تصديقه
ولا تكذيبه , قالت بسخرية " لا يوهمك بشيء كما فعل معي وتصبحين
ضحية في النهاية فمؤكد سمعت هذيانه في نومه ومناداته لؤلئك
الأشخاص وغرفة الدماء تلك سجنك فيها كما يسجن نفسه هناك "
أغلقت أذناي وقلت بضيق " توقفي يكفي لا أريد سماع المزيد "
وقفت من فورها وعادت لتلك الغرفة وأغلقت الباب خلفها فأبعدت
يداي عن أذناي لحظة فتحها له مجددا وقالت " وأبشرك أيضا
أنتي لست الزوجة الثانية ولا الأخيرة فلا يكذب عليك هوا
وعمته ليغطيان عجزه ومرض عقله "
ثم أغلقت الباب مجددا واختفت من أمامي , أنا من سأتحول
لمريضة بسببهم إن لم أخرج من هذا المنزل , زوج غريب أطوار
بماضي مبهم وزوجة لا تعرفها مريضة نفسيا وتتهم غيرها أم
تقول الحقيقة وماذا إن كانت عمته أيضا تكذب كما قالت ؟؟؟
*~~***~~*
تركتها ودخلت الغرفة بعدما ملئت عقلها بتلك الأفكار , مريض
بالفعل وعليها أن تفهم ذلك مني وتربط الأمور ببعضها وتقولها
له أيضا ليتأكد له كلامي ويعيش في وهم أنه مريض فعلا , دخلت
الحمام وأطلقت تلك الضحكة العالية , ستندم على ما تفعله بي يا
أواس وعلى يد هذه الجميلة وكما تمنيت امرأة من ستجعلك تتعذب
وتعترف لنفسك أنك لست طبيعيا , ظننته لن يتزوج أبدا ولن يثق
في النساء لكن يبدوا أن هذه الفاتنة سحرته وجعلته يتزوجها ولا
تبدوا لي أمورهما تسير على ما يرام من سجنه لها معي ودفاعها
عني كي يتوقف عن ضربي وسكوتها حين واجهتها أنه لم يقربها
حتى الآن , وقفت أمام المرآة ومسحت على وجهي بالمنديل المعقم
وابتسمت بسخرية , غبي يا أواس إن أخبرك عقلك أن ضربك لي
سيضرني فقد اعتاد جسدي ذلك من زوج والدتي ومن ثم عمي
وأصبح الضرب بالنسبة لي شيء عادي جدا وأقف على قدماي وكأنه
لم يضربني أحد , سأريكم جميعا وسأنتقم منكم واحدا واحدا وأولكم
المريض الذي زوجتموني به مرغمة وعاملني كجارية طوال الفترة
الأولى من زواجنا فلم أكن أراه سوا في السرير ليلا ويضن أن الزوج
مال فقط يتركه لي وأني مجرد بغلة يطفئ فيها شهوته متى أراد
فليتعلم أولا كيف يعامل المرأة كامرأة ثم يتزوج النساء
*~~***~~*
خرجت بحقيبتي للشارع ولم أكترث بأحد ولا رجاءات عمتي لي أن
أكبر عقلي ولا أجلب مشاكل بين أبنها وخاله ولأني أعرف أن خاله
سيرجعني له فلن أذهب هناك فأنا لم يتغير عليا شيء فطوال حياتي
أعيش بلا عائلة وأهل فلن أحتار الآن وسأعود كما كنت على الأقل
أعيش بكرامتي بدلا من أن يهينني في كل وقت وكلما سنحت له
الفرصة وكأني أهتم كثيرا بشهادته بأني امرأة وأنثى فلينظر لنفسه
أولا فالعيب ليس بي , أوقفت سيارة أجرى وركبتها وغادرت من
هناك لمنزلنا السابق وما أن نزلت حتى وجدته مغلق ومشمع بالأحمر
ولن أحلم بالعيش فيه فوقفت في الشارع أفكر أين سأذهب ولن يكون
ملاذي منزله مجددا مهما حدث , أخرجت هاتفي واتصلت بسراب
وكالعادة لا أحد يجيب مؤكد لازال هاتفها مع زوجها وأعرف كيف
أجعله يتصل بي وليس يجيب فقط , فتحت قائمة الرسائل وإنشاء
رسالة وكتبت ( سراب حبيبتي أيعقل أن تتجاهليني هكذا حبي
وتنسي كل ما كان بيننا , أنتظرك بلهفة .... أحبك )
ثم أرسلتها فمؤكد سيخبره عقل الرجال المريض أن رجلا من
أرسلها لها وهي تسجل رقمه باسمي وسيتصل بي بنفسه , واحد
اثنان ثلاثة ... ورن الهاتف وكان رقمها يتصل بي فابتسمت بمكر
وأجبت وقلت من فوري " أنت كيف تأخذ منها هاتفها ولا تجيب
على أحد ولا تسمح لها بالإجابة عليه "
خرج صوته المصدوم قائلا " من أنتي "
قلت بضيق " ترجمان طبعا ألم تقرأ الاسم وما كنت
ستجيب إن لم أرسل الرسالة "
قال ببرود " سراب ليست بقربي لأني خارج المنزل "
قلت " لا يهم أريد عنوان منزلكم "
قال بصوت مستغرب " وما تفعلين به "
تأففت وقلت " أريد أن أزورها إن سمحت طبعا "
قال بعد صمت " ولما لم يخبرني إياس بقدومكم "
لويت شفتاي فيبدوا أنه سيطيل الأمر والتحقيق معي , قلت
" إياس غادر وأبناء عمه وعمته لمزرعتهم وأعتقد أنك
تعلم ولن يرجع من المزرعة قبل يومين "
قال من فوره " سأتصل به أولا انتظري "
ضغطت على أسناني بغيظ وقال سريعا " هاتفه مقفل "
نعم لا يريد أن يتصل به أحد وأولهم عمي وفعل فعلته ونفذ
بجلده , قلت ببرود " والحل الآن هل ستخبرني مكان منزلكم
أو أعطني عنوان منزل زوج دُرر "
قال من فوره " أين أنتي الآن لأجلبك معي فيبدوا ثمة
أمر حدث وأنتي خارج المنزل "
فتحت عيناي من الصدمة لتفسيره الأمر وتحليله له هكذا
ما هذا الداهية أعان الله سراب عليه , قال عندما طال
صمتي " ستتحدثين أم أعود لمنزلي "
قلت ببرود " عند منزلنا السابق ولم أستطع دخوله "
فصل عليا الخط حينها فنظرت للهاتف بصدمة , الوقح من
قال أني أريد إنهاء المكالمة !! لكن اللوم ليس عليكم بل
على من رمونا على رجال أمثالكم
*~~***~~*
دخلت المنزل وبحثت عنها في غرفتها والمطبخ ولم أجدها فتوجهت
لباب الحمام وطرقته وقلت " سراب حية أم أحفر القبر "
قالت بضيق " احفر اثنين إذا لأنك ستموت معي "
ضحكت دون صوت ثم قلت " أخرجي أريدك في أمر "
لاذت بالصمت لوقت ثم قالت " ضعه في الخارج سآخذه لوحدي "
وضعت الكيس جانبا وقلت " أريدك في أمر آخر فأخرجي
قبل أن ينفذ صبري عليك "
قالت " ما هوا "
قلت بنفاد صبر " سراااآاااب نحن في الليل إن تلاحظي ذلك
ولا طاقة لي على السهر انتظر أن تخرجي "
قالت من فورها " نم إذا لما تتعب نفسك "
قلت بضيق " صديقتك أو شقيقتك أو لا أعلم ما تكون لك
تريد المجيء وعليك القدوم معي لجلبها "
لولا خوفي من أن تذهب لمكان لا نعلمه وأصبح ملاما من إياس
ما جلبتها فتكفيني مصيبة واحدة ويبدوا أن تلك تركت المنزل وحققت
له غرضه أخيرا ولم تذهب لمنزل خاله لأنها موقنة من أنه سيرجعها
له , كل خوفي أن يتخلص منها هوا وأتورط أنا فيها وقد أصبح فجأة
زوج لهما كليهما ولمستشفى الأمراض العقلية فورا يا آسر
فتحت حينها الباب ونظرت لي من فتحة ضيقة منه وقالت
" من منهما وما سيحضرها هنا في هذا الوقت "
قلت متوجها لباب المنزل " أخرجي وستعلمين منها "
*~~***~~*
فتحت باب الحمام قليلا ومددت رأسي ونظرت فلم يكن موجودا
وثمة كيس بجانب الباب فأخذته وعدت للحمام وخرجت بعد قليل
وكنت سأخرج له للسيارة حين تذكرت العباءة والحجاب فتأففت
وعدت للداخل أخذتهما وخرجت وأنا ألبسهم , ما أجمل الحرية مالنا
والزواج , رجل يتحكم بك في كل شيء وليثه يوفر لك ما تريدين
لا شيء عنده سوا التحكم والأوامر ولا شيء لك منه سوا أعمال
المنزل , خرجت وأغلقت الباب وسرت عابرة الشارع أحاول
تفسير سبب مجيئها بل طلب ذلك من آسر بل ومن هي منهما !!
مؤكد ترجمان فدُرر ذاك لا أعتقد أنه سيتركها لأحد بدليل أنه منذ
أخذها من هناك انقطعت أخبارها , وصلت للسيارة وكان جالسا
فيها فركبت بجانبه وانطلق من فوره فقلت " من منهما وقل أنها
دُرر فأنا مشتاقة لها حقا "
قال ونظره على لطريق " لا فزوجة أواس قال أنها
ستسافر مع عمته ولا يستطيع جلبها لكما "
تنهدت بحسرة ولم أتكلم فنظر لي ثم عاد بنظره للطريق
وقال بسخرية " لست وحدك من تتحسرين على نعيم غيرك
أنا أيضا أحسد زوجها عليها كمال من الخارج والداخل "
نظرت له بضيق وأشعر بشيء لكمني في داخلي ولا أعرف
أين ولا لما انزعجت بل أعلم لما أنا في النهاية زوجته كيف
يقول هذا عنها أمامي بل كيف لم يحترم أنها زوجة صديقه
نظر لي وقال " قولي ما لديك لا تسجنيها في
نفسك حتى تنهيك "
انفجرت حينها وكأني زر وضغطه وقلت بحدة " احترم
صديقك على الأقل إن كان أمر أني زوجتك لا يعنيك ولتعلم
جيدا أن الله لم يعطيها لك لأنك لا تستحقها فهوا عادل في
كل شيء والطيبون للطيبات "
نظر لي نظرة لم أفهمها وقال بشبه ابتسامة " وكذلك يبتلي
عباده المؤمنين ويختبرهم أيضا ببعض المصائب "
نظرت جهة النافذة وقلت بسخرية " قلتها بنفسك
المؤمنين ولا أراك من ذاك النوع "
قال بنبرة مقصودة " وهل أعلم لما انزعجت من كلامي وأنا
لم أنزعج منك وأنتي تقارنين حياتك معي بحياتهما "
نظرت له بصدمة وقلت " ماذا تقصد من هذا "
لف يمينا ودخل شارعا أعرفه جيدا وقال " أعني أن صديقتك
ترجمان يبدوا تاركة منزل زوجها ولا أريد مشاكل ولا أن
يكبر الأمر أكثر ولا تنسي أني حذرت يا سراب "
قلت بصدمة " ماذا تعني بلا أريد المشاكل أن تكبر "
أوقف السيارة وقال وهوا ينزل منها " أعني أقنعيها أن تذهب
لعمها ويحلا مشكلتها وأخرجيني منها فزوجها صديقي "
ثم ابتعد وأنا أتبعه بنظري وأكاد أحترق وأصرخ في الشارع
كيف يريد أن أقنعها هل يريد أن أطردها أنا ويُخرج نفسه من
الموضوع , أقسم أن أموت ولا أفعلها وهي شقيقتي ولم نكن
يوما سوا يد واحدة فإن خرجت قدمي على قدمها
نظرت بعدها بريبة للشارع وللمنزل فكان منزلنا القديم وجاء آسر
من هناك وامرأة تتبعه وهذه ترجمان بالتأكيد , مسكينة يا ترجمان
جاءت هنا وتركت حتى منزل عمها , ماذا ستتوقع من أناس لم
يروها منذ كانت في الرابعة ولم تلجأ لعمها إلا لعلمها أنه لن
ينصفها , هذا إن لم تكن لجئت له وطردها لكن اللوم عليه رمانا
هذه الرمية لو تركنا للفضيحة أفضل فأنا لم يبقى لي عائلة أجلب
لهم العار ولا دُرر أيضا فترجمان وحدها من لها أهل وهوا منهم
فخاف على نفسه وابنة شقيقه وجرفنا معها وضيعها معه
وصلا السيارة واتجه آسر لحقيبة السيارة ليضع فيها حقيبتها فتبدوا
هاجرت للأبد وتركت لهم كل شيء , ركبت ترجمان في الخلف
وأغلقت الباب بعدها بقوة فالتفت لها وقلت " سلمي عليا
على الأقل يا ناكرة العشرة "
ضربتني على كتفي وقالت " اتركينا نصل أولا وسأحتضنك
وأكسر عظامك مادام هذا العمود لم يفعلها "
قلت من بين أسناني " أصمتي لا يسمعك يا مغفلة ثم لا
أرى أن وسيمك ذاك فعلها أيضا "
قالت ببرود " أقسم أن زوجك أجمل منه , على الأقل تعرفي
أنه رجل ليس فتاة بلحية وشارب "
هززت رأسي بيأس منها وعدت للأمام وقلت " أعطيه لي إذا
على الأقل لديه منزل جميل وخادمات ووسيم بشكل مخيف
وخذي هذا وفوقه الفستان الذي اشتراه لي "
قالت من فورها " لا أنا أريد زوج دُرر ذاك الأسمر الجميل
صاحب الشخصية الغامضة الغريبة ياااي كأبطال الأفلام
أقسم أنها الأكثر حضا بيننا "
نظرت في المرآة الجانبية وقلت " أصمتي أقسم أن ليلتنا ستنتهي
بلكمتين من ذاك الأحمق وأخبريني ما سر خروجك من منزلك "
قالت ببرود " اتركينا من ذلك الآن ولا تقولي منزلي
فلا منزل لي لكنت ذهبت له "
قلت ولازلت أنظر للمرآة " ماذا يفعل كل هذا الوقت وهي
حقيبة واحدة يبدوا أنه يتصل بزوجك أو عمك "
نظرت للخلف وقالت " لا تخافي إياس أغلق هاتفه وغادر
وعمي ينام مبكرا ويترك هاتفه عند الخادمة تتصرف
في جميع المتصلين "
نظرت للخلف محاولة رؤيته وقلت " إذا يفتش في أغراضك "
شهقت وفتحت الباب قائلة " وهذا ما ينقص أقسم أن أفقئ له عينيه "
لكنها ما أن فتحت الباب رحمه الله وكان قد توجه لبابه ورحمني
أنا قبلهما كي لا أمضي الليل هنا معهما أفك شعره من أصابعها
فترجمان لا لغة لديها للحوار سوا صراخها ويديها , ركب وشغل
السيارة وتحركنا فورا عائدا بنا للمنزل فقلت " نريد عشاء
لابد وأن ترجمان لم تتعشى "
هذه فرصتي لأخرج شيئا مما يكنزه هذا البخيل وموقفه الآن لا
يحسد عليه , لو كان بلا راتب لرحمته منها لكن راتبه جيد ولا
يصرف علينا منه شيئا , لاذ بالصمت وأنا أنظر له وكل توقعي
أنه سينزل لأحد المطاعم ليأخذ لنا طعاما ولكن الصمت طال
والسيارة لم تتوقف ولم ينظر ناحيتهم أبدا فقلت هامسة من بين
أسناني " آسر "
قال ببرود " لا مال لدي , أطهي لها شيئا ما أن نصل "
فشعرت بالأبخرة تخرج من رأسي , لم يخجل من أن يحرج نفسه
ويحرجني أمامها وهذه الغبية ترجمان متى كانت بنصف لسان هكذا
لو كانت ترجمان التي أعرفها فلن تسكت له ولو بكلمة توجهها كالقذيفة
نظرت لها للخلف فكانت تفتش حقيبة يدها وتخرج كل ما فيها ويبدوا لم
تنتبه لشيء مما حدث أمامها , لا تختلفين عنه يا غبية ولم تغيري
عاداتك ما لا يهمك لا تسمعينه ولا تهتمين له
*~~***~~*
تركت المنزل والمدينة وعدت من حيث كنت أتيت لمزرعتنا
لأضرب المشوار في ثلاث , لو كان يوم غير هذا اليوم ما فكرت
أن أرجع كل هذه المسافة من جديد لكني حقا لا أريد أن أكون هناك
وأسمع سيلا من عبارات والدتي وهي تذكرني بأنها ابنة خالي ويتيمة
وخالي لن يرضى بذلك وكلام الناس ووووو وفي النهاية تنسى تماما
ما قالته لي أمامهم واستنقاصها لي كرجل وسيجبرني خالي رفعت على
إرجاعها ولو كارها , أخرجت هاتفي والجميع من حولي في حديث
وضحك مستمرين ثم أعدته لجيبي فلا أريد فتحه ولا حل لأتصل به
إلا بأخذ هاتف من غيري فمن سيجدي لهذا الغرض ؟ أدرت نظري
حتى وقع على الجالس فوق ظهر الكرسي وقدميه على مقعدته ينظر
للنافذة بجواره وهاتفه الليلة أزعج الجميع فلا أجاب عليه ولا أغلقه
ولم يكن هذا الشخص سوا أواس , وهوا آخر من توقعت أن يطلب مني
أن يكون معنا هنا دون أن أطلبها منه ويرفض بسبب أشغاله كأغلب
الأحيان , رغم أن حاله دائما لا يعجب أحدا لكنه الآن لا يعجبني أكثر
من قبل فيبدوا صافنا منذ وصلنا ويشغل باله أمر ما وما لا نقاش لاثنين
فيه أن زوجته الجديدة السبب فلا هَم لدى ثلاثتنا سواهن وأواس لا يعرف
شيئا في الحياة أسمه بوح بشيء في داخله ولن أستطيع سؤاله فهوا أكثر
شخص يكره أن يتحدث أحد مهما كان عن امرأة تخصه حتى لو كانت
عمته أو والدته المتوفاة فلازلت أرى فيه الرجل الذي دُفن مع الأجداد
من سنين من كانوا ذكر اسم الزوجة أو الأم أمامه من رجل آخر يعدها
جريمة فكيف بالحديث عنها أو السؤال , كنت سأقف وأتوجه نحوه لولا
أوقفني صوت عزام قائلا " إياس بشرنا طلبة كلية الشرطة أن النظام
تغير قليلا ليرحمونا في هذه السنة الأخيرة "
قلت ببرود " نم واحلم بها فمنذ أمسك الوزير الجديد منصبه من أعوام
قلب الجيش والشرطة رأسا على عقب ولن تخرج منها إلا بعظم بلا جلد "
قال مراد ضاحكا " وجهز نفسك لدورات قاتلة كالتي أخذها ابن
عمك هذا وكان يقضي نصفها في المستشفى "
أشرت له برأسي وقلت " فضله على رأسي لولاه لما كنت تحركت
من مكاني ونهايتي شرطي عند غيري يتأمر عليا طوال الوقت
جابر حلمي قفز بنا للأمام قفزة فاقت كل توقعاتنا "
تحدث الصامت أغلب الجلسة وهوا بسام وقال ويده في شعره الكثيف
متكأ بمرفقه على الوسادة " سمعت أن ابنه دخل كلية الشرطة حديثا
كم لدي من فضول أعرف كيف يعاملونه "
قلت بسخرية " أدخل معه لتعرف "
عدل جلسته وقال بجزع " أعوذ بالله أنا أكون هناك لم
أستغني عن حياتي بعد "
قال عزام " أقوى ضربة وجهها حين أمسك الوزارة أخراجه لعلي
رضوان من القضاء لقد فجر الدنيا بذاك الحدث بل وجعله يهاجر
من البلاد بأكملها وذاك يدّعي أن السبب اختطاف حفيدته الذي
مر عليه سنوات "
هذا الحديث جعل أواس ينظر لجلستنا مباشرة وتمنيت أن ألكم عزام على
فمه وتمنيت أن لا يتهور أكثر لا بذكر علي رضوان وأنا أعلم كره أواس
الغريب الغامض لذكر ذاك الرجل والثاني أن يتحدث عن حفيدته فلازال
أواس مخاصما لأحد أصدقائنا حتى الآن لأنه تحدث عن صورتها في
الجريدة ولولا ظروف زواجنا وسببه أجزم أنه ما كان ليسمح أن تتصور
وبدون حجاب أيضا , لذلك ما كان أمامي من حل سوا تغيير الموضوع
ولو كان في نفس السياق فقلت سريعا " أكبر ضربة كانت لكم
تقديم وقت التدريب طبعا "
وأتبعتها ضحكة صغيرة ساخرة فقال بضيق " لم أرى أناس يتدربون
من قبل وقت الفجر جعلنا نترحم على أيامنا قبل أن يغير نظامنا بأكمله
ولو أن زيارته لنا في الماضي كانت من أصعب أيام دراستنا فهوا
يجعلك في لحظة تشعر أنك حشرة من كثرة ما يستنقصك "
قال أحمد " أراه الرجل المناسب في المكان المناسب وكم من
شروخ أمنية وحده من أجبرها منذ أصبح وزيرا "
ارتخى فؤاد على يديه المشتبكتين خلف رأسه وقال " هل لديه
ابنة ألعب بعقلها وأجعله يزوجني بها رغما عنه "
ضحك عزام وقال " حد علمي أن أكبر بناته في الثانوية أي
ضاعت عليك يا حبيب والدتك أو انتظرها حتى تنهي الجامعة "
خرجت أنا من محيط حديثهم ونظرت للجالس هناك وقد عاد ليهيم
بنظره للنافذة بشرود فوقفت وتوجهت نحوه على صوت أحمد
قائلا " انتظرها ولن تخسر شيئا فقد سمعت أنها صاروخ فتنة
وجمال أو خذ لك جدتها إن تعقد الأمر "
انهمكوا في الضحك عليه والتعليق واقتربت أنا من أواس ووضعت
يدي على كتفه وقلت ناظرا حيث ينظر " أجب على الأقل على
هذا الذي سيحرق هاتفك باتصالاته "
قال دون أن يبعد نظره " إن أزعجك أخرج به للخارج "
ربتت بيدي على كتفه وقلت بهدوء " بل يزعجك أنت وإلا ما
كنت تركته , إما أغلقته أو حولته على الوضع الصامت "
أدخل يده حينها في جيبه وأخرجه وأجاب دون حتى أن ينظر
للمتصل وقال من فوره " المفتاح أعلى الخزانة تحت ثيابي الداخلية "
ثم أغلقه وأعاده لجيبه وأنا أنظر له باستغراب ولم أستطع تفسير شيء
مما يحدث معه واكتفيت طبعا بالتنهد والصمت لأني أعلم نتيجة السؤال
وهي لا إجابة أبدا , أبعدت يدي عن كتفه وقلت " أريد هاتفك
قليلا لأجري اتصالا مهما "
مد يده لجيبه وأخرجه ومده لي وكما أعرفه وتوقعت لم يفكر حتى
أن يسألني عن السبب وأين هاتفي فأواس هذا طبعه لا أتدخل في
خصوصياتك مثلما لا أريد أن تتدخل في خصوصياتي , كنت
سأغادر من عنده فأوقفني صوته قائلا وهوا لا زال ينظر للنافذة
" جابر حلمي هل يقابل عامة الناس ويستقبلهم "
التفت له بسرعة بل وصدمة من سؤاله , هوا يعلم أني في مثل رتبته
ولا أعرف جوابا لهذا السؤال ويعلم أكثر أني سأفهم أن خالي رفعت
المعني بهذا وأن عليا أن أعلم هذه المعلومة منه أو أفيده إن سمعت منه
شيئا عن هذا ولأني طبعا لن أستطيع مناقشته عن السبب استدرت جهته
وقلت " ما علمته من خالي أن من يستطيع الوصول له يكون طلبه مجاب
ودون أن يسأله حتى ماذا تعمل لكن تلك المخاطرة قد يكون فيها سجن
ضنا من حرسه أنك تضمر الشر للوزير أو عائلته وقد تلقى حتى حتفك
فيها أما موعد معه فهذا المستحيل بعينه "
لاذ بالصمت ولم يتحدث فخرجت للخارج وطلبت رقم المحامي بهاتفه
وآلاف الأسئلة تدور في رأسي حول سبب سؤاله هذا وما يريده من
الوزير ! تحدثت مع المحامي عن الأمور التي جدت وأنا أشعر أني
والأرض سواء وأنا أقول له أن امرأة من أهلي فعلت وفعلت ولو أني
لم أذكر أنها زوجتي فكل من في ذاك المنزل جزء مني مرتبط بي
وهذه فضيحة أقولها له حتى لو كانت والدتي أو إحدى شقيقاتي ومما
زاد الأمر سوءا سخريته وضحكه الكثير عندما علم وقال دع هذه
الشرسة تنتزع منه النفقة إذا دون أن تتعب نفسك بالمحاكم , سامح
الله قدري وخالي رفعت الذي أوقعني هذه الوقعة وزوجني ابنة شقيقه
ولم أرى شيئا منها بعد فالقادم أتوقعه أسوء بكثير , أنهيت المكالمة
معه بعد وقت ولم يبشرني بخير أبدا فأقل ما يمكن أن يحدث أن تؤجل
القضية لبعض الوقت , أتمنى فقط أن تكون ارتاحت بعدما نكدت عليا
حياتي وأن يقتنع عمها أنها لا تصلح زوجة لا لي ولا لغيري , عدت
بعدها للداخل وأعدت الهاتف لأواس فأخذه مني وفتش فيه من فوره
فقلت مبتسما " لا تخف سحقت لك نصف رصيدك طبعا "
قال وعينيه لازالت على شاشته " لا يهم كله لك "
رفع بعدها هاتفه لأذنه وتحدث مع أحدهم ويبدوا ممن يعملون
لديه فابتعدت عنه وعدت ناحية البقية فوقف واقترب مني بسام
وجلس بجواري وقال بصوت منخفض فيه بعض التردد " سمعت أن
رغد لديكم من مدة وبعض الشائعات عن طلاقها هل هذا صحيح "
قلت ونظري على المفتاح الذي أحركه في يدي " نصف ونصف "
قال من فوره " ما معنى هذا نصف ونصف ولا تنسى أننا أبناء
عم ولك عم أيضا لنوقف نسيبكم عند حده إن تجاوز "
نظرت له وقلت ببعض الضيق " لن أعجز عن حل مشاكلي
وحدي يا بسام ولم أحب هذا الكلام منك فلا يتكرر أمامي "
قال باستغراب " لم أقصد ما فهمت يا إياس أقسم لك واعذر
نخوتي الزائدة فالدم لا يصبح ماءً يا ابن عمي "
عدت بنظري ليدي وقلت ببرود " لا تقلق إن احتجت لشيء
فأنا أدل باب منزلكم جيدا "
قال بهدوء " لا تغضب مني يا إياس لم يكن قصدي ما فهمت "
نظرت جانبا وقلت بجمود " لنعد الأمر لم يكن ولا نفتحه مجددا
لا أريد لمشاكل الماضي أن تتكرر "
وقف حينها قائلا " معك حق ما صدقنا أن تصافت النفوس "
وعاد لجلوسه معهم ووقفت أنا وخرجت للخارج , لن يتخلوا أبدا عن
أفكارهم هذه فكم أذوني بها سنين حياتي وكأني عاجز عن رعاية
شقيقاتي والحفاظ عليهن وحل مشاكلهن , كنت أضن أن الأمر سيختلف
ما أن أتخرج من كلية الشرطة وأصل لما أنا فيه الآن لكن يبدوا أنهم لن
يتخلوا عن رؤيتي إياس الشاب المراهق الذي عليهم مراقبته وشقيقاته
فلن يرعاهم ولن يضمنوا أنهن لن ينحرفن لأنه لا رجل لهم درجة أنهم
كانوا يتدخلون في أصغر الأمور وأتفهها حتى إن تغيبت إحداهن عن
المدرسة لأكثر من يوم , كون بسام وزياد أكبر مني سنا ليس أمرا
يعطيهم الأحقية في ذلك فحتى عمي الذي هوا شقيق والدنا لم يكن يفعل
ذلك رغم أنه لم يكن يولي أمرنا أهمية كبرى وكأننا لا نحتاجه أساسا
ويبدوا هذا هوا السبب لكان مثلهم لم يترك مناسبة لم ينتهز فيها الفرصة
لتشكيكه في مقدرتي على رعاية شقيقاتي ووالدتي وحدي , لا أنكر أن
بسام يختلف عنهم كثيرا وبدليل أنه لم يتغير ناحيتنا أبد بعدما رفضته
رغد سابقا ووقفت أنا في صفها وها هي ستطلق منه لكن تلك النقطة
الحساسة التي كانت تقتلني كان هوا عنصرا أساسيا فيها , تنفست بقوة
ونزلت الدرجات لأتوغل بخطواتي داخل أشجار المزرعة وكل تفكيري
في الخطوة القادمة بخصوص سلسبيل وكيف سأفعلها كما أريد
*~~***~~*
وصلنا المنزل أو في الساحة القريبة منه ونزل آسر وغادر من
فوره تاركا لنا ورائه وقال وهوا يبتعد " أمني الأبواب وأحضري
المفتاح معك يا سراب "
لتبتعد خطواته وترك الحقيبة عديم الذوق هذا كم مرة سيخجلني
مع ترجمان , هي تعلم أنك كاره لي ولوجودي معك فلا داعي لكل
هذا يا معتوه , نزلت وضربت باب السيارة ونزلت ترجمان وهي
لازالت تجمع أغراضها التي أخرجتها من حقيبتها وقالت وهي منحنية
داخل السيارة " شغلي ضوء السقف لأرى إن وقع مني شيء في الأسفل "
وضعت يداي وسط جسدي وقلت بسخرية " هل تحسبيها سيارة
زوجك , هذه لا ضوء فيها يا حسرتي "
نظرت للأعلى وقالت " وعمياء أنا أو أتخيل أمامي "
ثم مدت يدها رغم صعوبة الأمر عليها وشغلت الضوء وكان يعمل
بالفعل وعادت لجمع أغراضها لتزيد من اشتعالي , الكاذب كذب عليا
حينها كي يخرب الفستان ولهذا لف بي الشوارع بعدها ... لكي ينهي
مخططه طبعا , أنزلت أنا حقيبتها من الخلف لأجبر ما ينقصه ذاك
المعتوه وجه الفقر وأصررت أن أحملها وحدي وتبعتني هي حتى
وصلنا المنزل ولازال رأسها منكس في حقيبتها فوضعت الحقيبة
أمام الباب بقوة وقلت بضيق " ما هذه الألماسة التي تبحثين
عنها منذ وقت "
تأففت وقالت وهي تنفض حقيبة يدها " جواز سفري متأكدة
أنه كان هنا منذ أعطاه لي عمي "
دفعت الباب وقلت وأنا أجر حقيبتها للداخل " ظننتها إبرة تبحثين
عنها كل هذا البحث وليس جوازا تريه من بعيد , ثم ما ستفعلينه
به يا حضي "
قالت وهي تتبعني للداخل " أسافر به شهر عسل طبعا "
وقفت وقلت بسخرية " مع من مع عمك "
ثم قلت مشيرة بوجهي للباب " أغلقي الباب يا سيدة الحُسن
لن أخدمك في كل شيء "
نظرت للوراء ثم رمت بيدها وقالت " ولما نغلقه ؟ من جمال
المنزل لتخافوا أن يسرقه أحد "
تركت الحقيبة وتوجهت له ودفعته بقوة قائلة " بل لأن زوج
شقيقتك المبجل سيخرج لعمله فجرا وإن وجده مفتوحا
نكد عليا باقي يومي "
ضربته بقوة وعدت جهتها أنفض يداي فقالت ناظره له
" باب هذا أم برميل لقد أيقظت الحي بصوته "
قلت متوجهة للداخل " جميع الأبواب هنا هكذا وأصبحت أعرف
مواقيت خروج وعودة الرجال هنا بسببهم , أحضري حقيبتك
معك فواجب الضيافة انتهى "
قالت وصوت جرها لها يتبعني " لا تختلفين عن زوجك
وافق شن طبقة عديما ذوق كلاكما "
توجهت لغرفة الضيوف قائلة " من عاشر قوما "
قالت وهي تحاول إدخال حقيبتها " المشكلة أنكما لم تصلا
لأربعين يوم لتأخذي أطباعه "
جلست ورميت العباءة جانبا وقلت " وما بقي لنا عليها ؟ أقسم
أني أشعر أنها مليون دهر "
قالت وهي تنظر للغرفة " ما هذا القبر الذي تعيشان فيه , لا
أسوء من وسط المنزل إلا هذه الغرفة "
قلت بسخرية وأنا أهف على وجهي بحجابي الشبيه بالحجاب
" لم تري المطبخ والحمام لقلتِ أن هذه جنة الله في الأرض "
جلست وقالت " وكيف ترضين بهذه الحياة يا سراب دعيني
أتحدث مع عمي "
قلت ببرود " وهل سيجد لي حلا برأيك و كل غرضه كان أن يخلص
نفسه من الفضيحة ولم يفكر لا بك ولا بي مع هذا المعدوم الذي لا
أعلم فيما يصرف راتبه ولا في زوج دُرر الذي يخفيها عن
الجميع والله أعلم حية أم ميتة "
قالت بصدمة " هل تضني أن ذاك الوسيم الذي اختارها
بنفسه سيفعل لها أمرا سيئا "
قلت ساخرة " لا أستغرب من شلة الحمقى هذه شيئا
وأخبريني هيا ماذا حدث معك "
قالت بتثاؤب " غدا غدا فأنا مثقلة بالنوم والتعب "
ثم توجهت لفراشي وقالت " وسأنام أنا هنا طبعا بما
أني ضيفتكم وأنتي نامي على الأريكة "
كنت سأتحدث لولا صوت آسر الذي ناداني من الخارج فغطت
ترجمان جسدها وقالت بخبث " اذهبي له يبدوا سيرأف بحالك
ويتركك تنامين في حضنه الليلة "
وقفت وتوجهت نحوها ونزلت لها وخنقتها وقلت من بين أسناني
" أقسم لو سمعك أن تموتي الآن "
قالت بصوت مخنوق " وكيف ستعلمين وأنتي هنا اتركيني
قتلتني لا أريد ركلك يا سراب "
ابتعدت عنها وقلت " نعم وخصوصا وأنا في هذا الوضع فركلة
من قدمك القوية ستتسبب لي العقم كل حياتي "
ضحكت بصمت وقالت وهي تخبئ وجهها في اللحاف ببطء
" طبعا كي لا يتزوج عليك حبيب القلب لأنه يريد أبناء "
رميت عليها الوسادة بقوة وخرجت للذي كرر النداء باسمي مجددا
وأغلقت الباب خلفي فلا ينقصني أن تسمع حواراتنا الحالمة
الرومانسية لتسخر مني أكثر , قلت ما أن أغلقت الباب
وبجمود " نعم "
وضع يديه في جيوبه وقال مشيرا برأسه للخلف
" تعالي نامي معي هناك "
*~~***~~*
رن هاتفي مجددا وبإلحاح فأخرجته من جيبي فكان رقم ذاك
المتوحش علي رضوان , أقسم أنك وصلت لمشنقتي والأشياء التي
كانت لدي ولا أرى لها أهمية لأنك خارج البلاد سأضربك بها الآن
ما أن تأتي وسأجلبك هنا بما أنه أصبح هناك ما يجبرك على المجيء
وهي حفيدتك الحبيبة , انتظرني لأصل للوزير فقط ويكون معي كما
سمعت عنه منصف وعادل وسأضعك بين فكي كماشة وأدمرك أيضا
وبما أن جابر حلمي أخرجك من القضاء دون شوشرة وطرح ملفات
الأسباب أنا سأكشف الغموض حول هذه الأسباب وأقدمها للناس
لم أجب عليه ولم يكرر هوا الاتصال فطباعه لا تتغير يرى نفسه
فوق الجميع مغرور متشدق وكريه , وصلت بعدها رسالة ففتحتها
فورا وأعلم أنها منه وكان فيها ( حفيدتي أو دمرتك يا صلوك
ولك أن تختار وبسرعة فصبري قليل )
ابتسمت بسخرية وأنا أقرأ حروفها وكما كنت أتوقع سيبدأ بمحاربتي
من الخارج دون أن يأتي وسيترك قدومه آخر سلاح له , لن تراها يا
علي يا رضوان وبي نفس , لن تأخذها مني لتقتلني أنا بها كما فعلت
حين جعلتها تضربني وأنت أكثر من يعلم درجة تعلقها بي بل أدركت
الآن أنك ما فعلت ذلك إلا لأنك كنت موقن من تعلقي أنا بها حينها
فجأة ماتت ابتسامتي الساخرة حين ظهر اسم عمتي على شاشة
الهاتف فأجبت سريعا فكل ما أخشاه أن تكون نتيجة فتحها لباب الجناح
ليس خروج دُرر فقط , كنت سأتحدث لكنها لم تعطني أي فرصة وهي
تصرخ قائلة " أواس ألحقنا بسرعة زوجتك وجدتها مرمية أرضا
ودمها ملئ المكان ولا تجيب ولا تتحرك "
فقفزت من على الكرسي وخرجت مسرعا وأغلقت الهاتف دون
حتى أن أسالها من منهما فكلاهما زوجتاي
المخرج خاطرة رائعة للمبدعة عبق حروفي
أحقا تسألين ؟ .. تسألين يا دُرة قلبي ...
يا ماضي .. وحاضري .. ومستقبلي ...
يا أمسي .. ويومي .. وغدي ...
ماذا أفعل بمن تمسك بك ؟ .. ماذا أفعل بمن تشبث بوجودك ؟..
قلبي وآه من قلبي .. خائني عند استنشاق رائحتك ...
شفيعك لرؤيته ملامحك
يستمر عقلي في التفكير ليل نهار ... وفجأة باقترابك
تحدثين كل الدمار
أخطط للانتقام بواقعي ... فتشعلين بأطياف طفولتك ذاتي
أنظر حولي بحثا عن تلك الأطياف ليهدأ داخلي فيثور قلبي
أكثر فأكثر ... ليجد أن الأطياف قد أصبحت فتاتي ...
حقيقة بلا خيال أمامي ... أشدك لصدري طالبا السلام لمتمردي
وأي سلام أرجوه بقربك وأنت تسمعين فضيحة نبضاتي
أوتسألين ؟ .. أحقا لا تعلمين ؟!
شكرا للغالية عبق حروفي كلمات رائعة وعبرت عن
واقعهم بالفعل فسلمت يمناك .... وموعدنا الجمعة إن شاء الله