- ذهبت الى لندن وهناك وجدت عملاً في مكان كنت اعمل فيه ليلاً في مطعم ونهاراً كخادمة فندق . الليلة التي رأيتني فيها ذاك النادي كانت محض صدفة, فلم اكن قد قصدت ذاك المكان من قبل ولم يحدث ان ذهبت اليه بعد ذلك.
توردت مادي وهي تتذكر الصورة التي بدت عليها بذاك الثوب المكشوف .
- عندما جمعت بعض المال انتقلت الى فرنسا وبحثت عن عمل في الزراعة صيفاً . وانتهى بي الأمر في بوردو حيث اخذني بول في عهدته.
القت مادي على نيك نظرة دفاعية " اكتشف من اين جئت وعرف ان عندي خبرة في الزراعة وقرر ان يمنحني واحدة من منحه الدراسية. ولأن والدي لم يرسل ورائي رغم مرور الوقت , عرض علي بيار عملاً بدوام كامل"
بدا وجه نيك خالياً من التعابير" ولكن تلك المقالة التي وردت في المجلة , تظهر صورة مختلفة"
ولأنها شعرت بأنها انخرطت كثيراً, قررت ان تخبره الحقيقة , ولكن مرحلة المذلة عادت ذاكرها اليها بقسوة , واخبرته كل ما يتعلق بأمها ودورها في تلك المقالة.
عندما انتهت وضعت الكأس على الطاولة ووقفت . صدمتها فداحة بساطتها فكيف ظنت للحظة ان نيك قد يكون متحضراً وساحراً كما ظهر لها الليلة . مع امرأة اخرى ربما يكون كذلك اما معها فلا, كان يحاول فقط ان يفقدها توازنها وقد سمحت له بذلك.
- اريد منك ان تعرف انني لا اقع بسهولة في فخ الغني.ريحانة
بسبب الغضب الضبابي الذي كان يشعر به قال نيك" انت تستخفين بعزمي على النجاح . لقد برهنت مراراً وتكراراً كم هو عزمي شديد"
حاولت مادي ألا تجعله يرى مدى تأثيره الكبير فيها فقالت :" إذن عدنا الى حيث بدأنا "
التهبت نظرة نيك التي انتقلت الى فمها.
تراجعت مادي رافعة يدها وكأنها تحاول ان تحمي نفسها منه " لا"
ولكن وصل اليها بسهولة وسحبها اليه " بل نعم, هنا بدأنا وهنا ننتهي"
و.. احنى رأسه في قبلة حارقة مدمرة جعلت مادي بدون دفاعات . لا سيما بعدما عرت نفسها ومشاعرها امامه بهذا الشكل. تعلقت يداها بذراعيه وجسدها كله تقوس, إذ كان ظهرها يندفع الى الوراء اكثر واكثر من قوة قبلته.
شعرت مادي بطعم الدم في فمها فلم تعرف ما إذا كان دمها أم دمه . كانت قبلتهما عاصفة ولكن هذا ماتريد فقط, وهي مستعدة لتقديم أي شيء من اجل ان تطول هذه اللحظة.
فجأة دفعها نيك بعيداً عنه بكلتا يديه قائلاً " اخرجي من هنا , مادي"
نظرت اليه مادي , مذهولة , مصدومة , متألمة , حائرة . كان صدرها يتألم وهو يسحب النفس . رأت الدم على فمه فعلمت انها عضته.

تمالكت نفسها قليلاً وقالت وهي ترتجف " بكل سرور , لن أكون عاهرتك بسبب أرضي. وكلما ادركت ذلك, كان ذلك أفضل"
وقف نيك في غشاوة من الاحباط الجسدي المؤلم للحظات طويلة , فهو لم يعرف كيف استطاع ان يتركها تذهب ولكنه عندما تذكر كيف بادلته قبلته وكيف عضت شفته في خضم رغبتها الجياشة التي كشفت عن حياتها في السنوات الماضية , شعر بأن مشاعره معرضة للأذى بشكل كبير .منتديات ليلاس
لقد اعتقد ان مادي وامها تلقتا الكثير من الأموال , فلم يكن لديه أي فكرة ان والدها طردهما من دون أي دعم, او ان انها ادارت لمادي ظهرها بحيث اضطرت الى العمل في عملين تافهين من اجل البقاء.
توجه نيك الى السياج الخشبي الذي يحيط بالبيت. اشتدت يداه على السياج وسحب نفساً عميقاً وهو لا يزال يكافح لضبط مشاعره ورغبته. إن تقبيل مادي قبل قليل ذكره كيف وقع من قبل في احابيلها.
لقد ظلت اسبوعاً كاملاً تلف احابيلها حوله, دافعة إياه الى ثقة بها بسهولة , ليكتشف في النهاية الحقيقة من وراء قيامها بإغوائه. لقد جعلها ذلك تمرض جسدياً. لا يزال يذكر ردة فعلها عندما لمسها فقد سعلت وكادت تتقيأ. انقبضت معدة نيك بقوة. لاشك انها كانت ضجرانة جداً حتى تجاوزت كل الحدود من اجل شيء مثير محرم.
شيء ما خاص جداً وحساس جداً في نفسه تحطم ذاك اليوم . لقد اصبح اقسى عوداً , لا يمكن اختراقه.
لا امرأة بعدها استطاعت ان تخرق خطوط دفاعاته او تتحدى تهكمه ولا مبالاته. ولكن الطريقة التي قبلته فيها هذه الليلة الأخرى شكلت تهديداً لسلامة عقله ولكل شيء بناه من دفاعات حول قلبه.منتديات ليلاس
منتديات ليلاس
كانت امه تفرط في حمايته فيما كان والده على العكس من ذلك غضوباً , قاسياً وهذا ماجعله يكره ان يلمسه احد. ولكن عندما كانت مادي تلمسه , لم يكن يكتفي منها . ما أزعجه الآن انه كان يعتبر لمسة أي امرأة اخرى متملكة جداً او مزعجة اما لمساتها هي فليست كذلك ابداً. بل إنها تجعله متوتراً جداً ولا يكاد يرتوي منها.
شيء مافي داخله قسا . انه يريدها ولكن وفقاً لشروطه هو , فهو يرغب في ان يجبرها على ان تكون صادقة معه ومع نفسها . بعد الآن لا يريد ان يكون هناك أي دراما او أسف او اتهامات متبادلة. يريد فقط الارتواء ووضع خاتمة نهائية لما يشعر به.
بعد عدة ايام كانت مادي جالسة في مكتب والدها تنظر الى دعوة اخرى. كانت الدعوة باسم أبيها وهي دعوة سنوية توجهها جمعية مزراعي امريكا الجنوبية . ستقام الحفلة بعد يومين. في كل عام تقام في مدينة مختلفة اما هذا العام فستقام في بوينس ايريس. أي قريبة جداً .. بعيدة جداً.

تنهدت مادي , إن دعوة كهذه هي ماتحتاجه حقا, فهي فرصة للقاء من لا يزال من الناس يذكرون نجاح فاسكيز في عالم الزراعة . إنها افضل مكان لتجد مستثمراً . ولكن لا امل لها بالسفر بالجو الى بوينس ايرس , إذ لا تملك المال الكافي للسفر جواً.
في تلك اللحظة بالذات رن الهاتف فالتقطته مادي. انتفضت من رأسها الى اخمص قدميها ما إن سمعت صوته العميق المألوف على الجانب الآخر من الخط . ولكن مالبثت ان شعرت بالبرودة حالما تذكرت الطريقة التي طردها فيها قبل ليال قليلة. إنها تكره نيك ده روجاس لأنه يكشف ضعفها ورغبتها ولأنه يرفضها.ريحانة
قالت بصوت بارد جدا " نعم "
- هل تلقيت الدعوة؟
حاولت مادي ان تدعي الجهل" أي دعوة ؟"
- انت كاذبة فاشلة فاسكيز . اعرف انك ربما الآن تنظرين الى الدعوة وتفكرين كيف ستصلين الى مكان إقامة الدعوة للبحث عن مستثمر لأراضيك الميتة.
- آه, تلك الدعوة تقصد؟ نعم تلقيتها .. لماذا تسأل؟
- هل انت ذاهبة ؟
شيء مافي صوته جعلها تغضب " بالتأكيد , انا ذاهبة , ولماذا لا اذهب؟"
- لا داعي ان تكوني دفاعية هكذا . اسألك لأنني سآخذ طائرة خاصة وادعوك الى السفر معي.
شعرت مادي بالدهشة لكنها لم تلبث ان تمالكت نفسها بسرعة . بعد تلك الليلة يستحيل ان تقبل من هذا الرجل شيئاً " لا شكراً لك . لدي بدائل اخرى . أراك هناك"
سمعته يتمتم "امرأة عنيدة" قبل ان تقطع الخط. كان قلب مادي يخفق بقوة . عليها الآن ان تذهب , فهي لن تظهر لنيك أي ضعف .
عندما وصلت مادي بعد يومين الى بوينس ايريس كانت عرقانة , حرانة , متألمة الجسم. فقد ركبت باصاً من مندوزا وصولاً الى هنا.
جرّت مادي حقيبتها وراءها وانضمت الى جموع الناس الذين كانوا يتفرقون بحسب الجهة التي يقصدون.ريحانة
وجهتها هي كانت فندقاً رخيصاً يقع على مقربة من مكان إقامة الحفلة.
عندما وجدت اخيراً غرفة , ونظرت الى نفسها في المرآة , ادركت حجم العمل الذي ينتظرها حتى تجعل نفسها تبدو بمظهر التاجر الناجح.
لم يعجب نيك هذا الشعور بالترقب الذي يستعر في دمه . إنه معتاد على السيطرة على اعصابه طوال الوقت ولكنه الآن يشعر كأنه على صفيح ساخن, وهو يدرك ان السبب عائد الى انه لا يعرف اين هي الآن . لقد كاد يذهب الى بيتها ويجبرها على القدوم معه بطائرته الخاصة, ولكنه امتنع عن ذلك بسبب ماحدث في تلك الليلة.

وكيف يا ترى ستصل الى الحفلة ؟ يعلم ان من غير الممكن ان تأتي بالطائرة بسبب الإضراب ولهذا السبب طلب طائرة خاصة.
وعندئذ رأى وجهاً أليفاً بين الجموع فابتسم ابتسامة دافئة. أهلاً بالإلهاء.
انقبضت معدة مادي بشدة , فسحبت نفساً عميقاً وخطت الى قاعة الحفلة . لقد نقبت في ملابس امها ووجدت ولله الحمد ثوباً مقاسه مناسباً لمقاسها . كان فستاناً اخضر براقاً, يصل الى الأرض ولكنه نسبياً محتشم : أكمامه طويلة وقبته عالية . إنما عندما تمشي كانت تنكشف إحدى ساقيها بسبب فتحته الطويلة الممتدة على طول الساق. لقد لعنت حظها عندما اكتشفت الأمر ولكن ليس بيدها حيلة حتى تجد طريقة لتحمل نفقات الثياب التي ستحتاجها.
لقد انفقت من بطاقة الاعتماد لشراء حذاء رخيص ولتزيين شعرها عند مزين الشعر وهاهو ينسدل على كتفيها متموجاً. عندما رأت مدى الأناقة والبهاء التي يبدو عليهما جميع الحضور في القاعة, شعرت بالسعادة لأنها انفقت بعض المال. وتمنت ألا يلاحظ احد ان الحلق الفيروزي الذي تضعه اشترته من محل لبيع المجرهوات المزيفة.
وعندئذ رأت نيك . فشدت على حقيبتها بشكل غريزي . لقد كرهت الشعور بالإثارة الذي رقص في شرايينها لمجرد رؤيته من جديد. ولكنه لم يكن ينظر اليها بل الى امرأة اخرى واقفة امامه . كان يبتسم لها بطريقة جعلتها تتوق الى رؤيته يبتسم لها هذه الابتسامة.
وعندئذ رفع نظرها مباشرة اليها وكأنهما متصلان بسلك تخاطري يجعلهما يشعران ببعضهما اينما كانا. خبت ابتسامته , فرفعت المرأة التي كان يتحدث اليها نظرتها الى مادي ايضا, فشعرت مادي بفجوة في داخلها عندما ادركت انها نفس المرأة الشقراء الجميلة التي رأته معها في الليلة الأولى التي التقته فيه ثانية في ماندوزا.منتديات ليلاس
منتديات ليلاس
جاء احدهم حاملاً صينية عليها بعض انواع الضيافة فأخذت مادي كوباً من الشراب تلهي نفسها لأنها رأته يمسك بيد رفيقته ويتوجه وإياها الى حيث تقف مادي. لم تستطع مادي التحرك ووجدت نفسها وكأنها عالقة في مكانها فلعنته لأنه يريد ان يعرفها الى عشيقته .
اقترب منها اكثر فأكثر وعلى وجهه وعينيه نظرة اهتمام وتركيز .كانت مادي عالقة في مكانها كغزال سلطت عليه الأضواء القوية , والواقع انه لم يحدث لها قط ان شعرت بأنها على هذه الدرجة من الوحدة والانكشاف . لم يكن عليها المجيء أبداً. كان عليها ان تعرف انه سيستغل اي فرصة ليذلها .منتديات ليلاس
- مادي , لقد فعلتها , ولكني سأقاوم فضولي لأسألك كيف وصلت؟
صوت مادي لم يخرج منها للحظات , ورأت مادي الفضول واضحاً على وجه الشقراء . اجتاح الغضب وجنتي مادي , فلم يحدث قط ان وضعت بهكذا موقف. وملأت الخيبة قلبها إذ لم تتوقع ان يبدر عنه مثل هذا التصرف.

- اريدك ان تتعرفي الى احداهن.
استطاعت مادي بطريقة ما ان تنظر الى المرأة الأخرى وابتسمت ولكنها شعرت بالخدر . إذ لاحظت المرأة اصغر منها بكثير , في العشرين من العمر تقريباً. شعرت الآن بالسقم والقلق وكأنها تريد ان تقلع عينيها من مكانهما.منتديات ليلاس
- هذه ابنة خالي , استيلا . اظنك التقيتها في الحفلة التي اقمتها في منزلي. كان عليها ان تكون مسافرة الآن في سفرة عمل كعارضة ازياء. إنها شخص مطلوب جداً , ولكنها اصيبت بحساسية الربيع بعد يومين من وصولها الى البلد.
نظرت الصبية الى نيك بحب وضربته على كتفه بطريقة لعوب" انت تحب المبالغة . اليس كذلك؟"
ادركت مادي ان الفتاة جميلة ورائعة , تملك حس الدعابة والمرح. ولكنها ويالراحة بالها " ابنة خالي!"
اجبرت مادي حنجرتها على العمل وحاولت ان تتجاهل الراحة التي سرت في شرايينها " يسرني ان اتعرف اليك أستيلا"
-وانا ايضا يا مادي.
والتفتت الى نيك قائلة" علي ان اذهب لأجد صديقي, وإلا سيجوب ارجاء المكان كله يبحث عني"
- علي ان التقي بهذا الرجل الذي يدّعي انه لم يشاركك غرفة الفندق الليلة.
نظرت مادي الى نيك فرأت نظرة حازمة على وجهه. تورد وجه ابنة خاله ولكنها قالت :" نعم, نيك . رجاءاً لا تعطه المركز الثالث. إنه شاب لطيف حقا"
وقفزت تطبع قبلة على خده ومن ثم ذهبت كالصاروخ.
كانت مادي مأخوذة بنظرة العطف التي كان ينظر فيها الى استيلا , لذا لم تكن مستعدة عندما التفت ناظراً اليها بوجه تحول الى صقيع بارد.
- لقد حجزت لها غرفة في الفندق لأنني لا اريدها ان تعود ليلاً الى الضواحي . على الأقل بهذه الطريقة سأعرف انها بخير. والدها هو اخو امي . مات عندما كانت صغيرة لذا اصبحت بشكل ما محل ابيها.منتديات ليلاس
انقبضت معدة مادي وهي تسمع مدى رغبته في حماية ابنة خاله . قالت " إنها لطيفة"
في تلك اللحظة صدمها احدهم فأجفلت , وشعرت بأن احد ردفيها مرضوض.
- ماهذا؟
صوت نيك المليء بالإلحاح جعلها تنظر اليه " لا شيء, يبدو انني موجوعة قليلاً بسبب ..."
واوقفت نفسها هنا , ولكن نيك سرعان ما ادرك الموضوع .
"ركبت الباص؟ يالعنادك "منع نفسه عن الشتم " كم استغرقت الرحلة ؟ اربع عشرة ساعة ؟"
لعنته في سرها ومن ثم اعترفت بألم " بل 16 ساعة عداً ونقداً"
هز رأسه وقال " اظنك جئت تبحثين عن مستثمر"