كاتب الموضوع :
نجمه الصباح
المنتدى :
رومانسيات عربية - القصص المكتملة
رد: رواية .. خفقات هاربة .. بقلمي .. رقية سعيد .. الفصل الأول
السلام عليكم حبيباتي يلله نبدا الفصل الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الثاني
جالس في مكتبه وهو يريح رأسه للخلف مغمض عينيه بتعب , يفكر بوالدته والضغط الذي بدأت تمارسه عليه لكي تجبره على الزواج .. كان دائماً يعرف كيف يتهرب من هذا الأمر لكن في الأونه الاخيرة بدات بمحاصرته اينما توجه لا تنفك عن مفاتحته بهذا الامر مراراً وتكراراً , فبالرغم من عمره البالغ الثلاثة والثلاثين إلا انه لم يفكر بالزواج كان كل ما يشغل باله هو العمل ولا شيء غيره ، تذكر كيف دخلت عليه قبل عدة أيام كانها عاصفة من الغضب لتقول له بصرامة وهي مقطبة الجبين
-هل فكرت بما أخبرتك به ؟
اعتدل بجلسته وتنهد بيأس فهو يعلم جيدا أن والدته إذا فكرت بشيء لن تتركه حتى يتم قال بسره الهي ليس مجددا .. نظر لها ببراءة
- أي أمر أمي ؟
أجابت بنفاذ صبر هي تعلم جيدا انه يتذكر لكن يحاول التملص لينهي الأمر لصالحه .. لكن لا وألف لا سيتم الأمر حتى لو رغما عنه
- مريم ابنه السيد بهجت صديق والدك لقد أخبرتك أننا سنذهب لزيارتهم لكي تراها و نطلبها لك
من اين ظهرت ابنة السيد بهجت تلك لتنغص عليه حياته وتعكر صفو هدوءه ..قال وكأنه طفل صغير وليس رجل خطا أعتاب الثلاثين ليستدر عطفها
- أمي أرجوك ليس الآن لم يحن الوقت بعد..
قالت بنبرة ألم لم تخلو من الصرامة
- إلى متى يا ولدي ستبقى عازفا عن الزواج ؟ فقط أعطني سببا واحدا مقنع وأنا أعدك أنني لن أزعجك ثانية.
لم يجبها بشيء عندها تشجعت وأضافت بصوت حاولت أن تجعله منكسر وقد نجحت بذلك
- إني اخشي الموت قبل أن أرى أولادك يا حسن هل يريحك هذا يا ولدي ؟
انتفض من مكانه وهب واقفا وهو يقبل جبينها
- بعيد الشر عنك أمي أطال الله بعمرك وتعيشين وتحملين أبنائنا جميعاً
قالت بعيون دامعة
- إذن أرح قلبي ولنذهب إلى هناك
فكر أنها لن تيأس أبدا أجاب بقلة حيلة
-حسنا موافق لكن بشرط..
ارتخت ملامحها وابتسمت بانتصار وهي تقول
- أي شيء المهم أن تذهب وتراها
أجاب بهدوء
- أذهب لكن لا أعطيك وعدا بالقبول فماذا إذا لم تعجبني ؟ هل سأتورط بفتاة بلهاء وغبية !
ابتسمت الأم وقالت بفخر
- أطمئن من هذه الناحية فهي جميلة وذكية و....
لم يدعها تكمل كلامها
- حسنا حسنا أمي فهمت سأذهب فقط من أجلك..
ربتت على كتفه وقالت
-رضي الله عنك يا ولدي وجعلها من نصيبك
بهذه الكلمات غادرت الغرفة وهي في قمة سعادتها فهذا بحد ذاته يعتبر انجازا عظيما لشخص عنيد مثله
استفاق من ذاكرته اثر صداع رهيب يكاد يفتك برأسه
مسد على جبينه بقوة وتنهد بصوت مسموع وهو يتمتم حسنا ساذهب وامري الى الله لنرى تلك المريم .. ثم وقف والتقط مفاتيح سيارته و هاتفه وخرج متوجها للمنزل و كل ما يفكر به هو حمام دافئ وقسط من الراحة
.............
على الجانب الأخر اتفق حازم على موعد لزيارة زياد في منزلهم ليتم كل شيء بشكل رسمي
ارتدت ياسمين فستاناً زهري اللون لينسدل على جسدها بنعومة وصففت شعرها بشكل أنيق يتلاءم مع المناسبة , لم يكن لها متسع من الوقت للذهاب لصالون التجميل تنهدت بيأس وهي تتذكر والدتها عندما منعتها من الخروج حاولت بشتى الطرق إقناعها لكنها لم توافق
وضعت مساحيق التجميل بشكل متقن لائم ملامحها الارستقراطية فبدت جميلة جداً ونضرة كزهرة برية تطلعت لصورتها في المرآة وهي تبتسم وتتمتم بغرور وهل يوجد من هي اجمل واعلى شئناً مني .. من حسن حظة اني وافقت على الزواج به ... لكن ملامحها بهتت وهي تتذكر ان اخيها هو من طلب منه ذلك .. تنهدت بيأس وهي تقول بصوت مسموع.. سامحك الله اخي لما تهدر كرامتي هكذا وتجعلني اشعر بالخجل..فقط لو طلبها حازم دون تدخل اخيها لكانت سعادتها الان مكتملة لكن ماذا ستفعل لن تستطيع ان تغير من الامر شيء .. ستحاول ان تبين لحازم انها الطرف الاقوى لن تسمح له بان يعايرها او يفكر بانه قد تكرم عليها بقبوله لهذا الزواج ستجعله يعشقها ويكون كالخاتم بأصبعها ..
عند وصول حازم و والدته
استقبلهم زياد بكل حفاوة و جلسوا جميعا بغرفة الضيوف .. دلفت ياسمين لصالة الضيوف بكل كبرياء كأنها ملكة متوجة كان سلامها بارداً ومتعجرفاً الشيء الذي لم يعجب الحاجة فاطمة لكنها أثرت السكوت وهي تفكر بسعادة ولدها غير ان قلبها لم يكن مطمئن لهذه الخطبة
جميلة لا بل رائعة الجمال وأنيقة أيضا فكر حازم بسخرية لكن لما لا يشعر بالارتياح ، لم تعجبه تحررها الزائد ولا طريقة كلامها مع والدته وجرأة حديثها معه وهذه الصفة التي لا يحبها ابداً .. فهو يؤمن ان جمال الفتاة ليس فقط شكلها بل خجلها وحيائها لا يدري لماذا تراءت أمامه نور برقتها وعذوبتها و وجنتيها التي تحمران كفاكهة ناضجة كلما رأته
طرد هذه الأفكار من رأسه وفكر في انه سيغير من طباعها اجل سيفعل ذالك بكل تأكيد
تم الاتفاق على كل شيء وجرت الأمور بكل سهوله ويسر واتفقوا على موعد الخطبة التي أصرت ياسمين أن يجري بأفخم الفنادق في المدينة وذلك لشكلها الاجتماعي أمام صديقاتها وأقاربها
لم يمانع حازم وهو يستقبل كل ما تطلب بابتسامة هادئة وأعزى ذلك على أنها عروس ومن حقها الفرح والتباهي أمام أصدقائها وهو ايضا قد من الله عليه بالمال الوفير فلما سيبخل عليها..
............................................................ ....................
في احد الإحياء السكنية البسيطة تجلس فتاة في بداية ربيعها الرابع والعشرين ذات ملامح طفولية وغمازتين تزيدان من جمالها الرقيق عيناها بلون العسل الذائب وجه مرمري انف صغير وشفتان كرزيتان ممتلئتان بشكل محبب
- هيا عزيزتي فلنكمل تنظيف المنزل سيزورنا اليوم ضيوف
هكذا قالت والدتها
أجابت بنبرة طفولية تتناسب مع رقتها
- حاضر أمي اذهبي وارتاحي قليلا وأنا سأكمل كل شيء
أجابت الأم بحنو
- وفقك الله يا ابنتي و رضي عنك لا بأس لا اشعر بالتعب
قبلتها مريم وبدأت بحملة من التنظيف بدون كلل او ملل فلطالما كانت مريم فتاة هادئة ومطيعة ذات وجه معبر.. تتميز بالطيبة والتواضع كل من يراها يشعر بالراحة فيها براءة نادرة وكأنها طفلة صغيرة .. راقبتها والدتها بحب ولسان حالها يلهج بالدعاء لها
في المساء كانوا يجلسون في صالة الضيوف ، عقدت جبينها الناصع بانزعاج عندما سمعتهم يتحدثون ، تذكرت والدتها التي أصرت على خروجها لكي تسلم على الضيوف وتقدم لهم الضيافة لم تفهم مريم ما السبب لكل ذلك زفرت بضيق فهي تكره مثل هذه المناسبات وتشعر بالخجل الشديد فهي بطبيعتها لا تحب المناسبات او الاختلاط بالآخرين تفضل العزلة والهدوء لا تمل من الجلوس لساعات طويلة وهي تمارس هوايتها المفضلة ألا وهي القراءة , ارتدت مريم لتلك الليلة فستاناً بسيطاً من الحرير الأزرق مع حجاب من نفس اللون .. لم تضع اي من مساحيق التجميل لأنها لا تحتاج لذلك فهي بطبيعتها موردة الوجنتين رقيقة الملامح ينبع جمالها من روحها الشفافة وشخصيتها الطفولية الفطرية , زفرت بضيق وهي ترص كؤوس العصير على الطاولة .. تتساءل وتتمتم بضيق .. ترى من هم هؤلاء الضيوف المهمين .. ولما تلح علي أمي بالخروج إليهم .. جاءت والدتها تكاد تطير من الفرح وهي تقول
- هيا مريم .. أسرعي عزيزتي الضيوف بانتظارك .. اقصد لا يجب ان ندعهم بدون ضيافة لوقت طويل أليس كذلك ؟ أومأت مريم وهي تتبع والدتها بضيق
دخلت تحمل صينية العصير وابتسامة عذبه تلوح على شفتيها الكرزيتين ..وهي تلقي السلام برقة
- السلام عليكم
رفعت بصرها فالتقت عينيها بزوج من الأعين السوداء التي كانت تحدق بها بقوة أخجلتها .. فاخفضنها بسرعة لم تكن تعرف ان معهم شاب أحست بحرج كبير وهي تهم بتقديم الضيافة لهم الى ان وصلت له .. انحنت تقدم له العصير بخجل شديد بينما قلبها يخفق بقوة .. سمعته يتمتم بخفوت وبنبرة جذابة
- شكرا لكِ
ذهبت وجلست قرب والدتها مطأطئه رأسها ووجهها يتوهج حرارة
لا تعلم ماذا أصابها عندما شاهدته بجسده الضخم ووسامته المفرطة , تغلغلت الى رئتيها رائحة عطرة النفاذة لم تستطع رفع رأسها لثانيه واحده تشعر بنظراته المسمرة عليها حاولت والدتها إشراكها بالحديث معهم لكنها كانت تجيب بصوت هامس ومرتبك تمنت الهروب بسرعة للتخلص من اسر عينيه التي لا ترحم خجلها .. وهو لا يزال يحدق بها بدون خجل ..
كان يشعر بالضجر و يتململ بجلسته لا يعرف لما يراوده شعور كمن وقع في فخ محكم اجل انه فخ نصبته له والدته .. يستمع لما يقولون ببرود وهو يهز رأسه بخفه أدار عينيه الى الناحية الأخرى ... عندما شاهدها تسير بهدوء فتاة برقة الفراشة كأنها نسمة صيف باردة هبت في صحراء قاحلة .. شعور لذيذ دغدغ قلبه عندما التقت عيناه بعينيها العسليتين وكأنها أحست به فخفضتهما بسرعة لتحرمه من هذا العسل المصفى ، جلست قرب والدتها بعد ان قدمت له واجب الضيافة .. ليستنشق عطرا خفيفاً برائحة الفراولة الشهية ..كان الحديث الدائر بينهم عادياً ومملا لم يهتم ولم يبالي بما يقولون وهو يختلس لها النظرات يعلم جيدا أنها قد أحست بعينيه المصوبة تجاهها والتي لم تغفل لحظه عن متابعتها شاهدها تتهرب من النظر تجاهه وهي تبتسم برقه لشيء قالته والدته تتظاهر بالحديث معها .. لا تعلم ما تفعله بتلك الحركات العفوية التي تصدر منها ابتسامتها وغمازتيها اطارت صوابة .. مالذي يحدث لي فكر حسن بسره هذه ليست المرة الاولى التي يرى فيها فتاة جميلة فقد راى الكثيرات ممن رمين انفسهن تحت قدميه لكنه كان يأبي ان يدخل بعلاقة من اي نوع مع اي فتاة وكأنه اراد ان يحتفظ بقلبه وحبه لها وحدها ..حب !! تعجب من المنحى الذي اتجهت اليه افكاره ابهذه السرعة شعر بانه احبها .. لم يختبر هذه المشاعر من قبل اي سحر القت عليه تلك المريم الجالسة امامه بلامبالاة وكأنه غير موجود.. الم تتشنج رقبتها وهي تلويها تجاه والدته طوال الوقت يا الهي فقط اديري وجهك قليلا لما هذا البخل منذ البداية ..كانها ليست من البشر رقيقة وهادئة حتى كلامها كأنه خرير ماء عذب ينساب الى الاذن برقة لتبث في النفس الصفاء والراحة .. اخرجه من سيل افكاره الحالمة صوت والده وهو يستأذن بالخروج على وعد بزيارة أخرى في وقت قريب
بمجرد دخولهم الى السيارة قالت والدته بدهاء وكأنها أحست بما يجول بفكر والدها
- ما هو قولك يا حسن ألا زلت مصرا على العزوف عن الزواج ؟
شبح ابتسامة لاحت على شفتيه التي قلما تعرف طريقه إليها .. ما الذي حصل له وزلزل كيانه لهذه الدرجة ... منذ ان دخلت الى غرفة الضيوف دخلت قلبه بدون استئذان .. لم يتصور بان هناك فتاة تستطيع اختراق حصونه الصلدة التي بناها حول قلبه لسنين عديدة لا لشيء فقط لأنه اعتاد على إعطاء كل وقته وتفكيره للعمل فقط .. استخرجته من دوامة شروده صوت والدته تحثه للإفصاح
- إذن !!؟؟
تنهد باستسلام وهو يقول بطوعية غريبة
- حسنا أمي مبدئياً أنا موافق ..
لا يدري كيف خرجت من فمه هذه الكلمات ويا للعجب فقد شعر بتلك الأحاسيس التي عادت تدغدغ جنبات قلبه عندما نطق كلمه موافق ..ارتفعت زاوية فمه وهو يتذكر عينيها الهاربتين اللتان تنظران بكل مكان عداه هو.. ما هذا يا حسن ؟ منذ متى وأنت تهتم بفتاة ! لكنها ليست أي فتاة ، إنها مريم !! أحس بانتعاش وهو يتخيل تلك المهرة الجامحة ستكون قريبا زوجته ، كان يعصف في صدره مختلف المشاعر التي لم يمر بها من قبل دفئ , حنان , احتواء ومشاعر أخرى لا يعرف تفسيرها ولم يرغب بتفسيرها
بينما كانت الأم بأوج سعادتها فبدت كأنها أصغر من سنوات عمرها التي قاربت على الرابعة والخمسين ، تنهدت بارتياح فكل ما خططت له يسير بنجاح وأخيرا ستحصل على حفيد يؤنسها و يملأ المنزل بضحكاته وشقاوته دمعت عيناها فرحا وهي تدعو له ولأخوته بدوام الفرحة والسعادة وان يتم الامر دون مشاكل وبسرعة قبل ان يغير ذلك العنيد رائيه
............................................................ .............................
قلبها يخفق بجنون حتى أحست انه يكاد يقفز من بين أضلعها وجهها تحول الى كتلة من اللون الأحمر وهي جالسة تستمع الى كلام أبيها يخبرها ان حسن قد طلب يدها للزواج
- حسنا ما هو رأيك يا ابنتي ؟
لم تجب ، كل ما فعلته انها أطرقت رأسها بحياء شديد وقد فقدت القدرة على الكلام , فقط ما ظهر ابتسامة رقيقة على شفتيها .. عبثت باناملها تشبكها ببعضها بارتباك .. وهي تفكر يا اللهي هل هذا الوسيم اسمه حسن ويطلبني انا للزواج .. احست بالاحراج كيف ستخبر والدها بموافقتها ..تشعر بالحراة تتصاعد لوجهها من مجرد التفكير به فكيف عندما يصبح زوجها ... قالت والدتها التي أحست بما تعانيه ابنتها من خجل
_ إذا كنت موافقة يا مريم قولي يا بنتي ولا تخجلي فانا وأبيك لا نتمنى في هذه الدنيا الا سعادتك
بذلت مجهودا جبارا لتومئ برأسها إيجابا لم تعرف ماذا تفعل او كيف تتصرف وهي تسمع والداها يهنئاها ويتمنيان لها حياة سعيدة , قامت و أسرعت الى غرفتها جلست على سريرها وضعت يديها على وجنتيها لتخفف من حرارتهما وفي شفتيها ابتسامة عذبه وعينيها تبرقان بريق السعادة ، بريق الحب ، بريق من وجد نصفه الآخر .. عندما شاهدته للمرة الأولى لا تعلم لما شعرت بالراحة تملئ قلبها .. كل شيء فيه يجذبه إليها بقوة تساءلت بخفوت يا الهي ما الذي يحصل لي هل أحببته بهذه السرعة .. ابتسمت بسعادة وهي تجيب نفسها بخجل اجل يبدو ذلك
............................................................ ...............
تنهد والدها بارتياح وقال
- الحمد لله الذي استجاب لدعائي كنت أتمنى ان أحظى بولد مثل حسن بأخلاقه والتزامه وطاعته لوالديه ولكم كانت فرحتي كبيره حين طلب يدها
قالت الأم وهي تعلق قميص زوجها
- فعلا وانا أيضا أحببتهم و ارتحت لهم كثيرا واشعر ان مريم ستكون بأيدي أمينة الحمد لله .. أرجو ان يحافظ عليها ويصونها مريم فتاة رقيقه كالنسمة وتستحق السعادة
ابتسم زوجها بحنان جارف وهو يتذكر ابنته الوحيدة التي رزقا بها بعد عناء طويل فلقد أوشكا على اليأس من فكره الإنجاب وجاءت مريم كمطر يروي أرضهم القاحلة
الان فقط يستطيع النوم وهو قرير العين بعد ان اطمئن على ابنته الوحيدة
............................................................ ....
الحب هو أسمى شعور يمكن للمرء ان يعيشه , الحب يجعلك ترتقي بمشاعرك فتزهد عن الأنانية والحقد تتمنى الخير لحبيبك حتى لو كانت سعادته مع غيرك
هكذا كان الحال مع نور وهي تتخذ قرارا بنسيانه وتدعوا الله بسرها ان يعطيها القوه والصبر, ولكن كيف و قلبها الخائن يفقد إحدى خفقاته بمجرد سماع اسمه كيف وهي تعشقة وتحبه منذ سنين كانت متأكده من انه يحبها .. يحبها !! هه هل انتِ متأكده نور.. لا لن تكذب على نفسها وتدعي انه احبها فهو لم يهتم بها يوماً دائما نظراته كانت اخوية واهتمامه نابع من المسؤؤليه التي يشعر بها تتجاهها لانها تكون اخت صديقيه ..اذن كفى نحيبا ايها القلب .. ولا ترمي اخطاءك على الغير انت من توهمت وانت من تتحمل نتيجة وهمك الزائف
تنهدت بخفوت وهي تجلس في كافتيريا الجامعة مع ندى التي لم تكف عن الثرثرة وهي تخبرها عن عروس أخيها وتجهيزات حفلة الخطبة ، كان يجب عليها الاستماع مع ابتسامة سعادة و قلبها يقطر آلما .. بينما كانت ندى تتكلم بمرح .. سمعت صوتا رجوليا من خلفها
- صباح الخير
أجابتا بنفس الوقت
- صباح الخير
أدارت نور وجهها إلى الناحية الأخرى وهي تتنفس بضيق
قالت ندى وقد شعرت بالحرج من تصرف نور
_ أهلا بسام تفضل بالجلوس
جلس بسام وعيناه لم تفارق وجه نور المتجهم
- شكرا لك ندى , كنت أريد التحدث إليك قليلا نور
أحست ندى انه يريد التكلم بشيء خاص فقررت ان تتركهما قليلا منعاً للاحراج
فوقفت بسرعة وقالت
- حسنا ساذهب لأحضر عصيرا هل تريد ان احضر لك شيئا معي ؟
شعر بسام بالحرج وقال
- شكرا ندى لا أريد شيئاً
- حسنا عن إذنكما دقائق وأعود .. ذهبت ولم تلقي بالا لنظرات نور الحادة التي رمقتها بها.. تلك البلهاء ماذا فعلت وايه ورطة اوقعتني بها فكرت بسرها وهي تتنهد بضيق
شعر بسام بضيقها لكنه فسره بالخجل ، لقد أعجب بهدوئها ورقتها وشيئا فشيئا تحول الإعجاب الى حب لكنها لم تعطيه الفرصة للتعبير عن ما يشعر به دائما كانت تضع الحدود والحواجز بينهما وتعامله بطريقه عمليه جدا كلما أراد مصارحتها يحصل شيء ليقرر على أثره تأجيل الحديث معها لكن اليوم عقد العزم على إخبارها .. وقد اتخذ قراره باتخاذ الخطوة الأولى , أجلى حنجرته قليلا وقال
- كيف أصبحت نور ؟ لقد سمعت بأنك كنت مريضة
أجابت نور بضيق
- الحمد لله انا بخير مجرد إرهاق بسبب ضغط الدراسة
ابتسم برقة وقد تشجع على الكلام
- حمدا لله على سلامتك
تململ بجلسته وقال بعد فتره قصيرة من الصمت ,
- حسنا انا لا أحب اللف ولا الدوران لذالك جئت اليوم لأخبرك بأمر يهمني جدا أنا معجب بك و أريد أن ...........
لم تدعه يكمل كلامه وهي تجيبه بحده لا تتلاءم مع رقتها وهدوئها
- أرجوك بسام ، يبدو انك أخطأت في فهمي فانا عندما أحدثك وأتناقش معك أعاملك كزميل ليس أكثر من ذلك وليس ذنبي انك فسرت اهتمامي خطأ
أجاب بسرعة
- لا تفهمي الموضوع خطأ نور انا أريد ان أتقدم لخطبتك
لم تتمالك نفسها فهي تمر بحالة نفسيه سيئة جدا وهذا ليس الوقت الملائم لمثل هذا الكلام أبدا ، هبت واقفة والتقطت حقيبتها وقالت
- أرجوك انا لا افكر بهذا الموضوع و أرجوك للمرة الثانية لا تفتحه معي مجددا والا اقسم بأني سأتصرف تصرفا لن يعجبك ابدا و أرجو ان تعتبر الصداقة التي بيننا منتهية
غادرت بسرعة وكأن الشياطين تلاحقها ، وقف بسام واجم الوجه وعابسا يتطلع في أثرها بهدوء عكس البركان الذي يغلي بصدره اثر كلامها الجارح الذي القته بوجهه وذهبت, جاءت ندى وقالت وهي تبحث عنها بعينيها
- أين ذهبت نور ؟
أجاب بسام باقتضاب
- لقد غادرت .
استغربت ندى فأخذت حقيبتها ولحقت بنور التي وصلت الى بوابه الجامعة , فقالت وهي تلتقط أنفاسها
- هييه على رسلك ماذا حدث ؟ ما الذي قاله لك بسام وجعلك غاضبة بهذا الشكل ؟!
نظرت لها بغضب وقالت
- كنت تعرفين أليس كذلك ؟ لهذا تركتنا و ذهبت
أجابت ندى ببراءة
- اعرف ماذا ؟
التفتت لها نور بسرعة وقالت بعد ان رفعت إحدى حاجبيها
- أن بسام يريد خطبتي
صفق بيديها وقالت بفرحه
- لقد كان حدسي صحيحا الم اقل لك ! يا لي من ذكيه
عضت نور شفتيها غيظا وقالت
-إذن كنت تعرفين !!
أجابت ندى بصدق
- لقد خمنت ذلك فلطالما لاحظت نظراته المتيمة لك , وأنت ماذا كان ردك ؟ هل وافقت ؟
قالت بحده
- طبعا لا ، كيف تفكرين ندى ! أنا اعتبره كزميل فقط لا أكثر من ذالك
أجابت ببراءة و عفويه
- امنحي نفسك فرصه حاولي التعرف عليه أكثر ، انا متأكدة من انك ستغيرين رأيك به فبسام شاب مشهود له بالأخلاق العالية والتفوق ومن عائلة معروفة بالإضافة الى وسامته
ثم غمزت لها بشقاوة ، مشت نور وتركتها وهي تقول
- لقد جننت بالتأكيد !
قالت ندى وهي تلحق بها
- حسنا انت حرة كنت أنصحك فقط
ابتسمت بغيظ وقالت
-شكرا للنصيحة لا أحتاجها
............................................................ ...................
على طاولة الطعام حيث رصت أشهى الإطباق التي أعدتها الحاجة فاطمة جلسوا يأكلون ، لم تخلو جلستهم من ثرثرة ندى ومرحها المعتاد , قالت بعفويتها المحببة
- هل تعرفين أمي ؟ حال نور لا يعجبني هذه الأيام
أجابت الأم باهتمام
_ ماذا بها نور هل تعبت مجددا ؟
أجابتها وهي تأكل
-كلا هي بخير لكن اليوم جاء زميل لنا في الجامعة من عائله محترمة وطلب يديها و..........
لا يدري حازم لما شعر بضيق مفاجئ فقال دون إعطائها فرصه لإكمال
-حقا !! وما كان ردها ؟
هزت ندى كتفيها بلا مبالاة وهي تقول
- رفضت بشدة و أحرجته ، قالت له أنها لا تفكر بالزواج
لم يكن يشعر انه يحبس أنفاسه إلا حين تنهد براحه ، قال باهتمام استغربت له ندى ورمقته بشك
- أرى ان تكمل دراستها أولا ثم تفكر بهذه الأمور
ثم تدارك نفسه وأكمل
- وأنت كذلك بالتأكيد
أجابت ندى وهي تعود لتكمل الاكل
- أرجو ذلك لكني متأكدة أن بسام لن يستسلم فالواضح انه معجب بها كثيرا
لماذا يشعر بتلك النغزة في قلبه من جديد ؟! قال وهو يحاول تغير مجرى الحديث
- الخميس القادم حفل الخطبة ألن تدعي احد من أصحابك ؟
- طبعا أخي لقد قمت بدعوة عدد من صديقاتي ، مبارك لك متأكدة من انه سيكون حفلا رائعا
ابتسم بحنان وقال
- العقبى لك صغيرتي ضرب رأسها برفق ثم أكمل
- اني أشفق منذ الآن على من سيتزوجك
قالت ندى بغضب مصطنع
- بالعكس سيكون محظوظا جدا فانا جميلة وذكية وخفيفة الظل
أكمل حازم بمرح
- ولا تفهمين شيئا في الطبخ ..
قلبت شفتيها بطفولية
- سأتعلم وسوف ترى
قهقه بصوت رنان وقالت
- الا تخجلين مني ولو قليلا ؟ كيف تتكلمين معي بهذه الأمور بكل أريحيه !
غمزت له بشقاوة وقالت
- لما اشعر بالخجل ؟ فأنت لست أخي فقط بل صديقي أيضا
ابتسم حازم واخذ نفسا عميقا ..لا يدري لما يزداد شعوره بالانقباض كلما تذكر ياسمين
..................
جلست مريم مطأطئة رأسها الى الأسفل و وجهها يتوهج احمرارا بينما لاحت على شفتي حسن ابتسامة تسلية لهذه الفتاة التي اجتمعت فيها الانوثه والخجل والرقة .. فقد أصر والده على زيارتهم للمرة الثانية ليطلب يدها بشكل رسمي .. طلب حسن ان يتكلم معها قليلا فوافق والدها على ذلك .. خرجو الى الغرفة المجاورة لاتاحة الفرصة لهما بالتحدث بحرية كانت طوال الوقت مطرقة الراس لا ترفع وجهها ابداً ، أجلى صوته قليلا وقال بصوت خشن و خافت لم تخلو من بحة مميزه
- إذن هل وجدتيه ؟
رفعت رأسها بسرعة في عينيها العسليتان نظره تساؤل زادتها جمالا فوق جمالها
ابتسم بعذوبة لأنه جعلها تنظر إليه لينصهر قلبه بعسل عينيها الأخاذ الذي إطار صوابه منذ اليوم الأول ..كأنها أحست بما يقصد ، ابتسمت بخجل وخفضت رأسها من جديد وقلبها يخفق بشدة من هذا الرجل الوسيم الذي لا يرحم خجلها و رائحة عطره النفاذة التي تغلغلت في رئتيها و حواسها قد أفقدتها صوابها فغدا وجهها كثمرة فراولة ناضجة
قال بخفوت وهو يتقدم بجلسته إلى الأمام متكأ بذراعيه على ركبتيه
- لا داعي للخجل مريم فأنت ان شاء الله ستصبحين زوجتي و أرجو من الله ان أكون جديرا بك ، صدقيني سأبذل ما بوسعي كي تكوني سعيدة وهانئة و أي مشكلة تصادف حياتنا الزوجية نحلها سويا دون تدخل احد ، ما قولك مريم ؟
لم تستطع الفتاة المقاومة امام هذا الكم الهائل و المتدفق من الحنان بل بقيت مسبلة الأهداب وعلى شفتيها ابتسامة عذبة قلبها يتقافز فرحاً وخجلا .. كيف تستطيع ان تتكلم وهو يجلس أمامها بكل هذه الجاذبية المدمرة ولما طال صمتها أكمل بخفوت يحثها للكلام
- ما قولك مريم هل انتِ موافقة ؟
يا الهي لما تشعر ان اسمها أصبح أجمل من ذي قبل ام لأنه هو بالذات من نطقها !! ابتلعت ريقها بصعوبة و بخجل شديد كاد ان يغمى عليها أومأت برأسها إيجابا و قبولا
تنهد حسن بارتياح وحمد لله ثم دعا لوالدته في سره على هذا الاختيار
ماذا تفعل و كيف تتصرف مع هذا الرجل الذي سيصبح بعد ايام قليله زوجها و مالكها و سيد قلبها ، لا بل أصبح سيدا لقلبها و تربع على عرشه منذ اليوم الاول الذي رائته فيه تريد ان ينتهي هذا الحوار المحرج بينهما بسرعة لتهرب من جاذبيته التي تجذبها اليه بقوة ، أنقذها دخول عائلتيهما فجأة لتتنهد براحة بينما حسن زفر بضيق وهو يفكر بسره .. لما اتيتم بسرعه هذا لم يكن وقته ابداً....انقضت بقيت الأمسية على الاتفاق بمستلزمات عقد القران فقد اتفقوا على ان يكون عقد القران في يوم الخميس القادم أي بعد خمسة أيام أما الزفاف فبعد عدة أشهر الشيء الذي اغضب حسن لكن والدها أصر على ذالك بحجه إكمال مستلزمات الزواج على مهلهم حاول أن يثنيه عن قراره لكنه لم يستطع فرضخ مجبرا على القبول
............................................................ ...........................
جلس الأصدقاء الثلاثة في مقهى يقع على ضفاف النهر حيث المناظر الجميلة كانت أشعه الشمس تتموج بانعكاسات براقة على صفحة الماء فأصبحت كسلاسل ذهبية تلقي ببريقها الوهاج على المكان .. الجو يبعث على استرخاء الأعصاب رائحة الماء المختلط بالجو أنعش الهواء اكثر , بعد ان طلبوا ما يشربون ابتدأ حازم موجها كلامه لحسن
- إذن سوف يتم عقد القران بهذه السرعة
أجابه حسن وقد لاحت على وجهه الوسيم ابتسامه عابثه
- كذلك انت لم يبقى سوى أيام قليله على خطبتك لم يبقى سوى احمد
وتوجه بنظره الى احمد الذي ارجع رأسه الى الوراء مقهقها باستمتاع
تخيل أمامه طيف فتاه خمريه البشرة بابتسامة خجولة وعينان متألقتان شرستان
- حسنا يبدو ان العدوى انتشرت
اعتدل كلا من حازم وحسن في جلستهم وقد استرعى بكلامه هذا انتباههم
قال حازم
- ومن تكون هذه الفتاة التي استطاعت ان تجعل زير نساء مثلك يقرر الزواج
قطب احمد جبينه فأخر ما يريده هو ان يفكر به حازم بهذا الشكل قال بجدية نادرا ما تظهر عليه
- أنا أبدا لم أكن زير نساء ولا عابث يا حازم وأنت خير من يعرف ذلك
أجاب حازم وهو يومئ برأسه متفهما
- اجل اعرف ذلك جيدا انا امزح معك فقط
تنهد احمد براحه فقد أحس لثانيه ان كل أحلامه ستتلاشى قبل أن تبدأ..فهو قد صمم على مفاتحه والدته بهذا الخصوص بمجرد زواج أخيه
قطع عليه استرسال تفكيره صوت حسن وهو يقول
- ومن تكون سعيدة الحظ هذه ؟
بينما أكمل حازم وغمز بإحدى عينيه
- متى وأين وكيف تعرفت عليها ؟ هيا اعترف بسرعة
قال احمد وهو يرفع يديه بطريقه مسرحيه
- لم يحدث شيء ولم أتحدث معها حتى أنها فتاة كالفراشة أسرتني بسحر عينيها وبرقتها .. من تكون فسوف تعرفون في حينها اما الآن فلن أخبركم أبدا
لم يعلقا على كلامه بشيء وهم يكملون جلستهم ما بين المزاح والضحك ويتبادلون إخبار بعضهم البعض
............................................................ ....................................
بعد مرور عدة ايام ما بين التجهيزات والتحضيرات جاء موعد عقد قران اليوم الذي ينتظره حسن بفارغ الصبر ، لقد أصبح مؤخرا كثير التفكير بمريم وكأنه قد أصيب بسحر او بمس ... بسمتها ورقتها لا تفارق خياله
اما نور وندى فقد ارتبطتا بمريم كثيرا وكأنهم يعرفونها منذ وقت طويل ، مريم فتاة حلوة المعشر محببة للنفس تدخل القلوب دون استئذان بعفويتها وطفوليتها
كان حفل عقد القران في منزل مريم حيث جلست النساء في غرفة بعيدا عن الرجال الذين جلسوا بغرفه الضيوف ... ارتدت مريم فستاناً وردي اللون له أكمام قصيرة يضيق عند منطقه الصدر والخصر ثم يبدأ بالاتساع بطيات عديدة عند الأرداف و ينسدل بنعومة ورقه على جسدها الفتي بينما صفف شعرها بطريقه رقيقه مبرزا عده خصل تلامس وجنتيها برقه اما بالنسبة لمستحضرات التجميل فقد وضعت لها خبيرة التجميل القليل وأخبرتها بأنها لا تحتاج إلى المبالغة لجمالها الطبيعي وبشرتها الناعمة التي تحسدها عليها نجمات السينما ، كانت جميله و متألقة كنجمه تشع في عتمه ليل عيناها تبرقان بلونها العسلي وجهها مورد من شده الخجل لا تستطيع التصديق بانها ستصبح زوجة هذا الحسن الذي اقتحم عالمها الهادئ فبعثرة بعثرة لذيذة
كانت نور قد قررت ان تتناسى أحزانها لهذا اليوم من اجل أخيها ومريم الفتاة الرقيقة التي أصبحت صديقتها بسرعة كبيره واستطاعت ان تغزو قلب اخيها المتحجر الذي أصبح لا يستطيع إخفاء لهفته وشوقه لها دون خجل , ارتدت نور ثوبا بلون ذهبي من الدانتيل والساتان محتشم مع حجاب بنفس اللون مطرز بخيوط من الفضة
فظهرت بغاية الرقة و العذوبة ، وضعت القليل من الكحل الأسود الذي اظهر زرقة عينيها وأهدابها الكثيفة اما لشفتيها فلم تضع اي احمر شفاه بل وضعت القليل من الملمع الذي زادها إغراء ودلال لم تتعمده
بينما كانت النساء يجلسن مع مريم وقد بدت والدة حسن متألقة بسعادة وكأنها عادت شابة في العشرين من عمرها لا تصدق ان حسن أخير سيتزوج ، كانت تبكي تارة وتضحك تارة أخرى فيما جلست والده مريم السيدة أحلام بجوار ابنتها سعيدة لسعادتها وبنفس الوقت لا تستطيع التفكير بانها ستفارقها قريبا ، ذهبت الفتيات لتحضير واجب الضيافة من الحلويات والمشروبات واصررن على السيدة أحلام بالجلوس مع ابنتها ، قالت نور لندى
- سأذهب وأنادي احمد ليأتي ويأخذ أطباق الحلوى
لم يمر على غياب نور سوى ثانيتين وبينما كانت ندى ترص كؤوس العصير سمعت صوتاً رجوليا عرفته بسهوله فارتجفت يديها وخفق قلبها بشده بينما زحف الاحمرار ليغزو وجهها الفتان ، رفعت عينيها بخجل كان يرتدي بدله رسمية بلون اسود مع قميص ناصع البياض بدون رابطه عنق يظهر عنقه البرونزي وعضلات صدره المفتولة
بعد الانتهاء من عقد القران الذي تم بسهوله فقد أصر حسن على ان يكون حازم واحمد الشاهدين على عقد قرانه طلب منه السيد بهجت الذهاب لإحضار واجب الضيافة فذهب باتجاه المطبخ عندما لمح طيفها كانت تنتقل برقه الفراشة وتضع الأطباق على الطاولة كأنها ترتب ألعابها او تصنع قطعه فنيه ، وقف واتكأ على اطار الباب و وضع يديه في جيب بنطاله ...ابتسامة تسلية ظهرت على شفتيه عندما أدارت وجهها و رأى كيف زحف الاحمرار لوجنتيها ، كانت ترتدي فستانا انيقا من الشيفون بين الأزرق والنيلي مع حجاب باللون الأسود مبرزا وجهها الرقيق بجمالها الهادئ الغير متكلف
قال لها بتسليه ظهرت واضحة بصوته
- كيف حالك ندى ؟
أجابت بصوت خرج هامس وهي مطرقة الرأس تعنف نور بسرها لتركها وحدها و وضعها بهذا الموقف المحرج
- بخير الحمد لله
تقدمت للامام تريد الخروج بسرعة إلا انه وضع يده على الباب ليسد عليها الطريق دون لمسها وقال برقه
- الى أين ؟ أين واجب الضيافة يا ندى انا لا افهم شيئا في هذه الأمور
لم تنظر إليه بل توجهت إلى الطاولة وبدأت بوضع الصحون بعصبيه وارتباك شديد
ارتجفت يداها وهو يقف جانبها ويساعدها بكسل وأريحيه وكأنه صاحب المنزل أرادت البكاء من شده الخجل توجهت نحو باب المطبخ تريد الهروب وتهدئة ضربات قلبها كنها توقفت فجأة وهي تسمعه يقول بجديه
_ ندى أنا معجب بك كثيرا ، لا اعرف كيف ومتى حدث ذلك ؟ لكن كل ما اعرفه انني بت افكر بك ليل نهار ، انت الفتاة التي كنت ابحث عنها طويلا وأريد ان أكمل معك الباقي من حياتي ، ما قولك ندى ؟
شعرت بالأرض تدور تحت قدميها بينما اندفعت الدماء الساخنة لتتجمع في وجنتيها لم تعرف بماذا او كيف تجيب على كلامه ! هي لم تتعرض في حياتها لهكذا موقف ، أنقذها وصول نور قائله بمرح
- احمد أين أنت ؟ لقد كنت ابحث عنك واتصلت بهاتفك أكثر من مره ولم تجبني , أجاب وعيناه لم تفارق وجه ندى المحتقن خجلا
- ها أنا ذا جئت ماذا تريدين ؟
أجابت بحيرة وهي تنتقل ببصرها بينهما
- حسنا تعال لأعطيك كؤوس العصير والأطباق لتأخذها لغرفه الضيوف هيا بسرعة
بقيت ندى على حالها متسمرة بمكانها بينما عاد احمد يكمل نقل الأطباق ببطء وتسليه وكأنه يستمتع بإحراجها ..
..................
تنفس حسن الصعداء فور انتهاء إجراءات عقد القران ، أخيرا أصبحت زوجته شرعا وقانونا استقبل التهاني بوجه مبتسم وعقله شارد بمن تجلس في الغرفة المجاورة ، أراد الدخول إليها ليأخذها بين أحضانه ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ،عليك بالصبر يا حسن ، هكذا حدث نفسه تنفس بعمق لم يمضي وقت طويل حتى ..استدعته والدته ليلبس عروسه شبكتها و يسلم عليها كأنها أحست بما يعانيه ولدها فليحفظك الله أمي و يطيل بعمرك ، هكذا دعا لوالدته سرا
اخير ستشرق شمسك يا مريم في عتمة قلبي ، دخل الغرفة بطوله الفارع ، كان يرتدي بدله رسمية بلون رمادي أنيقة تظهر أكتافه العريضة ، كان كتلة من الوسامة والرجولة .
رافقه أهازيج و زغاريد النسوة مع مباركة هذه وتهنئة تلك ، لم يكن حتى يعرف بماذا أجابهم وهو يسلط نظراته على تلك الغزالة الجالسة بهدوء وكأنها تتفنن بتعذيبه ولا تعرف ما تفعله بقلبه من الأعاجيب بقي مسمرا لدقائق وهو ينظر لشعرها الحريري الذي يراه لأول مرة .. جسدها البض المرمري الظاهر من الفستان .. ابتلع ريقه بصعوبة وهو يتقدم للأمام ليجلس بجانبها ..أحست بقشعريرة باردة تمر بجسدها عندما لامس ذراعها العاري .. قلبها كان يخفق بجنون منذ دخوله ، البسها شبكتها الذهبية بمساعدة والدته ثم قبلها قبله طويلة على جبينها الوضاح دون مبالاة بالنظرات الفضولية او الغيورة من زواج هذا الوسيم بهذه الفاتنة ،قرب وجهه منها وهمس بجانب أذنها وأنفاسه الدافئة تلفح وجنتها القرمزية وقال لها بصوت أجش بفعل المشاعر التي تفجرت داخله
- مبارك لي وجودك في حياتي يا مريم
أحست أنها ستذوب خجلا من جرأة تصرفاته و من الأعين الفضولية التي تراقبهما .. إجابته بخفوت وهمس بالكاد يسمع وهي مطرقة برأسها
أراد أن يمسكها من وجهها الخجل هذا ويغرقها بوابل من القبلات المتشوقة لكن ما باليد حيلة . .. ليس الآن ومع كل هؤلاء النسوة المتربصات اللواتي يحملقن بهما دون خجل كأنهن يشاهدن فلما سينمائياً
....................
استلقت على سريرها عيناها تبرقان و تتذكران تفاصيل هذا اليوم ضحكة خافته صدرت منها وهي تضع يدها على فمها .. بخجل عندما تذكرت نظراته النهمة وهي تلتهم وجهها التهاماً ... رن هاتفها برقم غريب لم تتعرف عليه و لم تجبه
رن للمرة الثانية والثالثة وهي عاقدة العزم على الا تجيب
الى ان أتتها رسالة فتحتها فأشرق وجهها بابتسامه عذبه وهي تقرأ
"مريم هذا انا حسن حبيبتي ارفعي الهاتف و أجيبني وإلا اقسم ان آتي لمنزلكم للمرة الثانية و ليقولوا عني مجنون مريم"
..........
ابتسمت برقه عندما رن هاتفها , فأجابت بخفوت
- السلام عليكم
تنهد براحه وارجع رأسه الى الوراء
- وعليكم السلام كيف حالك مريم ؟
أجابت بهمس
- الحمد لله كيف حالك أنت ؟
قال بابتسامه عابثه
- أصبحت بخير عندما سمعت صوتك , ألن تقولي اسمي ؟ أريد سماعه من شفتيك
ابتلعت ريقها بصعوبة صمتت قليلا ثم قالت
- حسن
قال بصوت حالم
- ياااااااه لأول مره اسمع اسمي بهذا الشكل الجميل ألن تقوليها يا مريم
أجابت ببراءة
-أقول ماذا ؟
قال بصوت هامس
- الكلمة التي طالما حلمت بها تخرج من شفتيك ، قوليها يا مريم ودعي الربيع يحل بخريف قلبي ، قوليها واجعلي المطر يسقط على صحراء حياتي لتزدهر أيامي وتنجلي عتمة التي أرهقتني ، قوليها و أريحي قلبا أضناه الشوق والحرمان ولم يعرف انه يستطيع أن يحب ويشعر بهذه المشاعر التي تعصف به فسقط صريعا بمحراب بابك أسيرا لعينيك
ابتلعت ريقها وزاغت عينيها تتطلع حولها بارتباك لا تعرف ماذا تقول وهي تسمع كلماته التي أفقدتها القدرة على النطق !
أعاد من جديد بصوت أجش
- قوليها مريم
أجابت بخفوت
- حسن ..
أجاب برقه متناهية من يسمعه لا يصدق بأنه حسن القاسي الجلف الذي لا يعرف سوى العمل في حياته !
- قلب وعيون و روح حسن
أجابت بشقاوة
- انا ..انا ... يجب أن أنام تصبح على خير
أغلقت الهاتف بسرعة وعيناها تلمعان بشقاوة وقلبها يخفق بشده كأنها في سباق مرثوني لتقول بهمس وعينان براقتان "مجنون"..
لم يكن حال حسن بأحسن منها أراد الذهاب إلى منزلها في الحال وخطفها بالقوة كيف سيصبر هذه المدة فليكن الله بعوني ، تنهد براحه وقال بصوت حالم
- حسنا يا مريم بدأتِ للعب معي و سترين كيف أروضك و أجعلك كقطه وديعة تتمرغ بأحضاني
............................................................ ...............................
جالسه مع عبير في النادي تتحدثان عن الترتيبات التي أعدت للحفلة و الملابس والفساتين واحدث الماركات العالمية ، تكلمت عبير وهي صديقة ياسمين المقربة وبنفس عمرها لا تقل عنها جمالا ذات عيون سوداء و وجه مستدير ، بيضاء البشرة و شعر اسود حريري يصل الى أعلى كتفيها
- إذن غدا هو يوم خطبتك عزيزتي ، مبارك لك صيدك الثمين (ثم أكملت بغيره) محظوظة
أجابت ياسمين وهي تطلق ضحكة رنانة جذبت بعض الأنظار إليها
-اجل حبيبتي بالتأكيد ماذا كنت تظنين ! اتركينا من هذا الكلام و اسمعيني جيدا غدا أريد منك الحضور باكرا لكي تساعديني في بعض الأمور الضرورية
أجابت عبير وهي تومئ برأسها
_ بالتأكيد حبيبتي (ثم أضافت بخبث) أنت لا تضيعين الوقت أبدا ، لقد استطعت إيقاعه بشباكك بسهوله فهو يلبي جميع رغباتك ويشتري لك كل ما هو غالي وثمين دون مناقشه
أجابت ياسمين بلا مبالاة وغرور وهي ترفع حاجبيها الرفيعان
- و لماذا يعترض ؟ هل كان يحلم بان يتزوج فتاة في مثل جمالي ونسبي خاصة وانه من عائله ذات أصل متواضع
أجابت عبير بابتسامه هازئة
_اجل معك حق بالتأكيد لكن لا تنسي أيضا انه ليس بهين لقد صنع له اسما ومكانه يهاب منها الجميع و بوقت قياسي
قالت في محاولة منها لتغير الموضوع في لا تريد إن تشعر بأن حازم يمن عليها بالزواج أو أن أخيها هو من طلب منه ذلك قالت بصوت حاولت أن تجعله عاديا
- حسنا دعينا من هذا الكلام و اخبريني ما هي آخر تطوراتك مع فراس
تنهد بضجر وأجابت وهي تمرر إصبعها المطلي بإتقان على حافة كأس العصير
- لا شيء ، الوغد كان يريد التسلية ، ما إن فاتحته بموضوع الزواج حتى فر هاربا لا بل أصبح لا يجيب على اتصالاتي أيضا
قالت ياسمين بدهاء
- لا تهتمي ، ما قولك في عريس غني و وسيم و من عائله معروفه
اعتدلت عبير بجلستها وقالت باهتمام وقد راقت لها هذه الفكرة
- من هو ؟ هل اعرفه ؟ هل هو معنا في النادي ؟ ماذا يعمل ؟ تكلمي بسرعة
أجابت بتمهل وهي ترمقها من بين أهدابها الكثيفة
_ لا ، أنت لا تعرفينه ، ليس بعد انه احمد صديق مقرب جدا من حازم
يعتبر بمثابة أخ له وصندوق أسراره يعمل مع أبيه وأخيه بتجاره الأخشاب , ها ما رأيك بهذا الخبر ؟ ألا استحق عليه هديه قيمه ؟
ابتسمت ابتسامه عريضة وغمزت بعينها
- طبعا حبيبتي تستحقين لكن عندما يتم الأمر و ارتدي خاتمه بإصبعي (ثم قطبت حاجبيها وقالت ) لكني لم أحبذ عمله ، ماذا أقول أمام صديقاتي كيف سيكون شكلي !
أجابت ياسمين بخبث
- أيتها الغبية تستطيعين تغيره بعد الزواج اجعليه كالخاتم بيديك
قالت عبير وعلى شفتيها ابتسامة لعوب
- فكره رائعة أين سألتقي به ؟ بل كيف ستعرفينني عليه ؟
أجابت ياسمين بدهاء
- في حفل الخطبة ، لقد دعاه حازم لحضورها ولا أظنه يرفض سأقول لك ماذا يجب أن تفعلي
اقتربت عبير تستمع لما تقوله ياسمين وهي ترسم ابتسامه خبيثة على شفتيها
............................................................ ...............
هتف احمد بعصبيه مبالغ بها
_ أنا لا افهم ما الداعي لذهابها إليهم ؟ لما لا تأتي هي لمنزلنا
أجابت والدته بتمهل كأنها تحاول إفهام طفل صغير
- كيف تأتي لمنزلنا بالله عليك ؟! انه حفل شقيقها هل جننت ؟ ثم إن والدتها قد طلبت مني ذلك يا بني إن حازم غير موجود في المنزل سيكون منشغل طوال الوقت فما هي حجتك !
زفر بضيق وهو يمسح وجهه و يستغفر
_ حسنا بسرعة فانا لن انتظر طويلا
نزلت نور بسرعة البرق وهي تحمل أغراضها التي ستأخذها وقالت باعتذار
- أسفه أخي جعلتك تنتظر هيا الآن أنا جاهزة
لم يجبها ونظر لها بحده وخرج مسرعا فنظرت لوالدتها التي رمقتها بنظره متفهمه وقالت
- لولا الألم المفاجئ الذي أصابني لذهبت معك حبيبتي ، اعتذري من والده حازم وانقلي لها تهنئتي وأنا سأتصل بها قريبا إن شاء الله
قالت بابتسامه وهي تقبل وجنة والدتها
- حاضر ماما سأبلغها ....
*********
ذهبا الى منزل حازم وعندما وصلا ترجل من السيارة و وقف أمام المنزل وهو يدور بعينيه كأنه يبحث عن شيء ، قالت نور وهي ترمق أخاها باستغراب
_ ماذا احمد ؟ لما وقفت ؟ هل تريد الدخول معي ؟
أجاب بسرعة وهو يحاول إخفاء ارتباكه فمرر أصابعه بشعره
- كلا كلا اذهبي كنت أريد التأكد من دخولك لأطمئن عليك
نظرت له بشك وهزت كتفيها بغير اقتناع ثم توجهت لداخل المنزل
استقبلتها ندى عند الباب بترحاب شديد ، شعرت بأن هناك من يرقبها أدارت رأسها فشاهدت احمد يقف وهو يرمقها بنظرات صقريه أسبلت أهدابها بسرعة و قد توهج وجهها بحمره قانية افسحت المجال لتدخل نور ثم أغلقت الباب وقالت بنبره حاولت أن تجعلها طبيعية
- أهلا نور تفضلي حبيبتي لا يوجد احد بالمنزل أنا و أمي فقط
خرجت الحاجة فاطمة فاستقبلتها بود كبير وسالت عن والدتها وعن سبب عدم قدومها
قالت نور برقه
- أمي تعتذر بشده فقد تعرضت لوعكة صحية وطلبت مني الاعتذار وستتصل بك في اقرب فرصه
أجابت بتفهم
- لا باس عليها حبيبتي المهم ان تكون بخير
قالت ندى بسرعة وهي تسحب نور من ذراعها فقد شعرت بالملل من هذا الحديث
- هيا نذهب لغرفتي لنتحدث قليلا ونجهز أنفسنا
أحست نور بقبضه تعتصر قلبها عندما ذكرت ذلك فابتسمت بشحوب و أومأت برأسها
ذهبت معها كالمنومة لا تدري كيف و متى انقضى الوقت ؟ أحست بصداع رهيب أرادت مكانا تختلي فيه لتبكي براحة دون ان يزعجها احد وندى تتحدث و تتحدث دون انقطاع لا تنفك تخبرها عن ياسمين وكل ما اشترته وكيف تكلم حازم امامهم بكل وقاحة ودون حياء وكأنه زوجها وليس خطيبها .. وعن انزعاج والدتها وعدم رضاها على كل ما تقوم به ، أرادت أن تصرخ بوجهها وتقول كفى أنت لا تعرفين ما تفعليه بي بحديثك هذا .. انت تدمين قلبي تغرسين سكيناً صدئاً به بلا رحمه فاسكتِ ارجوكِ ويكفيني ما انا فيه من هم وحزن ، لكنها لم تستطع النطق وهي تراقبها تتحدث بكل هذا الحماس
نهضت ندى فجأة وقالت بسرعة
- لقد سرقنا الوقت ، هيا فلنجهز أنا سأبدل ملابسي هنا اذهبي أنت إلى غرفه حازم
قالت نور بحده ( لا ) فأخر ما تريده هو الدخول لغرفته
تداركت نفسها بسرعة و أكملت بنبره اقل حده
- كلا اذهبي أنت ، أنا سأبقى هنا ماذا لو عاد و رآني !
أجابت ندى برجاء
- لكن يا نور أنا أشيائي وملابسي كلها في هذه الغرفة و أنت لم تحضري معك الكثير سيصعب الأمر علي وأنا انقل أغراضي هناك هيا أرجوك اذهبي فحازم لن يأتي الآن أرجــــــــــــوك
رضخت نور لطلبها بعد إلحاحها الشديد و توجهت لغرفته ، دخلت بهدوء وقلبها يكاد يقفز من أضلعها و استحكمتها غصة ابتلعتها بصعوبة وهي تشاهدها لأول مره ، فراشه الذي يتوسط الغرفة ، الألوان الداكنة الرجولية ، رائحة عطره ، قميصه المرمي بإهمال على السرير ، رمشت بعينيها عدة مرات لطرد الدموع التي تجمعت بمقلتيها ، خلعت حجابها بتعب و وقفت أمام المرآة تراقب انعكاسها فشاهدت فتاة بائسة تثير الشفقة ..
هزت رأسها بيأس و بدأت بحل شعرها فنزل شلالا حريريا من العسل يلامس خصرها ، أدارت وجهها ناحية السرير فسارت ببطء و جلست تتلمس قميصه برقه وهي تتنفس بصعوبة ، نقلت بصرها على الطاولة الجانبية فشاهدت صورته وهو يبتسم ابتسامه عريضة ، أمسكتها بأصابع مرتجفة وهي تتلمس ملامحه من خلف الزجاج البارد ، اه كم تحبه ومازالت ( حبك لعنه قد أصبت بها ولا أريد الشفاء منها) هكذا فكرت نور و انحدرت دمعه ساخنة حاولت منعها لكنها أبت إلا النزول متحدية عنفوانها الزائف ..
تنهدت بصوت مرتجف و إعادتها لمكانها ثم أغمضت عينيها بألم واحتضنت وسادته التي لا زالت تحمل رائحته وبكت بصمت كاتمة أنفاسها بشده
وبعد ان انتهت من موجة البكاء المثيرة للشفقة تنهدت بتعب وتمتمت بخفوت - غبية ، انسيه لا يحق لك ان تفكري به بعد اليوم ، تمني له السعادة مع من اختارها و أفيقي من أوهامك أجل هذا ما يجب علي فعله ..
اتجهت للحمام فغرفه حازم كانت تحتوي على حمام داخلي خاص به ارتدت فستانا من الحرير عاجي اللون انساب على جسدها برقه مع صندل يتناسب معه ثم توجهت للمرآة و بدأت تمشيط شعرها ببطء وهي شاردة الملامح تحرك يدها بالية كأنها مجرد جسد بلا روح
............................................................ ....
أحس بإرهاق شديد دلك رقبته بتعب وقرر الذهاب إلى المنزل مبكرا ليأخذ حماما دافئ يعيد به نشاطه ، فكر وهو يقود سيارته شاردا لماذا هو غير سعيد ؟ أليس من المفترض أن يكون هذا هو شعوره في مثل هذا اليوم ! لما إذن يشعر بان ياسمين ليست المرأة التي يريدها شريكه لحياته ؟ أو يتصور بأنها ممكن أن تكون أما لأولاده ! الكثيـــر من الأسئلة تدور بعقله لا يجد لها تفسيرا ، تنهد بيأس وتمتم بخفوت - يبدو إنني تسرعت بقبولي لهذه الزيجة ، حسنا الأيام كفيله للتأكد من صحة قراري ..
وصل الى المنزل ليفتح الباب بهدوء البيت كان هادئاً نوعا ما جالت عيناه هنا وهناك يبحث عن والدته .. لكنه لم يجدها اتجه إلى السلم يصعده بتعب وهو يفكر متى ينتهي هذا اليوم المرهق .. فتح باب غرفته ببطئ وهو شارد الملامح ، ليقف مسمرا من هذا المشهد الذي أمامه ، كانت نور تقف أمام المرآة وهي تسرح شعرها الطويل ، كانت أشبه بجنيه خرجت من كتاب الأساطير شعرها طويل ينسدل بنعومة ، حريري الملمس استطاع الشعور بذلك ، نظر لها من رأسها حتى أخمص قدميها ببطء وكأنه بعالم السحر والخيال .. يا الهي هل هذه نور ... أرتعاشة هزت كيانه بقوة واحتبست انفاسه بصدره كأنها لا تريدها ان تعلم بانه ينظر لها لتبقى هذه الصورة امامه الى الابد .. أحست بأنها مراقبة ملئت الغرفة موجة من الشحنات لا تعرف كيف تصفها عطر رجولي عبق بارجاء الغرفة فملئ حواسها واتخمتها حد الثمالة لكن كيف من الموكد انها تتوهم او اصيبت بالهذيان ... أدارت وجهها ناحية الباب فاتسعت عيناها الفيروزيتين بصدمة تواجده تسمرت تنظر له لوهلة تتأكد هل هي في حلم أم أن وجودة هنا حقيقة خفق قلبها بعنف واحتبست أنفاسها .. مرت عدة دقائق وهما ينظران لبعض كأنهما قطبي مغناطيس يجذب احدهما الآخر انعقد لسانها عند الكلام .. تداركت نفسها وشعرت بسخفها وبلاهتها ...وضعت يدها على شعرها بفزع فانطلقت .. تلفه بالحجاب كيفما اتفق توجهت إلى الباب تريد الخروج لكنه كان يسد الطريق بجسده الضخم ، لم يفق من صدمته إلا عندما طلبت منه أن يتنحى جانبا لتمر قال بارتباك فقد أحس بأنه يبدو كالأبله
- آسف ... آسف جدا نور لم أكن اعرف بوجود احد في غرفتي
لم تجب بشيء ووجهها متوهج من الخجل بينما ضربات قلبها تكاد تصم أذنيها ، انتبه إلى انه مازال يسد الطريق أمامها تنحى جانبا بحرج
ففرت هاربة بسرعة البرق ، كان منظرها مضحك تسللت ابتسامه لشفتيه بقي فتره ينظر في أثرها وهو شارد صورتها لا تفارق خياله .. بها شي ما يحرك بداخله مشاعر غريبة .. بعيدة عن الأخوة ما الذي يصبيه عندما يراها براءة وجهها تضيق أنفاسه يشعر دائما بأنه المسئول عنها .. تنهد وهو غاضب من نفسه ، كيف يفكر هكذا أنها كشقيقته ندى اجل وكل ما يشعر به هو نابع من خوفه عليها كشقيق اكبر لا غير !
طرد هذه الأفكار من رأسه بقوه وأغلق الباب توجه للحمام ، أحس باسترخاء أعصابه وهو يقف تحت الماء الدافئ الذي ينساب على جسده لتزيل عنه التعب والتشنج ، بعد فترة طويلة أحس باسترخاء والنشاط يدب في جسده من جديد ... انتهى من حمامه ولف خصره بمنشفه كبيره ، توجه إلى الغرفة وهو يمسح شعره بمنشفه أخرى وصوره نور لا تفارق خياله مهما حاول طردها من مخيلته ..
............................................................ ......
دخلت إلى الغرفة بسرعة وقلبها يخفق بشده وضعت يدها على قلبها لتهدأ من ضرباته المجنونة وهي تتمتم يا الهي لقد رآني وأنا بدون حجاب لقد رأى شعري ياالهي يا له من أمر مخجل ماذا سيقول عني ؟ لترجع وتجيب نفسها من جديد ... وما ذنبي أنا هل كنت اعلم بقدومه ؟!! أخذت تذرع الغرفة ذهابا وإيابا وهي تقضم أظافرها مرة بتوتر ومرة أخرى بخجل
تمتمت بذهول وكأنها تذكرت شيئا مهماً ..يا إلهي الحمد لله ندى غير موجودة وإلا ماذا كنت سأقول لها !
شعرت بحيرة هل تخبرها أم لا حتى وان أخبرتها فماذا بإمكانها أن تفعل ؟ أخيرا وبعد تفكير طويل استقر رائيها على أن لا تخبرها بشيء و هي تقول بصوت هامس
- حسنا انه سري الصغير سأحتفظ به لنفسي
............................................................ .........................
لم يصدق أنها تجلس معه في سيارته وحدهما أخيرا بعد عناء طويل استطاع إقناع والدها بالسماح له باصطحابها معه لحفله خطبه حازم ، ففي كل مره يذهب لزيارتهم يكون بحضور والدها .. الذي لم يكن يسمح له بالاختلاء مع زوجته الفاتنة مع وقف التنفيذ ، تذكر في إحدى المرات الكثيرة التي كان يذهب بها إلى منزلهم
كان والدها يجلس معهم مثل كل مره بكل أريحية وهو يتكلم معه عن صولاته وجولاته عندما كان بمثل عمره .. كان حسن متجهم الوجه يزفر بضيق وهو يركز بصره على تلك الحسناء التي تجلس أمامه كأنها تستمتع باللعب بأوتار قلبه المعذب ، كانت ترتدي فستاناً بسيطاً اصفر اللون لا يخفي منحنياتها الخلابة التي سلبت لبه وأفقدته التركيز عما يقوله والدها ترسم على شفتيها المكتنزتين الشهيتين بلونهما الطبيعي ابتسامه رقيقه فعلت بقلبه الأعاجيب وهي تتحاشى النظر إليه
وكأن القدر قد استجاب لدعائه فقد جاء لعمه اتصال من احد أصدقائه الأمر الذي دعاه الى الاستئذان معتذرا ، أحست بما يريد فعله فأسرعت متجه إلى الباب تريد الفرار لكنه كان أسرع منها فسحبها من خصرها النحيل بيد واليد الأخرى تتخلل شعرها الحريري قالت بصوت هامس ومختنق من الخجل و قلبها يقرع بشدة كطبول الحرب
- حسن أرجوك أبي سيأتي ويراك دعني اذهب
لم يلقي بالا لاعتراضها أسكتها وابتلع باقي كلماتها بقبله أودع فيها كل ما يجيل بصدره من حب ولوعه واشتياق .. يتعمق بقبلتها أكثر فأكثر ويده تغوص بشعرها الكثيف الحريري بينما يده الثانية تقربها من جسده الساخن بقوة حتى التصقت به فبدا كجسد واحد ، لم يتركها إلا لاستنشاق الهواء ، كانت متقطعة الأنفاس شفتيها متورمتان من اثر قبلاته المتعطشة ، أسبلت أهدابها برقه ووجهها يكاد ينفجر خجلا وضع جبينه على جبينها وأنفاسه الدافئة تلفح وجنتها المرمرية ، بقيا على هذه الحالة مده من الزمن كأنهما في حلم لا يريدان الاستيقاظ منه ، لكن هيهات لهما فقد انتفضا فجأة على صوت والدها وهو يتحدث مع والدتها فأسرعت تجلس وهي مطرقة الرأس محمرة الوجه جسدها يرتجف بشدة من الخجل والارتباك . بينما جلس هو بكل كسل ووضع ساقا فوق الأخرى وابتسامه شقيه ظهرت على شفتيه كأنه قطه قد التهمت وجبه دسمه .....
عاد من شروده على صوتها الخافت وهي تتكلم معه و تسأل عن حال نور
- كيف هي نور ؟ لقد اشتقت إليها كثير
أجاب بتنهيده خرجت حارة بحرارة شوقه إليها
- بخير الحمد لله وهي أيضا اشتاقت لك كثيرا وتتساءل متى تأتين لتنيري حياة أخيها المسكين ؟
ما إن قال هذا الكلام حتى توهج وجهها خجلا وخفق قلبها بشده ، تحبه لا بل تعشق لهذا الرجل المسمى زوجها الذي اقتحم عالمها الهادئ فقلبه رأسا على عقب ، حاولت إخفاء ارتباكها وخجلها قائله بطفولية وبرائه أفقدت حسن تركيزه أراد ان يوقف السيارة ويلتهم شفتيها الشهيتين التهاما
- لم تخبرني ما هو رأيك بفستاني ؟ هل هو مناسب ؟
غامت عيناه بشده من فرط المشاعر التي عصفت بقلبه امسك يدها متخللا أنامله السمراء الضخمة بأناملها الرقيقة البيضاء فأصبح التناقض واضحا بينهما
رفعها لفمه وقبلها قبله طويلة حاولت سحب يدها فلم يسمح لها بذلك قال بصوت خرج مبحوحا
- كل ما تلبسين يليق بك حتى لو كان رداءا منزليا بسيطا
كانت ترتدي فستانا ناعم بنفسجي اللون يلتف حول جسدها برقه وقد زادها حجابها جمالا وبرائه خلابة
ابتسمت بخجل شديد يا الهي انه لا يرحم خجلها ، ظل يمازحها طول الطريق الى ان وصلا عند منزل حازم فخرجت نور بسرعة البرق كأنها كانت تقف خلف الباب ، نزلت مريم من السيارة وسلمت عليها بحرارة , جلست نور في المقعد الخلفي وهي تتنفس الصعداء تتذكر إلحاح ندى لتذهب معهم برفقة حازم وكيف رفضت بشده متعللة بان حسن قد وعدها بالحضور فرضخت لها ندى مجبره .. يا الهي كيف تجلس معه بمكان واحد من المؤكد ستموت خجلا وتنهار جميع حصونها ...
نهاية الفصل الثاني
|