كاتب الموضوع :
نجمه الصباح
المنتدى :
رومانسيات عربية - القصص المكتملة
رد: رواية .. خفقات هاربة .. بقلمي .. رقية سعيد
الفصل الاول
تسللت أشعة الشمس عبر الستائر المتطاير بفعل الهواء الربيعي المنعش لتسقط برقه على وجهها الفاتن .. بينما أصوات البلابل تشدو بعذب الألحان الصباحية وكأنها سيمفونية متناغمة توقظها بخجل .. فتحت عينيها الزرقاويتين بأهدابها الطويلة السوداء فركتهما كطفلة صغيرة ... ملامحها الرقيقة كانت ساهمه وهي تطالع سقف غرفتها وتعبث بشعرها بشرود
دخلت والدتها وأزاحت الستائر وهي وتقول
- حبيبتي هيا استيقظي سوف تتأخرين على الجامعة
ظهرت ابتسامة على شفتيها الكرزيتين بينما عيناها برقتا ببريق خاطف كانهما لهيب ازرق وهي تتمطى وتجيب والدتها بتكاسل
-صباح الخير ماما حاضر أنا مستيقظة لن أتأخر دقائق فقط وأكون جاهزة
نفضت عنها رداء الكسل وتوجهت بنشاط لتأخذ حماماً سريعاً .. ارتدت فستان ازرق طويل انساب على جسدها الغض الرشيق بنعومة بالرغم من كونه فستان محتشم إلا انه لم يخفي منحنياتها الانثويه لولا تلك المنحنيات لظن كل من رأها بانها فتاة مراهقة .. وضعت حجابها ذو اللون الأزرق والأبيض لتغطي به حرير شعرها العسلي الطويل الذي تعدى خصرها بقليل .. قد زاد من جمالها وفتنتها لم تضع أي من مستحضرات التجميل فهي بطبيعتها جميلة لاتحتاج لشيء يلوث هذا الجمال الطبيعي الذي انعمها الله به .. فقد كانت تشبه والدتها بالجمال الهادئ والمميز التي دائما ما تلفت الانظار اليها اينما تذهب .
نزلت السلم بخفه كأنها فراشة تتطاير بين الزهور.. فهذه هي طبيعة نور رقيقة وحالمة تنظر إلى الأشياء بمنظورها الخاص كل شيء في عالمها وردي لا يوجد آلم أو وجع دائماً متفائلة وسعيدة .
توجهت إلى المطبخ لتساعد والدتها بتحضير الفطور ونقل الأطباق إلى مائدة الطعام .. ألقت تحية الصباح بمرحها المعتاد على أخويها حسن واحمد .. واتخذت مكانها قرب والدها بعد أن قبلت رأسه .. قال شقيقها احمد وهو يكبرها بعدة أعوام
-لقد تأخرت كثيرا ، كل هذا الوقت لارتداء ملابسك انتم النساء تضيعون أوقاتكم بأشياء تافهة
أجابت نور بشقاوة و طفولية محببة
- إنها ليست أشياء تافهة بل انتم الرجال لا تفهمون شيئا من أمور النساء
هز رأسه بيأس فهو يعلم جيداً أن الكلام معها لا طائل له .. بينما حسن منهمك يتناقش مع والده بشأن العمل , حتى وهو على طاولة الافطار يتكلم عن العمل .. مسكين انت يا اخي تمتمت بسرها وهي تنظر لأخيها الأكبر حسن فهو على الرغم من وسامة الشديدة والأعجاب الذي لا تخفيه اعين النساء به إلا انه كان جدي للغاية وصلب جدا بتعامله مع المحيطين به .. لكنها تعرف ان خلف هذا الوجه القاسي يوجد قلب طيب .. ينتظر من يكتشفه ويسبر اغواره ليظهره على الملأ دون حرج وخوف يحتاج الى دخول الحب الحقيقي الى حياته الجافة التي لم يسمح لاي شخص بالاقتراب منها...
بعد الإفطار توجهت برفقه أخيها إلى جامعتها بنشاط .. ترجلت من السيارة وهي تودعه وتهم بالدخول إلى كليتها ..عندما وصلت إلى بوابة الجامعة خفق قلبها بشده وهي تتساءل هل سيأتي و تشاهده لم يحضر منذ يومين لقد اشتاقت له كثيراً.. حين تعرفت على ندى في السنة الأولى من الجامعة وقعت في حبه من النظرة الأولى لم تكن تؤمن بوجود الحب إلا بعد الزواج .. لكن لا تعلم ما الذي أصابها عندما شاهدته ..حازم أخ ندى وصديق أخويها حسن واحمد.. كيف ومتى وقعت بحبه لا تعلم ! لكن الشيء الأكيد أنها مدلهة بعشقه فما أن تراه تهرب الكلمات من شفتيها ويخفق قلبها بشدة ..ترتبك وتتلعثم تحمر خجلا وما أن يسلم عليها حتى تختنق أنفاسها رغماً عنها.. تنظر له خلسة تعشق كل ما يتعلق به خبئت هذا العشق في قلبها لم تخبر احد عنه .. حتى ندى صديقتها الصدوقة لم تكن تعلم بذلك فضلت الاحتفاظ بسرها بينها وبين نفسها تناجيه نهاراً وتحلم بطيفه ليلاً .
عادت من شرودها على صوت ندى وهي تقترب منها لتقول بمرح
-فيما كنت تفكرين ؟ هل هناك سر لا اعرفه يا فتاه ؟ اعترفي
قالت نور وهي تبتسم ابتسامة بسيطة لم تصل لعينيها
-لا يوجد شيء أيتها الثرثارة , سيئة الظن ألا يستطيع الإنسان أن يفكر قليلا ! انك شريرة جدا
كانت ندى رقيقه الملامح ذات عينان عسليتان تشبه عيون شقيقها حازم وبشرة خمرية جذابة شعر بلون الشكولاته يضفي عليها المزيد من البراءة تغطيه بحجاب محتشم وواسع لها روح مرحة ومحبة للخير كثير.. تحب نور وتعتبرها أخت لها , لم تكن تخفي عنها شيئاً دائما كانتا سويا لا تفترقان ابد .
بعد يوم طويل من المحاضرات و الدراسة المتعبة فقد كانتا تدرسان اللغة الفرنسية وهي لغة صعبة نوعا ما وقد اختارتها نور لأنها تعشق اللغات الغربية بكل اختلافاتها .. أما ندى فلم تكن تهتم كثيراً بهذه الأمور فقد درست هذا المجال حسب قرار مكتب التنسيق .. دائما تفضل النوم والتسوق على الدراسة .. لكنها كانت تنجح في كل سنه وبمعدل جيدا .. الشيء الذي كانت نور تستغربه وتتعجب منه فقد كانت تمازح ندى وهي تقول بمشاكسة
- الحقيقة لا اعرف كيف تنجحين وأنت لا تبذلين الجهد في الدراسة يا لك من محظوظة
لتجيبها ندى بملل وهي تقلب شفتيها
- لا ادري لكنني ابذل قصار جهدي صدقيني
توجهتا إلى البوابة كان من عادة نور أن تتصل بأحد أخويها ليرجعها إلى المنزل .. فقلما كانت تعود لوحدها .. دائماً كانت مدللة والدها يخصها بالحب أكثر من أخويها .. يخاف عليها من النسمة .. ينفذ لها رغباتها دون مناقشة .. وهي بالمقابل كانت مصدر فخر لعائلتها بأدبها ورقي أخلاقها وتفوقها الدائم .. اتصل أخيها احمد وطلب منها أن تنتظره قليلا لأنه سيتأخر لبعض الوقت أكملت كلامها مع أخيها هي تضع الهاتف في حقيبتها سألتها بفضول
-ماذا هناك عزيزتي ؟
أجابت نور بابتسامه رقيقة
-لا يوجد شيء هذا أخي احمد يخبرني انه سوف يتأخر قليلا
قالت ندى بإصرار
-سأنتظر معك إلى أن يأتي
اجابت وهي تبتسم بخفه
-لا يوجد حاجه لذلك لا تتعبي نفسك بالانتظار معي
سارعت ندى لتشبك ذراعها بذراع نور بعناد محبب وهما يتبادلان الكلام و المزاح بعفويتهما المعهودة التي دائما ما تجذب الأنظار لهما, أحست نور بوجوده لمحته من بعيد يترجل من سيارته السوداء الحديثة , بطوله الفارع الذي يبلغ ستة أقدام وأكتافه العريضة وجسده الرياضي .. وجه وسيم .. عينان عسليتان انف شامخ .. وفم مشدود وصارم .. مع ابتسامة كسولة أظهرت غمازتيه من تحت لحيته الخفيفة المشذبة بعناية
حبست نور أنفاسها و وجهها يتوهج بحمرة قانية كأنها ثمرة طازجة بينما راح قلبها يقرع كالطبول .. لا تعرف لما تتصرف كالبلهاء كتلميذه صغيره تتلقى العقاب وأي عقاب .. اقترب حازم ببطء وقال ببحته التي تعشقها
-السلام عليكم
أجابتا على سلامه بوقت واحد
- وعليكم السلام
التفت إلى نور الواقفة بجانب شقيقته بخجلها الذي اعتاد عليه وقال لها بمودة أخوية صادقة
-كيف حالك نور؟
أسبلت أهدابها بسرعة وأجابت بصوت خافت وقد بدت اعراضها للظهور ماأن تحدث معها خفق قلبها وتعلثمت واحمرت وجنتاها
- بخير.. الحمد لله ...كيف حالك أنت حازم ؟
-الحمد لله بأحسن حال
استطرد يكمل كلامه وهو يلتفت حوله
-أين احمد الم يأتي ليقلك ؟
أجابت بخفوت
-لقد اتصل قبل قليل وقال انه سيتأخر قليلاً
قال بصوته الرجولي الخشن
-تعالي معنا سأوصلك أنا لا داعي لوقوفك ..
وما كاد أن ينهي جملته حتى سمعا صوت احمد وهو يلقي السلام بمرح فقد تعرف اخوا نور على حازم ونشأت بينهم صداقه متينة .. فكانا يتبادلان الزيارة فيما بينهم او يسهرو في امكان اخرى لترفيه واخذ المشورة في عدة امور
_- السلام عليكم ..كيف حالك حازم ؟
التفت له حازم يبادله العناق وهو يبتسم
- وعليكم السلام .. كيف حالك انت احمد
اجاب احمد ببشاشة
- الحمدلله بخير ..اشتقنا لك أين أنت يا رجل ؟ لماذا لم تعد تأتي إلينا لنسهر سويا ؟
قال حازم بابتسامة واسعة
-وانا اشتقت لكم ايضاً .. إن شاء لله سآتي بأقرب وقت فلدي الكثير لكي أخبركم عنه
أجاب احمد ببشاشة
-حسنا ننتظر قدومك
كانت نورتقف قرب ندى المنهمكة بمطالعة هاتفها المحمول دون ان تعر اهتماماً لما يحدث حولها ..اما هي فكانت تستمع لهما وقلبها يتقفاز فراحا تتمنى ان يطول حديثهما اكثر لتشبع عينيها من وسامته التي تعشق و من صوته الرجولي الذي باتت تسمع في صحوها واحلامها ... طالما كان حازم هو فارس احلامها ومنقذها بعد كل قصة تقرئها تنتظر اليوم الذي سيأتي به لخطبتها وقد بات قريباً جداً ..تفرق كل منهم واتفقا على موعد للقاء في بيت احمد.............
........
دخل حازم وتبعته ندى وهي تثرثر وتحكي لم تكف عن الكلام والمزاح حتى على مائدة الطعام لكن حازم كان شارداً على غير العادة وقد لاحظت والدته الحاجة فاطمة ذلك
فهي امرأة حكيمة ذات نظره ثاقبة بالرغم من أنها لم تكمل تعليمها .. ترملت وهي ما تزال شابه صغيرة في السن رغم عروض الزواج التي قدمت لها إلا أنها رفضت وأصرت على تربيه أولادها ندى وحازم وكانت نعم الأم والمربية فأصبح حازم مهندس يشار له بالبنان ويشهد له بأخلاقه الطيبة التي لا تشوبه شائبة وندى تدرس في كليه الآداب آخر سنه لها
دخلت فاطمة إلى غرفة ولدها الذي كان شاردا ولم ينتبه لدخولها تقدمت لتجلس قربه وهي تربت على كتفه بحنو وقالت
_ما بك حازم أراك شاردا على غير عادتك منذ قدومك أنا اعرف أن هناك شيء تخفيه عني ويشغل بالك فقل يا بني ماذا هناك ؟
تنهد بتعب وارجع رأسه للوراء وقال سأحكي لك أمي فانا بحاجه لنصحك جدا
_انه زياد يا أمي طلب مني أن أتزوج أخته ياسمين
وبداء بسرد كل ما حدث
صمتت والدته وضيقت عينها وهي تنظر لوجهه تحاول قراءه أفكاره .. فقد كان حازم كأبيه لا يحب أن يظهر أفكاره لأحد دائما غامض حتى على والدته .. لقد تحمل المسئولية في سن صغير فأثر هذا على طريقة تفكيره وتصرفاته فكان أكثر جديه في كثير من الأمور لم يعش حياته كباقي الشباب في مثل سنه وهذا ما كان يؤلمها فقد تمنت أن يحب أو يختار شريكه حياته بإرادته ولكن يبدو أن حتى هذه الامنيه لن يحظى بها, تنهدت بصوت مسموع ثم قالت
-وأنت ماذا كان جوابك ؟
أجاب بحيرة
- لا ادري انه أمر معقد وغريب لا استطيع الرفض كما لا استطيع القبول فانا لا ارفض ياسمين لشخصها لكنني لم أفكر بالزواج إلا بعد أن اطمئن على ندى .
أجابت بحكمه :
- لكنك سوف تتزوج في يوما ما أنت لم تعد صغيرا وليست هناك فتاة معينه تريد الارتباط بها إن الزواج أمر محتم عليك وأنا يسعدني أن تتزوج ياسمين لكن لا أريدك أن تفعل ذلك لمجرد أن زياد طلب منك هذا الشيء .. بل يجب أن تكون مقتنعا بذلك .. لأنها ستكون شريكه حياتك وأما لأولادك إن شاء لله .. لذالك الشعور بالواجب أو الامتنان لا يجدي نفعا يجب أن تفكر جيدا والخيرة فيما اختاره الله .
بهذه الكلمات تركته وذهبت قطب جبينه وهو يفكر بكلام والدته ويسترجع ما جرى صباحاً في الشركة ...
كان زياد شاب بنفس عمر حازم تربط بينهما أواصر الصداقة منذ أيام الدراسة وبعد التخرج قررا أن يؤسسا شركتهما الهندسية الخاصة معا , اجتهدا كثيرا لكي يصلا لهذه المرحلة من النجاح.
جالسا منكباً يطالع التصاميم الهندسية بتركيز عندما دخل عليه زياد وهو يحمل معه مجموعة من المخططات الهندسية الخاصة بعدة مشاريع ليدرساها سوياً
- السلام عليكم
أجاب حازم وهو ما زال ينظر إلى الأوراق المبعثرة أمامه
- وعليكم السلام .. أهلا زياد تفضل
جلس زياد في المقعد المجاور له وهو يضع ما يحمله على الطاولة
- هناك بعض التصاميم يجب أن نراها ونتناقش بها سوياً
أومأ حازم وهو ويقول
- حسنا لنرى ما عندك
بقيا فترة طويلة يتناقشان ويتشاوران ..بعدة أمور لكن زياد كان شارداً متلكئ في العمل وقد لاحظ حازم ذلك ... وسائله عدة مرات عن سبب شروده وهل هناك شيء ما يشغله لكنه كان يجيبه بغموض ليعاود العمل من جديد .
جلس حازم على الأريكة الجلدية الموجودة في الجهة اليمنى من المكتب ..ارجع رأسه إلى الوراء وأغمض عيناه بإرهاق شديد وهو يدلك جسر انفه .. سمع صوت زياد يقول وقد بدا مترددا ومرتبكا وهو ينظر بطرف عينه إلى حازم
-كنت أريد أن التحدث معك بأمر مهم
اجابه حازم وهو مازال مغمض العينين
- لو كان بشأن العمل اجله الى وقت لاحق لانني فعلا اشعر بالارهاق الشديد
قال زياد بحرج
- كلا حازم لا يتعلق بالعمل انه يتعلق بامر يهمني جدا
فتح عينيه وقد أولاه اهتمامه
-ماذا هناك ؟
أجاب زياد وهو يجلي حنجرته
- انه عن شقيقتي ياسمين
رفع حازم حاجبيه بتعجب فقلما يتحدث زياد عن عائلته لكنه تجاهل ذلك ليسأله بفضول
- وماذا بها ياسمين ؟!!
قال زياد بعد فتره قصيرة من الصمت
- أنت تعرف مكانتك لدي ؟ أليس كذالك حازم ؟!
أجاب حازم باستغراب
- بالتأكيد أنا بمثابة أخ لك وكذالك أنت بالمثل فانا اعتبرك اخ عزيز جدا لكن ما سبب هذا السؤال ؟
وقف زياد وتوجه إلى النافذة .. وضع يديه في جيبي بنطاله وصمت قليلا يتطلع إلى الطريق المزدحم ليس من السهل ما سوف يطلبه لكن ما بليد حيلة .. قال بسرعة وهو يلتفت إليه
- أريدك أن تتزوجها
فغر حازم فاه قليلا هذا اغرب طلب قد يطلبه احد لكن سرعان ما تدارك نفسه وقال بتعجب ودهشة
- ماذا ؟؟ ماذا قلت !!
أجابه زياد بهدوء كأنه يخبره عن حاله الطقس
- أريدك أن تتزوج ياسمين ، أنا اعرف انه طلب غريب قليلا
فكر حازم بسخرية غريب قليلا .. هه
صمت زياد وهو ينظر لملامح حازم الصارمة المتشنجة .. كان مقطب الجبين ينظر له بنظرات فارغة لا تفسر ولا تنم عن شيء تابع
- ولن أجد من هو أفضل منك زوجاً لشقيقتي فأنت لست صديقي فقط بل أخي أيضا واثق بك ثقة عمياء أنا لا أرغمك على القبول خذ وقتك في التفكير ولكن لا تتأخر بالجواب وأتمنى أن يكون ايجابياً
تركه زياد وغادر بسرعة بينما حازم كان لا يزال بحالة من الذهول وعدم التصديق .. وكأن ما سمعه قبل قليلا مجرد حلم عابر أو ربما كابوس يكتم على أنفاسه فهو لا يريد الزواج من فتاة لا يعرفها ولم يلتق بها إلا مراتٍ معدودةٍ عابرة .. يا الهي ما هذا الورطة المحيرة تمتم بذلك وهو يشعر بالضيق لا يعرف لما هو غير مطمئن لهذا الأمر.
استفاق حازم من ذكرياته على صوت الهاتف وهو يتلقى رسالة نصية وقد كانت من احمد يؤكد عليه الحضور .. فلطالما كان حازم يذهب إلى منزلهم ويسهر معهم لقد كان يعتبرهم بمثابة عائلته ، مسد جبينه بتعب وهو يستلقي على فراشه ويفكر في عواقب الأمر إذا قبله أو رفضه حسنا يحتاج إلى التكلم إلى احد ما ولن يجد خير من حسن و احمد صديقيه وبئر أسراره عقد عزمه على أن يخبرهم بكل شيء عله يجد عندهم النصح والمشورة .
****
أقسى أنواع العذاب ...
هو أن تحب شخصاً وتبني أحلاما وردية
وهو لا يعلم عن حبك و معاناتك شيئاً
والأدهى من ذلك انك تستمر بالتخبط والتساؤل
يحبني أم لا يحبني
عندها تكون أشبه بالغريق .....
العالق في موج البحر
لا أنت تكمل السباحة وتصل إلى مبتغاك......
ولا أنت تستطع الرجوع إلى الشاطئ بأمان
عالق في المنتصف .....
تنتظر مصيرك المحتوم....
كانت شاردة الملامح تفكر بأمر ذلك القريب البعيد الذي يجلس هناك على بعد أمتار قليله منها يتحدث مع أخويها
الهي احفظه لي من كل سوء واجمعني به بحلالك ..هكذا كانت تدعي ربها وتناجيه ليلا ونهاراً .. اختلست النظر إليه عبر ستائر النافذة .. وهي تتنهد برقة دقات قلبها تتسارع كلما نظرت إلى هيئته الرجولية .. تعيش في عالم من الأحلام وهي تتخيل اليوم الذي سيأتي لخطبتها .. اجل فهي متأكدة من انه سيختارها زوجة له هو فقط ينتظر لحظة تخرجها .. أعادت النظر إلى النافذة من جديد
كم كان وسيماً و رجولياً ، وهو يجلس بكل هيبة ووقار رغم انه ببداية الثلاثين إلا أن له هيبة يفرضها على الكبير قبل الصغير .. يرتدي سروالا من الجينز وقميصاً يظهر عضلات صدره القوية وعرض كتفيه رافعاً كميه لتظهر بشرته البرونزية , أحست بالحرارة تحرق بشرتها كلما فكرت بان هذا الرجل سيكون لها في يوم من الأيام ، كم تحبه وتعشق تفاصيله التي حفظتها عن ظهر قلب , دفء نظراته وهو يستمع إلى ثرثرة ندى , غضبه , ابتسامته , رجولته و خشونته .. تنهدت وقطبت جبينها
أحست بالفضول ترى بماذا يتحدثون وقد بدا عليهم الاهتمام والجدية ..ليتها تستطيع الاستماع قليلا ولكن كيف وهم يجلسون بجزء بعيد من الحديقة....
....
وفي ركن بعيد نسبياً عن المنزل يبدو لناظرة كعريشه بديعة تسلقت عليها النباتات المتسلقة الخضراء كمظلة رائعة وقد تناثر عليها الزهور الأرجوانية هنا وهناك .. رصت أريكتان من خشب الخيزران وطاولة مستديرة وضعت عليها أنواع من الفواكه والحلويات .. كان المنظر الطبيعي لإزهار الجوري العطرة الخلابة وأشجار الزينة بلونها الأخضر الزاهي لها الأثر الكبير في استرخاء أعصاب حازم بعد يوم طويل ومتعب أغمض عينيه وتنهد براحة ، لم تخلو جلستهم الشبابية من المزاح من ناحية احمد والتوبيخ المستمر من ناحية حسن بعد مرور فتره من الوقت على ثرثرتهم عقد حازم عزمه وقرر إخبار صديقيه بما يشغل باله ........
وعند انتهائه من الكلام حل الصمت لعدة دقائق و كأن كل منهم لا يجد الكلام المناسب بدء حسن الكلام وهو جالس باسترخاء على مقعده
-وماذا في ذلك ! أنا اعرف العديد تزوجوا بهذه الطريقة وعاشوا سعداء , ثم ستكون هناك فتره خطوبة وتعارف بينكما إذا أحسست انك لا تميل إليها أو لا تجد عندك القبول قم بفسخ الخطبة لست الأول أو الأخير الذي يفعل ذالك
قال احمد وهو يؤيد كلام أخيه
- حسن على حق جرب لن تخسر شيئا
تنهد حازم بتعب فلقد أنهك واستنزف كل طاقته وهو يفكر ويفكر ليعود لنقطه الصفر من جديد لقد تفاجأ بهذا الأمر وأصيب بارتباك لكنه لن يكذب على نفسه فهو يعلم بأنه أولا وأخيرا سيرضى بالزواج منها فهو لا يستطيع أن يرفض طلبا لزيادة .. قال بعد فتره من الصمت
-حسنا سأفكر بهذا الموضوع بصورة جدية لكنني مازلت رافض لهذه الطريقة في الارتباط
قال احمد بمكر
- هل هناك فتاة معينه تفكر بالارتباط بها ؟
أجاب حازم بابتسامه وهو يرفع حاجبيه
- كلا طبعا أنت تعرف بأنني لا أفكر سوى بالعمل
أجابه احمد بتعجب
- أين المشكلة إذن ؟ لما أنت متردد ! ففي كلا الحالتين سوف تتزوج
تنهد حازم بملل وقال
- سأفكر بهذا الموضوع لكن يبدو إني على الأغلب سأوافق
لم يعلقا على كلامه وقررا عدم التدخل ففي النهاية هي حياته الخاصة ولا يملكان الحق بالتدخل ...غيرا مجرى الحديث واستمرت سهرتهم عدة ساعات قبل أن يودعهم على وعد بإخبارهم بكل ما يستجد
............................................................ .......
كانت تبكي بهسترية وتصرخ
_لمـــــــاذا ؟ لماذا تفعل بي ذلك ؟! ألهذه الدرجة كرامتي لا تهمك ! كيف استطعت أن تعرضني للزواج على صديقك كأنني سلعة رخيصة ؟ لو كان والدي على قيد الحياة لما استطعت أن تفعل بي هذا ..
شدت شعرها بقوه كأنها تريد اقتلاعه من جذوره وهي تقول
- يا الهي الرحيم لا اصدق ، أن أخي يفعل بي ذلك لن أسامحك أبداً أبداً
قال لها بغضب مماثل
- لا استطيع التفاهم معك وأنت تصرخين بهذه الطريقة اهدئي واسمعيني
صمت أذنيها وصرخت قائلة
- لا أريد أن اسمع شيء لا أريد
استدارت وهي تسرع الخطى إلى غرفتها من غير إن تعبئ لصراخ أخيها الذي كان يأمرها بالبقاء .. تبكي بهستيرية وألم لا تستطيع أن تتخيل شكلها ومنظرها الآن أمام حازم تمتمت بحرقة وهي ترتمي على فراشها
- يا الهي ماذا سيقول عني الآن بأنني ارمي بنفسي علية وان أخي يبيعني كسلعة رخيصة وهو يبحث لي عن زوج ثري .. عادت للبكاء المرير وهي تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها .
ياسمين في ربيعها الخامس والعشرين ذات عينان بنيتان بأهداب طويلة وجه مستدير وملامح جذابة يكللها شعر بني ناعم يصل إلى أكتافها وقوام ممشوق كعارضات الأزياء كانت تهتم بمظهرها كثيرا وبكل ما يتعلق بالموضة والسهرات والسفر إلى مختلف الدول كان كل همها الزواج بشاب غني ليدر عليها المال ويغدقها بالهدايا كرامتها وكبرياءها فوق كل شيء واهم من كل شيء ، دللها أخيها كثيرا ولم يبخل عليها بتحقيق كل ما تتمنى مهما كان مستحيلاً .. كان يظن انه بذالك يعوضها عن الم فقدانها لحنان الأب
لم يكن يعرف انه بهذا العمل سوف يجعل منها فتاة أنانيه محبه لنفسها فقط دون مراعاة لمشاعر الآخرين ، جلس بتعب على الأريكة واسند رأسه بيديه مغمضا عينيه يتمنى أن ينتهي هذا الكابوس بسرعة أحس باقتراب والدته وجلوسها الى جانبه رفع رأسه يلتفت إليها فهاله ما رأى .. كانت شاحبة الوجه تبكي بصمت وحسره على ما وصلت إليه الأمور بين أولادها هرع جاثيا أمامها ممسكا بيدها يقول بخوف
- أمي هل أنت بخير ؟ هل احضر الطبيب ؟
تنهدت بحزن وهي تقلب شفتها السفلى بيأس
- وماذا سيفعل الطبيب يا ولدي ؟ أنا بخير لا تشغل بالك بي لكن لم يكن عليك أن تفعل ذلك أنت تعرف كم شقيقتك عنيدة
تنفس بعمق وقال
- لهذا السبب اخترت لها حازم أنا متأكد بأنه الوحيد الذي سوف يصونها ويحتمل مزاجها المتقلب صدقيني أمي لو لم أكن متأكدا لما طلبت منه ذالك ,ابتلع ريقه بصعوبة وأكمل بشحوب ,ثم هل نسيت عمي سامي وطلبه يدها لولده زير النساء الذي لا يعرف في حياته سوى العربدة وشرب الخمر
أومأت رأسها بتفهم وهي تتذكر عمه سامي وطباعه الشرسة ومهاجمته المستمرة لهم وطمعه بالأرض التي تركها زوجها الراحل فالأرض تساوي الكثير من المال كما أنها تعتبر موروث العائلة الثمين ويجب عدم الإفراط فيه لذلك كان يتحين الفرص للانقضاض والاستيلاء عليه .. قالت بخفوت وهي تتنهد باستسلام
- لكنها رافضه تماما ماذا ستفعل ؟ هل ستقسو عليها و تجبرها على الزواج ؟
ابتسم بألم وقال وهو يستقم واقفا ً وقد بدا اكبر من سنوات عمره
- يا ليتني استطيع أن اجبرها أو أن أكون قاسيا ربما كانت قد تغيرت أمورا كثيرة, لكن لا تقلقي ولا تهتمي سأتكلم معها وأنا متأكد من أنها ستوافق ليه طريقتي الخاصة لإقناعها .
قالت وهي توافقه الرائي
- حسنا افعل ما تراه مناسبا , أما أنا فسأذهب واطمئن عليها.
صمت زياد وهو يراقب خطوات والدته وهي تبتعد عنه .. يرجو في سره أن ينتهي هذا الموضوع على خير لأنه فعلا قد تعب من تصرفات شقيقته اللامبالية , و وعد نفسه بحديث جدي ومطول معها .
............................................................ ...............
جالسه على سريرها تحتضن ساقيها بذراعها
ترتجف من الألم , الغضب , خيبه الأمل
لم تكن تتصور أن تصل الأمور إلى هذا الحد المشين لكرامتها الغالية ,أحست بدخول والدتها لكنها لم ترفع رأسها و أثرت الصمت وصوت شهقاتها الخافتة تدمي قلب والدتها
اقتربت و مسدت على رأس ابنتها بحنان وقالت
- كفى بكاء حبيبتي إن الأمر ليس بهذا السوء الذي ترينه إن حازم شاب طموح بنا نفسه بنفسه دون الاعتماد على احد وأي فتاة ستكون فرحة لو تقدم لخطبتها شخص مثله
رفعت رأسها وأجابت بنبره حادة
- لكن لست أنا
تنهدت الأم و هي تجلس قربها احتضنتها بحنو وهي تقول
- لما الاعتراض ؟ أنا والدتك التي تحبك وأكثر شخص في العالم يهمه أمرك صارحيني حبيبتي وسأقف معك هل هناك شخص ما في حياتك ؟
صرخت باستنكار
- أمي !! ما هذا الكلام الذي تقوليه كلا طبعا لا يوجد احد
تنهدت بارتياح وهي تقول
- إذن لما الاعتراض ؟
قالت وهي تريح رأسها على صدر والدتها
- لأنه جعلني اشعر كأنني جارية أو سلعه للبيع ولم يهتم لكرامتي وشكلي أمام الناس , ماذا سيكون موقفي إذا علمت إحدى صديقاتي بهذه الأمر ؟
ابتسمت الأم بشحوب
- إذن الاعتراض على الطريقة التي تم فيها الأمر وليس على حازم نفسه أليس كذلك ؟
أومأت بالإيجاب وهي تندس أكثر بصدر والدتها الدافئ .. قبلتها على جبينها وقالت
- نامي الآن وسنجد حلا مناسبا.. أعدك بذلك
............................................................ .
أشرق صباح يوم جديد يحمل بين طياته ولادة حب جديد و نهاية حبا وان كان من طرف واحد
استيقظت نور بعيون لامعه وابتسامة دافئة على شفتيها الكرزيتين اغتسلت وارتدت ملابسها المكونة من فستان رقيق زهري اللون يعلوه جاكت من الجينز مع وشاح من نفس اللون هبطت السلم بخفه وهي تدندن بخفوت متوجهة إلى المطبخ بنشاط كما العادة كل يوم لتساعد والدتها بإعداد الفطور لكنها توقفت فجأة ..عندما سمعت صوت احمد يقول بمرح
- اجل قرر الزواج أخيرا سوف يودع حياة العزوبية
ضحكت الأم وقالت
- أتمنى أن أراك متزوجا أنت وأخيك حسن
أجاب احمد بعبثه المعتاد
- زوجي حسن أولا ،هل أنا مجنون لأتزوج و أورط نفسي منذ الآن بمسؤولية زوجة وأولاد ثم أكمل بطريقه مسرحيه مضحكه ,يا أمي اتركيني أتمتع بشبابي قليلا
هتفت الأم باستنكار
- وهل أصبح الزواج ورطة بنظرك الآن ! عندما تزوجني والدك كان اصغر عمرا منك ، جيل طائش
ابتسم بمرح وقبل جبينها وقال
- حسنا الزواج جميل و رائع وكل شي لكنني لن أتزوج إلا بفتاة اختارها بنفسي
خرج احمد وهو يدندن بمرح دخلت نور وألقت التحية وهي تشعر بداخلها بالفضول فقالت متصنعه إلا مبالاة
- من هذا الذي سيتزوج يا أمي ؟؟
ابتسمت الأم وهي تصب الشاي في الأكواب
- انه حازم قرر أنا يتزوج ياسمين شقيقه زياد شريكه في العمل
هل أصبحت الأرض تميد تحت قدميها ؟ هل هي في حلم؟؟ هل قالت حازم ؟ أحست بجفاف في حلقها .. بللت شفتيها بطرف لسانها وهي تشعر بدوار رهيب .. فأمسكت طرف الكرسي بيدها ... اغرورقت عيناها بالدموع وهي زائغة لا تستقر على شيء ، ابتلعت ريقها بصعوبة وبذلت مجهودا جبارا ليخرج صوتها طبيعيا
- مبارك لهما ، حازم يستحق كل خير فليسعدهما لله
حملت الطبق بيد مرتجفة وقلب ينزف الماً وتوجهت إلى المائدة .. لم تحملها قدمها ارتعشت يداها سقط الطبق وتناثرت أجزاءه أرضا محدثاً صوتاً قوياً .. جثت على ركبتيها تحاول لملمه أجزائه المبعثرة كقلبها الذي تحطم إلى أشلاء ترى شضايا الزجاج بتشوش من خلف غلالة الدموع
سمعت والدتها وهي تقتربو تقول بلهفة
- هل أنت بخير حبيبتي ..
قالت نور بخفوت
- أنا بخير أمي لا تقلقي
أجابت والدتها بحنان
- اتركيه حبيبتي أنا سأنظفه اذهبي للفطور ستتأخرين
أومأت برأسها إيجابا وتوجهت للمائدة جلست قرب أبيها وهي شاحبة الوجه
تظاهرت بتناول الطعام بصعوبة كانت تضعه بفمها وكأنها تضع جمراً من النار يحرق أمعائها .. قال والدها بابتسامته المعتادة
- كيف هي دراستك نور ؟
أجابت بصوت مرتعش
- الحمد لله أبي كل شيء بخير لا تقلق
قال بفخر
- هذه هي ابنتي الشاطرة .. عند نجاحك لكي مني أي هديه تختاريها بنفسك
ابتسمت وحاولت النهوض لكنها لم تستطع السير قدماها كانتا متشنجتان .. شعرت بدوار مفاجأ وكأن سحابة سوداء قد لفتها بعنف تسحب روحها بلا هواده ...لسقطت مغشيا عليها في الحال , صرخت والدتها بهلع وحملها حسن بين ذراعيه متوجهاً بها إلى حجرتها .. بينما طلب أبيها من احمد أن يتصل بطبيب العائلة
............................................................ .
سمعت صوت أخيها يستأذن بالدخول فسمحت له بوجه جامد وسخرية متعمده
- تفضل أخي العزيز
جلست على سريرها وأدارت وجهها إلى الناحية الأخرى وقلبها يغلي غضباً و ألما
تنهد بمرارة و هو يتقدم ليجلس امامها قائلا بحنو
- اعلم انك لازلت غاضبه مني لكن عليك أن تسمعيني أولا ثم تقررين واقسم إني لن أجبرك على شيء
صمتت ولم تجبه بكلمه , تنهد بتعب وأكمل حديثه
- لقد جاءني عمي سامي إلى المكتب وطلب يدك للزواج من ابنه سليم ، لا هو لم يطلب بل يمكنك القول قام بتهديدي ، لو كان سليم شاب يعتمد عليه لم أكن لأمانع لكنك تعرفين سمعته السيئة وسهراته الماجنة لم يكن أمامي خيار سوى أن أقول له بأنه قد تمت خطبتك من حازم , ثم إني لو لم أكن واثقا ومتأكد من أن حازم سيصونك ويحميك لما عرضت عليه هذا الأمر
قالت بلوم وعتاب وبنبره خافته فهي تعرف تماما كيف تؤثر على قلب أخيها وكأنه لم يخبرها بشان تهديد عمها
- وما إدراك انه سيحسن معاملتي قد يكون بخيلا أو قد يشترط على عدم الخروج من المنزل إلا بإذنه وأنت تعلم جيدا أخي أنا لا أحب أن أكون سجينة لا أريد من يكبلني ويقيد حريتي أحب السفر شراء الملابس أحب أن أكون كالفراشة تنتقل من زهره لأخرى
كان يستمع لها وهو عاقدا حاجبيه و واجم الوجه فشقيقته أصبحت تافهة هي لا تعي خطورة الأمر وأهميته كل ما تفكر فيه التسوق والسفر قال بهدوء وكأنه يفهم طفله صغيره
-_اسمعيني ياسمين حازم شاب جيد وهو أخي قبل أن يكون صديقي وأنا على يقين بأنه سيسعدك ويلبي جميع رغباتك وأكررها ثانية لو لم أكن متأكدا لما عرضت عليه هذا الأمر صدقيني
لمعت عيناها كقطه وديعة وقد بدا الأمر يروقها فطالما جميع رغباتها مجابه فلم تعترض الم تكن هذه أمنيتها الوحيدة شاب وسيم وغني لا يعترض على شيء ..عليها الأمر وعليه السمع والطاعة قالت وقد دب الحماس بصوتها
_ يلبي جميع رغباتي ولا يعارضني بشي ؟؟
فقال بسرعة وقد أحس بموافقتها
- بالتأكيد ماذا كنت تظنين باني أفرط بك لأي كان ولكن إذا كنت مازلت مصره على الر.......
لم تدعه يكمل جملته هتفت بحماس لا يليق بغضبها الذي كانت تشعر به قبل قليل
- حسنا موافقة فقط من أجلك أخي لكن بشرط
ابتسم وقد بدأت ملامحه الاسترخاء وقال بمزاح
- وما هو هذا الشرط يا مستغلة ؟
ابتسمت بدهاء وقالت
- لا اريد لاحد ان يعرف بانك انت من طلبت منه ان يتزوجني
قال مؤكداً
- لن يعرف احد ثقي بي .. تنهد براحة واكمل ..والان هل انت سعيدة ؟
اومات برضى وعلى وجهها ابتسامة عريضة
قبل جبينها وقال
_ مبارك صغيرتي لن تندمي أبدا سوف ترين
وعند خروجه تمددت على سريرها وعلى شفتيها ابتسامه لعوب وهي تتمتم بخفوت ... يلبي جميع رغباتي هذا كل ما اريد لاجرب ماذا اخسر .. ثم اني اخذت وعدا من اخي بان يبقى هذا الامر سراً .. من اين لهم لصديقاتي ان يعرفو بان اخي هو من عرض عليه الزواج مني هذا سرا اجل سر ولن يعرفه احد ابداً ..
............................................................ .................
خرج الطبيب من غرفتها وقال
- لا داعي للقلق يبدو أنها تتعرض لضغط نفسي لا أكثر سأكتب لها بعض الفيتامينات فمن الواضع أيضا أنها تهمل كثيرا في تناول وجباتها الأساسية أرجو منكم الانتباه لذالك وستصبح بخير إن شاء لله
ذهب احمد لإحضار الدواء بينما أوصل حسن الطبيب إلى الخارج .. استرخت بين أحضان والدتها التي كانت تقرا عليها القرآن وقلبها يعتصر ألما لحال ابنتها بينما كانت نور مغمضة العينين لا تريد لوالديها أن يريا هذا الألم في عمق عينيها ... قبلها والدها بحنو وهو قلق على حال ابنته الصغير فقبل لحظات لم تكن تعاني من شيء .. ما الذي أصابها فجأة ..لتصبح هكذا كزهرة ذابلة أمِن المعقول سببه الضغط الدراسي ؟ لكنها دائما كانت تدرس وتنجح بتفوق دون أن تتأثر صحتها بهذا الشكل .. لا يعلم لما قلبه يحدثه ان ابنته تعاني خطب ما لا علاقة له بالدراسة لكن ماهو ؟ طرد هذه الافكار من راسه وهو يتنهد باستسلام .. قائلا لها بحب
- سلامتك بنيتي لا ترهقي نفسك كثيرا .. أنا أثق بك فلا داعي للقلق
هزت رأسها بالإيجاب
بينما قالت والدتها وهي تمسد شعرها بعتاب
- لقد قال الطبيب أن كل ذالك بسبب إهمالك لغذائك يبدو إني سأطعمك بنفسي كما كنت صغيره
لم تجب لم تكن لها القدرة على الكلام كل ما تريده أن تبقى وحيده لتطلق العنان لدموعها بالانهمار .. تتمنى ان يكون هناك حاجز يمنع الناس عنها لتنزوي وحدها بحجرتها تنعى حبها الضائع الذي وئد قبل أن يبدأ
أخيرا بعد أن اطمئنا عليها قال والدها موجها كلامه لزوجته
- هيا عزيزتي دعيها ترتاح قليلا
تركتها والدتها بلطف وقبلتها على جبينها وهي تقول بحنان
- حبيبتي إن احتجت لشيء فقط نادي علي لا تتعبي نفسك بالنزول سأكون قريبة منك
اومات بتعب وهي تضم جسدها بذراعيها بقوة ..وما إن أغلق الباب
حتى سمحت لعبراتها الساخنة التي حبستها أن تتساقط كالفيضان الكاسح كتمت شهقاتها بوسادتها تبكي بصمت وألم قلبها يصرخ صرخات صامته ينادي باسمه لكن صداها يرتد ليملئ روحها البائسة حزنا وكمداً على حلمها الذي ضاع مع أدراج الريح ..
...................................................
اتصلت بنور فعلمت من والدتها أنها مريضه ولن تأتي اليوم للجامعة ..قررت زيارتها بعد أن تعود إلى المنزل استأذنت من والدتها التي حزنت على حاله نور كثيرا فهي طالما اعتبرتها كابنتها ندى ,ارتدت فستانا اصفر اللون أنثويا ومحتشم وبنفس الوقت لا يخفي من نعومتها شيئا مع حجاب من اللون الأسود الذي زاد من جمال وجهها الساحر ..
طلبت من حازم إيصالها ، وافق بسرعة ما أن علم أنها مريضه لا يعلم لما أصابته نغزه الم في صدره .. نور المرحة الخجولة مريضة .. وهكذا فجأة بين ليلة وضحاها ... قطب جبينه وهو يتسائل ومنذ متى وانا اهتم وافكر بها هكذا .. مالذي يجري لك يا حازم .. تسائل بخفوت ليجيب نفسه .. انها مشاعر اخويه بحته ذكر نفسه بأنها كشقيقته ندى فمن الطبيعي أن يقلق عليها اجل هذا هو السبب...
...........................................
كان يرتدي سروالا منزليا يصل إلى ركبتيه مع قميص بدون أكمام يبرز عضلات ساعديه القويتان من اثر ممارسته للرياضة اليومية التي لا يهملها أبدا, سمع صوت جرس الباب يرن فذهب ليفتح الباب بضجر ليقف مبهورا من هذه الحورية الحسناء الواقفة أمامه بخجل ..
كانت فتاة بغاية الرقة والجمال ما إن لمحته بهذه الثياب حتى أطرقت رأسها أرضا وهي تحتضن حقيبتها بشده وكأنه طوق نجاتها
تسمرت من نظراته الجريئة المتفحصة هي تعرف انه احمد لكنها أبدا لم تكن بهذا القرب منه .. لم يكن هناك أية مناسبة لتتحدث معه وهو أيضا لم يكن يلحظها أبدا .
احمد لا يقل وسامه عن أخيها حازم طويل القامة ذو عضلات مفتولة وأكتاف عريضة ..شعر اسود كثيف مع لحية خفيفة عينان سوداويين عميقتان وملامح رجولية خشنة
قالت بارتباك وخجل
- السلام عليكم
انساب صوتها لإذنيه كأنه هديل الحمام أو كنغمات موسيقية عذبة
أجابها بخفوت وكأنه لا يريد كسر السحر الذي يلف المكان
- وعليكم السلام
قالت بتلعثم عكس اضطرابها الواضح
- أريد رؤية نور اقصد هل نور موجودة ؟
تسلل إليه حب المشاكسة فقال لها بتسلية واضحة
- ومن نقول لها ؟ عذرا للسؤال لكن لا اعتقد أني رايتك من قبل
أجابت بغيض فهي على يقين من انه قد تعرف عليها لكن يبدو انه يستمتع برؤيتها مرتبكة ومضطربة بهذا الشكل
- أنا ...أنا...
لم تكمل جملتها إلا وسمعت صوت والدته تقول
- أهلا ندى حبيبتي كيف حالك ؟ تعال ادخلي نور بغرفتها تفضلي
دخلت و وجهها يضج احمرارا ...وقف احمد ينظر لها بإمعان بينما ارتفعت زاوية فمه بابتسامه تسليه وقال موجها حديثه مع والدته التي لم تنتبه لكل ما يجري بينهما
- أنا سأخرج أمي ولن أتأخر
- حسنا عزيزي في رعاية الله
غادر هو يتسائل متى كبرت ندى وأصبحت بهذه الفتنه وكيف لم انتبه لها ؟.. هو كان يلتقيها في بعض المرات عندما كان يقوم بايصال نور الى الجامعة لكنه كان يغض البصر .. ابداً لم يرها هكذا وجهاً لوجه ولا بهذا القرب من قبل .. ابتسم وهو يتذكر كيف بدت عندما أغاظها كأنها قطه شرسة على وشك الانقضاض عليه بالرغم من خجلها ... حسنا انسه ندى من الواضح أن الأيام القادمة ستكون أكثر تسليه فانا أبدا لن أتركك بعد أن بحثت عنك طويلا وطويلا جدا
****
كانت تجلس على السرير وهي تحتضن الوسادة وتثرثر بمرح مع نور التي كانت تنظر إليها بصمت وهي تحاول رسم ابتسامه على شفتيها
- كيف أصبحت اليوم عزيزتي ؟ هل أنت بخير ؟
- الحمد لله بخير شكرا لاهتمامك لقد أتعبت نفسك بالمجيء
قطبت جبينها وإجابتها بصدق وهي تقلب شفتيها بطفولية
- هل يوجد شكر بين الأخوات يا نور ! والآن هيا اخبريني ما الذي أصابك كنت بحال جيده البارحة فماذا جرى ؟ ولما يبدو عليك الحزن ؟
يا الهي وكأنها بحاجه إلى أن تسمع مثل هذا الكلام هل هي بحاجة من يذكرها بتعاستها وآلم قلبها الذي لم ولن يندمل ...لم تتمالك نور نفسها فانفجرت بالبكاء بشهقات تقطع نياط القلب
تفاجأت ندى من ردة فعلها وأسرعت إليها تحتضنها بشده وتربت على كتفها قائلة بصوت حاولت أن تجعله مرحا لكنه خرج مهتزا رغما عنها
- ماذا هناك نور ؟ بالله عليك لقد أقلقتني تكلمي ، هل تعرضت للأذى ؟ هل قام احدهم بإيذائك ؟
لم تقوى على الكلام فهزت رأسها نفياً وأخذت نفساً عميقاً وهي تمسح دموعها اعتدلت بجلستها وقالت
- لا يوجد شيء فقط اشعر بالاختناق هذا كل ما في الأمر
لم تصدق كلامها لكنها لم تضغط عليها .. لقد أصبحت تعرف طباعها جيدا لا تخبر احد بمشاعرها .. تحب أن تحتفظ بها لنفسها فرغم السنوات التي قضوها معا كانت نور كتومة فيما يخص هذا الجانب من حياتها ومن جانبها فقد احترمت رغبتها تلك فلم تكن تلح عليها بالكلام .. وان كانت تمزح معها قليلا عندما تلاحظ نظرات الإعجاب التي يوجهها الشباب لنور.. وهي كانت تتقبل مزاحها بمرح لكنها كانت شبه متاكده من أن احد ما قد احتل قلب صديقتها الرقيق أبعدت تلك الأفكار عن مخيلتها وهي تهتف بمرح
- لا باس حبيبتي لا باس في بعض الأحيان يحتاج المرء إلى التعبير عن الكبت داخله حتى أنا في بعض الأوقات أتصرف بجنون
أجابت نور وهي تبتسم و تمسح دموعها
- أنت مجنونه منذ وقت طويل
أجابت بزعل مصطنع وهي تكتف ذراعيها على صدرها
- أنا مجنونه حسنا شكرا لك نور
أجابت نور وقد استعادت بعض مرحها
- نعم مجنونه لكنني لا استطيع أن أتخيل حياتي بدونك يا صديقتي الحبيبة لا حرمني الله منك
شعرت ندى بالسعادة لأنها استطاعت رسم البسمة على شفتيها ولو بشكل مؤقت فقامت من مكانها لتقترب من نور وهي تحتضننها وتقول لها بحب صادق
- ولا منك حبيبتي حسنا سأتفضل عليك واشرح لك ما فاتك من محاضرات ، ها ما رأيك ؟
لم تستطع نور منع نفسها من مشاركتها في المزاح فرفعت حاجبيها وقالت
يا الهي انظروا من تتكلم حسنا متأكدة من إنني سأضمن نجاحي بكل جدارة
لتجاريها ندى بمزاحها وهي تقول
- أخجلتم تواضعنا
صمتت برهة ثم قالت بخبث
-هل تعرفين من سألني اليوم عنك ؟
قطبت نور حاجبيها وقالت
- من ؟!
أجابت وهي ترقص حاجبيها بمرح
- انه العاشق الولهان بسام ، لقد سأل عنك وقال لي كيف حال نور ؟ لما لم تأتي اليوم ؟
ضربتها نور بالوسادة وقالت
- ما الذي تهذين به لا يوجد شيء بيننا إطلاقا أنا أعامله كزميل وهو كذلك أزيلي هذه الأوهام من راسك الصغير .
قالت بعبث
- قد تكون مجرد زمالة من ناحيتك لكنني اشك أنها كذلك من ناحيته هو
قطبت جبينها وهي تفكر ببسام فهو زميل معها في الجامعة يكبرها بسنه واحده حدثت له ظروف جعلته يؤجل عام دراسي شاب بملامح وسيمة وعينين خضراوين لقد كان يبدي اهتمامه بها وهي أيضا كانت تقدم له المساعد في حدود الدراسة فقط لكن ! يبدو انه قد فسر تصرفاتها معه تفسيرا خاطئا الوضع ، أصبح أكثر تعقيدا ويجب أن تضع له حدا
عادت من أفكارها على صوت ندى
- هييه أنت ! أين سافرتي ؟ إني أتكلم معك وأنت شاردة في عالم آخر ! الذي يشغل بالك فليهنأ به
ابتسمت وقالت
- حسنا أيتها المشاكسة هيا اخبريني بكل التفاصيل التي فاتتني اليوم في الجامعة
ظلت الفتاتان تثرثران عندها ضربت ندى على جبينها فجأة وقالت بتأوه كأنها قد تذكرت شيئا مهما
- أوه لم أخبرك أن حازم ينوي خطبة ياسمين شقيقه زياد ، سأخبرك بسر أنا لا أحبها إنها فتاة مغرورة و أنانيه وقد أخبرت حازم برأيي بمنتهى الصراحة
قالت نور بعتب رغم قلبها الذي يقطر ألما ويتمزق إلى أشلاء مبعثرة
- لماذا فعلت ذلك ربما ينزعج من كلامك عنها بتلك الطريقة
هزت كتفيها وقالت بلا مبالاة
_ إننا متعودان على الصراحة وحازم لم ينزعج أبدا لا تهتمي كثيرا لهذا الأمر ووفري شفقتك لشخص يستحق وليس لياسمين
لم تعلق نور بشيء في حين بقيت ندى تثرثر وتتكلم مره بسعادة ومره بشقاوة وهي تعبر عن رفضها وسعادتها لخطوبه شقيقها سعيدة لأنه سيتزوج ولكن اختياره لا يعجبها قالت بلهجة حماسيه
- كنت أتمنى أن تكوني أنت من يرتبط بها حازم
طعنة حادة اخترقت قلبها بقسوة وانغرست بعمق لتزيد من نزفه ...فعلا بذلت مجهودا جبارا لكي لا تظهر المرارة والألم على وجهها .. ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت بمرح
- كل شيء نصيب عزيزتي ثم لا تحكمي عليها بسرعة قد تكون بحاجة إلى صديقة تفهمها فكوني أنت هي تلك الصديقة
استغربت نور من نفسها فهي بدلا من أن تشجع ندى على رفضها لزواج حازم حدث العكس فها هي تشجعها لتكون صديقه لها !
انه قلبها الحنون المحب للخير لكل الناس لا يعرف الكره أو الغيرة مؤمنه أن كل شيء بيد الله سبحانه وتعالى.. بقيت ندى لبعض الوقت قبل أن تنسحب وتعود إلى منزلهم .. اندفعت نور خلف نافذة غرفتها تنظر لسيارة حازم الواقفة أمام منزلهم ليقل ندى .. نزلت دموعها مدرارا على وجنتيها وهي تتمتم بخفوت .. أتمنى لك السعادة مع من اخترتها فلتعش هانئ ومرتاح البال وأنا يكفيني أن أراك سعيد .. حتى لو كان على حساب سعادتي .. مسحت دموعها وقررت أن تتوجه لدراستها علها تنسيها أحزانها قليلا
...........................................................
في طريق العودة إلى المنزل كانت جالسه بجانب أخيها تسترجع أحداث هذا اليوم جرفها تفكيرها بأحمد ...لا تدري لما احتقنت وجنتاها رغما عنها
فظهرت ابتسامة حالمة على شفتيها... لم تنتبه إلى أخيها الذي كان يرمقها باستغراب استفاقت من شرودها على صوت حازم
- ندى بما أنت شاردة ؟
أجابت بارتباك حاولت إخفائه
- لا شيء أخي كنت أفكر بنور
أجاب حازم بلهجة مهتمة
- كيف حالها ؟
أجابت وهي تنظر إلى واجهات المحلات التجارية
- الحمد لله هي بخير مجرد إرهاق من ضغوط الدراسة
زفر حازم بضيق لا يعلم لما أحس بوخزه في قلبه عندما سمع بمرضها ! إنها المرة الثانية خلال هذا اليوم الذي يؤلمه قلبه لأجلها لا يعرف ما السبب لذلك الشعور قال بانزعاج
- وهل تستحق الدراسة أن تهمل صحتها بهذا الشكل ؟ ثم أنها دائما متفوقة فلما القلق والتوتر ؟!
استغربت ندى اهتمامه الذي لم تلحظه أبدا فرفعت حاجبيها وقالت
- إنها دائما تريد أن تكون الأفضل والأكثر تفوقا ولا تقبل بأقل من الامتياز
ابتسم بخفة وقال
- أتمنى من بعض الأشخاص أن يكونوا مثلها
ونظر إليها بطرف عينه
أجابت بطفولية محببة وهي تصطنع الغضب
- هكذا إذن !لن أتكلم معك
ابتسم حازم من طفولية شقيقته فهو يحب إغاظتها ويستمتع بذالك كثيرا
- حسنا.. حسنا أنا امزح صغيرتي
قالت بطفولية وهي تقلب شفتها السفلى
- كلا لازلت غاضبة وعليك مصالحتي
أجاب حازم بحنان
- وبماذا أصالحك أيتها المستغلة
أجابت بابتسامة عريضة
- أريد أن تشتري لي الكثير من المثلجات بنكهة الفراولة
هز رأسه مؤكدا وهو يرسم على شفتيه ابتسامة عذبة
- حسنا يا شقية دقائق واشتري لك كل ما تريدين
صفقت بيدها وعادة , لتثرثر طوال طريق العودة بينما حازم يستمع لها بابتسامه جذابة ترتسم على شفتيه , وقلبه مازال مشغولا بنور
.........................
في قاعه المحاضرات كانت نور تجلس شاردة الذهن ، أسبلت أهدابها وأخذت ترسم دوائر على كتابها لم تسمع كلمه من الشرح ، وكزتها ندى بخفه وقالت
- بماذا أنت شاردة ؟ انتبهي لقد بدء الأستاذ بملاحظتك
نظرت لها نور بنظرات فارغه وعادت للرسم من جديد بلا مبالاة .. فبعد مكوثها لمده يومين في المنزل استعادت بعض من نشاطها وان كان ظاهريا فقط ... بعد انتهاء المحاضرة نادها الأستاذ وقال لها بحنان أبوي
- ماذا بك اليوم نور ؟ لم تنتبهي الى كلمه مما قلت وهذا لن اقبله منك ، أنت طالبه متفوقة ولا أريد أن تشغلي بالك بأمور أخرى ، أرجو أن لا يتكرر ذلك
ثم أكمل بصرامة كاذبة
- مفهوم ؟
أحست نور بالخجل الشديد من اهتمام أستاذها وملاحظته على عدم تركيزها أثناء المحاضرة.. أومأت برأسها وتمتمت بكلمات الشكر ثم خرجت مسرعة لحقتها ندى وهي تقول بأنفاس متقطعة
- ماذا أراد منك الأستاذ ؟
أجابت بفتور وهي تسير وتنظر للأمام
- لا شيء مهم
أحست ندى بأنها لا تريد الكلام فآثرت الصمت .. فهي تعلم حتى لو ضغطت عليها فان نور لن تتكلم أبدا .
لمحته من بعيد يقف مستندا على باب سيارته بكل شموخ وثقه يرتدي نظارته الشمسية السوداء أغمضت عيناها بألم وهي مطرقة الرأس .. هل من الممكن أن يكون القدر أكثر إيلاما لها .. خفق قلبها الخائن من جديد واختنقت أنفاسها فقالت لندى بسرعة تحاول الهروب من رؤية وجهه الوسيم
- أنا سأذهب إلى كافتيريا الجامعة لأشرب شيئا وانتظر احمد هناك اذهبي أنت في رعاية الله
إجابتها ندى بسرعة
- لا تكوني سخيفة
أمسكت معصمها تجرها بخفه وإصرار .. رضخت نور مرغمه لم تكن لها القدرة على الكلام ليس ومع عناد ندى المعروفه به ..عند اقترابها تمتمت بالسلام وقلبها يخفق بعنف..
شاهدها تأتي من بعيد تمشي ببطئ كأنها فراشة رقيقة لكن ما هذا ؟ تبدو شاحبة وفقدت القليل من وزنها ! قطب جبينه بانزعاج وعادت تلك الوخزة في صدره لكن لماذا هذا الاهتمام المفاجأ الذي بدا يداهمه في الفترة الاخيرة بنور ؟! مهلا أليست هي شقيقه احمد وحسن ؟ أليست صديقة ندى ؟ الم تكن دائما شقيقته الصغرى ؟ اجل هي كذلك إذن يجب أن يهتم لأمرها ..ويسأل عنها باستمرار .. بهذه الكلمات اقنع نفسه من جديد وهو يرددها مرات كثيرة داخله.. رسم ابتسامه فعلت الأعاجيب بقلب نور
سمعها تلقي التحية بخفوت يكاد لا يسمع مطرقة بوجهها أرضا , قال بخفه ومرح لم يعتده هو بنفسه
- كيف حالك نور ؟
يا لله ما أجمل اسمها من بين شفتيه خفق قلبها مجددا واضطربت أنفاسها من جديد وهي تتمتم باقتضاب
- الحمد لله
قال بتسليه وهو يلاحظ خجلها
- سأوصلك إلى المنزل اليوم لان أخويك مشغولان جدا ولن يستطيع احدهم الحضور
رفعت وجهها بسرعة وأرادت الكلام لكنه لم يدع لها فرصه فأكمل
- احمد اتصل بي وطلب ذلك هل تريدين التأكد ؟
أحست بالخجل الشديد ولم تعلق بشيء
اتجهت لتجلس في المقعد الخلفي بينما جلست ندى في المقعد الأمامي , كانت شاردة طوال الوقت عينيها تنظر إلى المباني والساحات بينما كان حازم يتحدث براحه مع شقيقته تكلم مع نور عدة مرات لكنها لم تكن تشجعه على الكلام فقد كانت إجابتها قصيرة ومقتضبة ..كما وحاولت ندى إشراكها بالحديث بعفويتها ومرحها لكن نور كانت متباعدة ومتجهمة الملامح مما اضطرها للاستسلام ..و توجيه الحديث لأخيها فقط ..أوعزت ذالك لطبيعة نور الخجولة فهي تعرفها كم تخجل من وجود أخيها حازم فما بالك الجلوس معه بمكان واحد .. كانت نور تود لو أن الطريق بنقضي بسرعة فقد طال أكثر مما يجب قلبها يؤلمها بشدة وهي تجلس هكذا ببساطة تتنفس عطرة الذي ملأ أرجاء السيارة .. كادت أن تنفجر بالبكاء وهي تفكر بسرها الهي ألهمني الصبر وكن رحيما بي .. عند وصولها للمنزل شكرتهما بخفوت وأسرعت إلى الداخل بخطوات واسعة .. لم تعلق ندى بشيء بينما استغرب حازم تصرفها فقد بدت وكأنها مرغمه على الجلوس بسيارته عقد حاجبيه بانزعاج وأكمل طريقه عابس الوجه
دخلت البيت وهي تحاول أن تتماسك أمام والدتها بأعجوبة ، ألقت التحية وتوجهت لغرفتها رمت الكتب التي كانت تحملها بيدها على الفراش بقهر وخلعت حجابها بيد مرتجفة بينما بدأت عبراتها تتساقط بحرارة وبشهقات خافته..
طرقت والدتها الباب فأسرعت بمسح وجنتيها ورسمت على وجهها ابتسامة عذبة
قالت والدتها بحب
- كيف حالك حبيبتي هل شعرتي بتعب اليوم ؟ ما كان علي أن أوافق على ذهابك إلى الجامعة مازلت شاحبة
قبلت والدتها وقالت
- أنا بخير أمي لكنني فقط اشعر بجوع شديد
ابتسمت الأم بحنان وقالت
- دقائق والطعام يصبح جاهزا
عند خروج والدتها تنهدت نور بتعب وهي تتمتم لا فائدة أيتها الغبية البلهاء انسيه وانتهى الأمر ..ذهبت للاغتسال وارتدت ثوبا منزليا مريحا وتوجهت إلى المطبخ لتساعد والدتها بنقل الأطباق إلى المائدة حيث تجمعت العائلة لتناول الطعام .. كانت ترغم نفسها على المزاح والكلام وكل ما تريده هو الهروب إلى غرفتها ، لتنسكب دموعها بصمت...........
نهاية الفصل الأول
|