كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 9 - الرحلة - آن ويل - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
بعد ان غادر جوليان وكارا التجأت فيفيان الى غرفتها وطرحت نفسها على السرير واضناها كل ذلك الجهد الذي بذلته لاخفاء لوعتها اثناء وجودهما. لقد ابتهجت في الصميم لخطوبة كارا وجوليان, وحالما زاولها شعور بالانفعال والاهتمام المبدئي, بدأت سعادتهما الطاغية تعذبها في الخفاء واخذت كل كلمة نطقاها تفتح جراحا طازجة في قلبها الملتاع. كان اسوء ما مرت به في حياتها هو اضطرارها الى سماع خططهما الملهوفة ومراقبة نظراتهما المتقدة واستشعار التيار المتدفق بينهما.
هتفت الآنسة بكستون بدهشة حين رأت فيفيان تدخل مكتبها:
-عزيزتي فيفيان لم اتوقع زيارتك هذا المساء.
-جئت اودعك.
-تودعينني؟ لكنك قلت انك ستسافرين صباح الخميس؟
-اجل بيد اني بدلت خططي. سأغادر الليلة. لقد اتممنا كل الترتيبات لذا لا جدوى من تأخري. سوف يرسل تشن امتعتي الثقيلة في وقت لاحق.
-فهمت.
مظهر الفتاة اقلق الآنسة بكستون اذ كانت باهتة اللون كالشبح وفي عينيها نظرة غريبة ومحمومة تقريباً. من الواضح انها تعاني مشكلة عميقة. قالت لها بهدوء:
-اعتقد انك ستستقلين قطار الثامنة الى كوالالومبور ثم تتابعين السفر نهار الغد. اذن لديك وقت لشرب فنجان من الشاي.
اجابتها بصوت متوتر:
-شكرا, لا اشعر بعطش. يجب ان اتوجه الى المحطة فقد يصل القطار باكراً. ارجو ان تراسليني لاطمئن الى امورك.
-ساراسلك بالطبع. لقد قدمت لنا خدمة جلى يا عزيزتي ولن انسى فضلك ابداً. لكني ارجو ان تزورينا بين فترة واخرى. رانغور ليست بعيدة عنا وقد اصبح لديك عدة اصدقاء هنا سيرغبون في رؤيتك. هل سيوصلك طوم الى المحطة؟
-كلا فكرت... ان اطلب اليك توديعه بالنيابة عني, فأنا قررت السفر قبل ساعات فقط ولم اجد وقتاً لرؤيته بنفسي.
-لكن ,يا فتاتي العزيزة لا يمكنك ان ترحلي بدون ان تودعي طوم! سينجرح شعوره كثيراً. ثم اني لا افهم الداعي الى سرعتك هذه. هل لديك مشكلة؟
-ليست هناك اي مشكلة. كل ما في الامر... اوه, ارجوك ألا تستجوبيني يا آنا .يجب ان الحق موعد القطار ولا اقدر ان ارى طوم. قولي له... قولي له اني سأكتب له قريباً جداً.
وقبل ان تتمكن آنا من مجادلتها القيت فيفيان ذراعيها حولها في عناق يائس وسريع وخرجت من البيت مهرولة.
بعد ثلث ساعة كانت تذرع رصيف المحطة بقلق. تأخر القطار فأعلمها تشن انه يميل دائماً الى التأخر مقدار نصف ساعة عن الموعد المحدد.
كانت المحطة تغص بالمسافرين الذين جلسوا منحشرين على المقاعد القليلة الخشنة او جثموا مرتكزين على الحائط وهم يثرثرون او يتبادلون عبارات وداع مطولة مع اهاليهم المجتمعين بكثرة. رأت كذلك اكداساً من سلال الدجاج مكومة امام الاعمدة المزخرفة التي تسند السقف.
في الاخير اعلن صفير بعيد وصول القطار فبدأ الجميع يتدافعون ويتسابقون لتأمين مراكزهم. توقف القطار ببطء فقادها تشن وسط الازدحام الرهيب الى مقصورة مكيفة في الدرجة الاولى. ولما امن لها مقصورة النوم ووضع فيها حقائبها استدار ليودعها. كان وجهه الشاحب متقلصاً بالكآبة. قالت له بصوت مختنق:
-اعتن بنفسك يا تشن. اشكرك على عنايتك البالغة بي. ساكتب اليك.
|