صباح / مساء الخير
تسعدني كثير ردودكم وتشجيعكم لي , ان شاء الله اكون عند حسن ظنكم يا رب
قبل لا انزل البارت الجديد , في وحدة من العضوات الحلوات , اقترحت علي اوضح أكثر عن الشخصيات , واكتب تعريف منفصل عنهم , هالموضوع صعب علي شوي لأن الشخصيات تحددها المواقف , لكل شخصية جوانب متعددة , جانب هادئ , جانب مجنون , جانب حنون , جانب شرير ..الخ , مو شرط يكون دائماً نفس الاسلوب بكل يوم و بكل موقف ومع أي شخص , فمثلاً شخصية هالة الخجولة والمسالمة تتوقعون بتظل على حالها بعد اللي صار لها ؟ طبعاً لا , لكل شخصية جزء طيب وجزء سيء ونقاط ضعف , فأحب اوضح لكم شخصياتي من المواقف اللي تصير لهم , بالنسبة لي لا اؤمن بوجود شخصية كاملة وطيبة بدون عيوب , ولا شخصية شريرة بدون سبب او بدون مايكون لها جزء ولو بقدر بسيط من الطيبة , الي اكتبه مافيه لا ابيض ولا اسود , الشخصيات كلها رمادية , مزيج من الخير والشر بنفس الوقت , بس فيه رصاصي فاتح ورصاصي اقرب للأبيض ورصاصي غامق خخخخخخخخ , اتمنى فهمتوا علي ادري تفلسفت كثير بس حبيت اوضح وجهة نظري .
تفضلوا البارت الجديد و قراءة ممتعة - لا يلهيكم عن العبادة -
الفصل الثالث
في داخلي أُحجية , عجزت حلها
دار الرعاية الاجتماعية للفتيات
الدمام - المملكة العربية السعودية
ومرت الأيام , وأصبح هذا المكان هو سجني , وحدي بقيت , جسد بلا روح أصبحت , ما عاد هناك شيء يُفعل , عمري يمضي ولكن دمعي الدامي لم ينتهي بعد , كيف امكنهم نسياني وتركي ؟ وكأني لم اعني لهم شيئاً ؟ هل كلماتهم ووعودهم وقبلاتهم لي كانت كذباً ؟ وهل ينتهي الحب ؟ هل حقَاً ينتهي الحب بهذه السهولة ؟
لم اتصور يوماً ان هذه ستكون نهايتي , وفي هذا المكان الكئيب , سأُسجن مع تعاستي الى الأبد ,
لم أعد اؤمن بالبشر ولا بالحب ,لم يعد احد يعنيني ,بالرغم من كثرة الناس الذين يعيشون معي هنا , الى أن الوحدة تسكن كل زاوية مني ,اشعر وأن العالم كله قد انهار , وأنا تحته
كل يوم , منذ الصباح الى ان تغيب الشمس وأنا اقبع في هذه الغرفة الضيقة المليئة بالأسرة المتراصَة ببعضها ,يوجد بها نافذة واحدة في أعلى الجدار ,لا استطيع حتى النظر منها ,
هوازن ,شمس ,غلا ,حصة وجواهر ,فتيات منبوذات مثلي , يشاركنني هذه الغرفة ,لا اعرف عنهم شيئاً سوى أن اهلهم تخلو عنهم تماماً كما حصل لي ,
- هالة , وقت الغذا يلا بسرعة قبل لايخلص
لم اجبها , بقيت صامتة كعادتي ,ولماذا الطعام ؟ لقد فقدت شهيتي من كل شيء
اقتربت مني وهي تهزني : انتِ من جيتي هنا وما أكلتي شي أبد لا تموتين من الجوع
اموت ؟! اعتقد انني مت حقاً , فلم يعد لحياتي أي معنى , ان لم يكن هذا موتاً فما الموت ؟
ابتعدت عني , وهي تتأفف وتحدث نفسها , وبقيت أنا على هذا السرير , احاول فك الاحجية التي تسكنني , اجلس محدقة في الفراغ وكأنني بومة
شعرت بها وهي تقترب مني مجدداً ,وهي تقدم لي طبقاً من الأرز : أنا جبت لك الاكل هنا , أنا بعد اول ما جيت هنا ماكنت احب آكل تحت
ضربت ذلك الطبق بيدي , فسقط على الأرض وتحطم , شهقت بقوة : لييه ؟ حرام لا تكفرين بالنعمة
جثت على ركبتيها وهي تحاول جمع حبات الأرز المتناثرة على الأرض , وأنا انظر اليها , اشفق عليها ,لماذا تكترث بي ؟
جاءت فتاة أخرى وهي تلقي اللوم عليها : خلاص يا غلا , ماعليك منها , هاذي شكلها مو صاحية
غلا : كسرت خاطري , من جت للدار وهي ما اكلت شي
هوازن : خليها عنك , أكيد وراها بلوى والا شجابها لهنا ؟ اتركيها وتعالي بخلص وقت الغذا وانتِ ماكليتين شي
واخيراً خرجن عنِي , لا أريد احداً ,يجب علي حل تلك الاحجية داخلي , احتاج الهدوء , الهدوء التام
,
تجلس في المقعد الخلفي من السيارة , شاردة تنظر الى النافذة , تفكر في تلك الفتاة التي جاءت مؤخراً الى الدار , ابنة خالتها "هالة " التي تعرفها الآن للتو , فلم تكن تربطها علاقة قوية بخالتها المتوفاة ولا بناتها , عدا نور , فقد كانت تربطها بها علاقة بسيطة بحكم دراستهما معاً , ترتسم في مخيلتها تلك الملامح الحزينة مجدداً , العينين الواسعتين التي تلمعان بشيء من الكآبة , فقط بالنظر الى تلك العينين , يمكنك ان تشعر بذلك الحزن الدفين داخلها , وكأن عينيها تتحدث , تذكرها تلك الملامح بشخص عزيز عليها , تلك الذكرى تدفعها للمجيء لعملها بانتظام , عملها التي كانت تهمله ولا تأتي اليه , الا في اوقات فراغها , اصبحت تنهض صباحاً كل يوم , للتفقد تلك الفتاة ,التي تجلب لها الذكريات
ترجلت من السيارة , بعد ان نبهها السائق بأنها وصلت , نظرت الى ذلك المبنى الكبير أمامها , كم من القلوب الحزينة تنبض داخله ؟
دخلت بعد أن فتح لها الحارس الباب , حيث أن الجميع يعرفها هنا , تقدمت الباب الداخلي وفتحته لتستقبلها العاملة "أم حمزة " :السلام عليكم , مرحبا استاذة ياسمين
ياسمين : وعليكم السلام , كيف البنات ؟
ام حمزة : كل شي تمام يا استاذة
كانت الدار تضج بضحكات الفتيات وثرثرتهم , حيث كانت مزحومة بالفتيات في كل زاوية , تقدمت احدى الفتيات اليها : مرحبا استاذة , شلونك ؟
ابتسمت للطافة تلك الفتاة الصغيرة : مرحبتين , شلونك يا رباب ؟ كيف الاجازة معك ؟
رباب : والله ملل , الدراسة احسن , نطلع ننشغل بشي
ياسمين : هههههههه ان شاء الله راح نسوي لكم نشاطات هنا , حق تنبسطون وتغيرون جو
رباب بحماس : وفيه رحلات بعد ؟
ياسمين : مادري بحاول , موضوع الرحلات معقد شوي بس بحاول
رباب : مشكورة استاذة
ياسمين : العفو حبيبتي
مشت الى مكتبها وهي تبتسم في داخلها , تشعر بالسعادة كلما رأت ابتسامة تُرسم على وجوه تلك الفتيات
دخلت الى الغرفة الخاصة بها وسلمت على زميلتها التي تجلس على مكتب مجاور لمكتبها , وخلعت عباءتها الملونة وطرحتها ,وجلست على المكتب تقلب الملفات والأوراق
نظرت الاستاذة "ناهد " الى ياسمين بحنق : اشوفك صايرة ملتزمة بالدوام , مو من عادتك
ياسمين بدون ان تنظر اليها ولازلت تقلب في الأوراق : أي ,البنات هنا مسؤولية ولازم اتفرغ لهم , وهاذيك الأيام أنا كنت منشغلة فيهم شوي , والحين خلاص ماعندي شي
كانت ناهد تشمئز من ياسمين ,التي تحضر وتتغيب متى شاءت بدون حسيب ولا رقيب ,بعكسها هي ,حيث لا يمكنها التغيب الا بإجازة او عذر مرضي , وحيث كان اغلب العمل موكل الى ناهد , وكل شيء في الدار على عاتق ناهد وحدها , سُمع طرق الباب وثم طلت فتاة برأسها : ممكن ادخل
ياسمين : أي حبيبتي تفضلي
دخلت وجلست على الكرسي مقابل ياسمين : استاذة ياسمين صدق فيه نشاطات ورحلات ف الاجازة
ياسمين : ههههههه ما شاء الله بسرعة تنتشر الأخبار هنا ,أي ان شاء الله بكون فيه
الفتاة بحماس : طيب استاذة , ياريتك كل يوم تجين , والله وناسة
بعد أن خرجت الفتاة من الغرفة , التفت ناهد لياسمين وحدثتها "بدون نفس " : ترى ماينعطون وجه ,لا تبالغين معهم بعدين تبتلشين معهم صدقيني
لم تجب ياسمين عليها ونادت : ام حمزة , يا ام حمزة
جاءت ام حمزة وفتحت الباب : نعم استاذة
ياسمين : ممكن تنادين لي هالة
ام حمزة : البنت كله قاعدة في الغرفة , ولما اناديها تحقر ولا كأنها تسمع
ياسمين بقلق : طيب أنا بقوم اشوفها الحين
قامت وحملت معها بعض الملفات والأوراق ووضعتهم على مكتب ناهد : ناهد حبيبتي , شوفي لي هالأوراق , كله كلام معقد وخرابيط ومافهمتها , ومالي خلق افهم , خلصيهم لي وأكون ممنونة لك يا قلبي
ناهد : أي بس أنا عندي شغلي
ابتسمت ياسمين لها ابتسامة "تقهر " وخرجت من الغرفة بكل أريحية
ناهد تحدث ام حمزة بقهر : أي هاذي وش عرفها بالشغل وملفات البنات ومعاملاتهم , مو فالحة غير بالتمخطر والتزين كأنها جاية حفلة , لا وفوق هذا جايبة بنت للدار واوراقها واجراءاتها ناقصة , واسطات يا حبيبي واسطات
,
تجلس تقابل التلفاز , تتابع مسلسلها التركي المفضل ,وتضع حبات الفشار في فمها , جلس بجانبها زوجها , واضعاً ساقيه واحدة على الأخرى فوق الطاولة , سحب منها كيس الفشار , ووضع ذراعه على كتفيها , قال وهو يتناول الفشار :هذا المسلسل متى يخلص ؟ أنا من عرفتك وانتِ تتابعينيه
ليلى : هذا الموسم الثالث , مسلسلاتهم تطول مب مثلنا
يوسف : ياااااه , ياصبرك , وبعدك مامليتي منه , نفس الاشكال ونفس القصة
ليلى : لا مامليت وهات الفشار , واسكت لو سمحت خليني اشاهد
يوسف بعناد : طيب أنا ما اشوفك تذاكرين ؟ ليه ماتذاكرين
ليلى : ماعندي اختبارات هالاسبوع
يوسف : ويعني ماتذاكرين الا في وقت الاختبارات , و في النهاية تجيني تبكين , وهو يقلد صوتها : يوسف المعدل بينزل , ومافي وقت أذاكر , اخاف معدلي ينزل يا يوسف
ليلى : اففف , خلاص يوسف ,ابغى اشاهد على راحتي , لاحقة على المذاكرة
يوسف : أنا قلت لك لا تاخذين صيف , بس انتي ماتسمعين الكلام , قال ايش قال ابغى اخلص بدري
ليلى : يوووسف , خلاص زودتها
يوسف وهو يضحك عليها : ههههههههههههه فديت المعصب
سحب خدها باصبعيه :أنا مابقوم الا اذا قمتي , الحلقة ساعتين وأنا ماقدر انتظر كل هالوقت , اتركي عنك هالأتراك الي ماعندهم سالفة
ليلى بنفاذ صبر وهي تبعد يده عن خدها : يوسف شيل ايدك , يعورني , انت وش تبغى بالضبط ؟
يوسف : اشيل ايدي , بس تطفين التلفزيون
ليلى : يوووسف , ياربي مثل الأطفال
رفعت "الرموت " واغلقت التلفاز , ورفع يده عن خدها بعد أن تلون بالأحمر ,
ليلى وهي تضع يدها على خدها بألم وقد دمعت عينيها : اااااه , وجععع , انت ماتحس
ابعد يدها وقبَل خدها موضع الاحمرار وهو يضحك : هههههه آسف ياعمري
ليلى وهي تبعده عنها وتقوم من الأريكة بغضب : انت وش تبغى ؟ خليتني اطفي المسلسل وبعدين ؟
يوسف :ابغاك تذاكرين , وتجتهدين وترفعين راسي
ليلى : ياربي , مو شغلك , أنا بذاكر في الوقت اللي يعجبني
يوسف : ههههههههههههههه , طيب تعالي نقعد نسولف , من زمان عن سوالفك
ليلى : اسولف عن ايش ؟ اسولف لك عني وأنا احاول انسى قصة هالة , واعيش طبيعي ,وترجع حياتي مثل قبل , بس ماقدر , والا اسولف لك عن كلام نور لي اللي ماعندها سالفة غير هالة وهالة مسكينة وبريئة و انا ظالمتها ,والا اسولف لك عن ابوي المريض والا عن اخوي الا شوي ويستخف ,
يوسف وانقلبت ملامحه الى الجديَة : انا ما قصدت كذا
وقف واقترب منها واجلسها بجانبه : ليلى انا ماقصدت , لا تخلين هالقصة تؤثر عليك , اللي صار صار وانتهى , ادري الموضوع صعب ومو هين , بس لمتى ؟
ليلى : وين انسى , ونور وابوي هناك , وامك مو تاركتني ف حالي هنا , والناس ونظراتهم وكلامهم من ورانا , تراها اختي وكانت اقرب الناس لي ,واحسها ماتت واختفت من حياتي , يمكن لو هي ميتة أرحم
يوسف : خلاص يا ليلى لمتى نعيد ونزيد ف هالكلام , شغلي هالمسلسل خلينا نشاهده , وامرنا لله
ليلى : مابغى , خرب مزاجي و مالي نفس
يوسف : يلا ليلى بلا دلع , انتِ من البداية كنتي تبغين تشاهدينه وش تغير الحين
ليلى : ما ابغى , مابغى افف
يوسف : تحبين تعانديني انتِ والا كيف ؟ كلشي اقولك اياه تسوين عكسه
قامت من الأريكة وهي تتذمر , ودخلت الى غرفتها وتبعها هو وهو يناديها , جلست على السرير وجلس بجانبها : وبعدين معك ؟
ليلى : اخلاقي قفلت , اتركني فحالي
يوسف : لا حول ولا قوة الا بالله اللهم طولك يا روح
أمسك بمعصمها ووضعه في حجره وهو يحاول تغيير الموضوع : انا مادري وش اللي عجبني فيك وخلاني اتزوجك , مافيك الا عنادك
ليلى : كييف ؟
يوسف وهو ينظر الى عينيها : كله من هالعيون اللي جابتني على وجهي , كنت كل ما اشوف عيونك من تحت النقاب وقلبي يفز فز
ليلى وقد سمعت منه هذه القصص عن حبه واعجابه لها قبل الزواج مليون مرة ولكنها لازالت تخجل عندما يذكرها ويكررها عليها
اكمل حديثه : تدرين اني كنت اقدر اميزك من بين خمسين بنت بس من عيونك , وكنتي كل ماتجين عندنا البيت حق سهام اختي , احاول بس المحك ,ولو من بعيد ولما كنت اوصلكم , كنت اختلق الاعذار بس حق اسمع صوتك ,
ليلى : وأنا ولا كنت ادري عنك وعن سوالفك الداشرة , كنت اجي لسهام وانا على نياتي
يوسف : هههههههههه وأنا استغل الفرصة وأطل عليك من فتحة الباب واشوفك
ليلى : يا انك كنت قليل ادب , حرام أنا ماكنت زوجتك كيف قدرت تسوي كذا
يوسف : قلة الادب بس معك والله , ماعرفت هالحركات الا معك , كنت اسويها بدون وعي , وكلما اقول لامي تخطبك لي تقول اصبر ,واصبر وبعدك صغير , ثلاث سنين وانا متعذب معك
ليلى : مسكين , ياليتني كنت ادري
يوسف يغمز لها : كذابة , الحين فذمتك ما لفت نظرك هالمزيون الحليو , اللي ف كل مكان يطلع ف وجهك
ليلى : ولا كنت اطالع فيك حتى
يوسف : هههههههههههههههه كذابه
ليلى : لا ياحبيبي , انت كنت عايش هالقصة بروحك , كان حب من طرف واحد
يوسف : طيب وبعدين , لما تقدمت لك ووافقتي هذا شتسمينه ؟
ليلى : أي بعدين , بدت قصة الحب حقتي
يوسف : هههههههههه أي وبعدين ؟
ليلى وقد خجلت بعض الشيء وهو يضحك عليها ويكمل قصصه ومواقفه السابقة معها , وكيف جذبته من بين الجميع , وكيف اعجب بها بنظرة واحدة , ويكمل وهي تستمع اليه بحب , ولم تكن تعلم او تفكر للحظة انه يكذب عليها , ويكذب على نفسه أولاً , اعتاد على ان يوهم نفسه , ان تلك الفتاة ذات العيون الفاتنة التي اعجب بها منذ سنتين كانت ليلى إلا أنها في الحقيقة كانت اختها هالة ,التي رفضت والدته ان تخطبها له بسبب صغر سنها , فخطبت له اختها الكبرى ليلى عوضاً عنها , وكان طوال الوقت يذكر مواقفه مع هالة باسم ليلى ,التي لم تشك للحظة انه لم يكن يقصدها
,
شعرت بصوت طرق الباب , انزلت رأسي على ركبتي ولم أجب , بعد فترة رأيتها وقد دخلت لتجلس بجانبي على السرير , تلك المرأة الأنيقة التي جلبتني الى هنا , وتدَعي أنها ابنة خالتي , ابنة خالتي التي لم اعرفها أو أرها من قبل , كانت تنظر الي بنظرات غريبة , كم أكره تلك الشفقة في عينيها ,قالت وهي تبعد خصلات شعري عن وجهي : كل الناس تغلط يا هالة , مافي أحد معصوم
ولكنني لم أخطأ , مللت أن ابرر للجميع ذلك , لا أحد يسمعني , ولا أحد يصدقني , فما الفائدة من الكلام ,اشحت بوجهي عنها , لا أريد أن اسمع المزيد , وضعت يدها على كتفي وهي تقول بلطف مبالغ : اعتبريني صديقتك , تقدرين تفضفضي لي , لاتكتمين ف قلبك
نظرت الى يدها على كتفي , اظافرها المنسقة المطلية , الاساور التي تزين معصمها , أردت أن اصرخ في وجهها لتبتعد عني ولكنني صمت ,فقد اصبح الصمت قناعي الآن
ياسمين : وش رايك ننزل تحت , اعرفك على البنات , انتِ بنت حلوة وشكلك ذكية , لاتدفنين نفسك هنا
وضعت يدها على رأسي وهي تمسح عليه : شعرك طويل وحلو , لا تهملينه ,فيه شامبوهات وزيوت جبتهم اليوم معي , موجودين تحت عند ام حمزة
خرج مني صوت مبحوح : ممكن تخليني بروحي ؟
كنت دائماً اتجنب الكلام , لأنه كلما حاولت أن اتكلم , تتدفق الدموع الحارة من عيني كالشلال , ولا أشعر إلَا بمرارتها في فمي
ياسمين بقلق : بسم الله عليك , ليه الدموع ؟ , اقتربت تمسح بيدها الناعمة دموعي التي لا تكاد تتوقف
قلت بصوتي المبحوح المتحشرج بالبكاء : ممكن تخليني بروحي ؟ لو سمحتي
ياسمين : بس ما اقدر اخليك وانتِ بهالحالة
قاطعتها : انتي روحي , وانا اصير زينة , خليني بروحي , انا ارتاح اذا قعدت بروحي
ياسمين : طيب حبيبتي أنا اخليك , بس اذا احتجتي أي شي , امانة كلميني , أي وقت تحسين فيه انك تبغين تتكلمي فيه أنا موجودة
أومأت لها بالإيجاب , وخرجت عني , القيت بنفسي على السرير ,وأنا ابكي , وافكر هل حقاً ينتهي الحب ؟ ويبقى الكره فقط
,
في شاليه البحر
القى بنفسه على الأريكة بتعب في تلك الغرفة المظلمة , وأخذ يتذكر أحداث تلك الليلة العصيبة , وكيف فلت من ذلك المأزق بأعجوبة , كان يحاول كتم أنفاسه في دورة المياه ,بينما تحاول هي بصوتها الخائف المرتبك اخفاء حقيقة وجوده معها في الغرفة ,كان يستمع الى حديثهما ودقات قلبه كالطبل يدق في صدره من الخوف
الريم : مافي أحد في الغرفة , هذا كان صوت التلفزيون
خالد : بس أنا سمعتك تكلمين أحد , وصوتك كان عالي
الريم : هاذي اختي , كنت اكلمها في الجوال وانفعلت شوي
خالد : طيب أنا قلت لهم يركبون لنا العشا هنا
الريم بانفعال : لا لا ليه ؟ خلينا ننزل تحت نتعشا أحسن
خالد : بس انتي قلتي من شوي انك تعبانة ومالك خلق
الريم : أي الحين حسيت نفسي أحسن
خالد : انتِ شفيك ؟ رحت عنك وجيت وصرتي مو على بعضك , خايفة من شي؟
الريم : لا من وش أخاف ؟
خالد : ما ادري , ترتجفين , وصوتك متغير , وو موطبيعية
الريم وهي تحاول ان تخفي انفعالها , اقتربت منه ووضعت يدها عليه , وقالت بتصنع : حبيبي , خلينا ننزل نغير جو تحت , احس اختنقت هنا , يلا حبيبي عشاني
كانت الكلمات تخرج من فمها بصعوبة بالغة , وتحاول ان ترسم على فمها ابتسامة , أما هو فلم يصدق قربها منه الى هذه الدرجة , وابتسم ابتسامة كادت ان تشق وجهه, وقلبه يدق بتهيج ,: يا بعد حيي والله , ياروح حبيبك انتي
كان يحاول تقبيلها ولكنها ابعدته عنها باشمئزاز , استغرب من ردة فعلها المفاجئة : وش فيك ؟
الريم : مافيني شي , خلينا ننزل بسرعة بموت من الجوع
خالد : يخسي الجوع , يلا ننزل
قبل ان يخرجا من الغرفة كان يحدثها بكلام معسول أثارت غيرة وليد , كان يشعر بنيران الغيرة تشتعل داخله , تمنى لو كان يستطيع ان يخرج ويبرحه ضرباً , ولكن في هذا الموقف الصعب الذي ادخل نفسه فيه , لم يستطع فعل شيء سوى الاختباء لكي لا يكشف عن مكانه , سمع صوت اغلاق الباب , والانارة انطفأت من الغرفة , أراد فتح باب الحمام ولكنه كان مقفلاً , اذ انه يجب وضع البطاقة أمام المدخل لكي يفتح , جلس على الأرض ينتظر مصيره , وبعد مرور فترة من الوقت ربما نصف ساعة أو أكثر , سمع صوت فتح الباب , وعادت الانارة للغرفة , سمع صوت خطوات تقترب منه , وفتح الباب ليجد مروة تقف في وجهه , قالت بصوت غاضب : أنا بجي يوم وبرتكب فيك جريمة يالخبل , بذبحك صدقني بذبحك
قام من على أرضية الحمام بسرعة : يلا خلينا نروح قبل لايجون , ويشوفني
مروة وهي تمسكه من قميصه بقوة حتى انفتحت ازراره : لا !! خايف ؟!! دام انك خواف ليه الهياط من البداية ؟؟؟
وليد وهو يسحبها من يدها : مريو يرحم امك خلي كلامك هذا لبعدين , بسرعة خلينا نطلع من هنا
امسك بها وخرجا من الغرفة اغلق الباب , واتجها الى المصعد الكهربائي , مروة : انت مب صاحي اقسم بالله مب صاحي , مجنوون
وليد وهو يفرك يديه وينظر الى المصعد : وهذا الزفت متى بجي
اقتربت منه مروة وتسحب قميصه وكأنها تريد ضربه : تدري لو شافك معها وش كان بسوي فيك ؟ , كان الموت قليل ف حقك يا#### ن
وليد وهو يضع يده على فمها ليمنعها من الكلام : اسكتي , لا تفضحينا وأحد يسمعك , بعدين يا مريو بعدين
جاء المصعد , وسحبها معه داخله , وهو لايزال يضع يده على فمها , ابعدت يده عنها بعصبية , واخذت نفساً عميقاً : الله يلعنك
اكملت بصوتها الغاضب ذاته : كلمتني الريم وهي بتموت من الخوف , انت ليه ماتفكر ؟؟ تحب المشاكل انت , تدور على المصايب دواره
ضغطت على الزر الذي يؤدي الى المطعم : اسمع , انا بروح للريم ارجع لها البطاقة , وانت روح انقلع لسيارتك
فتح باب المصعد وخرجت ولكنها تفاجئت به يتبعها التفتت له : انت ماتفهم , روح انقلع لسيارتك , وش تبغى بالضبط ؟
كان يبحث عن الريم بعينيه من بين الأشخاص الجالسين في المطعم , وجدها تجلس مع رجل سمين يتناول طعامه بشراهة , ومشى باتجاههما
مروة تهمس وهي فاتحة عينيها بشدة : انت وش ناوي عليه ؟
وصل الى طاولتهما : السلام عليكم اخوي
نظرت اليه الريم بتعجب وخوف , خائفة ان يفعل شيئاً مجنوناً , خالد مد يده لمصافحة وليد وهو يتساءل في نفسه عن هوية الواقف أمامه: وعليكم السلام
وليد وسحب يده وهو يبتسم : مبروك الزواج , بالرفاه والبنين
خالد : الله يبارك فيك , عفواً من انت ماعرفتك
وليد : أنا ولد عم مروة اخت زوجتك وحسبة اخوها , جيت اوصل مروة لهنا , وقلت اسلم عليك وأبارك لك
خالد : تسلم ياخوي , الله يبارك في حياتك
وليد : أنا والريم اتربينا مع بعض , وحسبة اخوان , اتمنى لكم كل خير والله , اتمنى يصير بينا تواصل , الا انت وين تشتغل ؟ وجهك مو غريب علي
خالد : انا مهندس في ارامكو
وليد : والله مادري وين شايفك بالضبط , بس أنا متأكد اني شايفك من قبل
خالد : ههههههههههه يمكن في عالم الذر
وليد : هههههههههههههههه حلوة
جاءت مروة ومدت البطاقة للريم : جبت لك الأغراض اللي تبغينهم , التفتت لوليد : يلا وليد نمشي
وليد : انتظري خليني اتذكر وين شايف النسيب من قبل
مروة وهي تضغط على اسنانها : وليد خلينا نروح , لا نشغل العرسان أكثر
وليد ابتسم : يلا نخليكم , مع السلامة , الله يسعدكم يارب
خالد بابتسامة : مشكور يالحبيب , الله يسلمك
بعد ان ابتعدا عن طاولة خالد والريم بمسافة , مروة بصوت منخفض وهي تحاول ان تخفي عصبيتها : انت ماتحس وجهك مغسول بمرق
وليد كان ينظر باتجاه الريم , التي كانت تختلس النظر اليه , ابتسم اليها بتحدي وخبث
مروة وقد نفذ صبرها : هيييه انت , يلا امش نطلع , يكفي هياط
خرجا من الفندق , وركب سيارته الرياضية الحمراء , وركبت معه , وليد : انتي مو جيتي مع السايق ؟ ارجعي معه
مروة : مو شغلك , انا بكلمه يمشي
وليد شغَل محرك السيارة وسار بسرعة جنونية , رفع على صوت الأغاني ,
مروة : الله ياخذك يا وليدوه , انت وش قصدك ؟ ليه تروح تسلم على الرجال بعد , انت وش ناوي عليه
وليد : الريم بترجع لي يا مريو , ماتتحمل تقعد مع واحد مثله , هههههههههههه انتي شفتي كيف ياكل ؟
مروة : ياليته شافك معها , وذبحكم انتم الاثنين وخلصت منكم ومن بلاويكم, انت المفروض ندخلك مصحة نفسية وما نطلعك منها
وليد : هههههههههههههههههههههههههه
ومنذ ذلك اليوم وهو يؤمن أن الريم سترجع له عاجلاً ام آجلاً ,كان كلما يتذكر كلماتها الخائفة ووجها المرتعد وملامحها الفزعة وارتجاف اطرافها بين يديه , تغمره نشوة عارمة , كان فخوراً بما سببه لها من رعب , ويشعر بالحنين والشوق اليها , ويصبر نفسه بأنها سترجع له , حتماً سوف ترجع
قطع تفكيره صوت مقبض الباب , كان احدهم يحاول فتحه , ولكنه كان مقفلاً من الداخل , قام من الأريكة وفتح الباب
وليد وهو ينظر للرجل ذو الشارب الكثيف الواقف امامه : هذا انت , ادخل ادخل
دخل " ابو حنان " الى الى الغرفة وجلس على الاريكة
وليد : انت وينك كل هالوقت ؟ ووين البضاعة ؟
ابو حنان : انا جيتك قبل كم يوم ,وكنت جايب البضاعة معي , بس ماشفتك , كان فيه ولد شكله يخوف , وقال لي لا اجيب خمر هني وانت ماتبي
وليد : كييف ؟؟ من ذا الولد
ابو حنان : ولد قصير شوي , شعره اسود نصه محلوق ونصه الثاني مغطي وجهه ,يلبس سلاسل بس صوته نكته ههههههههههه مايناسب شكله , ناعم كأنه بنت
وليد وعرف أنه يقصد مروة ,قال وهو يتدارك الوضع : أي ايي هذا مشعل ولد عمي , أنا كم مررة قايل له لا يجي هنا بس مايسمع الكلام
ابو حنان : المهم ان البضاعة سلمتها لواحد غيرك
وليد : اف يا ابو حنان اف , وليه ماكلمتني اول ,الشاليه فاضي مافيه ولا غرشة
ابو حنان : خلاص مرة ثانية لين رحت الكويت ورجعت أجيب لك , انت مابتروح لسلطان , سمعت ان بكره مسافر
وليد : لا , أنا حتى العرس مارحت
ابو حنان باستغراب : انت مادرييت ؟
وليد : عن شنو ؟
ابو حنان : العرس انلغى , ماتزوج
وليد بتعجب : ولييه ؟ وش صار ؟
ابو حنان : البنت اللا بيتزوجها , طلعت بنت ليل , وصلت له صورها وهي مع واحد في شقة , فنفس يوم العرس
وليد وهو يضحك : هذا صار فلم هندي , والله ماتستاهل يا سليطن, اجل خلينا نروح نسلم عليه الليلة قبل لا يسافر
ابو حنان : أي , الشباب كلهم متجمعين عنده
,
يتبع[/]