كاتب الموضوع :
نعجتي
المنتدى :
القصص المكتمله
رد: هذه دُنياي
لا تلهيكُم عن العبادات والطاعات
ما شاء الله تبارك الله
للكاتبة aurura
الفصل الأول
بعد عشرون سنه
تصاعدت تلك النجمة الحارقة كالعنقاء الأسطوري , بيوم مُشمس شديد الحرارة , لتستقر وسط السماء السرمدية وتُعانقها قطع القُطن البيضاء الصافية , لتُشع بنورها وحرارتها تلك الأرض التي تدور حولها والكواكب الشمسية أطفالها حولها تمُدهم بدفئها وحنانها , رُكنت السيارة السوداء بشكل عشوائي , واحتكت عجلاتها بالرُخام بكل حده لتُصدر صرير مُدوي من مُحركها , وتكبس كفه الخشنة على المقود بغضب جامح , يشهق ويُزفر بعمق أمام ذلك القصر الشامخ وصدره يعلو ويهبط من الانفعال , ترجل من السيارة وهو يصرخ ويدوي بصوته الغليظ
: عااااااااااااااااااااااااااااااصم يا حيوان أطلع لي يالحرمه
خرج حوله بعض " البوديقارد " بالبدل السوداء وهم يشبثوه من عضديه , يصرخ ويُحاول إفلات نفسه
إجذأر بغيظ : واقف تتخبى ورى الحريم يا ال...... ال .....
بعض الرجال يسيرون هرعاً من داخل القصر وقف عند عتبه الدرج الخارجي مُعقد الحاجبين من هذا الرجل الغريب الذي أقتحم سكينتهم صارخاً أمام قصره طالباً ابنه ليستوعب الأمر وتعبس ملامحه المُستغربة و قد توقع من يكون بالتأكيد هو لا غيره , أشار لرجاله بكفه أن يبتعدوا , لينظر الآخر بشزر لذلك الرجل الأربعيني الذي يملأ شعره الفاحم الشُعيرات البيضاء الواضحة , بصوت مدوي
: وين عاصم الكلب والله أوريه الحيوان ال .....
عبدالكريم بصوت ثابت مُحرج ينزل عتبات الدرج قائلاً
: أمسحها بوجهي والله ما أعرف وش أسوي معاه هالولد مو مريحني لا ليل ولا نهار أنا بحاسبه بس هدي الوضع الحين ما رح أعديها له وعد مني
اتسعت عينيه بشرر : اهدي الوضع وولدك لوث شرفي وطلعت صوره مع زوجتي في الجرايد و فضحني بين العالم
فرك جبينه بغضب من ابنه وتصرفاته الرعناء غير المسؤولة تنهد بعُمق قبل أن ينتبه للرجل يُخرج مُسدس من جيبه , ليمسكه أحد الرجال ويرفع يده , وتنطلق رصاصه باتجاه السماء الزرقاء , وهو يصرخ بوجهه
: رح تقتله طيب وبعدين رح يبرد قلبك و يتنظف شرفك وتدخل السجن وعندك ولد ويمكن حتى ما تشوفه يكبر قدام عينك يوم يقتصوك
زم شفتيه بأسنانه تخنقه العبرة وكم هو مقهور وصعب قهر الرجال , كاد أن يُدمي شفتيه بزمه لها ولم يشعر بهذا الألم فالألم الذي بجوفه وقلبه أكبر , أكبر من أي شي فالألم لا يُقارن بهذه البحار العميقة ولا السماء الواسعة , قُبض قلبه عندما ذُكر ابنه الذي لا ذنب له بفعل أمه الحقيرة وإجذرأ بهذه العائلة
ليردُف : حسبي الله عليكم ربي ينتقم لي منكم و ياخذ حقي
ركب سيارته ليُغادر وهو مهموم من هذا الهم حتى وإن قتل زوجته فعاره لن ينظف بل حتى وإن طلقها أسدل جفنيه ليفتحهما و يرى الطريق أمامه , تغيرت حياته كلياً هذا اليوم
,
دخل للقصر مهرولاً لتقع نظراته على ابنه ويسحبه من بين النساء ويرميه بقوه على الطاولة الزُجاجية , ويتحطم زُجاجها ويتناثر لأشلاء وهو يسمع صرخات عائلته
عاصم بفزع : يبه والله مالي دخل ما دري إنها متزوجة
اتسعت عينيه بذهول لينقض عليه ويركله بقدمه على خصره
عبدالكريم بغضب عارم : يا الحيوان وإذا مو متزوجة تطلع مع بنات الناس وتدمر حياتهم يا الواطي
بصُراخ وهي تتشبث بعضده : عبدالكريم تكفى إهدى وش الصار
دفعها عنه لينظر لها بشزر : كله منك انتِ ومن دلعك له وين ما أودي وجهي موطي راسي ليه ما قريتي الجرايد اليوم الصبح وولدك المبجل طالع مع وحده متزوجة وزوجها جا قبل شوي وناوي عليه وتعرفين الصحافة تنتظر لي الزلة بس
عاد بنظراته اللاهبه لأبنه : اسمع وعلم يوصلك ويتعداك لو أشوفك هنا مره ثانيه أني لأوريك الويل تنقلع ولا عاد أشوف وجهك
ضغط على أحد الأرقام بالمُفضلة هاتفاً : سليم اليوم تحجز لعاصم وتقلعه لقلعه وادرين
شهقت إحدى النساء : بتطرد ولدك من بيتك عشان وحده واطية طلعت معاه وش دخل ولدي
أسدل جفنيه بغضب دون أن يرفع صوته على والدته
: يمه لا تتدخلي فيني وفيه خليني أأدبه وأربيه , نظر لزوجته بشزر رادفاً , بعض الناس ما عرفت تربي
زمت شفتيها من كلام زوجها , لتربُت أخته على كتفه وتمسح عليه بهدوء مُعقده الملامح بحزن
: خلاص إهدا يا كيمو سوي التشوفه صح بس إهدا يا خوي
تنهد بعمق وهو ينظر لابنته وهي تُعانق ابنه عمتها بخوف وكم هُما بريئتان لا يُحب أن يخاف منه أحد ولكن هو هكذا عن غضب لا يرى أمامه من الغضب
***
في ليله أستسرّ القمر, رفتّ الأَهداب الكحيلة , و ترمُش الأجفان على العينين الفِضِيَتين النجلاء , لتفتحهُما بهدوء وتُغلقهما تارة دليل على النُعاس وهي تُكتف ذراعيها على النافذة وتسند ذقنها عليهما و تتأَمل صُندوق راقصه الباليه التي تدور حول نفسها بهدوء , لتُصدر منه صوت معزوفة موسيقية ناعمة تجلب النوم لتُدندن مع تلك الموسيقى بخفوتْ وصوت كتغريد البُلبُل وهل لأحد صوت كصوتها الشجيّ
: لافندرز بلو ديلي ديلي لافندرز قرين
قطع خُلوتها وسُكونها صوت والدتها المُجلجل
: ليييييللللللوووو
نهضت بسرعة وهي تتعرقل بالفوضى التي بالغرفة بفعل أختها وأخيها المُهملين
: جايه يمه جايه
خبأت صندوق أسرارها كي لا تستخف بها أختها التوأم كما العادة وتنعتها بالطفلة الملاك المُدللة ذهبت لغُرفة الجُلوس المهترئة من القِدم والفقر بصوت رخو
: سمي يمه
برمت شفتيها : روحي البقاله وجيبي لنا خبز وحليب
هتف وهو مُعقد الجبين وينظر لزوجته : بترسلي البنت بذا الوقت المتأخر انتظري يا بنتي أنا بروح أجيب روحي غرفتك
ركضت إليه لتُقبل يديه وترجوه : يبه الله يخليك انت تعبان اجلس وارتاح أنا بروح مع مجود
مط شفتيه بانزعاج من زوجته التي تُعاملها كخادمه رغم أنها ابنتها ليهمس
محمد : روحي يا بنتي الله يوفقك
دخلت لغرفه مُشتركه بينها وبين أختها وأخيها الصغير صفقت بكفيها صفقه واحده لتهتف
: قُبطان يلا بنروح البقالة تعال معي موب انت رجال البيت
الطفل ذو عشر سنوات : ايه انا رجال البيت وما أخليك تروحي لحالك بس تجيبي لي حلاوة
ابتسمت بحُب : يسعد قلبك ويخليك لي أكيد بجبلك الدُنيا لو تبي أكلك أنا وأكل دلعك
توجها مشياً بتلك الظُلمة الحالكة للمتجر لتُحضر طلبات والدتها كالمُعتاد قابلت جارتهم بطريق ذهابها
الجارة بحنان : ليليان رايحه البقاله
بابتسامه تُزين ثغرها : ايه يا خالتي تبين شي
: لا يا قلبي بس خلي ريتا تربي بطيخه بالبيت مع السلامة الله معك
هتفت هكذا عابسة
ليليان بعبوس : لا تقولي كذه يا خالتي مع السلامة
ضحكت بخفوت من جارتهم التي تعتب على أختها لأنها دائماً هي من تقوم بكل شي وتُساعد أمها بأعمال المنزل والمصروف , حتى الجامعة أوقفت قيدها هذا الترم لتعمل في الصباح , وهذه السنة الأولى لها لم تدرس غير ترماً واحداً بينما أُختها رفضت إكمال الدراسة وقد تجاوزت الثانوية بصعوبة , دخلت للمنزل وهي تخلع حذائها عند الباب ويسبقها أخيها للغرفه كي يُتابع لعبه , وتسمع صوت صُراخ والدتها و لتعجبت جداً عندما يمر يوما ما دون أن يَسمع الحي بأكمله صُراخها المُجلجل , عقدت حاجبيها من كلام والدتها فهي دائماً تُقارن أختها بها وتُريدها أن تكون الأفضل ولا تعلم لماذا لا تُحبها كما يحبها والدها فهي لا تشعر بحبها ابداً لم تمسح على شعرها يوماً لم تحكي لها قصص قبل النوم لم تبتسم كثيراً بوجهها كما تفعل مع أختها وأخيها يؤلمها كثيراً شعورها ببعدها الروحي عن أمها
إجذأرت ناريمان لابنتها : يا الغبية انتي يا الخايسة بتدرسي جامعه غصباً عنك
ريتا بتأفأُف : يمه ما أحب الدراسة غصب يعني ما تمر من حلقي
بغضب : بتمر غصب يعني بتمر تبين تكون ليليان أحسن منك يا الخبله المُتخلفة
بانزعاج من زنّ والدتها عند أُذنها : ما تطفشين وتتعبين وينشف اللُعاب من حلقك وانتي كل يوم تقارنين بيني وبين الملاك المدللة
ناريمان : يا الحمارة أبيك تكونين أحسن منها وش يقولون علينا الجيران عندها بنتين زي الشمال والجنوب
نهضت ريتا بحده : اروح أنام أصرف لي و دراسة ماني دارسه
توجهت لكي تدخل وهي ترى أختها الملاك تقف عند الباب عاقده الملامح بحزن , نظرت بازدراء وكم تبغضها وتغار منها لأنها أفضل منها وأمها تُقارنها بها دائماً ووالدها لا يرفض لها طلباً ويُحبها أكثر منها , تجاوزتها لتلج لغرفتهم المُشتركة وتصفُق الباب خلفها , أسدلت جفنيها بفزع على حدقتيها الفضيتين من صفق الباب لتفتحهما وهي تنظر لوالدها يهز رأسه بأسى من حال ابنته الحقيقة الأعوج
***
تقف بطولها المتوسط بجانب صديقتها , وتدفع بكفها داخل حقيبتها الصغيرة المٌعلقة على كتفها لتلتهم بعض البذور و تنفث قشرتها على الأرض مع بعض البُصاق وهي تتأمل بمحل الذهب , والأخرى مُتوترة كعادتها بهذا الموقف هامسة
: أقول بلاها اليوم نسرق أخاف ننكشف
عبست ملامحها : ما عليك ما رح ننكشف لو جلستي كذه أكيد بننكشف كم صارلنا نسرق وما حد اشتكى
تنهدت بعمق وهي بحاجه للمال : طيب يلا روحي
ابتلعت " اللُبان " لتمضغها بحنكها وتدخل المحل طرقت أناملها ببعض على زُجاج المنضدة وهي تنظر لمجموعه الأساور الذهبية الخفيفة وتُحرك لسانها بداخل حنكها مع العلكة
: هممممم أنا أبي شي أثقل ودي تكون هديه لعرس أختي
البائع بابتسامه ودية للزبائن : عندي شي مره حلو للعروس
أومأت برأسها و أنحنى بجسده ليبحث عن شي بداخل الدولاب و اجتذبت إحدى الأساور وثبتتها بالعلكة على المنضدة وهي تنتظر قدم لها مجموعه البناجر الثقيلة لتدخل صديقتها للمحل سائله
نرمين : لو سمحت ألقى عندك نفس هذا الحلق
نظر له ليقول : لا ما عندنا بس إذا ودك عندنا مُصمم يسوي مثله
توترت نرمين قليلاً : لا مشكور كنت أبي جاهز
خرجت بعد أن أخذت الإسواره من طرف المنضدة وتحشُرها بحقيبتها , نظرت الأخرى لمجموعه البناجر
: ما عندك باللون الأبيض يعني قصدي الذهب الأبيض أنعم
: لا يا أختي ما في غيره
وكأنها لم تفعل شيئاً : طيب شكراً
***
يُتبع
|