كاتب الموضوع :
نعجتي
المنتدى :
القصص المكتمله
رد: هذه دُنياي
الفصل الثاني عشر
تقدم الولد لكي يضربه تجاوز زايد ضربته بسهولة وقام برفسه على ظهره سقط الولد أرضاً ولم يشعر بجسده , تقدم منه زايد يجلس القرفصاء ليهمس له
: هاذي ضربه بسيطة جداً تخليك مشلول عشر دقايق أو ربع ساعة إذا ما تعرف الدان أسأل عنه بدل لا تتريق
صعد زايد سيارته ليغادر ويتركه مشلولاً على الأرض
***
الخواء هو الشعور بذلك الفراغ الذي يملأه بكل مكان لا يرى أمامه إلا السواد لم يعد هناك وجود للبياض بهذه الدنيا كان يوجد القليل منه في قلوب هذه البشر ولكنه يختفي يوماً بعد يوم , هكذا حكمت عليه دُنياه بالخواء من أقرب الناس إليه , بروده جليديه تخترق مفاصله وعظامه وارتعاش يجتاحه عندما يطعنه شخص ما بخنجر ذو نصلٍ حاد في منتصف ظهره يُغرس بالعمود الفقري ويخترقه للنخاع الشوكي ليشل أطرافه بل ليشل جسده بأكمله هذا ما يشعر به عبدالكريم عند ولوجه للمنزل وحاله الذي يرثى له لم يخفى على أحد , الاختلاس وما هو سوا ابتلاء من الله يمتحنه على صبره وكما أنه يمتحنه الله بولديه نعم لديه ولدين واحد منها من دمه ولم يُجيد تربيته أو أن هذه التربية لم تفلح معه والآخر قام بتربيته وكان علقت غصة بحنجرته وما أصعب هذه الكان من الماضي عندما كان يناديه ب " أبوي" ليبدلها بوقتنا الحالي إلى " خالي " وكأنه بات يدرك هذه الحقيقة وهامهما والداه يبتعدان عنه واحد بجسده والآخر بروحه التي كانت محببة له ولم يبقى له إلا البنتين , جالت شبح ابتسامه ألم على شفتيه عندما تذكر فيما مضى حيث كان وأخواتها , أياماً أزهرت ورحلت بزهورها لتحل محل الربيع الخريف , عبر السنين عندما كان شباباً يافعاً
*
كان عبدالكريم يقود سيارته البسيطة وركنها أمام سيارة أحدهم عند البقال ليلتفت للخلف ويقول ببشاشة
: يلا يا عيالي انزلوا ولا تتأخروا بنتظركم هنا لين تجوا
كان دائماً ما يناديهم هكذا لا يُريد تفريق ذياب عن ابنه لقد أشعره طوال هذه السنوات أنه أب وليس مجرد خال , عاصم وذياب بطفولية أظهروا علامات السعادة التي تشع من وجههم البرئ في طفولتهم ليترجلوا بسرعة مهرولين للبقال و عبدالكريم كان ينتظرهم برحابه صدر واسعة خرج شخص من البقال وجن جنونه عنما رأى سيارة عبدالكريم خلف سيارته تمنعه من الخروج تقدم بغضب وهو يهدر به
: عما بعينك يا الشايب ما تشوف قدامك مغطي على سيارتي
كان يهدر به وعبدالكريم بهدوءه الذي يلازمه دائماً وطيبه قلبه الأبيض ابتسم بخفه ليعتذر منه ولكنه تفاجئ بهجوم ذياب على الرجل وكان يركله بأقصى قوته الطفولية التي لم تؤثر بالرجل لكنه كان غاضباً جداً وهو يقول
: أبعد عن أبوي يا الحيوان ما سوالك شي يا الخسيس أنا بوريك
وضع الرجل كفه على جبين ذياب وانامله تخللت بشعره ويرفع حاجبيه من كلامه وكأنه رجل كبير , ويدفع هذا الطفل الهائج عنه بهدوء وكانت يدا ذياب تتحركان بعنف تحاول الوصول إليه وضربه , سحب عبدالكريم ذياب بسرعة محرجاً منه معتذراً من الرجل على سوء تصرفه
*
ضم هذه الذكرى لرفوف الذكريات الأخرى التي لا تنفع الآن ولكنه حقاً يرغب في أن يعرف السبب ولماذا يفعل ذلك لو انه طلب منه المال لفرشه له على سجاد أحمر لماذا يطعنه بظهره هكذا ؟! , أوجعه كثيراً طعنه له , تقدمت منه رشا رافعه الحاجبين لتقول بقلق
: عبدالكريم وش فيك خير أن شاء الله شكلك تعبان
لوح عبدالكريم بكفه : تعبان شوي ارتفع الضغط وبرتاح كلمي يارا خليها تقول لذياب يجيني بالمكتب بس يرجع أبيه ضروري وبس يجي قوميني
أومأت برأسها وهي متعجبة من حاله
***
هذه دُنيايْ كانت دُنيا وأيه دُنيا هذه لفتاه أخرى غيري لكن شاءت لعبه القدر أن تُبدل بي منذ ولادتنا لأخذ أنا حياتها ومكانها وهي تحتل دُنياي, يا ترى هل يحصل الإنسان على ما يستحقه أم أننا ارتكبنا الذنب لسرقه حياه الآخرين , هذه دُنيايْ هذا المنزل الصغير الدافئ هذه الأرائك المهترئة بلونها الباهت تلك السجادة التي أرهقت من الغسيل و ابيضت لدرجه أنها تقول " ارحموني " تلك الغرفة بأخر الرواق , هذه الأم الرقيقة بهدوئها وابتسامتها التي أحببتها , هذه العمة غريبة الأطوار , كلهم دُنياي وعائلتي من شاء القدر لعبته ليفرقنا ويجمعنا بعد هذه السنوات الحجاف , تنحنحت بخجل لتقول أرجوان بصوتها الرقيق
: ماما شعاع عادي أجلس جمبك
ابتسمت شعاع بسعادة لتقول : أكيد حبيبتي تعالي , ربتت بجانبها على الأريكة
تقدمت منها أرجوان وجلست بهدوء وعانقتها من جنبها , اشتعلت عينا نوران من الغيرة من تظن نفسها هذه المدللة لتحتضن أمي أنها أمي أنا فقط ليست أم أحد آخر , نهضت وهرولت لتجلس بجانب أمها الآخر وترسل لأرجوان شراره من نظرات حاقدة وغير راغبة , عانقت شعاع ابنتيها وشعرت بسعادة غامره لتقول بحنان : يمه أرجوان ما عرفتينا على الحلوة الجت معك
قالت أرجوان بدلال : سيدرا زوجه أخوي زايد
قالت سيدرا بخجل لزيارتها المرة الأولى وأُناس لم تعرفهم من قبل : أهلين فيكِ خالتي شلونك
شعاع أسبلت أهدابها : الحمدلله بخير الله يسلمك يا رب
نظرت نوران بعمق لسيدرا , هل هذه زوجه أخي أنها رقيقه وجميله , كيف هو أخي يا ترى هل يشبهني أم يشبه من , قالت سيدرا بابتسامه وهي تخرج هاتفها المحمول
: تصدقين خالتي أحس نوران فيها شوي من زايد يعني في لمحه شبه توني انتبهت ويوم عقدت حواجبها نفسه بالضبط أغلب الوقت مكشر وعاقد حواجبه
ضحك الجميع , و فتحت سيدرا الهاتف لتريهم صوره له قالت شعاع : ايه والله من جد يشبهك يا ماما
ابتسمت نوران بحنين لطالما تمنت أخاً أو أختاً لها هل تتحقق أمنيتها هكذا أن يصبح لها أخ وأخت في وقت واحد قد تغار الآن من أرجوان ولكن تعلم أن مكانتها في قلب والدتها أكبر فهي من قامت بتربيتها كل هذه السنين ظناً أنها ابنتها لن تكرهها الآن بعد أن اكتشفت عكس ذلك بكل بساطه , قالت أرجوان بحماس لشعاع
: ماما شعاع عادي يجي زايد يشوف نوران ويسلم عليها
أومأت شعاع قائله : أكيد حبيبتي عادي , التفتت لنوران , تبغي تشوفي أخوك الحين ولا بعدين مثل ما تبين حبيبتي
قالت نوران بصدمه : عادي ماما أي وقت يعني رح أشوفه الحين أو بعدين
,
جاء زايد حقيقةً لم يكن مستعداً اليوم للقاء أخته الحقيقية ولكن يعلم أن هذا اللقاء سيحصل عاجلاً أو آجلاً لذلك أختصر الوقت عقد مابين حاجبيه من هذا المنزل الصغير جداً الذي تعيش به أخته والواضح أنه قديييم جداً ولن يتحمل عاصفة أمطار لينهار على رؤوس ساكنيه دخل إلى غرفه الجلوس ووجد زوجته و أخته أرجوان حرك رأسه قائلاً
: وينها
ابتسمت ارجوان ببشاشة : يا قلبي مستحيه منك هربت للغرفة بروح أناديها
هرولت لتلتقفها كف زايد من عضدها : على وييين يا الأخت قاطه الميانه في بيت الناس لا و , قلد صوتها الرقيق بسخرية , بروح أناديها , عاد صوته لطبيعته ليردف , تعالي انثبري هنا بس
سمعا صوت ضحكه خافته خرجت بقرب الباب الخشبي المهترئ لتقول ارجوان بضجر
: تعالي نوران شوفي أخوك الخبل اليفشلني عندكم
ارتفع حاجبا زايد بذهول وهو يضربها بخفه على رأسها
: طيب أوريك بعدين أشوف مين بجبلك ماربل سلاب لو شحتيني أسبوع موب بجايبلك بجيب لنوران وسيدرا بس
أخرجت طرف لسانها لتقول : بابا حبيبي يجبلي ما أبغى منتك علي أعوذ بالله منك
دخلت نوران بهدوء وخجل تحت ضغط والدتها الرقيق وهي تنكس رأسها وترتعش بخوف ابتسم زايد فور رؤيتها ليقول بمزاح
: كنت ناوي أحضنك أول ما أشوفك بس يوم شفتك وأنتِ تتنافضين كأن ماسكك التماس كهربا غيرت رأي لاحقين
كتمت ضحكه كادت أن تصدح بالغرفة وارتعش جسدها من تلك الضحكة المكتومة وسمعت صوت زايد بعد أن جلس
: يلا تعالي أجلسي خلينا نسولف شوي مع بعض ونتعرف
تقدمت وجلست على أبعد أريكة عنه وهي تتبادل معهم الأحاديث الودية وغمرتها سعادة بوجودهم حولها وجود عائله حقيقية تعوضها عن ذلك النقص في حياتها عن أب رحل منذ خمسه عشر سنه دون أن يسأل عنها مع ظنه أنها ابنته الحقيقية ولن يندم على ذلك بعد أن يعرف أني لست ابنته , عن عمه ضجره دائماً من حياتهم البائسة , والدتها كانت أجمل شي لها في قدرها ولن تتنازل عنها مهما بلغت سعادتها معهم , ارتعشت عندما تذكرت صديقتها السيئة بل من كانت صديقتها وما حاولت أن تفعله بها , نظرت لأخيها الذي يمازح زوجته وأرجوان لقد أصبح لها سند وعامود تتكئ عليه بهذه الدُنيا ترغب كثيراً في إخباره ليحميها من تلك السيئة بعد أن علمت ما تنوي أن تفعل بها ولكن ستأجل ذلك إلى أن تعتاد عليه مثل أرجوان
,
في سيارة زايد تجلس أرجوان بحماس تتحدث مع زايد وسيدرا بمنتصف المقعد الخلفي تذكرت قبل أن تذهب كانت خائفة جداً وترتعش من الخوف ولكن خوفها ورهبتها ذهبا تدريجياً مع أدراج الرياح بعد أن تعرفت على والدتها ونورا بديلتها كانتا لطيفتا جداً وقضت وقتاً ممتعاً معهما ولكنها شعرت بغيره نوران حين اقتربت من والدتها لا تلومها والده مثل هذه يُغار عليها حقاً
وصلوا لمنزل منصور الراجحي ترجلت أرجوان قبل أخيها وزوجته وهرولت لمكتب والدها قبل أن تخلع حجابها اقتحمت المكتب بصخبها قائله
: أنا جييييييييي ......
قطعت باقي كلمتها " جيت " فور رؤيتها الشاهين شهقت بفجع وأحمرت بشده وحرج بداية من طلبها له ونهاية من طلبه الزواج بها , لتهم بالخروج وقهقه منصور قائلاً
: تعالي يا بابا ما في أحد غريب
رفضت الدخول بعنف ليستأذن شاهين بالخروج وتأخذ راحتها مع والدها بعد عودتها من عند عائلتها الحقيقية
***
|