الفصل السابع
وقفت أمام بوابه القصر , يا إلهي هل سأعيش هنا بعد اليوم , نعم هذه دُنيايْ التي يجب أن أعيشها هذه الدُنيا المترفة لي أنا ريتا الأنانية كما يسمونني دائماً , أنا هي الغيورة من ضربت بكل العادات والتقاليد والحرمة بعرض الحائط لأنتمي لعائله ما ليست هي عائلتي , عائلة عريقة لها مكانتها بهذا المجتمع قويه شامخة على أجدادها و أصولها وسأصبح مثلهم , لكن لما أشعر بالخوف والرهبة أن يُكشف أمري , كأني أرى هذا القصر يشمخ بوجهي ويزمجر بغضب ويعلم أني مُجرد دخيلة بات مُخيفاً , لا تهذي ريتا أنه مُجرد حجر , شخص أخر سأقول له " بابا " شخص ما سأقول له " أخي " والأخرى " أختي " , نفضت رأسها عند هذه الأفكار لتقول بينها وبين نفسها
( مالي أخوان غير ليليان ومجود بس )
سمعت تمتمة من والدها المزعوم , عبدالكريم بابتسامه حنونة , تشدق بها وجهه ولمعت شُعيراته البيضاء تحت أشعه الشمس
: يلا يا بنتي ادخلي خليني أعرفك على أهلك
مشت معه بخطوات مُتعرقله , وهيا ترى انعكاس صفحه وجهها الأسمر على الأرض الرخامية من شده نظافتها ولمعانها , ذُهلت وهي تنظر حولها من أثاث عريق والذي يغلب عليه اللون الذهبي لون الملوك هذا ما خطر في بالها عن اللون , رفعت رأسها بدهشة للأعلى , تلك الثرية الزُجاجية الضخمة المُعلقة في سقف مدخل القصر تشعر أنها يوماً ستسقط على رأسها لتفتته لفتات يصعب جمعه دهراً كامل لشعورها بأنها مُجرد دخيلة عليهم , سمعت صوت خافت أصدر من عمتها التي نظرت لزوجه والدها هامسة
يارا لرشا : هه أكيد ما هي شايفه خير بحياتها شوفي شلون فاتحه فمها مثل الأول مره يشوف بيت بس هين ما رح تطول بسوي المستحيل عشان أقلعها من هنا
رشا بتجاهل لكلام يارا و بابتسامه لهذه البنت الخجول ابنه زوجها ستكون علاقتها جيده معها فهي لن تؤذيها علها تكسب قلبه هذه المرة , مهما كان قلبها قد جرح من أعماقه بمعرفتها لوجود ابنه له من حبيبته وسابقاً بزواجه , حاولت قدر الإمكان طوال هذه السنوات جذبه لها ونسيان ما حدث ولكن لم تستطع فقلبه ما يزال مُعلق بمن سرقته وماتت , لم يقصر معها يجلب لها الهدايا يتذكر مناسباتهم السعيدة وذكرى زواجهم يحتفلان سوياً برومنسيه يُعطيها ويُشبع غرورها الأنثوي حد النُخاع ما عادى ذلك الجزء الصغير عند جذعه الأيسر , قلبه أنه يُغلقه بأغلال لا يُمكن فتحها
رشا برجاء : يارا تكفين عشان كيمو اسكتي خلينا نستقبلها كويس
تقدمت رشا بخطواتها الممشوقة ويتخبط فستانها الأبيض الطويل مع ساقيها وقدميها ويتضح كعب حِذائها الملفوف بقدمها الناعمة و تمُد كفها لريتا قائله : أهلين فيكِ حبيبتي كيفك
ريتا بخجل من هذه العائلة وملابسهم الأنيقة المُترفة عكس ملابسها و عبائتها الرثة مدت كفها لمُصافحه امرأة لم تعرفها حتى الآن
: تمام الحمدلله بخير
عبدالكريم بابتسامه لريتا : هاذي زوجتي رشا وأم أخوانك عاصم وغزلان , وجه نظراته لابنته التي تقف بتمرد واضح وهي تحني بجسدها على إطار الدرج الأيسر بينما تقف رشا و يارا على أخر عتبه من الدرج الأيمن , و تشمخ غزلان بذقنها و تنظر بغرور لتلك الحثالة المسماة أختها أردف , غزلان يبه تعالي سلمي على أختك
تقدمت بغرور لتمد أطراف أناملها لها وتسحبها بسرعة وقرف واضح على ملامحها , نهرتها والدتها بنظراتها لتنتبه على تصرفاتها الفظه
رشا بحنان : تفضلي حبيبتي الحين بخلي العاملات يجهزوا غرفتك
نظر عبدالكريم لزوجته بامتنان و أومأت ريتا برأسها لتتحرك خلف زوجه أبيها المُتجهة لغرفه الجلوس الكلاسيكية بأثاثها الذهبي , هذا اللون الملكي الذي يطغى على كل القصر ليجعله بأبهى حُله , وكلما تقدمت خطوه ونظرت حولها يزيد غرورها وقوتها لكي تمحي أي إحساس أو شعور بالذنب على ما فعلته بأختها ليليان
,
تجلس على مكينة الخياطة و تسرح أمامها , نهرتها ربه العمل بفظاظة
: ليليان يا المعفنة أنتِ شوفي القطعة وأنتِ تخيطيها لا تخربيها الحين وتدفعيني مبلغ وقدره للزبونة
ليليان بلمحه حزن على وجهها إنها تفتقد ريتا كثيراً لم يمضي على ذهابها من منزلهم نهائياً إلا بضع ساعات : طيب أسفه رح أنتبه أكثر
بغرور لا يليق بها : بس تخلصي هالقطعة اطلعي خلاص وسكري المشغل
أومأت برأسها بمهل وهي تُركز على عملها , بعد ساعتين في وسط النهار خرجت بوهن من عملها المُجهد وحزن على أختها التي تربت معها ولكنها عادت لعائلتها هذا الصباح , ابتسمت بخفوت المهم أن تكون سعيدة مع عائلتها الحقيقة لتعيش باقي حياتها معهم بسعادة وهناء , أغلقت باب المشغل لتسحب المفتاح وتضعه أسفل الجرة التي تحوي التربة ونبته من أنواع النباتات الخضراء , تنهدت بعمق , فربه عملها لا تهتم لهذه الشكليات اللطيفة والملونة ووجود هذه النبتة هنا كي تضع المفتاح أسفل الجرة فقط , ألتفتت خلفها بعنف وهيا ترى زوج ربه عملها يقترب منها بعين جائعة
***
ربت بكفيه على أكتافها وينظر لها بحنان أخوي عميق , كم يؤلمه رؤيته لها بهذا الحال , لم يكن يرغب بأن تغادر أخته منزله بدون عرس كبير يَحكي به أهل جده ليلاً ونهار من فخامته وجماله وجمال العروس المتألقة ببدلتها البيضاء وكل ذلك مُجرد أحلام واهية فهاهي أخته الصُغرى تُغادر منزله بفستان أبيض بسيط يُغطي جسدها الغض و ينسدل لأسفل قدميها ويُغطيهما بنعومته , سكت مُجبراً فهي لم ترغب بهذا العرس وإلا فقد أقام الدنيا وأجلسها كلها ليقيم لها العرس لو كانت ترغب
طلال : مبروك يا روح أخوكِ الله يسعدك مع يامان زينه الرجال
ابتسمت سديم لأخيها هامسة بنفسها ( هه مالت عليه بس قال زينه الرجال قال ) : الله يبارك فيك طلولي ويسعدك دوم أنت وأبو الليل
ابتسم ابتسامه عريضة من مسمى أخته لزوجته " أبو الليل " فسديم منذ طفولتهم وهي تقول لها هذا المُسمى دائماً إلى أن التصق المُسمى بحبيبته ولا تستسيغه إلا من صوت سديم الناعم
طلال : يلا يا قلبي بنتأخر على يامان ألبسي عباتك عشان أوصلك له في السيارة
,
تفرك كفيها بتوتر , لن يحدث شي بينهما موقنة من ذلك فهو لا يُحبها ولا يُريدها ولكن رُغماً عنها تتوتر إنها مع رجل غريب في مكان مغلق لوحدهما وهذا كافي بجعلها ترتعش بعنف , بقائهم بفندق مجرد رسميات تعلم أنه لم يكن يرغب في البقاء في فندق وإنما فقط من أجل أخيها الذي أصر وأهداهم هديه الزواج وهي الإقامة هنا بما أنهم لن يقوموا بعرس وهديه أخيها المعنوي شاهين لهم كانت تذاكر طائره لشهر العسل
دخل إلا الجناح بعد أن أنهى إجراءات الدخول للفندق مع صهره طلال نظر لها وهي تفرك كفيها بتوتر وترتعش بخوف طبيعي من وضعهم الوحداني , ابتسم بخبث وهو يرى أكتافها العارية التي تهتز صحيح أنه لا يُحبها ولا يُريدها ولكنها أصبحت حلال له وسيشبع رغباته بها حتى وإن لم تُرد هي لم يدفع لها مهراً ليتفرج عليها كأثاث ويتمرغ بالحرام والحلال أمام عينه , تقدم لها وهو يربت على بشره أكتافها السمراء لترفع رأسها بسرعة لوجهه وقد أجفلها بحركته المُباغتة
***