تتحرك أنامله بخفه على أزرار الحاسوب ,رفع كفه اليسرى ليعدل النظارة الطبية على عينيه , مُنغمس بعمله لأبعد حد ولفت نظره اهتزاز هاتفه المحمول برسالة أمسك به بقبضته ,واتسعت ابتسامته عضّ شفته السفلى , هذه المرأة يوماً ما ستفقده عقله , بل إنها أفقدته و انتهى , رباه كيف سيترك العمل الآن ويطير إليها , إنها تبثه أشواقها وحُبها عن طريق ثلاث كلمات فقط " اشتقت لك أحبك " , تنهد بعمق شديد ليدفع الكُرسي المُتحرك عن مكتبه , ويهم واقفاً توجه لأحد زملائه بالعمل ويحمل بيديه بعض الأوراق
طلال : باتل شوف عندي ذا الشغل شوي مو كثير خلصه أنا مضطر أروح تكفى
رفع باتل حاجبيه بابتسامه وهو يعرفه جيداً فهذه ليست المرة الأولى يفعل بها ذلك : طيب طيب يلا روح عشان لا تتأخر بس بيجيك يوم أرمي على راسك الشغل
لوح بيده وهو يُعطيه ظهره ويُقهقه بمرح
,
خلف الباب زمت شفتيها بحنق تصاعد لوجهها الأسمر , ارتجف جسدها بوهن من هذا الكلام الذي تسمعه منه وهو يتبادل حديثه مع أخته , ازدردت ريقها , احمر وجهها بحرارة تأتيها لأول مره , وهي تسمع نفثه للسموم أكثر وأكثر , ترنح جسدها وهبطت دموعها وكُسر كبريائها , وأُهينت كرامتها على لسانه , لسان مُعذبها , تنهدت بعمق وغامت عيناها وهي ترجو دخول الهواء لرئتيها الضعيفتين , و ما تزال تسمع حديثهم ليطعنها بخناجر حادة
ليال وقد عبست ملامحها بضيق : وش فيك يا يامان عيب عليك تراها بنت خالتك
نظر لها بحده وعينان مُشتعلتان : لا والله أنه خالتي مو ناقص تقولي تعال يا يامان وأخطب بنتي أبيها لك ما سمعتِ تلميحاتها
أومأت برأسها فهي لا تُريد لأخيها أن يتزوج من سديم ليس لشخصها بل من أجل خالتها التي تكرهها بدون سبب وتخشى أن تُفسد راحة أخيها بفضولها وغيرتها : إلا سمعت بس أنت لو ما تبي عادي ما حد رح يجبرك بس والله سدومه تنحط على الجرح يبرى حرام تقول عنها كذه
بغضب وهو يضرب قبضته بكفه : إلا رخيصة ورخيصة لو قبلت فيني ما خطبتها إلا عشان خالتي أحرجتني قدام عمي منصور وخالتي رانيا وزايد وحرمته والكل طالع فيني يعني تحرك و أخطبها يا خي ما أحبها وشاهين يقول ماني متزوج لين أنا أتزوج عاد ها شوفي من الحين أقولك ترا حاطه عينها على شاهين بعد بتزوجه روان
ابتسمت بحنان لسيره أخيها شاهين فهو مُقتدر وكان يستطيع الزواج ولكنه رفض رفضاً باتاً إلا أن نتزوج أنا ويامان ليطمئن علينا وتستقر أحولنا , لم يكن أنانياً يوماً دائماً كان يضعهما أمامه ليبقى هو بالخلف ينظر لظهرهما
مدت شفتيها بحيرة , ولا تعرف ماذا تفعل , ليصلها اتصال من حبيبها ابتسمت بوهن لتُجيب عليه
ليال : هلا طلول .. إيه عندي يامان الحين بيطلع يمكن ما تلحق عليه مستعجل هو .. طيب رح أقوله
أغلقت الهاتف لتنظر لأخيها بحنان : طلال جاي الحين
هبّ واقفاً : خلاص أنا بمشي الحين تأخرت ما ودي يحقق معي واضح إني معصب و طايش عاد موب حلوه أقوله مقهور ما بي أختك
أومأت برأسها : طيب حبيبي مثل ما تبي تراه يسلم عليك
خرج من الغرفة هامساً : الله يسلمك ويسلمه
تحرك بخطواته للباب ليسمع صوت خالته عبس وجهه , فهو يعلم جيداً معاملتها القاسية لأخته وتظن أنهم غافلين عنها , وكم يمقتها لهذا السبب فهي دائماً تقف بصف الرجال وتحب الشباب أكثر من البنات , حتى أنها تغار من علاقة طلال بأخته , وتتهم أخته بوفاه والدتهم لأنها توفيت فور ولادتها , كم يرغب في أن يُطلقها من طلال بسبب هذه الخالة , ولكن لا ذنب لهما أن يُفرقهما من أجلها فهما يستطيعان تجاوز هذه الأزمة سوياً , جُحظت عيناه , واتسعت حدقتيه , من كلام خالته والذي تُحاوره وارتخت قبضته على مقبض الباب
***
يُقدم جسده , يشبك كفيه بين قدميه , ينظر لعمه الذي يدور هُنا وهُناك بحيرة ليهتف
شاهين : والحين وش بتسوي يبه
هز منصور أكتافه بحيرة : ما دري والله وش بسوي ترى ما حد يدري غيرك أنت و رانيا وأنا توني ما قلت لزايد وأرجوان بس أكيد ببدا أدور على بنتي المن صلبي ما أدري هي وين عايشه ولا ميتة محتاجه شي أو لا رح أبدأ من المستشفى
تأثر كثيراً بزوج خالته الحزين , لا يسعه إلا أن يقول له أبي فهو لم يشعر يوماً أنه زوج خالته , سيعاونه وسيبحث معه عن ابنته الحقيقية , هبّ واقفاً
شاهين : يلا عن إذنك يبه بمشي ومن بكره الصبح بمرك ونروح المستشفى ونسأل
ببشاشة مُحببة : الله معك في أمان الله انتبه على نفسك وعلى يامان
,
تجلس بحجابها على الأرجوحة الطويلة التي تُشبه الأريكة , وفي حِجرها قط منزلي صافي البياض , و كثيف الفرو , تحججت بتنزيه القط بالهواء الطلق , و تعلم أن شاهين هُنا يتحدث مع والدها أرادت أن تلمحه ولو من بعيد وهو يخرج من عند والده تعلم أنها جريئة , وهي الآن ترجف من خوفها ولكن فليكن لا تستطيع أن تمنع نفسها من رؤيته , خرج من البوابة الداخلية للقصر ليلمح طيف أنثى على الأرجوحة ابتسم بمُشاكسة, فلقد أكتشف اليوم أن خيال هذه الأنثى غريب عنهم وليست ابنه خالته فِعلياً , تقدم منها بجرئه
شاهين بمُشاكسة مرحه : وش عندها الطفلة قاعده بره في هالحر
ارتجفت وتشنج جسدها لم تتوقع أن يأتي إليها , ظنت أنه سيخرج كما العادة دون أن يلتفت لها , ثم استوعبت كلمته لها " طفله " زمت شفتيها بانزعاج , لتظهر ابتسامه على شفتيه عندما لاحظ عبوس ملامحها المُحببة الطفولية , يعلم جيداً أن هذه الطفلة تُكن له المشاعر , فهي ليست بارعة في إخفاءها , ولكن ما تُفكر به مُستحيل فهو يكبرها ب 15 عام , وهي باعتبار ليال أخته ويُشاكسها على هذا الأساس
شاهين باستفزاز : ما رديتِ علي
لوت شفتيها , ليضحك هو بخفوت : كنت أطلع ليون يشم هوا
خجلت كثيراً من ضحكته الخافتة وعلت الحُمرة وجنتها حقاً تشعر أنها طفولية بحركاتها البلهاء وكأنه قد كشفها وكشف مشاعرها نهضت بهدوء وهي تحمل قطها لتُهرول لداخل المنزل خلف نظرات شاهين الغامضة
,
يجلس تحت إضاءة الضوء الخافت وهو يُشاهد بعض الفيديو للزمن القديم , حيث كانت زوجته حامل وابنه يقفز عليه وهو يُشير لبطن والدته المنفوخ ويُقبله , جاءت زوجته وجلست بجواره ابتسمت بخفوت لتهمس
رانيا : كنا مبسوطين وقتها
لم ينظر لها وما يزال يُتابع الفيديو ليهمس : ما كنا مبسوطين لو إنك ما حملتي بأرجوان كان إحنا الحين مطلقين
رفعت حاجبيها : ناديتني الحين عشان كذه
نظر لها وهو يضم الوسادة المُربعة لجذعه : لا بس إحنا هنا بدينا كل شي تزوجنا في هذا البيت حملتي بزايد هنا
غامت عيناها هامسة : تزوجنا بس ما كنت مبسوط معي يا منصور
رفع حاجبيه لينظر لها مُتنهداً : ولا أنتِ كنتِ مبسوطة ما قدرنا نكون مبسوطين
دمعت عيناها : ليتك وافقت تطلقني قبل لا ينولد زايد وليتني ما حملت مره ثانيه
نظر لها منصور : انتي أعطيتيني أرجوان بنتي وروحي , أغمض عينيه بتأثر , يوم قلتي أنك حامل مره فرحت قلت بصير لي بنت هالمره بصير أب لبنت تدرين أحلى شي الرجال يوم يجيه بنت ويكون أبوها
قدم جسده عن الأريكة هامساً بعد تشنج جسده : شوفي البنت الحملتي فيها وحسيتي بترفيسها ما هي بأرجوان أنا عندي فضول للبنت الكنت ابوس بطنك وهي فيه وجهها وريحتها ووين هي فيه وايش تسوي كل هذا من حقي أعرفه ومن حقك أنتِ كمان ومن حقها هي
***