كاتب الموضوع :
نعجتي
المنتدى :
القصص المكتمله
رد: هذه دُنياي
دخل إلى مكتبه , نظر لظهر العجوز الذي يجلس على الأريكة الجلدية أمام مكتبه شد على قبضتيه و ألقى السلام بهدوء ظاهري , تحرك بجسده ليقف خلف مكتبه وأسبل أهدابه بطوله صبر سمع الرد على سلامه ليفتح عينيه ويرى الكهل قد وقف على قدميه
عبدالكريم : وش جابك بعد كل هالسنين لا تقولي عشان تعتذر لأنه فات الوقت على الاعتذار
أرخى عبدالعزيز جفنيه بألم ويطرق الأرض الرخامية بخفه بعكازه التي يستند بها
: أدري بس وش كنت تبيني أسوي بنتي أتزوجت من وراي واحد متزوج وعنده ولد عمره 3 سنين وأخوها كسرني وعاونها غير المشاكل الكانت مع أبوك بينا أنا غلطت غلطه كبيره وأدفع ثمنها غالي كان لازم أعرف انك غير عن أبوك حتى لو انكم تحملوا نفس الدم
عض عبدالكريم على شفتيه : أنا كنت متزوجها كانت زوجتي وأنت أخذتها مني غصبٍ عنا على بالك إني بنتقم عن طريقها و ما فيها شي لو كنت متزوج وعندي ولد هي كانت تدري بس أنت رفضت زواجنا عشان مشاكل تافهة
نظر له ببهوت من ضُعف النظر : أدري إني فرقتكم ومالي وجه أعتذر خاصة بعد ما فقدت بنتي بس الإنسان لما يقرب منه الموت يصحى من غفلته , صمت قليلاً ليبلل شفتيه وينظر إليه بحزن
أنا مريض بالسرطان , صمت ثواني ليردف , سرطان الدم ماله علاج وأنا بهالعمر خاصة انه أنتشر بشكل كبير
تغيرت ملامح وجه عبدالكريم من الغيظ والحقد إلى الحزن والشفقة على حال هذا الرجل العجوز ليهمس بصوت مسموع
: أكيد في حل أو علاج
هز رأسه سلباً : رحت كل مكان بس ما في أي أمل , بلل شفتيه , أنا ما جيت عشان تشفق علي أنا جيت عشان أقولك شي مُهم ممكن أكفر عن ذنوبي السويتها , صمت قليلاً ليردف ,
عبدالكريم أنت لك بنت
فغر شفتيه بصدمه وحدقتيه تتوجهان للرجل الواقف أمامه هامساً بخفوت غير مُصدق
: بنت من دانيا
أومأ برأسه ليتحرك نحو الباب ويردف الآخر بلهفه : وينها هي عندك بروح معك وأشوفها
هز رأسه سلباً : لا مو عندي أعطيتها لعائله كانت تشتغل عندي بجيبها لقصرك اليوم أن شاء الله بس لازم أنا أروح بنفسي وأعتذر منها أول
هم بالخروج وقد وضع كفه على المزلاج ليسمع صوت عبدالكريم قائلاً : وش أسمها
نظر له بشبح ابتسامه : بتعرف كل شي بس تشوفها اليوم أن شاء الله بجيبها لعندك بنفسي
***
تقف وهي تضم كفيها لحضنها و مُطأطأه برأسها من هذا الحمل الثقيل على أكتافها , حِمل جبال لله دركم يا رجال يا من تصرفون على بيوتكم وتعملون وتشقون من أجل عائلاتكم , وهي مُجرد امرأة واهنة ضعيفة لا تملك من القوه إلا ظاهرها , أخذت ابنتها من الجامعة لتذهبا للمنزل دخلت بهدوء فهي بدون زوجها لا تستطيع السيطرة على هذه البنت المُتمردة , هي بحاجه لرجل يقبض عليها , زوجها كسرها كثيراً عندما تركهم ليرحل ولم يعد بعد كل هذه السنوات , ترك هذا المنزل وهذه البنت لتربيها بنفسها منذ كانت صغيره , ليتحجج هو أنه يُريد أن يحسن من حالهم المادي ليرحل .
بصوت نزق مُستفز : يا هلا مسهلا بدري كان تأخرتي أكثر , ووجهت نظرتها لتلك الصبية لتشهق رادفه , وجع وش مسويه ببنيتي مصيحتها
نظرت لأخت زوجها ببهوت و التي تعيش معهم بهذا المنزل الصغير المُهترئ : ابتسام والله مالي خلق أتكلم في شي الفيني كافيني , نظرت لابنتها نوران رادفه , خليها هي تعلمك بسواد وجهها بالجامعة
توجهت نحو غرفتها , لتصرخ تلك
ابتسام : هي أنتِ وين رايحه والغدا شلون مين يسويه
مطت شفتيها بحزن : مالي خلق تعبانه إعفيني اليوم تكفين
نظرت ابتسام لنوران : وش صاير وش فيها أمك شايشه اليوم
حركت أكتافها لتهمس ببرود : ما أدري
ولجت لغرفتها وهي تذرف دموعها من كلام والدتها القاسي عليها وعلى قلبها
***
توقفت السيارة أمام القصر الصغير ترجل منها رجُلين ضِخام الجثة تحرك أصغرهما سِناً ليطرق الباب وفُتح له ولجا للداخل وهما يتلقيان الترحيب من زوج خالتهم
منصور : يا هلا والله بالشاهين و يامان حياكم يبه اقلطوا
شاهين و يامان بحب لهذا الرجل : الله يحييك يبه ما تقصر
ابتسم بحنان لمُنادتهم له ب " يبه " , فهو من قام بتربيه هاذين الصنديدين مع أختهم الصُغرى بعد وفاه والدهم ووالدتهم , ما زال يتذكر الأمس عندما كان شاهين مُراهقاً و يامان بعمر ابنه يصغرانه ب3 سنوات يتراكضان خلف بعضهم ويتشجارا
سوياً وشاهين يُصلح بينهما كان عاقلاً وما يزال وتلك الطفلة ليال التي كبرت وتحجبت عنه وتزوجت ليُسعدها الله بحياتها , كيف مضت السنوات ليكبُرا , وخطت شواربهم ولحاهم لتزيد من وسامه وجوههم , ويستقلا في منزل يضمهم لوحدهم بعيداً عنه وعن دفئ عائلته فرغم كبر سنهما ما يزال يحزن عليهما ويُحاول قدر الإمكان أن يُعطيهما كل ما يحتاجان ويؤلمه قلبه لأنه يعلم أن هُناك ثمة أشياء لا يستطيع إعطاءها لهما فعندما يكون لديك والدين الأمر مُختلف , رباهم وأحسن تربيتهم ليعاونوه الآن , قطع عليه خلوته بأفكاره صوت زوجته التي سُعدت برؤية أولاد أختها
تقدمت بشوق لتعانقهما بحب وهتفت بمرح : ما شاء الله عليكم كل ما أشوفكم تطولوا أكثر من اليوم القبله الله يحفظكم حبايب قلبي وأشوفكم عرسان
أبتسم يامان وكم رغب في أن يتحرك لسانه ويطلب أرجوان ولكن كالعادة في هذا الموقف يُعقد لسانه و يشعر أنها تستحق الأفضل منه لا ينكر أن يشعر تجاهها ببعض المشاعر ولكن لم تصل للحب : آمين
نزلت عتبات الدرج بحجابها و خجلها العُذري لتُسلم على أولاد خالتها , جلست العائلة سوياً بغرفه الجلوس وتختلس بعض النظرات لشاهين الذي يجلس على الأريكة براحه و يبتسم لوالدها ويتبادل معه الحديث عن العمل وكم أرادت أن تقلع عينيها من مكانهما ستكشف نفسها قريباً , لكنها لا تستطيع أن تمتنع من النظر له فهي نادراً ما تراه , سمعت تأوه قادم من والدها التفت برهبة وهي تراه يضع كفه على خاصرته و يأن بوجع نهضت بخوف وهي تتوجه له ونسيت وجود أولاد خالتها لتعانقه بقوه وهي تبكي , فهذه ليست المرة الأولى التي تراه بهذا الحال ولكنه أخبرها أنه بخير وأن تعده أن لا تخبر أحداً , وصمتت من أجله وليتها لم تفعل , صرخت بعد أن رأته يقف ليتوجه للداخل ليسقط مغشياً عليه
انتهى الفصل الثاني
|