كاتب الموضوع :
نعجتي
المنتدى :
القصص المكتمله
رد: هذه دُنياي
الفصل السابع عشر
في قصر عبدالكريم الذيب
تصاعدت تلك الكُرة الحارقة لوجنتيها وتكسوها الحُمرة المُحببه للخجل من كلام أخيها وبوجود ابنها أيضاً مازاد الطين بلّه ، أجلت شفتيها لتغلقهما بكفها الناعمة بذهول وترى ابنها يبتسم بحب لها ويشجعها على اتخاذ هذا القرار الصعب نكست برأسها لتسمع اخيها يقول ببحته الرجولية
: فكري زين يا يارا ماهر للحين يبيك وبرجعك لعصمته ما طلقك الا مره وحده وانت ما تزوجت وعشتي حياتك من بعده على الأقل هاذي فرصه لك يرجعك وتعوضوا الأيام الفاتت من عمركم
اومأت برأسها دون ان تتكلم ، كيف تثق به وتعود اليه كانا يُحبان بعضهما بجنون ومازالت هي من جهتها تحبه ولا تعرف لما يُرِيد إعادتها ، أهل لانه مازال يحبها ام من اجل طفلتها وابنها ، وما تزال غاضبه منه لتركهم وهروبه ، هي محتاره ولا تعرف ماذا تفعل وتختار ، غرقت بحيرتها و أُجفلت من صوت ابنها المُتكتف أمامها يتأمل تعابيرها ويعرف بماذا تُفكر ويشغل بالها وقال عندما رفعت رأسها له
: يمه ترى أبوي واضح انه يحبك ويبيك يوم سألني عنك من فتره كان متردد وخايف يسمع انك تزوجتِ وعشت حياتك بس يوم قلتله انك ربيتينا وعمرك ضاع معنا كأنه ارتاح بس انا مو مرتاح من زمان وانا اشوفك تذبلي قدامي انت توك صغيره يمه لو ما تبين أبوي ماحد رح يجبرك عليه حتى لو تقدم لك عريس ثاني ويا كثر اليتقدمون وترفضينهم ، انا مو اناني وابيك تعيشي حياتك مع انه أتمنى انك تجتمعي مع أبوي في بيت واحد وانا اتزوج واستقر معكم بنفس البيت بس بالنهايه ما رح اسوي الا الأنت تبينه ويريحك
اه من هذا الذئب الصغير متى كبر ليصبح ذئبٌ شرس ويقوم بحمايتها بضراوه حتى من والده ويسهر على كل ما يريحها ، ابتسمت له بحنان
: ولا يهمك يمه انا بصلي الاستخاره هي الرح تدلني على الطريق الصحيح الحين خليك مني انا العروس العجوز وقولي انت متى ناوي تتزوج ما صار الوقت هاذي هي مشاكلنا الحمدلله تنحل وحده ورا الثانيه ماعدا قله حيّا بنت خالك واهلها المعها
اكفهر وجهه وطيفها بوجنتيها المنفوختين وعينيها الرمادية تغزو خيالاته بقسوه من الواضح ان والدته لا تحب عائلتها ابدا لا يلومها على ذلك لقد رأى معاملتهم وحركاتهم المتكلفة بدون اي تحفظ ماعدا هي ذات الوجنتين ووالدها الهاديء بغرابه على الدوام وكأنه يعاني من امر ما ، قال ببعض الأمل ان توافق بعد ان أخبرته اخته بما سمعته قبلاً بين أمه وزوجه خاله
: تدرين يمه انا مين ابي صح
لوت شفتيها بتفكير وهي تعبث بطرف بلوزتها ، من جهه تهمها سعاده ابنها كثيراً ومن جهه اخرى ويهمها كلام الناس عن عروسه ومن تكون ما اصلها وفصلها ومن الصعب ان تقول لهم من هي ، كفتا ميزان ثقيلتان لتفوز الكفة الأهم وهي سعاده ابنها بما انها ليس لها اعتراض عن عروسه نفسها ، ابتسمت وهي تنظر اليه
: خلاص يمه كلم ابوك يخطبها لك وشاوره يعني عيب تسوي شي بدون لا يدري
هب واقفاً على قدميه ولا تسعه سعادته وقبل رأسها بعمق ويشكرها بقوه على تفهمها له ، أفزعهم صوت صراخ عالي مُجلجل صادر من غرفه جلوس العائلة وتخالطت عده أوتار صوتيه ببعضها لتشكل صوت مُفزع والذي تأكد منه ذياب ان احد هذه الأصوات صوت ابنه خاله عديمه التربية " ريتا "
***
عندما يشعر الانسان انه سيفقد عزيز وغالي على قلبه بأي طريقه كانت فانه يتصرف ويفعل أمور لا يفكر بها فقط من اجل الحفاظ عليه ، يا ترى هل اخطأ بهذا التصرف الذي فعله قبل يومين خوفاً من خساره ابنته التي اكتشف انها لم تكن ابنته وإنما قام بتربيتها وحسب
وكأن هذه المصيبه حين تُبدل الفتاتين منذ ولادتهما لم تكفيهم لتأتيهم مصيبه اخرى من رجل يسمع عنه ولم يقابله يوماً الا قبل عده ايام فقط ، اسند ذراعه على زجاج النافذة وأراح رأسه على ذراعه وحلقت ذاكرته لذلك اليوم الذي تواصل فيه لأول مره مع أحمد ولم يكن لقائهم خيراً أبداً
*
تقابلا في احد المقاهي الفاخرة باهظة الثمن تعجب منصور من دعوته له في هذا المكان الذي لن يستطيع ان يدفع به ثمن الفاتورة وكان أحمد قليل ذوق معه ليس لانه يُدخّن أمامه اذ انه كان ينفث دُخَان سيجارته على وجهه و بكل وقاحه يُدخن والتدخين ممنوع بالمكان وكأنه واثق من نفسه ومنصور كعادته هاديء كالبحار الساكنة والمياه الراكدة ليبدأ الكلام بصوته الخشن الرجولي
: اول شي الحمدلله على السلامة ادري متأخرة بس ما صارت فرصه نتكلم ثاني شي طلبت انك تشوفني ضروري وش هالموضوع الضروري التبيني فيه
نظر له احمد بتقييم ويعلم جيداً انه لا يعرف عنه شيئاً وانه لم يُخمن بعد انا هذا المكان مكانه هو و انه يوازيه ثراءً فبقاءه بالخارج لعده سنوات لم تذهب هباءً فلقد بنى نفسه من الصفر ولم يستطع أخذ زوجته وابنته لأنهما كانتا ستعيقانه عن النجاح وبعد عده سنوات من وصوله للغربه وكفاحه وتعبه نسي نفسه و حياته و شعر بحاجته لامرأة ليُخطي مع إحداهن تسبب بحملها ليضطر للزواج بها من اجل اطفاله وأحبها بعد ذلك لا يحب زوجته التي بالوطن فقد أُجبر على الارتباط بها من اجل العادات والتقاليد وهذا سبباً من الأسباب التي جعلته يتركها هنا ولا يستطيع الان التخلص منها بعد كل هذه السنون من اجل سُمعه العائلة ، قال بنبره متهكمه
: شكلها بنتك يعني الهي نوران ما قالتلك وش ابي فصرت مجبور انا الاحكي
رفع منصور حاجبه بتحفز وشعر ان كلامه الذي سيخرج من فمه لن يعجبه إطلاقاً
: أيه وش عندك ياليت تخلص بسرعه تراني مستعجل
نفث دُخَان سيجارته وقال بفظاظة
: الابيه يا الحبيب بنتي
ارتفع حاجبا منصور باستهتار وهو يفهم جيداً أنه يقصد أرجوانته ليناوره ويقول
: حياك الله بنتك موجوده بأي وقت تجي وتشوفها ما رح امنعك عنها هذا حقك بالنهاية
مال أحمد بجسده بسخرية ويعلم أن منصور ليس بذلك الغباء كي لا يفهمه ويقول بجفاف : لا والله اسمع البنات وانكشف موضوع انهم تبدلوا يعني الطبيعي كل بنت ترجع لأهلها وهذا العندي ما رح اخلي بنتي تتربى عند ناس أغراب
تكتف منصور يرمقه بنظرات شرسة متوحشة فقط لأنه فكر أن يأخذ منه ابنته وروحه وكما يقولون " حُلم ابليس بالجنة " فهو لن يفرط بابنته التي رباها كما سيفعل ذلك المُتحذلق أمامه , رباه من كلامه يعني انه لا يُريد نوران طالما انه يُريد استعاده ارجوان قال بحكمة يحاول التفاهم معه دون أن يلجأ للعنف وتهشيم وجهه القبيح او المحكمة التي ستؤيد قراره بالتأكيد بإعادة تبديل الفتاتين
: اسمع يا أستاذ البنات الحين على وجه زواج وارجوان بالذات انخطبت مني بمناسبه انها للحين بنتي بالأوراق والوثائق يعني ما رح تكون لا عندي ولا عندك الله يحفظها عند زوجها بس بما انك ما تبي نوران وما تعتبرها بنتك وانك سافرت وتركتها 15 سنه اكيد ما عندك أي مشاعر ابوه لها طالما قلت نبدل البنات فأنا مستعد أني أجيبها عندي معززه مكرمه وانت تخلص من هم البنتين
فغر أحمد شفتيه وعاد بجذعه للخلف يقهقه عالياً وجلب لهم بعض الأنظار الفضولية التي تحاول أن تعرف ما سبب كل هذه القهقه قال وهو يمسح دموعه التي سالت من الضحك
: يعني قصدك بالأخير أخليلك القماش وأدوات الخياطة تخيطه مثل ما تبي و تصفني على جنب وما لي دخل بأي شي على اساس اك تريحني , ثم تكتف وهو يقول باستهزاء
: ايه ومن سعيد الحظ البياخذ بنتي من صلبي
منصور بدون أي اهتمام لرأيه : شاهين ولد أخت حُرمتي وربيبي وترى هي موافقه بعد
عوج أحمد شفتيه يفكر , ثم يشمخ بذقنه ويسبل أهدابه قليلاً قائلاً أصدر صوتاً مُتمتماً رافضاً
: بنتي ما ابيها تاخذ واحد من أقربائك في رجال أحسن منه والعمر توه قدامها وهي صغيره على الزواج
وضع منصور كفيه على الطاولة لينهض ويقول
: أنا خلصت حكي وهذا العندي لو عندك أي تطورات رقمي صار عندك عن اذنك
*
خرج من ذكرياته على كف شاهين تَحُطْ كحمامه سلام على كتفه ليلتفت برأسه فقط يبتسم له وهو يسمعه يقول
: يبه انت ندمان على الصار قبل يومين يوم عقدت على أرجوان
هز منصور رأسه ببهوت وهو يُعيد نظره للأمام
: حاشى يبه اندم وانت بتكون لها الزوج الصالح الأأمن عليها عنده لو خليتها كان ما دري هالأحمد بجيب عريس من أي زباله يزوجها ياه ما عندي ثقه فيه أبد واستفدت من أني الوصي عليها عشان أزوجها بسرعه منك قبل لا يتصرف بس أحس هالسويته جُبن وكان المفروض أحارب بقوه عشانها
ابتسم شاهين وهو يتذكر أن حُلم حياته الصغيرة قد أصبحت زوجته رسمياً الآن وهما الآن بفتره " الملكة " لا يعرف كيف يصف شعوره عندما جاء له عمه منصور يُطالب بتعجيل عقد القرآن بما ان الجميع يُوافق وسعيد لارتباطهم وأن خير البِر عاجله ولا داعي لإطاله الأمر أكثر كان سعيداً جداً ولكن اختفت سعادته للحظات فقط عندما علم السبب فعمه يُريد حمايتها من والدها البيولوجي كي لا يستطيع أخذها وتزويجها ولكن ومع هذا السبب وافق رأي عمه و عادت له هذه السعادة فور ان ارتبط اسمه باسمها وبتوقيعهم أصبحت زوجته , زوجته ياه ما أجمل هذه الكلمة لن يمل من ترديدها فحبيبته زوجته الآن , تخيل ذلك الوالد البيولوجي يجلب لها عريساً مُتحذلقاً بثوبٍ أصفر وشماغ معوج يحتاج للكيّ , يُقسم انه كان سيشوه وجهه وينتفه وينطحه أرضاً بمجرد أن يُفكر بحبيبته وصغيرته زوجه له قال بصوتٍ خشن رجولي بحت
: ما عليه يبه السويته مو جبن , عوج فمه بضيق , انت قلتها ما تدري وش كان بجبلها عريس ما ينوخذ خيره من شره المهم الحين يصير عنده خبر أنَّا عقدنا , ابتعد عنه قليلاً يردف , يلا عن اذنك يبه بروح اقابل يامان طالبني ضروري الله يستر
قطب منصور جبينه ولم يعد يشعر بأي ندم أو شعور آخر لتزويجه ابنته من رجل كشاهين : الله يحفظك يبه انتبه على نفسك وطمني ان شاء الله خير
,
يتأمل أمواج البحر التي تتصارع وتتسابق أيهم تصل لرمال الشاطئ اولاً لتلطمها وتحولها لطينٍ معجون , تجمعت الغيوم حول بعضها واسودت مُنذره لهطول حُبيبات المطر العذبة تنغز الأرض والبحر بزخاته , يسمع جلجله الرعد ولكن لم تهطل الأمطار بعد , خلل انامله بين خصلات شعره التي تطايرت بدورها مع هبوب الريح ينتظر أخيه شاهين يحل له هذه المُصيبتين التي حلت على رأسه أو الأحرى مصيبة واحده والثانية عليه هو أن يحلها مع والد زوجته الذي داهم منزله قبل شهرين وبدأ بإرسال رسائل التهديد له , وصل شاهين يترجل من سيارته بوجوم وملامحه تقسو من تلميح يامان له على الهاتف بالأمر الذي يريده منه ألقى عليه السلام ليرد عليه أخيه قائلاً وهو يتنهد
: اسمع اول شي في ابو ليال صارله اكثر من شهرين يتصل علي يبغى يشوفها ومو قادر يوصلها
ارتفع حاجبا شاهين : وتوك التقول انه كان يتصل
هز منكبيه : فكرت انه بيطفش ويوقف بس الحين طلعلي بموال جديد ومصر يشوف ليال وإلا إذا شافها بيكذب عليها ويقول انه من زمااان يتواصل معنا عشانها واحنا الرافضين تقابله وعنده الدليل اتصالاتي وتسجيل اني كنت ارفض وعاد انا ما ابيه يشوفها يرميها وهي باللفه ويروح وبعد ما كبرت وتزوجت يبغى يشوفها فعندت
دلك شاهين جبينه بسبابته وابهامه واسبل اهدابه ثم رفع رأسه ينظر لأخيه الأبله قائلاً بخشونة
: شفت يا الخبل هذا الكنت خايف منه ممكن يكذب بأي لحظه ويقولنا كلام ما قلناه وانا المستغرب انه ما دق علي اثاريه يدري انك حمار وانت وش دخلك خلها تشوفه موب ابوها على اساس انها رح تركض لأحضانه اول ما تشوفه والحين لو صار شي رح تلومك انت ليه ما علمتها من اول
يامان : احس انه في شي رافض يقوله قلتله كم مره يقابل طلال لو يبي يشوفها أنا مالي دخل بس ما يبي يواجه طلال تظن انه مسوي شي وخايف طلال يكفشه
تنهد شاهين يقول بخشونة : ما أدري إذا في سالفه من وراه ولا لا بس ليال لازم تدري وهي التقرر تكلمه او لا هي كبيره ما هي ببزر عمرها 29 وتعرف وش الصح ووش الغلط وانتهينا يلا امشي معي نروح لها الحين واشرحلها كل شي خلنا نتغدى فيه قبل يتعشى فينا على العموم الشي المخبيه قريب بتفوح ريحته ونعرف وش يبي من جيته فجأة
أومأ يامان برأسه ولم يخبره عن المدعو عمه ورسائل تهديده ليحل هذه المشكلة أولاً ثم يتفرغ له
...
ولكن في هذه الأثناء وبمنزل يامان كان الأوان قد فات لأن يتفرغ له
***
مشت بهدوء وخطوات رقيقه خوفاً على طفلها الذي ينمو بأحشائها تتفحص نظراتها الغرفة الجديدة التي قامت خالتها بتحضيرها لديها ذوق رفيع باختيار الأثاث أعجبها التنسيق ولكنها حزينة لهجرها شقتهم التي في الأعلى وقد اشتاقت من الآن إلا انفرادهم بها وكأنهم يعيشون بمنزلهم الخاص , اقتربت بخطواتها من السرير وهي ترى زوجها الحبيب يتمدد على بطنه عارياً إلا من السروال الداخلي وقد شبك ذراعيه تحت الوسادة ويغط بنوم عميق جلست على طرف السرير تُدلك أكتافه وظهره تململ بمكانه ورمشت عيناه معلنه عن استيقاظه , كتمت شهقتها بكفها ناصع البياض وهتفت بصوت ركيك
: معليش حبيبي صحيتك ما كنت ادري انك بتقوم و انـ ....
قطع كلامها وسحبها بخفه لأحضانه يُكمل ما كانت ستقوله بمرح وهو يمسح على شعرها ويهز رأسه لليمين واليسار
: أدري بتقولي اني نومي ثقيل وما اقوم بسرعه بس عشان تغير علي المكان بس اتعود عليه برجع نومي ثقيل لا تخافي
ضحكت بخفوت كي لا يصل صوتها للخارج خاصه ان الغرفة قريبه من غرفه جلوس العائلة تمددت بجانبه وهي تعانقه وتوزع قُبلاتها الرقيقة على كل مكان في وجهه الرجولي ثم وضعت رأسها على وسادته وقالت بنُعاس
: حبيبي الحين رح يجي شاهين ويامان
قطب جبينه بوجوم من قدومهم المفاجئ فهم بالعادة يتصلون قبل أن يأتوا إليهم : خير ان شاء الله يا قلبي الله يحييهم
أردفت وهي تعبث بخصلات شعرها : بكره في عندي مشوار ضروري لازم الصبح اروح المدرسة اقدم على اجازه بدون راتب ما ينفع اكلمهم بس
أومأ برأسه دون أن يركز بكلامها الأخير يتأمل السقف بشرود وينتابه القلق من زياره أصهرته
***
في غرفه الجلوس كانت ريتا تقف بتعالي واضعه كفها على خصرها والأخرى تلوح بها بغضب تصرخ على ليليان لا لشيء مهم فقط لأنها تموت من الغيرة منها ولأنها علمت انها حولت هديتها لخرقه ارضية صرخت بها
: الحين انت غبيه ولا تتغابي مو قلتلك ابي عصير وكيك تجيبين العصير بدون الكيك ليييييييه
قالت ليليان بهدوء وهي مُحرجه منها : قلتلك ريتا ما في كيك كنت بروح الملحق أسوي عشانك بس انت الله يهداك ....
رفعت عزلان ذراعها باعتراض وقطعت كلام ليليان تصرخ هي الأخرى على ريتا : هييييي انت وين عايشه يا همجيه روحي انقلعي جيبي لنفسك ليلو ما هي خدامتك هذا الناقص
صرخت بيلسان بخفه : يمه منك عوذه من وين طلعتيلنا
دلفت يارا بوجوم يقف خلفها ذياب باستغراب وقد فهما القصة لتتنهد يارا
: حسبي الله ونعم الوكيل كل ذا الصراخ والازعاج عشان كيك وعصير
نكست ليليان رأسها بخجل من الموقف وترقرقت عيناها بدموع القهر لتستأذن بصوت خافت وتنسحب بهدوء وكلها خوف , نظر لها ذياب كما ينظر لها كل مره , لا تنظر لي هكذا لا اتحمل ان ترى بعينيك قريبتك تقوم بإحراجي اسبلت اهدابها الكحيلة تُداري دموعها من الهبوط الآن تحديداً , و منحها هو ابتسامه آلمتها كثيراً وكان يقول لها عبرها قريباً جداً ستتخلصين وأستطيع ان اقطع لسان كل من يقوم بإحراجك وإحزانك , خرجت ليليان تتدارك الدموع التي عاجلتها وهي بطريقها للملحق دخلت وهي ترى والدتها تعطي والدها دواءه المُعتاد وتلقي السلام وتدلف لغرفتها تحت نظرات والدتها المتعجبة من شكلها ونظرات والدها الشاردة إلى اللاشيء
,
في القصر
منح ذياب نظرات وحشية لريتا وعبس وجهه بقرف من أفعالها البشعة القبيحة وحجابها الذي يستحسن أن تخلعه بدل أن تضعه بإهمال هكذا , ليته يملك الحق في ان يلجمها عن الكلام ويجبرها على الاعتذار من حبيبته التي غادرت مكسورة الجناح ولكن لم يستطع أن يفعل فهي ابنه خاله ولا يحق له ان يتدخل بها او بغزلان وخاصه للدفاع عن ليليان وهي لا تكون له أي شيء الآن , عصر قبضتيه بقوه وهو غاضبٌ جداً لأنه عاجز عن حمايتها الآن
***
الساعة الآن العاشرة مساءً دخل يامان إلى منزله بعد زيارته لأخته التي مرت زيارتهم لها على ما يُرام والآن يشعر أنه مرهق جداً يحتاج للراحة بعد تلف اعصابه هذا اليوم وإلى كأس من الشاي تعده سديم بشكل لذيذ لا يقاومه حتى أنه تذوق من بين يديها ألذ الأطباق والمشروبات نهده بصوته الخشن المُخلل ببعض الإرهاق
: سديم , سدييم
عبس حاجبيه وهو لا يرى أي أثر لها لا يمكنها ان تخرج لأي مكان دون أن تستأذنه فهي لم تفعلها قبلاً وكانت دوماً مهذبه رقيقه معه كالحرير , عبس ملامحه أكثر وهو يرى الباب يُطرق بخفه ليتقدم منه ويفتحه بخفه وعبس وهو يرى جاره
قال الجار بسرعه : يبه يامان اليوم حرمتي تقول وهي راجعه من السوق شافت حرمتين من السود الضخمين كانوا واقفين على بابك ودقوه ويوم فتحت حرمتك سحبوها ولبسوها عباية كانت معهم وأخذوها
اتسعت عينا يامان بصدمه ليصله رنين رساله لهاتفه المحمول لا يعلم لما شعر ان هذه الرسالة لها علاقه باختطاف زوجته بكل جرأه ووقاحه من منزله , رفع الهاتف بكفٍ مرتعشة يرى الرسالة التي كانت من عمه
" مو قلتلك يا البزر لا تتحداني ومو أبوطلال اليتهدد وهذي بنتي وأخذتها منك والحين وراسك للأرض بتطلقها غصبٍ عنك "
وصل الغضب لأوجه واشتعل وجهه بنار تحرق الأخضر واليابس عصر الهاتف بيده وضربها بقوه بالجدار وكان جاره يتأمله بوجوم من ما حدث أمام عينيه ليهز منكبيه دون أن يحشر انفه اكثر فيما لا يعنيه ويعود لشقته , كان يامان قد ثار كالمجنون وهو يدور في المنزل يُمني نفسه بأنها مع والدها ولن يؤذيها , حطم الطاولة الزجاجية بمنتصف غرفه الجلوس بقبضته الحديدية وهو يفكر , كيف كيف كيف لا يؤذيها وهو قد رأى بنفسه أثار ضربه المُبرح لها ولم تزل أثاره عن ظهرها وذراعيها , نظر ببرود للدم الذي يسيل على ذراعه المكشوف ويلفه ب " الشماغ " بشكل عشوائي ويخرج من المنزل بهدوء عكس الإعصار الذي يحطم كل شيء بداخلة
***
الساعة التاسعة صباحاً أخذ طلال زوجته للمدرسة وكانت شارده تفكر بحديث اخوتها البارحة وما جاؤوا من أجله لا تلوم يامان على حميته ودفاعه لها بل جيد ما فعل واخفاءه عنها الأمر فهي لن تتحمل كل ذلك ولا تلومه لإخبارها الأن بعد خوفه من تحريف ذلك الأب الذي بالإسم فقط فهي ايضاً لم تكن ترغب برؤيه والدها الذي تركها كل هذه السنوات ولن تكلمه ولا في أي وقت فاليذهب كما كان دائماً هي ليست بحاجته إطلاقاً يكفيها وجود أخوتها سند ظهرها شاهين ويامان وحبيبها , ركن طلال سيارته بأحد المواقف قُرب الباب حتى لا تتعب حبيبته من المشي وقال بحنان وهو يعلم بماذا تُفكر وقد تركها تُخرج كل ما في قلبها دون أن يتدخل حالياً فقط
: حبيبتي يلا انزلي خذي الإجازة وانا بنتظرك هنا
أومأت برأسها وهي تمنحه ابتسامتها الرقيقة لتنزل بهدوء تصعد عتبات الدرج الثلاث ولجت للمدرسة وهم الآن بوقت " الفسحة " دخلت لغرفة المُديرة لترى العاملة تنظف الأرض وابتسمت لها بلطف
: مرحبا يا ابله ليال وحشتينا
بادلتها الابتسامة : وانت اكثر يا ام محمد وين المُديرة أبغاها ضروري ومستعجله حبيبتي
أومأت العاملة برأسها : فوق في غرفه المدرسات الأنت فيها تفطر مع الأبلات
تحركت بخطواتها تصعد عتبات الدرج بهدوء شديد وهي قلقله على جنينها الحبيب ودلفت لغرفه المُعلمات بابتسامتها المُحببة تُلقي السلام , وتبتسم المُعلمات لحضورها ولا احد يعلم سبب غيابها لشهرين غير المُديرة التي ابلغتها من قبل بالهاتف وطلبت منها المجيء للتوقيع على اجازة مفتوحه وحسب قالت منار وقد عبست فور رؤيتها فمنذ ذلك اليوم الذي تكلمت به مع زوجها لم يعد ليخبرها بأي تفاصيل لزواجهم وهي بدأت ببناء الأحلام معه خلال شهرين لتأتي هذه القصيرة وتفسد لحظتها بوجهها الممتلئ وجسدها الذي اتضح انه قد زاد وزناً عن قبل
قالت ليال بعجله قبل أن تعلق بها المعلمات وتصررن عليها لتجلس
: هلا يا بنات كيفكم عساكم بخير
قالوا بأصوات متفاوتة ومستغربه : بخير , الحمدلله , عساكِ طيبه , تفضلي , حياك ِ
ليال : معليش حبيباتي مستعجله مره مقدر أتأخر بالعافية عليكم , نظرت للمُديرة , استاذه مناير ابغى اوقع على الإجازة بسرعه عشان زوجي تحت ينتظرني ما قدر أتأخر عليه إذا ممكن
أومأت المُديرة وهي تبتلع قطعه الخبز وتنهض تُلملم بعض الأوراق : طيب حبيبتي اسبقيني تحت الأوراق كلها حقت الإجازات تحت بغرفتي
أومأت برأسها لتخرج بخطوات هادئة وأدركت منار أنها حامل كما كانت تتوقع من قبل لتنهض هي الأخرى وتلحق بها امسكت بذراعها قرب الدرج لتلتف ليال بصدمه من قبضتها القوية ونظراتها التي ترمقها بها وبقوه ولأول مره تنظر لها هكذا
ليال : منار خير بعدي عني شوي أوجعتيني
كتفت منار ذراعيها لتقول باستهتار : لا والله هاذي هي الصداقة التعرفينها تحملين وتغيبين كل هالوقت ولا تعلمين يعني بناكلك مثلاً ولا بنحسدك
عبست ليال وهي لا تجيد الكذب ولن تكذب ففي النهاية الكل سيعلم بذلك : ايه حامل وهذا اول حمل بعد سنين طبيعي أخاف من أي شي
عقدت حاجبيها بخبث لتقول وهي تقترب منها وليال تعود للخلف بخوف من نظراتها الشريرة
: طيب وش رايك أقولك أنه قبل شهرين زوجك مكلمني وكان بيخطبني ونتزوج وبسبب حملك تأجل الوضع
هزت رأسها وملامحها تتشنج وتعود للخلف وتزلق قدمها مع حافه الدرج
|