كاتب الموضوع :
رشآ الخياليه
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: ما وراء الغيوم... بقلمي/ رشآ الخياليه
63))ما وراء الغيوم..
،
أحياناً نهرب لنعيش ضياعنا بعيداً عمن نحبهم ليكون أقل قسوه علينا من الضياع و نحن بينهم..!
،
.
،
.
دخلت ام قاسي بصحبة الممرضه، منذ اسبوع لم تزور الاطفال،الشوق بلغ مبلغه، انتبهت للسرير الفارغ فهو في الطرف إلتفتت للممرضه وهي تكتم صرختها/وين الولد؟!!
خافت وهي تلتفت لترى خروج الممرضه الأخرى من الغرفه الجانبيه/بيبي معي
اتجهت ناحيتها وهي تكفكف دموعها المرعوبه/بسم الله عليك يمه .
دخلت في هذه الاثناء ام رواد بصحبة نيفادا التي رأت دموعها و خافت/خالتي وش فيه ولدي؟!
تجاهلت ما ارعبها قبل قليل، ليس من الجيد ان ترتعب وهي نفساء/مافي شيء بس اشتقت لهم من اسبوع ماجيتهم بعد قلبي
ابتسمت وهي تتجه لطفلها الذي بات افضل من ذي قبل/تحسنوا صح؟!
ام رواد/اي الحمدلله قااايله لكم بطلعهم قبل يتمون شهرين هنا..الله عطاهم اسبوعين بس و بعدها بجي أنا و أم قاسي و بناخذهم، شقلتي ام قاسي؟!
فرحت من قلبها/وش اقول فير الله يبلغني فيهم هالصغيرين و اشوفهم يركضون بصحتهم وعافيتهم..
كلاهما بصوت هامس/اميين.
.
،
تلك ابتعدت مستعجله وعادت حيث يقف دييغو لم تستطيع ان تتحدث تعرف انه سيحرقها غضباً..،
تحدث اخيراً بالأسبانيه/دوندي إيست إلبيبي؟!!
ردت بتوتر وهي تلتفت/نو بوودي،فاموس دييغو
فهم ان هنالك ماعرقل العمليه ليخرجان وهو يفكر بيوم آخر ولكن يجب ان يستعجلون.. فيزة الزياره ستنتهي..!
.
،
.
،
.
وصل المنزل وهو يحمل اكياس من الهدايا، الجميع في المنزل له نصيب.. إكتفى من الأسى ولم يعد يريد ان يلامس دوائر الماضي الموجع أبداً ..
دخل وهو يرى والده وحيداً ومعه احداهن رفعت شالها بمجرد ان سمعت صوته ينادي راكان../السلام عليكم ..
فرح بإبتسامته/وعليكم السلام
ردت ليال/وعليكم السلام..
جلس وهو يدير ناظريه/كيفكم كيفك ليال؟!
ليال وهي تقف محرجه تريد الذهاب/بخير الحمدلله، عن اذنكم بروح ادور ركون و ارسله لكم، من الصبح عند أمه ،حتى هي ما طلعت من جناحها
الشايب/اي والله ماهي من عوايد راكان، دايما يصبح علي هنا و يحوس حولي.
نطق بحماس/اي والله هاتيه.
ذهبت وهو يلتفت لوالده و يمد له علبة كبيره مغلقه بمخمل اسود و شرائط مذهبه/سم يبه هذي الهديه من ولدك
اخذها وهو يتسائل ما بداخلها/العيد مابعد جاء وش مناسبتها
بإبتسامه تزين ملامحه/ولد ومهدي أبوه مايبي لها مناسبه يالغالي، يلا افتحها وشوفها، أخاف ماتعجبك
فتحها بهدوءه ليجدها "بشت أبيض"/ما شاء الله بشت حساوي ! ماقصرت يا ولدي.
فرح انه أعحبه/تستاهل، يزهاك البشت يبه.
لحظات لتطرق الباب وتدخل بعدما ذهب عزام لفتحه/ارررحبي يا هوازن ،وش هاليوم المبروك هذا
قبّلت جبينه وهي تبتسم/تبقى لي يا عزام
فرح برؤية الغائبه منذ مده/التراحيب كلها راحت علي اجل!!
حمل عزام طفلها منها و اتجها إليه ليجلسان لدقيقتين حتى وصلته رساله في هاتفه الموضوع على الطاوله أمامه ، لمح إسمها الذي يلقبها به "العاتي" فتح الرساله ليصفعه ما قرأه فيها، لم يصدق وهو يسمع صوت ليال خلف الباب و تخبره/عزام الشموس ماهي موجوده،يمكن أخذت راكان علشان التطعيم حقت السنه !
عاد ليقرأ الرساله القصيره مجدداً وهو يفرد طرف شماغه ثم ينسفه مجدداً[أنا سبق و حلفت لك و قلتلك انك بتدفع الثمن غالي و بتعاني مثلما أنا عانيت، تركت لك البيت و طلعت، لا تتعب نفسك و تسأل بالمطارات أنا هنا بالسعوديه ما هاجرت، و برضو لا تتعب و تتصل و تسأل سيف، لأنه ماراح دوامه اليوم وسيارته مبنشره و قزازها معطوب~،ولدي معي و اللي ببطني عليك منه سلام، ما راح اقول انك ماراح تشوفني، لا راح تشوفني ان شاء الله بس ماهو هاللحين ،راح أرجع بمزاجي مثلما رحت بمزاجي, و ان رجعت بمزاجي ساعتها بيكون كل شيء منتهي..."أنا ماني كرسي إنتظار يا عزام"]
شعر أنه ينهار الآن، كيف سيتعامل مع هروبها الواضح أمام الجميع!!!
شعر ببرودة يديه و هو يحاول الوقوف،
استغربت هوازن تصرفه/عزام شفيك حبيبي
رد بعد ثواني/العمال متصلين علي من المعرض فيه مشكله بروح اشوف..سلام
لم تصدق ليال ما سمعته منه، نبرة صوته تعكس توتراً ملحوظاً،هنالك شيء ضبابي يحدث!!!
لم يعلّق والد عزام فقط هز رأسه بخيبه، إبنه يغرق بمشاكله مع زوجته...وذلك واضح للعيان.
.،
،
.
،
.
.
،
ركب سيارته وهو يحاول ان يتصل بها مراراً و لكن هاتفها خارج الخدمه..!!!
تذكر حديث وعيدها ليلة البارحه الذي ظنه مجرد "فشّة خلق" سيمحيها عناق منه!!
فتح أزرار ثوبه العلويه وهو يحاول ان يتنفس، كيف سيواجه عائلته و شالناس وزوجته هاريه منه؟!
بل كيف سيستردها قبل فوات الآوان لن يستطيع ان يبات ليلته دون ان يجدها،
إنطلق بسيارته لا يدري إلى أين و لكن سيبحث عنها في أي مكان يتوقعه،
راوده شك ان يبدأ بالمزرعه ..ليذهب إليها.
..
،
،
.
،
.
،
.
في طريق العوده،
تفكر كيف تطلب من السائق ان يذهب بها لمستشفى الحرس الوطني لزيارة قاسي، ذلك صعب بوجود أمه ، هي محرجه و بطنها بدأ يؤلمها قليلاً..،
لاحظتها ام رواد شارده وسط احاديثهن لتسألها/شكل منتي منتبهه معنا يانيفو!!
حاولت التركيز معها/شوي يعني،
ام قاسي بسعاده/امس زرت قاسي و اموره الحمدلله طيبه ووعدني انه كلها اسبوع او اثنين و يطلع، و بناخذ الصغار لبيت ابوهم عااد ترى ماالك قعده عند اهلك سمعتي يام سلمان؟!
ام رواد/مثلما تبين، بالاول نشوف صحتهم كيف لازم رعايتهم
تنهدت وهي تتوق لأخذ اطفالها و الراحه بعد كل ذلك العناء/ودي ارجع بيتي يا خاله بس اخلص الاربعين و الخمسين حتى، عمليتي توجعني هالأيام.
رحمتها،لم تسمعها يوماً بهذه النبره الموجوعه، هي يافعه جداً على كل هذا/الله يشفي جرحك و ترجعين مثل قبل غزال.
ام رواد/امين يا رب..عاد يام قاسي هي ماراح تربي اثنين لحالها واحد منهم بيصير مسؤليتك ترى، نيفادا وراها دراسه
فرحت بالفكره ان يكون لها طفل ترعاه بعد هذا العمر، سيكون للعمر قيمه و للأيام طعم/كلهم عيني والله ما اعز من الولد إلا ولد الولد.
خافت كثيراً من ان تتحكم ام قاسي بتربية اطفالها و تحرمها الإستقلال و الخصوصيه و لكن لم تعلّق على موضوع الاطفال الآن مازال الوقت مبكراً جداً...
.
.
،
.
.
،
،
.
،
،
في مكتبه منذ الصباح، يباشر عمله المعتاد و يشعر أن شيئاً ما يكاد يسحب أنفاسه ببطىء،..
وصلت رسالةً نصيّه على هاتفه من تركي ليقرأها غاضباً[طلّق اختي بالطيب و الوجه من الوجه أبيض،هذا انت سمعتها منها]
مسح على وجهه بغضبٍ عارم جعله ينسى كل شيء حتى تلك السياره التي تراقب منزله وتتبعها مع تركي!!
إتصل بها بدون تردد وهو يحاول ان يتحدث إليها ولكنها لم ترد و كأنها تحتقره بعدم الرد على إتصالاته،فقط لو أنها لم تطلب الطلاق ذلك الطلب الذي لم يظن أنه سيبعثر أوراقه!!
،
.
،
.
،
.
،
.
لاحظتها تغلق هاتفها مع كل نغمة رنين وتستمر في حديثها معها، لتسأل بفضول/انتي وراك تقفلين الخط كلما رن؟!!
بهدوء/واحد مزعجني،
استغربت/قولي لأخوك يتصرف او عالاقل سوي له حظر.
بمحاوله منها لرؤية ما تكتبه/مصيره يزهق و يوقف اتصال من نفسه،.يمه وريني اللي كتبتيه اشوف
منعتها وهي تغلق اللابتوب/لااا ياويلك مابعد انتهيت منها
كتمت ضحكتها/يممه ترى بس بقرأ
بإصرار/ولو ما احب احد يقرأ مسوداتي قبل نشرها..هذا شيء خاص جداً و حساس بالنسبه لي
سكتت مستغربه/من جدك يمه؟!
سمعوا صوت الباب يُفتح،ليرون صالح يدخل بصندوق متوسط الحجم يحمله بين يديه/السلام عليكم
بابتسامتها/وعليكم السلام راجع بدري اليوم وش هالرضا
وضع الصندوق على الطاوله ليفتحه ويخرج مافيه و يريها ما يحتويه/سمي يا احلى كاتبه..
لم تصدق وهي ترى أسم روايتها موقّع بإسمها، بغلاف جميل/روايتي!!!
صالح/هذي النسخ وصلتني لمكتبي كهديه لك من الشموس و انا اللي اقدمها..طبعاً هي طبعت منها 200الف نسخه بشكل أولي..
قفزت لعمها وهي تفتح الصندوق و تأخذ نسخه لها لتنطق أسم الروايه بحماس/إمرأة في الظل..! للكاتبه هند عبدالعزيز المناع...واااو يممه اخيراً راح أقرأ لك!!
شعرت بالخجل و الخوف نوعاً ما، سيقرأها الجميع الآن زوجها و أبناءها و الأقارب!
و ما زالت لم تصدق..،رفعت ناظريها لصالح الذي يقف مبتسماً بلطف بشكل يضفي السعاده على قلبها..
اخذت الكتاب وهي ترى رحلت نظراتهما تبدأ الآن/بروح اجهز لي كاسة شاي و اقرأ ..اخليكم انتم مع القهوه..
انتظرها حتى ذهبت ليتجه إليها ويجلس بجانبها/مبروك يا قلبي..
نطقت بسعاده/الله يبارك فيك..وش رايك انت؟!
امسك بأناملها/بالنسبه لي فرحان اني شاركتك فرحة أول إصداراتك، وواثق بنجاحك من قبل أقرأ
إلتفتت إليه برجاء/بس لازم تقرأه..
بإبتسامته الهادئه/إهداء الكتاب لي ،اكيد بقرأه
تذكرت ذلك اليوم حينما جعلتها الشموس تكتب إهداءاً "محتملاً" لأول إصداراتها..
شد على أناملها/اقرأي لي الإهداء بصوتك، ودي أسمعه منك .
ابتلعت ريق إرتباكها وهي ترى إصراره لتفتح الكتاب على صفحة الإهداء ،لم تصدق أنها كتبت ذلك حينها/هذه الروايه إهداء إلى الحُب الذي أنضجته سنوات إنتظاري."صالح".
إنتظرها حتى إلتفتت بعينيها اللامعه لينطق بحب/والله أنك أحلى من كتب.
إبتسمت بعفويه ولكنها أجابا بقلق طبيعي/لا تلبسني الغرور، ترى مابعد تلقيت ردود أفعال القراء، أخاف ترفعني انت للسماء و الواقع يرميني القاع.
قبّل يدها التي يمسك أناملها/طبيعي الخوف، بدال ما نخليه يعطلنا خلينا نعتبره دافع لتقديم الأفضل، يلا استعدي لمهرجان الكتاب الأسبوع الجاي و راح تُنشر روايتك فيه لأول مره..من هاللحين استعدي للشهره
فرحت بحديثه، و حسدت نفسها على ما آلت إليه حياتها، تلونت و بات لها طعم و لون و رائحه..زواجها الأول ما كان سوى سقطه ونهضت منها و نسيتها تماماً بكل آلآمها و مآسيها..كل ذلك إنمحى بدخول هذا الرجل إلى حياتها..،من قال أننا لسنا بحاجة بعضنا البعض، سيبقى الإنسان مكملاً لشريكه الإنسان حتى يرث الله الأرض ومن عليها..الحياة مُرة بلا شريك يساندك و يقف بجانبك و تدعمه ، تفرح له و يفرح لك .
.
،
.
،
.
،
الساعه الآن الواحده بعد منتصف الليل الذي بدا طويلاً عليها..!
وهي تقف على شرفة غرفتها المظلمه تحت أضواء حديقة القصر المتمرده على جدرانه..
أغلقت هاتفها من وليد وهي تتبسم وتتذكر حديثه المتازح ومواقفه اليوميه.. و لكن سرعان ما اختفت إبتسامتها وهي ترى قدوم عزام و جلوسه لدقيقه بسيارته و من ثم أنزّل شماغه على كتفه و يفتح كل أزرة ثوبه ليجلس محبطاً على الممر، كان شكله بائساً و يدعو للشفقه,لا ينبغي لرجل مثله أن يكون بحالته هذه,لطالما عرفته رسمياً و غامضاً, وهاهو اليوم يتكشف حاله بعد غياب أختها الغريب في هكذا توقيت!
من الواضح أن الأمر بينهما وصل لمرحلة الإنفجار..الشموس كتمت غضبها من الكل و لم تفضفض لأحد، حتى مشكلتها مع عزام لم تتحدث عن اسبابها لها، شخصيه صعبه جداً , و تدّعي الصمود بشكل جعلها تنفجر مرةً واحده و ترحل بهذه الطريقه الجنونيه المتهوره!
تسائلت مراراً كيف لشخصية كتومة مثلها أن تستمر في الحياة؟!
دورة المشاعر في حياة الإنسان يجب أن تأخذ حقها من قلبه وجسده، السعاده و الحزن والغضب، الإحباط ..وغيرها من الإنفعالات يمر بها كل إنسان و يجب عليه ان يتعايش معها لا أن يكبتها و يتجاهلها ظاهرياً وهو يحترق وحده و يموت داخله!
تماماً كالذي فعلته الشموس كبتت كثيراً ظناً منها أن إظهارها لعواطفها التي تعصف بها سيؤثر على مكانة شخصيتها القويه و القياديه!!
...حسناً الغريب جداً هو صبر عزام على شخصيتها التي تقود ولا تُقاد..!
لن يصبر عليها سوى عاشق ولكنها لم تفهمه أو أنها تفهمه و لا يسير الأمر على ما يرام..
سمعت طرقات باب خفيفه على غرفتها..استغربت و لكن ظنته وسام ، ولكن وسام يفتح الباب بعد طرقه واحده/الباب مفتوح
دخلت بمشيتها المتعبه/الحمدلله انك مانمتي
استغربت نبرتها وهي تتجه إليها و تمسك بيدها/خير نيفو يا قلبي شفيك؟!
لم ترد حتى جلست على طرف السرير وهي خائفه/شفت كابوس خوفني ماقدرت أنام لحالي.
ابتسمت لها وهي تجلس بجانبها و تجمع خصلات شعرها البني مجدداً و تعيد ترتيبه في ربطته/بسم الله عليك..افهم انك تبين تنامين عندي؟!
هزت رأسها بالإيجاب/مايبي لها سؤال، للوش قسم بالله مرعوبه.
اقتربت منها وعانقتها لتشعر برجفت اضلاعها/بسم الله عليك، اي والله من جد ! تعاالي نامي خليني أغطيك باللحاف، مايصير ترجفين انتي.
بسرعه دخلت في فراشها و غطتها جيداً.. و نامت بجانبها، تفاجئت ليال باقتراب اختها و نومها على كتفها وتشبثها بيدها! ابتسمت وهي تتركها ترتاح، لا تعرف كم أحزنها موضوعها، تحملت جزءاً كبيراً بعمر صغير، حتى زواجها لم تكن راضيه عنه تمام الرضا مازالت طفله على كل هذا،
الجيد في الموضوع ان زوجها رجل عاقل لكن ماذا لو كان العكس؟!
بالتأكيد نيفادا طيبة القلب ونقيه جداً ليمنحها الله زوجاً يتفهم طيش عمرها و يستطيع بذلك التعامل معه، أم أنهما رُزقا حب بعضهما، فالحب رزق ومن أطيب الأرزاق التي يمنحها الله لبعض القلوب بسخاء.
,
,
,
.
,
.
,
.
إستيقظت باكراً وهي تشعر أنها تحمل طاقة نشاط جباره، رغم صعوبة الأمس!
لا يهم هل كان تصرفها صحيحاً أم لا ، كانت واضحه منذ البدايه معه و تنازلت كثيراً و أكثر مما يجب،
نعم تصرفت بقسوتها المفرطه و لكن هذه هي هذه شخصيتها التي لا تستطيع عنها تبديلاً ...لم يعد يعجبها الوضع الذي جعلهم فيه بتعنته معها رغم عشقها و حبها له ، لكنه ماطل كثيراً ،بينما هي لم تماطل لتغفر له!!
، لو كان يعرفها حقاً لعرف كيف أنه تمكّن من قلبها بشكل لم يسبقه عليه أحد و لكنه أخذته العزّة بالشدّه معها للحصول عليها بدون أي غفران واعتراف بهزيمه!!، هكذا مثل طفل يعبث بالأشياء الثمينه غير آبه بقيمتها، فقط يلقي كل ما هو غالٍ تتمكن منه يديه على الأرض، فيظل هكذا خاسراً للأبد!
لم تكن يوماً تحبذ الهرب حتى كثرت بقلبها ندوبه ، لذلك فالطريقه الوحيده الموجعه له ستكون هجره بلا سابق إنذار..
ان تجعله يعجز أمام أهلها حين يسألونه أين هي؟!متى ستعود؟..لماذا الآن؟!
لابأس من تركه في دائرة خاويه من الوقت تجعله حزيناً كما كان قبلها..فالحزن يغسل القلب و الهجر يمحّص المشاعر الحقيقيه من الزائفه..!
،
إطمأنت لنوم طفلها في مكانه و خرجت تتفقد المنزل و ما ينقصه.
وصلت البارحه مرهقه ونامت،لم تتفقده كله،
بيت طرازه قديم جداً رغم ان جدرانه تبدو مطليه حديثاً ..
مرت على غرف النوم الأربعه توقفت عند إحداها كثيراً أثاثها قديم ولكنه محتفظ برونقه..لا بأس ستبدأ تأثيث المكان بما يتناسب مع ما تراه مريحاً لها، فهي لا تعلم كم من الوقت ستبقى هنا..
خرجت لساحة المنزل الصغيره جداً بالنسبه لساحات قصرها ...هنالك اماكن تسمح بوضع أحواض زراعيه و أرجوحه لها ولطفلها..و طاوله صغيره،أفكار كثيره تشغلها حول هذا المنزل الجديد ..
رن جرس الباب وهي تنظر لساعتها من سيأتيها الآن؟! رن هاتفها ذو الرقم الجديد لترد/الوه..هلا أم سيّار..طيب هاللحين افتح لك..
تفاجأت وهي تفتح الباب بدخول الجاره التي تعرفت عليها بالطريق البارحه بصحون الفطور وحافظات الأكل/ما شاء الله يا خاله وشوله تكلفين على نفسك و تجيبين فطور؟!
ابتسمت لها وهي ترفع برقعها وتأمر خادمتها بإدخال الأكل وترتيب السفره/هذا واجب يا بنتي و ادرري ان البيت هاللحين فااضي
فرحت ببساطتها وهي تدخل معها و ترتب معها السفره ..
جلست السيده الخمسينيه لربما كان هذا عمرها أو أكبر تبدو بصحه جيده, جلست على طرف السفره الاخر وهي تتأملها بإبتسامه يشوبها الشيء الكثير/ما تخيلين فرحتي يا بنتي من دريت ان نزل عندنا جيران مستأجرين جدد، مبطين عن الونس و انا عيالي تزوجوا وما بقى لي غير فواز اخر العنقود يدرس بالثانويه ..
بادلتها الإبتسامه/الله يحفظه لك..دام كذا مريني كل يوم يا خاله و خلينا نونس بعض.
استغربت/لااا بس زوجك اخاف يتضايق من كثر ما اسير عليكم كل يوم
كتمت ضحكتها/لا ما عليك زوجي يشتغل بالرياض و ماهو فاضي لنا دايم.
إبتسمت بسعاده/دام كذا ما راح تستاحشين و انا جارتك،
بادلتها بابتسامه صغيره ثم بدأت إفطارها معها، كمية من البساطه لم تعشها من قبل، الحياه هنا أقل ضوضاء و اكثر راحه/خالتي ممكن اطلب منك طلب؟!
إلتفتت إليه بترحيب/سَمّي؟
تذكرت ما يجب ان تقوم به في المنزل/ابيك العصر تمريني انتي وفواز ونروح السوق، عساك فاضيه؟!
بإبتسامه/ووش مشغلني؟! ماعندي إلا الفراغ اللي طفشني من نقلت جارتي و سكنوا مكانها ناس ماودهم يختلطون بأحد، تركتهم وش ابي بعربان مايبون أحد!
استغربت حديثها المسهب عن الوحده/بناتك مافيهم اللي ساكنه قريب منك؟!
تنهدت بألم/كان عندي بنت رفضت تزوج و شالت هم ابوها لين مات بين يديها بفراش المرض، بعدها عليها تزوج كانت الكبيره واخذت واحد معدد وشرطت عليه تسكن عندي حملت و جابت ولد وماتت وهي تولده ظلت حسره بقلبي وندامه ،عقب ما كبروا عيالي و تزوجوا اكلتني الوحده صدق اللي ماعندها بنيات يونسونها ما خلّفت. وظل عندي ولد بنتي فواز اللي تشوفينه معي.
حاولت تخفيف حزنها بعدما إستثارته من دون قصد/الله يرحمها و يصبرك، يعني يا خاله ندمتي عالأولاد؟!
ابتسمت بشكل محزن على فقدها العظيم/لا حشى ماندمت على رزق ربي لكن مثلما يقولون "الولد ولدي لين يتزوج، أما البنت بنتي لين أموت" هذي حقيقه رغم ان عيالي ما يقصرون لكن مهما كان ماتكتمل الأمومه و لا الأبوّه بدون البنت.
حتى لو ربي رزقهم دستة أولاد وهذا من تجربتي.
تعجبت وهي تسمع عن وحدتها الموحشه وتتذكر عزام ووالدته/ماهو كل الأولاد جافين وينسون أمهاتهم ، أعرف لك واحد من وهو طفل يزور قبر أمه كل اسبوع ولو بيده نام عند قبرها و مره من المرات أخذ زوجته للمقبره علشان يبشر أمه بمولوده اللي بالطريق!
دمعت عينيها وهي تسمع ما قالته/ما شاء الله هذا وينه فيه؟! عسى الله يرزقه بركة دعاء امه طول عمره،اللي مثله قليلين يا بنتي و مانسمع عنهم إلا بقصص الأولين
نطقت بحنين وهي تتذكر زيارته لقبرها وهي معه،كان يبكي بصمت وحينما حدثها عن والدته نزلت دموعه بلا تردد/لا والله شوف عيني محد قال لي.. مازال يبكي لا تذكرها و مازال يتمنى يرزقه ربي بنت و يسميها على أمه دعواتك له يا خاله
رفعت كفيها للسماء/الله يرزقه بالبنيه اللي يسميها على أمه و يبرد خاطره فيها دامه رضي والدين يا رب أمين.
فرحت بدعوتها رغم حمم غضبها البارحه، إلا أنها اليوم تُشفق عليه كلما تخيلت صدمته بعد هجرها له تضيق رئتيها بأنفاسها رغماً عنها..!
هي تعلم تماماً أنها تخنق نفسها بنفسها بإبتعادها عنه و لكن الكرامه لا حياة بدونها.
،
|