كاتب الموضوع :
احلام تركي
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: حقيقة
الفصل السادس تابع
جلست سلام جامعة ساقيها بيديها على سريرها ، كان داود قد تكرم على سلام بسرير لشخص واحد وضعه في غرفة دنيا ، نظرت الى دنيا التى كانت تغط بنوم عميق ، وعادت تضع راسها على ركبتيها وهي تفكر بعبوس ،هل وجودها هنا له مبرر ،كانت في قرارة نفسها تميل لراي جدة الصغار لا علاقة لها بالاولاد ،مجرد معرفة سطحية لوالدهم لا يعطيها اي حق في تربيتهم وابعادهم عن اسرتهم الحقيقية ، عادت تفكر لكنها قطعت وعدا ،هذا الوعد فكرت سلام هو ما يجعل لحياتها معنى ،يجعل لها هدف ،حياة بلا هدف هي فراغ مجرد رقم ،حتى هذه اللحظة كانت حياة سلام مجرد رقم ،رقم في شهادة الميلاد رقم في بطاقة التعريف رقم في الحساب البريدي ،مجرد رقم الى ان وجدت لها ما تقاتل لاجله ،لكن عادت لتتساءل هل هذا يمنحها حق الدخول لحياة غرباء عنها ،انها فقط دخيلة ،اغمضت عينيها وغاصت براسها ،شعرت بالخجل والاحراج ،انها الان كما كانت في ذلك اليوم الذي قابلت فيه خالد بؤسها جعلها تركب في سيارة رجل غريب ،تقلبت دنيا في سريرها فسقط الغطاء ،نهضت سلام واعادته لمكانه ،اخرجت نفسها حارا ،فلتوقف هذه الللعبة السخيفة ،غادرت الغرفة ونزلت وسط ظلام المنزل وقصدت المطبخ ،شربت كاس ماء بارد وعادت ادراجها القت نظرة الى النور في الغرفة المغلقة ،وقفت لدقائق ففتح الباب وظهر داود بقامته المديدة وصل ظله الى قدمي سلام التى نظرت بعبوس اليه ،قال "لم تنامي بعد ؟ الم يعجبك السرير ؟" اقترب اكثر وقال "اراهن ان هذا اول سرير لك بتلك الرفاهية ربما لانك اعتدت على البساطة لم ترتاحي فيه " ابتسمت ساخرة وقالت "الرفاهية لها ناسها ،ليس اني لا استحقها انا فقط احب بساطتي اننا بكل حال نضع اقدامنا على نفس الارض ،الرفاهية تجعلك تعتقد انك تطير لكن الحقيقة انك مثلنا نحن البسطاء نضع اقدامنا على نفس الارض " ابتسم وقال "كانك تخفين حقدا على المرفهين " ردت "كلا ، كما ترى نحن يمكننا العيش في اي مكان والنوم على اي سرير واكل الاطباق البسيطة لكنكم لن تسطيعوا التقدم خطوة اذا فقدتم بريق المال ، علاقاتكم من اجل المال ابتساماتكم من اجل المال كل طموحكم ان لا ينقص مالكم ،نحن لا نملك الكثير لكن يكفينا القليل " اقترب اكثر وقال "ايتها المعلمة السادجة كم كتابا قرات يمكنني الجزم ان كل ما تقولينه هو ما قراته هو افكار وايمان الاخرين " ردت دون ان تبتسم "لا لدي نظرتي ايضا " وسارت قاصدة غرفتها لكنه اوقفها وقال "لما اشعر ان حماسك قد خمد كانك اكثر بؤسا واكثر ياسا " التفتت اليه وقالت "لقد وجدت ان ما قالته والدتك صحيح وان وعدي مجرد كلام فارغ من رجل مريض مرض الموت لعل خالد رحمه الله في لحظة ياسه وخوفه على اولاده اراد ان يطمئن نفسه وهو يغادر الحياة لقد كذب على نفسه كي يطمئنها تدكرني في لحظة ياسه تلك لاني في وقت ما منحت واولاده حبا بلا مقابل ،كرهه لامك وخوفه على اولاده جعلاه يفكر في حل اخر " وضعت يداها على الدرابزين واضافت " ساغادر غدا " وصعدت الدرج تاركة داود وسط ذهول كبير .
استيقظت سلام مبكرة جمعت اشياءها القليلة نظرت الى دنيا التى كانت لا تزال نائمة ،طبعت قبلة على جبينها ،وغادرت الغرفة وقصدت غرفة الاولاد ،وجدتهم نائمين ايضا ،قبلتهم جميعا وتركتهم ،ونزلت الدرج ،فكرت وهي تنظر الى ساعة يدها التى كانت تشير الى السادسة صباحا ،لايزال لديها بعض النقود يكفيها للعودة الى منزل جديها ،وجدت في الاسفل داود جالسا يحتسي فنجان قهوة ،ابتسم وهو يسمع صوت وقع اقدامها على الدرج ،لم يرفع راسه وقال "كنت اتوقع انك ستغادرين بصمت لكن اليس الوقت مبكرا ' ونظر لساعته قالت وهي تضع قدمها على اخر درجة في السلم "لم ارغب باحداث ضجة عند مغادرتي " قال "بالعكس كل ما تتقنينه هو احداث الضجيج " وارتشف من فنجانه وقال "ما رايك بفنجان قهوة " وقام بصب القهوة في الفنجان دون انتظار ردها ،اقتربت منه ونظرت الى ذلك الوجه الوسيم ،كان قلبها يخفق وهي تنظر اليه ،قال "اجلسي " جلست ومدت يدها الى الفنجان وارتشفت وقالت "انها مرة " رد "هكذا قهوتي لم اعرف كيف هي قهوتك " ردت "ايضا افضلها على طبيعتها مرة " ابتسم وقال " ما رايك ان تكوني اكثر بساطة في الحديث ودعك من الشكليات " ابتسمت وارتشفت وقالت "حسن باعتبار انه اخر حديث يجمعنا " قال " هل انت متاكدة انك تستسلمين " ردت "انها من البداية ليست حربي كي افوز كانت لحظة جنون فقط اعترتني كما ارجح انها اعترت المرحوم خالد عندما اراد ان اعتني باولاده " رد "لكنك تحبين الاولاد اليس كذلك ' ردت "لكن لن ينصفني احد لا القانون ولا الاعراف من البداية انها مواجهة خاسرة لكن ' سال "لكن ماذا ؟" ردت '" اعتقدتك ترفض وجودي معهم " قال "اجل انا كنت عقلانيا لكن احببت مواجهتك لامي " ردت "تريد ان ابقى كي تستمتع برؤيتي احارب امك " ابتسم وقال " لا انكر هذا ابدا كان هذا ليحرك المياه الراكدة في هذا المنزل " ارتشفت من قهوتها وقالت "ارايت انتم المرفهين تملكون كل شيء لدرجة انه لا شيء قد يشعركم بالبهجة تتعفن حياتكم في ملل لا يطاق " وقفت وتابعت "نحن البسطاء يسعدنا اي شيء قد يبدو لكم اكثر من عادي " اخذت حقيبتها وقلت "شكرا على القهوة كانت جيدة " وانسحبت بهدوء ،تابعها ببصره وهي تختفي خلف الباب ،ارتشف اخر قطرة من القهوة وفكر ليست مملة لكنها محقة لامكان لها هنا ،نهض واقصد غرفته .
عندما استيقظ كريم بحث جاهدا عن سلام مع الاولاد لكنهم لم يجدوا لها اثر ،قصد غرفة داود وجده نائما ،ايقظه بعنف ،فتح عينيه بصعوبة وقال "ماذا هناك ؟" رد "اين هي سلام لما لا اجدها في المنزل ؟" رد وهو يجلس "لقد رحلت " ساله "هل طردتها ؟" اجاب "لم افعل لقد رحلت بملء ارادتها " نظر الى كريم وقال "لعلها امضت ليلها تفكر في الامر ووجدت ان وجودها هنا شاد " ساله "هل رايتها تغادر ؟" نظر الى الساعة على الحائط وقال "منذ ساعتين غادرت لعلها في منزلها الان " عاد لينام وقال "اغلق الباب عند خروجك ' امتعض كريم غادر الغرفة ،بقي داود بمفرده قال لنفسه "سلام مجرد زوبعة في فنجان على الارجح لن اراها مجددا" .
يتبع
|