كاتب الموضوع :
احلام تركي
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: حقيقة
الفصل الثالث الجزء الثالث
فكر داود كثيرا ثم سال سلام "عذرا ..لكني اود ان اعرف كيف تعرفت على خالد "كان داود يشعر ان هذه المراة ليست من مستوى خالد ابدا ،وان وراءها سرا ،رفض خالد البوح به ،والا كيف يتعرف على امراة تبدو من المتشردين ،التفتت اليه بهدوء وقالت وهي تمسح العرق المتصبب من جبينها بيدها ،"لا ارى سببا يدعوك لتعرف "صدم من حدة جوابها ،رد عليها ساخرا "اذن انت في النهاية لست خرساء "سالت "ماذا تقصد ؟"لم يرد على سؤالها ،وواصل القيادة ،وضعت سلام يدها على الكيس ،وهي تفكر رغم انها ليست ذا جمال الا ان الحب لا يقتصر على الفاتنات ،رواية جين اير التى اهدتها لها زميلتها كانت تروي قصة حب جميلة بين بطلين كلاهما يفتقران للجمال ،ومع ذلك كان البطل يرى في محبوبته جمالا تفتقره اليه كل النساء ،احبت سلام هذه الرواية تحديدا واعادت قراءتها مرارا ،كانت البطلة فيه يتيمة عديمة الحظ ،ومع ذلك فقد اشرقت حياتها لاحقا ،تساءلت وهي تتابع الطريق هل يحق لها ان تامل بنهاية مشابهة لحياتها التعسة ، بعد صمت طويل تكلمت سلام بنفس الهدوء "اتؤمن بالقدر " رد عليها وهو يخرج نفسه من افكاره "لا اؤمن بالصدف " ،ابتسمت سلام وردت "القدر هو ما جمعني بخالد ،معرفتي به سطحية رغم ذلك ،لذلك يحيرني انه طلبني " فهم داود انها لا تريد الافصاح عن طريقة تعارفها ما زاد من فضوله ،لكنه كبح لسانه ومنع نفسه من السؤال ،ورد عليها "لست اقل منك حيرة "،بدات سلام تشعر ان داود لا يستلطفها وانه يعارض امر دعوتها ،لكن ليس بيده حيلة ،قالت سلام "انه صديقك المقرب ،يمكنني ان ارى كم تحبه " التفت اليها وقال سائلا "ماذا تقصدين ؟"ردت "انك لا ترغب ابدا بايصالي ،انك تعارض الامر برمته وترى انه غير منطقي كيف لخالد ان يعرف على فتاة مثلي ،تتساءل كيف تسنى له معرفة مثل هته الاشكال ،انها لا تناسبه "ابتسمت بينما كان ينظر اليها حائرا ،لقد قرات افكاره ،تابعت " كنت ادرس تلاميذي بعض من الدروس الحياتية اعتقد ان لاباس بتدريسك "قال داود "ماذا ؟" اغمضت عينيها وبدات تتكلم بصوت ناعم وهادئ كانه نغمة موسيقية" من لا يعرف التصنع لا يعرف العيش
لا تحكم على الشجرة من لحائها
زهرة وسنونوة لا تعلنان الربيع
السعادة والرضا أدوات تجميل عظيمة، وأدوات خادعة لحفظ مظهر الشباب.
البقرة السوداء تدر حليبا أبيض
ليس كل أبيض طحينا.
من طيرانه يعرف العصفور
من أظافره يعرف الأسد
الذي لا يلمع في النهار، يلمع في الليل.
نحترم الفضيلة لدى الإنسان الذي نعرفه، وننظر إلى ملابس الإنسان الذي لا نعرفه
تحت قبعة قديمة قد تجد عقلا متفتحا،هكذا يبدو مظهر شخص يقرأ: مظهر لا أحد"
فتحت عينيها ونظرت مباشرة الى عينيه وقالت ""لك الظاهر، ولكن لا تحكم بناء عليه"كان لا يزال مدهوشا وكانه اجثت من عالمه ورمي الى الظلام ،اخيرا استيقظ من دهشته وقال "اتريدين القول انك تكررين على تلاميذك هذه الامثال المعقدة"ابتسمت وقالت "كنت اكتبها كل يوم على السبورة ،انها درس اخلاقي سيرافقهم مدى العمر ،عملت جاهدة على حفر هذه الافكار في عقولهم حتى تدخل في تكوين شخصيتهم عند النضج لذلك تراني احفظها غيبا "قال لها وهو يبتسم ساخرا "لانك تعانين من عقدة ولا تريدين للاخرين عيشها "ردت عليه "لا لست معقدة "رد "ابدا انت معقدة يمكنني معرفة ذلك بسهولة "اخذت سلام نفسا عميقا وهي تفكر لما تريده ان ينظر الى جوهرها ويتجاهل مظهرها ،لما تريده ان يهتم بها ،انها بالتاكيد ليست بدايات حب ،تعرف ان كل ما قراته لا يعدو قصص خيالية ،لا وجود لحب من النظرة الاولى ،لايمكن ان تقع في حب شخص فقط لانه وسيم ويشبه ابطال الروايات ،قال لها "ما بك لا تردين "رفعت راسها وقالت "لست سوى مغرور "كانت في الواقع ترد على نفسها ،ضحك وقال "وسيلة بدائية للدفاع عن النفس ،اعتقدت ان ردك سيكون اقوى بعد سلسلة الحكم والامثال التى روعتني بها ،اليس الامر انك تحفظينها فقط دون ان تؤمني بها ؟"ردت "كلا بالطبع ولكن المغرورون امثالك لا يسمعون الا صوت عقولهم فقط ولذا اعلم اني لن اجد في مناقشتك فائدة او حتى تسلية "سالها "وكيف علمت اني مغرور ،اننا تقابلنا للتو؟ "اخرسها سؤاله انه يفوز عليها ان شعورها بالنقص هو الذي ولد لديها هذا الامر ،انها تريد ان ترضي نفسها بفكرة وهي لانه مغرور فهو لن ينظر اليها ،لا تريد ان تصدق انها لا تلفت اليها اي رجل طبيعي ،تنهدت وفكرت وقالت" انه الحدس" سكتت وتابعت وهي تنظر اليه نظرة قوية "يمكنك القول انه حدس امراة "فكر داود وقال "الحدس اذن.... عليك ان لاتكوني بالسذاجة لتصدقي حدسك دائما ،احيانا يرتبط الحدس بما نرغب ان نصدقه" استنشقت الهواء البارد وقالت لنفسها "لقد فاز "،لذلك قررت ان لا تكلمه بتاتا ما تبقى لها من الطريق لاتريد ان تظهر بمظهر الغبية الساذجة امامه ،عادت لتنظر الى النافذة متجاهلة تماما الرجل الجالس الى جانبها ،فكر داود "لقد انهت الحوار ،بالرغم من انه كان ممتعا "نظر اليها وفكر يمكن ان تكون مسلية قليلا " ضحك وهو يردد على نفسه "لا باس ببعض التسلية فقد مللت الروتين "،لم تلتفت سلام اليه عندما ضحك ،بل ضمت يديها بقوة لقد علمت انه يضحك بسببها .
بدا لها ان الطريق قد طالت اكثر مما يجب عندما وصلت اخيرا لمنزل خالد،نزلت بهدوء مصطنع لانها كانت تنفجر من الداخل ،دخلت المنزل بعدما فتحه داود بالمفتاح ، كان يبدو فارغا نبض قلبها سالت داود "اين الاطفال ؟"تنهد وقال "اخذتهم جدتهم "قالت "لا " بعد لحظة صمت قالت "انك لم تخبرني سابقا "رد "خالد اكد لي ان لا اطلعك على الامر الا عندما نصل ان اردت الصراحة فانا لا افهم السبب "نظرت الى المنزل وقالت بحزن "ان الامر مؤلم ماذا عن السيد خالد اين هو ؟"رد "انه في المشفى ان اردت ان نذهب الان ..."كان داود يفضل ان تاخذ حماما منعشا تغير فيه ما ترتديه ،كان ليشعر بعظيم الخجل وهو يرافقها الى المشفى وهي بهذا الشكل،قالت "لا علي ترتيب اموري اولا"حتى لاتقول ان عليها اخذ حمام فوري ،فهم داود الامر وقال "انا ساشرب شيءا منعشا بانتظارك "قالت "حسن اظن اني ساقيم في غرفة الضيوف "دهش داود وسالها "اذن انت تعرفين المنزل "ردت "سبق وزرته بالاذن منك "واخذت حقيبتها وصعدت الدرج ،اخرجت من حقيبتها افضل ثوب لديها كان لونه ازرق سماوي كانت تحضر به حفلات نهاية العام ،كانت تحافظ عليه جيدا كان يبدو جديدا ،واسرعت للحمام ،استحمت بالماء البارد كما ارادت ،اخيرا عندما خرجت شعرت بالانتعاش والحيوية ،جففت شعرها الاسود الناعم بمجفف الشعر وتركته ينسدل كشلال خلف ظهرها ،عندما نظرت الى المراة بدت اكثر شبابا وحيوية ،فكرت لوكانت تملك ادوات تجميل لكانت وضعتها على وجهها ،نزلت بعد ذلك كان داود واقفا اسفل الدرج عندما التفتت اليها تسمر للحظات بدت له مختلفة تماما وكانها امراة اخرى ،ابتسمت سلام لرد فعله وقالت "انا مستعدة".
"
|