كاتب الموضوع :
عبير بن ناصر
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: رواية أنا هنا للكاتبة : bella snow
الفصل الثالث
"الحقيقة المرة"
التأمل بأن غموض يوسف قد يزول هو ضرب من الجنون..فما أن حضر ضيفه والذي تبين أنه ابن أخ العم أحمد واسمه "خالد" ..والذي سررت بلقائه ..فقد تقابلنا كثيرا عندما كان يزور الميتم....حتى خرجنا من البيت و صعدنا السيارات..انا ويوسف بسيارة الاخير أما خالد فبسيارته الخاصة...طول الطريق لم أشأ أن اسأل أي سؤال ...وعم صمت موحش داخل السيارة....الى أن توقفنا أمام منزل جبلي خلاب ...يقع خارج المدينة...سحرني اللون الأخضر ...لكن للأسف قليل من هم الذين يدركون قيمة الطبيعة فحقا صدق من قال إننا لن ندرك روعة الجمال في الطبيعة إلّا إذا كانت النفس ثريبة من طفولتها ومرح الطفولة ولعبها وهذيانها...نزلنا من السيارات و دخلنا المنزل ...بقيت عيناي تتفحص البيت ..شبرا شبرا وزاوية بزاوية ...للحظة شعرت بأن هذا المنزل مألوف لدي...انتبهت الى يوسف ونظرة الألم التي احتلت عينيه ...ابتسمت له وقلت(هذا المكان رائع ..أيمكنني التجول في الخارج قليلا..لن ابتعد أعدك)...في بادئ الأمر رفض ثم دار بينه وبين خالد حديث نظرات لم أفهمه..ولم اهتم ..فأنا أريد فقط الاستمتاع بهذه المناظر الخلابة...احتل الغضب ملامح يوسف ...فتركنا وذهب ...احترت ما به أيغضب لأنني اريد التجول ..ما بال هذا الرجل؟؟ ...قال لي خالد( لا عليك ملوكه ..انه فقط يقلق عليك ....يمكنك الذهاب ) ابتسمت له وشكرته ثم غادرت راكضة...لا تتعجبوا من مناداته لي بملوكه فهو يعرفني منذ اتيت الى ميتم عمه... كان الجو مشمسا لطيفا شعرك بالراحة ..تحيط بك الخضرة من كل جانب ..تستنشق الهواء العليل ..زقزقة العصافير تطرب آذانك ..من يريد حياة أفضل من هذه..الهي لقد أغرمت بهذا المكان ...أخذت أتجول ..وادور حول نفسي ..الى أن سمعت ضحكات في المكان..أخذت التفت يمينا وشمالا ..أبحث عن مصدر هذه القهقهات ..فلم أجد أحدا.. ثم لمحت أرجوحة على شجرة عملاقة ...ركضت نحوها ..ثم جلست عليها فسمعت صوتا يقول (ابنتي ...لا تبتعدي كثيرا) ارتعبت..بسبب هذه الأصوات ...أغمضت عيناي ثم فتحتهما ..فرأيت رجلا يركض خلف ابنته ويحمل حبلا..هذه أنا وذاك الرجل أيعقل انه والدي؟..أهذا منزلنا؟..أم أنني بدأت أهذي...وقفت من على الارجوحة وأمسكت برأسي بين يدي واخذت اتراجع للخلف...أشعر بأن رأسي ستنفجر ...صور كثيرة لأحداث متفرقة وغير مرتبة تمر بين عيناي...شعرت بالخوف فعدت مسرعة الى البيت ...دخلت فوجدت يوسف يجلس على اريكة وسط غرفة الجلوس عندما رآني مرتعبة والهث وقف بسرعة وسألني بقلق (هل أنت بخير؟) اومأت ايجابا ..فبدى لي كأنه لم يصدقني..اذ نظر الي بارتياب و قال( ان كنت متعبة فاصعدي الى غرفتك ...الغرفة الثانية على يمين الدرج) لم ادرك كيف صعدت الدرج وتوجهت نحو الغرفة وتلك الافكار تحوم حول ذهني كما تحوم الطيور على الفريسة..أيعقل ان يكون من رأيته هو والدي ؟؟ ...فتحت باب الغرفة ..ولجت الى الداخل ثم اغلقته خلفي...كانت الغرفة واسعة ونظيفة لابد وأن يوسف يعتني بهذا المكان..توقف نظري على منطقة واسعة نوعا ما من الارضية الخشبية بجانب السرير تبدو باهتة اللون..وفجأة شعرت بأنني نقلت الى زمن آخر..فقط سيل من الذكريات والمشاهد داهمتني ... تتكرر بسرعة بشكل غير مرتب ...الى ان اخذت تتباطأ وتتوضح نوعا ما...
توقف عقلي ..عند مشهد واحد..أكثر ألما..وأكثر دموية...* ادخلتني امي الى الغرفة وهي تلهث طلبت مني الاختباء اسفل سريري واغلاق اذني وعدم صدار أي صوت (امي انا اشعر بالخوف) اجابتني مطمأنة ( سنكون بخير عزيزتي ..هيا الآن ) امتثلت لأمرها ولم اعد ارى أي شيء فقط حذاء والدي الذي قدم ويسأل امي عني ..وحاول ان يبعث قليلا من الهوء اليها (عزيزتي..لا تقلقي سأحميكي وسأحمي ملاك..لا تقلقي اتفقنا؟) ثم فجأة فتح الباب بقوة لم اسمع شيئا سوى والدي الذي قال (انه انت كيف..( ثم انقطع صوته....تلاه صوت صراخ والدتي والتي انقطع صوتها هي الاخيرة...وفقط سائل احمر قان بلل ثيابي ...وحذاء اسود اراه ..شعرت بالخوف..خفت ان يؤذيني هذا الرجل ...وما ان حل سكون بالغرفة حختي خرجت من اسفل السرير ..فرأيت
والدي والدماء تغطيه من كل مكان ..رأسه تنزف بشدة.. وبجانبه والدتي ...توجهت نحوها وجسدي كله يرتجف .. جلست ارضا بجانبهما ..احاول ايقاظهما..وارجوهما ألا يتركاني وحيدة هنا..... نظرت الى والدتي فكانت ما تزال على قيد الحياة ..نظرت نحوي وابتسمت ..بينما انا نزعت سترتي ومسحت رقبتها من الدماء التي لم تتوقف عن التدفق...أمي أعد سأساعدك في أعمال المطبخ...وسأنظف غرفتي لوحدي ..فقط انهضي أمي ارجوك .." .....أخذت اصرخ واصرخ رفضا لهذه الحقيقة ..فشعرت بشخص يمسك كتفاي ويهزني بعنف ...بينما هستيريتي لم تتوقف ...بل خيل لي أنه أحد القاتلين يريد قتلي ..(ابتعد عني ..اتركني ...لقد.. قتلوهما... قتلوهما...ابي .أم...) سمعت صوت.. يوسف يحاول أن يهدئني مرددا( ملاكي انه انا يوسف ..انظري الي ارجوك) لم اقدر على فتح عيني ...هذا كابوس وانا اريد أن أستيقظ منه لا يمكن أن يكون واقعا..لا اريد التصديق ...ظللت انكر تلك المشاهد التي يسترسلها دماغي الا ان لم أعد اشعر بأي شيء حولي...
حمل ثقيل يجثو على صدري...أتنفس بصعوبة..وأشعر بقلبي ينقبض وينبسط بألم ...شعرت بأحد يشد امساكه بيدي ..فتحت عيناي بصعوبة..فلمحت وجهه .انه يوسف ..ابتسم لي بحزن وقال( لا تخافي انا هنا بجانبك) ...لم ارد .بل لم استطع ..أخذت دموعي بالنزول ...أكره نفسي حين أصمت..فتخرج الكلمات من عيني.. لتقول ما عجز لساني عن قوله...اريد ان الومه..ان اعاتبه وأصرخ في وجهه لما ذهب؟... لم لم يودعني عندما رحل. ..سحبت يدي من يده ...وأشحت بنظري عنه ....أغمضت عيني وتذكرت احداث يوم رحيله/*كعادتي كل صباح احمل حقيبتي المدرسية ..واتوجه الى بيت يوسف ليوصلني في طريقه الى المدرسة ...عبرت بوابة المنزل..ثم أخذت أدق الجرس واصرخ بصوتي الطفولي ( يوسف..لقد تأخرنا...الا زلت نائما) ..انتظرت طويلا امام الباب لكن احدا لم يرد...استدرت مغادرة..قلت لنفسي (.يجب ان اعتمد على نفسي اليوم)..في الطريق صادفت احد جيراننا فقال لي"ملوكة ..بعد ان رحلت عائلة جلال ..ستذهبين للمدرسة بمفردك) ..نظرت له بتعجب وقلت رحلوا؟؟؟) قال (الم تعلمي..لقد غادروا ليلة البارحة)*/
انتشلني من هذه الذكريات المريرة..صوت ميساء صديقتي فتحت عيناي وهمست بصوت مكتوم"حبيبتي" احتضنتني بقوة ...هذا ما كنت احتاجه..حضن حنون ..فما أجمل الغرباء حين يصبحوا أصدقاءا ...ابتعدت عني وقالت (حبيبتي كيف تشعرين لقد ارعبتنا عليك) ثم تابع علي( حمدا لله على سلامتك ..ملوكة) ابتسمت وشكرتهما عن زيارتهما ..اخذا يحدثانني عن الدراسة و تنسيق الجامعة واننا لم نكمل مخطط العطلة الذي انجزناه..وطبعا ميساء الثرثارة لم تتوانى عن اخباري عن قلق يوسف وخوفه ..وكيف اخذ يلوم نفسه ..كما علمت منها عن زياة العم احمد لي بالاضافة الى والديها عندما كنت غائبة عن الوعي طوال يومين..بدون ان تنسى ذكر كم ان يوسف وسيم..وانني محظوظة لكونه بجانبي..علي ان اعترف بأن جزءا مني سعيد لكونه هنا بجابني وكوني تذكرته ..لكنني لا زلت عاتبة عليه لرحليه ..او لنقل احاول الادعاء....
أتمنى ان يعجبكم الفصلين
وارجو منكم ابداء رأيكم
|