كاتب الموضوع :
نها عبدالخالق العرجا
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: روايتي الثانية: آهات عزفت على أوتار الألم/ بقلمــــي
وفي شقة من شقق أحد الأبراج الواقعة في حي الرمال بمدينة غزة
**حين يموت الضمير**
يُصبح الانين الآدمي كمعزوفه رومانسيه من قيثارة فريده
كيف لها أن تتقبل العيش معه بعد ظلمه لها، أتدرون ماذا يريد منها أن تفعل، أراداها أن تبحث له عن زوجة أخرى، طلبه كان صدمة لكن الصدمة الأكبر ابتسامتها: ما عندي اعتراض بس قبلها تطلقني، بتعرف أعيش بالشارع ولا أعيش معك
قهقه بنشوة: أنا مستحيل أتجوز بعد اللى شفته بس كنت بدي أشوف ردة فعلك يا أفريقيا
كبرتُ وعلمت أن مرارة الخيبة لا تُحكى وأن طعم الخذلان قد يكون مميتاً، تجاهلت كلامه وماذا عساها أن تجيبه فهو معدوم الضمير، قلبت صفحات كتابها الفيزياء هذه المادة تعشقها لطالما أحبتها، سُحب الكتاب من أمامها وتناهى الى مسمعها كلماته الساخرة: لا شطورة طول اليوم دراسة، كم أخدتيها السنة الماضية يا أفريقيا قصدي يا آسيا
نظرت له بهدوء، لأول مرة تلاحظ جرحا بحاجبه الأيسر ملامحه جميلة وجذابة لا تنكر هذا، فعيونه عسلية اللون واسعة وفمه متوسط الحجم وبشرته بيضاء لوهلة اعتقدت أنه أبيض منها، إنه نحيف بشكل كبير لو أنه فقير لاعتقدت أنه لم يأكل لمدة أشهر، قاطع أفكارها كفاً تلوح أمام وجهها: هييه مالك سرحانة لتكوني معجبة فيّا
لا تعلم لما فقدت أعصابها من كلمته: والله لو أحلى واحد بالعالم ما أعجب فيك الجمال جمال الروح مو جمال المظهر
بانت ابتسامة خبيثة على وجهه: اووووه علينا صحيح صحبيتك ما بتستحي ليه طولت عندك كان باتت أحسنلها
أشارت له باصبعها مهددة: ما تتكلم على صحبيتي يا مصطفى أصلا أنا اللي ترجيتها تضل عندي
تجاهل كلامها، شعرت أنه متناقض ألديه مرض بعقله فما من عاقل يفعل مثله: بتعرفي بعد بكرة هنروح شقة تانية
صدمت من كلامه كيف يقول هذا الكلام بكل بساطة، فتح التلفاز ورمى الكتاب أمامها ورفع صوت التلفاز الى حده الأقصى، وضعت اصبعيها في أذنيها بانزعاج: وطي الصوت
لم يستجب لها، أخذت حقيبتها المدرسية وكتابها الفيزياء وجوالها، وخرجت من الغرفة بضيق من صوت الأغاني العالي لكن يده أوقغتها: هاتي الجوال بسرعة بدون جدال
لن تعطيه إياه مهما يكن، فالجوال هو الذي يوقظها الى صلاة قيام الليل، صحيح أنها تستيقظ من دونه لكن تخشى ألا تستيقظ فمن الذي سيوقظها بعد ذلك، أراد سحب الجوال من يدها بعنف وبالرغم من أنه لم يستطع، إلا أن كفها سالت منها الدماء فأظافره كالشيطان على ما يبدو أنه لم يقصها طوال حياته، رص على أسنانه بقهر: هاتي جوالك وإلا هالليلة ما هيحصل خير
تنرفزت من كلامه وبعنادها تحدته فأظافره آلمتها: ما هأعطيك الجوال واذا انت شاكك فيني ليه ما تطلقني
أخذ الجوال بعنف فتهاوت على الأرض، شعرت وكأن رأسها انقسم لنصفين فرأسها اصطدم بالأريكة، شتمته ودعت عليه أن ينتقم الله منه، نظر لها بابتسامة شامتة: خلي عنادك يفيدك
وجلس على السرير وكأن شيئا لم يكن، وقفت بتعب وهي تشعر بألم شديد برأسها وظهرها
بعدها مشت ببطء وهي تعض على شفتيها من الألم، إلاما ستحتمل العيش معه، كتمت دموعها بقوة وخرجت من الغرفة، تمددت على الأريكة التى بالصالة وهنا الدموع تمردت لتحكي حكاية من حكايا الظلم التي تعيشها بطلتنا آسيا يومياً، تساءلت وقلبها يخفق بعنف من سيعيد ترتيب حياتها المبعثرة، شعرت بشيء دافئ فوق رأسها تحسسته بخوف وانصدمت عندما أحست بشيء لزج لامس كفها نظرت الى يدها المليئة بالدم هنا أيقنت أن الدم يتدفق من رأسها، احتارت ماذا تفعل دبَّ الخوف بقلبها، هل ستموت قبل أن تثبت براءتها، هل ستموت وتدفن معها الحقيقة، هل ستموت ووالدها غاضب عليها، هزت رأسها بعنف لا لن تسمح بهذا ذهبت الى غرفتها هي وذاك الوحش وهي تشعر بأنه سيغمى عليها بأي وقت، شعرت أنها بذلت جهداً كبيرا حتى وصلت الى الغرفة، نظرت إلى رأسها أمام المرآة رأت شعرها مليء بالدم ذهبت الى الحمام ( أعزكم الله ) وهي تمشي خطوة وتتوقف خطوة، والوحش الذي على السرير مندمج مع الفلم الذي يشاهده وصلت أخيراً فوضعت رأسها تحت الماء لترى من أين يتدقف الدم، أغمضت عينيها بوهن فصداعٌ شديد ألمَّ بها، تحسست رأسها لتعلم من أين يتدفق الدم وأخيرا علمت مكانه وضعت يدها لتمنع تدفقه، خرجت من الحمام ( أكرمكم الله ) واتجهت نحو الدولاب وأخرجت صندوق الاسعافات الأولية ومرآة صغيرة دعت الله ألا يغمى عليها، عقمت الجرح الذي برأسها وهي تنظر بالمرآة الصغيرة ووضعت لاصق جروح فوقه، صحيح أن الجرح صغير لكن على ما يبدو أنه عميق ربطت قماشة على رأسها وشدتها بقوة حتى يتوقف تدفق الدم وعقمت الجروح التى بيديها ووضعت فوقها الشاش، بعدها ارتخت يديها وشعرت أنه سيغمى عليها بعد ثوان، حمدت ربها أنها عقمت جروحها وإلا لكانت هذه النهاية
|