كاتب الموضوع :
نها عبدالخالق العرجا
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: روايتي الثانية: آهات عزفت على أوتار الألم/ بقلمــــي
&&الوتر الأول&&
&&الآهة الثالثة&&
&&الجزء الأول&&
&&هدية القدر&&
ترددت أسيل بالذهاب، ولكنها كانت خائفة على أمها لذلك قررت أن ترجع للبيت، شعرت ببصيص من الأمل ينير حياتها، فهي متأكدة أن الله حنن قلب أم هاني عليهم لتسامحهم وجعلها لا تطالب بالمال الذي سرقه أخاها مهند، كانت تود الذهاب إلا أن هناك يدا أمسكت كفها، استدارت للخلف ببطء وبسرعة البرق سحبت يدها بحدة: قليل أدب كيف بتتجرأ تمسك ايدي
نظر لها الشاب بملامح جامدة كانت ترتدي مريولها الأبيض المخطط باللون الأزرق الكحلي وبنطلون اسود باهت وشالة بيضاء: شو اسمك
أيسألها عن اسمها، بصفته من يسألها وبعصبية كبيرة أجابته أسيل: انت ايش خصك باسمي، شب وقح
نظر لها نظرات غريبة وتكلم بحدة: احترمي نفسك وصوتك ما ترفعيه
كادت أسيل أن ترد عليه إلا أن أم هاني مدت له كرتونتين من التمر وهتفت متفاجأة: أسيل انتي ما رجعتي بيتكو لهسه
أسيل وهي تنظر الى الشاب بضيق: هسه راجعة
واستدارت لتكمل طريقها، صحيح أنها بقيت عند أم هاني تساعدها الى الساعة الثالثة عصرا ولولا مجيء أم محمد وسؤالها عن والدها لبقيت معها لكن أم هاني أخبرتها أن ترجع الى بيتها من قبل لكنها رفضت ولكن الآن لم تخبرها بل أمرتها أن ترجع الآن، ظلت تفكر في حجة تستطيع أن تقنع بها أمها عن سبب تأخرها، صحيح أنها أخبرتها أنها ستتأخر لأن المعلمة أخبرتهم أنها تود تدريبهم هي وبعض الطالبات على مسابقة الرياضيات، لكن أمها ليست غبية لتصدق هذا، فما من معلمة تؤخرهم لهذا الوقت، وصلت الى البيت أخيراً، رأت هاني جالس على عتبة باب بيته يمسك عودا ويخط به على التراب، يبدو أنه يغكر بشيء ما، أحيانا تشعر أنه متناقض بكل شيء، فأحيانا يدافع عنها وأحيانا يقهرها، أخفضت رأسها بسرعة وابتسامة جميلة علت ثغرها، وبخت نفسها على التفكير الذي طرأ على مخيلتها، ودخلت الى بيتهم بسرعة رأت مصعب جالس يبكي أمام غرفة والدتها، خفق قلبها ورسمت عدة لوحات مؤلمة في مخيلتها عما قد حصل، أحصل مكروه لوالدتها؟؟!
دخلت الغرفة بسرعة دون أن ينتبه لها مصعب، وجدت والدتها جالسة على فراشها تبكي ووجهها شاحب هنا أيقنت أنه حصل مكروه لأحد أفراد عائلتها، وكعصفورة مكسورة الجناح تهاوت على الأرض إلا عائلتها لا تتخيل أن يشاك أحدهم بشوكة، أحيانا الحروف ترجع السعادة إلينا: أسيل ليه تأخرتي خفت يا ماما عليكي
اذن بكاءهم كان من أجلها، وكالوردة العطشانة ارتمت بحضن أمها لترتوي من حنانها، مسحت الأم على شعر صغيرتها لم تتوقع أن تفارقها ولو للحظة واحدة، فهي كل شيء بالنسبة لها فوجئت أسيل بمصعب يبعدها عن حضن والدتها، ويرتمي هو بحضنها أيحبها لهذه الدرجة لم تتوقع هذا، مسحت على شعره الكثيف وهمست: أنا بخير
دفن رأسه بصدرها أكثر: أسيل ليه تأخرتي أنا بحبك ما تتركينا
أتتركهم وكيف خطر على بالك أيها الصغير أن تتركك، ألم تضحي بطفولتها من أجل أن ترى البسمة على شفاهكم، ألم تضحي بالاهتمام بنفسها من أجل أن تعيشوا بكرامة، أكل هذا وتعتقد أنها ستترككم، مسحت دموعها بألم: حبيبي مين حكالك إني هأتركك
دفن رأسه أكثر فأكثر: ما حدا حكالي بس انتى طولتي
همست بسرحان: حبيبي أنا ما هأترككم مهما حصل
ابتعد مصعب عنها كالملسوع: بدي أروح احكي لمؤيد انك جيتي هو راح يدور عليكي
خرج مصعب من الغرفة، التفتت أسيل لأمها بهدوء: ماما حبيبتي صح حكيتلك بدي أتأخر
بالدوام مشان المسابقة
لم تتكلم أمها بل استلقت على الفراش وأشاحت وجهها، أمسكت أسيل يد والدتها برجاء: ماما ما تزعلي مني ما كان قصدي أتأخر لهسه بوعدك ما أتأخر تاني مرة، ولا بدي أفوت مسابقة ولا غيره
التفتت أمها نحوها ونظرت الى عيون أسيل المغرورقة بالدموع: أسيل ما في معلمة بتأخر طالباتها لهالوقت
كما توقعت أسيل أمها لم تصدق كذبتها وفجأة إلا ومؤيد جاء وبيده ظرف فيه تفاح وتكلم وهو يلهث: أسيل هادا لالك هاني بيحكيلك انتي نستيه لما ساعدتي المرأة اللى انكسرت رجلها وبسببها تأخرتي
اندهشت من كلماته لكنها لم تظهر هذا، أخذت التفاح بهدوء، وتتبعت بعينيها مصعب ومؤيد الذين خرجا بسرعة وكل واحد بيده تفاحة وهمست: ماما وأنا راجعة من المدرسة لقيت وحدة واقعة على الأرض كبيرة ساعدتها ووصلتها للمشفى، ما قدرت أمشي وأخليها وبعدها اتصلت من المشفى على هاني مشان يوصلني وبالطريق شريت لالكم تفاح وشكلي نسيته
لانت ملامح أمها الحادة وتكلمت بابتسامة: أسيل ما كان الو داعي تخبي عني هالشيء والله يبارك فيكي لأنك ساعدتيها
أصدقت أمها هذه الكذبة ولكن تساءلت لما هاني فعل هذا، قطع حبل أفكارها هزة على كتفها ونظرات أمها المستنكرة: أسيل من وين لالك فلوس لتشتري تفاح
تكلمت بثقة ومن يراها يستحيل أن يكذبها: الفلوس كانت معي من قبل واخواني من زمان حكولي نفسهم بالتفاح وأنا ما حبيت أكسر بخاطرهم
تنهدت أمها بتعب: الله يهديكي بس ما كان الو داعي تجيبي كل هالتفاح، كان جبتي لكل واحد تفاحة وخلص
لم ترد على أمها بل سرحت الى عالم بعيد، هل هاني أراد أن يخبرها بشيء من فعله هذا، هي ستدفع ثمن التفاح الآن فهي لا تريد منة من أحد، وقفت بسرعة تحت نظرات أمها المستغربة، وذهبت الى الغرفة الأخرى وأخذت بعضاً من المال التي تحتفظ به للأيام الصعبة، وخرحت من البيت كانت الحارة شبه خالية، اتجهت نحو بيت هاني طرقت الباب بهدوء عدة طرقات، لكن لم يفتح لها أحد أدركت أن البيت خالي، استدرات لتذهب إلا أنها سمعت صوت الباب يفتح، التفتت بسرعة فرأت شخصا لأول مرة تراه بالحارة سألها ونظراته الخبيثة بعثت الخوف في قلب بطلتنا الصغيرة: شو بدك
ترددت بقول ما تريد نظرت للبيت مرة أخرى لتتأكد من أنه منزل هاني، وبالفعل كان هو: هاني موجود بالبيت
هز رأسه علامة الموافقة أزاح لها الطريق وابتسامته الخبيثة تعلو ثغره، دخلت وهي تتصنع الثقة فهي تريد أن ترجع المال لهاني بأسرع وقت، رأت أمامها أبو هاني ارتعدت فرائصها من الخوف، اقترب منها وهو يتأملها من رأسها الى أخمص قدميها، أشعرها من نظراته أنها لا ترتدي شيئا سألت بتلعثم من شدة الخوف ووبخت نفسها لأنها دخلت: عمي وين هاني
شعر أنها فرصته الوحيدة لينتقم من ابنه،وخاصة وأن بيدها على ما يعتقد مالاً، نظر لها بحنية مزيفة: شو بدك يا بنتي
لم ترتاح لنظراته ولكنها همست: عمي بدي هاني مشان أعطيه شيء
تناهى الى مسمعها: اووووه مين هالحلوة يا أبو هاني بتعرفها
شعرت وكأن الأكسجين قد انتهى، هربت بسرعة نحو الباب لكن يد أبو هاني أوقفتها، وبلمح البصر عضت يده بقوة ليتركها، صدمت عندما رأت الشخص الذي فتح لها يقف أمام الباب، اتجهت نحو الحمام بسرعة ( أعزكم الله )فهو الوحيد الذي له باب بكل المنزل، أغلقت باب الحمام بسرعة وأقفلته بالقفل نظرت حولها كالمجنونة تبحث عن شيء تضعه على الباب حتى تمنعهم من الدخول، ففتح الباب سهل عليهم فالقفل محاط بالصدأ، لكنها لم تجد شيء بكت بصوت عالٍ، شعرت بقرب نهايتها تمنت لو أن ذاك هنا ليدافع عنها، هو الأخ الذي لطالما حلمت فيه وذاك الحبيب الذي يشعرها باهتمامه وذاك الأب الذي يغرقها بحنانه، تراءت أمامها كل حياتها في كل مرة هو الذي ينقذها من كل مشكلة تمر بها، الآن ولأول تشعر بأهمية وجوده في حياتها، سمعت صراخ أبو هاني: يا حيوانة افتحي الباب بسرعة اطلعي برا
وبعدها سمعت صوت همسات، زادت دقات قلبها بسرعة إلاما يخططان، صرخت بصوت عالٍ منادية هاني ولكن لم يتجاوز هذا الصوت فيها ناداها أبو هاني بهدوء: يا بنتي مو كويس انك تضلك بالحمام الله يعزك
كلمها مراراً لكنها لم ترد عليه، شعرت أنها متهالكة القوى، حذرها هاني مراراً من أن تدخل بيتهم في غيابه، غبية وألف غبية، طرقات على الباب بعنف، وبأي لحظة سيتهاوى الباب يا ليت أمها منعتها من الخروج، ذهبت الى الزاوية واحتضنت نفسها، فُتح الباب بعنف فأغمضت عينيها بشدة
|