كاتب الموضوع :
نها عبدالخالق العرجا
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: روايتي الثانية: آهات عزفت على أوتار الألم/ بقلمــــي
في أحد البيوت الواقعة بحي الجنينة بمدينة رفح
أميرتي أنتي أرقى حكايه أتنفس من حروفها، أتلذذ بوجودها لا أستطيع فراقها، أنتي أمر عجزت عن تفسيره بكل نبضاتي .. أحبك ..
قرأها للمرة الألف وبدل أن يرسلها مسحها رمى الجوال بجانبه بضجر، نظر إلى السقف بشرود تساءل عن سبب غيابها ودَّ لو يراها الآن ولكن الفرصة غير متاحة، لم تتقبله حتى الآن برودها يغيظه فهو متأكد أنها كانت على علاقة مع ماهر، لكم يقهره هذا ويجعل الدماء تغلي في عروقه، تفاجأ بشخص يمسح على شعره ابتسم عندما خطر بباله من تكون، أدار رأسه ببطء فانعقد لسانه لرؤيتها تساءل عن سبب وجودها لكن لم يدم تساؤله طويلا " فارس بتمنى منك تسامحني أنا عارفة اني ظلمتك انت وأختك لكن انت عارف انو هادا الشيء مو بايدي وخارج عن ارادتي "
نظر لها بملامح جامدة: والمطلوب
علا صوت نحيبها هي لم تظلمهم كانت خائفة على بناتها كانت تشعر بالضعف ففقد ابنتها أوجعها إلى حد الألم، أبعد كفها عن شعره وظل متمسكا بها فاجأها بسؤاله: بدك إياني أكلم أبويا مشان آسيا
وضعت كفيها على وجهها وبدأت بالبكاء بصوت عالٍ، همست من بين شهقاتها: والله بنتي بريئة ومرات عمك حقودات ما بحبوني لهيك ظلموها وخاصة هنادي الحقيرة
فارس بغضب: صح احنا انتهينا من هالسيرة بيكفي انك بتزوريها من غير ما أبويا يعرف، لكن هيا ما هتدخل هالبيت لو شو ما صار
صاحت بقهر الأم على وليدها، لولا خوفها من الطلاق لعاندتهم جميعهم ولكن ما ذنب صغارها أن يعيشوا مشتتين: زرتها مرة وحدة هيا بدها إياك يا فارس والله حماتها حكتلي كل ما بتمرض بتمتم باسمك ( وهمست بصوت حزين تائه تدمع له القلوب قبل العيون ) خلاص نسيت اللى كنت تحبها نسيت اللى كانت تناديك بابا اللى كانت تعشق كلامك وحافظاه عن ظهر قلب
لم يحتمل فارس كلامها تصنع اللامبالاة وهتف بعصبية: بديش أسمع شيء لو عمرك فتحتي هالسيرة هينحكي لأبويا
لقد وأد أخر أمل لديها، أسبوعين مرا على زيارتها لابنتها طوال وقتها كانت تفكر في طريقة في إقناع فارس أن يزور آسيا، فهو سندها وشعاع الأمل الذي ينير طريقها، هي تعلم أنه قاسٍ بالرغم من ذلك إلا أنه يملك قلب حنون، ولكن اليوم أثبت لها العكس جاء ابنها فراس الذي لم يتجاوز الخمس سنوات تمنت لو أن لديها ابنا كبيرا وجريئا مثل فارس ليدافع عن أخته، احتضنها فراس ومسح دموعه بيديها وهتف ببراءة: فارس ليش ماما بتعيط
فارس باستياء: خلاص انتهى الموضوع ومشان هالبيت ما تصير فيه مشاكل لازم ما ينفتح الموضوع مرة تانية
أم كمال بصوت مبحوح: منهم لله اللى ظلموها بس والله كلكم لتعضوا أصابعكم ندم آسيا تربية ايدك مو عارف كيف شكيت فيها، قلبي معك يا بنتي الله بلاك بأبو وأخو ما في قلوبهم رحمة
غضب فارس من كلامها أراد أن يتكلم لكن احترم وجود فراس، خرجت وهي تضع يدها اليمنى على بطنها المنتفخ وكأن وليدها الساكن بأحشائها شعر بألمها فتألم هو الأخر، وبيدها الأخرى تمسك صغيرها تتبع فارس أثرها وبعينيه تولدت نظرة غريبة وشعور جديد نما بداخله، أيعقل أن كلامها أثر فيه لهذه الدرجة علا رنين جواله ليخمد مشاعر الاشتياق التي لا يعلم هل تولدت بتلك اللحظة، أم أنها رماد متقد يحترق بهدوء، ابتسم بسخرية عندما رأى رقمها تجاهلها مرتين وفي المرة الثالثة رد ببرود: كم من مرة حكيتلك ما تتصلي عليَّا
صكَّ على أسنانه بغضب: يا بنت الحلال أنا واحد خاطب وبحب خطيبتي يا ويلك لو اتصلتي عليَّا
تأفف بقهر بعدما سمع بكاءها: بحكيلك اذا عمرك اتصلتي لأحكي لأهلك
وأغلق الخط فلا يريد أن يوجع رأسه بهذه التفاهات، نظر إلى السقف بذهن شارد شعر بجسد يجثو على بطنه، فاتسعت ابتسامته عند رؤيتها احتضنها لصدره وهمس: كيفك يا عيون فارس
دفنت رأسها بصدره بسعادة غامرة: فارس بدي أروح معك على الجامعة
تفاجأ من قولها فأكملت بطفولة بريئة: بدي أشوف حبيبتك نور
هتف بانتشاء: لا نور هتزورك أما انتي يا عمري أميرة ما بقدر أخلي حدا يشوفك
إنها أكثر من يحب في هذا المنزل، لوت فمها بدلع: هأروح أصلا بابا بدو يوخدني معه
قرص خدها وهمس: أنا حكيت لأ يؤ صح انتي بنتي
صرخت بحماس: فارس ليش نور ما هتعيش معنا
فارس بضحكة: مين حكالك ؟!! هتعيش معنا وبتحبيها طيب يا ملوكة
همست الصغيرة بأذنه اتسعت عيونه بصدمة تنطق شرراً كأنها وحش كاسر يريد ينقض على أي أحد سيظهر أمامه
ننتقل إلى أطهر بقاع الأرض إلى المملكة العربية السعودية في مدينة الرياض
أريد أن يبقى الجميع غرباء كي لا نشعر بخيبتهم فالقرب أحيانا موجع,,!!
ناظر اللوحة التي أمامه بشرود غريبة هذه الدنيا، تحسس اللوحة بأنامله وهو يحاول كتم دموعه، شعر بأحدهم يتمسك برجله انتفض واقفاً ونظر لطفله المتشبث برجله بحقد لكن سرعان ما تحولت نظرته لحنان مغدق، تضايق لردة فعله العنيفة يبدو أنه لم ينسى بعد مد ذراعيه لصغيره وضمه لصدره، سمع همساتها " وسام أبي أسولف معك شوي "
ما لون عينيكِ؟ إنّي لستُ أذكُرُه كأني قبلُ لم أعرفهُما أبدا ..إنّي لأبحثُ في عينيكِ عن قدري وعن وُجُودي. ولكن لا أرى أحد..!!!
التفت لها وبهدوءه المعتاد: اوك
نظر للوحة نظرة غريبة الشمس تكاد تختفي في عمق البحر، وخيوطها امتزجت مع مياءه الصافية وسمكة تقفز باتجاه السماء وكأنها تود لزعانفها معانقة الغروب، خرج من المرسم بعد أن خلع معطفه المملوء بالألوان وكأنه لوحة فنية لطفل أحب أن يكون فنان ذات يوم، أغلق الباب بالمفتاح لأول مرة نسي أن يقفل المرسم على نفسه، أنسي أم أن هناگ سبب أخر ؟!!
هتف طفله بحماس: بابا أبي أروح على بيت عمي سعود
مسح على شعره وهمس: ما تطول بسرعة بترجع
أنزل طفله على الأرض وكلمح البصر رآه يركض باتجاه منزل عمه، تلقائيا توجه بصره نحو تلك النافذة أشاح وجهه ومشي باتجاه منزله متجاهلا كل المشاعر التي تجتاح فؤاده قبل عقله، فالبيوت متلاصقة ببعضها البعض وتحيطها حديقة غناء بإحدى زواياها مرسمه الخاص، ذهب إلى جناحه بسرعة لم يرى أحد في المجلس يبدو أن الجميع نائم، استقبلته زوجته بابتسامة باردة سألها عن سبب استدعائها له وبهدوئها التي اعتادته الفترة الأخيرة: أبويا محتاج فلوس ليجدد الإقامة أبي مساعدتك
نظر لها مطولا وكأنه يفكر بأمرٍ أخر، يبدو أن صمته نرفزها وأخيرا تكلم ببرود: تبي عشرة ولا عشرين ولا خمسين
اعتلى الجمود ملامحها: اللي تبي أنا ما بغصبك
أغمض عينيه لثانيتين أراد أن يتكلم لكن صوته اختفى أخفى ألمه، فليس هناك من يحب نظرات الشفقة الموجهة له، اقتربت منه فجسده المرتجف أشعل رماد الذكريات وقرأت بعض آيات القرآن لتخفف عنه، صرخ بغضب وكأنه انقلب لشخص أخر: ابعدوا عني أنا أبي أموت
واتجه نحو المطبخ وحاول طعن نفسه جاهدته ببكاء، لما أتته الحالة الآن لقد كان هادئا هي تحارب من أجل إنقاذ حياته وهو يحارب من أجل قتل نفسه، فمن سينجح بالنهاية؟!!!
خاطبته بصوت مرتجف: وسام لا تكون أناني اذا ما تبي حياتك احنا نبيها رعد وأخوه ما بيستحقوا انك تعيش عشانهم
العرق الذي يتصبب على جبينه وعيونه المحمرة أنبئها أن حالته خطيرة، الحالة لم تأته منذ فترة باغتته لأخذ السكينة من يده لكنها لم تنجح جرح يده اليمني، فارتعبت عندما لامس السائل اللزج الدافئ كفها أتراها لحظة الفراق..؟!!
صرخت بأعلى صوتها تنادي أهل المنزل لم يسعفها أحد، ارتمت بحضنه لتمنعه من إيذاء نفسه يبدو أن حركتها انتزعته من حالته فتدحرج السكين على الأرض، وكاد أن يسقط هو الأخر إلا أنها تداركت الموقف وأجلسته بصعوبة وهي تزيح السكين بحذائها ( أكرمكم الله ) أصابتها الحيرة وضعت كفها على يده تمنع تدفق الدم الذي ملأ قميصه، أنينه الخافت أحزنها وجال بخاطرها كلمات تراودها منذ ارتباطها به " يا ليتك تخبرني بما يعتمر صدرك ألا تثق بي يا وسام " زاد خفقان قلبها عندما خطر ببالها أن صغيرها سيأتي بأي لحظة، لا تحب لأحد أن يراه هكذا وكأن خوفنا من الأشياء هو سبب حصولها سمعت صوت رعد المرح، دعت الإله ألا يدخل المطبخ، وبالفعل لم يدخل المطبخ لكن سمعت صوت صرخته انتفضت واقفة وكفها ما زالت تضغط على الجرح المتوسط يد وسام، تنهدت بارتياح عندما سمعت ضحكة الشقية لمار يبدو أنها كانت سبب صرخة الصغير، حاولت مساعدة رعد على الوقوف لكنه لم يستجب لها خاطبته هامسة: حبيبي يلا قوم لترتاح
لم تتلقى أي استجابة أسدل جفونه ذاهبا في رحلة موت قصيرة، أرعبها تنفسه السريع حاولت أن تغير من وضعيته همت بإبعاد السكين فتفاجأت بصرخة تامر المصدومة فكل شيء يوحي أن هناك جريمة: قتلتيه انتي ما بتخافي الله
نرجع إلى وطننا الحبيب فلسطين
في أحد البيوت الواقعة في حي الرمال بمدينة غزة كانت هناك فيلا أبو البراء يوم الاثنين الساعة الرابعة عصراً
أَنَّ تَكَوُّنٌ وَحِيد..ٌ!! خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَبَقَّى هَامِشٌ فِي حَيَاةِ أَحَدِهُمْ .!
أشغلت نفسها بالدراسة طوال الأسبوعين الماضيين وتناست كل شيء يحيط بها، فلم تعد تهتم لشيء اليوم هو كان أخر اختبار لديها لقد كان جميل مع أنها واجهت بعض الصعوبة، لا تعلم لما شعرت بفرحة عندما رأت البراء وأصدقاءه يتذمرون من الاختبار يبدو أنهم لم
يجيبوا جيدا، ليس لديها فكرة عن كيفية قضاء هذا اليوم تصرفات البراء الغريبة علمت سببها بالأمس فهناك مذكرة بجواله مضمونها " أنه كان يحب فتاة ورحلت إلى الدار الأخرة دون أن يخبرها بحبه، فحبه لها كان من طرف واحد " لم تعرف اسم الفتاة ولا تود معرفته، الغيرة اشتعلت بقلبها مع أن الفتاة ميتة هي تشك بصدق تلك المذكرة، أتراها خدعة منه أم
ماذا..؟!!
هي ليست غبية تصرفاته المريبة
هي من أوقعت الشك بقلبها
تجاهلته كما يتجاهلها فلم تعد تلك الفتاة التي تذوب عشقا عند رؤيته، أمسكت الجوال ستتصل بمرام لتسألها عن أحوالها فاليوم أخبرتها أن عمها مصر على تزويجها بأسرع وقت..!!
بكاء مرام أرعبها سألتها وقلبها يزداد خفقانا: مرام شو فيه
لم ترد بل زادت شهقاتها وبعد ثانيتين أجابت بصوت مبحوح يملؤه البكاء: رواد خلاص راح
ماذا تقصد سألت كطفل صغير يسأل السؤال مع أنه علم الإجابة إلا أنه يود سماع الإجابة التي تعجبه: مرام وين راح
صرخت مرام بكل ما أوتيت من قوة: ريما قتلوه بدم بارد بس والله لأنتقم منهم
ريما بضياع: كيف ومتى مرام جاوبيني انتي وين
مرام بصوت مرتجف: في مشفى ###
رمت الجوال على السرير وجهزت نفسها بسرعة، أخذت جوالها ومحفظتها وخرجت كلمح البرق حتى أنها نسيت الاستئذان من البراء، هتف يوسف وهو يقف أمامها معترضا طريقها: ريما شو فيه
صاحت باضطراب: بدي أروح ع المستشفى هسه
يوسف بقلق: ليه شو فيه
هنا انهمرت دموعها بقوة وهمست ليبتعد عن طريقها: أخو صحبيتي بالمشفى
يوسف باستغراب: ريما ( وعندما استوعب الأمر نظر لها بحزن ) قصدك رواد خلاص تعالي أوصلك بس احكيلي أي مستشفى
ريما ببحة حزينة: مستشفى ####
ركبت معه السيارة مد لها زجاجة ماء لكنها اكتفت بالضغط على أزرار الجوال، لتتصل على
مرام همس لها يوسف مواسيا: ريما سدقيني هو بخير بس انتي هدي نفسك
ريما بتوهان: قتلوه حسبي الله ونعم الوكيل عليهم
يوسف بصدمة: مين قتله صح هو مريض
ريما بقهر محاولة الاتصال بمرام: ما بعرف مين ليه مو راضية ترد يا ربي
تنهد يوسف متمأملًا الطريق الذي أمامه: ريما عندنا وصلنا استهدي بالله
حاولت إخفاء دموعها لكنها لم تستطع شعرت بانقباض في قلبها، فوضعت كفها محاولة تخفيف الألم، وصلوا إلى المشفى فنزلت بسرعة رأت سعاد زوجة عم مرام ودت قتلها لم تنتبه للدموع التي تغشي عينيها، اتجهت نحوها بلا شعور إلا أن هناك يدا أمسكت كفها استدارت ببطء فرأت عمها أحمد سألها بحنية: يا بنتي ليه جاية هون
يوسف بنظرات حزينة: رواد مريض
أحمد بشفقة: مين حكالكوا
حاولت ريما سحب كفها بقوة ونجحت في ذلك وذهبت بسرعة إلى المكان الذي طالما زارت فيه الصغير رواد، سألت عن اسمه فأخبرتها إحدى الممرضات أنه في قسم العناية المركزة ذهبت كالمجنونة، فوجدت صديقتها مرام جالسة على الأرض متكورة في الزواية تبكي، لم تصدق أهذه مرام القوية اتجهت نحوها كطفل تائه وجد أمه أخيرا، هتفت بعدم استيعاب: رواد وينه
لم ترد عليها مرام بل اكتفت دموعها بالانهمار، خرج الطبيب من الغرفة توجه نحوه قلب مرام قبل جسدها، هز الطبيب رأسه بأسف صرخت ريما: شو يعني انتو بتقتلوا الناس وبتعملوا حالكو دكاترة
مرام بهدوء غريب: شكرا يا دكتور
الدكتور بحزن: يا أختي احنا عملنا اللى علينا
ريما ببكاء هستيري: حسبي الله ونعم الوكيل
اقتربت منها مرام: خلاص يا ريما الدكتور مو بايدو شيء والله لأنتقم من كل واحد كان سبب بموته، بطل يهمني شيء بعد رحيل الغالي
ريما بصوت مبحوح: مرام رواد عايش هو لا يمكن يتركني
جاء أحمد عم ريما وهتف باستنكار: شو فيه
الدكتور بشفقة: أخوهم توفى
اقترب أحمد من ابنة أخيه وربت على كتفها مواسيا: يا بنتي هادا مصيرنا كلنا وهو كان مريض من الأول
ريما وهي ترتمي بأحضان عمها: بس هو امبارح ما كان فيه شيء هم قتلوه
مرام بحقد: ما تخافي يا ريما حق رواد هاخده لو الثمن موتي
أحمد بقلق: لا حول ولا قوة الا بالله احكيلي يا بنتي شو فيه
الدكتور بأسى: دكتور أحمد المريض كان فيه جروح وخدوش وكتبنا تقرير
همس أحمد لابنة أخيه: ريما لازم تكوني قوية مشان تواسي صحبيتك
مرام مصطنعة القوة: يا عم ما بدي حدا يواسيني أنا قوية
سعاد التي جاءت الآن: يا بنتي كيف رواد
ريما بغضب: قتلتيه وبتتكلمي ( واتجهت نحوها كالوحش الذي يود الانقضاض على فريسته )
هتفت مرام: سعاد ما الها دخل بأي شيء بالعكس هي دافعت عنو
وفي شقة من شقق أحد الأبراج الواقعة في حي النصر بمدينة غزة شقة الحاجة رحيل يوم الثلاثاء الساعة السابعة مساء
أجهل تلك النبضات التي تطرق قلبي عنوة، أهي اشتياق أم همسة حنين جائرة..!!!
طيفه لم يفارق عقلها لحظة، باغتتها أختها الصغيرة بقبلة ابتسمت لها بمحبة فهتفت الصغيرة: شهودة أبلتنا بالروضة حكت أنا أشتر وحدة
صاح البراء بقلق: مها شو مالها ايدك تعالي نروح على المستشفى أحسن
مها بحدة: مالك خص
البراء بضيق: مها بتعرفي انك سخيفة هو أنا بقدر أضر أغلى ناس على قلبي
حلا وهي تحضن البراء بدلال: بابا مها شريرة أنا ما بحبها
تكلمت الأم الصامتة: من بكرة هأبيع بالسوق
البراء بانزعاج: خالتو كم من مرة حكيتلك أنا هأصرف عليكو
مها بغضب وهي تخفي ألم يدها: أنا هأروح أشتغل وانتي يا ماما اقعدي ببيتك معززة مكرمة، وانت ما بتفهم ما بدنا فلوسك
تنهدت الحاجة رحيل بألم: أنا ما هأسمح لأحد يضركم وانت يا بني كتر الله خيرك أهلك لو عرفوا باللي بصير هيضروا بناتي
البراء بقهر: خالتو لا تكوني ضعيفة
مها تحتضن أمها التي ترتجف وتناظر البراء بحقد: ماما مش ضعيفة هي اللى علمتنا ودافعت عنا لولاها كان كلنا مرميين بالشارع
فاطمة بعصبية: كل هادا بسبب جشعه وأنانيته بتفكروني مو فاهمة، كتير تمنيت أشوفه أحضنه حرمنا من كل شيء الله ينتقم منو، عامل نفسه كريم وكل الناس بتحبو واحنا أقرب الناس لالو وتاركنا مشردين بنشتهي لقمة العيش
دفنت الصغيرة حلا رأسها بصدر البراء لتحتمي من غدر الحياة، مسح على شعرها ونظر للجميع بعتاب ممزوج بالشفقة، صرخت فاطمة ثانية: ليه ساكتين ليه ما تنتقموا من أهله لتكونوا خايفين منو، معنا اللى أقوى منو ومنا
ابتعدت مها عن حضن أمها بخفة واقتربت من فاطمة وصفعتها على وجنتها وحال لسانها يقول " سامحيني يا أختي ليس بيدي حيلة صفعتي ستحميكي من وحوش يتمنون موتنا في كل لحظة "، اغرورقت الدموع بعيون فاطمة وقلدتها بذلك ديما وكأنها بذاك تواسيها: انتو هيك دايما بتخافوا من الحقيقة
شهد بضعف: فاطمة احمدي ربك انا عايشين مع بعض
البراء وقف وحلا لا تزال بحضنه: ما هأنام الليلة الا والكل عارف
صرخت الحاجة رحيل كعصفور يرى أفعى تبتلع صغاره بدم بارد وهو لا يستطيع فعل شيء: بالله عليك يا بني لا تحكي لحدا، الله يخليلك أهلك لا تحرق قلبي بكفي فقدت وحدة من بناتي لا تحرمني من الباقيين
مها اقتربت من البراء وناظرته بحدة: اذا حكيت لحدا ما ترجع هون طيب وانت فاهم قصدي
البراء خاطبها بعيونه معاتبا وهمس لها: سدقيني ما هيقدر يعمل شيء
الحاجة رحيل بوجع: شو الفايدة انو يعرف غير انو هياخد البنات اليوم قبل بكرة
البراء بتحدي: غلطانة الكل هيوقف ضده وأنا أولهم
الحاجة رحيل بأنين خافت: حاولت من قبلك وانت عارف النتيجة
وناظرت شهد بمرارة لن يستطيع أحد قياس مدى ألمها وتضحياتها من أجل زهراتها الست، بالرغم أنها حافظت عليهم بقوة إلا أن هناك زهرة انتزعت منها على غير ارادتها، هتفت مها بحدة: ماما من بكرة أنا هأشتغل في المحل اللى حكيتلك عنو اوك
البراء محاولا السيطرة على أعصابه: انتو مبتفهموش بحكيلكم ما في حدا هيشتغل والله اللي تطلع من البيت لأقص رجلها
مها بعصبية: ما تعمل نفسك راجل علينا اوك روح تمرجل ( وبسخرية مريرة ) على
وضع كفه على فمها مقاطعا كلامها: مها انتو عيلتي وخواتي وأنا لا يمكن أسمح لخواتي يشتغلوا
شهد وهي تضع يدها اليسرى على بطنها بألم وبيدها الأخرى مدت ظرف أبيض صغير لمها: مها خدي هادي وما تشتغلي
صرخت الأم بصدمة مناظرة ابنتها شهد: ليكون هادي الفلوس من زوجك
احمرت عيون البراء من العصبية واقترب من شهد وأسنانه تصتك ببعضها البعض: متى شوفتيه
انكمشت شهد على نفسها وهمست: حلا جابتهم حكتلي واحد أعطاهم لالها
ضربت الأم كفا على كف بحسرة: متى الناس بدها تسيبنا بحالنا
البراء وصدره يعلو ويهبط بسرعة: هالكلب بس أشوفه والله لأخليه يطلق ورجلي على رقبته، بس الحيوان عارف انو احنا مو بايدنا شيء والله ما أسكت بعد اليوم
الحاجة رحيل وهو تضرب على فخذيها بحسرة وندم: الله يوخدني لترتاحوا أنا السبب بكل شيء
احتضنتها مها بكل ما أوتيت من قوة: ماما احنا من غيرك ولا شيء
اقتربت منها بناتها الأربعة واحتضنَّها من كل جانب، بينما حلا نامت منذ فترة في حضن البراء، فلطالما هربت إليه من الرصاصات الغادرة التي تصوبها الحياة نحوها في كل لحظة، تأملهم البراء بابتسامة خفية إنهم أجمل العائلات بنظره تمنى لهم السعادة من كل قلبه وأقسم أنه سيحل المشكلة وسيكون أول قرار إخبار الجميع ولو كان ثمن ذلك أن يحيا حياة تعيسة للأبد..!!!
وفي شقة من شقق أحد الأبراج الواقعة في حي الرمال بمدينة غزة شقة المصطفى يوم الخميس الساعة الرابعة عصرا
ودعت قلبي كشجرة جوفاء يابسة غادرتها ورقة خريف بالية..!!
نظرت إليه بشفقة وجهه شاحب يرفض الطعام ويصرخ طوال الوقت، وبالليل يهلوس بكوابيس مفزعة فتقرأ عليه بعضا من الآيات القرانية فيهدأ وينام، تنهدت بأسى: مصطفى تعاون مع الشرطة لتنتقم من اللي كانوا السبب
صرخ بعصبية: مالك خص أنا حر ما بدي أتعاون مع حدا وحقي باخده بايدي
آسيا بحنية: بس هادا الشيء من وظيفة الشرطة
مصطفى بسخرية: ليه حكولك أنا جاهل ما بفهم أنا حر، وأنا كم من مرة بدي أحكيلك روحي على بيت أهلك
آسيا بإصرار: ما هأروح على أي مكان هادا بيتي وهبقى فيه
مصطفى وهو يرفع حاجبه ساخرا: أصلا أهلك اللي رموكي ما بدهم إياكي لهيك خايفة تعيشي بالشارع
ابتعلت إهانته وهي تحافظ على هدوئها: أنا ما هأتركك وأنا وابنك هنعيش معك
لاحظت هدوء ملامحه عندما سمع كلمة " ابنك " يبدو أنه أحب الطفل قبل أن يأتي، ساد الصمت لمدة لحظات قبل أن يقطعه صوت طرقات على باب الشقة، وقف كالملسوع وذهب ليفتح الباب استغربت آسيا من ردة فعله اقتربت منه وهي تمد له بلوزته ليرتديها ساعدته في ارتدائها وذهب ليفتح الباب وهو يضغط على عينيه بقوة وتكلم بحدة: اقعدي هانا لعند ما اجي يا ويلك لو لحقتيني اوك، ما تخافي بعرف طريقي منيح
أوجست خيفة من كلامه هل هناك ما يخفيه عنها سخرت من نفسها، وهل هناك ما تعرفه عنه أصلاً، تنهدت بارتياح عندما سمعت صوت عمتها إيمان ذهبت نحوها وصافحتها ببرود لكن تيك ضمتها لصدرها وهمست: الله يحفظك يا بنتي بجد مو عارفة شو أحكيلك شكرا على معاملتك الطيبة لابني
ابتسمت آسيا ببرود: هادا واجبي يا عمتي لا تقلقي ابنك بعيوني
مصطفى بتثاقل: أنا رايح أنام
اتجهت آسيا نحوه تحت نظرات إيمان المراقبة وهمست لمصطفى: عيب هسه أمك بتزعل وانت متى صحيت لتنام
التزم الصمت وذهب لغرفته بمساعدة آسيا إنه يعتمد عليها بشكل كلي، لم تتذمر آسيا ولو للحظة بل تفعل كل شيء عن طيب خاطر رغم حملها المتعب، أجلسته على السرير وهمست: محتاج شيء مشان بدي أروح أقعد مع أمك عيب أخليها لحالها
مصطفى بملامح جامدة: بديش حاجة بس طيبتك الزايدة هدمرك لا تكوني مغفلة مو كل واحد ببتسم لالك كويس حتى لو كان أقرب الناس لالك
تفاجأت من كلماته ناظرته بعدم استيعاب ومن ثم خرجت من دون ولا كلمة، متأكدة أنه يقصد أحدا ما في كلامه جلست مقابلا لعمتها وطيف أمها راودها بهذه اللحظة، تمنت لو كانت معها لخففت عنها لم تتوقع أن والدها سيكذبها ويصدق الجميع وفارسها الذي تعشقه يتركها مذلولة من أجل أناس تافهة، حمدت ربها على كل شيء واصطنعت ابتسامة وهي تستمع لعمتها: يا عمتي هو بس مضايق مشان اللى صار سدقيني كلها فترة ويرجع أحسن من قبل
إيمان بحزن: الله يسمع منك يا بنتي بجد أنا بشكرك كتير والله انك جوهرة ويا ريت مصطفى يقدر هالشيء، وسدقيني ربنا هيديكي على قد نيتك
آسيا برضا: الحمد الله على كل شيء
إيمان بفخر: كل اللى تكلموا عليكي خزيتهم في عينهم وكذبتهم قدام الكل خاصة قريبتنا اللى ابتلت عليكي لما كنا بالمستشفى، زعقتلها وخليتها تتأسف قدام الكل وهتجي تتأسف لالك بكرة ان شاء الله، وسدقيني يا بنتي الكل عارف انك بريئة بس الله على الظالم وأبوكي مصيره يعرف انك مظلومة
آسيا بمرارة: هسه عرفتي إني بريئة..!!
( وأكملت بألم ) ع فكرة كل اللي حكوا عني
يا عمتي الله هياخد حقي منهم في الدنيا قبل الاخرة وأبويا عارف اني بريئة بس ما بدو مشاكل مع أعمامي
إيمان بانفعال: لا والله كنت متأكدة من الأول انك بريئة، وأبوكي مشان إخوانه يظلم بنته شو هالأبو
آسيا بقلب محروق: أبويا مو بايدو شيء حكولوا القصة وجابوا أدلة كلها كذب ويا عمة لا تنسي ابنك السبب
إيمان بوجع: بس بنت عمك وأمها اللى حكت لمصطفى وحكوا كمان لكل عيلتنا بيوم عرسك
هزت رأسها آسيا معارضة كلامها: لا مصطفى افترى عليا بدون سبب وبنت عمي استغلت قصة انو هو ضدي أصلا لو هو كويس لكان تأكد هالكلام صح ولا غلط قبل ما يتهمني ويشوه صورتي عند أهلي، والحق عليكو اللى جوزتوه بالغصب
جاءها صوته الغاضب: ما عاش اللى يغصبني على شيء وأنا تجوزتك برضاي وانتي كنتي من اختياري
انتهت الآهة
ما هي توقعاااتكم
الكاتبة/ نها عبدالخالق العرجا
دمتم بود
|