كاتب الموضوع :
نها عبدالخالق العرجا
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: روايتي الثانية: آهات عزفت على أوتار الألم/ بقلمــــي
وفي أحد الحارات القديمة التي تقع على أطراف حي النصر بمدينة غزة الأبية الساعة العاشرة مساء
وضع كفه على خده سخر من نفسه، أكان يتوقع غير هذا ولكنه توارد بمخيلته سؤال ودَّ بشدة لو يعرف الجواب، مرت من أمامه نظر لها بطرف عينه، يكرهها منذ صغره بسبب غرورها قفز من مكانه كالملسوع لقد نسي تلك بالمشفى هنا سألته أمه بقلق: هاني شو فيه
شعر بالارتباك فهو يعلم ردة فعل أمه جيدا اذا علمت أنه ذاهب إلى هناك ستوبخه لا محالة، تكلم بحزن: صاحبي عمل حادث هسه اجا لالي مسج
صدقته لأنه كان يمسك هاتفه المحمول، وهاتفه فعلا أعلن عن وصول رسالة، ذاك هو القدر الذي قدَّر لكل هذا أن يحصل، خرج بسرعة من المنزل لكن استوقفه رجل غريب جالس أمام منزل جارهم أبو مهند استنكر ذلك، لكن أراد أن يطمئن على تيك بأسرع وقت ممكن، كان يود ايقاف سيارة أجرة لتستقله للمشفى، ولكن هناك شخص أمسك قميصه، استدار للخلف ببطء فرأى ذاك الرجل الغريب، دبَّ الرعب بقلبه فشعره الأشعث ووجه الأسود وعيونه السوداء وقامته القصيرة نوعا ما وجسده البدين، بعث الخوف بقلبه تلقائيا ظهر الاشمئزاز على ملامحه فهمس ذاك: هاني ما تدخل بعيلة أبو مهند أفضل لالك
قال كلماته ورحل بسرعة، أفاق من صدمته بعد لحظات تلفت يميناً وشمالاً لم يرى أحدا، تساءل من هذا الرجل الغريب يبدو كأنه كابوس رآه في نومه، هز رأسه ليبعد الأفكار السوداء التى هاجمت رأسه فركب سيارة أجرة وقفت أمامه ولم يهتم لكلام الرجل، وصل الى المشغى بعد فترة نزل من السيارة وهو قلق بعد أن دفع للسائق الأجرة، دخل المشفى وهو يتلفت يمينا ويساراً فصورة الرجل معلقة بذهنه، اقترب من الغرفة التي تتواجد بها المريضة، لكن أحدا فاجأه بإمساكه من قميصه بقوة: شو بتعمل هانا
تنهد بارتياح وتكلم بسخرية نوعا ما: جاي مشان ألعب، من عقلك الواحد ليه بيروح عالمستشفى مثلا يا أستاذ
نظر له ذاك بحقد، فموت والده لا زال يذكره وكأنه بالأمس، وصرخات والدته التي تدمي القلب قبل أن تُبكي العين تزور مخيلته كل لحظة: الله ينتقم منك اذا القانون ما بدو ياخد حقي منك أنا باخده بايدي
استغرب من كلامه، وعقد حواجبه بدهشة أكل الحقد الذي بعينيه من أجل شيء لم يحصل، لا يعلم هاني عن أي حقٍ يتحدث، هل يدري أم أنه قرر أن ينسى ويظهر للجميع أنه لا يعلم شيئاَ: يا حبيبي حقك خده من اللى ظلمك أنا ما بعرف عن شو بتتكلم
استفزه هاني بكلامه، أيتظاهر بالنسيان أم أنه تناسى لكي يرتاح، " فعلا الظالم ينسى فعلته أما المظلوم يبقى يعاني حتى يأخذ حقه " هذا ما قاله ذاك بخاطره رص على أسنانه وتكلم بحدة فهو متأكد أن الذي أمامه هو السبب: هاني لا تتغابى بس وربي اللى خلقني لأنتقم من أغلى شيء على قلبك
رحل وترك نسمات الهواء الباردة تداعب خصلات شعر هاني المجعد، مسح على شعره بقلة حيلة استغفر ربه ثلاثاً، ثم دخل للغرفة بعد أن طرق الباب وجد أم علاء هنا، اتجه نحوها ببطء وهمس: خالة كيفها هسه
تنهدت أم علاء وهي تشعر بالعطف اتجاه هذه الطفلة، ترفض الاستمرار بالحياة فهي تشعر بالذنب لما حصل لإخوتها، التفتت لهاني وتكلمت بحزن: ما بترد علينا، أنا متأكدة لو تشوف اخوانها هترجع زي ما كانت وأحسن
هز هاني رأسه بقلة حيلة، إخوتها الذين سحقهم الاسبست أم إخوتها الذين لا يعلم حالتهم إلا الله، سأل أم علاء متأملا أسيل بقلق: خالتي وين مؤيد
نظرت له أم علاء بدهشة، فهي لم ترى مؤيد مذ أن وصلت إلى هنا: والله يا خالتي بعرفش روح دور عليه بالمشفى يمكن تلاقيه
خرج من الغرفة ليبحث عن مؤيد، رآه أحد الممرضين فسأله باستغراب: يا أخي بدور على شيء
هاني بقلق وهو ينظر إلى الممرض الذي عمره يقارب عمره: شفت طفل صغير يعني تقريبا عمره ست سنين ولون عيونه خضره
هز رأسه بألا، لكن مرت دكتورة وبكفها كان الصغير ابتسم هاني للمشهد ركض الصغير وارتمى بحضنه، توجهت الدكتورة نحوهما وهتفت متسائلة: يخوي شو انت بتقربله
أجابها أنه ابن جارهم، سيل من الأسئلة انطلق من ثغر الصغير سأل عن أشياء كثيرة وأهم سؤال أين إخوتي، أجابه مطمئناً أنهم بخير واصطحبه إلى حيث كانت أخته أسيل، ارتمى بحضن أسيل وابتسامته اتسعت شيئا فشيئا كل هذا تحت أنظار الدكتورة، دمعت عيناها فمسحتها ببطء وهي تسترق النظر، التفت مؤيد وأشار للدكتورة أن تأتي لترى أخته أسيل، اتجهت نحوهما وجلست على طرف السرير، آلمها منظر أسيل التى لا تحرك ساكنا، سأل ببراءة: ليه مو راضية ترد عليَّا
هز أخته بكفيه الصغيرة وعلا صوت بكاءه: أسيل اصحي أنا بحبك ما هأغلبك يا أسيل، أسيل لا تموتي زي ماما أنا بحبك كتير
دمعت لكلماته عيون أم علاء وشاركتها بذلك الدكتورة أما هاني تنهد بحزن، تأوهت أسيل بألم وهمست: مؤيد
دفن رأسه بصدرها يبكي نظرت حولها بتوهان فسألتها أم علاء: كيفك يا بنتي
لم ترد عليها وهل لديها جواب لترد عليها، سأل مؤيد بصوت متهدج: وين مصعب ومهند
هذا السؤال بالذات لا تعلم إجابته، ولا تريد أيضا معرفة الإجابة
|