كاتب الموضوع :
منى لطفي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: جوازة.. نت!!... رواية بقلمي/ منى لطفي...
كانت منة تجلس على كرسي بجوار الفراش الذي يرقد عليه سيف منذ أن استقرت حالته، وكان قد دخل غرفة العناية المركزة لمدة 24 ساعه لحين ثبات حالته الصحيّة ولكن ما أدهش الأطباء هو الغيبوبة التي دخلها، فلم يكن هناك سببا طبيّا لحدوث مثل هذه الغيبوبة، كانت منة تأتي يوميا في موعد الزيارة الصباحية وتمكث حتى يحل المساء تتحدث معه وتُذكّره بأيامهما سوية وببناتهما، فقد أخبرها الطبيب أن الذي يتعرض لغيبوبة يكون هناك جزء من المخ في حالة وعيّ ، وأنه بالتحدث إليه وتذكيره ببعض الأحداث وأشخاص معينين قد يؤدي ذلك الى استيقاظ باقي أجزاء المخ، وهذا ما كانت تقوم به بالفعل بلا كلل أو ملل، فكانت تأتي يوميا للجلوس اليه والحديث معه ولكن دون أدنى استجابة منه أو بصيص أمل، حتى كان يوم .....
كانت تتحدث معه بهمس رقيق وقد مالت ناحيته وهى تقول بإلحاح:
- قوم بقه يا سيف، عجبك يعني رقدتك دي؟، الدكتور وكل اللي شافوك بيقولوا ان غيبوبتك دي متعمدة على فكرة!، قالتها بنصف عين ثم تابعت مهادنة وهى تتلمس أصابعه السمراء الموضوعه بجانبها موصول بها المحلول المغذي:
- قوم علشان خاطري، طيب بلاش خاطري أنا، هـَنا وفرح مش وحشينك؟، و.....، ورفعت يده لتضعها على بطنها وقالت بحنو:
- والكابتن اللي مشرّف جوّه بئالو اكتر من 3 شهور دا واحنا ولا احنا هنا مش وحشك؟، ربتت على خصلاته معيدة خصلته الثائرة الى الوراء وهي تطلع اليه بنظرات حب صادق ونبرة رجاء:
- علشان خاطري فتح عينيك، انا تعبانه من غيرك اوي يا سيف، الكل شايفني صامدة وقوية، لكن أنا لا قوية ولا حاجه أنا ضعيفة جدااا على فكرة، قوتي دي كنت بستمدها من وجودك جنبي، وانا مش هقدر اكمل من غيرك، علشان خاطر بناتنا، علشان خاطر أبننا اللي لسه في علم الغيب، سيف أنا ..... انا بحبك يا سيف، بحبك ومش قادرة أعيش من غيرك، الفترة اللي فاتت عرفت فيها اني مش ممكن ابعد عنك ولو لحظة واحده حتى ...، ثم أعادت يده الى مكانها فوق الفراش ومالت عليها مقبلة أصابعه بحنان زائد وقد أفلتت دمعاتها بالرغم منها وهي تتابع وقد بدأ صوتها يعلوه نشيج البكاء:
- سامحتك والله سامحتك، بس افتح عينيك، ارحمني يا سيف.. انا بموووت بالبطيء...، لـِ...تشعر باهتزازة في اصابعه ما جعلها تنتفض برأسها لترفعها وتنظر غير مصدقة لأصابع يده التي تحركت حركة بسيطة، ثم رفعت عينيها اليه بأمل لاهف لتصطدما بعينين أبنوسيتين تطالعانها بحب وصوت خرج ضعيفا يهمس بمرح خفيف:
- أنا لو أعرف ان ضربي بالنار هيخليكي تسامحيني، كنت انضربت بالنار من زمااان...
هتفت منة بإسمه وارتمت عليه تبكي وتضحك في آن واحد مرددة إسمه مرارا، ولم تنتبه لألم سيف الذي شدّ عليه لإرتمائه على كتفه المصاب الا بعدما سمعت صوت أنينه، رفعت رأسها وتحدثت بلهفة قائلة:
- وجعتك حبيبي؟، معلهش أنا متأسفة، ثم قامت وهي تتابع:
- ثواني هنادي الدكتور، لتعترضها يده التي تشبثت بثوبها فطالعته باستفسار فأجابها بصوت ضعيف مهزوز:
- ما تسيبينيش!، ....هزت رأسها نفيا وقالت بابتسامة مغلفة بدموع الفرح:
- عمري...، ثم مالت عليه قاطفة قبلة خفيفة من شفتيه متابعة:
- ثواني حبيبي انادي الدكتور علشان أطمن عليك...
وبالفعل حضر الطبيب وطمأنها على صحته وأن مؤشراته الحيوية في معدلها الطبيعي، قامت منة بالاتصال بالجميع وزفت اليهم نبأ استيقاظ سيف من غيبوبته، وبعد اطمئنان الطبيب عليه أمر بنقله الى غرفة خاصة وطلبت منة من الطبيب أن تلازمه كمرافقة ، فوافق الطبيب، وتم نقل سيف الى غرفة من غرف الدرجة الاولى.....
كان الجميع ملتفين حول فراش سيف، وكانت منة توزع العصائر عليهم احتفالا بعودة سيفها اليهم، وكانت أمه تجلس بجواره عندما تحدثت قائلة وهي تميل عليه مقبلة جبهته:
- ألف سلامة عليك يا ولديّ، يا ريتها فيني ولا فيك يا حبيبي، أجاب سيف بضعف فهو لا يزال لم يسترد كامل صحته بعد:
- ألف بعد الشر عليكي يا أمي، أنا فداكي....، أجابت أمه وهي تشير الى منة التي وقفت مستندة على الحائط بجوار فراشه سامحة لأمه بالجلوس اليه من ناحية ووالده من ناحية أخرى بينما تعتلي شفتيها ابتسامة سعيدة راضية:
- مَرَتَكْ، ما فاتتكش واصل، كانت جارك طول السَّبوُع اللي انت كنت فيه مِغمِّي عليك يا نضري، غُلُبنا فيها كلام انها حالتها دلوك لازمن تاخد بالها من روحها بس هي دماغها يابسة كيف الصعايدة، ما رضيتش واصل...، ضحك الحضور وعلّقت منة على كلام حماتها وعينيها تلمعان ببريق يخطف الأبصار:
- روحي هو سيف يا ماما الحاجة....، ابتسم الموجودون، بينما طالعها سيف بنظرات عشق خالص ورغبة في احتوائها بين ضلوعه تشتد بداخله ولكنه لا يملك القوة البدنية لذلك، وعوضاً عن هذا رفع يده اليها فتقدمت اليه في حين نهضت زينب مفسحة لها الطريق لتحتل مكانها بجوار زوجها، الذي قبّل يدها وهو يقول بصوت مسموع:
- ربنا ما يحرمني منك ابدا، انتي مُنايا يا حبيبتي، ومن غيرك فعلا أنا من غير روح..
أراد احمد تبديل هذا الجو المشحون بالعواطف فصفّق بيديه وقام متجها اليهما وهو يقول بمرح:
- بقول ايه يا عم الحبيب انت وهي ، مش كدا!، راعوا مشاعرنا بردو، .....ثم توجه الى سيف مربتا على كتفه وهو يتابع:
- ألف حمدلله على سلامتك يا أبو السيوف، ومال عليه هامسا في أذنه ولا تزال الابتسامة ترتسم على وجهه ومن يراه يعتقده يتبادل المزاح مع سيف في حين أنه كان يوجه اليه تحذيرا هامسا، حيث قال:
- عارف لو سمعت انك زعلتها تاني ولا عملت حاجه تضايقها تاني هعمل ايه؟، تابع من دون ان يعطيه الفرصة للجواب:
- انسى انك تشوفها هي وولادك تاني أبدا، لأنها وقتها هتبقى فعلا حلم وراح بالنسبة لك!.....
أجاب سيف بتأكيد وهو يشد على يد منة القابعة في يده بينما تختلس النظرات المرتابة اليهما:
- عهد عليا يا احمد انى عمري ما هزعلها ولا هسمح لنفسي اني أكون سبب في حزن يدخل قلبها تاني...
شدّ احمد على كتفه قائلا والابتسامة قد اتسعت لسعادته بعودة المياه الى مجاريها بين شقيقته الوحيدة وزوجها:
- كدا يبقى ألف حمدلله على سلامتك وأسافر وأنا مطمن عليكم، انا أجلت سفري مخصوص علشان حالتها كانت مش مطمناني خالص....
تحدث عبدالهادي قائلا لولده:
- ما تشد حيلك بجه يا ولدي وتجوم لنا بالسلامة، انت عجبك رجدة المشتشفى ولا ايه؟؟
أجاب سيف بزفرة عميقة وهو يرنو بنظره الى منة الجالسة بجواره من الناحية الاخرى للفراش:
- وانا أكره يا حاج!، بس الدكتور اللي مش راضي بيقول مش قبل اسبوع كمان.....
تدخلت منة في الحوار هاتفة:
- وانا مع الدكتور، اعذرني يا بابا الحاج، سيف مش هيخرج الا لما الدكتور يطمنّا عليه خالص ، وان الجرح مابقاش منه خوف..
انتهز سيف الفرصة وسأل والده باهتمام:
- إلا صحيح يا حاج معرفوش مين اللي ضرب عليّا نار؟؟..
غشت عينا الحاج نظرة غامضة وقال بهدوء وثبات:
- وهيعرفوا منين يا ولدي؟، العيار كان طايش، ومحدش عرف مين اللي طخُّه.... المهم انك جومتلنا بالسلامة..
علقت منة بجدية:
- المفروض يا بابا الحاج حكاية ضرب نار في الهوا دي مجاملة تتمنع خالص، انت حضرتك شوفت سيف جراله ايه، انا من لحظة ما سمعت ضرب النار وانا قلبي اتقبض...
هز عبدالهادي برأسه ايجابا:
- صوح يا بتّي عنديك حج...
تحمّد لسيف عبدالعظيم وعواطف بالسلامة، وعلم أن ابنتيه برفقة سميحة شقيقته، وكانتا قد زارتاه مرة واحده فقط وآثرت منة ألّا يحضرا الى المشفى ثانية حتى ينتهي شفاء سيف فقد كانتا مذعورتين من رؤية والدهما ممدد طريح الفراش وإن كان يحاول محادثتهما والمزاح معهما، ولكنه لم يكن في كامل لياقته المعهودة بالنسبة لهما......
انصرف الموجودون وقد غادر والديْ منة مع احمد وعائلته الى القاهرة بعد أن سبقهما نادر الى الاسكندرية فهو ما ان اطمئن ان سيف قد استقرت حالته الصحية حتى غادر الى مدينته، وكان يتصل يوميا للاستفسار عن حالته الصحية وفرح عندما علم بخبر استيقاظه من غيبوبته، سعادته بالخبر كانت من أجل منة، فلا بد أنها الآن في أقصى درجات سعادتها، وقرر طوي صفحة حبه المستحيل من حياته للأبد، وطلب من والدته البدء بالتفتيش عن عروس مناسبة له.....
بعد رحيل الجميع نظر سيف الى منة وأشار بيده هامسا:
- تعالي،... تقدمت منة اليه وجلست بجواره حيث أشار، رفع يده اليمنى الطليقة وأمسك بها وجنتها في حين اليسرى كان يحركها بصعوبة حيث الضماد الذي كان يلتف على جذعه العلوي من ناحية اليسار حيث مكان الاصابة، نظر الى عينيها مليا قبل ان يرفع يده مزيحا وشاح رأسها الى الخلف لتتساقط خصلات شعرها المنفلت من ربطته لتحيط بوجهها الملائكي الفاتن، طفق ينهل من عذب ملامحها كما العطشان الذي عثر على واحة ماء عذبة رقراقة، همس متسائلا بينما نظرت اليه منة في حب وابتسامة سعيدة تزين ثغرها المكتنز:
- انتي قلتيلي سامحتك صحيح ولا أنا اللي كان بيتهيألي وانا في الغيبوبة؟، أمسكت منة بيده التي تحيط بوجهها وأجابت بصدق استشعره في حروف كلماتها:
- لا، ماكانش بيتهيألك ولا حاجه، انا فعلا سامحتك يا سيف، اللي حصل خلاني متأكده اني مقدرش أعيش من غيرك ثانية واحده، أنا بحبك يا سيف، عمري ما عرفت يعني ايه كلمة حب الا على ايديك انت، انت جوزي وحبيبي وابني وصاحبي وأبو ولادي، إنت أهلي يا سيف، أنا لو كنت فعلا عاوزة أسيبك أو مسامحتكش ما فيش حاجه في الدنيا كانت هتخليني مثلا اني آجي معاك عندكو..مهما حصل!، لو بيعتك فعلا.. يبقى خلصت، لكن أنا ما كنتش عاوزة اللي بيننا ينتهي، كنت بجادل كتير وبعاند لكن أنا متأكده انك لا يمكن تسمع كلامي، كنت موجوعه يا سيف، انت متعرفش أنت ايه بالنسبة لي؟!،.. نظر اليها بتساؤل فيما تابعت ودموعها تترقرق في مقلتيها:
- انت كل حاجه يا سيف، احساسي أنك ممكن تبص لوحده تانية كان احساس بشع، عمري ما اتمنى لأي حد انه يحسه أبدا، كنت حاسة زي ما يكون قلبي اتدبح بسكينة باردة، وعمّال ينزف، واللي تعبني اني لا أنا قادرة أوقف النزيف ولا أنا قادرة أنضف الجرح، سيف أنا ... بعشقك ... عمري ما تصورت اني ممكن أحب حد بالدرجة دي، حتى لو جوزي أبو ولادي، وانت في الغيبوبة دعيت ربنا أنه يرجعك ليا بالسلامة وانا هنسى اللي فات كله ، انا بحبك أكتر من روحي يا سيف...، وقبلت راحة يده المستريحة على وجهها ثم شدت بكلمات الاغنية التي تحمل نفس الاسم :
- أكتر من روحي بحبك، بحقيقي بحبك أكتر، وشعوري بحبك وبإنه دا شيء يتقدر، ولا كل لغات الدنيا تقدر عن حبي تعبّر، وغُنايا بإني بحبك ...أكتر من روحي بحبك، بالنسبة لدرجة حبك...رمز صغيّر مش أكتر، وأكتر...أكتر.....أكتر من روحي بحبك........
لم يتمالك سيف نفسه وجذبها من نهاية رأسها على قدر ما استطاع من قوة ليتناول فمها الذي تراقص لغُناه قلبه في قُبلة عميقة أودعها خالص عشقه، وبادلته منة القبلة بأخرى أشد عمقا وحرارة......
ابتعدا بعد مدة طويلة يلهثان طلبا للهواء، احتضنها سيف الى صدره بيده السليمة وقال وهو يلهث:
- بحبك، بحبك أوي، وعهد عليّا عمري ما هفكر مجرد تفكير في أي حاجه تضيع حبك ليا، بس فيه مشكلة دلوقتي؟...
قطبت منة ورفعت رأسها ناظرة اليه بتساؤل وهي تقول:
- مشكلة؟، مشكلة ايه دي؟...
نظر اليها سيف بخبث وأجاب باتسامة ماكرة تلوّن محياه:
- هصبر ازاي لغاية ما أطلع من هنا؟، خليكي جدعه وقولي للدكتور يكتب لي على خروج بكرة...
استهجنت منة قائلة:
- أفندم!، بكرة!، لا لا لا ، انت بتهزر صح؟، أجاب سيف بتلقائية:
- لا، غلط!، أنا بتكلم جد، طيب بصي ايه رأيك تيجي تنامي جنبي على السرير، انا هبقى مؤدب خالص ومش هعمل أي حاجه تضايقك، بس عاوز أخدك في حضني وخلاص، أرجوكي يا منة....
نظرت اليه منة في ارتياب وأجابت:
- بس جرحك...، لم يدع لها الفرصة لتكمل وهتف:
- انتي هتبقي بعيدة عن جرحي خالص، هتنامي على اليمين، علشان خاطري يا منة، وحشني أوي انى أخدك في حضني..
وقد اشتاقت الى أمان ذراعيه هي الأخرى فوافقت ولكن... لتعلم خطأ انصياعها لرغبته بعد ذلك بسويعات !!....
كانت قد خلدت الى النوم بين ذراعيه مريحة رأسها على كتفه الأيمن محيطة خصره بذراعها الأيمن، وقد غرقت في سبات عميق، لتشعر بشيء يداعب بشرتها، فجعدت وجهها في نومها، لتفاجأ بلهاث حاد يطرق سمعها، رفرفت بعينيها وفتحتهما وهي تهمس ولم تزل في غياهب النوم:
- اممم، سيف، لتسمع صوتا أجشا خشنا يجيب:
- قلب سيف وعيونه،... شعرت بملمس يده على بشرة جسدها، كانت قد أبدلت ثيابها بمنامة قطنية تصل الى منتصف ساقها ذات اكمام قصيرة، ففوجئت بيده وقد تسللت أسفل رداء النوم لتتلمس ساقيها، شهقت بخفوت وقالت بدهشة وهي تحاول ازاحة يده جانبا بلا جدوى:
- ايه يا سيف انت بتعمل ايه؟!،.. اجابها بصوت أجش من شدة الانفعالات التي تمور في داخله:
- الدنيا حر، وانتي كنت رافصة الغطا ورجليكي مكشوفة خفت لا تبردي فكنت بعدل هدومك!!..، طالعته منة مليا قبل ان تنطلق من فمها ضحكة خافتة ولكنها ناعمة جعلت سيف يبتسم تلقائيا، أجابته من بين شهقات ضحكتها:
- منين الدنيا حر ومنين خفت عليّا أبرد؟، ركّز يا سيف، انت المفروض كتفك بس اللي اتصاب مش دماغك!!...
أجاب سيف وهو يجذبها ناحيته بقوة بينما تدفعه براحتها في صدره محاولة ابعاده:
- ما هو الدنيا حر نار عندي أنا، لكن في الاساس بالليل بيكون فيه هوا وانا بخاف عليكي من الهوا.....
قالت منة وهي تحاول التحرر من قبضته بينما تحرك رأسها يمينا ويسارا للافلات من فمه المتطلب وتلك الرغبة المحرقة التي تنبعث من فحم عينيه المشتعل لتسيل دمها كالعسل الدافيء في أوردتها:
- فيك الخير والله، بس ابعد بقه شوية وإلّا هروح أنام في سريري!!....
أجاب سيف بصوت متهدج:
- مش قادر أبعد، بجد مش قادر، طيب بصي بوسة واحده بس..
قطبت منة كمن يفكّر ثم أشارت اليه بسبابتها وقالت بتحذير:
- واحده بس؟!، أومأ بلهفة فتابعت آمرة:
- طيب غمّض عينيك، أنا اللي هقوم بالمهمة دي!...، لاحت علامات الأسف على وجهه وقال:
- خلّي عنك انتي خالص، قاطعته منة بتحذير ونظرة قوية:
- سيف...، فإنصاع لرغبتها وأغمض عينيه وهو يمنّي نفسه بأنه سيقبض عليها ما أن يشعر بشفتيها الدافئتين، لوهلة لم يشعر بشيء وما إن همّ بالتذمر حتى شعر بمن يمسك بوجهه بقبضة قوية ثم قبلة خفيفة كرفرفة فراشة حطّت على وجنته
اتبعها صوتها يقول ضاحكا:
- تصبح على خير يا سيفي!!، فتح عينيه سريعا وهمّ بالاعتراض عندما أبصرها وقد رقدت فوق فراشها الآخر، كشّر غير راض وهتف بنزق:
- إنتي بتخمِّي على فكرة، احنا ما اتفقناش على كدا!!،،
ضحكت منة مجيبة:
- أنا لا أخو أمك ولا أخو أبوك!!، انا مراتك ونام بقه علشان أنا تعبانه فعلا وعاوزة أنام، تصبح على خير، ولفّت الى الجانب الآخر مولية ايّاه ظهرها في حين همس بيأس وزفرة عميقة خرجت من قلبه:
- أنام!، هو انا هيجيلي نوم طول ما انا شايفك رايحه جاية قودامي وانا مش قادر أقرّب لك، تمام زي العطشان لما يشوف كوباية ماية ساقعه مشبّرة قودامه ومش عارف يشرب منها وهي عماله تطلع له لسانها!، الصبر من عندك يارب.....
مر على تواجد سيف بالمشفى خمسة عشر يوما، ما بين شد وجذب وكرّوفرّ بين وبين مُناه!!، فقد كان يتحيّن الفرص منتهزا حاجته للمساعده وما إن تقترب منه منة حتى يسارع لاستغلال وجودها بجواره بأجمل طريقة ممكنة .....
- سيف، انت لو مش هتعقل انا هروّح وهخلي ماما الحاجة هي اللي تيجي مرافق بدالي، هي عمالة تلحّ عليّا بئالها مدة وخصوصا أنى حامل علشان ارتاح...
هتف سيف رافعا يده الى اعلى:
- لا لا لا، خلاص، حرمت، انما صحيح ازاي حامل 3 شهور وما اخدتيش بالك طول الفترة اللي فاتت دي كلها؟...
اجابت منة وهي تطالعه بنصف عين:
- البركة في حضرتك، هو انت خلّتني عارفة راسي من رجلي، حتى لما معادها فات قلت أكيد علشان حالتي النفسية مش مظبوطة، ما كانش في دماغي خالص اني حامل..
نظر سيف الى وجهها الجالس بجواره وقال بابتسامة:
- ايه رأيك لو ولد عاوز أسميه على اسم كبير العيلة عندنا..
فرحت منة متوقعة انه يريد تسمية ولدهما بإسم والده هو عبدالهادي فهتفت بحبور:
- وماله حبيبي، انت عارف انا بحب عمي عبدالهادي قد إيه..
قطب سيف وقال:
- اولا كلمة بحب دي قلتلك 100 مرة ما تطلعش لأي راجل غيري ولو كان ابوكي ولا ابويا، ثانيا بقه مش عبدالهادي أبويا أنا اقصد جدي الكبير كبير السوالمة، مخيمر السوالمي!!
غابت الابتسامة عن وجه منة وقالت بدهشة:
- نعم؟، مخيمر!، يعني أنا أبقى أم مخيمر!!...
اجاب سيف وهو يبتسم:
- آه، وأنا أبو مخيمر!، يا سلااام يا مُنايا!...، أجابت منة مصعوقة:
- يا سلام يا منايا؟، انت بتتكلم بجد؟، أومأ ايجابا فتابعت:
- سحر ازاي وتسمي عبدالعال؟، يعني معلهش سيف ازاي ويسمي مخيمر؟ عاوزة أفهم أنا!!..
قال سيف وهو يكتم ضحكته بصعوبة فقد راق له مشاكستها:
- ومالو بس يا حبيبتي،....، أشارت منة بيدها وأجابت بجدية مصطنعه:
- سيف ريّح روحك، يمكن ربنا يعديها على خير وتيجي بنت وأسميها على إسم ستّي الكبيرة...
سيف بتساؤل وابتسامة عريضة:
- واسم ستّك الكبيرة كان ايه؟...
مالت فوقه مجيبة بجدية زائفة:
- زليخة!!، أومأ سيف برأسه مبتسما:
- آه، زليـ....، وهتف بحنق متابعا حينما استوعب الاسم جيدا:
- ز ... مين؟!، أجابت منة بتلقائية مصطنعه:
- زليخه بابا، زلييييييخة، ايه ما سمعتش عنه قبل كدا؟..
سيف وقد أسند ظهره الى مسند الفراش خلفه ناظرا امامه قائلا بثقة:
- لا هو ان شاء الله مخيمر..
هتفت منة معترضة:
- زليخة، هتف سيف:
- مخيمر، لتتبعه منة:
- زليخة، وظلّ الاثنان يتراشقان بالإسمين حتى هتفا في وقت واحد:
- زليمر!!، وسكتا يطالعان بعضهما البعض لبرهة حتى انفجرا ضاحكيْن.. بضحكات سعيدة ملئت الأجواء بهجة وفرح....
=================================
|