كاتب الموضوع :
منى لطفي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: جوازة.. نت!!... رواية بقلمي/ منى لطفي...
الحلقة الخامسة عشر:
استيقظت منة واستدارت الى جانبها لتجد مكان سيف بجوارها خالٍ، حمدت الله في سرها على انصرافه قبل إستيقاظها، تجعد وجهها لتنخرط ببكاء حار عند تذكرها لما حدث بينهما قبل ساعات، شتمت نفسها للمرة الألف، وهي تلومها أنها ستظل أبدا ضعيفة أمامه، فهي لم تقاومه كما يجب، بل سرعان ما استسلم قلبها الضعيف لهمساته العاشقة والتي تذيب الحجر الصوّان!!..، ولكن كيف لا تفعل وهي تذوب عشقا به؟!، هي لا تنكر أنها تحبه، فسيف كان أول حب يدخل قلبها، لقد أحبته بكل أحاسيسها المختزنة، والتي كانت تدخرها الى زوجها، لتمنحه كامل حبها عن طيب خاطر ومن غير خوف من غضب الله او من خيانة ثقة والديها، فحبهما كان في النور وبمباركة أهليهما!، ولكن كيف أصبح حالهما الآن؟، لقد خانها سيف، ذبحها بأبشع طريقة ممكنة، ولأنها عشقته بكل قطرة دم فكل خلجة من خلجات قلبها كانت تهمس باسمه، فهي لا تستطيع النسيان أو الصفح، ليس بهذه السهولة!، لو لم تكن تحبه بمثل هذا القدر كان من الجائز أن تسامحه وتنسى، ولكن كما أن حبها له كبير فغضبها منه .....أكبر !!...
لمست شفتيها الملتهبتين بأصابعها واللتان تحملان دلائل ما تقاسماه لفترة طويلة!! ، كان يبثها شوقه وحبه بينما يداه تضعان صك ملكيته لجسدها وروحها على حد سواء!، لم تستطع الوقوف في وجه سيْل حبّه الجارف الذي أغرقها به ليجرف معه مقاومتها بعيدا، فقد كان عشقه كالطوفان الهادر لا سبيل للوقوف أمامه أو صدّه !!....
التحفت بالغطاء ونهضت عازمة على الاغتسال أولا ثم التحدث معه بشأنهما، لا بد أن توضح له أن ما حدث بينهما لا يعني أبدا أنها ستنسى أو تصفح، بل ما حدث جعلها أكثر تشبثاً وإصراراً على الطلاق وقبلاً... الرحيل من هنا مع والديْها !!....
خرجت من الحمام بعد أن أنهت اغتسالها، كانت ترتدي ثوبا قطنيا أخذته معها تحسّبا لحضور سيف في غيابها، وحدث ما كانت تخشاه!، إذ فوجئت به يقف في منتصف الغرفة وشعره يلمع بقطرات من الماء وقد ارتدى بنطالا من الجينز وقميصا قطنيا أبرز عضلات صدره، كانت تجفف شعرها بالمنشفة عندما شاهدته فكتمت شهقة صغيرة فيما اندفع اللون الأحمر الى وجهها راسما لوحة أخاذة لحورية تقف أمامه كاد أن يندفع اليها ليغرقا مجددا في طوفان حبهما الجارف!، ولكنه تماسك وقال بصوت هاديء بابتسامة خفيفة:
- صح النوم !، لم تجبه وبدلا من ذلك رمته بنظرة سخط ثم التفتت الى مرآة الزينة لتمشط شعرها، كادت أن تقتلع خصلاته من جذورها لشدة تمشيطها له، تقدم بضعة خطوات منها واقفاً خلفها وغافلها ساحبا فرشاة التسريح منها، حاولت جذبها منه ولكنه أبعد يده وقال بهدوء ولكن يحمل رنة تحذير واضحة:
- كدا هتقطعي شعرك، هسرحهولك أنا!، ليمشط شعرها برقة ونعومة يخالفان خشونة يديه، وما ان انتهى حتى ألقى بفرشاة الشعر جانباً ثم دفن أصابعه في خصلاتها ناثرا اياها فوق كتفيها، ليميل بعد ذلك عليها مقتربا بأنفه من خصلاتها الكستنائية ليشتم عبير الزهور الذي يفوح منها مغمضا عينيه ليتوه في رائحتها العذبة، شعر بها تحاول الفكاك من قبضته، فوضع يديه على كتفيها مديرا إياها له، طالعها بنظرات شوق وعشق سرمدي وتحدث بصوت مخنوق من فرط مشاعره الجياشة بينما نظرت هي الى الأسفل:
- بحبك!، والله بحبك، ولا عمري حبيت قبلك ولا هحب بعدك!، بحبك ومش عاوز حد إلا ..إنتي !!...
رفعت عينيها اليه ليُصعق بنظرة الكراهية التي انبعثت من مقلتيها، تكلمت بصوت هامس ولكن يحمل غضبا مكتوما:
- إوعى تفكر ان استسلامي ليك دا معناه اني خلاص نسيت وسامحت!،....لأ؟؟!، تبقى غلطان يا باش مهندس، أنا ما انكرش اني ضعفت في لحظة، لكن عارف بعد ما فوقت حسيت بإيه؟، حاسيت بنفسي غامّة عليا!، كنت عاوزة أرجّع!، افتكرت كل كلامك للتانية والقرف اللي انا شوفته، علشان كدا مهما عملت انا وإنت حكايتنا انتهت يا سيف، وياريت تحط كلمة النهاية بدري بدري لان المماطلة ما فيش منها فايدة !!..
قست يداه فوق كتفيها وصرخ بغضب بينما طالعها بنظرة ملتهبة من بين فحم عينيه المشتعلتين:
- إنتي إيه؟، مش عاوزة تفهمي ليه؟، أنا غلطت وندمت وتُبت لربنا ، واتأسفت بدال المرة ألف ومليون، أعمل ايه تاني ؟!..
لم ينتظر ردها وتابع بقسوة بالغة:
- انما عارفة لغاية هنا وكفاية يا منة، انا اعتذرت لك كتير وانت مش راضية تدّيني وتدّي لنفسك فرصة تانية، واسمعي آخر كلام عندي بقه علشان نقفل الموضوع دا خالص، طلاق مش بطلق، وسفر من هنا مش هيحصل غير ورجلك على رجلي ، ولما نشوف يا منة.... أنا ولّا.. إنتي !!...، ودفعها جانبا متجها بخطوات تحفر في الارض من قوتها الى باب الغرفة ووقف قبل ان يغادر ناظرا اليها بسخرية:
- ولو على اللي حصل، اطمني خاالص ، مش هيتكرر تاني ولا هتضطري انك تقرفي من نفسك ولا ترجّعي، مش هقرب لك يا منة حتى لو وقفتي من غير هدوم قودامي... عن إذنك !!، وانصرف صافقا الباب خلفه بعنف بينما هَوَتْ جالسة فوق الكرسي خلفها دافنة وجهها بين راحتيها وقد انخرطت في بكاء حار يقطع نياط القلوب !!..
=================================
كان سيف جالسا في حديقة منزلهم الكبير مستندا برأسه الى ظهر مقعده المصنوع من أغصان البامبو، أغمض عينيه زافرا بتعب، كان يفكر كيف يقنع هذه العنيدة التي تقبع في غرفتها بالأعلى أنه لا سبيل إطلاقا لما تفكر فيه؟!، أنه من رابع المستحيلات أن ينفذ لها طلبها المجنون والتي ما أنفكت ترميه في وجهه!، كان يظن أنه بعدما حدث بينهما ستلين، فقد بثها حبه ولواعج شوقه، ألم تشعر بعشقه لها؟، ألم يصلها مدى حبه وولعه بها؟، ألم تعلم بعد أنها بمثابة روح ثانية لهذا الجسد وأنه بدونها يفنى ويهلك؟!......
زفر بتعب، وهو يدعو الله في سرّه أن يلهمه الصواب عندما تناهى الى سمعه صوت والدته يناديه بحنوّ:
- سيف، سيف يا ولديْ...
فتح عينيه وطالع أمه الواقفة بجواره، اعتدل في جلسته وهمّ بالنهوض عندما منعته واضعة يدها على كتفه وهي تجاوره على الكرسي المقابل له قائلة:
- خليِّك مرتاح يا ولديْ..، مالك يا نضريْ؟، وشّك مش عاجبنيْ..
أجاب سيف بابتسامة صغيرة:
- يعني مش عارفة يا أم سيف؟...
ابتسمت أمه بحنان وأجابت:
- منّة!....
ليطلق سيف زفرة حارة من صدره وكأن مجرد سماعه لإسمها يثير فيه العواصف اللاهبة، فإسمها كفيل بجعل دقات قلبه تتسارع وتعلو وكأن قلبه يرفض الاستمرار بدونها...هي...وقوده !!..
تحدث سيف بنبرة مشروخة بالرغم عنه:
- مش عاوزة تنسى يا أمى .... مهما عملت مش عاوزة تسامحني...
اجابت الأم بشفقة على حاله ولكنها في ذات الوقت تريد تقريعه على ما فعله في حق ربّه اولا وامرأته بل ونفسه ثانيا:
- اللي حوصل ما كانشي شويّة يا ولديْ، مَرَتَكْ بتحبك وجوي كمان، بس هي برضيكي موجوعه جوي جوي من عملتك ديْ..، سكتت قليلا لتتابع بعد ذلك وهي تطالعه بحزن ممزوج بأسى وقد أبعدت يدها عنه:
- أني ما سابجليش واتحدت معاك في الموضوع ديه، لكن عاوزة أعرف ليه يا ولديْ؟، ايه اللي خلّاك تعمل إكده؟..
زفر سيف بعمق قبل أن ينظر الى أمه بخجل وقال بندم بالغ:
- أنا عارف أنك زعلانه مني، وأكيد كمان مصدومة فيّا، بس صدقيني يا أمي، لما برجع أفكر في اللي حصل بحس أنه اللي عمل كدا مش أنا!، الشيطان الملعون بيزين لنا دايما الغلط، وللأسف هو أول تنازل وبعد كدا التنازلات بتكتر، وانا الموضوع ابتدى كلام، ونسيت انه فيه زنا عين وزنا أذن، نسيت ان الكلمة اللي بتخرج مننا بنتحاسب عليها، وسلّمت وداني للشيطان، في وقت كانت منة مشغولة عنّي بالبنات والبيت، انا مش ببرر الغلط اللي عملته، لأني عارف ان اللي عملته جريمة مش مجرّد غلط بسيط، لكن أنا عاوز أقول اني ما كنتش في وعيي، أنتي عارفة أنا بحب منة قد إيه، منة حياتي كلها، وفي لحظة ضعف أو ممكن نسميها لحظة غباء سلمت نفسي للشيطان ومشيت وراه، والتانية طلعت دي شغلتها، ويمكن الفضيحة اللي حصلت دي ربنا أراد بيها أني أكفر عن جُرمي في حق ربي وحق نفسي ومراتي، على فكرة يا أمي أنا نهيت علاقتي بيها قبل منة ما تعرف، ..... ابتسم بمرارة وهو يواصل:
- بس مافيش جريمة كاملة !، الرسايل اللي كانت بيننا نسيت أمسحها، منة شافت وقريت كل حاجه، والتانية اتغاظت ان شغلها كدا هيبوظ، عرّفت الكل اننا اتجوزنا ، ازاي.. مش مهم!،... المهم اننا متجوزين!!...
تحدثت زينب بقلق:
- صحيح يا ولدي .. الكلام اللي جالتو الفاجرة ديْ انكم متزوجين دلوكْ ديه صوح؟....
نظر سيف الى امه وهو يزفر بعمق:
- والله يا أم سيف ما أنا عارف، بس منة قالت لي نفس كلامها دا، قالت لي انه الاساس في الجواز الاشهار واني دلوقتي أعتبر متجوز عليها...
قطبت زينب متسائلة:
- وديْ حلّها كيف ديْ؟..
سيف بحيرة :
- مش عارف، بس أنا قريت كتير في الموضوع دا ، ولو قيسنا على الجواز العرفي، الجواز العرفي مش مُعترف بيه قانونا أو شرعا، لكن لو حصل واتنين متجوزين عرفي وعاوزين يسيبوا بعض يبقى لازم الزوج يرمي يمين الطلاق على زوجته في وجود شهود، هو الجواز طبعا في السرّ، لكن دا لازم علشان الواحد يبري ذمته قودام ربنا، فرضا اللي اتجوزت عرفي دي عاوزة تتجوز رسمي من واحد تاني، لو اتجوزت من غير وقوع يمين الطلاق تبقى كدا متجوزة اتنين، والعدة بتاعت المطلقة بتخليها تتأكد اذا كانت حامل مثلا من عدمه، يعني اللي ماشوفهومش وهما بيسرقوا هيشوفوهم وهما بيتقاسموا !!..
زينب بنظرة تفكير عميق وجهتها اليه:
- وانت يا ولديْ، هتعمل إكده؟، هتطلجها في وجود شهود؟..
سيف بقلة حيلة:
- انا مش عارف اعمل ايه، فيه قودامي حاجه من اتنين يا إما أنكر كل حاجه خالص، وما أسألش فيها، يا إما أطلقها وبكدا الناس هتتأكد انها كانت على حق وأخسر كل حاجه، بيتي وشغلي وحياتي المستقرة كلها ؟!..
زينب بحكمة:
- لاه يا ولديْ... ما بتتحسبشي إكده!، انت لو طلجتها هتكسب رضا ربك عليك، ولو ما طلجتهاش هتخسر.... ربك!، أنهي أبدى ربك ولا الناس؟!، انت غُلطت يا سيف، بس ما هنصلحش الغلط بمصيبة أكبر!، فكّر يا ولديْ زين، وأني متأكده ان مرَتك هتبتدي تصفالك لما تطلج الفاجرة ديْ وترميها من حياتك كلاتها، ولو على مسألة الشهود ماليكش صالح أنا هحلّها!...
ابتسم سيف لأول مرة منذ بدء محادثته مع والدته وتنهّد براحه قائلا:
- تصدقي يا أم سيف أنتي أجدع أم، طبعا دول الصعايدة أجدع ناس، ومال على يدها مقبلا إيّاها وهو يتابع:
- ربنا يخليكي ليا أمي، ثم انحسرت ابتسامته بينما تطالعه أمه بابتسامة متسائلة وهو يقول بحيرة:
- لكن شاهي من يوم ما كانت هنا ماشوفتهاش، ومعرفش هي راحت فين؟...
ربتت زينب على يده وقالت بغموض:
- لاه ، ان كان على إكده ما تشيليش همّ، هنجيبها لحدّيك ونرميها تحت رجليكْ كُمانْ....
نظر سيف الى والدته عاقدا جبينه وعلّق متسائلا:
- ازاي يا أم سيف؟؟..
أجابت بثقة:
- ماليكش فيه، انت كل اللي يهمك انها تاجي إهنه علشان نخلصوا من الموال العِفِشْ ديه، ساعتين زمن وكل حاجه هتكون إترتَّبت...، أني هجوم دلوك أشوفهم عملوا ايه، منبهة عليهم يوضبوا جناح الضيوف علشان أهل مَرَتكْ، بيجولوا هيوصلوا على بكرة الصبح تجريباً، بس أخو مرتك اتصل وجال انه هايجي بكرة ع العشا إكده علشان يسلم ع الحاج وعلى منة جبل سفره، هوَّ هياجي من مصر لكن حماك وحماتك هياجوا من اسكندرية مع ولد خالة مرتك، تصدج ... ابن حلال هيطخ المشوار ديه كلاته عشان اهل مرتك يبجوا مرتاحين في جيْتهم، شكله ابن حلال جوي الجدع ديه!...
زفر سيف بحنق فلم يكن ينقصه سوى أمه هي الأخرى تتلو على مسامعه قصائد شعر في مديح ذاك الـ.. نادر!، ألا يكفيه تلك الغضبى التي تحبس نفسها في الأعلى رافضة النزول حتى لا تراه !! ....
ابتسمت زينب فهي أعلم الناس بابنها وبما يدور في ذهنه وقالت بابتسامة صغيرة:
- خير يا ولديْ، سرحت في ايه؟...
انتبه سيف على سؤالها فحاول تغيير الموضوع قائلا:
- أبدا يا أمي، انما صحيح هنعمل ايه مع سلمى، منعم كلمني كذا مرة واتأسف لي، بس ابويا الحاج رافض أي كلام في الموضوع دا؟!...
زينب بثقة:
- خليه يتربى شويْ، علشان يعرف ان الله حج، بتِّي مش شوية عشان يبهدلها إكده، خلِّيه يعرف جيمتها صوح عشان بعد إكده يُبجى يِّفكِّر ألف مرة جبل ما يزعلها أو ... يزعلنا، اللي عِملُه ديه مالوش غير معنى واحد، انه راجل ناجص!، ما خَوَاتك التانيين ماحدش منيهم زوجه عمل إكده ليه؟، علشان عارفين انه حتى لو انت غلطت همّا مالهومش صالح في اللي حوصل منِّيك، وعارفين كُمانْ ان الشيخ عبد الهادي مش هيسكت على اللي حوصل، وانه أول واحد هيعرف شغله معاك، خلِّه يتربى شويْ، ما ليكش انت صالح بيه واصل ، .... ثم نهضت واقفة وهي تكمل:
- عموما أني هسيبك دلوك، هروح أطل عليهم علشان الضيوف اللي جايين دول، وانت حاول تنام لك شوية، وشّك بيجول انك مش بتنام يمكن من يوم ما حوصل اللي حوصل، نام يا ولدي وسيبها على ربّك...
أومأ سيف قائلا:
- ونعم بالله، اتفضلي إنتي يا أمي وأنا شوية وهحصّلِكْ..
ابتعدت والدته تاركة سيف ليغوص عميقا في افكاره والتي تنحسر في شعر كستنائي لاهب وعينين لوزتين تلمعان بغضب عاصف تسلبان لبّه كلما وقعت عيناه عليها فأضحى ....أسيرها منذ اللحظة الأولى لرؤيتها !!...
**************************************************
- حمدلله على السلامة يا استاذ عمر، الحاجة هتفرح جوي لما تشوفك هي وسيف بيه..
دخل عمر وسط تهليل مهجة بقدومه، فعمر ابن بنت خال سيدتها زينب، ويعدّ كأخ لسيف، قال عمر وهو يتلفت حوله:
- الله يسلمك يا مهجة، أومال فين الناس؟..
قالت مهجة وهي تحمل حقيبة ثيابه:
- الحاجه في دارها وسيف بيه في الجنينة، أومأ عمر برأسه وقال:
- طيب أنا هروح لسيف بيه....
- اهلا ازيك يا عمر ايه المفاجأة دي؟..
سلّم عمر على سيف وجلس حيث أشار سيف قائلا بمرح:
- أعمل ايه جالي استدعاء رسمي من الحاجة زينب، وانت عارف كله الا أوامر الحاجه مقدرش أطنشها !!..
قطب سيف بحيرة وقال:
- هي الحاجه كلمتك؟، أومأ عمر بالايجاب فواصل سيف بتساؤل:
- غريبة!، ما قالتليش يعني؟، وكلمتك ليه؟....
قال عمر وهو يحرك كتفيه علامة الجهل:
- علمي علمك، كل اللي قالته تكوني عندي مسافة السكة!، واهو اقل من 3 ساعات وانا هنا، جاي سايق على 120 !!..
سمعا صوت زينب وهو يقول مرحبا:
- أهلا بولد الغالية، توّك ما جيت !، يعني لازمن كنت أكلمك علشان تاجي تشوفنا؟!..
نهض عمر للسلام عليها وأجاب:
- معلهش يا حاجه، انتو في بالي والله بس ظروف الشغل....
قالت زينب بابتسامة:
- وكيفها نيّرة؟، اتوحشتها جوي!!..
أجاب عمر بابتسامة:
- الحمدلله بخير، وحضرتك كمان وحشتيها وان شاء الله هييجوا قريب علشان كمان يطمنوا على عمي الحاج....
قالت زينب وهي تشير الى سيف:
- يشرّفوا، ودلوك ناجي للمهم، سيف يا ولدي هات وِلد خالتك والحجني !!..
تبادل عمر وسيف نظرات التساؤل ولم يجدا بّدا من اللحاق بزينب..
----------------------------------------------------------
- انتو عايزين منّي ايه؟...، صرخت شاهي في وجه رماح الذي قال بغلظة:
- واحنا هنعوز منيكي إيه؟، الكبيرة جالت جيبها يبجى جيبها، ياللا بلاش لكاعه الكبيرة مستنياكي برّه، علشان تعرفي اننا إهنه بنراعي الاصول، مارضيتش تدخل عليكي دارك !!..
شاهي بسخرية وهي تنظر الى ملابسها المزرية التي تتكون من عباءة ريفية سوداء، يتداخل بها بضع ألوان ولكن قد كلح لونها دليل على قِدَمِها، قالت بصوت كالفحيح من بين أسنانها وهي تتقدمه:
- دا على أساس انكو منزلني في اودة في فندق 5 نجوم، أي حد يشوف الاودة دي أنا متأكده انه هيقرف يقعد فيها 5 دقايق، كفاية ريحة العفونة اللي فيها ولا الفيران اللي عماله تصوّت طول الليل ولما صعبت عليكم خرجتوا الفيران بعد ما كنت هموت فيها، انما اقول ايه على الصراصير والقرف اللي موجود هنا، ياللا ياللا خلينا نشوف الكبيرة بتاعتك دي عاوزة إيه، أما أشوف هخلص من فيلم شيء من الخوف دا إمتى؟..
خرجت شاهي الى ردهة الكوخ المحتجزة به، ما إن وقع نظر سيف وعمر عليها حتى نظرا الى بعضهما البعض بحيرة وريبة وتحدث سيف بدهشة:
- ايه دا؟، انتي هنا؟، ثم نظر الى والدته متابعا:
- فيه ايه يا أمي؟، ايه اللي جابها دي هنا؟..
تحدثت زينب بصرامة :
- ماليكش صالح بجات إزاي!،.. انت دلوك ترمي عليها اليمين، واللي بعمله ديه مش علشانها، لاه... دي واحده عاصية ربها، لكن لأن مرتك بنت الاصول ما تستاهيلش تبجى ضُرّتها واحده زييها!....
تحدث عمر بعدم فهم:
- هو فيه ايه بالظبط يا حاجه؟، من ساعة حضرتك ما كلمتيني وانا مش فاهم ايه الموضوع بالظبط؟..
زينب بجدية:
- أني كلمتك علشان تاجي ، عاوزاك تُبجى شاهد على طلاق ولدي من بنت الفرطوس ديْ...، ثم وجهت كلامها الى سيف بأمر:
- ياللا يا ولدي خلّصنا، وما تخافش رماح وعوضين وصابر رجالتنا وخشمهم مش هيجول حاجه لحد واصل !!...
نظزر سيف الى شاهي وبكل ما يعتمل في صدره من حقد وكراهية صرخ:
- انتي طااااااالق، ومش بس كدا لأ... زي ما شيرتي بوست جوازنا ع الجروب، بوست الطلاق بردو هيتشيّر على نفس الجروب، علشان أبقى كدا بريت ذمتي منك، وربنا يغفر لي..
زينب وهي تنظر الى شاهي بينما موجهة كلامها الى سيف:
- خلاص يا سيف ، امشي انت وعمر يا ولدي دلوك، وأني هحصلك..
ما ان انصرف سيف وعمر حتى نظرت شاهي الى زينب وقالت بسخرية:
- فيه حاجه تانية عاوزاها مني؟، ممكن أمشي بقه؟، وشكرا على كرم الضيافة!!..
صدحت ضحكة زينب الساخرة عاليا وقالت :
- لاه، جوام زهجْتي منينا!، عموما ما تخافيش يا غندورة، هتمشي ، بس لوَّل فيه حاجه هتعمليها بعدين تمشي من غير مطرود، نظرت الى رماح وقالت:
- رمّاح...، فهم رماح وسريعا أخرج أوراق كثيرة وقلم وتقدم الى شاهي التي تقف تتفرس فيه بريبة، قالت زينب بهدوء فيما رماح يناولها القلم والأوراق:
- أمضي على الورجَات ديْ الوّلْ..
تناولت شاهي الاوراق والقلم من يد رمّاح وهى تتساءل في دهشة وحيرة:
- ورق ايه دا؟.....، لتشهق مذهولة فاغرة فاها وهي تفتح عينيها على وسعهما هاتفة بسخط:
- ايه دا؟، عاوزاني أمضي على نفسي وصولات أمانة وشيكات؟، انتي أكيد مش في وعيّك!!...
صرخت بجزع عندما جذبها رمّاح من غرّتها وقال زاجرا بغضب:
- لما تتحدتي مع الكبيرة تتحدتي بأدب....
انهمرت دموع الذل من عينيها وصرخت بألم وهي تحاول الافلات من قبضته الشديدة لخصلاتها، قالت زينب بأسف زائف:
- لاه، لاه، يا رماح مش إكده، هي برضيكي معذورة، جاهلة متعرفش اللي ممكن يحصول من ورا كلامها ديه!!...
صرخت شاهي بعنف ومقت:
- آي، سيب شعري يا جاهل يا متخلف، انتو فاكرين نفسكم مين، هي سايبة؟، أنا هوديكو في ستين داهية!!..
هزت زينب رأسها بحزن مصطنع وقالت وهى تطالعها بشفقة مزيفة:
- وأني اللي كنت هسيبك بعد ما تمضي الاوراج ديْ!، شكل الجاعده إهنه عجبتك وعاوزة تكملي باجية حياتك في الكوخ الجميل ديه !!...
هتفت شاهي بجزع:
- لا يا حاجه، الا هنا..، المكان هنا مخيف اووي...
زفرت زينب بيأس زائف:
- ما انتي مش عاوزة تهاودي وتعملي اللي بجولك عليه!، أجولك.... اختاري يا اما توجعي الاوراج دي وتطلعي على بلدكم ويا دار ما دخلك شر، يا ترفضي وتفضلي مأنسانا لغاية ما يأذن ربنا، يا إما......، وسكتت لتهتف شاهي بيأس:
- يا إما ايه يا حاجه؟؟...
سارت الحاجه الى رماح القابض على خصلات شاهي بقوة وربتت على كتفه قائلة بزهو:
- تتزوجي راجل من عندينا وتعيشي كيفك كيف المداس اللي في رجليه....صدجيني مش هتلاجي جدع زي رمّاح، ديه ولدي أنا اللي مربياهْ!...، ها... جولتي ايه يا غندورة !!..
ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه رماح فظهرت أسنانه الصفراء بشكلها الغير مستوي، ذعرت شاهي وصرخت:
- لا ... همضي همضي....
و....وقّعت بإسمها وهي في قمة الذلّ، كانت الاوراق عبارة عن 5 شيكات و 5 وصولات أمانة كل منها بقيمة 100 ألف من الجنيهات، فيصبح المجموع مليوناً من الجنيهات، كي تضمن زينب ابتعاد تلك المأفونة عن طريق ابنها تماما، قالت لها قبل ان تنصرف:
- لو جليتي عجلك الوصولات هطلعهم، وهجدمهم للنيابة بس مش مرة واحده... لاه....وصل وصل، وشيك شيك، علشان كل ما تخلصي مدة تدخلي تاني بمدة تانية، مش بذمتك زواجك برمّاح أرحم !....، ثم نظرت الى رماح آمرة:
- لما الغندورة تجهز نفسها انت عارف هتعمل ايه؟، أومأ رماح برأسه هاتفا:
- أوامرك يا كبيرة....
أومأت زينب باستحسان ورحلت وبحوزتها الأوراق التي تقبض بها على عنق شاهي، وهي تحمد الله في نفسها أنها استطاعت بفضله الخلاص من هذه الملعونة، يبقى ولدها وكيفية عودته الى زوجته !!..، ابتسمت وهي تتمتم بخبث:
- هيرجعوا لبعض ان شاء الله، مافيش حاجه تعصى عليّ، دا أني زينب والأجر على الله !!....
**************************************************
|