كاتب الموضوع :
شخابيط فتاة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حرمتني النوم يا جمان/بقلمي
الفصل السادس:هناك شرط...
يجلس على مكتبه واضعاً يده على رأسه..
الأوراق مبعثرة بجانبه….وكوب القهوة الساخن يقبع بجانبها..
منذ زيارته لجمان بالأمس لم يستطع التوقف عن التفكير..
إنه في حيرة شديدة..
- يا إلهي ألهمني…
ماذا أفعل؟؟
في اللحظة اللتي ظننت بها أن ابنتي عادت إلي وأن مشاكلي قد انتهت اكتشفت أن مشكلات أكبر قد بدأت بالظهور..
لقد أعطاني الطبيب الخيار في أخذها معي إلى المنزل..أو تركها حتى انتهاء فترة علاجها..
ولكنني فضلت بقاءها في المشفى..
من الذي سيتمكن من العناية بها في المنزل؟؟
سمر امرأة موظفة...ولا استطيع استئمانها مع الخدم..
الحقيقة المرة أنها تحتاج لأم..
ولكن...أين تلك الأم؟؟
جمان في حالة صعبة..
وهي قد تزوجت بالأمس..
قد يكون هناك أبناء كبار لزوجها..
كيف أستطيع ترك جمان معهم؟؟
افرغت غضبي على الكوب الموضوع أمامي وألقيت به على الأرض بقوة..
تحطم الكوب وبدأ البخار يتصاعد من القهوة..
تباً لهذا الأمر...وأصبحت أفكر بك يا هوازن..
لولا رؤيتي لحالة جمانة بالأمس لما فكرت بك أبداً..
عدت بذاكرتي لليلة الأمس..
***************************************
كنت مندهشاً من حالتها..
أبعدتها عن حظني لأنظر إليها من جديد ثم نظرت إلى الطبيب بتساؤل:دكتور..لماذا تنظر إلي هكذا؟؟
وكأنها لا تعرفني..
أومأ الطبيب برأسه:تعال معي يا أستاذ خالد..من الأفضل أن نتحدث في الخارج..
قبلت رأسها بحنان ثم نظرت إلى عينيها: انتظريني يا صغيرتي سأعود حالاً..
قلتها ثم تبعت الطبيب..
بعد أن خرجنا من الغرفة..أغلقت الباب خلفي ثم نظرت إلى الطبيب باهتمام: أنا أسمعك ..
زفر الطبيب بعمق:اسمع يا استاذ خالد..طفلتك افاقت بعد غيبوبة طويلة جداً...وما أتلف في خلال سنين لا يمكن إصلاحه بأيام..
عقدت حاجبي:ماذا تقصد؟؟
-أستاذي..حالة ابنتك الآن طبيعية للغاية...يجب أن تشكر الله على عودتها فهذه معجزة...ولكنها الآن تحتاج لفترة طويلة من العلاج الطبيعي..
وبخصوص سؤالك عن كونها لم تعرفك ..فهذا طبيعي أيضأً..لقد كانت بعمر سنتين فقط...باختصار...
ابنتك لن تتمكن من تذكر أي شيء قبل الحادثة..
ازدادت دقات قلبي و بدأت أتلعثم بكلامي:مـ..ـمـ..ما الذي تقصده..هه ههه انك لا تعرف طفلتي أيها الدكتور...صحيح أنها كانت صغيرة ولكنها ذكية للغاية…
هـ...ـهـ..ـهـ.. هل تعلم..لقد كانت تتحدث بطلاقة...إن كنت قد تحدثت معاها من قبل كنت ستتعجب من ذكائها وفطنتها..
هز رأسه بأسف:استاذ خالد يجب أن تفهمني جيداً...حتى من فقدوا وعيهم وهم كبار يعانون من نفس ما تعانيه جمان الآن..لا دخل للأمر بذكائها أبداً...ولكن مع الاستمرار على بعض التمارين الخاصة والعلاج الطبيعي فقد تتمكن من الحديث من جديد بإذنه تعالى..
قاطعته: مهلاً مهلاً...ألا تستطيع جمان الحديث الآن؟؟؟
نظر إلى الأرض:ولا تستطيع المشي أيضاً..
شعرت بثقل الدنيا كلها يقع على رأسي ...تزاحمت الدموع في عيني...كنت أنظر إلى الطبيب بصدمة:مـ..مستحييل..
قلتها ثم فتحت الباب بسرعة وركضت إليها…
نظرت إلي من جديد..
جلست بجانبها وأمسكت يدها:جمان يا صغيرتي..أنت تعرفينني أليس كذلك.. أنا بابا يا صغيرتي..هل تذكرين.؟؟
بدأت الدموع تنزل من عيني:هيا يا صغيرتي قولي بابا..انهم مخطئون أنا أعلم ذلك..هيا تكلمي..
لم ترد...تنظر إلي بخوف فقط....
-استاذ خالد ارجوك لا تفعل هذا..لا تقلق أخبرتك أن الأمور ستتحسن بالتدريج..لقد صبرت طوال هذه السنين...ألن تتمكن من الصبر الآن؟؟
مسحت دموعي ثم أعدتها إلى حظني ..
نظرت إلى الطبيب من جديد:دكتور هل ستعود ابنتي كما كانت من قبل..
زفر بعمق :سنبذل كل جهدنا لذلك ونسأل الله التوفيق..
.
.
.
عندما يعاني الشخص صدمةً خطيرةً في الرأس لا يكون هناك الكثير من الوقت عند الأطباء للمعالجة.
يتضخّم الدماغ كرد فعل على الإصابة…
وأحياناً يندفع باتجاه الجمجمة أو يقطع الأوكسيجين عن أجزاء معينة فيه، ما يمكن أن يسبّب تلفاً في الدماغ أو موت الشخص.
ولكن في بعض الحالات يدخل الشخص في غيبوبة ..
وحدوث الغيبوبة يخفف من تدفّق الدم ومعدّل الأيض في الدماغ، ما يساعد على تقليل التورم.
فبالتالي يسمح هذا الأمر للدماغ بأن يرتاح ويوفّر له الوقت لأن يلتئم…
فحتی الغيبوبة قد تكون رحمة من عند الله تعالی..
و هذا ما حصل مع جمان..
ولكن المشكلة في الغيبوبة هو أن الاطباء حتی الوقت الحالي لم يستطيعوا ايجاد طريقة معينة لايقاظ المريض..
لهذا كنا نحاول مناقشة الاسباب التي ساعدت جمان علی الافاقة من غيبوبتها الطويلة علَ هذا الأمر يوصلنا لاستنتاج مهم....
لا أعلم كيف انهرت بتلك الطريقة عند رؤيتها…
ولكنني كلما اتذكر نظراتها أشعر بالحزن أكثر..
أشعر بالصداع...أود العودة الی المنزل بسرعة..
كنت أجلس في الحديقة لا ستنشاق بعض الهواء...فجو المشفی بدأ يشعرني بالاختناق..
لا تستطيع جمان المشي أو الكلام في الوقت الحالي..
أخبرنا الطبيب أن هذا أمر طبيعي وقد يساعدها العلاج الطبيعي علی استعادة حياتها من جديد...
أتمنی هذا..
وقف مروان أمامي..افففف هذا الفتی الفضولي..
منذ رآني أبكي في غرفتها وهو يحاول معرفة السبب ويلاحقني من مكان لآخر..
أخبرته انني كنت ادرس عن حالتها من أجل مشروع تخرجي ولهذا فرحت لرؤيتها مستيقظة فبكيت..
ولكن يبدو انه لم يقتنع بكلامي فما زال يلاحقني…
-مرحبا..
قالها ثم جلس بجانبي..
همست :مرحباً. .
- هل أنت بخير الآن..
اكتفيت بالاماءة برأسي..
نظر إلي بفضول:هيا يا يوسف أخبرني من أين تعرف تلك الفتاة؟؟..
افففف عاد للسؤال من جديد ..
التفت اليه بغضب فقد نفذ صبري حقا:أخبرتك أني لا أعرفها…
نظر الي بشك :لم أستطع الاقتناع بحجتك..
زفرت بغضب:لست مجبرا علی اقناعك…
قلتها ثم وقفت من الكرسي ومشيت لابتعد عنه..
كم أكره الفضوليين..
.
.
.
دخلت إلى المطبخ لصنع الشاي…
ملأت الأبريق بالماء ثم قمت بوضعه على الموقد...وما إن قمت بإيقاده حتى تطاير الأبريق في الهواء وانسكب الماء على ملابسي…
وقعت على الأرض وصرخت بفزع...ما الذي حدث...ماكان ذالك الصوت…
وقفت لين مع حسام أمامي ثم جلست بجانبي على الأرض :خاله هوازن ما الذي حصل…
نظرت إليها بخوف:اخرجوا من هنا حالاً…
.
.
.
حين دخلت إلى المطبخ وجدت االخالة هوازن تجلس على الأرض وهي مبتلة بالماء..
سألتها عن ما حصل فنظرت إلي وصرخت:اخرجوا ممن هنا حالاً…
عقدت حاجبي باستغراب:لماذا…
وقفت وقمت بإطفاء النار الموقدة على الموقد..
وحين أطفأته لفت نظري وجود مفرقعات بداخله…
وقفت الخاله هوازن ثم قامت بإمساك يدي وأخرجتني مع حسام:قلت لكم اخرجوا...لقد انفجر شيء هناك...اياكم أن تقتربوا من المطبخ قبل عودة أبيكم…
قالتها ثم قامت بإغلاق الباب بالمفتاح…
نظرت إلينا:أنا ذاهبة لتغيير ثيابي..
توجهت نحو غرفتها..أما أنا فقد توجهت نحو غرفة الجلوس ونظرت إلى حنين بحدة:حنين ماهذه السخافة…
انفجرت حنين بالضحك:هههههههههههه هل خافت؟؟
هههههههههههههههههههههه
ازداد غضبي:هل أنت مدركة لما فعلته أيتها الغبية..
نظرت إلي وهي ترفع حاجبها:لين لا تهولي الموضوع...لقد كانت مزحة صغيرة…
-أنا لا أهول الموضوع...لو كان الماء ساخناً بالابريق كانت ستحترق..لقد انسكب الماء على ملابسها..
-لم تحترق لقد انتهى الأمر..
ابتسمت باستهزاء:ولكنك الآن في ورطه كبيرة..
-هه لماذا..
كتفت يدي على صدري:لقد قامت الخالة هوازن بإقفال المطبخ..حين يعود أبي سيرى المفرقعات...ما الذي ستقولينه وقتها؟؟
.
.
.
شعرت بالارتباك..ما الذي سيقوله أبي؟؟
عضضت شفتي بخوف..لا أريده أن يعلم بالأمر...
التفت إلى حسام ثم جلست على ركبتي أمامه…
أمسكت كتفه ثم قلت بابتسامة:حسااام..حبيبي..حين يأتي أبي أخبره أن المفرقعات تخصك وأنك كنت تلعب فقط اتفقنا؟؟
صرخت لين:كلا..لن تدخلي حسام في هذا الأمر...الا يكفي تكذيب أبي له البارحة؟؟
أقسم يا حنين أنني لن أصمت هذه المرة وسأخبر أبي..
شعرت بالغضب منها وقبل أن أرد عليها..دخلت الخاله هوازن
- ما المشكلة لم الصراخ؟؟
قالتها وهي تنظر إلي باستغراب..
نظرت إليها وبدأت أضحك بطريقة مستفزة:هههههههه هل أعجبك مزاحي ههههههه
أجابت بتساؤل:أي مزحة؟!
-ههههه لقد قمت بوضع المفرقعات على الموقد
لم تغضبي أليس كذلك؟؟
قلتها ثم نظرت إلى عينيها بتحد..
لقد كانت تنظر إلي بدهشة..
كنت اقصد استفزازها…
تمنيت أن تضربني…
نعم لا تستغربوا هذا...
أردت أن تقوم بضربي ثم يدخل أبي ويرانا بذلك المنظر…
ولكن ردت فعلها كانت مفاجأة جداً..
لقد.. ابتسمت بهدوء!!
.
.
.
مر شهرين على بقاء جمان في مركز التأهيل...
لقد أصبحت تستطيع المشي لخطوات بسيطة فقط..
ولكن للأسف لا زالت ترفض الكلام..
وهذا ما فاجأنا كثيراً...
فقد توقعنا أن تصدر بعض الأصوات البسيطة على الأقل..
ولكنها لا تنطق بأي شيء بتاتاً رغم عدم وجود سبب طبي يمنعها من ذلك...
بل على العكس…
ففي آخر تصوير لدماغها تبين أن هناك تطور مذهل في حالتها..
ففي حالة نادرة جداً قام دماغها باستبدال الأعصاب التالفة بأخرى نمت مجدداً لتحل محل تلك التي انفصلت عن بعضها بعد الحادثة…
أخبرنا الدكتور حسان أن سبب هذا التطور هو أن الألياف العصبية هي التي كانت تالفة فقط، إلا أن الخلايا نفسها كانت سليمة..
فالخلية العصبية التي لم تتلف يمكنها أن تجدد اتصالاتها..
الراجح أن رفضها للحديث هو أمر نفسي فقط...
لا أعلم حقاً ماهو سبب حزنها الشديد..
في كل مرة أراها ...أرى الحزن في عينيها...
كم أود انتشال هذا الحزن عنها..
لقد قمت اليوم بإحضار البلاي ستيشن معي للمشفى ، فقد فكرت بإعادة الذكريات الجميلة إليها..
كنت أسير باتجاه غرفتها…
وحين وصلت إلى الممر،فوجئت بمروان يخرج من الغرفة..
اشحت بنظري عنه...
أتمنى أن لا يلحظ وجودي..
انه شخص فضولي جداً..
إن رآني الآن فلن يتوقف عن طرح الأسئلة..
ولكن...هذا غريب !!
ما الذي كان يفعله في الداخل؟؟
لم أهتم للأمر كثيراً…
وقفت امام باب غرفتها ثم طرقته بهدوء..
فتحته ثم نظرت اليها..
كانت تتحسس الدمية التي قام العم خالد باحضارها لها..
-السلام عليكم يا جمان..
رفعت نظرها الي ثم عادت للنظر الی الدمية..
توجهت نحو التلفاز وبدأت بشبك اسلاك البلاي ستيشن ثم نظرت اليها:انظري ماذا احضرت من اجلك .
في هذه المرة نجحت بلفت انتبهها فقد كانت تنظر الي باهتمام..
جلست علی الاريكة الموجودة امام التلفاز وبدأت باللعب..
كنت العب لعبة (كراش باش) فقد كانت تحبها كثيراً. .
ولكن بدون أن اشعر وجدت نفسي قد انسجمت باللعب..
شعرت بتلك اللحظة أني عدت لأيام طفولتي..
يااااه ..مضى وقت طوبل على آخر مرة لعبت بها..
وصلت الی مرحلة صعبة من اللعبة واصبحت اهزم في نفس المكان..
انها المرة العاشرة التي اخسر بها..
صرخت بضجر والقيت اليد علی الارض:اففففف لقد مللت..
صوت ضحكة بريئة تعالت في أرجاء الغرفة…
نظرت الی مصدرها بدهشة..
يقال أن هناك أصوات معينة تزداد لها ضربات القلب..
بالنسبة لي يا جمان...ذلك الصوت هو صوت ضحكتك..
ضحكتك في ذلك اليوم ازدادت لها دقات قلبي ..ورسمت الابتسامة علی وجهي..
-احم احم ..هل اعجبك صراخي..
قلتها وأنا امشي باتجاه السرير..
نظرت إلی الارض وهي تضحك بهدوء..
اقتربت منها بارتباك وأنا أحمل يد اللعب..
وضعتها أمامها ثم همست:هل تريدين اللعب؟؟
أفلتت الدمية من يدها ثم نظرت إلي بتردد..
ابتسمت:خذيها..
أخذتها بسرعة وبدأت باللعب..
وحين أقول أنها بدأت باللعب فأنا أعني أنها بدأت بالقفز..
كانت تضغط علی زر القفز فقط وتضحك ببراءة..
رؤيتها بذلك المنظر أعادت لي الذكريات..
فهذه هي طريقة لعبها منذ كانت طفلة..
تقفز وتضحك فقط..
في ذلك الوقت كنت أغضب منها بشدة وأمنعها عن اللعب فتذهب للبكاء أمام أمي..
أما الآن فقد بدا الأمر مضحكاً بالنسبة لي…
كنت أشاركها الضحك..
كنا نضحك معا بشكل هستيري…
هل كان الأمر مضحكاً لتلك الدرجة يا جمان؟؟؟
لا أعلم حقا..
.
.
.
مر شهرين على زواج أبي..
هل تظنون أني اعتدت على وجودها؟؟
أبداً...ومن المستحيل أن أعتاد..
لازلت أحاول ازعاجها بأي طريقة…
وهل تعلمون ما الذي فعلته تلك الخبيثة؟؟
لم تكتفي بدخولها لمنزلنا بل قامت بإحضار والدها أيضاً!!
ألا يكفيني عذاباً وجودها بيننا؟؟
وهل تعلمون ماحجتها…
تقول أن والدها مريض ويحتاج لشخص يعتني به..
وما شأننا نحن؟؟
المشكلة أنها تمكنت من السيطرة على عقل حسام ولين…
حتى ليان الصغيرة باتت متعلقة بها…
هل تصدقون هذا!!
أحياناً أشعر أن ليان تحبها أكثر مني..
كم يغضبني هذا الأمر…
لقد اعتنيت بها وهي صغيرة...عانيت معها كثيراً..
قصرت في دروسي من أجلها..
والآن...تذهب لتلك الأفعى بكل سهولة..
والأدهى والأمر أنها تدعوها بماما..
لقد بقيت أبكي بغرفتي حين سمعتها تقول هذا ولكن ماذا أفعل؟؟
لاتزال طفلة ولن تفهم حتى إن قمت بمنعها..
لقد خدع الجميع بتصرفاتها وابتسامتها التي تظهرها دائماً…
أكثر ما يغضبني أنني أبذل جهدي لإغاضتها ثم تأتي وتبتسم برود..
وقتها أشعر برغبة قوية بتكسير أسنانها..
لكنني أصبحت أتبع نفس أسلوبها..
أدعي أنني أحبها حين يكون أبي موجوداً..
وأكيد المكائد بدون أن تشعر..
لن أخدع بها أبداً...ها قد قامت بإحضار والدها..
مالذي ستفعله بعدها؟؟
سأخبركم بما سيحصل ...
ستطلب من أبي أن تسكن ببيت منعزل عنا بحجة والدها أيضاً..
وتدريجياً...ستكشر عن أنيابها وتطلب من والدنا تركنا عند عمتي أو جدتي لأنها لم تعد تستطيع احتمالنا..
ولكني لن أسمح لهذا الأمر بالحدوث..
ستخرج من منزلنا قبل أن تحصل على مرادها..
لقد عدت من المدرسة لتوي..
الخالة هوازن تصلي الظهر الآن..
أشم رائحة شهية...يبدو أنها انتهت من صنع الغداء..
دخلت الى المطبخ لأرى..
نعم لقد انتهت من صنعه حقاً..
كما أنها قد أطفأت الموقد..
توجهت نحو القدر وفتحت الغطاء..
لقد قامت بطهو الكبسة..
نعم نسيت اخباركم...الخالة هوازن طاهية بارعة جداً..
في الحقيقة هذا الأمر يزعجني قليلاً..
خصوصاً حين أتذكر فشل أول طبخة لي..
ابتسمت بهدوء على إثر الفكرة التي خطرت لي..
ذهبت بسرعة لإحضارعلبة الكبريت لأقوم بإشعال الموقد من جديد..
نظرت إلى النار الموقدة على عود الثقاب بابتسامة:آسفة يا خالة هوازن ولكنك نسيت إطفاء الموقد فاحترق الغداء ..
حين اقتربت من الموقد احترقت يدي بالقدر..
-آآآآآخخخ..
سقطت علبة الكبريت من يدي وأمسكت مكان الحرق بألم..
لم أكن أعلم أن القدر لا يزال ساخناً..
دخلت الخالة هوازن إلى المطبخ ثم نظرت إلي بخوف:حنين ما الأمر ياعزيزتي..
شهقت:هل احترقت..
أومأت برأسي:إنه مجرد حرق بسيط..
قلتها ثم ركضت باتجاه الغرفة…
بعد عدة دقائق قامت الخالة هوازن بفتح الباب وهي تحمل بيدها قطعاً من الثلج..
-أرني موضع الحرق ياعزيزتي..
ارتميت على السرير ثم اختبأت أسفل البطانية:اخبرتك أنه حرق بسيط أنا متعبة أريد أن أنام اغلقي الباب من فضلك..
-انتظري قليلاً...لقد جهز الغداء..كلي ثم نامي..
-لا أشتهي الأكل..
زفرت بعمق:كما تشائين..
قالتها ثم أغلقت الباب..
.
.
.
هذه الطفلة الشقية..
ههه لا أعلم متى ستوقف ألاعيبها..
ما الذي تخططين لفعله اليوم ياترى؟
ذهبت إلى المطبخ وتعجبت من وجود علبة الكبريت ملقاة على الأرض..
لا أعلم ما الذي تفكر به حقاً..
ههههه في الحقيقة مقالبها تضحكني أحياناً..
في كل مرة أتخيل أن جمان من تقوم بهذه المقالب..
حنين تصغر جمان بثلاث سنوات فقط..
لا أعلم كيف تتصرف جمان مع زوجة أبيها..
هههه هل تقوم بتدبير المكائد هي أيضاً..
لا أستبعد هذا فقد كانت جمان طفلة مشاغبة..
أحاول التعامل مع حنين بكل هدوء وحذر…
لا أفكر أبداً بإخبار أحمد عن مقالبها..
لا أريد أن أفسد العلاقة بينهما..فهي ابنته على كل حال..
كما أنني أتمنى ان يحسن خالد معاملة جمان..
لهذا أقوم بمعاملة حنين المعاملة التي أتمناها لابنتي..
بالتأكيد لن أستطيع تعويضها عن أمها أبداً..
ولكنني أتمنى أن أتمكن من كسب محبتها يوماً ما..
.
.
.
عدت من الصلاة ووجدت هوازن قد قامت بتجهيز الغداء..
-السلام عليكم..
نظرت هوازن إلي بابتسامة:وعليكم السلام..
جلسنا معاً لتناول الغداء..
تلفت حولي باستغراب:أين حنين؟؟
ردت هوازن وهي تجلس على الأرض:تقول أنها لا تشتهي الأكل ..
-لماذا لا تشتهي الأكل..
قلتها وأنا أهم بالذهاب لغرفتها لمناداتها..
وقفت هوازن:انتظر سأناديها أنا..
-كلا لا تهتمي أريد التفاهم معها بنفسي..
ذهبت إلى غرفتها وطرقتها بهدوء..
فتحت الباب فوجدتها تجلس على السرير..
نظرت إلي بحزن..
عقدت حاجبي وذهبت للجلوس أمامها:حنين ما الأمر ياصغيرتي لماذا لا تأتين للأكل معنا؟؟
نظرت إلى الأرض بحزن..
رفعت رأسها بيدي وفوجئت من تجمع الدموع في عينيها:حنين لم البكاء؟؟
مسحت دموعها:أبي أريد أخبارك بشيء ولكنني خائفة..
ازدادت دقات قلبي:ماذا هناك..
- هل ستصدقني؟؟
-ولم لا أصدقك..
قامت بإخراج يدها من تحت البطانية...وفوجئت بوجود حرق عليها أمسكت يدها بخوف:ماهذا مالأمر؟؟
انفجرت بالبكاء:الخالة هوازن قد قامت بكي يدي ومنعتني من تناول الغداء..
لا أخفيكم أني أردت الضحك وقتها..لقد فهمت أنه أحد ألاعيبها .. ولكنني ادعيت اني أصدقها..
-لماذا؟؟
مسحت دموعها : لأني لم أقم بكي الثياب بالأمس..
ادعيت الغضب:سأتفاهم معها لا تقلقي حسناً ولكن سأقوم بتضميد جرحك أولاً..
قلتها ثم ذهبت لغرفتي لإحضار مرهم للحروق مع قطعة من الشاش..
ههه..لا أعلم حقًا هل أضحك أم بكي..
اصبحت أشعر أن حنين تتصرف كالأطفال...في كل مرة تأتي بشكوى جديدة..
أعلم جيداً أنها تكذب فقد اتضح كذبها في مرات عدة…
ولكنني أدعي تصديقها حتى لا تزداد غيرتها..
فحين فضح كذبها في أحد المرات بدأت بالبكاء ثم قامت بفتح اسطوانتها المعتادة:
(أنت لم تعد تحبنا ..لقد نسيتنا بزواجك)..
مالذي أفعله برأيكم؟؟
أصبحت أشعر أن لين أكبر منها في التفكير..
آه منك ياحنين..
.
.
.
كنت متوجها نحو غرفة جمان وأنا أحمل البلاي ستيشن بيدي..
أشعر بسعادة كبيرة..
فقد تمكنت من جعلها تضحك بالأمس..
لقد قمت بشراء جهاز جديد من أجلها..
أريد اهداءها إياه..
دخلت إلى الغرفة..
-السلام…
قطع صوتي وأنا أنظر إليه بصدمة!!
ما الذي يفعله مروان هنا!!
نظر إلي وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة خفيفه:أوه.. مرحباً بقدومك..
وعليكم السلام..
نظرت إليه بحدة:ما الذي تفعله هنا..
ارتفع حاجباه باستهزاء:ههههه..ذات الشيء الذي تفعله…
تصلبت بمكاني لوهلة..الشيء الذي أفعله؟؟
وصلني صوته ضحكته المزعجة:لا تقلق لن أخبر أحداً..
ولكن دعنا نعقد اتفاقاً بسيطاً..
نظرت إليه وأنا أعقد حاجباي..مالذي يرمي إليه هذا الأخرق…
تابع حديثه وهو يتكلم بخبث:لن أخبر أحداً عنك ولن تخبر أحداً عني..
زفرت بضجر:مروان .ما الذي ترمي إليه...تحدث بوضوح…
-لا تدعي البراءة أنا أعلم كل شيء..
كتفت يدي على صدري:وما الذي تعلمه أيها الذكي..
-ههه يوسف لا تدعي البراءة هل تظن أنني لم ألحظ زياراتك اليومية لها؟؟
في الحقيقة لقد صدمت منك في البداية ولكن أتعلم لقد أعجبني تفكيرك حقاً..
أشار برأسه إلى جمان:فهذه متخلفة عقلياً ..
غمز بعينه: هه افعل ما تشاء ولن تستطيع اخبار أي أحد..
اتسعت عيناي بصدمة..
شلت الصدمة عقلي عن التفكير..
تصلبت بمكاني لعدة ثوان في محاولة مني لاستيعاب كلامه..
وحين أدركت تفكيره المريض..ارتجفت كل أوصالي..
نظرت إلى جمان فوجدتها تنظر إلي بخوف:جــ..جماان..
نظرت إليه وأنا أشعر أن هناك بركان قد ثار بداخلي..
وفي لمح البصر هجمت عليه و صرخت بأعلى صوتي:
أيها الحقيييير..
لا أعلم حقاً ما الذي حدث بعدها…
فقد دخلت بنوبة من الجنون..
جثوت فوقه وبدأت أفرغ جام غضبي عليه..
لم أتمكن من سماع صرخات جمان الخائفة…
ولم ألحظ دخول الممرضات إلى الغرفة..
فقد صم سمعي وعمي بصري من شدة الغضب..
كل ماكنت أراه هو وجه ذلك الحقير أمامي…
أمسكت رأسه وبدأت أضربه على الأرض مرات متتالية بكل قوتي..
حاول أحد الأطباء ابعادي عنه ولكنه لم يتمكن من ذلك..
كنت اضربه بجنون…
استمر ضربي له إلى أن شعرت بتدفق ذلك السائل الدافيء على يدي..
وحينها بدأت أعود للواقع قليلاً ..
حين رأيت الدم على يدي خارت قواي فجأه..
بدأت أسمع صوت جمان وهي تبكي بخوف..
ثم سمعت صوت الممرضة وهي تصرخ:لقد مااات ماااات..
.
.
.
لا زالت جمان تبكي و ترتجف بين يدي..
اتصل الطبيب علي وطلب مني القدوم..
علمت أن هناك مشاجرة حصلت بداخل غرفتها..
هؤلاء الهمجيون..
كيف يتشاجرون أمامها...
بدأت أتحسس شعرها بهدوء:اهدأي يا بابا لقد انتهى كل شيء ...لقد ذهبوا..
ارتفع صوت شهقاتها أكثر..
ابعدتها عن حضني ونظرت إلى عينيها…
كانت عيناها حمراوان من شدة البكاء..
همست بحنان:لماذا تبكي يا بابا...لقد أحضرت لك هدية..
قلتها ثم قمت بإخراج الحلوى من جيبي..
ابتسمت لها:هيا امسحي دموعك لأعطيك اياها..
مسحت دموعها بيدي ثم قمت بفتح الحلوى من أجلها..
اخذت الحلوى بابتسامه وبدأت بأكلها..
زفرت بعمق..
لازالت طفلة...طفلة حبيسة بداخل هذا الجسد…
تنسى حزنها بأكل قطعة حلوى…
أحزن كل ما انظر إليها…
ليس بالأمر السهل بالنسبة لي رؤيتها بهذا الشكل..
فقد كانت طفلة سعيدة ممتلائة بالنشاط والحيوية..
أما الآن...فالدموع لاتفارق عينيها..
لقد تعبت حقاً..لا أعلم كيف أستطيع إسعادها..
لم أدرك بأن الدموع قد بدأت تنزل من عيني إلى أن شعرت بأصابعها الباردة وهي تمسح دموعي..
نظرت إليها ..
كانت عينيها تحمل الكثير من التساؤلات..
ألقت نظرة سريعة إلى الحلوى بيدها ثم قامت بمدها إلي..
ضحكت وسط دموعي ثم احتضنتها بشدة :كلا يا صغيرتي..هذه الحلوى من أجلك..
أرخت رأسها على حضني وأغمضت عينيها بسلام..
نظرت إليها بحزن..
وفي تلك اللحظة اتخذت قراراً صعباً..
صعباً جداً..
ولكن من أجلها أنا مستعد لفعل أي شيء…
.
.
.
تمشي الخالة هوازن بذلك الممر بجانب خالي أحمد..
تصل إلى الباب فتراني أقف بجانبه بابتسامة..
تنظر إلى خالي بتساؤل:أحمد ما الذي يحدث هنا؟؟
-خالة هوازن هناك مفاجأة..
تنظر إلي باستغراب..
أضع يدي على الباب ثم أقوم بفتحه…
تقف جمانه وهي تلعب على البلاي ستيشن بحماس..
تنظر إلي وهي تقفز:يوسف...انظر لقد فزت..
تنظر الخالة هوازن إلي بصدمة:يوسف من هذه الفتاة..
تمتلأ عيناي بالدموع ثم أجيبها بصوت متهدج:انها جمان..
تنظر جمانه الى أمها بصدمة..
تصرخ فجأة بأعلى صوتها:مااااماااااا…
وبدون سابق انذار...تقفز بحضن والدتها بقوة…
تحتضنها الخاله هوازن ويبدآن بالبكاء سوياً
سيكون لقاءً جميلاً مليئاً بالمشاعر..
سيفرح الجميع...فقد انتهت معاناة هذه السنين..
وحينها..
حينها فقط ستعود السعادة إلى قلبي..
مسحت دموعي ثم ضحكت باستهزاء على آمالي..
آمالي الخائبة التي عجزت عن تحقيقها..
ياااه لقد تأملت كثيراً يا يوسف..
كم أكره نفسي في هذه اللحظة..
لماذا لم أخبر الخالة هوازن من قبل عن مكانها؟؟
لماذا كان تفكيري ساذجاً لتلك الدرجة؟؟
لماذا أفسد كل شيء يقع بيدي؟؟
كل ما أردته أن أعيد جمان إلى أمها طفلة سعيدة مرحة..
ما أدراني أن الأمور ستسوء إلى هذه الدرجة؟؟
هذا هو أنا...
أفشل دوماً في كل شيء..
أسبب المشاكل لكل من حولي دائماً..
وقفت من مكاني وأنا أضرب الباب بقوة:أخرجوني من هنا...أخرجونيييي..
جلست على الأرض وأنا أبكي بحرقة..
لا أعلم حقاً هل أبكي على حالي هذه..
أم أبكي على حالة جمان..
هل مات مروان حقاً أم لا؟؟
ولكنه يستحق الموت..
إن رأيته أمامي مرة أخرى سأقتله بلا رحمة..
ذلك الرجل الدنيء…
صرخت وسط دموعي:اخرجوني...أخرجوني من هنا
يجب أن تخرج جمان من ذلك المكان ألا تفهمون…
تحرك الباب خلفي..
وقفت بسرعة وأنا أمسح دموعي…
فتح الباب فظهر خالي من خلفه..
دخل وأغلق الباب خلفه..
ركضت نحوه وأمسكت ثوبه بقوة:خالي...أرجوك أخرجني من هنا….جمان يجب أن تخرج يا خالي..
ابعدني عنه ثم صفعني بكل قوته:هل أنت مدرك لما فعلته أيها الغبي..
.
.
.
كنت أنظر إلى الهاتف أمامي بتردد..
هل أتصل عليه؟؟
أشعر أن هناك مشكلة..
لقد وصل اتصال إلى أحمد منذ ساعات..
تغيرت ملامح وجهه بعد المكالمة..ثم خرج من المنزل بسرعة..
فهمت أن هناك مشكلة متعلقة بيوسف ولكن ماهي بالضبط..
لا أعلم حقاً..
ظهر تنبيه لرسالة خاصة من تويتر..
فتحت الرسالة لرؤيتها..
وحين رأيتها ازدادت دقات قلبي..
(هل تريدين رؤية جمان؟؟)
نظرت إلى اسم الشخص المرسل ثم اتسعت عيناي بصدمة..
أجبته بتردد:
(خالد؟؟)
كنت أنتظر رده بترقب ..شعرت أني انتظر لدهور..
(هوازن سأسمح لك برؤيتها ولكن هناك شرط)
تزاحمت الدموع في عيني ..
أجبته بسرعة:
(أي شيء أنا مستعدة لفعل أي شيء في سبيل رؤيتها يا خالد أرجوك)..
وضعت يدي على صدري..أشعر أن قلبي يكاد يخرج من جسدي…
هيا يا خالد بسرعة ماهو شرطك..
وصلت الرسالة ...قرأتها بلهفة..
ولكن..
اتسعت عيناي بصدمة!!
هل هو جاد؟؟
أعدت قراءة الرسالة عدة مرات لأتأكد من أنني لم أخطيء في قراءتها..
ولكن لا...لم أكن مخطئة..
هذا هو شرطه حقاً..
(تزوجي بي)..
|