كاتب الموضوع :
سحاب الود
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: وكأن الأمس لم يكن.. رواية حصرية للكاتبة سحاب الود
الجزء الثاني
سامحيني أرجوك... سامحيني!
- انتي عايزة تفتكري الماضي ولا مش عايزة؟
- الا طبعا.. اكيد
- لأة هو في فرق، بين طبعا اكيد وبتعتبري الموضوع من المسلمات والحاقات اللي من واجباتك تعمليها، وانك بجد بجد عايزة تفتكري عايزة تعرفي انتي مين، عايزة تفتكري طفولتك ومراهقتك، عايزة تعرفي هو انتي حبيتي قبل كدا، هو انتي حياتك كانت حلوة ولا مرة، عايزة من جوات ألبك، لما بتفتحي ألبك بينك وبين نفسك، هو انتي عايزة بجد تعرفي انتي مين؟
سؤالها محير، لان من جد ما ادري، الشعور بالفراغ يقول لي لازم اعرف انا مين ومن فين جيت ومين اهلي وكيف كبرت وليه انا هنا لوحدي، والجزء الثاني يقول، زي ما نسيوني انساهم ما احتاج افتكرهم ما احتاج اتذكر ناس قريبة مني واكتشف انهم طعنوني في ظهري وتركوني هنا في المستشفى اعيش بقية حياتي!
هل انبش في الماضي؟
هل احاول اتذكر كل صغيرة وكبيرة وكل المواقف الحلوة والمرة اللي عدت عليا في حياتي؟
هل من الضروري افتكر؟
يمكن هذه نعمة من ربي عشان امحي الماضي وابدا من جديد
ابدأ من الصفر، الماضي ما راح يغير مين اقدر اكون.. صح؟
اقدر اكون اللي اكون بدون ما اعرف مين كنت؟!
خرجت من عند الدكتورة ريهام الطيبة النفسية وانا محتارة في اجابة السؤال الصعب اللي ما عرفت اجاوب عليه، هل من جد ابغى اعرف الناس اللي خانوني وتركوني هنا في المستشفى؟ هل ابغى افتكر ليه تركوني؟ اخاف يطلع مالهم دخل واطلع انا اللي غلطانة واستاهل اترمي هنا!!
فينك يا عُلا؟!
اخر مرة شفتها كان قبل يومين، اعتذرت مني لان بدأت الاختبارات وما راح تقدر تعدي عليا لمدة اسبوعين تقريبا، حرام حياتي خليها تشوف مستقبلها برضو، لكن كان نفسي تجيني حتى لو ما تتكلم وتجلس تذاكر عندي، على الاقل احس ان في احد معايا في الحياة.
الله يوفقها ان شاء الله وتخلص اختباراتها وترجع تزورني من جديد، مع انو زياراتها استمرت تقريبا اسبوعين ، لكن كانت تجي يوميا وتجلس معايا وما تقصر والله حتى كانت تجيب معاها فطاير وشكولاتة، بنت ناس متربية والله، من الحاجات اللي نفسي اعرفها عن الماضي هو اذا كنت متزوجة وعندي ولد، عشان ازوجه بنت الناس هذه، والله انها لقطة ، جميلة ولطيفة، يعني لما يقولوا جمالها قلبا وقالبا ما غلطوا، ما شاء الله عليها ربي يحفظها ويخليها لأهلها.
وصلت لغرفتي وقابلتني الممرضة ومعاها ظرف ( هادا في بنت يجي يقول عشان انتي)
اخذت الظرف ودخلت غرفتي، ما كان مكتوب عليه شي من برى ، فتحته قبل ما انقل على السرير وطاحت الاوراق كل مكان!!
يمكن حول 5 اوراق يمين ويسار وتحت السرير، بركة الممرضة كانت معايا وساعدتني اجمع الورق رتبته لي على الطاولة وساعدتني انقل للسرير، قربت لي الطاولة وطلعت.
مسكت الاوراق وكانت مرقمة من 1 الى 5 رتبتها عشان اقراها
كان اول سطر في الاول صفحة
( سامحيني، انا آسفة ... سامحيني)
مع ضعف النظر اللي اصاب عيني اليمين وفقدان البصر التام في اليسار، وجدت صعوبة اني اقراها، وتمنيت ان احد يقدر يساعدني في قراءتها لكن لسبب ما خفت اني اطلب من احد يقرأها حسيت ان الرسالة هذه مضمونها سري وخاص ولازم انا اللي اقراه لوحدي، لكن كل اللي قدرت اقراه
( سامحيني، انا آسفة... سامحيني.. حاولت ازورك من يوم ما دخلتي المستشفى، حاولت اني اجي واطل عليك اطمن...)
بعدها بدت عيوني تتعب وتغرق في الدموع، رجفت يدي وحسيت بضعف يهجم على جسمي كله، هذه الرسالة من مين، مين كتب لي5 صفحات!!! مين اللي يعتذر مني؟
ناديت الممرضة وطلبت منها تكلم طبيب العيون، ابغى نظارة او مجهر او اي شي يساعدني اقرى الرسالة ، لازم اقراها اليوم لازم!!
اختفت الممرضة لمدة ربع ساعة تقريبا، ورجعت قالت انها اتصلت بالطبيب وراح يحاول انه يعدي عليا خلال الكم ساعة القادمة، وصراحة ما حبيت الوقت المفتوح هذا، ليه ما حدد وقت وليه ما جاء على طول!!
كل ما احاول امسك الرسالة واقراها تنزل دموعي غصب عني قد ما حاولت اني امنعها وامسح الدموع ما في فايدة، احمرت عيوني وما صرت اقدر اشوف نهائيا!!
رجعت ناديت الممرضة وانا ابكي واطلب منها تصر على الطبيب يجي حالا!!
اختفت الممرضة وجات معاها مسكن، تقول (مدام انتا في تعبان خذ هذا مسكن عشان في يرتاح)
اقول لك نادي الطيبيب تعطيني مسكن تبغيني انام!!!!
ما تفهمي؟ احتاج اشوف ابغى اشوف ابغى اقرا!! ابغى اعرف الان الان الان!!!!
رميت راسي على المخدة وانهمرت دموعي اكثر واكثر، تحول البكاء بهدوء الى نحيب وارتفع صوتي بشكل لا ارادي، ما شفت الا الدكتورة ريهام قدامي
- يا غالية!! يا غالية... مالك يا حببتي ... مالك؟
- دكتورة ارجوك، ارجوك ساعديني، نادي طبيب العيون، احتاج اشوف، والله حرام عليكم، حرام!! ليه تعذبوني ليه!!! ليه محد يبغى يساعدني؟ ليه محد يسمعني؟!!
- ما تقوليش كدا اهوه انا جيتك انا وبطني اللي متر قدامي جيت جري والله !!! قولي لي عايزة ايه وانا اعملهولك!! من العين دي قبل العين دي!
- دكتورة ارجوك، ابغى طبيب العيون ، بس هذا طلبي والله مو صعب والله حق من حقوقي اني اشوف الطبيب!!
- طيب ما طلبتيش حاقة والله، خلاص هدي اعصابك وقولي لا اله الا الله، ما يصحش والله صحتك ونفسيتك بتتعب كدا خالص، الدكتور جاي دلوقتي بس هو في العيادة يا قلبي، يخلص الكام مريض اللي معاه وجري يجي يشوفك، عايزة ايه تاني؟!
- دكتورة ... ممكن طلب
- طبعا! اطلبي يا حببتي
- اقري لي هذه الرسالة
اعطيتها الرسالة ويدي ترجف، كنت بين اللي ابغى اعرف، واللي ما ابغى اعرف، الفضول قطع قلبي، لكن قلبي موجوع وما يحتاج ينكسر!
مسكت الدكتورة الورق، وقرت البداية، بعدها سألتني ( متأكدة عايزة اقراهولك؟ دا باين عليه خطاب خاص قدا)
اقريه يرحم امك اقريه!! انا لو اقدر اقراه كان قريته وفكيت عمري، كان فصفصت كل صفحة وعرفت ايش محتواه من غير ما اطلب منك شي!
سحبت الدكتورة كرسي وجلست جنبي وبدت تقرا
( سامحيني، انا آسفة... سامحيني.. حاولت ازورك من يوم ما دخلتي المستشفى، حاولت اني اجي واطل عليك اطمن، لكن والله ما كان بيدي، والله انه كنت ممنوعة من الخروج من البيت، ومن كل وسائل التواصل، انسحب جوالي ولابتوبي واي بادي واي شي فيه تكنولوجيا، حتى تليفون البيت شالوه من غرفتي..
ما كان عندي الا اوراق واقلام، عشان اكتب لك كل اللي في قلبي
امي...
سامحيني... )
جلست وحطيت يدي على قلبي.. لفيت على الدكتورة اللي توقفت عن القراءة، وكأنها فهمت اني احتاج لحظات استوعب اللي سمعته!!
امي!!
امي!!!
انا ام!!! انا عندي احد يناديني ماما!!!
ما ادري اذا كان قلبي يقدر ينكسر اكثر ، لكنه انكسر!!
- اكمل يا غالية ولا نكمل الخطاب دا بعدين؟
- كملي... كملي!! لكن انا... انا بس...
- مش لازم تقولي حاقة... ما تفكريش في حاقة.. انتي دلوقتي استقبلي وبس! ما تفكريش!! ما تفكريش خالص.. دي معلومات كتيرة عليك، وانا مش هأقرأ حاقة الا اذا كنتي بجد جاهزة تستقبلي باقي الخطاب
- طيب... طيب
رجعت انسدحت على السرير ، وغطيت وجهي بساعدي اليمين، كل حواسي مقفلة ما عدا السمع، ابغى اركز مع كل حرف ، كل كلمة!
( أمي..
سامحيني...
والله انا ما كنت ادري ان كل هذا صار لك، انا ما ادري انك نسيتينا!!!
ولا ادري انك نايمة في المستشفى ومحد بيجيك، ومحد بيطل عليك او يطمن عليك او حتى يطمنك علينا، لكن انا والله حاولت، حاولت اوصل لك واكلمك واساعدك بأي طريقة..
ماما .. انا ابغى اجي اشوفك
لكن ما اقدر...
حتى هذه الرسالة ارسلتها مع وحدة من صديقاتي عشان توصلها لك
بابا منعني من الخروج، وسحب ملفي من المدرسة، وكتبت لهم خطاب ان عندنا ظروف عائلية تمنع اني اكمل السنة الدراسية، ايوة ترى انا أولى ثانوي، لا تخافي انتي اتزوجتي وانتي صغيرة وانا دخلت المدرسة بدري، يعني بنتك عبقرية ترى!
ماما...
ما ابغى هذه الرسالة تكون حزينة ومظلمة
كفاية اللي صار فيك، وفينا كلنا بغيابك..
يمكن الافضل ان هذه الرسالة تكون رسالة تعريفية.. وكأننا نتعرف من جديد
انتي اعظم وافضل وألطف أم في الدنيا..
عندك ولدين وبنت اللي هي انا
انا اكبرهم، عمري 14 سنة.. ايوة دخلت المدرسة وعمري 5 سنوات كنت مستمعة لكن نجحت! مو اقول لك عبقرية!
بابا سماني غلا... لانه مشتق من اسمك! يا غالية!
اخواني توأم.. فارس وفراس وهم 8 سنوات
ما ادري احس بغرابة وانا اعرفك علينا وانتي اكثر شخص يعرفنا تعرفي ايش نحب وايش نكره ، تعرفي كيف تفرحينا لو زعلنا وتعرفي عنا كل صغيرة وكبيرة..
ماما ..
راح احاول اكتب لك رسالة من فترة لفترة، كل ما عرفت انو صاحبتي رايحة المستشفى راح ارسل معاها رسالة، نفسي اجي اشوفك واحضنك وانام جنبك يا ماما..
أحبك يا ماما
بنتك غلا )
ساد الصمت الغرفة...
ما نطقت بحرف، والدكتورة رجعت الرسالة في الظرف وحطته على الطاولة قدامي، قامت من الكرسي وحطت يدها على يدي وضغطت علي بقوة
رجعت مسكت يدها .. مسكته بقوة...
ضاعت الكلمات..
ضاعت الحروف...
رفعت يدي من على وجهي ولقيت دم كل مكان!!!
ركضت الدكتورة ريهام برى الغرفة ونادت الممرضة.. جات وجابت معاها عدة تغيير الضمادات، من كثر الدموع اللي انهمرت من العينين، والضغط اللا إرادي على جرحي نزف الجرح واختلط الدم بالدموع!
غيرت لي الضمادات ومسحت لي كل الدم..
خرجت الممرضة وما زالت الدكتورة ريهام موجودة..
جلست جنبي بهدوء تام، مسكت يدي يمكن حول ساعة كاملة...
محد مننا نطق بحرف..
ما في الا صوت انفاسنا...
- دكتورة..
- قولي يا البي
- شكرا
- ما عملتش حاقة والله
- لا والله جد شكرا!
- العفو يا حببتي..
- تعبت..
- طبعا .. دنا تعبت معاك! ما تولدينيش دنا لسة في السابع! هههه
- الله يسعد قلبك يا دكتورة... الله يسعد قلبك
- ربونا يصبرك يا حببتي.. وان شاءا لله يهدي قلبك يا رب
- يا رب
استأذنت مني الدكتورة بعد ما جلست معايا ساعة في صمت ودقائق في الكلام.. نصحتني ما احلل الرسالة بزيادة، واخذ المعلومات الجميلة واركز عليها اكثر من التركيز على الجانب السلبي..
همممم
الجانب الايجابي..
انا ام!!
انا عندي 3 اطفال... غلا.. فارس... فراس!
يا ترى يشبهوني؟ ولا يشبهوا ابوهم؟
ابوهم؟؟ زوجي... نصفي الاخر... ليه تركني؟ ليه ما يزورني؟ ليه يمنع غلا انها تزورني؟ ايش سويت انا عشان استحق التعامل الجاف هذا؟
لا ... لا ...
الدكتورة قالت اركز على الشي الحلو...
لكن...
ليه؟!
عدى هذا اليوم بثقل كبير.. حرب بين قلبي وعقلي.. قلبي يجرني للحزن، وعقلي يحاول يمشي بتعليمات الدكتورة.. ما ادري كم طبيب عدى عليا، وكم مرة سحبوا مني دم، ولا اتذكر اذا جاء طبيب العيون ولا ما جاء؟
كان اليوم سراب..
كنت مرات احاول اتخيل شكل بنتي.. شعرها نفس شعري؟ دقيقة ايش لون شعري؟ الجذور سودا لكن الباقي بني بلون الشكلاته.. هممم.. اجل ممكن شعرها اسود؟ عيونها تشبه عيوني؟
دقيقة ما عمري شفت عيوني!!
او بالاصح ما شفت نفسي من يوم ما صحيت!!
ما عندي مرايا في الغرفة.. وسألت الدكتورة ريهام قبل كدا، ونصحتني ما اشوف وجهي الا اذا كنت مستعدة نفسيا ، هي ودكتور العيون، حسسوني اني مشوهة جدا جدا وراح انهار لو شفت وجهي.. واحتمال معاهم حق!!
وانا في نص الخيال ومحاولات تركيب شكل فلذات كبدي
فجأة
يدخل عليا رجال .. بدون اي سابق انذار..
فتح الباب بكل قوته
ودخل والشر طالع من عيونه!!
كان لابس ثوب ابيض وشماغ احمر وعقاله في يده..
بدأ يصارخ ويهدد ويحرك اياديه في الهواء!!!!
وانا نص الكلام ماني فاهمة ايش يقول!!
ما ادري ادور على طرحتي ولا اطلب الممرضة ولا اطلب الامن!! مين انتا؟ كيف دخلت غرفتي؟ ايش تبغى!!
( شوفي... وربي اللي خلقني.. ان سمعت ان عُلا جاتك وجلست معاك بعد كدا والله ما يصير لها خير!! لا انتي ولا هي راح تشوفوا نور الشمس فاهمة!!!
ردي!!!
فاهمة!!!!
عُلا مالك صلاح فيها!! ولا اشوفك تكلميها وتلعبي في راسها!!!
والله.. وربي شاهد على كلامي!!
ان سمعت انها جاتك ولا كلمتك ولا كان لها علاقة بك بعد كدا، وربي لأبهدلكم انتو الاثنين!! والله لأخليك تندمي!!! والله تندمي!!! )
فجأة دخلت الممرضة ومعاها 2 من رجال الامن، وسحبوه لبرى وهو ما زال يهدد
وما زال يسب ويلعن و يتوعد!!
والله لو ان الأمن تأخروا دقايق كان ضربني بالعقال!!
عُلا؟!
ليه؟!
ايش صار بيني وبينها يستاهل انه يجي يهدد بالموت لنا؟
راسي يعورني، وما اعتقد اقدر افكر اكثر من كدا، ابغى المسكن اللي عرضته عليا الممرضة قبل كدا.. احتاج انام..
احتاج...
احتاج...
احتاج ارتاح!!
نهاية الجزء الثاني
|