المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
هَمَسَاتُ لَيْل ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم ومساءكم بكل خير
احم
كنت مواعدة ناس كذا برواية لكن لسة الله ما أمر
فخذولكم تصبيرة من الأرشيف صار لها شي 4 أو 5 سنين مكتوبة
يلا
وان
تو
ثري
جووو
همسات ليل
سطع ضوء خافت من نجمة وحيدة زينت صفحة سماء الليل التى اكتست بحلة قمرية بديعة الألوان وقد انعكست روعتها علي مياه جدول رقراق انسابت بنعومة كأنما تطرب لحفيف الشجر وتمايل الزهر علي إثر نسائم الليل العليلة ..
ساد السكون ثنايا المدينة في تلك الليلة فلم يكد يقاطعه سوي خطوات قلقة انتقلت جيئة وإياباً علي طريق ممهد بدقة تماشت مع حشائش السهل التى لمعت تشهد علي توتر صاحب الخطوات ذاك ..
توقف الصوت فجأة فالتمع شعر الشاب الذهبي تحت ضوء القمر وقد ارتفعت يداه حتى توقفتا علي مقربة من موجهه فانبعث من بينهما ضوء أحمر زاهٍ كشف عن زمردة رائعة الجمال علي شكل دمعة تخلب ألباب الناظرين إليها ولكن هذا الاثر لم يبد علي وجهه بل علا محياه تجهم وحزن عندما قال يخاطب القمر بألم : لماذا لم يترك لي خياراً آخر غير هذا ؟ ليتني أتخلص من هذا الحمل الذي يرهق كاهلي ..
سمع صوتاً من خلفه يهمس بلطف : أخبرني بسبب مشكلتك إذاً .. قد أستطيع مساعدتك .
التفت ليري رجلاً بدا أكبر منه ببضع سنوات له شعر أسود وعيون داكنة لمعت تؤكد صدقه ولكن الشك أبي إلا أن يدخل إلي قلب المسكين فسأل بخوف : ولماذا علي أن أثق بك ؟
رد رفيقه عجيب الطباع ببساطة : ومالي بك وأنا الذي لا أعرف حتى ما اسمك يا هذا ؟! أنت وحدك المستفيد من الحديث إلي فإن صدقتك فسأساعدك ولو بنصيحة وإن لم يكن فقد فزت براحة البال بعد الإفصاح عما في داخلك من هم .
حل الصمت ضيفاً عليهما لفترة ثم انطلق صوت ضعيف يقطعه بصدق : أنا لست من هذه المدينة ولكن أبي انتقل بي إلي هنا بعد وفاة والدتي وكان عمري وقتها عامين فقط .. لم نكن نعرف أحداً في هذه المدينة ولم نملك مكاناً نقيم فيه فأشار أحد السكان علي أبي بأن يستدين بعض المال من صاحب المركز التجاري ، السيد جرين ، الذي وافق علي إقراض أبي المال وأعطاه مهلة لدفعه مدتها عشرون عاماً ولكن المبلغ كان كبيراً جداً ولم يسمح عمل والدي له بأن يدخر شيئاً وقد كان ينفق كل قرش يصل إليه في تعليمي وتربيتي وأما ما بقي بعد وفاته فقد أنفقته علي جنازته ..
اليوم بقي أسبوع واحد علي الميعاد النهائي لدفع المال وقد هددني السيد جرين بهدم البيت فوق رأسي إن لم أعد ماله وليثبت كلامه ، أمر رجاله بتدمير حديقتي .. صحيح أنه إن فعل فسأصبح متشرداً بلا مأوي أو عمل ولكني قمت بعمل فظيع يا سيدي ..
سكت لبرهة ثم أردف : منذ يومين مر موكب إلي قصر الأمير فسقطت علبة مذهبة من إحدى العربات دون أن ينتبه لها الحراس .. كنت ماراً بالقرب من هناك ورأيتها ففتحتها لأجد فيها هذه الزمردة ولكني احتفظت بها لأحل مشكلتي ولم أعدها .. عذر أقبح من ذنب أليس كذلك ؟
تجاهل السؤال ولكنه رد علي محدثه بآخر قائلاً : ولماذا لم تذهب بالجوهرة إلي صاحب الدين فتعطيها له وتنتهي من الأمر ؟
رد بخجل : حاولت فعل ذلك عدة مرات ولكني شعرت بشيء يمنعني من الذهاب والآن أدرك أنني أفضل التشرد علي دفع ديني من مال مسروق .
ابتسم ذلك الغريب عميق النظرات قبل أن يقول : أصدقني القول مارك .. ألا تعرف حقاً من أكون ؟
لاحظ الذهول الذي اعتري ذاك الصغير فأكمل بهدوء : لا بأس عليك .. أعرف أنك مارك ألكسندر وأعرف حكاية الدين الذي علي والدك لجرين .. تحريت عنك فأخبروني أنك شاب شريف لذا قررت أن اعرف بنفسي لماذا أقدمت علي عمل كسرقة هذه الجوهرة .
تكلم بصعوبة وكأنما يجبر الكلمات علي الخروج من بين شفتيه المرتجفتين : من .. من تكون أنت ؟
تجلي الرعب في عينيه حين رد الآخر علي سؤاله قائلاً : صاحب الزمردة .. اكتشف رجالي أنك أخذتها فأردت أن أعرف لماذا لم تحضر إلي وأنا الذي لم يعرف عنه ان رد سائلاً .
رفع إلي أميره عينين ملأهما الخوف الذي اختلط بتساؤل عن التصرف الذي سيسلكه تجاهه وإذ بابتسامة تعلو ثغر صاحب الجوهرة وهو يعلن : أنا أصدقك مارك .. الجوهرة لك واعتبر دينك مقضياً وأما جرين فلك أن تختار مصيره وأعدك أن أحقق لك ما تحكم به عليه .
قال والسعادة تملأ قلبه : لا أريد أن أفعل به شيئاً حتى لا أكون مثله .. ربما يعلمه هذا أن يكون أفضل مع الآخرين ..
وقف علي شرفة قصره يراقب الحديقة البديعة التنسيق وقد ابتسم للذكريات التي راودته .. لم يصدق أن كل ذلك العمر قد مضي منذ المرة الأولي التي قابل فيها صديقه الصغير .. فكر كيف تطورت صداقتهما علي مدار السنوات الماضية حتى أصبح كل منهما يزيد عن كونه أخاً للآخر رغم فارق السن الكبير بينهما والذي لم يحدث فرقاً في علاقتهما الرائعة ..
شعر بيد وضعت علي كتفه فالتفت يري صاحبها ليجد نفسه يبتسم ويقول : كنت أفكر فيك .
رد بابتسامة مشاكسة : بالسوء ها ؟ يا لك من ناكر للجميل آرثر .
ضحك بعذوبة وهو يحيط كتفي صديقه بذراعه اليمني ويقول : كنت أفكر للتو في لقائنا الأول مارك .. كان ذلك أهم ما حصل لي في حياتي ..
صمت وقد علا وجهه حنين إلي تلك الأيام الرائعة قبل أن يضطر إلي تحمل شئون مملكته عندما قال رفيقه بحب : لا زالت زمردتك معي منذ ذلك اليوم ..
علت الدهشة وجه الأمير الذي تساءل : أحقاً ؟! ظننتك أسست الدكان بثمنها !
ابتسم بخفة وهو يشرح قائلاً : لا بل بعت حلية كانت لجدتي وأسست بها المتجر وأما هديتك فإنني سأحتفظ بها لآخر عمري ثم أورثها لأولادي وأولاد أولادي ..
تمت بحمد الله ..
|