المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
حلم في طريقة للتحقق
في شهــر أبريـل من السنة الماضيـة لعام 2007 تلقيــت إشارة أو بالأحرى
فرصة كما يسميها البعض ، لسوء حظي تلك الإشارة لم تكن بخضراء
أو صفراء بل كانت حمراء .. لم تدع لي خياراً غير التوقف .. أملت في
ذلك الحين لو أنــها بخضراء ، لأنه كان يوماً مميزاً رغم تعاسة طالعي .
طقس ممطـر عبّر عن أريْحيّته فأطلق رذاذه الخفيف طليقاً يتجول
على الطُرقــات والأرصفة التي سرعان ما أكْتضّت بالـسُكان و
وسـائل النقل بأنواعـها المختلفة ، وجموعٌ غفيرة تسارع خُطاها بشكلٍ
عشوائي مُتضارب لأغراضٍ شتى متفاوتة ، ثم ذلك الوحل الذي ترك
لمسته الخاصة تجوب أنحاء كل زاويةٍ وركن من أرجاء تلك المدينة ، وبالطبع
لم تغفل عيناي عن مشاهدة جزءٍ من الشعارات الشعبية التيتبادلها
بعض المارّة فخراً بصنيع دويلته أثناء تعمقي بالتجوال في محاولة
للاستكشاف ، محتمل أن الجنون تملّكني آنذاك لاعتقادي بأنه
كان يوماً مميز .. ولكنه كان كذلك !
أمـا الآن فأنـا أنظر عبر النوافـذ الزجاجية للعالم الخارجي
من مطار باريس أورلي .. حالما أصبحت بخارجة تركت لأنفي حرية
التمتع باستنشاق هواء دويلتها الجديدة . أفسد ارهاقي لذة
استمتاعي بالأمر ، فأشرّت لتاكسي بالوقوف و منحته العنوان المراد ..
"إلى فندق فور سيزونز جورج الخامس ، لو سمحت "
ضغطت بجسدي على المقعد الخلفي ورميت برأسي للوراء أستند
عليه بصورة أعمق ، حتى استمات بدني وبالغ في الأمر فعدّلت عن
وضعيتي ، لا يجب أن أنام هنا ، دقائق معدودات وأصل لغرفتي .
فتحت النافذة أستمتع بالمعالم العصرية و طال انتظاري
بسبب الازدحام المروري الذي خلّف فوضى عارمة في الطريق ،
استفسرت من السائق عن سر الجلبة فأخبرني أنه أمرٌ معتاد في
شهر مايو .. عندها استحضرت ما قرأته عن مدينة باريس قبل
يومٍ من سفري ، وجدت تعقيباً خاصاً عن شهر مايو بكونه يعد
من أجمل شهور السنة ، شهر الرومانسية ! ولكن باريس بأكملها
تكفي فضلاً عن شهر واحد، فطقسه بارد قليلاً والشوارع مليئة بالغفير
والفرق الموسيقية و البائعية ، أما عن الروائح الزكية التي تلتقطها
أنفك وتعتمل في صدركلتفعل الأعاجيب، ذلك شأناً آخر لا يسعني
وصفه، فباريس مدينة العطور فأي حديثٍ بعد هذا يقال.
ما قرأته سابقاً أرّقبه الآن عن قرب،أعترف أن بعض الكتابات قد
تكون صادقه أحياناً ، الوضع هنا حتى أمتع مم شهدته
في العام الماضي في مدينة ريو دي جانيرو .
بعد مرور دقائق أصبحت بالفندق في غرفتي، لم أستطع تحمّل
تعب الرحلة لذا لم أعبث بحقائبي كثيراً سوى أنني أخرجت رداءٍ
قطني وتوجهت فوراً لحمام استرخـاء دافئ،
استغرقت رحلتي ما يقارب اثنا عشر ساعة، والأسوأ عدم قدرتي
على النوم جيداً بتلك الطائرة والآن وبما أنني قد أصبحت بباريس
وأخيراً وليس آخراً علي مُباشرة ما جئت من أجله . غداً تبدأ أول محاولة
لي في سيبل تحقيق حلمي .
في صباح اليوم التالي قررت أن أسأل موظفو الفندق عن أشهر الأماكن
السياحية في باريس ، ابتسمت لذاتي ابتسامةٍ خرقاء اعجاباً بنفسي
لأنني أجدت لغتهم الفرنسية بطلاقه نتيجةً لتواجد العِرْق الفرنسي
بي نسبةً لجدي الأكبر ، لو لم أمتلك نصيباً عاليا بالحياة لضاعت
فرصتي الذهبية هذه التي من شأنها أن تساعدني في عملي
لاحقاً فقط بسبب عدم إتقاني للغة ! .
رشحوا لي بعضاً من الأماكن السياحية ، ولابد أن يتصدر برج
ايفل لائحة البداية لمكانته العريقة والأثرية . ومن ثم اقترحوا لي
شارع الشانزليزية و متحف اللوفر أما فيما تعلّق بالحدائق فأوصوا
بي بديزنى لاند و اكوا بوليفار و استركس .
فبدأت بمتحف اللوفر بزيارة قصيرة مستعجلة إليه ، التقت صوراً
رائعة متنوعة لبعض التماثيل والرسومات الفنية ولم أنسى أن ألتقط
صورةً تذكارية للوحة الموناليزا قبل انتقالي للمعالم الأثرية بداخله ،
لفت انتباهي آثاراً مصرية جميلة فاستفسرت عن تاريخيها وقيل لي
بأن زمنها يعود منذ الحملة الفرنسية على مصر حيث سرقت منهم
في تلك الأثناء . أردت أن أطيل البقاء ولكن الوقت لم يدعني أهنـأ ،
ليس لدي سوى يومٍ واحد لأن غداً صباحاً علي العودة إلى موطني ،
فقصدت برج إيفل الذي سُمي على مهندسه غوستاف إيفل ، كان
منظراً جميلاً قضيت به ساعتان على سواهُ من الأماكن الأخرى بعدها
سرت إلى حديقة ديزني لاند ومنها إلـى اكوا و بوليفارد و استركس .
وعندما حلّ المساء وأصبحت عقارب ساعتي تشير للثامنة والنصف
قصدت شارع الشانزليزية ، لم أدع لقدميّ سبيلاً للراحة أطلقتهما هنا
وهناك عشوائياً بين أرجائه ، في طريقي رأيت أرقى المحلات والماركات
العالمية بجانب قسماً من المطاعم والمقاهي الراقية مثل مطعم
فوكيت ومقهى كارديدور وبسبب معدتي التي أزعجني غنائها
المتوسل بإجابة دعواتها دخلت إلى مطعم بيتزا متواضع يناسب
مُدخراتي ، مطعم بينو للبيتزا .
وصلت لغرفتي في حوالي الساعة الحادية عشر، ارتميت على
فراشي وأنـا أقلب أفكاري الآن بـات لدي الكثير من الصور التي قد
تؤهلني لما قد جئت من أجله لم يتبقى لدي سوى الذهـاب
لبوسـطن غداً ، لقد أصبحت جاهزة وفي جعبتي الكثير و الكثير .
في اليوم التالي شعرت بوخزات طفيفة على سائر جسدي لابد
بأنني أهملته البارحة ، ولكن يومي المنشود قد أتى، لم أعد أطيق
الانتظار أكثر فمتى تقلع طائرتي؟
كنت في حالة تأهبٍ تام منذ الأمس والحماس دفعني لأحزم
حقائبي مبكِراً فلا أعلم لماذا أتيت بحقائب كثيرة بدلاً عن واحده
وأنـا أعلم بأن إجازتي ليوم واحد , لعلي أملت مكوثي لأيام أخرى
بفعل فاعل ! ويال خيبتي لم يحدث شيئاً . ها قد حان الوقت
وبدأت الإرشادات التعلمية بالتوجه لصالة المغادرة ..
بعد مضي ما قارب ثمانية ساعات أصبحت بموطنـي ، توجهت على
الفور لشركة إنتاج مجلة بوسطن ثم بعدها قصدت المنــزل .. وكانت
أمي أول المستقبلين لي بعينيها الدامعتين فرحاً بوصولي سالمه
وفي عينيها ألف سؤال
" عزيزتي ماري أعلم بأنك متعبه لذا لن أسألك سوى سؤال واحد ؟ "
تفضلي يا أمي :
" أخبرتني منذ وصولك لبوسطن منذ لحظات أنك في طريقك
للشركة فهل تم قبولـك
بها .. هل نجحتِ ؟ "
مطّت شفتيها وضيقت عينيها تغيظ والدتها بصمتها الطويل ثم
أجابت بلا اكتراث
" ماذا تعتقدين ؟ هل نجحت بنظرك ؟"
" سأقول نعم بما أنني أرى وجهك منيراً مع تلك الابتسامة
الواثقة عليه ! ، أهلا بعودتك للمنزل "
|
24-01-16, 09:21 PM
جديد مواضيع قسم القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
العرض العادي
