كاتب الموضوع :
ثريا ا ا
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: كهرمان / بقلمي
-
الفصل الرابع
. . .
- شهر يالظالمة ..
همهمَ بجمود .
قامت بخيانة ﻻ تغتفر ...
لن يغفر تلك اﻹهانة ، بـ تيك الوسيلة القذرة ..
فرّت دونما سابق إنذار !
غدرت به !!
لم يستبعد قضاؤها عطلة الكريسماس لدی والدها ؛
لكن أن تفعلها بتلك الطريقة الملتوية !!!
غابت شهراً بكامله دون يطرف لها رمشاً !
من حسن الحظ استغل العطلة مع رفاقه في السفر ،
من أجل حضور مباراة سبق التخطيط لها في ( روما ) ،
وحيث قضوا بضع أيام في أنحائها .
قام بمقاطعتها كلياً وبكل وسائل الاتصال .
فلتتعلَّم درساً !!
فمن بحق الله سيمنح اهتماماً بقدره لتلك المنبوذة ؟
فلتحمد الله أن لاقت بشرياً يتقبلها !
لكن هاهي ذي اﻵن !
تواجهه بكل هدوء وطبيعية ، كأنما كانت باﻷمس برفقته .
وكأنما لم ترتكب خطأً !
لطالما تساءل ... ؟
إن كان هذا الملاك ظاهرياً
يملك طبيعة ( سيكوباتية ) !
ﻻ تشعر ..
ﻻ تندم ..
ﻻ أحاسيس ..
ﻻ وجود لضمير !
مثلها مثلما اﻹنسان الآلي !
إنسان آلي مبرمج علی التنفس ، واﻷكل ، والدراسة ؛
ﻻ غير !
وجهٌ ملائكيّ ، طبعٌ سيكوباتيّ !
معادلة ، سيعجز أعظم العباقرة والعلماء ؛ عن حلّها !
قضيا الطريق صامتين ، يلفهما السكون المغلف بشرارات العداوة الخفية .
كان ينوي إعادتها للسكن مباشرة ، إﻻ وجد نفسه ينحرف عن الطريق
ويؤول بها إلی مساحة خضراء ورمادية مهجورة .
لم تردّ على همهمته البائسة سوی حفيف أوراق الشجرة
العملاقة والمعمرة أعلاهما ، والمنفردة عن بقية اﻷشجار
الشائكة ذات الفروع العارية علی إثر خريف نوفمبر .
- كيف قضيت اﻹجازة ؟
أوَتجرؤ على الكلام .. ؟!
- أضمن لك ما قضيتها محبوس بين أربع حيطان .
- بابا طلعني ، ومشاني مرتين !
أدارَ عينه إليها .
تتحدث بفخر ، تشير بإصبعين فرحة ،
رمزاً لليومين الخاذلين !
وَكيف ﻻ يصفهما بالخاذلين ؟
وهو واثق بأن منزلتها لم تكن أعلی من منزلة
من البساط الذي افترشته العائلة الخاسئة .
بل لعل البساط كان له دورٌ أكثر منها !
غلبه اﻻختناق فيما تخيلها ؛ جالسة علی زاوية البساط ، صامتة ،
تراقب عن بعد عائلة والدها السعيدة .
دون يلقي أحدهم بالاً للوحيدة البائسة في الزاوية .
دون يتفضل أحدهم ولو من باب المجاملة بدعوتها إلی مشاركتهم .
عظمَ من ضيق صدره ؛ ذكريات لصور لا توقف غزوها إلی ذاكرته .
مواقف تعيسة عدة رآها عليه في أماكن متفرقة من الجامعة ..
مواقف لم يكن بمقدور قلبه القوي تحمله ، فكيف هي بقلبها الغض الصغير ؟
اﻷمرّ من ذلك ، ﻻ تذرِف دمْعة !
ﻻ يمكنه تخيل فتاة وحيدة ، وضعيفة ..
تتعرض للاضطهاد من جماعة من الفتيات ال****** ؛
وﻻ تذرف دمعة واحدة !
لطالما تمنی لو بإمكانه التدخل ، وإنقاذها ..
لكن كيف بحق الله ؛ لرجل أن يتطفل علی معركة فتيات ، وكلامية ؟
بل لربما سيزيد موقفها حرجاً ..
لن تحبّذ لقاؤه لها بتلك المواقف ..
- بابا قال ! في إجازة اﻹيستر ، بيسمح أروح لماما !!
- بابا بابا بابا !! كرهتيني حتی بأمي وأبوي !
لا أشوفك تجيبين طاريهم عندي !
تصلبت تراسيمها ، مبهوتة من ذلك التسلط واﻻستبداد .
ثم به يدهش بحجم الصوت الهائل الذي تمتلكه حنجرتها ؛
ما جعله يتساءل إن ابتلعت مكبر صوت قبل لقائه ؟ :
- بابا بابا بابا !!!!!! .. ماما ماما ماما ماما !!!!!! ..
بابا ماما بابا بابا بابا ماما ماما بابا بابا ....
إنها تبكي .... !!
( الفضائية ) تبكي !!
إنها تذرف الدموع !!!
هل هذه دموع حقيقية ؟
امتدت أناملُه .. ﻻمسَت الحبات الكريستالية ..
ملمسه كدموع البشر !
تذوَّقه ...
مالحٌ .. كدموع البشر !
أخيراً ... شهادة تثبت ، بأن الكائن أمامه ( إنسان ) !
غريزياً ، وجد قلبه يلين : وفاء ..
أكان قاسٍ عليها إلی هذه الدرجة ؟
هل كان لكلماته هذا التأثير ...
بحيث تمكنت .. من تفجير الينابيع الجافة ؟
صرخت في وجهه منتقمة :
- ﻻ تنطق اسمي ، كرهت اسمي منك .. كرهتني بنفسي ...
لا أشوفك تنطق ( وفاء ) قدامي .. مابي أسمع لسانك ينطقه !
تنتقم بإعادة إملاء أوامره عليه .
عادت يده تقترب ترغب بإيقاف الدموع الغزيرة ،
فأعيق طريقها بالصفعة الحقود .
- كمل مقاطعتك ، ليه رجعت ؟ خلها أبدية ، متی تعرف إني ما أبيك ؟
كيف أفهمك ؟ متی تفهم ؟ ما أبيك ياخي .. أنا ما أبيك .. افهم !
دفعته بذعر حينما التصق بها بسرعة البرق !
رفضها الصريح والقاطع له ..
تصريحها بالغياب لشهر كامل آخر
في عطلة عيد الفصح اللعين ..
كل أوﻻء اﻷعداء متفقين كفيلون
بإرغامه علی التحول في لحظة
إلی شيطانٍ مارد !
- ما تبيني ؟
خرج همسه كفحيحِ أفعی .
- عيدي حبيبتي ؟ وش قلتي ؟
- أبيك !
حرك رأسه بحزن : ﻻ ، قلتي ما تبيني .
- ﻻ ﻻ .. قلت أبيك .. سمعت غلط ...
- أثبتي لي !
تعاظم اضطراب أنفاسها في استشعار للخطر .
- حبيبتي ، أثبتي لي إنك تبيني .
أطلقت أنيناً من اﻷعماق ، في حينِ علت فرقعة من إحدی أصابعها الرفيعة .
نظرت إليه مرتاعة ، بعينين جاحظتين ، متألمتين .
وغلبها الجزع لتهرع وجلة بمصارعة حصار اليدين القاسيتين .
لكن بدأت تهدأ ، وتسكن .
عندما غزاها شيءٌ من اﻹطمئنان .
حين شعرت بيديه تتحولان إلى الرِّقة .
تحتضنان يدها بتمسيدٍ لطيف .
- آسف حبيبتي ، بس أبيك تثبتين لي .
لفظت شهقة متقطعة من أقصی الجوف ،
علی فرقعة أخرى أعظم من سابقتها .
تبعثرت الكلمات المتوجعة من الثغر المرتعش :
- أنت .. مو قاسي كذا ..
تعورني .. ليش ؟
لكنه عاد يرجوها في رقة : أثبتي لي طيب ..
- أنت تخوفني !!
واسترسل علی هذا المنوال ، في كل مرّة تنطق يرتجيها
بنفس الهسيس المجنون ، مع فرقعة أشدّ قسوة .
هتفت في محاولة يائسة لتهدئة غضبه :
- أنا أبيك .. قلت أبيك ! تسمع ؟
صرخ : ﻻ تكذبين !!!!
- مجنون أنت مجنون ؟ وش تبي أنت يا مجنون ؟
مريض أنت ؟ والله المريض أنت مو أنا !
أنا حتی ما أعرف اسمك ، يا مريض !!
أنت مين يا أنت ؟! من أنت ؟!
أنا ما أعرفك !!!
حرّر يدها مستسلماً ، واللّهاث مسيطر ...
علی وجهه الذي ضاهی قنبلة حمراء موقوتة .
واستند إلی جذع الشجرة .
مخللاً شعره بأصابعه الغليظة المرتجفة .
مستلقياً علی ظهره ، علی العشب البارد .
وما تبرح جاثمة ، منكبة علی وجهها .
منخرطة في النحيب الصامت منذ نصف ساعة ،
كلما توقفت ، يجدها تعود لبكاء أشدّ .
بينما أحاطه اﻻسترخاء ، واستغرق في التأمل ،
ودندنة بعض اﻷنغام مع نفسه .
يظهر أنها تفرغ دموع عام كامل .
تبدو من النوع الذي يبكي مرة في العمر ،
وإذا بكی لا يهدأ بسهولة .
- ﻻ يفوتك المشهد السكسي .
فاجأته وهي تلغي افتراضاته ،
وتقطع بكاؤها بسهولة مذهلة ترفع رأسها بفضول !
أشارَ لها إلی حيث شجيرات رمادية صغيرة ،
حيث زوجين من القطط شبه مختبئين .
- ﻻ تراقب ، أعطيهم خصوصيتهم !
قهقه هاتفاً :
- خصوصيتهم ؟
أول شيلي عيونك أنتي يا أم خصوصية ، شوي وينقزون .
بدت عبارتها الطبيعية ، غير طبيعية البتة في موقفها ..
مع وجهها القاتم الحمرة في فوضی بحار الدموع ،
والخصلات السوداء الملتصقة بوجنتيها .
- شيل عيونك أنت أول ، أنا أتأمل ألوانهم .
- بالله ؟
اعتدلت في جلستها بسرعة :
- قد حاولت تجيب احتمالات ﻷطفالهم ؟
رفع حاجبيه مشدوهاً .
هل نسيت أنها كانت تبكي للتو ؟
- يا سلام ، لك تجارب !
اللهم إني بريء مما يصنعون .
استهلت تعد علی أصابعها :
- واحد بيج ، واحد أسود ، واحد نص أسود ونص بيج،
واحد شوي بيج وكثير أسود ، واحد شوي أسود وكثير بيج .
- نسيتي لون العين !
استلقت علی جنبها بكسل :
- مشوار ، مابي أعيد .
الارتعاشات العنيفة للبكاء تسري في بدنها ..
بشكل بعث به شيء من الشفقة ، والندم ..
- , The window man
ممكن طلب .. ؟
أعاد بأنظاره إليها .
- أول شيء ، تحبني ؟
لبثت تنتظر الجواب ...
... إلی أن نفذ صبرها ،
وإنكفأت ترخي رأسها بعدم اكتراث .
لكنه خلقَ في نفسها الذعر ، حين انقلب إليها علی حين غرة بحيوية .
محنياً عليها برأسه المسند براحة يده ، ويشرع يجيبُ علی السؤال ..
في شاعرِيَّة مسرحيَّة ..
- ... all of me ...
... Loves all of you ...
, Love your curves and all your edges ...
. All your perfect imperfections ...
... Give your all to me ...
..... I'll give my all to you ...
قاطعته بتكذيبٍ ولوم : كل يوم تذكر عيوبي ..
همَس : اشتقت لك ..
- طبقة صوتك باريتون ، تدري ؟
- أصلاً يسموني إلفيس السعودي !
- مع إن صوتك مو حق غنی ، لكن حبيت أنبهك للطبقة ، لعد تغني .
- ارحمينا ، يا أديل !
أطربته علی نغمة ضحكتها المرحة .
ﻻ توقفي الضحك ، أرجوكِ !
- غني بس .
- أغني ايش ؟!
- غني أي شي .
- ﻻ ، حتی صوتي .. مو حق غنی ، ما بيعجبك ..
- أدري ، بس غني ..
- مافي شيء ببالي ...
- غني أي شي إن شاء الله A B C D !
أخذت الجوهرتين النقيَّتين تدوران في المحجرين
باحثين في ذاكرة الرأس الغريب اﻷطوار .
- I’m a princess cut from marble, smoother
than a storm
And the scars that mark my body, they’re silver and gold
توقفت تترقب رأيه .
- ما أدري وش بلاني وخلاني أطلب تغنين ،
مالقيتي إﻻ هالنفسية ؟
ردت بنبرة المعدوم الحيلة : قلت لك ما ببالي شيء .
ابتعد عائداً إلی وضعيته السابقة :
- لعد تفكرين تغنين ، توبة أطلب .
جلست تسأله باهتمام :
- طيب وأنا ؟ ايش نوع طبقة صوتي ؟
- نوع صوتك طبقة الزرافة ، مافيه صوت .
- بس الزرافة مالها صوت !!
- الصدق صوتك يخوف ، يصحي ميت !
هبّت تدنو منه بلا وعي :
- لقيت حاجة رومانس !!!!
- بسم الله ، ﻻ مابي تكفين .
عارض بخوفٍ حقيقي عائد إلی قربها الشديد
أكثر منه إلی غناؤها المخيف .
- I got my red dress on tonight
Dancing in the dark in the pale moonlight
Done my hair up real big beauty queen style
High heels off .. I'm feeling alive ..
- بسم الله ، من وين طالعة هاﻷصوات ،
كم روح ساكنتك أنتي ؟
أجابت بجدية أفزعته : خمس أرواح !
بغضِّ النظر عن الصوتِ الذي ليس بشجيّ ، والغناء
اﻷقرب للحديث منه إلی الغناء ، والعبث الواضح ...
فما أبهره هو تمكنها من التبديل بين الطبقات الصوتية المتباينة بذلك اليُسر !
لطالما حيَّره صوتها ...
مضت علی علاقتهما حول الثلاث أشهر ،
وحتى هذا الحين لم يتمكن بعد من تحديد صوتها .
كان يشعر طوال الوقت أنها تتمتع بطبقات عدة
تتبدل مع اﻷحوال والمواقف ؛
وكأنَّها تمتلك أكثر من حنجرة !
سأل عندما تذكَّر فجأة :
- وش طلبك ؟
طرفت عينها : طلبي ؟!
- كنتي بتطلبين شيء ، يا فاغرة .
حكَّت رأسها حيرة :
- صح ، كان عندي طلب .
اعتصرت حاجبيها في محاولة للتذكر ،
وانتهت تعبر عن رغبتها بالذهاب :
- قرب المغرب .
عرض وهو يستوي واقفا :
- ما جعتي ؟
تبين آخذ لك شيء علی الطريق ؟
نادت تتمهَّلُه : لحظة ، تذكرت !
نظرها باهتمام باسطاً ذراعيه لطلبِها ،
ﻻبدَّ من أن طلبها بسيطٌ وبريء مثلُها .
- أنا تورطت ، أبي تساعدني .
قالتها بسهولة استنشاق الهواء .
تحول إلی العبوس ، يسأل بارتياب :
- وش من بلوی هببتي ؟
رسمت ابتسامة بلهاء مترددة ، شارحة :
- دعست صوص حق وحدة بالجامعة ، ومات .
مكث يبادلها نظراتها البلهاء الفارغة .
- والمطلوب مني ؟
- ما أدري نست الحين والا ﻻ ؟ بس كانت لزقة ياخي !
قعدت ملاحقتني يومين ، فهربت عند بابا ....
اليوم شفتها ، كانت تدور علي ! بس تخبيت !!!
دعكَ جبينه ، يجاهد لاستيعاب ما تثرثر به الطفلة الخرقاء .
- الحين كل هالغياب ، عشان صوص ؟!!!
شكَت له متضجرة :
- عطيتها فلوس مو راضية تقبل ، جبت لها صوص بديل ،
ما تبيه ! تقول تبيني أرجع الصوص حقها حي !!
فجبت لها نسخة من الصوص الميت ، وقلت لها عالجته ورجع حي .
كشرت بوجهي وناظرتني كأني شحاذه !!!
تقول بتشكيني !! ساعدني !!!!
!!!! Window Man
!!!! Please, I need you
زفر حائراً ، ﻻ يدري أيضحك أم يبكي ؟
تتكلم بسرعة شديدة ، تتلعثم وتخلط اﻷحرف ،
بالكاد أمكنه الفهم والتركيز .
جاراها بهدوء بعد أن استقرّ علی قرار ،
في حين يقودها إلی السيارة :
- بنشوف موضوعك بعدين حبيبتي ، ﻷن اﻵن عندنا موضوع ثاني ...
بتنتقلين للشقة الحين ، شقتك جاهزة .
- هاه ؟
- الشقة اكتملت ، وتنتظر طلتك يا أميرة .
بدا عليها شيئٌ من الاعتراض : أمداك تأثثها ؟
نبَّهَ بعتاب : تذكري ، تركتيني شهر ...
كان قد ألحّ أن تخترع عذراً تعرقل به والدها عن تأثيث الشقة الجديدة ،
إذ يطمع لرغبة في نفسه بأن يتصرف في أثاث الشقة .
وكانت فرصةً ثمينة لتحقيق جزءٍ من بحر أحلامه .. !
- اسمع ، أنا ما استعديت ،
أجلها لبكره .. أو بعده .
- بكره مب فاضي ، ولا بعده .
- بس أنا ما استعديت !
أغلق الباب مقاطعاً اعتراضها ،
لتجد نفسها بعد دقائِق قليلة أمام
شقة السَّكَن الذي ستودِّعه اﻵن !
أعاقت ملاحقته لها إلی حجرتها ، تطلبه الانتظار في الخارج .
- ليه ، عندك أسرار ؟
تجاهلت تعليقه تدلف حجرتها ، حريصة علی إغلاق الباب .
انتظر لأقل من دقيقتين ثم أخذ يطرق عليها .
- مافيه حس بالشقة .
وصلته إجابتها من الداخل :
- اثنين منهم شكلهم باقي مسافرات ، أو عند أهاليهم .
- طولتي وش تسوين ؟
فتحت الباب بعد دقيقتين أخريين لتقابله تلكما اﻷعين المتسعة .
فالتوی فمه سُخرية :
- عندي فضول أعرف وش اﻷسرار اللي خبيتيهم ، يا حبيبتي البريئة ؟
- ما عندي أسرار !
- وين عفشك ؟
أشارت له إلی الحقيبتين المركونتين إلی جانب السرير .
- يا سلام ، السرير مرتب اليوم .
علَّقَ متهكمٌ بفوضاها الذي ميَّز به سريرها عن اﻵخر
الفارغ والمهجور في زيارته اﻷولی .
- ما قد شاركتك وحدة الغرفة ؟
ردت وهي تحمل أصغر الحقيبتين :
- إﻻ .. في بداية السنة ، ملت مني وراحت .
حمل الحقيبة اﻷخری قائلاً :
- يالله استغلي هالثواني وودعي غرفتك .
تجاهلته متقدمة إلی الخارج ، لكنه وجدها تتراجع
وتسرع بالعودة للحجرة محتضنة حقيبتها .
- لحظة ، بأودع غرفتي !
أعاق إغلاقها للباب ، متسائلاً بخبث :
- نسيتي سر ؟
- ? Just a moment, please
- آسف ، كثير !
دفعت بالباب علی جسده بكل قوتها ، تكافح لإغلاقه :
- مو وقت سماجتك ، لحظة وحدة ، تكفی !
- أبي أشوف أسرارك ، أثرتي فضولي .
- ما عندي أسرار ! أشياء تافهة والله !
- تبيني أحل مشكلتك العويصة مع البنت ؟ إذن علميني بأسرارك !
قال راسماً لها ابتسامة أسفرت عن أنيابه الذئبيَّة .
- !! WOOOO
بنت !!! خبله ؟!!
كادت تودي إلی إيقاعه أرضاً حين أفلتت الباب بطيشٍ أحمق .
- وين رايحة ؟ خذي حاجتك !
- هونت ، مابي .
- ارجعي ، خلاص ما بشوف شيء !
عادت مجبرةً بوجهٍ محمرّ ، كأنَّ قلبها ﻻ يطاوعها الاستغناء عن شيئها السِّري .
واجهته عابسة كطفلة غاضبة : بتساعدني ؟
- بأساعدك ، يالله عجلي .
لم تحاول إغلاق الحجرة هذه المرة .
واكتفت بجعل جسدها عائقاً عن رؤيته لكنزها المدفون
أسفل السرير ، وهي تناضل لإخراجه بشتی الطرق .
بينما يراقب في استمتاع ، دون يفكر في عرض المساعدة علی الفتاة .
حتی أنهت مهمتها ؛ وقفت مواجهة له ،
معبّرة عن استعدادها للذهاب .
- شفت ! ~
قال ملحناً بمكرٍ ومتعة ، يراقب سبابتها الصغيرة التي تعبث برأس سحاب
الحقيبة بين أحضانها ، والتي أصبح الكنز السري قابعٌ داخلها .
وإذ بها تسبقه بالمغادرة ، بعدما تنبَّهت إلی رغبته العابِثة في اللعب بأعصابها .
TBC
-
|