لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-01-16, 05:24 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,112
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ثريا ا ا المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: كهرمان / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

هلا وغلا فيك ثريا

اعجبتني البداية كتير

وانبسطت انها مكتملة عندك ﻷنه عانينا من عدم التزام الكاتبات في التنزيل


بتمنى لك التوفيق وتلاقي التفاعل اللي تتمنيه


تقبلي مروري وخالص ودي

MaYa





*تم تعديل المشاركة *

 
 

 

عرض البوم صور bluemay  
قديم 22-01-16, 06:20 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ثريا ا ا المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: كهرمان / بقلمي

 

ميمي إنتي هنا وأنا أدورك ‏¤‏_‏‏‏_‏¤‏ ‏

البداية جدا رائعة والأروع إنها مكتملة وبارتاتها يومية ‏‏>‏‏> طماعة

‏سلمت الأنامل ثريا وفي انتظارك ‏

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 22-01-16, 07:36 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2016
العضوية: 309972
المشاركات: 18
الجنس أنثى
معدل التقييم: ثريا ا ا عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 29

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ثريا ا ا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ثريا ا ا المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: كهرمان / بقلمي

 

Bluemay

سعيدة أنه حاز إعجابك
أتمنى أكون عند حسن الظَّن
أشكركِ جداً على التشجيع

أنرتِ بحقّ ،
وأشكركِ على تعديل المشاركة .

،

برد المشاعر

الله يسلمك يا عسل ،
وأتمنى القادم يعجبك أكثر ..

نوهت إنه يومي أو (شبه) يومي :(
لأني ما أضمن الظروف صراحة

أنرتِ

 
 

 

عرض البوم صور ثريا ا ا  
قديم 22-01-16, 08:49 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2016
العضوية: 309972
المشاركات: 18
الجنس أنثى
معدل التقييم: ثريا ا ا عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 29

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ثريا ا ا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ثريا ا ا المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: كهرمان / بقلمي

 

-












الفصل الثاني












. . .











استَسلمتْ ~

لمْ أعُد أعلمُ
بمنْ أثِقْ ..

لِذا ؛
خلقتُ قوقعَةً
تحفظُني مِن الجَحِيم
... وَالنَّعِيم ،

انتهيتُ لِلقَاعِ
هذا كُلّ ما أعِي

، لقدْ كنتُ
سَجِينةُ الظَّلامِ ...

~


تسلَّلَت أشعَّةُ الشمسِ إلی هاتفها بتطفُّلٍ أشعرَها بالضِّيق ،
أسهمَت في إظلامِ شاشتها خضمّ انشغالها بعملٍ مَا بِه ،

اضطُّرت معه إلی مضاعفةِ اﻹضاءة إلی المُستوَی اﻷخِير .
كَانت تجلِس وحيدةً ، كَما اعتادت بانتظارِ المُحاضرَة التالية .


أزاحت الخصلة السَّوداء ، التي انسلَّت أمام عينها تُداعب خدّها ، حينَ تنبَّهت للمُتطفِّل اﻵخَر .

المُتطفِّل ، الذي شاركَها الطرفَ اﻵخر من مقعدِها الخشبيّ الطَّويل ، مُعكِّراً عليها عُزلتِها.

أدارت رأسها ببطءٍ وتردُّد ... مع محاولتها إخفاء انزعاجِها .. الذي تراه غيرَ مبرِّرٍ .


كَان رجُلاً عملاقاً ، مسترخياً .. بظهره إلی قاعدة المقعد ، وجهه يطلُّ علی النَّاحية اﻷُخرَی .
لا ترَى منه إلا شعراً كثَّ فاحِمٌ لونَه ، وعنُقاً عريضَة مسفُوعَةٌ بالشَّمس ..


يظهرُ أنَّه لاتينيّ ؛ رُبَّما يكون برازيليَّاً ، أو مكسيكيَّاً ..
أو قد يكون إيطاليَّاً ... فـ هُم تغلبُهم السُّحنَة الشَّرق أوسَطيَّة !

لا ، هذا مُستبعَد ؛ إنَّه رجلٌ هادئ ، وأبعد ما يكُون عن العُنفِ ، والخبَاثة !
إذنْ ؛ إيطاليّ مُستبعَد ... حسناً ، ماذا عن إسبانيّ ؟


بهذه الأسئلة كَانت تحاول التَّروِيح عن نفسِها ،
تُحلِّيها بالصَّبر ، تُخفِّف من شدِّ أعصابِها .

لكن آلَ بها الأمر وهيَ تتناولُ حقيبتها ، وكُوبُ القهوة خاصتها ،
لتنهض ببُطءٍ شديد ، داعيةً الله ألَّا ينتبِه .

ما إن خطَت .. خُطوةً صَغِيرة ..
استوقفها الصَّوت الهادئ ، مخاطباً :
- مظهركِ تبدل كلياً . رغم أن طبيعتكِ علی ما عليها ، كما يبدو لي !


تصلَّبَت قدمَيها ، بذهُولٍ لم تشعر بنفسها معه ، استدارَت .

امتدَّت أناملها المرتعشة تزيح النّظارة السَّوداء ،
تدقِّقُ النَّظرَ في ملامِحه ، بمُقلتَين جاحِظتَين .

- هل ﻻ تزالين تعانين فوبيا المرتفعات كذلك ؟


كَيف .. ؟
كَيفَ من المفترَض ..
أن يكُون هنا .. ؟

عاد الصَّوت المغرُور ، يفرِض عليها أسئلتِه ... بهُدُوءٍ يثيرُ الجُنُون :
- هل أفترض أنكِ لستِ سعيدة برؤيتي ، يا صغيرتي !


بالحقِّ ، مالذي يفعلهُ هاهُنَا ؟
هل باتَ أستاذاً جامعيَّاً ؟

ﻻ يُمكِن !
ذلك المظهر الطَّائِش ،
ليسَ ﻷستاذٍ جامعيّ !



. . .



بِلا شُعُورٍ .. غاصَ مُبحِراً ..
في أعماقِ جوْهرتَي الكَهْرمَان ، الصَّافيتَين ..
نقاؤها كَصَفاءِ الزُّجَاجِ .. !


اشتاقَ لتحديقهِما به ، بخليطِ الجُنُونِ والجُرأَة ، الذي قلبَ كَيانه
.. ورافقَهُ طيفُه .. رُغمَ السِّنينِ ..

ألقی بالقُنبلة عليها ، بعدما صمَّمَ في قرارةِ نفسه ، ... هامِسَاً بـ لغتهِما اﻷُمِّ !

- اشتقت لك .


ردَّةُ فعلِها الحادَّة ، أربكَته من اﻷعمَاق !
تهاوَت جالِسةً علی عقبَيها ، وقد داهمَتها ارتعاشاتٌ عنِيفة .
لم يضع في احتِمالاته ، أن يبلغَ بها اﻻنفِعَال .. هذه الذُّروة !

ما كَانَ منه .. إﻻ أن قفز من مكَانه إليها.
ذراعاه معلَّقانِ في الهواء حولها ، ﻻ يجرؤ علی لمسِها .
يبحثُ عن حيلة .. للتَّخفيفِ عنها .

فضَّلَ المخاطرة .. رغماً عن أنفِها ، حملها .. عائداً بها إلی المقعد الفارغ .
و ما استقرت جالسة ، هاله العنف البالغ ، للرَّفسة .. التي طرحته علی مرأی من طلاب الجامعة !

ظلّ يُحملِق بها ببلاهة ، ثُمَّ نهض بحِدَّة وسرعة علی كعبيه .
يواجهها بتهديدٍ ﻻذعٍ .. لم يكن ليريد أن يبدأ به يومه اﻷول معها .

- ما عادني البزر ، ياللي ترفسينه ويضحك لك . انتبهي مني يا بنت !


لفتَه التوتُّر الهائل ، الذي طرأَ عليها ، ونظراتها المتلصِّصة ، إلی اﻷناس حولهما .

فتسلَّلَ القلق إليه ؛ بعد أن أدرك الموقف الذي وُضِع فيه .
أحسَّ باﻷعيُن المُهدِّدة ، وهي تفتِك به من خلفٍ .. دونما حاجةٍ للالتفات .

موقفٌ ﻻ يُحسَد !
لا تنقصه المزيد من المشاكل فوق سمعته السَّيئة ، وسيرته المليئة بالمصائب !
ﻻ ينقصه التورُّط ... بقضيَّةِ تحرُّش !

رفع بصره المشتَّت إليها ، بتعجُّبٍ ، عندما أطبقت .. راحة يدها النَّاعمَة ، على رأسه .

أخذه الذُّهول !
هل تحاولُ إنقاذه ؟!

حركَةٌ صغيرَة وبريئَة مِنهَا .. إﻻ أنَّها ؛ ستُنقِذه من براثنِ مشكلةٍ جديدة ،
كَانت علی وشكِ فتح أبوابِها له .


انتشلت كَفَّها من شعرِه الغزير ، عندما انطلقت إلی المسامعِ جرس الجامعة ؛
معلناً عن بدءِ المحاضرة التالية .
ضمَّت حقيبتها إليها ، وتطلَّعت إليه ، بإشارةٍ ﻷن يفسح لها المجال .

- محاضرة وحدة ما بتأثر ، يا دودة الكتب !
عبَّرَ عن انزعاجِه بأسلوبٍ ساخِر .

بالمُسَمَّی الذي أطلقه عليها .. ؛
كان قد صرَّح .. عن مدی مراقبته لها عن كثبٍ ، لفترةٍ ليست بالقصيرة .

تمكَّنَ مِن لمح شبَح الرَّفض ، علی تراسيمِها الجامدة ؛ مع أنها لم تُبدِ أيّ ردَّة فعلٍ .

تجاهل ذلك ملقياً عليها عرضه : خلينا نغير المكان .

غزاهُ بعض اﻻرتياح .. حين لم يلمَح اعتراضاً هذه المرَّة .
وكأنَّ كل همِّها ، هو أن تختفي عن اﻷعينِ .. بأيِّ وسيلةٍ !



. . .



- أجل ... هذا هو شعرك اﻷصلي .

كان قد اختارَ مقهیً هادئاً .
وانتقى طاولةً مُنعزِلة ، في ركنٍ قصيّ .

استأنفَ مضايقتها ، لمّا لم يحرَ جواباً :
- حتی بلون شعرك خدعتيني !


انتصارٌ عظيمٌ اجتاحه ، حينما أخرجها من صمتِها المُلازِم ،
أخيراً ...ليجدها تطرح سؤالاً مقتضباً :
- عرفت قبل العرض ، واﻻ بعده ؟


فطن لمقصدِها ، فأجابَ رافعاً حاجبه اﻷيسر ، بخُبثٍ :
- قبل !


لم يعي .. إلَّا وبالماءِ المُثلج يرتطم بوجهه ، مبللاً إيَّاه ، مـغـرقـاً ..

صرّ علی أسنانه ، قابضاً كفه بقوة .

وبصعُوبةٍ جمَّة ، حاول تهدئة نارَ الغضبِ ، عبر كلماتِ التَّوبيخ :
- أظن كبرتي الحين ، فيفترض عقلتي .

جمع بكفه المياه المتقاطرة ، من ذقنه المشعر ، ثُمَّ أردف بعداوة :
- عرفت بعدين !


اشتدَّ غيظه ، وبه يراها تشتِّت نظرها في المكان ، غير آبِهة !
سألَ بنبرة مشبَعة بالاحتِقار : بعدك ترقصين ؟

- ﻻ تقول ترقصين !

أجابت وهي تلتفتُ إليه بقوَّة .
كانت إجابةً تشعّ حِدَّة وحرَارة غير متوقعة .. لكنها أشبعت رضاه الداخلي باﻹنجاز !

أمالَ طرف فمه بتهكُّمٍ : ﻻ تقولين التزمتي .

- اعتزلت .


هل يعقل أن التزمت حقاً ؟
مسحَ ثيابها المحتشمة بنظرة شكٍّ ، بالرغم من شعرها الظاهر :
- وش سبب اﻻعتزال ؟


ببساطة كان جوابها : كبرت !


رانَ عليهما الصمت بضع دقائق ، حتی أخرجها عن تأملاتها ،
إزعاج طرق أصابعه المستفزة علی سطح الطاولة .

- صراحة صادقة ، كبرتي !


ما أطلَّت بوجهها إليه ، انطلقت شرارات متطايرة من عينيها ،
قابلها بابتسامةٍ خبيثة .. بعدما غلَّفه مرَحٌ مفاجئ !

تكلَّمت تأمره باشمِئزازٍ ؛ ضاغِطةُ علی الحروفِ .. حرفاً ، حرفاً :

- شيـل عيـنك !


بوقاحَة .. بتمثيلٍ هازلٍ مُبتذَل ؛ تأوَّه مستدرِكاً !
ثُمَّ أشاحَ بوجهه ، يتظاهر اﻻنشغال بزخارفِ الحائط .. يهمهِمُ ويدندِن !
ممسكاً بكُوبِ قهوته بحرصٍ ؛
إذ من غير المستبعد ، أن تستغلَّه كـ سِلاحٍ أخير، بعد كأسِها الفارغ !

إلا أن وجدها تطرح بالذي كان معلقاً بأعيُنها .. مُذ وقعت عليه .

- وش تسوي بالجامعة ؟

- اللي تسوينه أنتي .

أجابَ بلهجة جافة على السُّؤال الغير مرحَّب ، ما جعلها تتراجع عن طرحِ المزيد .
ثُمّ وكأنَّما ينتقِم ، قام بقلبِ الطَّاولة :
- السؤال هذا مفروض يكون سؤالي ، أنتي اللي وش تسوين بجامعتي ؟

- بابا اختاره !

- بابا ؟!

ردَّدَ وراءها محملقاً ، علی كُلٍّ ؛ إجابتها السَّريعة دلَّت توقعها للسؤال ؛
واضحٌ أنها قامت بتحضيرِ اﻹجابة مُسبَقاً .

فضَّلَ التوقُّف عن التحقيق بهذا الشَّأن ، لما ظهرَ عليها من اﻻضطِّرَاب .


- تغيرتي حيل ..

- كيف عرفتني !

قالت ناقِمَة .

- أقصد ؛ صرتي أحلی .. من يوم قبل ستّ سنوات .


وافترضَ مُتأمِّلاً :
- الظاهر من الشعر اﻷسود . أبرز ملامحك ، ولون عيونك ..


أعرضت بوجهها .. بعصبيَّة كامِنة ، تتهرَّب من عينيه الفاحِصتَين .


- وش سويتي بحياتك من بعدي ؟

رمقَته باستِصغارٍ ، كـ رَدٍّ بديلٍ عن لسانِها .


- طيب وأنا ، تغيرت ؟

عادت بنظرِها إليه ، أخذت عيناها تطرِفان ، تحاول تأمُّله ..
لكن يبدو لم تقدر ، في ظِلِّ تحديقه الجريء ، فأزاحت بصرها .
تُجِيب ، بنبرةٍ توحي بالصِّدق :
- كنت ناسية ملامحك . لكن ، لمَّا شفتك تذكرت .

- نسيتيني ، يا وفاء ؟


أثارَ فزعَها ، بتلفّظه ﻻسمِها .
لكن تحدَّته ، متظاهِرةً بالتماسك :
- نعم ، نسيتك !

- قلتي ، ما راح تنسيني أبد .

- بس نسيتك !!

- قولي والله ؟

- نسيت شيء ، بأرجع الجامعة .

أصابته بإحباطٍ كبير ، بعدما اعتقدها تجيبُ عليه ، إذ كان بقمَّة تركيزه !
فتهادى إلی ظهرِ الكرسيّ ، يرمُقها باستِياء .


ألقَت أمرها بمنتهى البساطة :
- حطني قدام الجامعة ، وروح .

- ليه أروح ؟ بأنتظرك ، وأوصلك .


نظرته بامتعاضٍ ، ثُمَّ أفصحت بلا تردُّدٍ ، عن رغبتِها بالتخلُّص منه :

- يمكن أطوِّل ..








. . .








دلفَ إلی المبنی ، بعد أن انسحب من جماعة الرِّفاق .
وارتقی درجات السُّلَّم ، المؤدي للطابقِ المراد .

اتفَّقَ معها ، وحدَّدا ﻻلتقائِهما ، واحِدة من إحدی زوايا الحرمِ الجامعيّ .
غير أنه لم يكتفِ بانتظارها .. ؛ فـ ( الوفاء ) ﻻ يبدو من شيَمِها ...
على الرُّغم من أنه .. ( اسمُها ) !

استندَ بالقُربِ من القاعة التي أوصلها إليه ، منذ حوالي السَّاعة والنِّصف .
لن تجرُؤ علی اختراقِ هذا الحشد ، يظهر أن انتظاره سيطُول .


- ياللمفاجأة ، مالذي تفعله هنا ؟

- اختفيت بالفترة اﻷخيرة ، يا صاح !

صرفَ الشابَّين بإشارة تحيَّة ، وعاد باهتمامه إلی مدخلِ القاعة ؛ مُترَقِّباً .

لقد نفذ صبره ، ليس بمقدوره اﻻنتظار .
اقتحمَ القاعة ، ومسحها ببصره ، علی المواقع المحتمل وأن يقع عليها اختيارها .

هاهِيَ .. ! عثر عليها بسُهُولةٍ أكثر ممَّا تخيَّل !
غارِقةً في مقعدٍ ، علی أقصی الجانب من الصفوف اﻷمامية .
واضحٌ أنها اكتسبت خبرةً ، في اختيارِ مقاعد تُخفِيها عن العينِ المُجرَّدة .

تخطَّی الطُّلاب بعجلة ، واجتاز المقاعد .
أفزعها بهمجيَّته ، وهو يُداهِمُ عزلتها ، بلا إشارة أو تنبيه :
- وش مقعدك ؟ وين اتفاقنا ؟

أشعلت غضبه فيما يراها تتلصَّصُ حولها ، وتتصبَّبُ عرقاً .
- لما أكون معك ، الناس تنسينهم ، مفهوم ؟

- أنت تحرجني .. وخِّر عني !

هدَّدَ محذراً : ﻻ تخليني أسوي شيء ، يحرجك صدق .

- ليش جاي قسمنا ؟
همست بلا ترحيب .

- ومن الحبّ ما قتل !


هبطَ عن ذراع المقعد المجاور لها ، ينتقل إلی جانبها ، يغوص في أحضان المقعد العاجي .
أخذ يتأمل المكان ذو اﻹضاءة الخافتة ، والذي غمره الهدوء بعدما فرغ تقريباً .
وبعد فترة من السكون ... أدارَ رأسه إليها ، حائِراً .
يسألُ بلسانٍ ثقيل :
- عطرك فيه منوم ؟ فجأة نعست ..

ردَّت ببُرُود : ما أستخدم عطر ....


لم تكد تتمم جملتها .. حتَّی غطّ في النَّومِ ، بسُرعةٍ مدهِشة .






انتزعته جفلَةً مباغتة ، من غياهب النوم . راح يبحث عنها ﻻهثاً ...
الظَّلام يطغی علی القاعة ، داﻻً علی رحيلِ الشَّمس .

وَ لولا رائحتُها ، وصوتُ تنفُّسِها المنتظِم ؛ لَمَا أدركَ .. أنها ما تبرح قابعةً جانبه .
كانت نائِمة .. هادئة . أسدلَ أجفانه ، يتنفَّسُ الصُّعَداء .. بارتياحٍ .

أخرج هاتفه ، يطلّ علی الوقت ، نقرَ عدة نقراتٍ علی الشاشة ، وأعاده .



- .. وفاء ..

.. وفاء ..


لجأ لمُداعبةِ خُدُوْدُها النَّاعمَة ، بلُطفٍ .. إلى أن بدأت تتململُ بضِيق .

لاحظَ من شهقتِها الصَّغيرة ، مدی سُرعة اﻹدراكِ لديها فورَ الاستيقاظ .
كَادت تقِف علی المقعد من هلعها ، حتى همَسَ لها يُطمئِنها :

- حبيبتي هذا أنا ..

فعادت تغرقُ بمقعدها ، وأعماقها تُنفِّسُ عن تنهيدةِ راحَة .

- تعبت وانا أصحيك .
أتاه صوتها موبِّخاً .

- محد ماسكك ، كان رحتي .

- مابي أكون ناكرة للجميل !

أدركَ مغزاها ، فعاتبها بنبرة مزدرية :
- تسمينه جميل ؟
هذاك دين عليك ، يا حلوة !
ودين كبير ، بتسددينه يوم من اﻷيام .

ومباشرةً نهض من المقعد : يالله ، نوصلك .


لحقت به مُشِيرةً :
- أنا ساكنة قريب ، في سكن الجامعة ، أقدر أرجع مشي .

- وين أهلك ؟
سأل بلهجة باردة ، وقد كان ينتظر هذه اللحظة منذ زمنٍ .

- بابا هنا ، وماما في السعودية .

- ما دام البابا هنا ؛ وش داعي للسكن .


بان اﻻرتباك بصوتها من نبرته المستحقرة ،
في حين كان مولياً ظهره بينما تحذو خطواته :

- كذا أريح .

أوقف تقدُّمه ، يواجهها ، مُعيداً سؤاله بحزم :
- ليش ؟

- ﻻ تتدخل !

- يحق لي أتدخل ، لما أشوف بنت .. أهلها رامينها !

فاجأته بها تدفعه بعُنفٍ ، مهاجِمةُ بشراسَة :
- أهلي مو راميني !! ﻻ تتذاكى !!
ولا تتكلم ، وأنت مو داري عن ظروف الناس !!

- أي ظروف ؛ تخلي أهل يرمون بنتهم .. بالشارع ؟!

- أهلي ما رموني ، أنا اخترت ! أنا أبي أعيش وحدي !

أخرسها بقسوة :
- كذابة ، أنتي وحدة ماتطلع من بيت أهلها ، لو يجرونها .
تبين تقنعيني الحين إنك عايشه لحالك ؟
بالله كم بنت معك بالشقة ، خمس ؟ ست ؟

أثارَت شفقَته بالتوتُّر ، الذي لمَحه تحت إضاءة القمرِ الخافِتة ،
والمُطِلَّة عليهما .. من النَّافذة العرِيضة ، بالقُرب .

- خلاص ، مابي أعرف شيء ، امشي .

لكن ؛ وصله صوتها المُعترِف ، فيما تتبعه :
- نيتي أترك بابا يرتاح .. أكره زوجته ! هي طيبة ..
لكن .. أسوي لها مشاكل .. أكرهها ! بابا تعب مني ..
بابا طيب .. يحاول يتفهمني .. أنا النفسية !


دُهِشت به ، يقفز من فوقِ إحدی المقاعد ، ويجثو علی شيءٍ ، منادياً ، يحثُّها علی الاقتراب :
- تعالي ، شوفي وش لقينا ، كنز !

انحنت علی المقعد ، باحثةً عن الكنز ، فما ميَّزت الشاشة المضيئة ، صاحت منبهِرةً :
- WOW !!!

كان هاتفاً ، بأحدثِ إصدارٍ ، والجميع مهووسٌ بالحديثِ عنه .
حمَلَ الهاتف حالما قُطِع طلب اﻻتصال برنينه الصامت ، يهتِف منبِّهاً بنشوةٍ انتِصار :
- شفته قبلك !

- أنا لمحته قبلك من بعيد !

- اوص ، يا كذابة !!
كنتي تقصين لي حياتك ، ياللي تقل أفكار جزئية بحصة القراءة !

جذبت الهاتف : هات ! والله شفته وانا أحكي وسويت نفسي ماشفت !

استعاده منها ، مع صفعة علی رأسها : ﻻتحلفين !!!

- نتقاسمه ، يوم أنا .. يوم أنت !

تلاعبَ بحاجبيه شقاوةً : NO !

- طيب ، يوم واحد باﻷسبوع !

قطَّبَ ممثِّلاً التفكير : أشوف .

- يومين !

- خلك علی كلمة ، يوم باﻷسبوع .

عادت تختطف الهاتف بلهفة بينما منشغلاً باستكشاف محتواه :
- أشوفه شوي طيب !

- بالسيارة ، تعالي .
حمَلها من خصِرها الأهيفَ ، ينقلها للممرِّ الذي صارَ به .
ثم عانَى وهو يجتذِبها معه وبصرُها لا يفارِق هاتفهُمَا الثَّمِين .








. . .








تلك الشقيَّة ، هاقد ظهرت أخيراً .. !
لم يعثر لها علی أثر منذ أيام ، ليس لديه فكرة حتی إن كانت تداوم ؛ أم تتقصد التخفي واﻻختباء منه !

إنها تنوي المغادرة اﻵن بعد انتهاء محاضرتها .
اعترضَ طريقها ، مُعيقاً هروبها .

- وطحتي ، يا سراقة .


أصابها اضطراب واضح من رؤيته ، لكنها أظهرت أنَّها مُمثِّلة بارِعة !
تظاهرت بالدهشة ، راسمةً ابتسامة مُزيَّفة :
- Hi !!
Is that really you ?!
Long time no see !!!

- طلعي الجوال .

تصنَّعت الغباوة ، مُردِّدةً : جوّال ؟
وعادت تمط شفتيها ، بنفس الابتسامة المستفزة :
- ? Sorry, Can you speak please English

ضيَّقَ عينيه يتمعَّنها ، ثُمَّ علَّقَ هازِئاً :
- وين راحت السعودية ؟

- ! I'm not Saudi, I'm British

تغلبته الابتسامة ، وقام بدفع ظهرها بخفة ، لتكمل سيرها معه :
- شكلك يقول .. عاملة عملة بالجوال ، كسرتيه ؟

أقنعه صمتها بصدق ظنونه .
- كيف انكسر ، وليه هالجوال بالذات ، ليه مب جوالك ؟

- شكلنا ما سمينا عليه ..
غمغمت ببؤسٍ ، مطأطِئةً الرأس .

- جبتيه ؟

فتحت حقيبتها ، تدسُّ يدها ، ثم مدَّت له الهاتف ، مغلَّفاً بكيسٍ شفَّاف .

- الله ! من وين طاح هذا ؟!
هتفَ فيما يستلمه منها ، وصار يقلبه بين يديه ، بعد أن استخرجه من الكيس .

أجابت بنبرة التَّعيسة : طاح من الطاقه ..

نظر إليها بتساؤل :
- تعالجتي من الفوبيا ؟ أذكر إنك ما تناظرين من الطاقه حتّى !

- حطيته عند الطاقه ، علشان يتشمس ..

حملق بوجهها : يتشمس ؟

- طاح بكرسي الحمام ، بالمويه .

ارتسمت معالم القرف علی تقاسيمه ، ثم امتدت يداه عن طولهما بالهاتفِ والكيس ،
مُعلَّقان بأطراف أنامله المتقزِّزة :
- امسكي ، امسكي ! وغسلتيه ، واﻻ ﻻ ؟!

- ايوه ، روّشته .

- عينك قوية ، الله يستر .

حاولي كلما شفتي فيني شيء زين ، تذكرين الله .

تمتمت به ، ترُدَّ الإهانة : ليه ماتكون عينك ؟!

دافع بابتسامة جانبية : عيني باردة ، والدليل إنك للحين عايشة .
لكنَّه ارتبكَ لسببٍ مبهم ، وغيَّر مسار الموضوع ، قائلاً :
- عندك محاضرة ثانية ؟

تلقَّى إجابتها بعد سكوتٍ مُريب : ناظر حولك !

نظرَ حوله ؛ ليكتشف أنهما بمواقف السَّيارات !
فاستدركَ الأمر بارتباك :
- أوصلك ؟



. . .



تمنَّع عن مقاطعتها ، كانت منكبَّة ، منشغِلةً بإنجازِ أمورها الدراسيَّة .

اكتفی باختيار كرسياً ، يسمح له بمراقبتها ؛ في حينِ يصعب عليها ملاحظته ،
كَما اعتاد طوال اﻷيَّام السَّابقة .. قبل يقرِّر الاقتِراب .

تأخَّرَ الوقت ، و ﻻ تزال منخرِطة في تلك المهامِ المُمِلَّة ، مُنتظِراً .. وها قد بلغ الصَّبر حافتَه .

- مليت أنتظر ، متی تخلصين ؟

حدقت به مذعورةً ، تراه كالجبَل شامخاً فوق رأسها .

استعادت هدوءها بسرعة خارِقة ، قائلةً :
- مشغولة من فضلك ، ﻻ تقاطعني .
بسببك ؛ قصرت كثير ، هذا غير الغياب .

تجاهل كل ما قالته ، آمراً ببساطة : قومي معي .

- علی وين ؟

اعترفَ بانزعاج : قومي اجلسي معي .

تلفَّتَت حولها قلِقَة ؛ ثم ناشدته ، بخفوتٍ : تكفی روح ، مابي إحراج .

جرّ الكرسي الذي بجوارها يحدث ضوضاء عالية ، يجلس عليه بشكل صاخب ؛
كأنَّما يتعمد لفت نظر كل فرد بالمكتبة ، لمجرَّدِ معاندتِها .

- محد متعود يشوفني مع أحد .. إحراج .. بيستغربون ، بيناظروني ..

غمغمت وكفيها تخفيان نصف وجهها .


فتحلَّی بالصبر ، وحاول الردَّ عليها من منظورها :
- بسيطة ! خليهم يتعودون يشوفونك مع أحد ، ليه التعقيد ؟

اكتفت بالبحث ببصرها ؛ عمن قد يقع نظره عليها بالمصادفة ، فيقوم باﻻستهزاء بها .
وكأن كل من في الجامعة يتتبعها ؛ ليتقصدها بالسخرية !

سأل : تبينا نروح مكان معزول ؟

ودون انتظار الموافقة ، أرغمها علی الخضوع لطلبه بحركته الدنيئة مجدداً .
ﻻفتاً كل أنظار من في المكتبة هذه المرة بحقّ ؛ من شدة الصخب واﻹزعاج الذي تقصد تسبُّبَه .


وقعا علی المكان المناسب ، والمعزول تماما عن العالم .
مكان لم يعلم بوجوده من قبل ، إذ لم يكن من هواياته اﻻختباء !
حيث كان شخص عاشق للظهور ، واﻷضواء ، ولفت اﻷنظار ..
ولم يتوقع أن يضطر يوماً ؛ ﻷن يلجأ للانعزال ، بمثل هذه الطريقة .

- هاه حبيبتي ؟
وش رأيك ، مريح ؟

- الجوال ، صلحته ؟

ﻻ يدري ... لِمَ في كل مرة برفقتها ؛ يجب أن يشعر أنه يعاني من بطءٍ في الفهم ؟
أم هل يعود ذلك لعباراتها ، أو أسئلتها .. الغير منطقية ، أو في غير محلِّها ؟

قال يجلس بالقرب ، يستند للحائط :
- ﻻ ، ترحمي عليه . هذا عمره غلق .. بأرميه .

شهِقت قبل أن تهتف : ليه ترميه ؟! هات ، أنا أبيه !!

- وش بتسوين فيه ؟

- عندي فكرة ، بدل نصلحه ونخسر .. بنبيعه ونربح !
الجوال توه نازل ، محد متوقع يلاقيه بأقل الأسعار !

رمقها بنظرة جانبية متهكِّمة :
- طيّب ، وﻻ لقيتي من يشتري هالزبالة منك ، علميني علشان نتقاسم .

- ليه نتقاسم ؟

اعتدلَ ، إذ انحرف حديثهما إلی المنحی الممتِع ؛ بنظرِه :
- أظن الجوال جوالي ، قبل ما يكون جوالك .

شمخت بأنفها معترضة : صار جوالي ، تنازلت عنه .

- ذكريني ، متی تنازلت عنه ؟

- لما قلت تبي ترميه !

برَّرَ بالتواء : قلت يمكن . مابعد قررت ، مازال ينتسب لي .

للتوِّ يلحظ أنها تتحدث بجدية ، فقد تجهم وجهها ، تعبيراً عن اﻻنزعاج .
اعتقد طوال الحوار أنها تعبث معه !

مسَحَها بنظرة تأمُّلية شاملة ، تراسيمُ وجهها تتبدَّل كلياً حين تتحدث .
بل شخصيَّتها ككُلِّ تتغير .

تبدو أكثر فِتنة بالشَّعر اﻷسوَد الطَّوِيل ، سَاحِرة في كُلِّ اﻷحوال .. !
شقرَاء .. أو سمرَاء ، متكلِّمة ..
أو صامِتة ... كَما اﻵن .. !

إنَّها غاضِبة ، محتضِنةً ساقيها ، مُطرِقة .
أطرافُ خصلها السَّوداء تكاد تلامِسُ اﻷرض .

قرَّرَ مقاطعة سكونِها على حينِ غفلةٍ منها ، صائحاً باسمِها جاعلاً إيَّاها تنتفِض فزِعة .

- نعم ؟!!!

حرَّر عن ضحكةٍ صاخِبة ، حين أدهشته بالصَّرخة التي قاربت مستوی صيحته ،
كما لو لن تهنأ حتی تنتِقم !

غير أنه هو الذي لم يهنأ بالضحك ؛ إذ صُعِقَ بالحشرة الضخمة بين أصابعها التقطتها من زاوية ما ،
ليبتعد عنها مرغماً مصدراً صرخة خافتة كصيحةِ أنثی !

ظهر التعجُّب في حملقتها به ، ثم انفرجت شفتيها عن ابتسامةٍ شيطانيَّة .

ماهذه اﻻبتِسامة ، لِمَ هذه الابتِسامة ؟ إنها تخطِّط لشيءٍ ما !
ﻻ ، ﻻ يمكن أن تفعل ، ﻻ يمكن أن تفعل .. إنها أرقّ من ذلك !

خيَّبَت آماله الراجية بها ، عندما بدأت تتقدم صوبه ، ببطءٍ شديدٍ جداً ، كأنها تُمثِّل الموتَ البطيء .

كاد يقفز ويفرّ هرباً ، غير أنها كانت اﻷسبق ، لتحاصره قبل يتحرك شبراً .
- راعيني مثل ما راعيتك .. تكفين !

توقفت حركتها ، تفكر بتأمُّل : ممكن راعيتني في أشياء ...

راح يومئ برأسه بغير وعي موافقاً ، لكن وجدها تكمل :
- لكن لدرجة تسميه دين ؟ لا ، ما يحق لك !
ما يحق لك .. مقابل أمور كثيرة ما راعيتني فيها ،
تبيني أعددهم لك ؟

وابتدأت بالعدِّ علی أصابعها :
- واحد ، كنت بتتركني لوﻻ تذللت وترجيتك ، اثنين ..جرحتني باستهزاءك فيني ...
ثلاثة .. قسيت علي ، وكنت علی وشك تضربني !
أربعة ، تحرشت فيني ، وخمسة ، حاولت تغتصبني !
كل هذا تقول إنك راعيتني ..؟

غمغم سريعاً ، محاولاً استغلال جانبه الذي تخشاه :
- شوفي يمين بالله لو يعدي هالموقف ، ما أتركك سليمة ، انتبهي مني !!

اقتربت بابتسامةٍ متحدِّية ، مدنية بالحشرة ذات اﻷرجُلِ المُدَلدَلة :
- وش تقدر تسوي يا قوي ؟! رجال طول وعرض ، يخاف من حشرة !
وأنا كنت تستهزئ في حالتي ....

تجمدت بغتة ، متراجعة ؛ كمن استيقظ من غيبوبة .
حدقت به بنظرات غريبة لم يفهمها : وش جری لك ؟ ما كنت كذا !

لم يستطع إبعاد عينه عن الحشرة ؛ خشيةَ أن تكون تخطط لفخّ ما .

- جاوبني ! كنت قدامي ، تحاصر خنفسانة .. هالكبر ، وتفنن في تعذيبها !
ايش جری لك ؟! من سوا فيك كذا ؟

لسانه شُلَّ عن الكلام ، لكن فضولها كان أكبر ، لتعود وتمد بالحشرة المعدومة الحيلة ، تجبره بها علی الرَّد .
- أحد احتجزك بغرفة ، وعذبك بالحشرات ؟

تنهَّدت مستسلِمة ؛ راثيةً لحاله المُزرِي . واستوت علی قدميها ، تبتعد لخطوات ؛
ثم رمت بالحشرة ، بأكبر رمية استطاعت .

عادت إليه تجده يتفقد ثيابه ، وينفضها بيدَين مرتعشتَين .
وما دنَت منه ، قبض علی رسغها بقوَّة آلمتها ، وأخذ يديرها حولَ نفسها ، يتفقَّد ثيابها هي اﻷخری .
ولم يسمح لها بالتحرُّك حتى تأكَّدت من خلوِّ حقيبتِها من أي كائناتٍ حشريَّة ،
ومضى بها بعيداً عن مرعَی الحشرات .



حيرتها ﻻ تنفكّ معلقةً بتراسيمها ، وعيونها الفضولية ﻻ تكف عن مراقبته ..
صار معكَّر المزاج ، بعدما كان يضحك ويعبث في مرح منذ دقائق قليلة .
التجهم والتكشير طاغٍ تقاسيمه ، في حين كانت ترسِمُ أكبر قدر ممكن من البراءة علی وجهها ،
خوفاً من تنفيذهِ وعيده .

- بتنتقم مني ؟
أظهر صوتها قلقاً واضحاً .

ظلَّ جامداً وكأن لم يسمع ، سبَّب قشعريرة جليَّة لبدنها .
فاختار أن يريح نفسها بقوله :
- هالمرة بأعتبره لعب وطيش ، لكن يا وفاء .. لو يتكرر ؛
أحلف لك بالله ! تتمنين الموت ، علی اللي بأسويه فيك .

- حاضر !

ردَّت فوريَّاً بطاعة غريبة ﻻ تناسبها .
رفع بصره إليها ، ليس هنالك أيُّما ندمٍ في عينيّ الفتاة !
عينان .. تظهران شخصاً أنانيَّاً ، ﻻ يعرف التفكير سوی بنفسه ،
كان كُلّ ما يقلقها ، الخوف من تهديدِه بإيذائِها !








. . .








- صديقة أحدهم هنا ~

- الصديقة الشرسة !~

- يا صاح ، ليت المشهد يعاد ، ﻻ أصدق أن فاتني !
رؤية متعب ملقی علی اﻷرض ، برفسة من فتاة .. آه ، منظر يريح القلب !

- متعب ، قم شف خويتك وش عندها ؟

لتوِّه يستيقظ من شروده ، علی تلميحات رفاقه السَّاخِرة .
عقد حاجبيه بتساؤلٍ وانزعاج ؛ فأشار له أحدهم بعينه ، إلی ناحية قريبة منهم .


مالذي تفعله الطفلة الحمقاء هنا ؟!!

ترك جماعته متجاهلاً تعليقاتهم ، يتجه حيث تنتظر .
كانت تقف مشيحة بوجهها إلی الجانب اﻵخر .

- وش تسوين هنا ؟
تمتم بغلاظة ، متبرِّماً .

فالتفتت إليه ترفع رأسها ، بتلكما العينينِ ذات البراءة الزَّائفة .
- أنت اللي وش تسوي هنا ، أنا من أول هنا .

تجاهل ردّها الملتوي : وش تبين ؟

- أنت اللي وش تبي ؟ أنت جايني !

- امشي ، امشي .
ربَّت خصرها يدعوها للسَّير .

قطع التواصل معها في اﻵوِنة اﻷخيرة منذ آخر حادثة ، لرغبةٍ في نفسه ؛
جعلته يتجنب اﻻحتكاك بها بالفترة الحالية .

- ﻻ تقولين اشتقتي !
قال هازِلاً .

طأطأَت برأسها ، مُعترِفة :
- ضجتك ، وفجأة هدوء ..
الحين ، أحس إني وحيدة صدق .

- وحيدة صدق ؟ أصلاً أنتي وحيدة صدق !
قال بسخرية قاسية ، ﻻ مراعياً .

- ﻻ أشوفك مرة ثانية تطلعين قدام الجماعة .
هاتي جوالك ، من رنة تلاقيني عندك .

أخرجت له هاتفها . ثم تابع ، فيما يعيده إليها ، بعدما فرغ منه :
- مفهوم ؟
الناس هذول ، حتی لو شفتيهم بالصدفة ؛ اختفي !

- ليش ؟ ممكن يصيرون أصحابي بعد .. فرصة ، وأنت صاحب الفضل !

- تحاولين تنرفزيني أنتي ؟!

- ﻻ ، أتكلم جد . ليه زعلان ؟ قصدت البنات !!

- وﻻ البنات ..

- ليش طيب ؟!

نطقَ بثبات :
- خربانات ، ما يناسبنك .
ويفضل ماتفكرين تكونين صداقات .. كذا أنتي حلوة .

- ما كتبت اسمك ؟

- ايش ؟!

انحنی بفضول ، يطلّ علی شاشة هاتفها ، فيما منشغلة بكتابة الاسم على رقمِه ،
ليُدهَش مِمَّا تخُطَّه أنامِلُها .

رفعت رأسها إليه ، تقرأُ له بابتِسامة حقِيقيَّة :
- ! The Window Man

أوَّلُ ما طرأَ بباله هو أن يخلّد هذه الذكری .. لتُفاجأَ بالفلاشِ يُضيئ في وجهها ..
في التقاطة لأوَّلِ ابتِسامة لها .. !

- ليش تصور ؟!!
عنَّفته بعصبِيَّة .

- أصور حبيبتي !
عيب ؟

- ما أحب أتصور ، احذف !

لم تمنَحه فرصة ، قافِزةً تهدف إلی خطفِ هاتفه ، بينما يرفعه عالياً بنفسٍ مرحة ،
متحدياً إيَّاها بالوصول إليه .

- لو سمحت ، احذفه ، من فضلك .. Please ..
يبدو فضّلت اختيار طريق التملُّق ، إنها ترجُوهُ باحتِرَام !

- ماني حاذف !

- بأزعل ، والله !

- ازعلي ، أنتي شي مب مضمون ، واحتمال بأي وقت تطيرين .
أما الصورة ؛ بتعيش معي ﻵخر العمر .. بدون ما يطرأ لها فكرة الخيانة .

تراخَت ، تغمغِم : تقصد إني .. ممكن أخون ؟

رفع كتفيه بانهِزام ، يُخبِّئ هاتفه بجيبه :
- أتوقع منك كل شيء ، إﻻ الوفاء .. يا وفاء .

راقبَ أسارِيرُها ، رغبةً في معرفةِ دواخلها .
لكن لم يرَی ، سِوی .. تلك البرَاءة الَّلعينة ، وَالمُخادِعة .

- ! Hey , The Window Man
! Don't judge a book by it's cover

رفع حواجبه مشدُوهاً ، ثم أرغمته جدِّيتها علی الضَّحِك :
- ! OK, OK, My Sweetheart






~
... كنتُ
سَجِينةُ الظَّلامِ ~

( وجدتَني ) أرتدِي السَّوادْ
أختبئُ بعيداً ..
... في الخلفِ
الحياةُ مزَّقت قلْبِي
لـِ أشلَاءٍ ..

( أخذتَ ) يَدي بيدِك ..
وبدأتَ بتحطِيمِ الجُدرَانْ
وغلَّفتَ قلْبِي بالقُبُلاتِ
مُتجاهِلاً دُمُوعِي ،
وَ ... بُكَائِي

ظننتُ حياتِي زالَتْ
مُخلِّفةً ( قلب ) كَسِيرْ
وَ ... بقايّا رُوحْ

؛ حتَّى أتيتَ ( أنتْ )
وعبرتَ في طريقي
.. هدَّأتَ من رَوعي
ثُمَّ ( غلَّفتَ ) قلْبِي ..
... بالقُبُلاتِ ~



* * *

 
 

 

عرض البوم صور ثريا ا ا  
قديم 22-01-16, 09:04 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2016
العضوية: 309972
المشاركات: 18
الجنس أنثى
معدل التقييم: ثريا ا ا عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 29

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ثريا ا ا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ثريا ا ا المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: كهرمان / بقلمي

 

مساء الخير ،

أتمنى يحوز الفصل على رضاكم ..
أود أعلمكم ؛ بأن الفصل التالي سأطرحه يوم الثلاثاء
نظراً لانشغالي هذين اليومين ، التلمسوا لي الأعذار .

شكراً لمتابعتكم

 
 

 

عرض البوم صور ثريا ا ا  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بقلمي, كهرمان
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:11 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية