كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: "فرصة اخيرة " الجزء الثاني من سلسلة (حكايا القلوب) جديد وحصرى .. الفصل 28
وقف متواريا لا يريدها ان تراه وهو يتأملها ، يشبع عينيه منها ، يملا روحه بحركاتها وهي تحدث احدى السيدات كبار السن ، يبتسم بشجن وهو يدير عينيه على تفاصيلها فيزفر شوق ملا صدره لأيام كثيرة يراقبها فيبثها دون ان يقربها !!
سحب نفسا عميقا وعيناه تقع على فستانها فيتذكر الليلة الماضية حينما راه لأول مرة فلا يشبه ما ترتديه الان امامه ، شردت عيناه وعقله يعيد اليه تفاصيل البارحة ببطء وكانه يعيشها من جديد ، يستمع الى حركتها الحثيثة من حوله فيركز بصره على ما يعرض امامه على الحاسوب متجاهلا كل ما يحدث من حوله ، بل نافيا كل صراعاته الداخلية جانبا ويضع كل طاقته في عقله حتى يستطيع استيعاب هذه الجراحة النادرة التي تعرض امامه ، ولكن ما يريده شيء وما يحدث شيئا اخر ، فهو وان كان يستطع التحكم في عقله فقلبه يودي به الى الهلاك وهو نائم هانئا داخل صدره غير عابئا باي جحيم مستعر يحشره فيه ، وها هو يرفع عينيه مجبرا يراقب – من فوق حافة حاسوبه - خطواتها الملكية وهي تذرع الغرفة من الشمال الى اليسار وكأنها تسير بعرض ازياء ، تتهادى برقة ونظراتها مركزة عليه ، اشاح بعينيه لأسفل غير مباليا بها ، لتتسع حدقتيه بذهول وهو ينظر الى ما ترتديه ، فيجف حلقه وتتوتر خلاياه ، اعاد عينيه سريعا لما يعرض على شاشة الحاسوب وعقله يزار به ان يهرب ، فوجوده هنا غير مضمون العواقب ، كرامته تصرخ ان يبتعد عن مرمى اهدافها ، فهي تغويه بتعمد قاصده امتلاكه من جديد !!
ازدرد لعابه ببطء واغلق شاشة الحاسوب بعنف قبل ان ينهض واقفا قاصدا الابتعاد فتهمس باسمه بصوتها الابح وهي تقترب منه اكثر ، تتوقف امامه بقامته القصيرة وفستانها المكشوف ، همست متابعة : هلا اغلقت لي السحاب ؟! فانا لا استطيع الوصول اليه .
اطبق فكيه ليهمس بعنف : لا ، ارتدت الى الخلف بخوف ليتابع هو بغضب تملك منه - كيف تخرجين امامي هكذا ؟!
نظرت الى نفسها : ولماذا لا اخرج امامك هكذا ، الست زوجي ؟!
__ لا ، صرخ بغضب اكبر – انا طليقك !!
رفعت حاجبيها وهي تبتسم بمكر : طلاقك لي لا يحسب ، انت كنت غاضبا وانا سالت شيخا مشهورا اخبرني بان الطلاق لا يقع.
جمدت ملامحه وهو يرمقها بحده فازدردت لعابها واكملت بهدوء : وعليه انت لازلت زوجي .
اسبل اهدابه : لا يهم ما تريديه انت ، انا المهم وانا اخبرك انني طلقتك .
هزت كتفيها بانكسار مس قلبه : حسنا على راحتك ولكني زوجتك وسأظل كذلك .
رفع راسه ينظر الى سقف الغرفة يسحب نفسا عميقا يتمتم باستغفار سريع لتتبع هي بهدوء : هلا اغلقت لي السحاب ؟!
اعاد راسه سريعا ينظر اليها بتعجب قبل ان يتساءل : اين ستذهبين بهذا الفستان ؟!
ابتسمت بمكر ضوى برماديتيها : سأحضر به حفل زفاف ابنة الوزير ، ففاطمة دعتني ، الم يدعوك الباشمهندس وائل او دكتور احمد ؟!
رد بعفوية : بل دعاني كلاهما ولكن من اخبرك بانك ستذهبين معي ؟!
نظرت اله بدهشة : ليس من الطبيعي ان يذهب كلا منا بمفرده .
اقترب بحدة فتصلب جسدها لنظرة عينيه الغاضبة : لن تذهبي لا معي ولا بمفردك خاصة مع هذا الفستان الذي لا افهمه ، ضيق عينيه – احترمي نفسك واذهبي واخلعيه عنك ، فهو غير مناسب على الاطلاق .
كتمت ابتسامتها لتساله ببراءة : لماذا ؟! انه طويل يغطي ساقي بالكامل .
اتسعت عيناه ليهتف بصراخ : ولكنه يرسمهما استطيع رؤية عضلات فخذيك حينما تتحركين .
تلألأت حدقتيها بسعادة ليكمل فاقدا كل سيطرته على نفسه :بدون اكمام وصدره واسع جدا و.. صمت ليدور من حولها قبل ان يصيح – يا اللهي ، اين ظهر الفستان يا مديحة ؟!
كتمت ضحكتها بشق الانفس لتجيبه بعفوية افتعلتها : موجود ، ولكنك لم تغلق السحاب لأريك اياه كاملا .
قبض على مرفقها بقوة ليدفعها بنزق : اذهبي وارتدي شيئا محتشما وتذكري انك لست بمفردك في البيت .
تمالكت نفسها حتى لا تقع وتقف فوق قدميها بثبات قبل ان تعاود الاقتراب منه : بالطبع اعلم اني لست بمفردي فزوجي هنا في البيت .. معي .. بجانبي ، ومن حقه ان يرى فستاني مجردا من سترته الثقيلة ووشاحي ، من حقه ان يراه متفردا دون غيره .
تأملها قليلا وهو ينظر الى الصدق الذي اعتلى ملامحها وهي تتبع – انا ارتديته اليوم لأريك اياه يا محمود ، واسالك عن رايك ، الا يعجبك فستاني ؟!
زفر بقوة : بل لا يعجبني ما تفعليه .
تصلب فكها ليسالها بهدوء وهو يضع احدى كفيه في جيب بنطلونه : بالله عليك ماذا تفعلين ؟!
همهمت : افعل ما تريدني ان اكون عليه .
هز راسه بخيبة امل : لم اريدك ان تكوني أي شيء سوى طبيعتك ، انت من هويتها منذ الصغر ، كبرت على حبها وعشقتها في صباي وغزوت احلام شبابي كأمنية لا مثيل لها ، اتخذتك زوجة ..رفيقة .. حبيبة .. وعشيقة ، وانت ماذا فعلت بي ؟! أخذتني كلعبة مرحت بها كيفما شئت ، وحينما اردت ، كسرتها بجموح غير عابئة بما سيؤول اليه حالها !!
همت بالحديث ليقاطعها بإشارة من يده ويهمس بصوت مخنوق : والان ماذا تفعلين ؟!! تستردين دميتك ، ام تعبثين بها ؟!
تهدلا كتفيها وصرخ الالم بعينيها : لم تكن دمية ولن تكون ابدا يا محمود ، انت ابن عمي وزوجي وحبيبي ، وكل ما اريده منك ان تقربني اليك من جديد ، تصفح ..تسامح .. وتغفر لي غبائي ، تعيدني الى مكانتي بجوارك ، وتهب لي ملكي داخل مملكة قلبك ، فانا ملكة سُلب منها عرشها في غفلة منها ولحظة تهور وجنون ،الا استحق فرصة ثانية اكفر بها عن اخطائي ؟!!
تأملها مليا ليتمتم بهدوء وهو ينظر الى عمق عينيها : لا .. لا تستحقين .
جمدت ملامحها ومات الامل برماديتيها فأحالهما الى لون ضبابي كثيف لتهتف بصلابة اثارت لهفته لها : حسنا ، لا يهم رايك على كل حال ، فانا سأبتدع الفرصة الثانية وحينما تنضج وتكتمل ، سأمتلكها بكل طاقتي يا محمود ، والى الان انت لم ترى ما تستطيع ابنة المنصوري فعله ؟!
القتها بحدة وهي تعود الى غرفتها بخطوات حانقة لتتسع ابتسامته وتملا نفسه زهوا وسعادة قبل ان يتمتم : بل اعرفها جيدا واموت شوقا لأرى نتيجة ابداعك يا امنيتي، زقر بقوة – اتمنى فقط ان لا تخذليني .
ابتسم وراقب ملامحها الهادئة وتذكر اصرارها على الحضور معه الى زفاف ابنة الوزير ،فحشرت نفسها في سيارته واتت برفقته ، تأبطت ذراعه رغما عنه ورفعت راسها بفخر وهي تجاوره بل انها اندمجت مع من تعارفت عليهم بسرعة وتعاملت معهم بلباقة وهي تشير اليه وهي تتعارف عليهم بصفتها زوجة جراح العيون المعروف وتشير اليه بفخر يومض بحدقتيها ، انتبه اليها تشير اليه بحديثها فاقترب مرغما وهو يلتقط بعض من حديث لم يعجبه لتبتسم باتساع عندما جاورها : هذا هو يا هانم ، محمود المنصوري زوجي من اكبر جراحي العيون بجمهورية مصر العربية .
ابتسمت السيدة وهي تنقل نظرها بينهما لتهمس بلباقة : تشرفنا يا بك .
أومأ براسه وهو يرمقها بعدم فهم : الشرف لنا يا هانم ،
ابتسمت السيدة واعتذرت بلطف لتبتعد عنهما فيسالها بعينيه لتهمس بمكر : كانت تظن انني اتيت برفقة عائلتي ولم تصدق بانني متزوجة ، مطت شفتيها ببرود – على ما اظن كانت تريد ان تخطبني لابنها ، هذا الطويل هناك فهي تحدثت معه قبل ان تقترب مني بينما هو ظل بمكانه و أومأ لي براسه دون سابق معرفه
ارتدت راسه الى الوراء وهو ينظر الى هذا الشاب - الذي اشارت عليه - بعينين تقدحان شررا فينتفض جسده بردة فعل عنيفة فتحيط ساعده براحتيها وهي تملس عليه بنعومة : اهدئ يا حبيبي ، انه شيء طبيعي ويحدث مرارا وبأغلبية الاعراس ، فالسيدة لم تقصد وهي لا تعرفني من قبل وبالتأكيد لا تعرفك .
انتزع ساعده منها لينطق بغضب : كله من هذا الفستان الاحمق الذي ترتدينه ؟!
__ لا دخل للفستان يا محمود ، بل القالب غالب كما يقولون .
اطبق فكيه بحده ليتمتم من بين اسنانه : ولماذا لم تخبريها انك متفرغة ، فقط عليها ان تنتظرك شهرين اخريين حتى تنتهي عدتك .
اسبلت اهدابها لتغمغم بصوت مخنوق : عن اية عدة تتحدث ، رفعت راسها بكبر – انا متزوجة بأفضل رجل بمصر ، ولست مستعدة للتخلي عنه مهما حدث .
__ حتى ان كان تزوج بأخرى غيرك ؟!
التفتا الاثنين هو بملامحه الشاحبة وهي بنظراتها القاتلة ، اليها تقف من امامهما بصوتها ذو النبرات المغوية ونظراتها المغرية تبتسم بخبث انثوي ضجت به ملامحها لتهتف بسعادة : كم سعيدة برؤيتك الليلة يا هانم ؟!!
ابتسمت مديحة بتحدي شع بنظراتها : بل انا الاسعد يا دكتورة ..
صمتت قليلا لتهمس : المعذرة ذكريني باسمك فانا سيئة في حفظ الاسماء .
تعالت ضحكات منار لتهمس بدورها : لا يهم ان تتذكري اسمي يكفيني انني محفورة بذاكرتك ، ولكن سأذكرك به رغم تيقني بانك تعرفيه
اقتربت خطوة واحدة : انا منار الرفاعي ، زميلة زوجك و
__ دكتورة منار ، هتف بها في صرامة لترفع اليه عينيها ليتمتم – ارى انك هنا ، هل تركت مناوبتك الليلة في المشفى ؟!
ومضت عينيها بالق : نعم بدلت مع زميلا اخرا فاحمد كان ليغضب ان لم احضر حفل زفاف شقيقته ، ثم لم اكن افوت فرصة رؤية زوجتك المصونة ابدا .
هم بالحديث ليصدح صوت مديحة بجدية : ليكن بعلمك انا الاخرى كنت احترق شوقا لملاقاتك .
رفعت منار حاجبيها بإعجاب في حين راقبها محمود بذهول ليحاول ان يستلم زمام الامور ولكنها هتفت متابعة : فانت زميلة زوجي العزيز
لوت منار شفتيها بمكر : بل اكثر من زميلة .
ارتدت راسه الى منار وزجرها بنظراته لتومض عينا مديحة بغيرة وحشية فتابعت منار دون ن تابه به : اخبريني لم تجيبِ سؤالي .
ابتسمت مديحة هازئة : محمود لن يفعلها ابدا ، فانا امتلك قلبه وعقله وكيانه .
__ حقا ؟! هتفت بها منار في سخرية لترفع مديحة راسها – طبعا ، الزواج ليس ورقة موثقة لدى مأذون تثبته ولا كلمة مكونة من اربعة احرف تنفيه ، الزواج قيد روحي يكبل اثنين يوثقهما ببعضهما الى اخر العمر ، ولا أي شيء يؤثر به او يفكه الا رغبة احداهما في الابتعاد والتحرر من قيده ، ومحمود ابدا لن يفعلها ، فقيده اليه احب من نفسه .
القت اخر كلماتها وهي تركز بصرها عليه فتلين ملامحه رغما عنه وهو يلتقط نظراتها العاشقة تبثه رجاء يشع من روحها فيبتسم بحنو ويقترب منها يحيط خصرها بساعده ويقربها منه مطمئنا ، غافلا عن نظرات الاخرى التي اشتعلت وملامحها التي تصلبت وروحها التي احترقت لتهمس بغل : تتحدثين بثقة ليست بمحلها .
انتفضا الاثنين على صوتها الدخيل لتهتف مديحة بعنفوان : بل اتحدث بكل ثقة وايمان .
ابتسمت بسخرية : لا تثقين ابدا في الرجال يا عزيزتي فجميعهم خائنون ، وزوجك العزيز عند اول مشاجرة بينكما تركك ليهرع الي ويتزوج مني ، كان فقط ينتظر اشارة بطرف سبابتي ليوافق دون ان يرمش بجفنيه .
جحظت عينيه وهم بالصراخ بها يريد ان يضم زوجته الى صدره يمنحها دعما ويقدم اليها اعتذارا شعر بانه واجب عليه ، ولكنه تراجع وهو يذكر نفسه بانه من اراد هذا وعليه تحمل نتيجة افعاله فوقف يراقب ملامح مديحة التي جمدت ووجهها الذي فرت دماءه لتهمس بعد برهة بصلابة : وليكن ؟!! هل حقا فعلها وتزوج منك ؟!
ضيقت منار عينيها بريبة لتتابع مديحة بسخرية : هل تسمين تلك الورقة التي كُتبت عند المأذون زواج يا دكتورة ؟!
اتسعت عيناه بصدمة في حين تصلبت ملامح منار بقسوة لتكمل هي : محمود لم يخونني قط ، وما تزوج منك الا لينتقم مني ، انت لست داخل المعادلة على الاطلاق ، ولن تكوني طرفا فيها ، ولن ترتقي لتكوني ندا لي ، فلا تحلمين بانك امتلكت – حتى – ولو جزءا صغيرا فيه ، فهو زوجي انا .. سيظل دائما وابدا ملكا خالصا لي وانت اذهبي واخرجي عُقدك المشوهة ونفسيتك المريضة على شخص اخر مثلك .
__ انه زوجي ، زمجرت بها منار
اقتربت منها مديحة بجدية : لا تقنعي نفسك بهذا فمحمود ابدا لم ولن ينظر اليك ، وكل ما كان شعر به ناحيتك هو بعضا من الشفقة والرثاء تستحقينه ايتها المريضة، ولولا انك اغريته بالانتقام لما كان فعلها ابدا ، ليس من اجلي فقط ولكنه لا يتصرف هكذا ، فما فعله ليس من شيمه ولكنك استغليت لحظة غضبه وثورته لتحققي اهدافك الملتوية ، ولكن اعلمي .. واجهتها بنظراتها والتحدي يشع فيما بينهما – و ان مهما بقي هذا العقد بينكما ، محمود لن يتخذك زوجة ابدا .
لهثت الاخرى بعنف لترفع راسها اليه وتزفر ببغض : اعتقد ان دوري انتهى يا دكتور .
زفر بقوة لتهتف مديحة بكبر : لم يكن لديك دورا من الاساس .
ابتسمت منار بسخرية : على رسلك قليلا ، واهدئي ، همت مديحة بخمش وجهها لكن ذراعه التي حاوطتها تمنعها من الاقتراب من الاخرى التي همست بهدوء: اراك قريبا يا محمود .
همت بالرد عليها غاضبة ليقربها منه بقوة ويهمس اليها بلطف : توقفي ، فقط توقفي .
نظرت اليه بألم شق دموع حدقتيها لتهمس بصوت ابح : لم اتخيل يوما انك ستفعلها بي .
ابتسم ساخرا : وانا لم اكن اتخيل يوما ان ارى ذكريات تعلقك باخر على فراش زواجنا .
هتفت ببكاء اوشك على الهطول من حدقتيها : كان خطا غير مقصود .
__ وانا ايضا اخطأت حتى وان قصدت الانتقام منك ، فقصدي مبررا ، اما خطاك الغير مقصود لم اجد له أي تفسير .
همست باسمه فيشير اليها بالصمت : لا داع للحديث وهيا بنا .
__ الى اين ؟! سالته من بين دموعها فأجاب باقتضاب وهو يدير سيارته – سنعود الى البلدة .
***
|