كاتب الموضوع :
قطرةندى
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: خدعة مصيرية
رن الجرس فحضر الخادم في الحال .
"شاي للانسة ,يا بيدرو ,ولي ايضا .تقليدكم هذا يدل على لطف ولباقة ."
احنى الخادم رأسه وخرج من الغرفة .كان دون ادريانو يراقب ليندا بامعان دقيق .وبعدما تفحصها من قدميها الى راسها ,اشتبكت نظراته بنظراتها وتمكنت من رؤية الاعجاب في عينيه .واحمر وجه ليندا قليلا .فقال:
"سنيوريتا ,ارغب في معرفة ما الذي لفت نظرك في الاعلان .هل هذا يعود الى احتمال ان تتخلصي نهائيا من اعبائك المادية ؟"
ابتسم بسخرية وتابع قائلا:
"خلال الايام الاخيرة , جلست مكانك نساء كثيرات ,شابات .كلهن من الجنسية الانجليزية ,شقراوات ,ومحتشمات .حسب تصريحهن .ومن دون استثناء كل واحدة صرحت ان السبب الذي من أجله طرقن هذا الباب هو الحياة المترفة والاستقرار المادي طيلة حياتهن .غير اني أشعر , ان الفضائل التي يتحلين بها كانت خاطئة مثل ألوان شعرهن .صحيح أني رجل عجوز ,و تقليدي , ولكن ما زلت قادرا على الحكم اذا كان الشعر مصبوغا ام لا."
احتجت ليندا رافعة ذقنها بحماس وقالت:
"لون شعري طبيعي ,يا سيدي.وأريد ان تعرف شيئا مهما ,اذا كنت أبحث عن الحياة السهلة والاستقرار المادي ,فليس ذلك من اجلي ."
قال باستغراب :
"هكذا إذن !في هذه الحال, هل استطيع أن أسألك من أجل من تنشدين الاستقرار؟"
ترددت لحظة ,ثم اعلنت قائلة:
"ذكر الاعلان ان الطلبات مقبولة للواتي يتحملن أعباء الاسرة .معي,طفلة,عمرها سنة واحدة ,وصاحبة الغرفة التي أسكنها انذرتني بضرورة مغادرتها لأن الطفلة غالبا ما تبكي .لأنها تتألم من اسنانها التي بدات تظهر .واضافة الى ذلك علمت البارحة ان مصاريف دور الحضانة حيث أرسلت ويندي ارتفعت اسعارها .واخشى الا اقدر على مجابهة الوضع .هذا ما دفعني للمثول هنا اليوم. اني أبحث بشكل يائس عن سقف يمكنه أن يؤوينا ,أنا وويندي .واذا لم اتمكن من ايجاده سأضطر الى وضع ويندي في دار الأيتام.لكني مستعدة لكل شيء كي أتحاشى ذلك .مستعدة لكل شيء ."
وببطء رفعت عينيها .كان العجوز يحدق فيها ليس بتسامح, لكن باحتقار .قطب حاجبيه وقال بسخرية :
"وأنا الذي اعتقدت ان ابحاثي قد اعطت ثمارها في النهاية .لقد تأكدت منذ النظرة الاولى انك الوحيدة التي تلائم هذه الوظيفة .تبدين فتاة بريئة سليمة النية .لكن ,مع طفلة , بعد كل شيء !"
اطلق زفرة عميقة ثم أضاف :
"حتما الاخلاق تغيرت كليا ."
احمرت وجنتا الفتاة ,فنهضت فجأة وكانت تغلي من الغيظ قائلة :
"ليست ويندي ابنتي , بل شقيقتي ,كيف بامكانك ان تعتقد ان ..."
ظل دون البرتو جامدا ,ثم هز رأسه في حزن وقال:
"يا عزيزتي , لم اكن انتظر منك ان تجدي عذرا لما قلته ."
"لكن , ما تقوله خطأ .ولست بحاجة الى اختلاق الاعذار ."
ضربت قدمها أرضا بغضب .نسيت خجلها وقالت بصوت مرتفع :
"كنت في التاسعة عشر من عمري عندما عرفت والدتي أنها تنتظر مولودا سعيدا .وفترة الحمل كانت قاسية وخطرة , بسبب كبر سنها ,لست قادرة ان أدخل بالتفاصيل الآن .كل ما بوسعي قوله انها ماتت في الوقت الذي انجبت خلاله ويندي .وبعد اشهر قتل والدي في حادث سيارة . ومنذ ذاك وانا اهتم بأختي قدر المستطاع .للأسف راتبي غير مرتفع ويستحيل علي احيانا ان أوازي الدخل مع المصروف .لهذا السبب أنا هنا .اعلانك دفع بي الى أمل الخروج من هذا الوضع .ربما حياة جديدة ستنفتح أمام ويندي .غير أني لم آتي الى هنا من أجل الارتزاق .ببساطة,انا أبحث عن مكان يمكنني ان أربي فيه أختي من دون أن أضطر الى اسكاتها كلما بكت, الى مكان حيث يمكنها ان تتفتح وتعيش حياة طبيعية .هذا ما أرغبه ,يا سيدي , وهذا ما سأرغبه دائما ,الى اللقاء ."
ارتدت قفازيها وهي على وشك الانهيار من البكاء وانهت كلامها قائلة :
"لا سبب لآستدعاء الخادم , اعرف الطريق جيدا ."
|